مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Displaying items by tag: سورية المفيدة

مُلخّصٌ تنفيذيّ

  • يُلحظُ تغيرٌ واضحٌ في الديناميكيات الدبلوماسية والعسكرية للأطراف الفاعلة في الشأن السوري، التغير الناجم عن نهاية التفاهمات القديمة بين تلك الأطراف، الأمر الذي دفع بصراعات وتحالفات جديدة قائمة على تصفية الملفات العالقة وتثبيت مواقع النفوذ.
  • يبدو أن الديناميكية العسكرية الجديدة، ما هي إلا انعكاس لديناميكية سياسية محمومة تدور منذ المرحلة الأخيرة من الحرب على تنظيم الدولة، وتتجلى في محاولة الأطراف الدولية والإقليمية المنخرطة في الملف السوري إعادة ترتيب أوراقها وصولاً إلى تفاهمات جديدة.
  • تتوزع مصالح الأطراف الفاعلة على الجغرافيا السورية؛ بشكل قسّم الخارطة إلى مناطق ساكنة ظاهرياً، ولكنها تحمل إمكانات الانفجار في أي وقت تبعاً لقدرة اللاعبين في كل منطقة على الوصول إلى تفاهمات.
  • تتجه موسكو للاستفادة من المناخ الإقليمي والدولي المتخوف من الوجود الإيراني في سورية باتجاه بناء تحالفات واختيار حلفاء جدد لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، بالمقابل، لا يغيب هذا التحرك الروسي عن ذهن القيادة الإيرانية التي تسعى إلى تدعيم تحالفاتها بعيداً عن موسكو.
  • في ظل هذا المناخ المتوتر بين مختلف الأطراف، يبدو أن محاولات أنقرة لمسك العصا من المنتصف مع جميع الأطراف لن تفلح، وعليها أن تختار تحالفاتها الجديدة بالانحياز إلى أطراف على حساب أخرى.
  • يمكن اعتبار معارك ريفي حماه وإدلب هي آخر محطات مسار أستانة، حيث سيتجه كل طرف من أطرافه الثلاثة باتجاه تثبيت تحالفات جديدة على الأرض تحقق مصالحه، وبشكل يحسن تموضعه السياسي في صيغة الحل النهائي.
  • تعتبر منطقة شرق الفرات النقطة التي تجتمع فيها خيوط اللعبة في سورية، وهي بذلك تشكل هدفاً لكافة الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في الملف السوري، ولكل طرف من الأطراف تصوراته الخاصة لمستقبل تلك المنطقة، كما له أدواته للتصعيد فيها.
  • يشهد جنوب سورية بمحافظاته الثلاث حالة من الفوضى ذات الدلالات الأمنية والسياسية الخطيرة، فبالرغم من أن الجنوب يبدو هادئاً ظاهرياً تحت سيطرة النظام؛ إلا أنه يحمل قابلية الانفجار في أي لحظة، نتيجة للصراع الدائر بين أذرع الفاعلين في المنطقة.
  • يعيش النظام أزمة اقتصادية أمنية في مناطق سيطرته "سورية المفيدة"، إضافة إلى المناطق التي استعادها خارج هذا النطاق، حيث ساهمت عدة عوامل بإضعاف هيمنة النظام داخل تلك المناطق لصالح حلفائه والمليشيات التابعة لها.
  • لا يبدو في المدى القريب أن هناك انفراجه على مستوى الحل السياسي؛ فالصراعات بين الفاعلين الإقليميين والدوليين بدأت تتصاعد بشكل مواجهات ما تزال محدودة ولكنها مباشرة.
  • تشهد المنطقة برمتها عملية إعادة تشكيل لخارطة القوة فيها، وتعتبر سورية إحدى الساحات التي تلتقي فيها مصالح القوى الدولية والإقليمية المتنافسة على رسم ملامح النظام الأمني الجديد في الشرق الأوسط.

مدخل

عكست نتائج اجتماع أستانة الأخير بتاريخ 25-26 نسيان/أبريل؛ استمرار حالة ما اعتُبر "جموداً سياسياً" اعترى الملف السوري منذ أمدٍ ليس بقصير، وتجلى في تعثر إعلان اللجنة الدستورية التي تعتبر الخطوة الأولى "باتجاه الحل السياسي" وهدوء نسبي على مستوى الأعمال العسكرية مع انحسار فصائل المعارضة إلى جيب صغير في الشمال وإعلان نهاية تنظيم الدولة، لتعود الديناميكية العسكرية في الملف السوري مجدداً عقب أيام من انتهاء اجتماع أستانة 12، مع الحملة الروسية على ريفي إدلب وحماه، وذلك بالتزامن مع عملية محدودة نفذها "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا شمال حلب ضد "وحدات حماية الشعب " التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي  PYD"" والعمود الفقري لـ"قوات سورية الديمقراطية".

ويبدو أن تلك الديناميكية العسكرية ما هي إلا انعكاس لديناميكية سياسية محمومة تدور منذ المرحلة الأخيرة من الحرب على تنظيم الدولة، وتتجلى في محاولة الأطراف الدولية والإقليمية المنخرطة في الملف السوري إعادة ترتيب أوراقها وصولاً إلى تفاهمات جديدة تحدد مصالح كل طرف من الأطراف بشكل يفضي إلى رسم ملامح الحل السياسي في سورية.

 وتتوزع مصالح الأطراف على الجغرافيا السورية؛ بشكل قسّم الخارطة السورية إلى مناطق ساكنة ظاهرياً ولكنها، تحمل إمكانات الانفجار في أي وقت تبعاً لقدرة اللاعبين في كل منطقة على الوصول إلى تفاهمات، وتلك المناطق هي: الجنوب السوري والشمال الغربي، إضافة إلى ما تبقى من غرب الفرات بيد "قوات سورية الديمقراطية" وشرقي الفرات، مقابل مناطق سيطرة النظام السوري في الساحل ودمشق، بما فيها مؤسسات النظام وما يدور في تلك المنطقة من صراعات خفية وأزمات اقتصادية متلاحقة.  وعليه تسعى هذه الورقة التحليلية إلى تفكيك المشهد السوري المعقّد، تبعاً لمناطق النفوذ ولاعبيها الإقليميين والدوليين، وصولاً إلى رسم ملامح التفاهمات الجديدة واستشراف ما قد تؤدي إليه من آثار على شكل الحل السياسي المرتقب.

أولاً: أستانة (هزيمة التكتيكي أمام الاستراتيجي)

شكّل تعثر مسار أستانة بجولته الثانية عشر في إعلان تشكيل اللجنة الدستورية، وإحالتها إلى جنيف؛ فشلاً في المسعى الروسي لقطف ثمار ما أحرزته موسكو من تقدم عسكري نتيجة لهذا المسار، وتحويله إلى بديل عن مسار جنيف الأممي لإنتاج حل سياسي استراتيجي في سورية.

ويضاف إلى هذا الفشل الناجم عن رفض أمريكي-أوروبي لتفرد موسكو في إنتاج الحل السياسي في سورية؛ فشل آخر يتعلق بإحباط أمريكي لجهود موسكو في عملية إعادة تعويم الأسد وتنشيط ملف عودة اللاجئين وإعادة الإعمار، في حين يستمر الهدف التكتيكي لمسار أستانة من خلال القصف الروسي ومحاولات التوغل البري في أرياف إدلب وحماه وحلب، وذلك لقضم مساحات جديدة من آخر مناطق سيطرة المعارضة والهيمنة على الطرق الدولية M4- M5، وهو جزء من اتفاق سوتشي لم تنفذه تركيا([1])، وبذلك يكون مؤتمر أستانة قد أتم المطلوب منه عسكرياً وفق بوصلة روسية وإيرانية باتجاه استعادة مناطق سيطرة المعارضة، وإعادة ضبط الحدود واستكمال عمليات نزع السلاح الثقيل والمتوسط من أيدي المعارضة المسلّحة وتحييد الجيوب المصنفة "إرهابية" وفتح وتنشيط شبكة الطرقات الدولية.  الأمر الذي يشير إلى بداية انفراط عقد التحالف الثلاثي (روسيا، تركيا، إيران) بعد أن أنجز لأطرافه الثلاثة الأهداف العسكرية المشتركة. حيث بدأت خلافات ثلاثي أستانة بالظهور للعلن على عدة مستويات، خاصةً بين إيران وروسيا من ناحية، وبين موسكو وأنقرة من ناحية أخرى، إذ يبدو أن التنافس بدأ لتثبيت المكاسب على الأرض عبر تحالفات جديدة.

موسكو وطهران: (تحالف الأضداد)

أحرز تحالف "الضرورة" بين موسكو وطهران إنجازات هامة بالنسبة لهدف الطرفين المشترك في الحفاظ على بقاء بشار الأسد؛ إلا أن تراجع المعارضة المسلحة إلى جيب ضيق في الشمال وانحسار الأعمال العسكرية سرعان ما ظهّرَ الخلافات الاستراتيجية بين الطرفين، والمتعلقة برغبة كل طرف بالتحكم بالملف السوري وهندسة الحل السياسي، ويمكن إجمال الخلاف الاستراتيجي بين روسيا وإيران في عاملين ([2]):

  1. عاملسياسي: والمتعلق برغبة إيران في تحويل سورية إلى امتداد لنفوذها ومشروعها، عبر إبقاء نظام الأسد ضعيفاً لحساب ميليشيات طائفية تتبع لها وتستحوذ على السلطة الفعلية، كما هي الحال في العراق ولبنان، في حين تتمسك موسكو بوجود نظام قوي يتبع لها يسيطر على مفاصل الدولة وليس ميليشيات، كما أن الطرفين يتنازعان على ورقة سورية للمساومة عليها مع الغرب.
  2. عامل اقتصادي: ويتجلى بالتنافس الاقتصادي، فروسيا المتربعة على عرش تجارة الغاز العالمية لن تسمح لأكبر منافسيها بالوصول إلى شواطئ المتوسط وتصدير الغاز عبرها إلى أوروبا، كما أن موسكو وإن كانت ترحب بمشروع طريق الحرير الجديد وتسعى للارتباط مع طهران بسكك حديد تجارية؛ إلا أن ذلك لا يعني أنها تسمح بأن تكمل إيران مشروعها في الوصول إلى المتوسط لتكون بذلك أحد مراكز هذا الطريق الجديد.

بالإضافة إلى العاملين السابقين، أخذت أبعاد الصراع الاستراتيجي الروسي الإيراني تتجلى في عدة ملفات أساسية منها ملف إعادة الإعمار وقطاعات الاقتصاد السوري الحيوية، إضافة إلى ملف إعادة هيكلة الجيش السوري والتحكم به، وفي إطار هذا التنافس تتوجه موسكو للاستفادة من المناخ الإقليمي والدولي (إسرائيل، الخليج، الولايات المتحدة) المتخوف من الوجود الإيراني في سورية، ومقايضة ورقة إيران بورقة بقاء الأسد وتعويمه وتمويل عملية إعادة الإعمار. وهذا ما بدا واضحاً في صمت موسكو عن الضربات الجوية الإسرائيلية للمواقع الإيرانية في سورية، ومحاولة إدخال إسرائيل على خط الحل السياسي للأزمة السورية بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى موسكو، والتي تزامنت مع زيارة بشار الأسد إلى طهران ([3]). الأمر الذي قد يشير إلى أن موسكو اختارت التضحية بحليفها التكتيكي (طهران) لصالح حلفاء جدد يساهمون بتحقيق أهدفها الاستراتيجية في سورية (إسرائيل، الولايات المتحدة، محور مصر السعودية الإمارات). بالمقابل، لا يغيب هذا التحرك الروسي عن ذهن القيادة الإيرانية، والتي ردت بالاجتماع الثلاثي في دمشق ([4])، والذي جمع رئيس أركانها مع نظيريه السوري والعراقي واستثنى الجانب الروسي من هذا الاجتماع، مما يشير إلى أن إيران تسعى إلى تدعيم تحالفاتها بعيداً عن موسكو بالاعتماد على العراق وسورية ولبنان، وذلك استعداداً لمواجهة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ومحاولات إضعاف وجودها في سورية.

تركيا: (معضلة PYD)

تعتبر تركيا بحكم موقعها كقوة إقليمية على الحدود السورية؛ المتضرر الأكبر من تدخل إيران المباشر ومن ثم موسكو في سورية، حيث أضعف هذا التدخل الدور التركي وساهم بانحساره إلى حماية الأمن القومي التركي من تنظيم "داعش" وميليشيات "PYD" المدعومة من الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار انخرطت أنقرة اضطرارياً مع طهران وموسكو في مسار أستانة بالرغم من الخلافات العميقة في رؤى الأطراف الثلاث الاستراتيجية لمستقبل سورية. وعليه فقد كان تعاطيها مع الشريكين الروسي والإيراني ذو طابع تكتيكي تحكمه مقتضيات حماية الأمن القومي؛ فهي تتقارب تارةً مع موسكو على حساب طهران كما حدث إبان اتفاق حلب، وتارةً أخرى مع طهران على حساب موسكو كما حدث حيال الموقف الإيراني الحيادي من معركة إدلب، والذي تجلى بإبعادها عن اتفاق سوتشي.

وتعاني تركيا في موقفها من الأطراف المنخرطة في الملف السوري من معضلة حقيقية تكمن في وجود ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" الفرع السوري لـ PKK على حدودها، واستغلال هذا الوجود من قبل أطراف متعددة كورقة للضغط عليها؛ فمن ناحية تحاول إيران دعم وجود ميليشيات PKK على الحدود التركية مع سورية والعراق بهدف عزل الدور التركي في البلدين، كما تحاول موسكو استغلال وجود ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" في مثلث (تل رفعت، عين دقنة، مارع) لفرض تفاهمات جغرافية جديدة مع تركيا حول مناطق سيطرة المعارضة، وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها في التحالف الدولي وعلى رأسهم فرنسا، والذين يحاولون الضغط على تركيا باستخدام الورقة "الكردية" لتحجيم الدور التركي وتطويعه في خدمة رؤيتهم للحل في سورية.

 وفي ظل هذا المناخ المتوتر بين الأطراف الثلاثة والضغط الأمريكي على إيران والتقارب الإسرائيلي الروسي فيما يخص تحجيم الوجود الإيراني في سورية، يبدو أن محاولات أنقرة لمسك العصا من المنتصف مع جميع الأطراف لن تفلح، وعليها أن تختار بين الأطراف الثلاثة، ومن المرجح أن أنقرة رغم مواقفها المتشددة مع الولايات المتحدة حول التزامها بصفقة S400 مع موسكو، ومحاولاتها لتمديد إعفائها من العقوبات على النفط الإيراني؛ إلا أنها ستحسم موقفها إلى جانب الولايات المتحدة في سورية على الأقل، وهو ما قد يشير إليه التقدم الحاصل بين الطرفين على مستوى المنطقة الآمنة شرق الفرات.

ثانياً: شرق الفرات (لُعبة الكبار)

تعتبر منطقة شرق الفرات النقطة التي تجتمع فيها خيوط اللعبة في سورية، وهي بذلك تشكل هدفاً لكافة الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في الملف السوري؛ نظراً لمساحتها التي تشكل ثلث سورية وغناها بالثروات الباطنية والغلال الزراعية، إضافة إلى موقعها المجاور لتركيا والعراق. تلك الامتيازات دفعت العديد من الأطراف لمحاولة ملء الفراغ الأمريكي بعد إعلان الرئيس ترامب نيته بالانسحاب من سورية، وتنقسم تلك الأطراف إلى أربعة معسكرات:

  • الأول: فرنسا والإمارات والسعودية، والتي تعتبر وجودها في المنطقة تحت المظلة الأمريكية فرصة للحفاظ على دور وإن كان محدوداً في الملف السوري والحل السياسي، إضافة إلى ما يشكله دعمها لقوات "قسد" من ورقة للضغط على تركيا ومنع تمدد إيران في المنطقة بعد الانسحاب الأمريكي.
  • الثاني: روسيا والنظام السوري، واللذان تشكل المنطقة بالنسبة لهما مساحة واسعة من الأرض السورية تساهم استعادتها بتقوية موقف النظام السياسي، ناهيك عن موقفه الاقتصادي، إضافة إلى زيادة فرص موسكو للتحكم في الملف السوري بعد الانسحاب الأمريكي، أما إيران فيبدو أن موسكو في خضم تحالفاتها الجديدة القائمة على تحجيم الوجود الإيراني في سورية لا تضعها في حساباتها الخاصة بشرق الفرات.
  • الثالث: تركيا صاحبة الهواجس الأمنية في المنطقة، والمتعلقة بإبعاد ميليشيات "PYD"عن حدودها ومنع قيام كيان "كردي" في سورية، إضافة لسحب الورقة "الكردية" من يد الأطراف التي تحاول أن تساومها عليها.
  • الرابع: إيران التي تراقب المنطقة بصمت، وتعلم أنها أكثر المناطق خطورة على طريقها البري ومشروعها الاستراتيجي في الربط بين العراق وسورية، ولذلك فهي تدفع باتجاه الانسحاب الأمريكي الكامل وتفعيل اتفاق أضنة مع تركيا، والذي سيتيح انتشار قوات النظام في المنطقة وبالتالي دخولها تحت مظلة تلك القوات.

 ولكل طرف من الأطراف الأربعة تصوراته الخاصة لمستقبل تلك المنطقة، كما له أدواته للتصعيد فيها؛ فبالنسبة لفرنسا وحلفائها يشكل الوجود الأمريكي ولو بشكل رمزي غطاءً لها للبقاء في المنطقة، وقد نجحت ضغوطها على الإدارة الأمريكية بحرف القرار الأمريكي نحو تخفيض عدد الجنود بدل الانسحاب الكامل. أما بالنسبة لموسكو والنظام فيحاولان الضغط باتجاه سحب كامل للقوات الأمريكية وتسليم المنطقة للنظام، وفي هذا الإطار تقدمت موسكو باقتراح تفعيل اتفاق أضنة مع تركيا لتهدئة مخاوفها، والتفاوض مع النظام بالنسبة لـ "قسد" لتسوية وضعها في ظل عودة النظام إلى المنطقة. في حين لا تثق أنقرة بكل تلك الأطراف وتعتبر أن المنطقة الآمنة هي الوسيلة الوحيدة لضبط حدودها وحمايتها، مما جعل العلاقات التركية متوترة مع واشنطن وحلفاء الناتو، إضافة إلى موسكو التي ترفض المنطقة الآمنة التركية وتريد استبدالها باتفاق أضنة.

وبالرغم من الهدوء النسبي الذي يعيشه شرق الفرات؛ إلا أن أطراف عديدة تقف متربصة بقواتها على حدوده، فمن ناحية هناك القوات الروسية والنظام السوري، والمليشيات الإيرانية في سورية والحشد الشعبي على الحدود العراقية السورية، كما توجد المصالح (السعودية الإماراتية) الممثلة بالوجود العسكري الفرنسي، إضافة إلى الحشود التركية على طول الحدود مع سورية.

وهنا تقع الولايات المتحدة في معضلة إيجاد حل يوازن بين مصالح حلفائها ويحمي مليشيات "PYD" من مواجهة مع تركيا. ويبدو أن الخيار قد حسم باتجاه تشكيل منطقة آمنة، والتي طال التفاوض حولها بالرغم من التفاهم على خطوطها العريضة؛ فمن حيث امتدادها يبدو أن الجانب التركي استطاع فرض تصوره بأن تكون المنطقة الآمنة بطول 460 كيلومتراً على طول الحدود التركية السورية، وستضم مدناً وبلدات من 3 محافظات سورية، هي: حلب والرقة والحسكة([5])، أما من خلال العمق فلايزال الموضوع محل تفاوض، إذ تريدها تركيا بعمق 32 كم في حين تحاول الولايات المتحدة تضييقها، كما يتفاوض الطرفان على آلية الانتشار المشترك التركي الأمريكي وطبيعة القوات التي ستنشرها تركيا في المنطقة، خصوصاً بعد رفض بريطانيا وفرنسا مقترحاً أمريكياً لنشر قواتهما كفاصل بين "قسد" والجيش التركي. ويجري الحديث عن ثلاثة احتمالات للقوات التي ستنشر في المنطقة ([6]):

  1. قوات المعارضة الموالية لتركيا.
  2. قوات تركية، إضافة إلى قوات البيشمركة التابعة للمجلس الوطني الكردي.
  3. سحب وحدات "حماية الشعب" والإبقاء على قوات الأسايش التابعة للإدارة الذاتية.

وبغض النظر عن الطرف المحلي الذي سينتشر في المنطقة الآمنة؛ فإن تطبيق تلك المنطقة يبدو أنه بات أمراً واقعاً، وهذا يعني بشكل أو بآخر نهاية الإدارة الذاتية وحلم فيدرالية شرق سورية، الأمر الذي بدأت تظهر مؤشراته من خلال حل الإدارة الذاتية لهيئاتها السيادية الأبرز ([7]) (هيئة الدفاع والحماية الذاتية، هيئة الخارجية)، إضافة إلى الوساطة الفرنسية للمصالحة بين الإدارة الذاتية والمجلس الوطني الكردي المقرب من تركيا ([8]).

كما أن إقامة المنطقة الآمنة خاليةً من مليشيات "PYD" يعني أن تلك القوات إما سيتم حلها، أو ستنسحب باتجاه العمق السوري خارج المنطقة الأمنة، في مدن الحسكة و الرقة وريف دير الزور، وبذلك ستزداد حدة التوترات مع النظام المسيطر على الحسكة من ناحية ومع العشائر العربية الرافضة للهيمنة "الكردية" على مناطقها من ناحية أخرى، وهذا ما سيدفع إلى مزيد من التوتر  في المنطقة؛ إلا في حال كانت التفاهمات الأمريكية التركية تتجاوز المنطقة الآمنة إلى كامل مناطق سيطرة "قسد"، بشكل يحقق استبدال عناصر "قسد" التابعين لوحدات "حماية الشعب" بعناصر عربية، وهو ما لم يتم الحديث حوله حتى الآن. إضافة لذلك فإن التوافق حول المنطقة الآمنة في شرق الفرات سيساهم بحلحلة الخلافات التركية الناتوية وتشكيل شريط ناتوي ضخم على طول الحدود التركية السورية، يشمل مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات، ومثل هذا التقارب الناتوي لن يكون في صالح روسيا أو إيران، اللتان ترفضان فكرة المنطقة الآمنة، مما سيزيد من نطاق الخلاف مع تركيا.

ثالثاً: جنوب سورية (نار تحت الرماد)

يشهد جنوب سورية بمحافظاته الثلاث (درعا، القنيطرة، السويداء) حالة من الفوضى الأمنية المتمثلة بعمليات قتل وخطف وسرقات واغتيالات في ظل ظروف معيشية صعبة للأهالي وعجز قوات النظام عن ضبط الأمن وانتشار السلاح.

وبالرغم من أن الجنوب السوري يعيش ذات الظروف العامة؛ إلا أن الأحداث في محافظة درعا تحمل دلالات سياسية وأمنية خاصة. فمنذ عقد اتفاق المصالحة في يوليو/ تموز 2018 لم يفي النظام بوعوده على المستوى المحلي بالنسبة للأهالي والفصائل والمجالس المحلية التي وافقت على المصالحة، كما أن موسكو لم تفلح بتنفيذ تعهداتها للدول الإقليمية (الأردن، إسرائيل) بعدم تغلغل إيران ومليشياتها إلى حدود البلدين. فعلى المستوى المحلي تعيش درعا وريفها ظروفاً معيشية صعبة تتمثل بندرة المواد الأساسية وتعطل الطرق والمرافق العامة وتدهور الخدمات، إضافة إلى الفلتان الأمني الناجم عن صراع بين أجهزة النظام الأمنية وفرقه العسكرية، مما خلق حالة احتقان شعبي، خصوصاً في ظل تلكأ النظام بتنفيذ بنود اتفاق المصالحة المتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين ورفع المطالبات الأمنية، وعودة الموظفين إلى وظائفهم وانسحاب الجيش والحواجز الأمنية خارج المدن والبلدات.

أما على المستوى الإقليمي فقد فشلت موسكو في منع تغلغل العناصر التابعة لإيران في درعا والقنيطرة ووصولها إلى نقاط قريبة من الحدود الإسرائيلية. حيث لجأت إيران لدمج ميليشياتها بالقطعات العسكرية السورية وبخاصة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري اللواء 105، إضافة إلى تشكيل خلايا شيعية من أهالي المنطقة وتجنيدها وتدريبها من قبل الفرقة الرابعة وجمعية البستان ([9])، والتي عُرفت باللواء "313" ثم جرى تغيير التسمية إلى "درع الوطن"([10]).

ونتيجة لاستراتيجية التخفي التي اتبعتها إيران، فقد باتت تحظى بوجود عسكري على حدود إسرائيل في الجنوب السوري تحت ستار القواعد العسكرية التابعة للنظام، حيث تهيمن إيران على منطقة "مثلث الموت"  وهي المنطقة التي تربط محافظات ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وعززت سيطرتها على ذلك المثلث، بإنشاء قواعد عسكرية في تلال "فاطمة الزهراء"،  كما تتواجد إيران عسكرياً في مدينة درعا، وفي سلسلة الجامعات الواقعة على أوتوستراد "دمشق-عمان"، وفي "خربة غزالة" وقرية "نامر" شرقي درعا، وفي "ازرع" والقطعات العسكرية المحيطة بها، وفي مدينتي "البعث وخان أرنبة" في القنيطرة، و "تل الشعار وتل الشحم وتل مرعي" ([11])، إضافة لتأسيس "حزب الله" معسكراً للتدريب شمال درعا يسمى "حقل كريم الشمالي" يتم فيه تدريب عناصر من محافظات الجنوب السوري (درعا، السويداء، ريف دمشق، القنيطرة) تحت إشراف عناصر الحزب وبتمويل إيراني([12]).

ويبدو أن فشل النظام بالوفاء بوعوده لأهالي درعا وعدم قدرته على وقف التمدد الإيراني في المنطقة، قد أدى إلى إحداث شبه تقارب بين روسيا والمجتمع المحلي في درعا على مستويين:

  1. مستوى الحاضنة الشعبية: والتي تحاول موسكو استمالتها مستفيدة من غضبها نتيجة عجز النظام عن تحقيق مطالبهم، وذلك بهدف تثبيت وجود موسكو في المنطقة وقطع الطريق على محاولات إيران التغلغل وسط تلك الحاضنة واستمالتها. حيث سمح الروس للأهالي بالتظاهر -ضمن شروط محددة-وقاموا بحماية التظاهرات في ريفي درعا الشرقي والغربي ([13]).
  2. مستوى قادة فصائل المصالحات: والمنقسمين بين الفرق العسكرية والأفرع الأمنية التابعة لطهران وموسكو، حيث تحاول موسكو عبر أذرعها في المنطقة وقادة المصالحات التابعين لها تطويق نفوذ إيران، ووقف تغلغل ميليشياتها في المجتمع المحلي عبر كسب منتسبين جدد من المتشيعين.

 ويبدو أن موسكو لا تقف وحيدة في هذا المسعى، حيث تذكر تقارير أمنية دوراً للأردن والإمارات مؤيد للجهود الروسية، عبر دعم القيادي في الفيلق الخامس (أحمد العودة)، والذي يتزعم مهام الحد من التمدد الإيراني في الجنوب، ودعم جهود موسكو لتشكيل فيلق سادس بقيادة (عماد أبو زريق). وتشير المصادر أن القياديان زارا الأردن مؤخراً وعقدا اجتماع مع المخابرات الأردنية لبحث سبل إبعاد الميليشيات الإيرانية عن الحدود، إضافة لحديث حول إمكانية تشكيل غرفة جديدة للدعم في عمان على غرار غرفة "الموك" التي تم إغلاقها في العام الماضي ([14]).

وبالرغم من أن الجنوب السوري يبدو هادئاً ظاهرياً وتحت سيطرة النظام؛ إلا أنه يحمل قابلية الانفجار في أي لحظة، نتيجة للصراع الدائر بين أذرع موسكو وطهران في المنطقة (الفيلق الخامس، الحرس الجمهوري، الفرقة الرابعة، المخابرات العسكرية، الأمن السياسي، المخابرات الجوية، حزب الله)، حيث ازدادت في شهري مارس/ آذار وأبريل/ نيسان من العام الحالي وتيرة الاغتيالات الممنهجة، والتي طالت مقربين من الطرفين، كما حدثت احتكاكات مباشرة بين فرق عسكرية مقربة من موسكو مع الفرقة الرابعة المقربة من طهران.

رابعاً: سورية المفيدة (وهم الدولة)

يعيش النظام أزمة اقتصادية أمنية في مناطق سيطرته التي تعرف بـ"سورية المفيدة"، إضافة إلى المناطق التي استعادها خارج هذا النطاق، دفعت تلك الأزمات حاضنته الشعبية إلى التململ ورفع الصوت في وجه الفشل الحكومي على مستوى الخدمات الأساسية، مما حدا ببشار الأسد للإشارة إلى المنتقدين في خطابه أمام أعضاء المجالس المحلية ([15]). ويمكن رد تلك الأزمات إلى ثلاث عوامل رئيسية:

  1. التوسع الجغرافي الكبير: لمساحة سيطرة قوات النظام، والذي أدى إلى زيادة العبء الملقى على عاتق مؤسساته الخدمية، فقد توسعت مساحة سيطرة قوات النظام بشكل سريع وغير محسوب نتيجة الهوامش التي أتاحها له مسار أستانة، الأمر الذي أدى إلى توزيع موارده الاقتصادية المحدودة على عدد أكبر من السكان والمساحة الجغرافية، بالإضافة إلى زيادة نسبة التجنيد في جيشه وضم أعداد من عناصر المصالحات إليه لتغطية النقص العددي في قواته ومسك الأمن في المناطق التي استعادها، وما يترتب على ذلك من تكلفة مادية إضافية.
  2. صراع حليفيه (إيران وروسيا): والذي بدأ يطفو على السطح بشكل تنافس على الاستيلاء على القطاعات الاقتصادية والمؤسسة العسكري، حيث لم يعد خافياً التنافس الإيراني الروسي للاستحواذ على القطاعات الاقتصادية الحيوية في سورية كقطاع الطاقة والموانئ والطرق الدولية، إضافة إلى عقود إعادة الإعمار والتحكم بها. كما أن التنافس على إعادة هيكلة الجيش السوري والأجهزة الأمنية بدأ يأخذ منحى تصعيدي بين الطرفين عبر صدامات وتوترات بين الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية التابعة لكلا الطرفين في درعا وحلب ودير الزور وحمص. حيث ساهمت تلك الصراعات بزعزعة الاستقرار وإضعاف قوة النظام في المناطق التي استعادها، كما ساهم التنافس الاقتصادي بين الطرفين بإضعاف حجم المساعدات الاقتصادية التي يتلقاها النظام، والتي بات كل طرف يربطها بما يحصل عليه من تنازلات من النظام السوري.
  3. الموقف الأمريكي المتشدد اتجاه الأسد، والذي أحبط محاولاته لاستثمار تقدمه العسكري اقتصادياً وديبلوماسياً. إذ تعتمد الولايات المتحدة نهجاً جديداً في التعاطي مع نظام الأسد يقوم على الخنق الاقتصادي عبر وقف شحنات المحروقات الإيرانية للنظام وفرض العقوبات الاقتصادية على شخصيات وكيانات محسوبة عليه، إضافة لمنع تدفق النفط من مناطق سيطرة "قسد" إلى مناطق النظام. وعلى الصعيد الديبلوماسي أيضاً أوقفت الولايات المتحدة المساعي العربية للتطبيع مع النظام وإعادته إلى الجامعة العربية، كما ساهمت ضغوطها في وقف التطبيع الاقتصادي الأردني مع النظام وإفشال جهود موسكو في إقناع دول الخليج بتمويل عملية إعادة الإعمار قبل التوصل إلى حل سياسي.

ساهمت تلك العوامل بإضعاف هيمنة النظام داخل مناطق سيطرته لصالح حلفائه (روسيا وإيران) من جهة، ولصالح ميليشياته التي باتت خارجة عن سيطرته وبخاصة في الساحل السوري، حيث باتت التنازلات التي يقدمها لروسيا وإيران على الصعيد الاقتصادي مدعاة للتهكم حتى لحاضنته الشعبية، والتي باتت على ثقة بعجز هذا النظام عن إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية المتفاقمة والانفلات الأمني والفساد المنظّم الذي يسود مناطق سيطرته.

خامساً: النتائج

يمكن من خلال الاستعراض السابق لواقع المناطق السورية الوصول إلى النتائج التالية حول قابلية التصعيد في تلك المناطق، وخارطة التحالفات الجديدة وما سيتركه ذلك من أثر على الحل السياسي:

  1. تغيير التفاهمات والديناميكيات: لا يمكن اعتبار أن الملف السوري يمر بحالة من الجمود على المستوى السياسي، وإنما هناك تغير في الديناميكيات الدبلوماسية والعسكرية للأطراف الفاعلة في الشأن السوري. وهذا التغير ناجم عن نهاية التفاهمات القديمة بين تلك الأطراف بحكم نهاية تنظيم الدولة وانحسار المعارضة العسكرية، الأمر الذي دفع بصراعات وتحالفات جديدة قائمة على تصفية الملفات العالقة وتثبيت مواقع النفوذ على الأرض وترجمتها بشكل سياسي واقتصادي. وعليه لا يبدو في المدى القريب أن هناك انفراجه على مستوى الحل السياسي؛ فالصراعات بين الفاعلين الإقليميين والدوليين بدأت تتصاعد بشكل مواجهات ما تزال محدودة ولكنها مباشرة، ومن المستبعد أن يحدث تقدم على المستوى الحل قبل أن يتم حسم تلك الصراعات لصالح الأطراف الأقوى والتي سترسم ملامح الحل.
  2. أضلاع مثلث أستانة: أبرز ملامح الديناميكيات الجديدة للصراع الديبلوماسي والعسكري في سورية تتجلى في العلاقة بين أطراف أستانة الثلاثة (روسيا، تركيا، إيران)؛ فالخلاف الروسي الإيراني بات واضحاً من خلال تصريحات المسؤولين في البلدين، وتجاوز حدود التنافس الاقتصادي في سورية لحدود التنافس والتوترات العسكرية عبر أذرع الطرفين في الجيش وأجهزة الأمن السورية، كما أن كلاً من الطرفين بدأ يشكل تحالفات جديدة بعيداً عن الآخر، حيث تتجه موسكو نحو التحالف مع المحور المعادي لوجود إيران في سورية، في حين تحاول إيران تدعيم محورها في العراق وسورية ولبنان عبر اتفاقات عسكرية واقتصادية تمكنها من تجاوز العقوبات الأمريكية والتحايل عليها عبر تلك الدول. أما بالنسبة لتركيا فيبدو أنها في إطار تقاربها مع الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص المنطقة الآمنة اختارت التضحية بحلفاء أستانة، وهو ما قد يؤكده دعمها لفصائل الشمال في مواجهتها مع موسكو والنظام، وتغيير موقفها من العقوبات على النفط الإيراني وإعلانها الامتثال للعقوبات الأمريكية ووقف استيراد النفط من إيران.
  3. ملامح جبهة ناتويّة: يمكن اعتبار معارك ريفي حماه وإدلب هي آخر محطات مسار أستانة، حيث سيتجه كل طرف من أطرافه الثلاثة باتجاه تثبيت تحالفات جديدة على الأرض تحقق مصالحه، وبشكل يحسن تموضعه السياسي في صيغة الحل النهائي للأزمة السورية، ويبدو أن تغيير تركيا لتحالفاتها باتجاه العودة إلى الصف الناتوي في سورية عبر التفاهم حول المنطقة الآمنة شرق الفرات، سيساهم بخلق جبهة ناتوية تسيطر على مساحة واسعة من الأرض السورية وتمتلك القوة العسكرية الأكبر بين الأطراف اللاعبة على الأرض السورية، مما سينعكس بطبيعة الحال على شكل الحل السياسي ويعيده إلى مسار جنيف الذي غيبه لفترة مسار أستانة ومسار سوتشي.
  4. ساحات مواجهة محتملة: يبدو أن سعي موسكو لمقايضة الوجود الإيراني في سورية بفرض رؤيتها للحل السياسي والتحكم به، ليس بالسهولة التي تتوقعها، فإلى الآن لم تفلح موسكو بالوفاء بتعهداتها حيال الوجود الإيراني أمام حلفائها الجدد في إسرائيل والخليج العربي، وذلك بسبب رغبة موسكو بتجنب الصدام المباشر مع إيران والاعتماد على الضربات الإسرائيلية للمواقع الإيرانية ومحاولات العزل الاقتصادي والعسكري لإيران في سورية، ولكن يبدو أن المرحلة القادمة بتحالفاتها الجديدة وتصاعد التوتر الإقليمي اتجاه إيران قد تدفعان موسكو إلى المزيد من التصعيد ضد ميليشيات إيران وأذرعها في الجيش السوري، مما يشير إلى إمكانية تحول مناطق النظام إلى ساحات مواجهة بين أذرع إيران وموسكو داخل الجيش السوري، وعلى رأس المناطق المرشحة للتصعيد الجنوب السوري وحلب ودير الزور.
  5. النظام واستثمار الهوامش: لطالما أتاح الصراع الإقليمي هوامش حركة للنظام السوري، حيث يتقن النظام لعبة التنقل بين المحاور واستغلال المصالح الإقليمية والدولية المتضاربة لإطالة بقائه. وفي إطار تغيّر التحالفات الإقليمية الذي يحدث؛ يحاول النظام الاستفادة من هوامش التنافس الروسي الإيراني من جهة، والتوتر في العلاقات التركية مع الإمارات والسعودية من جهة أخرى، ولكن يبدو أن الموقف الأمريكي المتشدد هذه المرة اتجاه النظام سيحرمه من استثمار هوامش الصراعات الإقليمية وحصد نتائج ما أحرزه من تقدم عسكري على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي، وسيدفع النظام نحو مزيد من التنازلات على مستوى الحل السياسي، خصوصاً مع التوتر الذي تشهده المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران.

خاتمة

تشهد المنطقة برمّتها عملية إعادة تشكيل لخارطة القوة فيها، وتعتبر سورية إحدى الساحات التي تلتقي فيها مصالح القوى الدولية والإقليمية المتنافسة على رسم ملامح النظام الأمني الجديد في الشرق الأوسط، ولذلك فإن الحديث لايزال مبكراً عن نهاية قريبة للحرب في سورية وفرصة إنتاج حل سياسي. ولكن يمكن القول؛ إن الأزمة السورية ببعدها الدولي والإقليمي دخلت في مرحلتها الأخيرة والتي عنوانها تثبيت النفوذ العسكري والسياسي والاقتصادي، أم شكل هذه المرحلة من حيث أدواتها، هل ستكون عسكرية أم ديبلوماسية؟ فهو رهن لقدرة تلك القوى على تسوية خلافاتها واقتسام المصالح على الأرض وعلى المستوى السياسي، بشكل يفتح المجال أمام جلوس الأطراف السورية على طاولة التفاوض مجدداً.


 

[1])) للاطلاع أكثر على بنود اتفاق سوتشي حول إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب (اتفاق النقاط العشر بين روسيا وتركيا حول إدلب)، راجع الرابط التالي: http://cutt.us/dBOo8

[2])) سقراط العلو، الصراع على الثروة السورية بين إيران وروسيا: الفوسفات نموذجًا، مركز الجزيرة للدراسات، 26 يوليو 2018، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2Vkzl1x

([3]) الأسد في طهران... ونتنياهو في موسكو، جريدة الأنباء الكويتية، 28/2/2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2HnoGxY

([4]) إيران والعراق وسوريا في دمشق لأول مرة، موقع TRT عربي، 17 مارس 2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2LCUJ2v

[5])) هذه تفاصيل المنطقة الآمنة التي ستقيمها تركيا على الحدود شمال سورية، موقع صحيفة العربي الجديد، 16 يناير2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2EaBabs

[6]))3 مقترحات أمريكية لمنطقة آمنة خالية من "بي كي كي"، موقع ترك برس، 22يناير 2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2WR6fsp

 ([7]) بدر ملا رشيد، إلغاء هيئتي الدفاع والخارجية في "الإدارة الذاتية": إعادة هيكلة أم تحجيم وظيفي، مركز عمران للدراسات، 5 نيسان/ أبريل2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2vZ5ZeT

[8])) مصادر لـ"عربي21": جهود فرنسية لعقد اتفاق بين أكراد سوريا، موقع عربي21، 23 أبريل2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2VEtXLD

(([9] المرصد الاستراتيجي، فشل المفاوضات يفتح أبواب المواجهات العسكرية في حوران، تقدير موقف 25 أبريل 2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2VQttlH

([10]) الأبعاد والمتغيرات الجديدة للوجود الإيراني في جنوب سوريا، شبكة بلدي الإعلامية، 14 كانون الثاني 2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2ANeTyO

[11])) المرجع السابق.

[12])) المرصد الاستراتيجي، فشل المفاوضات يفتح أبواب المواجهات العسكرية في حوران، مرجع سبق ذكره.

[13])) درعا: ما هو دور روسيا في التظاهرات؟، موقع جريدة المدن، 15/3/2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2HrdOR8

[14])) المرصد الاستراتيجي، فشل المفاوضات يفتح أبواب المواجهات العسكرية في حوران، مرجع سبق ذكره.

[15])) ساشا العلو، رسائلُ خطاب الأسد: عَودٌ على ذي بدء، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 19 شباط 2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2HxOZ6b

 

 

التصنيف أوراق بحثية

تحظى محافظة إدلب بأهمية خاصة في مسار الأزمة السورية؛ إذ هي الملاذ الأساس للمهجَّرين والمعقل الأساس لهيئة تحرير الشام. وتتجه المحافظة نحو عدة مسارات تعتمد على سياسات عدة دول فاعلة، خاصة تركيا التي تريد استيعابها، في حين يتحين النظام الفرص لإخضاعها لسلطته.

مقدمة 

يقف المشهد السوري العسكري اليوم على مفترق طرق نحو تشكيل ترتيبات أمنية جديدة، وذلك بعد إنهاء النظام وحلفائه لجيوب عسكرية لقوى المعارضة في مناطق "سوريا المفيدة" واستحكام قبضتهم فيها، مقابل اتفاقيات تجميد الصراع أو خفض التصعيد في إدلب ودرعا. وتوجد أيضًا مناطق خارج سيطرة النظام أكثر استقرارًا بحكم تواجد ضامن عسكري مباشر مثل مناطق شمال شرق سوريا (قوات قسد مع قوات أميركية) أو مناطق شمال وشمال غرب سوريا (الجيش التركي وقوات المعارضة). وفي هذه الأثناء، يحاول النظام السوري وحلفاؤه استثمار المرحلة الراهنة لإعادة ترتيب مناطقه أمنيًّا؛ حيث يسعى الروس إلى دمج بعض الفصائل القريبة منه في الفيلق الخامس والسادس والسابع كما يجهدون في إعادة هيكلة وزارة الدفاع وهيئة الأركان. في المقابل، تنخرط إيران مدنيًّا وإداريًّا في بنى محلية واجتماعية واقتصادية مع تنظيم قواتها العسكرية وإعادة تمركزها في المناطق الحدودية لسوريا عمومًا، ولإجراء مناوشات في مناطق التماسِّ مع القوات الأميركية خصوصًا. ويتضح من قراءة المشهد السوري العام أنه مُتجه نحو تفاهمات جديدة لم تتبلور معالمها بعد، وعنوانها العريض هي تفاهمات أمنية لفتح الطرق الرئيسية بين المدن وخطوط التجارة المحلية والخارجية. 

وفي ضوء هذا المشهد وتحولاته المحتملة، تبدو إدلب وكأنها "المعضلة المؤجلة" حاليًّا لاعتبارها المحطة الأخيرة في سلسلة إجراءات وتفاهمات لإنهاء الصراع العسكري، ففيها خزان بشري كبير لنازحين من مختلف المناطق السورية، وتوجد فيها مجموعات مسلحة كثيرة بما فيها "مجموعات متشددة" عصية على الاندماج مع باقي الفصائل، ومنها ما تجذَّر في البنى الإدارية والمجتمعية بما له من سيطرة مسلحة كهيئة تحرير الشام، فضلًا عن أن ترتيبات الآستانة في إدلب لم تنتهِ بشكل كامل ما يعطي النظام وحلفاءه فرصة للاستثمار في هذه المعضلة واستغلالها أيما استغلال. 

ونظرًا لأهمية معضلة إدلب في مسار الأزمة السورية، تُقيِّم هذه الورقة المشهد العسكري والإداري، وكذلك الترتيبات الأمنية من حيث التماسك أو الهشاشة في هذه المحافظة، لتخلص إلى مقاربة لفهم الواقع في إدلب كما تستطلع المآلات والسيناريوهات المستقبلية المحتملة. 

تحديات سكانية وتنموية متزايدة 

تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي لسوريا، وتُحاذي جزءًا من الحدود السورية-التركية، وقد بلغ عدد سكانها في 2011 حوالي 2.072.266 نسمة، وبلغت مساحتها 5464 كم2 ([1]). شاركت المحافظة بالثورة منذ أيامها الأولى لتخرج عن سيطرة النظام بشكل كامل في مارس/آذار 2015، بعد سيطرة قوات معارضة ومجموعات أخرى على مركزها. وبقيت كل من كفريا والفوعة "الشيعيتين" المحاصَرَتَيْن تحت سيطرة النظام ورهنًا لاتفاقية "المدن الأربعة" (كفريا-الفوعة/الزبداني-مضايا) بين إيران وأحرار الشام وهيئة تحرير الشام في أبريل/نيسان 2017. ومع استكمال ترتيبات الآستانة في 15 سبتمبر/أيلول 2017 واتفاقيات خفض التصعيد في إدلب، تمكَّن النظام وحلفاؤه الروس من السيطرة على أجزاء شرق سكة الحديد جنوب شرقي المحافظة، وتقدر مساحة المناطق التي سيطر عليها بما معدله 17.5% من مساحة المحافظة (متضمنًا مساحة كفريا والفوعة). 

تبرز أهمية إدلب كونها كانت الملجأ الأساس في تهجير قسري ممنهج من كافة المناطق إليها، منذ تهجير مدينة حمص القديمة في مايو/أيار 2014، ثم حلب الشرقية، ثم ريف دمشق، وانتهاء بتهجير ريف حمص الشمالي في مايو/أيار 2018 (ينظر الجدول أدناه[2].  كما تضمنت الهجرات مدنيين وعسكريين ومنتمين لمجموعات مصنفة كإرهابية، مما عقَّد المشهد الديمغرافي ووضع عبئًا كبيرًا على المنظمات الإغاثية والاجتماعية بسبب اختلاط السكان بالمجموعات المسلحة. ويُشير تقرير وحدة تنسيق الدعم أنه وحتى تاريخ 23 أبريل/نيسان 2018 بلغ عدد النازحين إلى الشمال السوري عمومًا من الغوطة الشرقية والقلمون حوالي 75339. ([3])

الجدول رقم (1) يوضح تحول إدلب إلى موئل لتهجير قسري ممنهج من كافة المناطق

 

بالمقابل، ترافق مع هذه الزيادات السكانية سياسات استجابة طارئة، خلقت مشكلات تحتاج إلى حلول تنموية. وبسبب حجم المسؤولية الكبيرة والضاغطة على المحافظة لم تجد الفعاليات الإدارية المحلية سوى المنظمات الدولية والمحلية لمساعدتها في حل أزمة المهجرين، وحاولت تشكيل نموذج (إسعافي) في إدارة المهجرين من خلال "الهيئة العامة لإدارة المهجرين" التي كان لها أدوار أولية في تخفيف العشوائية والفساد الحاصل في توزيع المساعدات وضبط احتياجات المخيمات وتقديمها للمنظمات([4])، إلا أن تردي الواقع الاقتصادي والإداري في المحافظة أسهم في تنامي المؤشرات التي تنذر باتساع حجم التحدي وازدياد صعوبات المعالجة. وشهد المستوى العام للأسعار ارتفاعًا ملحوظًا رافقه انخفاض كبير في سعر صرف الليرة التي وصلت إلى حدود 500 ليرة أمام الدولار بانخفاض قارب 90% للقيمة الشرائية. كما ارتفعت معدلات الفقر؛ إذ بلغت نسبة الفقر في المحافظة حوالي 90.5% في ([5])2015، وهي من أعلى النسب في سوريا. وإذا ما أضفنا نسب العوائل النازحة والمهجرة المحتاجة (حتى نهاية عام 2017) فإن النسبة العامة للفقر ستصل لمستويات بالغة الخطورة حيث يبلغ مجموع تلك العائلات 119.696 عائلة فيهم 107.622 عائلة ذات دخل شهري أقل من 40 دولاراً.([6]

كما أسهم تدهور الأداء الاقتصادي على كافة المستويات في الانكماش في النشاطات الاقتصادية وبروز العديد من النشاطات غير الرسمية كانتشار العمل العشوائي وتنامي ظاهرة "تجار الأزمة"؛ مما أفسح المجال أمام اقتصاد مواز يحاكي الرسمي المفترض، بإيراداته وشبكاته وتعاملاته التجارية. كما أن سوء الأحوال الأمنية وتدخل "الجماعات المسلحة" في مفاصل الإدارة، والقصف العنيف، وانتشار الاغتيالات، شكلت عوامل رئيسية لهروب أصحاب الأموال للخارج وعدم استقبال المحافظة لأي نوع من الاستثمارات، فانتشرت على إثر ذلك البطالة في ظل حاجة المواطنين الماسة للعمل من أجل كسب المال. 

بالعموم، فإن تزايد التحديات الناجمة عن تنامي الكثافة السكانية جراء سياسات التهجير وحركية النزوح المحلي فرضت على الفعاليات المحلية الإدارية والتنموية تحديات متنامية تستوجب منها إجراءات تراعي البُعد التنموي والاقتصادي في المحافظة، وهو الأمر الذي لا يزال متعثرًا بحكم السيولة الأمنية والاقتتال الداخلي من جهة، وتغليب منطق الاستجابة الطارئة بحكم المتغيرات المتسارعة في ملف المهجرين من جهة أخرى. 

مشهد عسكري وأمني مضطرب 

انخرطت محافظة إدلب -شأنها شأن معظم المحافظات- في الحراك السلمي والمظاهرات الشعبية منذ مارس/آذار 2011، ثم دخلت خط "الكفاح العسكري" الدفاعي ثم الهجومي في 2012، ثم جاءت سيطرة غرفة عمليات "جيش الفتح" على مدينة إدلب في مارس/آذار 2015. بالمقابل، استمرت جبهة النصرة ثم هيئة تحرير الشام كامتداد لها في قضم الفصائل الثورية المحلية والتمدد العسكري والإداري والمدني والتغلغل في مناطق إدلب. 

شكَّل تحرير مدينة إدلب في 2015 مُرتكزًا لنمو حركة النزوح لاحقًا إليها وإلى تمدد نشاط المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني ثم الحكومة المؤقتة ثم اقتحام "حكومة الإنقاذ" كأداة إدارية لهيئة تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب. وزادت الأحداث من تداخُل الوجود العسكري مع اكتظاظ السكان النازحين في المحافظة وبالتالي من شدة التحديات الأمنية والاقتصادية. 

خضعت محافظة إدلب لعدة محاولات لوقف إطلاق النار أو خفض التصعيد والتوتر كان آخرها في 15 سبتمبر/أيلول 2017 في اجتماع الآستانة السادس بين روسيا وتركيا وإيران، وتمخض عن "تقاسم للأدوار والنفوذ"، ولكن لم تُنجز الخرائط التفصيلية وبقي الخلاف على بعض النقاط خاصة من الجانب الإيراني الذي أصر على تواجد قوات قريبة منه على الحواجز الفاصلة ونقاط المراقبة، بينما أصرت تركيا على إمساك الملف الأمني بمفردها. وأدى عدم حسم الملف إلى استغلال النظام وإيران للوضع واقتحمت قواته مناطق جنوب شرق محافظة إدلب شرق سكة الحديد في الشهر الأول من 2018 واستعادت السيطرة عليها. 

يُذكر أن نسب السيطرة قبل هجوم النظام كانت على الشكل التالي: 98.5% قوى الثورة مع انتشار لجبهة النصرة، و1.5% ميليشيات ممولة من إيران وقوات النظام. أما بعد هجوم ميليشيات إيران وقوات النظام فقد استطاع النظام أن يُسيطر على منطقة واسعة وصلت نسبتها إلى 16%، فأصبح توزُّع نسب السيطرة على الشكل التالي: 82.5% قوى الثورة متنازعة مع فصائل أخرى كجبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام، و 17.5% ميليشيات إيران وقوات النظام. ([7])

وإثر تقدم النظام السريع في جنوب شرق إدلب سارعت تركيا إلى تنفيذ بنود اتفاق الآستانة ونشرت عدة نقاط مراقبة عسكرية وصلت إلى عشر نقاط حتى 9 مايو/أيار 2018 (موضحة على الخريطة الرئيسية)، ويُتوقع أن تصل إلى 20 نقطة لتُحيط بكامل أنحاء المحافظة ثم التفرغ لضبطها أمنيًّا وعسكريًّا. ([8]) ويكمُن التحدي الأساسي في إدلب أمام الجيش التركي المنخرط في عمليات لمواجهة قوات الحماية الشعبية الكردية في سيولة المشهد أمنيًّا وانخراط هيئة تحرير الشام جغرافيًّا في أماكن المدنيين وتداخلها مع هيئات إدارية كحكومة الإنقاذ وبعض المجالس المحلية. 

 

خريطة تبين مناطق السيطرة والنفوذ بين القوى العسكرية المحلية والإقليمية في إدلب ومحيطها

أما فيما يتعلق بالمشهد الأمني في إدلب، فقد شهدت هيئة تحرير الشام إضعافًا لبنيتها وعلاقتها بالحاضنة المجتمعية من عدة أطراف منذ بداية دخول الجيش التركي إلى إدلب؛ فقد سعت تركيا لعدم الدخول في حرب مفتوحة لمواجهة الهيئة وتأسيس مراكز المراقبة لوقف إطلاق النار حسب اتفاق الآستانة مما أدى إلى انقسام صفوف الهيئة في الموقف تجاه الدخول التركي وانشقاق عدد من فصائلها ومرجعياتها. وقامت أطراف عديدة غير معروفة -يرى البعض أنها خلايا متبقية من تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جند الأقصى"- ببث الفوضى الأمنية في مناطق سيطرة الهيئة عبر تنفيذ سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات. ومن الملاحظ من خلال تحليل بيانات الاستهداف الأخيرة خلال شهري مارس/آذار، وأبريل/نيسان 2018 أن أغلب أماكن حدوث الاغتيالات كانت في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (انظر الشكل أدناه).

 

الشكل رقم (1) يوضح توزيع السيطرة العسكرية في "مناطق الاغتيالات" بإدلب

الشكل رقم (2) يبين توزيع الجهات التي استهدفتها حملة الاغتيالات الأخيرة في إدلب

وشهدت المحافظة في الآونة الأخيرة عدة تطورات أبرزها تشكيل تنظيم "حراس الدين" في 27 فبراير/شباط 2018 بقيادة أبوهمام الشامي القيادي في تنظيم "القاعدة"، وأعلن بيعته لتنظيم "القاعدة". وضم تنظيم "حراس الدين" الفصائل التالية: حراس الشام، وسرايا الساحل، وسرية كابل، وجند الشريعة، بالإضافة إلى قيادات "القاعدة" في مجلس الشورى الذي يضم: أبو حبيب طوباس، وأبو خديجة الأردني، وسامي العريدي، وأبو القسام، وأبو عبد الرحمن المكي، وعدد من القيادات السابقة في "جبهة النصرة" التي رفضت فك الارتباط بالقاعدة. بعد نحو أسبوع من إعلان تشكيل "حراس الدين"، أعلنت ثلاث فصائل أخرى انضمامها إليه، وهي: "جيش الملاحم"، و"جيش البداية"، و"جيش الساحل". التزم تنظيم "حراس الدين" الحياد في الاقتتال الذي اندلع بين "هيئة تحرير الشام" و"جيش تحرير سوريا" في ريفي حلب وإدلب، ولكن هذا لم يمنع من حدوث بعض الاشتباكات بين مقاتلي "هيئة تحرير الشام" ومقاتلي حراس الدين في منطقة ريف حماه الشمالي، وخاصة أن معظم المنتسبين لحراس الدين هم عناصر (محلية وأجنبية) سابقة في الهيئة وفي جند الأقصى، ومعظمهم باتوا على خلاف واضح مع التيار الأقل تشددًا في الهيئة، وعلى خلاف مع قوى الثورة السورية. وأعلن تنظيم "حراس الدين" التابع لتنظيم "القاعدة" وفصيل "أنصار التوحيد" (منشق سابقًا عن "جند الأقصى")، في 29 أبريل/نيسان 2018، اندماجهما ضمن حلف واحد حَمَل اسم "حلف نصرة الإسلام". وذكر بيان مشترك لـ "التنظيمين"، أن هدف اندماجهما "إقامة دين الله تعالى، وتطبيق الشريعة الإسلامية، ودفع العدو الصائل"، وذلك مِن "باب التعاون على البر والتقوى"، طبقًا للبيان. 

تنحصر سيطرة حلف "نصرة الإسلام المُبايِع لتنظيم "القاعدة" الآن في ريف حماه الشمالي وفي الريف الجنوبي من جسر الشغور في إدلب، ولكن الثقل الأساسي يكمُن في شمال حماه. ويبلغ عدد مقاتلي الحلف حوالي 2500 منهم 1000 أجنبي([9]). ومن المتوقع أن يزداد عدد الأجانب في التشكيل، خاصة مع قبول "هيئة تحرير الشام" التهدئة مع "جيش تحرير سوريا" وعدم فتح جبهات جديدة من النظام سواء من قوى الثورة أو غيرها. هذه الأسباب تجعل من "حلف نصرة الإسلام" الخيار الأخير والوحيد للأجانب كي يحموا أنفسهم في إدلب. لذا، من المرجح أن نشهد معارك بين هذا الحلف وقوى الثورة من جهة ومع الهيئة من جهة أخرى. يُذكر أن فصيلي "حراس الدين" و"أنصار التوحيد" شنَّا هجومًا مباغتًا، في مطلع شهر مايو/أيار 2018، على مواقع قوات النظام في ريف حماه الشمالي، وتمكَّنا من السيطرة على بلدة الحماميات وتلَّتِها الاستراتيجية بريف حماه، قبل أن ينسحبوا منها نتيجة غارات الطيران الروسي. 

تفكيك الخارطة الإدارية 

حدَّد القرار رقم 1378 للعام 2011، والصادر عن وزارة الإدارة المحلية التابعة للنظام([10])، التقسيمات الجغرافية المركزية للمحافظة بـ6 مناطق تضم 26 ناحية فيما تُقسَّم المحافظة إداريًّا لا مركزيًّا إلى 157 وحدة إدارية توزع على 15 مدينة و47 بلدة و95 بلدية تتمتع بالشخصية الاعتبارية و304 تجمعات([11])، إضافة إلى العشرات من القرى والمزارع والتجمعات التي لا تحظى بالشخصية الاعتبارية ولا تشملها التقسيمات الإدارية([12]).  ويُقدر عدد المجالس المحلية التي سقطت بيد النظام بحوالي 17 مجلسًا محليًّا معتمدًا، مقابل 140 مجلسًا محليًّا تديره قوى المعارضة.

الشكل رقم (3) يوضح توزيع نسب السيطرة على الوحدات الإدارية في إدلب بين النظام والفصائل السورية

ويُعاني المشهد الإداري في محافظة إدلب من هشاشة وتشظٍّ كبيرين، أسهم فيهما التداخل بين الحالتين السياسية والعسكرية في المحافظة، الذي انعكس على المنظومة الـمُهيكلة للمجالس المحلية بنشوء مجالس محلية غير معتمدة من الحكومة المؤقتة، وتضاعفت أعدادها بشكل كبير. كما أن تشكيل "حكومة الإنقاذ" من قبل شخصيات مرتبطة بتنظيم "هيئة تحرير الشام" المصنف إرهابيًّا من أطراف دولية([13]) وبحماية وقوة تنفيذية منها زاد في تعقيد المشهد وتداخل الجهات العسكرية بالتنظيمات الإدارية المدنية، وأسهم في تعدد المرجعيات وتضاربها، ويُضاف إلى ذلك انفلات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من عقال الضبط الحكومي. 

وحسب تقرير أولي لمسح ميداني أجراه مركز عمران للدراسات مع وحدة المجالس المحلية([14])، جرى في الفترة من  8 أبريل/نيسان 2018 وحتى 15 مايو/أيار 2018 في محافظة إدلب، فإن 59% من المجالس المحلية تُصنِّف نفسها بأنها تتبع إداريًّا للحكومة المؤقتة مقابل 7% تُصنف نفسها تابعة لحكومة الإنقاذ. ومن الملاحظات وجود عدد من المجالس التي تتبع الحكومة المؤقتة لكنها مرغمة على التعاون مع حكومة الإنقاذ، فيما تصنف 16% من المجالس نفسها بأنها مستقلة عن حكومتي الإنقاذ والمؤقتة. ومن أهم الملاحظات لفريق المسح الميداني كان عدم تطابق مناطق النفوذ العسكري لهيئة تحرير الشام مع تبعية المجالس المحلية؛ حيثُ تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة، رغم أنها تقع في مناطق السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام، ما مُعدله 22% من مجالس المحافظة الفرعية. ويُمكن عزو ذلك لكون المجالس المحلية مُنبثقة عن الحاضنة الاجتماعية وتُمثل بدرجة كبيرة طبيعة المزاج العام الرافض لممارسات هيئة تحرير الشام. ويؤكد هذا التحليل استعداد عدد من المجالس التي زارها فريق المسح الميداني لانتخابات جديدة لمجالسها مثل أريحا وكفر تخاريم.

 

الشكل رقم (4) يبين توزيع نسب تبعية المجالس المحلية في إدلب

ومن أهم عناصر استحواذ حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام هي قدرتها على توفير الغاز والتحكم بمعابر تجارية مع النظام وصيانة وتوفير خدمات المياه للمنازل وإدارة المعابر الدولية التي تدر عليها دخلًا توزعه على عدد من المجالس المحلية التي تتبع لها، كما تجري زيارات ميدانية مكثفة للرقابة على عمل المجالس. واستحوذت أيضًا على أي دعم أو تمويل مستقل يأتي للمجالس لمنعهم من امتلاك استقلالية مالية، فمثلًا، كان مجلس كفر يحمول يملك أرضًا زراعية يقوم بتأجيرها ويستفيد من مواردها، لكن منذ سبعة أشهر استولت عليها حكومة الإنقاذ. 

عمومًا، يمكن تسجيل عدة ملاحظات تجاه فاعلية المؤسسات السياسية والإدارية المحلية والجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني في محافظة إدلب، إذ تصطدم سياساتها بالعديد من العراقيل التي تحد من خياراتها، ويعود سبب ذلك أولًا: إلى التعارض في أجندات الجهات المسيطرة على المحافظة، وثانياً: لتشتت الإدارات والهيئات المدنية التي لا تزال تفتقر لرؤية استراتيجية موحدة تُمكنها من امتصاص صدمة النزوح وابتداع أدوات إدارة سياسية واقتصادية واجتماعية تتواءم مع الوضع غير المستقر للمحافظة، وثالثًا: للاعتمادية المفرطة على المنظمات الدولية والمحلية في تقديم المساعدات للسكان ومخيمات المهجرين والمجالس المحلية. 

إدلب والترتيبات السياسية والعسكرية المتوقعة 

رغم إنجاز اتفاق خفض التصعيد في إدلب ضمن الاجتماع السادس في الآستانة، في 15 سبتمبر/أيلول 2017، فإن الخرائط والتفاصيل الجزئية حول آلية المراقبة لم تُحسَم بين الأطراف الثلاثة بشكل نهائي. ولكن يبدو أن التقارب الروسي-التركي حول إدلب أكثر من تقارب الاثنين مع إيران. حيث صرح علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى في إيران، بأن "الخطوة القادمة لمحور المقاومة ستكون تحرير مدينة إدلب السورية([15]). وحذرت الأمم المتحدة عبر نائب المبعوث الدولي إلى سوريا للشؤون الإنسانية، يان إيغلاند، من اندلاع حرب في إدلب لكونها أصبحت أكبر مخيم للنازحين في العالم. كما حذر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، من انتقال القتال إلى إدلب وتعريض المدنيين إلى خطر كبير. وفي نفس الوقت، تؤكد تركيا عبر عدة تصريحات للرئيس أردوغان أن إدلب وضبطها سيكونان الهدف القادم بعد عفرين ومنبج. ودعا وزير الخارجية الفرنسي، لو دريان، إلى ضرورة تقرير مصير إدلب من خلال عملية سياسية تتضمن نزع سلاح الميليشيات فيها. 

بالمقابل، لا يمكن فك مصير إدلب عن معطيات المشهد العسكري العام وجنوحه باتجاه تبلور طموحات إقليمية ودولية ناشئة تجعل هذا المشهد يدخل في مرحلة إعادة تشكل وترتيب جديد، سواء بالاتكاء على فكرة ومفهوم الدول الضامنة أو عبر ترسيم جديد لحدود النفوذ الدولي. وسينعكس هذا الترتيب الجديد حُكمًا (سلبًا أو إيجابًا) على العملية السياسية التي دخلت مرحلة من السيولة المغرقة منذ جنيف 8 وما تبعها من تطورات ميدانية -مثل عملية غصن الزيتون، ومحاولات إعادة ترسيم حدود منطقة إدلب، ومعركة "إسقاط" الغوطة الشرقية، والنفوذ الإيراني في الجنوب السوري- وما رافقها أيضًا من هشاشة في بنى الفاعلين السوريين، سواء المعارضة التي باتت جسمًا سائلًا يصعب ضبط توجهاته، أو النظام الذي يجد نفسه غير قادر على إرفاق السيطرة العسكرية بسيطرة سياسية واجتماعية (كما يتخيل)، وغير مؤهل لمواجهة استحقاقات مرحلة البناء وإعادة الإعمار. 

وفقًا لهذه المعطيات، يمكن الاستدلال فيما يتعلق بالمحافظة على أنها تسير وفق عدة اتجاهات يتضح التموضع التركي الرئيسي منها جميعًا، فتركيا رأت في اعتماد الخيارات الصلبة المدخل الأكثر حسمًا في مواجهة المهددات الأمنية التي تتعاظم ضدها، وسيكون لها تأثير واضح في الشمال السوري خاصة بعد شبه اكتمال تحقيقها لأهداف غصن الزيتون واستحواذها شبه المكتمل على الأجزاء الشمالية، بالإضافة إلى أدوار تركية محتملة ضمن مسار الآستانة فيما يخص محاربة جبهة تحرير الشام سواء عبر سياسات تفكيك أم مواجهة مباشرة عبر فصائل المعارضة، وفي ذات الوقت يُتوقَّع أن يخضع اتفاق الآستانة لخروقات مستمرة من قوات تتبع إيران وتميل إليها روسيا أحيانًا عندما تريد الضغط على تركيا، ثم تعود لتدعم الموقف التركي في تحصين هذه المنطقة أمنيًّا وإدارتها مدنيًّا. 

بالمقابل، يسعى النظام إلى الدفع باتجاه استعادة "السيادة الوطنية" عبر مقاربات عسكرية أو سياسية عندما يعجز عن استخدام أدوات الروس أو الإيرانيين. وقد يلجأ إلى عدة خيارات بالتوالي أو التوازي، أهمها:

  1. إنهاك منطقة إدلب أمنيًّا بتيسير مرور "أطراف متشددة" وتنفيذ عمليات أمنية واستهداف للشخصيات الثورية القادرة على جمع الحاضنة الشعبية. وتهدف هذه السياسة إلى إضعاف بنى المعارضة وإيجاد الحجج السياسية لعودة "سيادة مؤسسات الدولة". كما يسعى النظام إلى إفشال نموذج الإدارة المحلية وتصويره على أنه يتبع لمنظمات مصنفة دوليًّا إرهابية.
  2. استثمار مسار الآستانة بين الدول الثلاث: روسيا وتركيا وإيران، لتوسيع دائرة الدول المشاركة فيه وإعادة تعريف أدوار الضامنين، كالمطالبة بدور إيراني أكبر بهدف استخدامه للولوج إلى منطقة إدلب سياسيًّا.
  3. الدفع نحو صفقات أمنية جزئية بشكل ثنائي ومباشر مع القوى الدولية المتواجدة في سوريا، كتركيا وأميركا والأردن لتحييد القوى العسكرية السورية والأجنبية والسماح للنظام بعودة مؤسساته تدريجيًّا لاستعادة تحكمه بمفاصل الخدمات، ومن ثم إعادة اختراق الحاضنة والعودة الأمنية كما فعل في مناطق المصالحات.
  4. عقد صفقات لتحييد الطرق البرية والرئيسية والمعابر التجارية والدولية عن الصراع، وتبدو هذه الخطوة الأسهل على النظام لكونها تحقق مصالح مشتركة لكافة القوى، إلا أن النظام يريد منها إعادة امتلاك وظائف الدولة الأساسية وأجزاء من المواقع السيادية. 

خاتمة 

تتجه إدلب نحو عدة مسارات تعتمد على سياسات وردود أفعال عدد من الدول الفاعلة، خاصة تركيا التي تبدو الفاعل الرئيسي فيها. في حين يبدو أن النظام سيسعى بداية إلى عقد صفقات لفتح الطرق الدولية الرئيسية في سوريا وبالتالي عقد اتفاقيات تجارية مع مختلف المناطق مع تعزيز حالة الفوضى الأمنية في مناطق المعارضة في إدلب بشكل خاص. ويتوقع أن يخضع اتفاق الآستانة لمساومات ومنازعات من قوات تتبع النظام وإيران وتميل إليها روسيا أحيانًا عندما تريد الضغط على تركيا.

 

المصدر مركز الجزيرة للدراسات: https://bit.ly/2s95y01

 


 

([1])منظمة التنمية المحلية بالتعاون مع الحكومة السورية المؤقتة، "أطلس المعلومات الجغرافي، إدلب"، 17 يوليو/تموز 2016، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018):

 https://drive.google.com/drive/folders/0B9mAVSIoeDcPNFRKY1MzejNxV3c

يُشار إلى أن المكتب المركزي للإحصاء التابع للنظام يُقدِّر عدد سكان محافظة إدلب في عام 2016 بـ1445000 نسمة، وهو رقم يبدو أنه لا يشمل النازحين إلى المحافظة، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018):  http://www.cbssyr.sy/yearbook/2017/Data-Chapter2/TAB-4-2-2017.pdf

 ([2]) وحدة المعلومات، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تقرير غير منشور، 8 مايو/أيار 2018.

([3]) وحدة التنسيق والدعم، "الكارثة في سورية: التهجير القسري من الغوطة الشرقية والقلمون"، 3 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول 9 مايو/أيار 2018).

https://goo.gl/oHLb94

([4]) حيث عملت الهيئة على تقسيم المحافظة إلى قطاعات ضمن كل قطاع عدد معين من المخيمات بحيث يكون لكل قطاع مدير ولكل مخيم إدارة خاصة به تعمل على إحصاء أعداد المهجرين واحتياجاتهم المختلفة داخل المخيم من سلع وخدمات تشمل الصرف الصحي والتعليم والصحة والطعام...إلخ، وترفع هذه الحاجيات إلى إدارة القطاع الذي بدوره يوصلها للهيئة العامة حيث تجتمع لديه لوازم ونواقص المخيمات في قطاعات المحافظة كافة، فيتم توجيه المنظمات الإغاثية حسب تلك المعلومات.

([5]) المركز السوري لبحوث السياسات، "مواجهة التشظي"، 11 فبراير/شباط 2016، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018):

 https://goo.gl/b7ibW2

([6]) إحسان للإغاثة والتنمية، "تقييم الاحتياجات متعدد القطاعات في محافظة إدلب"، يناير/كانون الثاني 2017، تقرير غير منشور لدى المؤلف.

([7]) حسب تقدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، غير منشور، بالاعتماد على احتسابها باستخدام برنامج ال ArcGis بتاريخ 15 أبريل/نيسان 2018.

([8]) حسب الموقع التركي: http://www.suriyegundemi.com/2018/05/09/9620/ تاريخ الدخول 9 مايو/أيار 2018.

([9])  حسب مقابلة مع مصدر خاص في إدلب لدى وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتاريخ 8 مايو/أيار 2018.

([10])  اعتمد القرار 1378 على القانون الإداري 107 المتضمن معايير تقسيم الوحدات الإدارية بحسب عدد السكان في كل منطقة، كما اعتمد على الإحصاء السكاني للمكتب المركزي للإحصاء التابع لحكومة النظام للعام 2004 وتعديلاته للعام 2011 وفق معدل النمو السكاني في سوريا

([11]) يُقصد بالشخصية الاعتبارية تمتع الوحدة الإدارية بالذمة المالية المستقلة والأهلية القانونية للقيام بالتصرفات القانونية المختلفة كإبرام العقود وحق التقاضي أمام القضاء وإمكانية مقاضاتها من الغير، والموطن المستقل عن الأفراد المكونين لها، ووجود شخص يعبِّر عن إرادة هذه الوحدة ويتصرف باسمها ويمثلها، إضافة إلى تمتعها بالمسؤولية المدنية والإدارية الكاملة

([12]) منظمة التنمية المحلية، 17 يوليو/تموز 2016، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018): https://bit.ly/2s2Uv8H

([13]) تم تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية من طرف الولايات المتحدة الأميركية بتاريخ 10 مارس/آذار 2017، موقع وزارة الخارجية، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018): https://www.state.gov/j/ct/rls/rm/273854.htm

وانظر موقع السفارة الأميركية في دمشق، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018) إضغط هنا.

([14]) التقرير الأولي غير منشور بتاريخ 8 مايو/أيار 2018.

([15]) إيران: هدفنا القادم إدلب والوجود العسكري الأميركي لن يبقى شرق الفرات، موقع روسيا اليوم، تاريخ النشر: 13 أبريل/نيسان 2018: goo.gl/xmrxxc

 

التصنيف أوراق بحثية