الفعاليات

بتاريخ 22 آب 2023، نظم مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع جامعة عنتاب في عفرين ندوة بحثية حول تطورات المشهد السياسي في #سورية، ألقاها د.عمار قحف المدير التنفيذي لمركز عمران، وحضرها عدد من الطلبة الجامعيين.
ناقشت الندوة في محورها الأول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، كما استعرضت في محورها الثاني المشهد السوري بعد #القمةـالعربية وشكل العلاقة بين الدول العربية والنظام السوري، كما أردت الندوة في قسمها الثاني أهمية البحث والعمل البحثي لدى الطلاب الجامعيين ودوره في تكوين الوعي الوطني.
التصنيف الفعاليات

ملخص عام

شهد شهر أيار تحولاً نوعياً في التعاطي العربي مع القضية السورية، تمثل بحضور بشار الأسد للقمة العربية في السعودية بعد قطيعة استمر لأكثر من عقد. الحدث الذي اعتبره النظام خرقاً للعزلة المفروضة عليه إقليمياً ودولياً، في حين اعتبرته الدول العربية كخطوة في مسار الحل الشامل تستدعي خطوة مقابلة من طرف النظام ربما تتضمن تقديم تنازلات حاول النظام تجنبها طيلة السنوات الماضية. أمنياً وبُعيد اجتماع عمان الذي حضره وزير خارجية النظام، شنت مقاتلات أردنية، للمرة الأولى، غارات جوية استهدفت أحد تجار المخدرات في الريف الشرقي للسويداء، بعد أيام من تصريح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بإمكانية استخدام القوة العسكرية لمكافحة المخدرات. كما ألقت تركيا القبض على أعضاء في تنظيم الدولة، بينهم “والي تركيا"، وفرضت عقوبات مشتركة مع الولايات المتحدة ضد أشخاص مهتمين بتمويل "هيئة تحرير الشام" و"كتيبة التوحيد والجهاد" في سورية. اقتصادياً، شهدت مختلف المناطق السورية ارتفاعاً حاداً في أسعار اللحوم والمواد الأساسية، في حين تم وضع حجر الأساس لمشروع سكني في ريف جرابلس يهدف لبناء 240 ألف وحدة سكنية في غضون 3 سنوات لإسكان النازحين.

عودة النظام السوري للجامعة العربية

شكلت إعادة مقعد سورية في الجامعة العربية للنظام وحضور الأسد للقمة في الرياض الحدث السياسي الأبرز خلال شهر أيار، حيث مَثل بداية مرحلة جديدة من الانخراط العربي، الرسمي، مع النظام السوري بعد انقطاع دام أكثر من عقد. وكما يبدو فإن مباردة التقارب العربي تركز على قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب و الملف الإنساني على رأسه اللاجئين والعملية السياسية؛ ملفات صعبة يعتمد التقدم فيها على تجاوب النظام مستقبلاً  وتقديمه لتنازلات جوهرية حاول تجنبها طيلة الأعوام السابقة. من جهته يعوّل الأسد على الانفتاح العربي كخطوة للضغط على الولايات المتحدة والإتحادالأوروبي من أجل تخفيف أو إزالة العقوبات المفروضة على أركان نظامه بحجة أنها تعيق التقدم في مبادرة الحل العربي . أما على الصعيد الاقليمي فكانت زيارة الرئيس الإيراني إلى سورية، وهي التي تعد الأولى من نوعها منذ 13 سنة، مهمة من حيث توقيتها الذي سبق قرار الجامعة العربية بإعادة التواصل الرسمي مع النظام بأيام قليلة. حيث أتت الزيارة لتأكيد قوة النفوذ الإيراني في سورية وقطع الطريق أمام أي محاولة لتقليل هذا النفوذ. وبالتالي يمكن قراءة الخطوة العربية بالتقارب مع نظام الأسد في سياق سياسة خفض التصعيد التي تنتهجها دول الإقليم بشكل عام ضمن استراتيجية التواصل الإقليمي ومعالجة الملفات الأمنية الضاغطة المتعلقة بالقضية السورية.

عمليات تصفية وتسوية

شنّت "إسرائيل" غارات جوية عنيفة على محافظتي دمشق وحلب، شملت مواقع أمنية في محيط مطار دمشق الدولي، ومطار حلب الدولي ما أدى لخروجه عن الخدمة. وتأتي هذه الضربات بالتوازي مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن مضاعفة الهجمات التي تستهدف الوجود الإيراني في سورية.

من جهتها ألقت الاستخبارات التركية القبض على 4 أعضاء في تنظيم الدولة، بينهم ما يُدعى بـ “والي تركيا". وتأتي هذه العملية بعد قيام الاستخبارات التركية بتحييد قائد تنظيم الدولة، "أبو الحسين الحسيني القرشي" في نهاية شهر نيسان/أبريل الفائت. بالمقابل، وضمن التنسيق الأمريكي التركي لتجفيف منابع التمويل "للجماعات الإرهابية"، فرضت وزارتي الخزانة الأميركية والتركية، عقوبات مشتركة ضد شخصين مرتبطين بتمويل "هيئة تحرير الشام" و"كتيبة التوحيد والجهاد" في سورية: عمر الشيخ المعروف باسم "أبو أحمد زكور"، القيادي في "هيئة تحرير الشام"، وكوبيلاي ساري، الذي يتلقى أموالاً من مانحين لـ"كتيبة التوحيد والجهاد" الأوزبكية.

وفي شمال شرق سورية، قُتل "كريبوس" القيادي في قوات سوريا الديمقراطية بانفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارته في بادية أبو خشب شمال غرب دير الزور، وكان القيادي يشغل منصب قائد ساحة الكسرة في دير الزور. وتأتي هذه العملية مع تصاعد استهداف القيادات العسكرية والمدنية لقوات قسد في دير الزور منذ بداية العام الحالي.

وفي سياق آخر، أعلنت قوات الأمن الداخلي في شمال شرق سوريا "الأسايش" القاء القبض على شخصين متورطين بتعاطي وترويج المخدرات في عامودا، حيث تم ضبطت معهما 68 غراماً من مادة الكريستال المخدرة، و36 غراماً من الحشيش، و103 حبة مخدرة، ونحو غرامين من الهيروئين، بحسب المكتب الإعلامي للأسايش.

وفي درعا قام النظام السوري بإطلاق حملة تسويات جديدة لنحو 45 مدينة وبلدة، وذلك كثالث حملة تسويات بعد التسويات الأولى في عام 2018، والتسويات الثانية في عام 2021.  إلا أنه وعلى خلاف التسويتين الأوليتين، لا تأتي هذه العملية بالتزامن مع عمليات عسكرية واسعة، وإنما في ظل استمرار الوضع الراهن المعزز للهيمنة الأمنية لأجهزة النظام، وعلى رأسها المخابرات العسكرية، واستمرار الخصوصية التي يتمتع بها اللواء الثامن، لا سيما في ريف درعا الشرقي ومعقله ببصرى الشام. بالمقابل، استهدفت مقاتلات أردنية تاجر مخدرات في الريف الشرقي للسويداء، وذلك بعد أيام من تصريح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بإمكانية استخدام القوة العسكرية لمكافحة المخدرات، الأمر الذي يُشكِّل سابقة منذ بدء مسار التطبيع الأردني مع النظام عام 2021، ومؤشراً عن إمكانية اللجوء لخيارات القوة أو الدبلوماسية القسرية إلى جانب الحوافز الاقتصادية في طريقة التعامل العربي مع النظام بما يخص ملف المخدرات.

محاولات إنعاش اقتصادي متعثرة

وفي سياق الاستفادة الاقتصادية من التقارب العربي، وبهدف دعم الخزينة العامة للدولة بالإيرادات يسعى نظام الأسد للتجهيز لموسم السياحة داعياً المغتربين في دول الخليج لزيارة سورية ودعم اقتصادها، حيث شكل القطاع السياحي ثاني أكبر مصدر للعملة الأجنبية بعد صادرات النفط وصلت إلى نحو 3.9 مليار دولار في 2010 ومن المتوقع أن يصل عدد القادمين خلال العام الحالي لمليونين ونصف المليون شخص إلى سورية بينهم 700 ألف شخص سياح، ومن جملة مساعي النظام في تطوير هذا القطاع استخدامه كأداة لتعويمه والتأكيد على انتهاء الحرب وعودة الأمان لسورية.

كما أصدر بشار الأسد قانوناً يقضي بإعفاء عملية استيراد الأبقار من الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم الأخرى، لمدة خمس سنوات من تاريخه؛ بغية تخفيف آثار الأزمة التي تعيشها سورية في قطاع الثروة الحيوانية وارتفاع أسعار اللحوم والأعلاف وتراجع أعداد المواشي. ويعبر هذا القرار عن استمرار نهج النظام في التعاطي مع المشاكل الاقتصادية بالذهاب إلى حل الاستيراد وإفادة أثرياء الحرب وتجار الأزمات والمتربحين من عمليات الاستيراد في حين تعود بآثار سلبية على الأوضاع المعيشية للبلد والسكان بالمحصلة.

وفي شمال شرق سورية، أعلنت "الإدارة الذاتية" تسعير شراء القمح والشعير من المزارعين في الموسم الزراعي لعام 2023 بـ 43 سنتاً لكيلو القمح و35 سنتاً لكيلو الشعير وتعد هذه المرة الأولى التي تحدد فيها "الإدارة" سعر المحاصيل الزراعية بالدولار حيث كانت تسعّره بالليرة السورية في سابق السنوات، وأعلى من مناطق المعارضة التي حددت سعر كيلو القمح 32 سنتاً.

ونتيجة تدهور قيمة الليرة شهدت أسعار معظم السلع والخدمات ارتفاعاً غير مسبوق خلال الشهر الحالي؛ وشهدت محافظة الحسكة ارتفاعاً في أسعار "الأمبيرات" بنسبة وصلت إلى 30% عن سعرها القديم، وذلك إثر قرار "الإدارة الذاتية" بتخفيض كمية المازوت المباعة بسعر مدعوم لأصحاب المولدات.

في حين تسبب إغلاق معبر "سيمالكا- فيشخابور"، الحدودي بين شمال شرقي سورية وإقليم كردستان العراق، بتباطؤ كبير في عمليات البناء في مناطق سيطرة "الإدارة"، وتوقف في بعض المشاريع جراء توقف استيراد الأسمنت بشكل مفاجئ، وبلغ سعر كيس الأسمنت بوزن 50 كيلوجرامًا 120 ألف ليرة من السوق السوداء ارتفاعاً من 35 ألفاً ليرة قبل إغلاق المعبر.

بالانتقال إلى مناطق المعارضة فقد ألقت حالة عدم استقرار قيمة الليرة التركية وانخفاضها أمام الدولار بظلالها على الحياة المعيشية والعمّال والتعاملات التجارية في أسواق مدينة إدلب وأدت إلى تراجع حركة البيع والشراء في معظم المحال، نظراً لأن حركة الاستيراد تكون من خارج سورية عبر تركيا، وأي تغير بسعر الليرة مقابل الدولار يؤثر بشكل سريع على الأسواق المحلية. ووصلت أسعار اللحوم في فترة الأعياد وما تبعها إلى ضعف ما كانت عليه من قبل، ليسجل الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم 190 ليرة تركية، بعدما كان قبل نحو شهرين بـ 80 ليرة، وتُعزى ارتفاع أسعار المواشي في شمال غربي سورية بسبب عمليات التهريب نحو مناطق سيطرة النظام، ومناطق الإدارة الذاتية كما تتأثر الأسعار بارتفاع أسعار الأعلاف ومستلزمات تربية المواشي، في حين يعاني المقيمون بالمنطقة من تدني مستوى الدخل والأجور.

كما حددت وزارة الاقتصاد والموارد في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، أسعار شراء القمح القاسي الصافي من الدرجة الأولى من الفلاحين بـ 320 دولار أمريكي للطن الواحد (32 سنت للكيلوجرام)، وقدر الإنتاج الأولي لهذا العام من القمح بـ 99 ألف طن.

في إطار التعافي المبكر، استمر العمل على مشاريع تعبيد الطرقات الرئيسية والفرعية داخل البلدات والمدن في اعزاز والباب و جرابلس، وأنشأت العديد من المدارس في المنطقة مثل مدرسة الخوارزمي في اعزاز ومدرسة شرعية في عفرين وترميم عدد من المدارس في جنديرس، ومن بين أبرز المشاريع التي يتم العمل عليها تجمع سكني لإسكان النازحين حيث وضع حجر الأساس للمشروع السيد سليمان صويلو وزير الداخلية التركي والسيدة فاطمة شاهين رئيسة بلدية غازي عينتاب برفقة رؤساء المجالس المحلية لمدن جرابلس والباب والراعي والغندورة على أرض المطار الزراعي في ريف الغندورة بجرابلس حيث سيتم بناء 240 ألف مسكن في غضون 3 سنوات.

 
التصنيف تقارير خاصة

الملخص التنفيذي:

  • يأتي مسار التطبيع ضمن إطار البحث  عن صيغ تفاهم جديدة بشأن الملف السوري، متجاوزاً  "إزاحة الأسد" وتعلي من شأن دينامية "التواصل الإقليمي" ومتطلباته وتفصله عن مسار الحل السياسي، إلا أنه من الواضح أنّ انفتاح النظام تجاههما متباين، إذ يظهر حماسة تجاه مسار التقارب العربي بينما يناور في الانفتاح مع أنقرة.
  • لا يزال المسار في طور التشكل والاختبار، ولعلّ أهم معوّق في عدم تناميه يرتبط بغياب التصور وافتقاد أدوات التنفيذ  لا سيما أن ّ الاختلافات في الملفات التفصيلية أكبر من التوافق السياسي، كما إنّه من غير الواضح مدى تلمس حدود ومقومات وأهداف وآليات هذا التصور النهائي.
  • يمثّل التخوف التركي من تداعيات الانسحاب من شمال غرب سورية تحدياً أمنياً كبيراً خاصة في ظل استمرار الادارة الذاتية بامتلاك أدوات القوة في شمال شرق سورية، إضافة إلى أنّ الانسحاب سيسهم في عودة تدفق اللاجئين الرافضين للنظام إلى تركيا سيما في ظل الاستقطاب الحاد الذي تعيشه داخلياً، وعملياً، فإنّ عدم قدرة النظام على توفير بيئة مشجعة لعودة اللاجئين سيقوض من تلك الجهود.
  • إنّ مسار التطبيع وإن تم بالشكل الذي يأمله النظام، فإنّه من المتوقع أن يصطدم بعدة عراقيل في مقدمتها الموقف الغربي والأمريكي الذي لا يزال يراهن على بقاء "الغموض البنّاء"، إضافة إلى الانغماس الإيراني في الملف السوري، وانتشار التجارة غير الشرعية لا سيما تجارة المخدرات التي باتت تشكل أرقاً لأمن دول المنطقة.
  • يواصل نظام الأسد تمسكه بسياسة "الصبر الاستراتيجي" مراهناً على تبدل الظروف الإقليمية والدولية، وساعياً للاستثمار بالمتناقضات دون تقديم أي تنازلات موضوعية ضمن مؤشرات وازنة تُحقق تقدّماً ملموساً ضمن متطلبات الدول الساعية للتطبيع، وقد رسخ نتاج الفترة الماضية قناعة لدى الأسد بضرورة مواصلة التعنت بما أنّه يفي بالغرض ويجلب المكاسب وإن كانت شكلية لا تؤدي لاستعادة النظام وزنه لكنها تكفي لاستمراره في السلطة.

مدخل

شهد الحراك السياسي والدبلوماسي الإقليمي تجاه ملف التطبيع منذ العام 2018 تفاعلاً كبيراً عقب زلزال الذي ضرب سورية وتركيا في شباط/ فبراير 2023 ، إذ دفع لتعزيز مسارات سابقة وزيادة قابلية الدول المترددة للانفتاح على النظام، ويمكن بلورة هذا الحراك بمسارين؛ يرتبط الأول بحراك عربي تزداد وتيرته وتتمايز أدواره بين دافع ومنتظر ورافض، بينما تعود أسس المسار الثاني إلى توافقات سابقة بشأن "تجميد النزاع" في شمال غرب سورية بين كل من روسيا وإيران وتركيا، إضافة لتطورات نجمت عن تقلبات في المشهد الدولي تمظهرت في نزاعات نشبت في أذربيجان وأوكرانيا، أو في تحديات داخلية للدول كما في حالة تركيا التي غيّرت من سياساتها الخارجية لاعتبارات "تجاوز الإشكاليات" مع جيرانها، ولانتهاج مقاربة جديدة لملف السياسة الإقليمية. وفقاً لأعلاه سيركّز تقدير الموقف هذا على فهم حركيّة هذه المسارات ودورها في رسم مقاربات التطبيع، في ظل المواقف الإقليمية والدولية وخرائط المصلحة المتغيّرة، كما سيعمل على تبيان معوقات هذا المسار وآثاره على المشهد السوري.

توصيف السياق:حراك أمني - دبلوماسي واسع

حفّز الحراك الثنائي العربي والتركي ومؤشرات التقارب مع النظام باختلافات سياقاتها وظروفها على تهيئة بيئة سياسية-إقليمية جديدة للتعاطي مع المشهد السوري من منطلقات رفض الوضع القائم وضرورة إيجاد حل ينهي الاستعصاء.

فمن جهة أولى، ارتبطت دوافع المسار العربي بمحددات جيبولتيك الطاقة، حيث بدأت عمّان أول مبادرة فعلية لإعادة دمج النظام في محيطه الإقليمي، من خلال اللاورقة التي حملها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين إلى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أواخر العام 2021، متضمنةً خمسة بنود شملت "صياغة نهج تدريجي نحو حل سياسي على أساس قرار مجلس الأمن رقم ((2254 وبناء الدعم للنهج الجديد بين الشركاء الإقليميين والدوليين والسعي لاتفاق مع روسيا على هذا النهج، كذلك الاتفاق على آلية لإشراك النظام ضمن نهج الخطوة بخطوة"([1])  ثم تلاها الاتصال الأول من نوعه بين الملك عبد الله وبشار الأسد لبحث المبادرة.

بالتزامن مع ذلك، سرعان ما برز حراك غير مسبوق بلقاءات على مستوى وزراء الطاقة ممثلين عن دول الأردن ولبنان ومصر والنظام، من أجل التشاور حول خط الغاز العربي الذي كانت الأطراف تعتبر إعادة تفعيله يمكن أن يعزز خارطة طريق مهمة لاستعادة النظام لحضوره الإقليمي وتشجيعه على الانخراط في المسار كجزء من أدوات بناء الثقة([2])، لكن عدم قدرة النظام على الإيفاء بالمطالب الأردنية بشأن ضبط الحدود أدى لتلكؤ الاندفاع الأردني. مع هذا التريث، سعت الإمارات لإعادة ترتيب الظروف الإقليمية مستفيدةً من الخطوات الممهدة التي قامت بها من خلال استئناف العمل الدبلوماسي في السفارات منذ أواخر العام 2018([3])، وبالفعل خلال المرحلتين أي التمهيد ومن ثم الانخراط غدت الإمارات وسيطاً أساسياً في توسيع قاعدة الدول المتفاعلة مع هذا المسار من خلال فك العزلة عن النظام، تعزيزاً لدور إقليمي أوسع تكون "سورية" إحدى مداخله.

 تزايدت وتيرة التطبيع أواخر العام 2021 بعد زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان ولقاء بشار الأسد، وهي الأولى من نوعها لوزير عربي يزور دمشق منذ انقطاع العلاقات، الخطوة على ما يبدو أتت عقب اختبار جدية الطرح الأمريكي بخصوص نية العقوبات على اعتبار أنّه بقي ضمن إطار التصريحات التحذيرية دون أن يأخذ بعداً إجرائياً([4]).

خلّفت هذه الزيارة أرضية مناسبة لتوسع المسار، فانخرطت تباعاً عدة دول ضمنه: كتونس ومصر، فيما وسّعت أخرى لم يسبق لها قطع علاقاتها مع النظام من حراكها الإقليمي مثل: الجزائر والعراق ولبنان والبحرين وسلطنة عمان -ثاني الدول التي زارها الأسد- أملاً بإعادة النظام إلى الجامعة العربية خلال قمّة الجزائر عام 2022، شاهدةً على أكبر حراك دبلوماسي إقليمي-عربي في المنطقة بخصوص الملف.  ثم تبع ذلك جهوٰد استثنائية من نافذة "دبلوماسية الكوارث" ضمن كارثة الزلزال الذي ضرب سورية([5])، لتعزيز مواقف الفاعلين أو الموقف العربي تجاه التطبيع وقد استطاع بالفعل استقطاب دول تقود جهوداً معرقلة أهمها السعودية التي أرسلت قافلة مساعدات إلى دمشق كانت الأولى من نوعها وفتحت باباً للتواصل مع الأسد([6])، لترتسم ملامح التوجّه الجديد في الخطاب السعودي بشكل أوضح بشأن الملف السوري بعدما نبّه وزير الخارجية فيصل بن فرحان لضرورة البحث عن آلية تواصل مع دمشق عقب الحدث وبعدها تم في 18 نيسان/ أبريل 2023، عقد لقاءات متعددة من خلال زيارة وزير خارجية النظام فيصل مقداد للرياض، ولقاء وزير الخارجية السعودي ببشار الأسد في دمشق. بكافة الأحوال، فإنّ التغيير في الموقف السعودي قد يتبعه تحولات في المواقف الإقليمية العربية ولا سيما من الجانبين اليمني والمصري، الأخير الذي عزز من طبيعة تواصله السياسي والدبلوماسي مع النظام إثر اتصال جرى هو الأول من نوعه على مستوى الرئاسة بين بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي، وتبعه زيارة وزير الخارجية المصرية لدمشق، مما أشار لتوفر أرضية إقليمية لصياغة توافقات أولية تجلت بزيارة ممثلين عن مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي لسورية، وسبقها بيان للاتحاد يؤكد على "ضرورة عودة سورية إلى محيطها الإقليمي".

من جهة ثانية، فقدت تركيا أوائل العام 2020 الرغبة بالاعتماد على ذات المنهجية في سياساتها الخارجية تجاه النظام، بعد تهاون حلف شمال الأطلسي بدعم العمليات العسكرية التركية شمال غرب سورية إثر انزلاق العلاقات مع الجانب الروسي بشأن تطبيق اتفاقية سوتشي ((2018 ووصولها إلى حد المواجهة المباشرة بين تركيا والنظام؛ مما دفع أنقرة بانتهاج  مقاربة " إعادة التوازن في العلاقة مع روسيا"،  والتي مهدت للقاء تركي غير مباشر مع النظام على شكل وساطة روسية بعد قمة موسكو في 10 آذار/ مارس 2020، أكدت فيه على "احترامها لسيادة الأراضي السورية والاتفاقيات الثنائية مع النظام"، بما فيها اتفاقية أضنة ((1998، التي تعتبر أبرز المبررات القانونية لخوض تركيا عملياتها العسكرية في سورية، كما أنّ محدد ضمان وحدة الأراضي السورية كان مشجعاً لدى الأطراف للخوض في مسار اختبار التطبيع، وقد بات ذلك واضحاً بتسارع العلاقات بين الجانبين التركي والنظام، من خلال لقاءات على مستوى الاستخبارات جرت على مدار أعوام 2019-2021 بررها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ضمن التعاون "لمحاربة التنظيمات الإرهابية".

ثمّ تطور المسار لدى انعقاد قمة طهران في 19 تموز/ يوليو 2022، التي كشفت وجود ملامح تعاون أولي بين تركيا وروسيا وعودة الحضور الإيراني ضد السياسات الأمريكية في سورية، كما شجعت الوعود الأمنية والاقتصادية من قبل الجانبين الإيراني والروسي الجانب التركي للتفكير برفع مستوى الانخراط بمسار اختبار التطبيع مع النظام، الذي توضحت أولى خطواته بعد ثلاثة أشهر، بكشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن لقاء جمعه بفيصل المقداد وزير خارجية النظام على هامش قمة عدم الانحياز في العاصمة الصربية بلغراد. وتصاعد الحراك ليصبح علنياً ضمن "خارطة طريق" تجسدت بلقاء جمع وزراء الدفاع التركي والنظام في موسكو نهاية العام 2022، ووصل لحدود إشارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نهاية شهر كانون الثاني/ أكتوبر 2023، بإمكانية رفع مستوى الحوار السياسي للرئاسي في إطار "عملية سلام" كما سمّاها في المنطقة، كما دفعت القابلية التركية تجاه هذا المسار، نحو خطوات سياسية أخرى تجلّت بعقد جولة في 10 أيار/ مايو2023، على مستوى وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا والنظام.

بالمجمل، يأتي المساران ضمن إطار البحث عن صيغ تفاهم جديدة بشأن الملف السوري من منطلقات تجاوزت معادلة "إزاحة الأسد" وتنظر إلى المشتركات والمصالح الإقليمية وتعلي من شأن دينامية "التواصل الإقليمي" ومتطلباته وتفصله عن مسار الحل السياسي، لكن من الواضح أنّ انفتاح النظام تجاههما متباين، فيما يبدو أنّه متحمس أكثر  تجاه المسار العربي، بينما يناور  في الانفتاح التركي وذلك يعود لصعوبة ثقته بالموقف التركي رغم الوساطة الروسية، إضافة لإدراكه لصعوبة تقديم أنقرة لتنازلات يريدها تحسم المعركة السورية لصالحه، على عكس الموقف العربي الذي يرفع من حظوظه الإقليمية والاقتصادية([7])، ما يمكن قوله إنّ المسارين انتقلا إلى مستويات جديدة سياسية ما بعد أمنية على الأقل التركي بعد لقاء على مستوى الوزراء، أو "استعادة النظام لمقعد سورية في الجامعة العربية".

التطبيع وثنائية الدوافع والمتطلبات الموضوعية

يرجع الإجماع لإعادة النظام إلى محيطه الإقليمي لإدراك "عبثية إبقاء الوضع القائم" بعد تراجع دعم المعارضة السورية وحظوظها في معركتها الصفرية مع النظام، وضرورة إعادة تعريف مواقفها من النظام انطلاقاً من مصالح أمنية أو تحديات داخلية أو تفاعلات إقليمية (انظر الشكل رقم 1)، ففي الحالة التركية فإنّها تتلخص  بتظافر هذه المنطلقات بدءاً من الاستحقاق الانتخابي في 14 أيار/ مايو 2023 والذي يرتبط بملف اللاجئين كونه أضحى ميداناً للاستثمار والتوظيف الحزبي، مروراً بضرورة محاصرة الإدارة الذاتية وما تحدثه من " تهديدات لأمن تركيا القومي"، وصولاً إلى الاستجابة للمتغيرات الدولية والاقليمية حيث تطمح أنقرة في "تعزيز فرص التكامل الإقليمي" ضمن تفاعلات الانفتاح العربي على النظام سيما تعزيز علاقاتها مع الجانب الروسي وإدارة علاقتها مع  الجانب الغربي والأمريكي ضمن سياسة "الحياد الإيجابي".

بينما ترى السعودية في تطبيع العلاقات، فرصة لأجل دفع العملية التفاوضية والتعامل مع عملية تهريب المخدرات  باعتبارها مهدد أمن مجتمعي ولإنهاء التوترات الإقليمية في المنطقة خاصة لدى دول الطوق ناهيك عن طموح استعادة الحضور الإقليمي العربي في قضايا المنطقة والتي تتسق مع رؤية 2030 التي تتبعها المملكة،  حيث دفعت بضرورة انطلاق مسار عربي جديد يحرك جمود المشهد السياسي ([8]) ويعيد تعريف ثقلها فيه من جهة، ويؤمن لها مساحة مناورة مع الفاعل الأمريكي بجانب رفض التكيف مع الأدوات التقليدية ومحاولة استخدام أدوات نوعية منسجمة مع المتطلبات الراهنة من جهة ثانية. في حين تعمل الإمارات على الملف من بوابة تعزيز حضورها الإقليمي النوعي([9]) واستعادة العلاقات الاقتصادية، إلا أنّها ما زالت تحاول منح النظام طوق نجاة دون إنعاشه بشكل كامل ريثما تنضج المعادلة الإقليمية ([10]).

أمّا على صعيد الأردن، فإنّها تندفع بتطبيع علاقاتها مكللةً بآمال تقليص قدرة الميليشيات المدعومة إيرانيا وشبكاتها العابرة للحدود ومنح النظام فرصة لمكافحة التجارة بالمخدرات، ويشكّل العامل الاقتصادي أهمية لدى الجانب الأردني على اعتبار أنّ سورية تمثل متنفساً لها، وتولي دول الطوق بما فيها الأردن اهتماماً بحل ملف اللاجئين السوريين من خلال استئناف العلاقات مع النظام وتعزيز التفاهمات مع الجانب الروسي بعد اليأس من إمكانية إيجاد حل دولي([11]) بينما ترغب مصر  (المنضمة لمجموعة 5+2) ([12])،استعادة دورها الجيوستراتيجي بالمنطقة رغم حفاظها على توزان علاقاتها مع النظام وتأطير التطبيع معه ضمن هوامش تعزيز التفاوض والدفع لأجل التوصل لحل سياسي([13]).

 

بالمقابل يحتاج مسار التطبيع العربي لتبلور مجموعة من العوامل الأساسية لتحقيق شروط إنجازه (انظر الشكل رقم 2)، فهو لايزال ضمن طور الاختبار العام، باعتباره خطوة ( كما يوضح الفاعلون) باتجاه التوصل لصيغ تفاهم جديدة في الملف السوري، وهذا ما سبق واستندت عليه السعودية في تحديد موقفها إذ ربطت تواصلها السياسي الأخير بأهمية إيجاد حل ورفض الوضع القائم في سورية([14])، ٰكما  يفتقر مسار التطبيع الإقليمي مع النظام، لعنصر التوافق، فما زال الموقف القطري والكويتي والمغربي بالتحديد رافضين لخطوة التطبيع على اعتبار أنّ نهج الأسد لم يتغير ليكون مشجعاً للمضي نحو ذلك ولا يوجد أي تقدم في ملفات المعتقلين والبيئة الملائمة لعودة المهجرين والعملية السياسية، ومع ذلك لم يعطلوا استعادة الأسد للمعقد "تماهياً مع الاجماع العربي".

كما يبدو أنّ الأردن متشجعة لمسار ثنائي أو إقليمي بشرط تذليل العقبات وإنهاء هواجسها بالتعاون معها بخصوص ملف المخدرات ([15])، مقابل ذلك صحيح أنّ خطوات الانفتاح المصري كانت متسارعة أثناء كارثة الزلزال، لكنها متسقة مع تطور الموقف السعودي، الذي يشهد تغيراً في التعاطي مع الملف، وقد تجلى بلقاء على مستوى الخارجية مع النظام، والحراك ضمن أروقة الجامعة العربية لمناقشة عودة مقعد سورية للنظام. في حين، لا تقل التحديات الأمنية صعوبةً، فما زالت الأردن ترى في انتشار الميليشيات المدعومة إيرانياً على طول حدودها تهديداً كبيراً لأمنها القومي وتحدياً للتطبيع، ولا سيما وأنّها تحوّلت إلى دولة عبور مهمة لتجارة المخدرات ولطالما أكّد الملك عبد الله عن الاستياء من تهديد أمن البلاد القومي ولعلّ إفراط شبكات النظام العسكرية خاصة الفرقة الرابعة -المتورطة مع القوات الإيرانية بتجارة المخدرات- بالاعتماد على سوق الحرب يقلل من حظوظ وفرص التطبيع ([16]).

 

 

إضافة لذلك، يمكن إضافة الموقف الغربي والأمريكي الرافض لهذا المسار كأحد أبرز العوامل المؤثرة في مسار التطبيع لا سيما ببعده الاقتصادي واستمرارية أداة العقوبات ([17]) إذ لا يزال الاعتبار الأوربي-الأمريكي حاضراً في تحديد الموقف العربي.

اتجاهات التطبيع: مسار تفاوضي تقني طويل 

لعلّ أهم معوّق في هذا السياق يرتبط بعدم تبلور التصور وافتقار الدول العربية لأدوات تنفيذ مبادرة عمّان وهو ما انعكس بصيغ "اللجان المعنية" مما يؤكد أنّ الاختلافات في الملفات التفصيلية أكبر من التوافق السياسي، كما  إنّه من غير الواضح مدى تلمس حدود ومقومات وأهداف وآليات هذا التصور النهائي، مما ينذر بغياب البديل عن إطار القرارات الدولية في مجلس الأمن، وقد أثبتت التجربة الأردنية مدى صعوبة تحويل الاختبار إلى خارطة طريق رغم الحوافز التي قدمتها للأسد بعد الاستعصاء الذي شهده مسار الخطوة بخطوة خلال عامي 2021-2023، وبالفعل انطلقت قطر من ذات التبرير لتؤكّد أنّ القرار الأممي (2254) هو الخيار الأمثل للحل السوري)[18](.

أمّا فيما يتعلق بالمعوقات التركية؛ وهي الاكثر تأثيراً على تغيير خارطة النفوذ العسكرية المتجمدة (انظر الشكل رقم 3) فإنّ حجم الملفات التقنية المرتبطة بأنماط الحكم في سورية، يسهم في تشكيل موقف ثابت معوّق للتطبيع  برفض انسحاب الجيش التركي من شمال غرب سورية، خاصةً وأنّ النظام يطالب بجدولة الانسحاب قبل الخوض في إمكانية إجراء المحادثات الثنائية على المستوى السياسي، الخطوة التي ترفضها تركيا بشدّة معتبرةً وجودها ضمانة لحفظ أمنها القومي، ورغم الحراك الدبلوماسي لا يبدو بأنّ الجانب التركي سيتراجع عن الموقف، خاصةً بعدما علل ذلك بمخاطر أمنية مرتبطة بملف اللجوء خلال توكيد الخارجية التزامهم بموقف إبقاء القوات عقب لقاء ثانٍ جمع وزراء الدفاع في العاصمة الروسية موسكو([19]).

في حين، يمثّل التخوف التركي من تداعيات الانسحاب من شمال غرب سورية تحدياً أمنياً كبيراً خاصة في ظل استمرار الادارة الذاتية بامتلاك أدوات القوة في شمال شرق سورية، إضافة إلى أنّ الانسحاب سيسهم في عودة تدفق اللاجئين الرافضين للنظام إلى تركيا سيما في ظل الاستقطاب الحاد الذي تعيشه داخلياً، وعملياً، فإنّ عدم قدرة النظام على توفير بيئة مشجعة لعودة اللاجئين سيقوض من تلك الجهود التي ترمي من خلالها تركيا وتحالف حزب العدالة والتنمية إلى تقليل حجم الاستثمار فيه ضمن الحياة السياسية الداخلية.

من جهة أخرى، يعتبر الموقف الغربي والأمريكي معرقلاً لتلك المساعي بكونه رافضاً للتطبيع ككل، بينما تركيا حريصة على توزان علاقاتها، لهذا فإنّ إحداث تغيير واضح في سياسة الحياد الإيجابي لم تظهر مؤشرات وازنة له بعد، والأكثر تعقيداً في هذا السياق هو صعوبة معالجة روسيا وإيران والنظام لملف الإدارة الذاتية بشأن إنهاء تواجدها عبر العلميات العسكرية التي تطمح أنقرة لتنفيذها فلا تزال كلمة الفصل هنا مرتبطة بالتموضع الأمريكي ونوعيته.

 

 

كما يتحدد الموقف التركي بمكان في سياق التقارب بالعملية السياسية باعتبارها تحفظ التزاماتها تجاه المعارضة السورية، حيث تدفع لإيجاد صيغة توافقية لإشراكها ضمن المعادلة السورية وفي أطر حلولها وهو أمرٌ مرفوض لدى النظام لإصراره على الحل الصفري العسكري من خلال الإطاحة بخصومه واستعادة سيطرته على كافة الأراضي السورية.

ولأسباب ذاتية متسقة مع بنية النظام وفلسفته الداخلية والخارجية (انظر الشكل رقم 4)؛ فإنّه يصعب عليه تذليل مجموعة من العقبات أمام مسار التطبيع، فما عدا التحديات الإقليمية لكل مسار ولكل دولة على حدة، فإنّه يتحمل مسؤولية التعامل مع ملف المخدرات والكبتاغون على اعتباره من الملفات الساخنة التي تطالب دول كالأردن باتخاذ خطوات عملية لحله.  كما ليس من اليسير عليه العمل الجدي على حل ملف التموضع الإيراني في سورية لكونه جزءاً أساسياً من تشكيله العام، وداعماً له خلال سنوات صراعه مع المجتمع السوري، أمّا بخصوص اللاجئين فيحتاج النظام إلى أرضية آمنة لا يستطيع توفيرها لاعتبارات اقتصادية وأمنية وسياسية، هذا ما عدا الاعتبارات السياسية لدى اللاجئين أنفسهم الذين يربطون العودة بالتحول السياسي والبيئة الآمنة التي توفر عودة كريمة.

وتشكّل قدرة النظام على تغيير طبيعته وسلوكه ونهجه عاملاً بارزاً، فأي تنازل يمكن أن يقدّمه سيعتبر خرقاً غير مسبوق سيما وأنّ طبيعته ذات النمط الثابت والصفري في التعامل مع الملفات تشير لمدى أهمية هذا التحدي، مما يغلب البعد الشكلاني في أي تنازل؛ كما أنّ التغيير لا يشمل فقط التعاطي مع الملفات الداخلية وإنما نهجه الخارجي وعدم العبث في معادلات أمن المنطقة.

 

 

في المجمل، يواصل الأسد تمسكه بسياسة "الصبر الاستراتيجي" بالمراهنة على تبدل الظروف الإقليمية والدولية، ساعياً للاستثمار بالمتناقضات دون تقديم أي تنازلات موضوعية ضمن مؤشرات وازنة تُحقق تقدّماً ملموساً ضمن متطلبات الدول الساعية للتطبيع، وقد رسخ نتاج الفترة الماضية قناعة لدى الأسد بضرورة مواصلة التعنت بما أنّه يفي بالغرض ويجلب المكاسب وإن كانت شكلية لا تؤدي لاستعادة النظام وزنه لكنها تكفي لاستمراره في السلطة.

ختاماً

 يمكن قراءة "مسارات التقارب" واستعادة النظام لمقعد سورية في الجامعة العربية أنّها تندرج ضمن إطار منحه فرصة لتحسين سلوكه وتغيير منهجه في التعامل مع الملفات الأمنية المطلوبة منه أكثر منها السياسية، ولا سيما بشأن التنسيق على المستوى السيادي في ملف المخدرات. مع ذلك فالعودة لا تعني استعادة حضوره في المنطقة بشكل كامل وهذا ما أكّد عليه بيان الجامعة العربية، من خلال الإشارة إلى ضرورة عدم ربط العودة بحل "الأزمة" السورية، كما أنّ الدور العربي محصور بالعلاقات السياسية دون إحداث قدرة في تغيير واقع "تمترس الجغرافيا" على عكس التركي الذي سيواجه صعوبات في مسار التفاوض التقني مع النظام.

إنّ مسار التطبيع وإن تم بالشكل الذي يأمله النظام، فإنه من المتوقع أن يصطدم بعدة عراقيل في مقدمتها الموقف الغربي والأمريكي الذي لا يزال يراهن على بقاء "الغموض البنّاء"، والانغماس الإيراني في الملف السوري، وانتشار التجارة غير الشرعية لا سيما تجارة المخدرات التي باتت تشكل أرقاً لأمن دول المنطقة، ناهيك عن صعوبة تجاهل القرارات الدولية أو تجاوز الملف الحقوقي الخاص بالانتهاكات والجرائم التي قام بها النظام.

إذاً: تخلق الحركيّة الجارية في الإقليم مساحات للنظام من أجل المناورة وأحياناً تكون غير مشروطة ولا تحتاج لتقديم تنازلات، لهذا يفضّل الأسد العلاقات الثنائية وبدرجة أقل تعزيز الإقليمية فمهما تطورت الأخيرة ستبقى أقل خطورة على بنيته ولا تتطلب تنازلات غير قادر على تقديمها، ربما لهواجسه بخصوص ما يترتب على نسج التوافق الإقليمي خلال المراحل القادمة بما فيها التماهي مع المسارات واستيفاء نهج الخطوة بخطوة الذي اعتبره العرب متمماً للقرارات الدولية.

 


([1]) فرنجية : "العربي الجديد ينشر مضمون "اللاورقة" الأردنية للحل في سورية"، العربي الجديد، 12 تشرين الأول 2021، الرابط: https://cutt.us/5WbeD

([2]) هشام حاج محمد: "خط عربي عبر سوريا"، الجمهورية، 23 تشرين الثاني 2021، الرابط: https://cutt.us/BBWVu

([3]) "الإمارات تعيد فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق"، عربي BBC، 27 كانون الأول2018 ، الرابط: https://cutt.us/8jrju

(5) Joseph Daher, The UAE and Damascus: The Normalisation of the Syrian Regime, 15 November 2021, Link: https://cutt.us/qoHt3

([5]) فاضل خانجي: "دبلوماسية الكوارث: سياسات التطبيع مع النظام في سورية"، 9 آذار2023 ، مركز عمران للدراسات، الرابط: https://cutt.us/OnEDk

([6]) "فرق بحث ومساعدات سعودية رسمية لسوريا.. ومصدر يكشف وجهتها"، الحرة، 10 شباط 2023، الرابط: https://cutt.us/qd0oK

([7])"سياسات التطبيع مع النظام السوري: انقسام إقليمي ودولي"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 6 شباط 2023،الرابط: https://cutt.us/7NcXm

([8]) "صدور بيان مشترك في ختام زيارة وزير الخارجية السوري للمملكة"، وكالة الأنباء السعودية، 12 نيسان 2023، الرابط: https://cutt.us/9gwvX

([9]) "التطبيع الإماراتي مع النظام السوري: خلفياته وأهدافه"، المركز العربي للأبحاث، 16 تشرين الثاني 2021، الرابط: https://cutt.us/o333X

([10]) "مجلس الأعمال السوري الإماراتي التجارة بين البلدين في المرتبة الأولى عربياً"، تلفزيون سوريا، 28 آب 2022، الرابط: https://cutt.us/tEtjZ

([11])  أرميناك توكماجيان: "تجارب الأردن تسلط الضوء على حدود العلاقات المتجددة مع سورية"، 6 آذار 2023، الرابط: https://cutt.us/RjIoP

([12])  وهي مجموعة تشكّلت العام 2018 مؤلفة من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والسعودية ومصر والأردن بهدف زيادة التنسيق والتواصل بخصوص الملف السوري ودفع العملية السياسية.

([13]) "معوقات في طريق تطبيع علاقات مصر مع النظام السوري"، العربي الجديد، 11 نيسان 2023، الرابط: https://cutt.us/6POMP

([14]) في 12 نيسان التقى وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان، بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد في الرياض بزيارة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الثورة.

([15]) "رويترز "الأردن سيقترح في قمة جدة خطة سلام لإنهاء الأزمة السورية"، تلفزيون سوريا، 14 نيسان 2023، الرابط: https://cutt.us/EQO5o

([16])  أرميناك توكماجيان: "الأردن يتلمس طريقه بحذر نحو التقارب مع سورية"، مركز مالكوم كير-كارنيغي، 24 أيار 2022، الرابط: https://cutt.us/S4cLz

([17])  فرض الاتحاد الأوربي عقوبات بحق 25 فرداً و8 كيانات منهم منحدرون من عائلة الأسد، في توقيت مهم يشهد خلاله مسار التطبيع تقدماً ملحوظاً، لتحمل تلك الخطوة رسائل موجّهة بثبات الموقف الغربي رغم التبدلات الإقليمية.

([18])  "قطر: القرار الدولي2254 هو الطريق الوحيد لحل مستدام في سوريا"، المدن، 26 نيسان 2023، الرابط: https://cutt.us/7nx11

([19]) " تركيا تجدد رفضها الانسحاب من سوريا"، الشرق الأوسط، 25 نيسان 2023، الرابط: https://cutt.us/OBOIl

 

التصنيف تقدير الموقف

ملخص عام

يستعرض هذا التقرير أهم الأحداث السياسية الأمنية والاقتصادية في سورية خلال شهر نيسان، حيث شكًّل التقارب العربي مع نظام الأسد عنوان المشهد السياسي السوري في هذا الشهر، والذي تمثل بزيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق بعد مقاطعة رسمية استمرت لأكثر من عقد، وتبادل السفراء بين دمشق وتونس واستقبال وزير خارجية الأسد في مصر والجزائر. وعلى الصعيد الأمني، لم تشهد الساحة السورية تغييرات جوهرية مع استمرار الغارات الإسرائيلية في استهداف مواقع عسكرية وأمنية تشرف عليها المليشيات الإيرانية في دمشق وريفها والسويداء ودرعا والقنيطرة وحمص، إضافة إلى  إعلان أنقرة أنها قتلت زعيم تنظيم الدولة، "أبو الحسين الحسيني القرشي" في شمال غربي سورية. أما على المستوى الاقتصادي فلا تزال قضية نقص المواد الأساسية وارتفاع الأسعار هي الثابت الأبرز في المشهد، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 100% بحلول نهاية شهر رمضان.

مسار التقارب العربي مع النظام: خطوات متسارعة

شكًّل التقارب العربي مع نظام الأسد عنوان المشهد السياسي السوري خلال شهر نيسان، حيث أعادت تونس افتتاح سفارتها في دمشق، واستُقبل وزير خارجية النظام فيصل مقداد في كل من مصر والجزائر؛ كما زار وزير الخارجية السعودي دمشق بعد مقاطعة رسمية استمرت لأكثر من عقد، وتأتي هذه الزيارة بعد حراك دبلوماسي عربي بقيادة السعودية والأردن والإمارات لإعادة التواصل مع نظام الأسد كمحاولة منها لما اعتبرته "لملمة القضية السورية التي باتت عبئاً يثقل كاهل دول الإقليم بأسره"، ويحمل هذا التقارب عدة مطالب منها الإصلاح السياسي وتهيئة بيئة آمنة لعودة اللاجئين.

بات واضحاً أن التقارب العربي مع النظام أصبح مسارا جديداً للتعاطي مع الملف السوري ولا يبدو أنه يسير وفق رؤية أو خارطة طريق واضحة لتحقيق النتائج المرجوة في نهاية هذا المسار. في المقابل، يماطل نظام الأسد في مسار التقارب مع تركيا، بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات التركية القادمة، من خلال الإصرار على جدولة انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية كشرط لإعادة العلاقات بين البلدين وهو أمر ترفض أنقرة وضعه على أجندة المناقشات في هذه المرحلة.

أما على صعيد أجسام المعارضة الرسمية التي لا تمتلك خيارات حركة نوعية، فبالإضافة إلى رفضها للتطبيع مع الأسد حرصت على لقاء عدة سفراء ومبعوثين أوروبيين في دولة قطر، بالتزامن مع استمرار الخطاب الغربي على وتيرته والذي يدعو إلى عدم التطبيع مع الأسد قبل تنفيذ القرارات الأممية، مع تأكيد بيدرسون أن العملية السياسية في سورية أصبحت "على مفترق طرق حرجة".

من جهتها وتماهياً مع السياق العام  طرحت "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"، مبادرة أسمتها بـ الحل السلمي للأزمة السورية، وفق القرارات الأممية بعد فشل جميع المبادرات الدولية، داعية "حكومة دمشق" لاتخاذ إجراءات عاجلة لتسريع الحل، مبدية جاهزيتها للحوار، وتقاسم الثروات مع الجميع. كما أشار قائد قوات قسد مظلوم عبدي أنه يأمل في "انضمام قواته مستقبلاً إلى الجيش السوري وتطوير علاقات إيجابية مع النظام لكن الأخير "يتعنت" في ذلك. وفي سياق تدهور أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، أعلنت الإدارة الذاتية أنها مستعدة لاستقبال هؤلاء اللاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي، وأن أبوابها مفتوحة لكل السوريين دون تمييز كواجب إنساني واخلاقي ووطني. تحاول الإدارة الذاتية التحرك وفق المعطيات السياسية الجديدة وإيصال رسائل لدول الإقليم، التي تتقارب مع نظام الأسد، تفيد بقدرة الإدارة، كفاعل محلي سوري يمكن الاعتماد عليه، على لعب أدوار مؤثرة في الملفات التي تهم هذه الدول كمحاربة الإرهاب، ومنع تصدير المخدرات، وعودة اللاجئين.

عمليات أمنية لا تغير حالة الجمود في المشهد العام

لا تغيير في قواعد التعاطي الأمني تجاه "المسرح السوري"، ضمن سياق الاستراتيجية الإسرائيلية لتقويض النفوذ الإيراني، استهدفت بغارات جوية وضربات صاروخية عدة مواقع أمنية وعسكرية في دمشق وريفها والسويداء ودرعا والقنيطرة وحمص، شملت الغارات منظومات للدفاع الجوي في محيط مطار دمشق الدولي ومستودعات أسلحة وذخائر في ريف حمص والسويداء. كما تمكنت قوات التحالف الدولي بعملية أمنية في إدلب من قتل القيادي البارز في تنظيم الدولة، "خالد عيد أحمد الجبوري"، صاحب الجنسية العراقية والمسؤول عن التخطيط لهجمات إرهابية في أوروبا، وتطوير قيادة شبكة التنظيم. في حين أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية القيادي في تنظيم "حراس الدين"، "سامي العريدي"، على قوائم الإرهاب باعتباره "إرهابياً عالمياً محدَّداً بشكل خاص. من جهتها، أعلنت المخابرات التركية مقتل زعيم تنظيم الدولة، "أبو الحسين الحسيني القرشي" بعملية نفذتها في شمال غربي سورية، وذلك ضمن محددات الأمن القومي التركي في مكافحة الإرهاب.

في درعا، قُتل 32 شخصاً في عمليات اغتيال، بالإضافة إلى 17 آخرين في حوادث أمنية متفرقة على مدار الشهر، ويأتي ذلك في سياق استمرار حالة الفوضى الأمنية التي تعم في المحافظة والتي تشير إلى فشل النظام وعدم قدرته على إعادة الاستقرار إلى المناطق الخاضعة لسيطرته دون تحقيق حل سياسي حقيقي يحقق طموحات السوريين.

نقص المواد الأساسية وارتفاع الأسعار: الثابت المستمر

استمر الاستنزاف في قيمة الليرة السورية لتصل إلى 8250 ليرة مقابل الدولار مع تراجع قدرة المصرف المركزي على التدخل في السوق، رغم زيادة الكتلة النقدية بالليرة السورية خلال 20 – 25 يوماً بـ4 ترليونات ليرة بفضل ورود 100 مليون دولار من الحوالات الخارجية، فضلاً عن المنح المالية الصادرة عن النظام؛ آخرها صرف 150 ألف ليرة (نحو 20 دولارًا أمريكيًا) وسبقها 100 ألف ليرة سورية (نحو 16.5 دولار).

وصدرت عدة قرارات من قبل حكومة النظام في هذا الشهر بينها؛ رفع أسعار وأجور نقل المواد والبضائع في السيارات الشاحنة، ورفعت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، أجرة خدمات الاتصالات الخلوية بنسبة تتراوح بين 30 إلى 35 بالمئة، وتعرفة خدمات الاتصالات الثابتة بنسبة تتراوح بين 35 إلى 50 بالمئة، مبررة أسباب الرفع بعد تنفيذ المشاريع المطلوبة منها (صيانة، تأهيل..)، إضافة إلى الإيفاء بالتزاماتها المالية بالقطع الأجنبي لشركات مزودي الخدمة العالمية. وبقيت قضية ارتفاع الأسعار تقض مضجع السكان في سورية بالأخص خلال شهر رمضان وعيد الفطر حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 100% في رمضان الحالي عن شهر رمضان الماضي. كما حددت حكومة النظام سعر شراء محصولي القمح والشعير من الفلاحين للموسم الزراعي الحالي بـ 2300 ليرة لكيلو القمح، علماً أن هذه التسعيرة تعد منخفضة واحتُسِبت بناءً على الأسعار المدعومة للمستلزمات الإنتاج بينما الكثير من الفلاحين يضطرون إلى دفع التكاليف بأسعار السوق الرائجة بعيداً عن الدعم حيث تصل تكلفة إنتاج كيلو القمح 2050 ليرة ما يعني أن هامش الربح لن يتجاوز 150 ليرة للكيلو الواحد، وهو هامش متدن جداً ويعرقل استمرارية عمل الفلاح بالزراعة، ويُخشى من تشكل سوق موازية يبيع فيها الفلاح محصوله بأسعار أعلى من تسعيرة الحكومة فضلًا عن مخاوف من عزوف الفلاحين عن الزراعة في الموسم المقبل واستبداله بزراعات أخرى.

وفي إطار الاتفاقات والزيارات التي يجريها النظام مع إيران وقعت الطرفان اتفاقيات اقتصادية جديدة مع حكومة النظام خلال زيارة أجراها وزير الطرق والتنمية العمرانية الإيراني، مهرداد بذرباش، إلى سورية في قطاعات الاقتصاد والتجارة والإسكان والنفط والصناعة والكهرباء والنقل والتأمينات.

في مناطق الإدارة الذاتية، انعكس تدهور قيمة الليرة على عدة قطاعات بينها الكهرباء حيث زاد أصحاب المولدات أسعار الأمبيرات إلى 8 آلاف ليرة سورية بحجة تكبدهم خسائر مع استمرار تدهور الليرة على الرغم من تحديد بلديتي مدينة القامشلي والحسكة سعر الأمبير الواحد من كهرباء المولدات بـ7 آلاف ليرة .

وتشهد المنطقة نقصاً في مادة السكر وارتفاعاً في أسعاره، مع استمرار حصر استيراد وتجارة مادة السكر في "مؤسسة نوروز" الاستهلاكية التابعة لـ"الإدارة" منذ سنوات ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتكرار نقص المادة في الأسواق خلال السنوات الماضية. وفيما يتعلق بزراعة وتجارة القمح حددت هيئة الزراعة والري في “الإدارة الذاتية” 24 مركزًا لشراء القمح في مناطق نفوذها وسبق للإدارة في العام الماضي سعر شراء القمح من المزراعين  بـ2200 ليرة سورية لكل كيلوغرام .

وعمد العشرات من مربي المواشي في محافظة الرقة لبيعها للتخلص من تكاليف تربيتها جراء ارتفاع أسعار الأعلاف، وارتفعت أسعار اللحوم في المحافظة، في ظل عجز “الإدارة الذاتية” عن تقديم أي دعم لهذا القطاع.

كما وقعت الإدارة الذاتية مع النظام اتفاقاً حول مياه الشرب والكهرباء والخدمات الأخرى في مناطق سيطرة الطرفين، برعاية روسية، تضمن استمرار تزويد مدينة منبج وريفها بمياه الشرب من محطة البابيري في الخفسة الواقعة تحت سيطرة النظام، مقابل تزويد “الإدارة” مناطق النظام بالكهرباء من سدَّي تشرين والطبقة بكمية 30 ميغا واط يوميا و50 صهريجاً من النفط يومياً، ويتم السماح لـلإدارة الذاتية بالمقابل تقديم مساعدات لوجستية ونفطية لحيي الشيخ مقصود والأشرفية .

وفيما يتعلق بمناطق المعارضة، لا تزال قضية الكهرباء تتفاعل بين المجالس المحلية وشركات الكهرباء في ريف حلب الشمالي، إذ طالب المجلس المحلي في مدينة اعزاز شركة الكهرباء AK ENERGY بخفض سعر الكيلو واط والالتزام بها تحت طائلة فسخ العقود الموقعة بينهما، وأعلنت الشركة خفض قيمة الاشتراكات الكهربائية اعتبارًا من 10 نيسان، في الوقت الذي يشكو الأهالي والمجالس المحلية أن السعر لا يزال مرتفعاً ولا يتناسب مع الظروف المعيشية.

وحول مشاريع التعافي في المنطقة أعلن صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا عن تسليم 400 طن من الأسمدة إلى ألفي مزارع خضروات و850 طنًا من الأسمدة إلى ألفي مزارع قمح، في إطار مشروع لدعم المزارعين لإنتاج محاصيل القمح والخضروات في شمال حلب .

مساعي إقليمية لتخفيف أضرار زلزال السادس من شباط

أعلن صندوق قطر للتنمية توقيع اتفاقية مع رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد)، لدعم مشروع إنشاء مدينة متكاملة في شمالي سورية لـ70 ألف شخض، وذلك بعد أيام من الإعلان عن اتفاقية مشابهة وكانت منظمة قطر للتنمية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وقعت اتفاقية تمويل لدعم العمليات الأساسية لمنظمة الدفاع المدني السوري، لضمان استمرار الخدمات المنقذة للحياة في مناطق شمال غربي سورية.

وخفضت حكومة “الإنقاذ” في إدلب سعر أسطوانة الغاز المنزلي بمقدار 90 سنتًا (حوالي 17 ليرة تركية)،  من 13.5 دولار إلى 12.6 دولار. وتتأثر أسعار المحروقات في الشمال بالأسعار العالمية للنفط، وانخفاض الليرة التركية. كما يعتزم مستشفى إدلب الوطني توزيع بعض الأدوية المخصصة لعلاج مرضى السرطان بشكل مجاني، وتزداد أوضاع مرضى السرطان في مناطق شمال غربي سوريا سوءاً بعد توقف المستشفيات التركية عن استقبالهم عقب كارثة الزلزال في 6 من شباط الماضي .

من جهة أخرى، أصدر فريق منسقو استجابة سورية التقرير النهائي عن الأضرار التي تسبب بها زلزال 6 شباط في سورية وتركيا حيث تضرر أكثر من 1.8 مليون شخص في شمال غربي سورية، وفقد 4256 مدنياً حياتهم وأُصيب نحو 12 ألفاً بجروح، فيما لا يزال 67 شخصاً مفقودين، وبلغ عدد النازحين 300 ألف نسمة يشكل الأطفال والنساء والحالات الخاصة أكثر من 65% منهم. وعلى صعيد الخسائر الاقتصادية، وثق الفريق قيمتها بـ1.95 مليار دولار تشمل القطاع العام والخاص ومنشآت أخرى، في حين فقدت أكثر من 13 ألف عائلة مصادر دخلها، وسبب الزلزال أضرارا في المنشآت والبنى التحتية توزعت على الشكل التالي: 433 مدرسة لمختلف الفئات، 73 منشأة طبية، 136 وحدة سكنية، فيما تهدم أكثر من ألفي مبنى بشكل فوري .

 

التصنيف تقارير خاصة

يستعرض هذا التقرير أهم أحداث المشهد السوري في شهر آذار وذلك ضمن المحاور الرئيسية الثلاثة؛ إذ يشير المحور السياسي إلى تطورات التقارب العربي مع نظام الأسد من خلال مساعي إعادته إلى الجامعة العربية من قبل أطراف عربية، في ظل غياب أي ردة الفعل من أجسام المعارضة السورية أو خطوات من شأنها مواجهة التطبيع العربي والإقليمي مع نظام الأسد. في حين يناقش المحور الأمني تصاعد وتيرة الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية واتساع رقعتها. إضافة إلى التوتر الأمني بين القوات الأمريكية والمليشيات الإيرانية في شرق سورية، ومقتل قيادات عسكرية من قوات سورية الديمقراطية إثر سقوط مروحيتين كانتا تقلَّانهم في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق. وأخيراً، يتناول المحور الاقتصادي تراجع عمليات الاستجابة الإنسانية للمتضررين من الزلزال بنسبة كبيرة في ظل ارتفاع أسعار الغذاء وتراجع القدرة الشرائية للمواطن السوري؛ علاوة على تأثير تفشي الفساد في حكومة النظام على مستوى معيشة الأهالي وتهديد استقرارهم الاقتصادي، إلى جانب استمرار نظام الأسد بابتزاز المجتمع الدولي لزيادة حصته من المساعدات الإنسانية ورفع العقوبات الاقتصادية عن مؤسساته.

 

للمزبد: https://bit.ly/3A3DVYP 

التصنيف تقارير خاصة
بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بالتعاون مع وحدة المجالس المحليّة في إعزاز – حلب، ندوة نقاشية بعنوان: “مؤشرات التطبيع العربي مع الأسد: قراءة في الحيثيات والسيناريوهات المتوقعة"، قدمها معن طلَّاع، المدير العلمي في مركز عمران، وحضرها عدد من الناشطين والفاعلين في المجتمع المدني، بمقر وحدة المجالس المحلية بمدينة اعزاز، سورية.
تركزت محاور الندوة على إرهاصات "التطبيع" مع نظام الأسد وسياقاته السياسية والأمنية، وقراءة في المواقف الدولية والإقليمية من "التطبيع" وانعكاساته على العملية الدستورية، فيما تناول المحور الثالث الاتجاهات المستقبلية المتوقعة لحركة التطبيع ودلالتها.
التصنيف الفعاليات
ساشا العلو, محمد أديب عبد الغني
مُلخّص تنفيذيّ يطرَح نشاط خلايا تنظيم الدولة في سورية بعد عام 2019 تساؤلات عدة، خاصة…
الإثنين آذار/مارس 18
نُشرت في  الدراسات 
مناف قومان
تمهيد فقدت الصناعة السورية زخمها في عموم سورية بعد العام 2011 جراء قصف النظام الممنهج…
الخميس آذار/مارس 14
نُشرت في  أوراق بحثية 
سامر الأحمد
ملخص تنفيذي • تحاول "قسد" عبر إعلانها العقد الاجتماعي وتعديلاته وقانون الأحزاب السياسية كسب غطاء…
الجمعة آذار/مارس 01
نُشرت في  الدراسات 
أسامة شيخ علي
تؤدّي العشائر دورًا مهمًّا في تحديد ديناميات النفوذ والسيطرة في شرق سورية، وقد زادت قوة…
الثلاثاء شباط/فبراير 27
نُشرت في  أوراق بحثية