ملخص تنفيذي

  • في خطوة استباقية لخطوات قانونية دولية تستهدف محاسبته لارتكابه جرائم تعذيب؛ أصدر نظام الأسد المرسوم التشريعي 32 لعام 2023، القاضي بإنهاء العمل بالمرسوم التشريعي 109 لعام 1968 وتعديلاته المتضمن إحداث محاكم الميدان العسكرية، على أن تحال جميع القضايا بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسكري لإجراء الملاحقة فيها وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية وتعديلاته.
  • رغم الإحالة إلى المحاكم العسكرية أو غيرها من المحاكم؛ سيبقى تقدير الجريمة وتوصيف تخصصها حكراً على الأجهزة الأمنية. فيما لا يزال النظام القضائي عموماً والعسكري خصوصاً يعاني من خلل حوكمي نتيجة ارتباطه بالسلطة التنفيذية، فالقضاء العسكري مرتبط بوزارة الدفاع، وبشار الأسد يرأس مجلس القضاء الأعلى.
  • في محكمة الميدان العسكرية "تخضع أحكام الإعدام لتصديق رئيس الدولة أما باقي الأحكام فيجري تصديقها من وزير الدفاع"، وبالتالي فإن إلغاء محكمة الميدان العسكرية يلغي الحاجة لمصادقة بشار الأسد بصفته "رئيس الدولة" على أحكام الإعدام الصادرة عنها، مما يمكنه من التهرب من المسؤولية المباشرة عن عمليات الإعدام التي قادتها محكمة الميدان العسكرية، وبالأخص بعد تفعيلها بشكل كبير منذ عام 2011.
  • ترتبط أي عملية تغيير حقيقية وجدية في سورية ببيئة كاملة ومناخ سياسي جديد، ناهيك عن ارتباطها بمبدأ الاستقلال ووجود مؤسسات دستورية تحرص على تطبيق وإنفاذ القانون، إضافة إلى ضرورة وجود مؤسسات مدنية محلية تراقب وتشرف على عملية التغيير وتحرص على صيانة حقوق الإنسان، وجميع تلك العوامل غائبة أو غير موجودة أساساً.
  • يتطلب مسار الإصلاح القانوني في سورية أمرين: أولهما إلغاء القوانين التي تتغذى منها الأجهزة الأمنية، وثانيهما لجم التجاوزات الأمنية عن طريق القانون، ودون ذلك ستبقى أي عملية تغيير يقودها النظام بمفرده أسيرة الشكلانية والابتزاز والتهرب، وهو ديدنه طوال سنوات حكم البعث، في حين أن العملية ترتبط حكماً بمناخ سياسي يؤمن مشاركة كافة الأطياف في عملية التغيير والانتقال.

تمهيد

أصدر بشار الأسد بتاريخ 3 أيلول 2023 المرسوم التشريعي 32 القاضي بإنهاء العمل بالمرسوم التشريعي 109 لعام 1968 وتعديلاته والمتعلق بإحداث محكمة الميدان العسكرية، على أن تحال جميع القضايا بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسكري لإجراء الملاحقة فيها وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية وتعديلاته.[1] وتباينت المقاربات التفسيرية لهذه الخطوة؛ بين ربطها بإطار المبادرة العربية وضرورات الخطوة مقابل خطوة لا سيما فيما يتعلق بالتعامل مع الهواجس القانونية والأمنية للاجئين، أو جعلها خطوة استباقية لخطوات قانونية دولية تستهدف محاسبة نظام الأسد لارتكابه جرائم تعذيب، إذ تأتي خطوة المرسوم كتكتيك حيال ملف الاختفاء القسري والقتل قبل شهر من أولى جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية للدعوى المقدمة من كندا وهولندا ضد النظام، أو مقاربة مؤيدي النظام المفسرة للخطوة على أنها من خطوات "الإصلاح في سياق إعادة بناء الدولة".

وعليه، يحاول تقدير الموقف ربط هذا المرسوم بآثاره ومدى التغيير الذي ستحدثه عملية الإلغاء، محاولاً تلمّس المحدد الداخلي والخارجي لخطوة كهذه، كما يقدم ملمحاً عاماً لخط سير أية عملية تغيير كمعيار لقياس مدى جدية أي تغيير من عدمها.

فوارق شكلية: تقليل الأدوات ومركزة الانتهاك الممنهج

تأسست محكمة الميدان العسكرية على خلفية هزيمة حزيران 1967 للنظر في الجرائم الداخلة في اختصاص المحاكم العسكرية المرتكبة زمن الحرب أو خلال العمليات الحربية، وكانت تختص بالعسكريين قبل أن يقوم حافظ الأسد بتوسيع اختصاصها عبر المرسوم التشريعي 32 لعام 1980 الذي شمل النظر في القضايا في حال "وقوع اضطرابات داخلية"،[2] مما سمح بعرض المدنيين أمامها. وقد استخدمت لفترات طويلة كأداة لقمع المجتمع السوري، كما حدث في أحداث الثمانينات،[3] إضافة لاستخدامها بشكل محدود في فترات الاستقرار للتعامل مع أنشطة مُنتقاة يمكن أن تهدد وجود النظام السياسي والاجتماعي على المدى البعيد مثل قضية حراك شباب داريا اللاعنفي عام 2003،[4] فيما تُركت القضايا الأخرى للمعالجة أمام محكمة أمن الدولة التي ألغيت لاحقاً بموجب المرسوم التشريعي 53 لعام 2011،[5] خاصة القضايا المرتبطة بملف الإرهاب والملفات الأمنية الإقليمية والدولية، وهذا ما يمكن استقراؤه بشكل عام بالنظر إلى القضايا التي نظرت فيها هذه المحاكم قبل ثورة آذار 2011.

أما بعد الثورة وبصورة عامة، فلم تكن سياسات الإحالة إلى محكمة الميدان العسكرية من قِبل الجهات الأمنية واضحة المعايير، خاصة في ذروة الصراع الذي أعقب العام الأول للثورة بعد عام 2011، فقد تولت المحكمة إضفاء الصفة القانونية الشكلية لسياسات النظام في السنة الثانية للثورة – حيث امتص النظام صدمة الحراك ورصدَ أغلب قادته في الميدان – والمتمثلة في تصفية قادة الحراك المدني والتنسيقيات وقادة المجموعات العسكرية والمقاتلين وبعض الضباط المنشقين، سواء بإنزال عقوبة الإعدام بحقهم أو بإحالتهم إلى السجن العسكري الأول المعروف باسم سجن صيدنايا العسكري ليخضعوا إلى منظومة ممنهجة من التصفيات الجسدية تحت التعذيب، فيما نُفذت معظم أحكام الإعدام في السجن نفسه.

كما تبنت كافة الأجهزة الأمنية (شعبة المخابرات العسكرية وإدارة المخابرات الجوية وإدارة المخابرات العامة وشعبة الأمن السياسي والأمن الجنائي) سياسة المواجهة نفسها وأحالت أغلب الموقوفين لديها إلى محكمة الميدان، ورغم عدم وضوح معايير الإحالة؛ إلا أن الإحالة لهذه المحكمة قد تصاعدت لاحقاً للتعامل كافة القضايا المرتبطة بالحراك السلمي والمسلح، فيما أحيلت قضايا الأنشطة المعارِضة والتحركات والأنشطة المدنية البسيطة المرتبطة بالحراك إلى القضاء المدني حتى تأسيس محكمة قضايا الإرهاب بموجب القانون 22 منتصف عام 2012،[6] والتي أخذت على عاتقها بالإضافة إلى ذلك محاكمة المعتقلين غير المرتبطين بتنسيق وقيادة الحراك أو قيادة العمل العسكري أو المشاركة بعمليات عسكرية ضد قوات النظام وحلفائه.

إذاً سيستبدل فعل التحويل الذي كانت تقوم به تلك الأجهزة إلى محكمة الميدان، لتحل محله الإحالة إلى المحاكم العسكرية ومحكمة قضايا الإرهاب فضلاً عن التحويل إلى القضاء المدني بحسب الاتهام في كل قضية، وسيبقى تقدير الجريمة وتوصيف تخصصها خاضعاً للأجهزة الأمنية التي لاتزال تعتقل وتخفي في سجون النظام أكثر من 100 ألف معتقل ومختفٍ قسرياً،[7] مما يدل على أن تغيير الأداة لا يعني تغير السلوك والفلسفة المتبعة من قبل النظام، فهذا الخلل هو خلل حوكمي في عموم القضاء العسكري يتلخص بارتباطه بالسلطة التنفيذية المتمثلة بوزارة الدفاع وارتباط ضباطه بالأجهزة الأمنية.[8]

لم يقتصر الخلل في عمل محكمة الميدان على الجانب الإجرائي، بل إن طبيعتها كمحكمة أمنية/استثنائية سمحت بعقد بعض جلساتها في الأفرع الأمنية، وارتباطها بأغلب حالات الاعتقال والإخفاء القسري والتصفيات "المقوننة" بأحكامها، جعل منها مركزاً مهماً لعمليات الابتزاز المالي لأهالي المعتقلين التي قدّرتها بعض الجهات الحقوقية بملايين الدولارات، وذلك من خلال الشبكات المرتبطة بكادر المحكمة وحدها.

وخلافاً للقضاء المدني؛ لا يوجد قانون خاص ينظم القضاء العسكري، فقد وردت أحكامه في قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي 61 لعام 1950 وتعديلاته، وهي أحكام عامة موجزة وغير تفصيلية، وهذه العملية مقصودة بهدف توسيع مساحات التفسير من قِبل المنفِّذ، إذ يُترك لوزارة الدفاع عبر إدارة القضاء العسكري تنظيم شؤون هذا القضاء ككل، وبالتالي فإن القضاء العسكري غير مستقل بحد ذاته، إنما هو أحد إدارات الوزارة يأتمر بأمرها ويدور في فلكها،[9] وهو ما يؤكد أن عملية "التصحيح القانونية" ليست مرتبطة بتشريعات فقط بقدر ارتباطها ببيئة قانونية وفلسفة دستورية تؤكد على استقلالية القضاء.

بالإضافة إلى ما سبق، لا تزال مشكلة عرض المدنيين أمام محاكم عسكرية موجودة ومستمرة، يضاف إليها أحد أهم الإشكاليات في سورية؛ وهي عدم استقلال القضاء ككل سواء العسكري أو المدني، نظراً لكون بشار الأسد بصفته "رئيس الجمهورية" يرأس مجلس القضاء الأعلى بحسب المادة 133 من دستور 2012.[10]

يؤكد كل ما ذكر أعلاه أن التغيير الحقيقي لا يرتبط بتغيير أداة التقاضي بقدر ما يرتبط بمعايير ثلاثة غير متوفرة؛ كاستقلالية القضاء عموماً والقضاء العسكري خصوصاً، وربط الفصل في التمييز والتقدير لنوع التخصص في القضايا المدنية والعسكرية وقضايا الإرهاب بالنائب العام بدلاً من تولي الأجهزة الأمنية هذه المهمة، ناهيك عن تغيير منهجية العمل حيث لا تزال تعمل بديناميات قانون الطوارئ، فالحدود الفاصلة بين الأدوات القضائية مرتبطة ببعض الإجرائيات الإدارية ليس إلا.

الشكلانية والتهرب والابتزاز كدوافع للإلغاء

نص مرسوم إلغاء محكمة الميدان على إحالة الملفات المنظور بها في المحكمة إلى القضاء العسكري ليعيد النظر بها، لكنه لم يحدد ما إذا كان للمرسوم أثر رجعي على القضايا والأحكام السابقة، مما سيجعل هذا الأثر مرتبطاً بإرادة النظام وأسبابه السياسية، وبرغم ما يعنيه ذلك من إجراء تعديلات كبيرة في الأحكام الصادرة بحق الكثير من المعتقلين (على غرار ما حدث عند إلغاء محكمة أمن الدولة وإحالة الملفات المنظور بها أمامها إلى القضاء المدني أو العسكري منتصف عام 2011) مما يزيد قدرة المعتقلين على الاستفادة من تخفيض ربع المدة ونصف المدة والاستئناف والاستفادة من مراسيم العفو إذا تم إعادة النظر بالمواد التي حُكم بعض المعتقلين بموجبها؛ إلا أن هذا الأمر يبقى مستبعداً،[11] فإدارة ملف التغييرات بمخيال النظام ترتبط بعامل الشكلانية، لافتقادها الإرادة الحقيقية من جهة، ومن جهة أخرى لكونها أداة يختبر من خلالها النظام ردة فعل الفاعلين الإقليميين والدوليين وتغير تعاطيهم الاقتصادي حياله.

تبدو محددات هذه الخطوة مرتبطة بعوامل خارجية وليست محلية، إذ يحاول النظام عبرها بدء صرف النظر الإقليمي والدولي عن الملفات الحقوقية واستحقاقات المحاسبة وإعادة تشكيل الدولة، وهي ملفات تضرب صفحاً عن الماضي وتنظر إلى الحاضر والمستقبل، باستثناء الملفات الحقوقية التي يتم التعامل معها من خلال مراسيم العفو السابقة وتلك المرجح صدورها لاحقاً. إذ يُتوقع أن يستمر النظام بسلسلة من الإجراءات الشكلية؛ كإصدار "مرسوم عفو جديد" بُعيد إلغاء محكمة الميدان، وإزالة عدد من الحواجز العسكرية/الأمنية من الطرق العامة، وتسريح عدد من المجندين وعناصر الاحتياط، وهي خطوات شكلية غير مكلفة أمنياً أو سياسياً يمكنه تقديمها إلى المبادرة العربية ضمن إطار ملف عودة اللاجئين، لتترجم على أنها خطوات تحتاج رداً بمثلها تجاه النظام في مواجهة عزلته الحادة وأزماته الاقتصادية المتفاقمة.

ولعل أهم نقطة في هذا الإلغاء هي محاولة التهرب من المسؤولية المباشرة عن عمليات الإعدام التي قادتها محكمة الميدان العسكرية بالأخص بعد تفعيلها بشكل كبير منذ عام 2011، في حين نصت الفقرة /أ/ من المادة /8/ من مرسوم تأسيس محكمة الميدان على أن "تخضع أحكام الإعدام لتصديق رئيس الدولة أما باقي الأحكام فيجري تصديقها من وزير الدفاع"،[12] وبالتالي فإن كل قرار إعدام صدر عن هذه المحكمة منذ عام 2000 وما تلاه قد صادق عليه بشار الأسد بشكل مباشر.

بالإضافة إلى وجود تحدٍ قانوني آخر، يتمثل في كون إلغاء مرسوم محكمة الميدان العسكرية لا يعني بالضرورة إلغاء تطبيقه على الأرض، فهو مرتبط بإجراءات أخرى، والإيهام بحدوث تغييرات على المستويات العليا لا يكفي، فالإحالة إلى القضاء العسكري يقود إلى مسار آخر من القمع نتيجة الفجوات الكبيرة بقوانين هذا القضاء واستخدامه الممنهج كأداة ترهيب.

كما يمكن تفسير قيام النظام بإلغاء المحكمة بتوجهه لخلق مقارباته الخاصة في التعامل مع ملف الاختفاء القسري والقتل؛ ضمن إطار قضاء استثنائي من خلال هذه المحكمة والقتل خارجه عبر تورط المحكمة بشكل غير مباشر بإحالة المعتقلين إلى سجن صيدنايا العسكري دون غيره، وهو ما يساعد النظام في الالتفاف على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتشكيل آلية دولية للكشف عن مصير المفقودين في سورية، بالتزامن مع التحرك الكندي والهولندي لمحاسبة النظام عبر محكمة العدل الدولية نتيجة انتهاكه لاتفاقية مناهضة التعذيب التي صادق عليها بالمرسوم التشريعي 39 لعام 2004.[13]

إذاً؛ لن يؤدي إلغاء محكمة الميدان العسكرية وإرسال كافة الملفات المنظور بها أمامها للقضاء العسكري إلى حدوث فرق كبير، بل يمكّن النظام من توفير اجراءات إدارية تُسهل عمله عبر اعتماد القضاء العسكري كبديل مباشر لمحكمة الميدان العسكرية.

سبق لنظام الأسد أن قام بإلغاء حالة الطوارئ ومحكمة أمن الدولة عام 2011 ليقوم لاحقاً في عام 2012 باستبدال عملهما بقانون مكافحة الإرهاب وتأسيس محكمة قضايا الإرهاب، فالإلغاء لم يسهم بتغيير سلوك النظام أبداً، بل كان سلوكه أكثر عدوانية، واستمر في قمع المجتمع السوري عبر محاكمه المختلفة سواء عبر المحاكم العسكرية أو محكمة الميدان أو حتى المدنية ولاحقاً محكمة قضايا الإرهاب، ومع عملية إلغاء محكمة الميدان العسكرية سيكون البديل جاهزاً وموجوداً. وعلى الرغم من وجود مستويات للتقاضي وفرص للمعتقلين لتوكيل محامين ومجال أوسع بهامش بسيط للاستفادة من مراسيم العفو عن كامل العقوبة أو جزء منها بعد البت في القضايا أمام المحاكم الأخرى – عدا محكمة الميدان العسكرية – سيصطدم المتهمون بأدوات التقاضي البديلة في مختلف قوانين العقوبات، وسيستمر الخلل في الإحالة وفي سياسات المحاكم وأصول محاكماتها والترافع فيها، فضلاً عن أن قضاة محكمة الميدان هم في الأصل ضباط أو قضاة من القضاء العسكري وسيعودون إليه، مما يؤكد على أن السلوك المتبع سيبقى ذاته دون أي تغيير.

الخلاصة وموجبات التغيير الوطنية

لعل من الأهمية بمكان توضيح مسار أي عملية تغيير حقيقية وجدية في سورية، فهي ترتبط بتوفير بيئة كاملة ومناخ سياسي جديد، ناهيك عن ارتباطها بمبدأ الاستقلال ووجود مؤسسات دستورية تحرص على تطبيق وإنفاذ القانون، إضافة إلى ضرورة وجود مؤسسات مدنية محلية تراقب وتشرف على عملية التغيير وتحرص على صيانة حقوق الإنسان، وكل تلك العوامل غائبة حالياً أو غير موجودة أساساً. كما لا يمكن إغفال أهمية مبدأ الشفافية، فإذا لم تستصدر قوانين تسهم في قوننة عملية النفاذ إلى المعلومات سيبقى قياس مدى التغيير وتلمس أثره معدوماً، فملفات المعتقلين ملفات سرية لا يفصح النظام عنها ولا يكشف مصير المفقودين، الأمر الذي يؤكد أن هذا الإجراء إنما هو رسالة سياسية ليس إلا.
ولتوضيح مسار الإصلاح القانوني في سورية، لا بد من التعريج على أهم متطلبين:

أولاً: إلغاء القوانين التي تتغذى منها الأجهزة الأمنية، ومحاربة الظواهر التي ترهب من خلالها المواطنين، فلن يتم أي إصلاح قانوني للسلطات الأمنية قبل إلغاء جميع القوانين (الاستثنائية والعادية) الناظمة لعمل هذه الجهات، والتي تشكل الرئة التي تتنفس منها، والخيمة التي تحميها، والمظلة التي تعطيها الشرعية. إذ من الضروري وطنياً إلغاء وتعديل أي قانون أو قاعدة قانونية تتعارض مع الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في الدستور، أو الواردة بالاتفاقيات والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان والحريات العامة والتي وقعت عليها الدولة السورية.[14]

ثانياً: لجم التجاوزات الأمنية بالقانون، إن الممارسات الأمنية التي تشكل حالات الاعتداء المادي على المواطنين متعددة ومتنوعة ومتكررة، ومن أخطر هذه الممارسات الاعتقال التعسفي والتعذيب، لأنهما أداتا السلطات الأمنية لتكميم الأفواه، وإدخال الرعب إلى قلوب المواطنين. ويمكن لجم ممارستهما من خلال قوانين محاربة الاعتقال التعسفي بالقانون بأنماطه الثلاثة،[15] وضمان أسس وقواعد المحاكمة العادلة.[16] أما الممارسة الأخطر فهي الإخفاء القسري (ويعني الاختطاف أو حرمان الحرية أياً كان نوعه لأسباب سياسية، يتبعه رفض الاعتراف بالحرمان من الحرية، وإخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان تواجده، مما يجعله خارج حماية القانون). ولجم هذه الممارسة يتطلب رؤية قانونية جديدة تبدأ من محاربة الاعتقال التعسفي الذي تقوم به الأجهزة الأمنية،[17] ومناهضة التعذيب بالقانون فعلى الرغم من أن قانون العقوبات العام قد جرم التعذيب في المادة 391،[18] إلا أنه كان قاصراً عن قمع هذه الظاهرة التي تزداد باضطراد، لا سيما عند حدوث الاضطرابات والثورات، حيث تزيد الأجهزة الأمنية من وحشيتها في التعذيب، ناهيك عن عجز النص الذي لم يقمع الظاهرة ولم يعاقب من قام بالتعذيب، فبقيت الأجهزة الأمنية تمارس التعذيب إلى حدّ الموت. وعليه لا بد من معالجة وطنية لوقف ممارسات التعذيب، بالاستفادة من تجارب بعض الدول في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة والتي استطاعت القضاء على ظاهرة التعذيب في بلادها عامة، وفي أجهزتها الأمنية خاصة، كالتجربة الفرنسية والبلجيكية التي عدلت من مفهوم التعذيب كظرف مشدد وحولته إلى جريمة مستقلة قائمة بذاتها ومتباينة عن جريمة الإيذاء، وفي سورية ينبغي معالجة هذه الجريمة عبر إصدار قانون تجريم التعذيب بدلاً عن القانون القاصر الذي أصدره النظام بالقانون 16 لعام 2022،[19]على أن يتضمن العقوبات القاسية والرادعة، ويشدّد العقوبة عندما تقوم الأجهزة الأمنية بالتعذيب بغرض الحصول على الاعتراف، وألا تَسقط هذه الجرائم بالتقادم، وتتحرك الدعاوى العامة تلقائياً دون شكوى المتضرر، وتطبق القوانين والإجراءات ذاتها التي ذكرناها فيما يخص الاعتقال التعسفي.

ختاماً، قيادة النظام بمفرده لأي عملية تغيير ستبقى أسيرة الشكلانية والابتزاز والتهرب، وهو ديدنه عبر سني حكم البعث، فهذه العملية ترتبط حكماً بمناخ سياسي يؤمن مشاركة كافة الأطياف في عملية التغيير والانتقال. ورغم محاولة النظام تصدير هذه الخطوة على أنها امتداد للمبادرة العربية أو خطوة في سير العملية السياسية؛ إلا أنه يصدّرها أيضاً كتجاوب شكلي مع الاحتقان الذي تشهده الساحة الداخلية والاحتجاجات التي تتصاعد حدتها في الجنوب السوري. وهنا ينبغي على المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني قراءة هذه التحركات وقياس جديتها وفعاليتها بدقة، كما ينبغي على القوى السياسية حث الفاعلين الدوليين من أجل الضغط على النظام وحلفائه للقيام بخطوات جوهرية فيما يتعلق بمصير المفقودين، وخلق بيئة آمنة لعودة السوريين، والانخراط بجدية في العملية السياسية وفق القرارات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2254.


 

([1]) "المرسوم التشريعي 32 لعام 2023"، سانا، تاريخ النشر: 03 أيلول/سبتمبر 2023، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3r1mmrA .

([2]) "المرسوم التشريعي 32 لعام 1980"، الجريدة الرسمية، الجزء الأول، العدد 28 لعام 1980، الصفحة: 1405، تاريخ النشر: 01 تموز/يوليو 1980.

([3]) تمت محاكمة مدنيين من جماعة الإخوان المسلمين بأثر رجعي بعد اعتقالهم بسنتين وحُكم الكثير منهم بالإعدام بأثر رجعي أيضاً بموجب القانون 49 لعام 1980، وافتقرت المحكمة لوجود مستويات للتقاضي أو الاستئناف، كما غلبت على أحكامها أحكام الإعدام في فترات الاضطراب مع القضايا الأمنية المهددة للنظام.

انظر :"القانون 49 لعام 1980 المتعلق بالإخوان المسلمين"، مجلس الشعب السوري، تاريخ النشر: 08 تموز/ يوليو 1980، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3OYUcoQ .

([4]) إياد شربجي: "داريا: ثورة في قلب مثلث القوة"، أورينت نت، تاريخ النشر: 10 شباط/فبراير 2013، رابط إلكتروني: https://bit.ly/44IR866 .

([5]) "المرسوم التشريعي 53 لعام 2011"، مجلس الشعب السوري، تاريخ النشر: 21 نيسان/أبريل 2011، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3PrM15T .

([6]) "القانون 22 لعام 2012"، مجلس الشعب السوري، تاريخ النشر: 06 تموز/يوليو 2012، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3xFQx8i .

([7]) "التقرير السنوي الثاني عشر عن الاختفاء القسري في سورية"، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تاريخ النشر: 30 آب/أغسطس 2023، رابط إلكتروني: https://bit.ly/44HiqtO .

([8]) يقوم رئيس الشعبة بدور قاضي الإحالة للمحكمة الميدانية ويضع الحكم الذي ينبغي أن تثبته المحكمة خلال جلسة وحيدة مع المتهم لا تتجاوز خمسة دقائق تراعى فيها الشكليات القانونية من حيث تسجيل إنكار المتهم للتهم الموجهة إليه وتثبيت ذلك في محضر الجلسة المعنون بجملة "السجل العدلي"، وتسجيل بيانات المتهم قبل العرض على المحكمة في ديوان المحكمة وتوقيع وبصم المتهم على نفس المحضر قبل المحاكمة لتدون فيها فيما بعد الأحكام الصادرة بحقه دون أن تتلى عليه أو يقرأها في نفس ورقة "السجل العدلي".

([9]) "المؤسسة العسكرية السورية في عام 2019: طائفية وميليشاوية واستثمارات أجنبية"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: 01 تموز/يوليو 2019، الصفحة: 115، رابط إلكتروني: https://bit.ly/44Jpvdj .

([10]) "المرسوم 94 لعام 2012، المتضمن دستور عام 2012"، مجلس الشعب السوري، تاريخ النشر: 27 شباط/فبراير 2012، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3fpJiHt .

([11]) رغم أن هناك سوابق لقوانين كان لها أثر رجعي استفاد بموجبها عدد من المحكومين أمام محكمة أمن الدولة من العفو عن ربع المدة بعد إحالتهم للقضاء المدني عند إلغاء محكمة أمن الدولة عام 2011.

([12]) "المرسوم التشريعي 109 لعام 1968"، الجريدة الرسمية الجزء الأول، العدد 38 لعام 1968، الصفحة: 12542، تاريخ النشر: 17 آب/أغسطس 1968.

([13]) "المرسوم التشريعي 39 لعام 2004"، الجريدة الرسمية الجزء الأول، العدد 36 لعام 2004، الصفحة: 1983، تاريخ النشر: 01 تموز/يوليو 2004.

([14]) محسن المصطفى: "المؤسسة العسكرية في المواثيق الدستورية.. مضامين نحو المستقبل"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، الصفحة 14، تاريخ النشر: 10 حزيران/يونيو 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3Sljmz8، ينبغي أن يشمل الإلغاء والتعديل القوانين التالية: ( المرسوم التشريعي رقم 61 لعام 1950 قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية، المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 1962 قانون الطوارئ، المرسوم التشريعي رقم 4 لعام 1965 المتضمن العقوبات التي تطبق بحق من يعرقل تنفيذ التشريعات الاشتراكية، المرسوم التشريعي رقم 6 لعام 1965 قانون حماية أهداف الثورة ("ثورة" 8 آذار)، المرسوم التشريعي رقم 40 لعام 1966 المتضمن تخويل مجلس الوزراء صرف القضاة أو نقلهم إلى ملاك آخر، المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1969 إحداث إدارة أمن الدولة (إدارة المخابرات العامة)، المرسوم رقم 549 لعام 1969 المتضمن التنظيمات الداخلية لإدارة أمن الدولة وقواعد خدمة العاملين فيها، القانون رقم 53 لعام 1979 قانون أمن حزب البعث العربي الاشتراكي، القانون رقم 49 لعام 1980 حكم الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين، المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2003 قانون معاشات العسكريين، المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2003 قانون الخدمة العسكرية، المرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007 قانون خدمة العَلَم، المرسوم التشريعي رقم 64 لعام 2008 المتضمن عدم ملاحقة عناصر وزارة الداخلية وعناصر الأمن السياسي وعناصر الضابطة الجمركية بسبب الجرائم المرتكبة خلال عملهم، المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2011 قانون التظاهر السلمي، المرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2011 القاضي بالسماح بتوقيف المشتبه بهم لمدة تصل حتى 60 يوماً، المرسوم التشريعي رقم 100 لعام 2011 المتضمن قانون الأحزاب، المرسوم التشريعي رقم 104 لعام 2011 المتضمن قانون التعبئة، المرسوم التشريعي رقم 1 لعام 2012 المتضمن قانون خدمة عسكريي قوى الأمن الداخلي، المرسوم التشريعي رقم 2 لعام 2012 المتضمن قانون معاشات عسكريي قوى الأمن الداخلي، القانون رقم 19 لعام 2012 المتضمن قانون مكافحة الإرهاب، القانون رقم 20 لعام 2012، القانون رقم 22 لعام 2012 المتضمن تأسيس محكمة قضايا الإرهاب، المرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2012 المتضمن منح أجهزة الأمن والشرطة في معرض التحقيقات التي تجريها بشأن الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي والجرائم الواردة في قانون مكافحة الإرهاب الحق في أن تطلب من وزير المالية اتّخاذ الإجراءات التحفّظية على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتّهم، المرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2013 المتضمن منح الترخيص لشركات خدمات الحماية الخاصة والحراسة الخاصة، القانون رقم 5 لعام 2014 المتضمن قانون الانتخابات العامة، القانون رقم 7 لعام 2014 المتضمن قانون المحكمة الدستورية العليا، النظام الداخلي لمجلس الشعب لعام 2017 المتضمن آلية عمل مجلس الشعب، القانون 16 لعام 2022 قانون تجريم التعذيب.

([15]) لم يجر تعريف الاعتقال التعسفي من قبل الأمم المتحدة بمواثيقها التي نصت على تجريمه، لكن مجموعة العمل حول الاعتقال التعسفي عرفته: (إنه اعتقال يخالف أحكام حقوق الإنسان التي تنص عليها الوثائق الكبرى لحقوق الإنسان) وذات المجموعة وضعت أنماطاً ثلاثة للاعتقال التعسفي الأول هو أن يتم الاعتقال التعسفي في ظل غياب الأساس القانوني؛ النمط الثاني: أن يكون سبب الاعتقال هو ممارسة الشخص لحقوقه وحرياته التي نص عليها الدستور؛ النمط الثالث: هو ألا يخضع المعتقل منذ اللحظة الأولى لإجراءات المحاكمة العادلة.

([16]) من شروط المحاكمة العادلة 1- ضمانات إلقاء القبض 2- ضمانات الاعتراف 3- ضمانات الحجز والتفتيش 4- مدة التوقيف الاحتياطي 5- محكمة مختصة غير استثنائية 6- محكمة مستقلة محايدة 7- علنية الجلسات وشفوية المرافعات 8- براءة المدعي عليه حتى تثبت إدانته 9- درجات التقاضي 10- عدم رجعية القوانين.

([17]) على الرغم من وجود مادة في قانون العقوبات المادة 357 منه التي تقول (كل موظف أوقف أو حبس شخصاً في غير الحالات التي ينص عليها القانون يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة) ورغم قساوة العقوبة لم تحقق أي حالة من الردع فالاعتقال التعسفي في تزايد، وممارس من السلطات الأمنية بشكل يومي وعلني، ولم تطبق هذه المادة على أي من عناصر الأجهزة الأمنية التي قامت بالاعتقال التعسفي. من ملامح المقاربة الجديدة في موضوع الاعتقال التعسفي ضمان: (تعريف الاعتقال التعسفي ضمن أنماطه الثلاثة، وكل توقيف خارج دائرة القانون وبدون مذكرة قضائية، العقوبة يجب أن تشمل كلاً من الفاعل والمحرض والشريك والمتدخل وألا تقل عن 15 سنة سجناً. كل من علم بالاعتقال التعسفي ولم يخبر السلطات القضائية هو شريك بالاعتقال التعسفي. معاون النيابة أو القاضي الذي تلقى الأخبار بواقعة الاعتقال التعسفي، ولم يتخذ الإجراءات اللازمة لإنهائه، هو شريك وتطاله العقوبة المقررة بالقانون. يتوجب على النيابة العامة ندب وكيل النيابة لمراقبة دور التوقيف الأمنية وبشكل يومي. هذه الجريمة لا تطبق عليها أحكام التقادم.

للمزيد انظر: مجموعة مؤلفين: "التغيير الأمني في سورية"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، أكتوبر 2017، ص ( 97-100)، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3sNWikd .

([18]) المادة 391: 1- من سام شخصاً ضروباً من الشدة لا يجيزها القانون رغبة منه في الحصول على اقرار عن جريمة أو على معلومات بشأنها عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات. ، 2- وإذا أفضت أعمال العنف عليه إلى مرض أو جراح كان أدنى العقاب الحبس سنة. للمزيد انظر: "قانون العقوبات العام الصادر بالمرسوم التشريعي 148 لعام 1949" وتعديلاته ، مجلس الشعب السوري، تاريخ النشر: 22 حزيران/يونيو 1949، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3nKv1JH

([19]) "القانون 16 لعام 2022"، مجلس الشعب السوري، تاريخ النشر: 30 آذار/مارس 2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3RfUUkk

التصنيف تقدير الموقف

تمهيد

عقب الزلزال الذي ضرب تركيا سورية في 06 شباط/فبراير الماضي، شهدت المنطقة حراكاً دبلوماسياً عربياً حثيثاً تجاه النظام في سورية ضمن إطار دبلوماسية الكوارث وسياسة التطبيع الإقليمي الذي بدأ تبلوره في 2021 من خلال الانفتاح الإماراتي، وذلك إلى جانب استثناء مؤقت وجزئي لبعض القيود الاقتصادية المفروضة على النظام دولياً. يسعى تقدير الموقف هذا لتبيان مستقبل سياسات التطبيع مع النظام من خلال تناول: العوامل المؤثرة في الإجراءات المتخذة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بخصوص سياسات العقوبات المفروضة على النظام ودلالات ذلك؛ ديناميات سياسات التطبيع ودوافع الدول العربية وتركيا بخصوص التطبيع مع النظام كل على حدة؛ تفاعل الديناميات الإقليمية والدولية المحددة لمسار التطبيع.

الفواعل الدولية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي)

لم يكن إيجاد حل للملف السوري على قائمة أولويات إدارة بايدن، وإنَّما كانت مقاربة إدارة الملف تقتصر على تجميد الصراع العسكري والإبقاء على خارطة النفوذ الحالية، بهدف منع عودة تنظيم الدولة لنشاطه السابق في المنطقة، والحول دون زيادة نفوذ الفواعل الإقليمية والمحلية الأخرى في الساحة السورية([1]). بالإضافة إلى الإبقاء على آليات العقوبات وعلى رأسها قانون قيصر وإقرار قانون مكافحة الكبتاجون كأداة ضاغطة على النظام، وعقبة أمام إعادة تأهيله دولياً.

بعد ثلاثة أيام على الزلزال، قام مكتب مراقبة الأصول الخارجية في الخزانة الأمريكية بالسماح بالتحويلات المالية المرتبطة بجهود الإغاثة عقب الزلزال - والتي كانت ستكون محظورة بسبب العقوبات - لمدة ستة أشهر فقط([2])، بالتوازي مع تجديد الخارجية الأمريكية رفضها التطبيع مع النظام أو رفع مستوى العلاقة معه، وقيام مجلس النواب الأمريكي بـإدانة محاولات النظام لاستغلال الكارثة لتجنب الضغط والمحاسبة الدولية، والتأكيد على أهمية آلية العقوبات (قانون قيصر) لحماية المدنيين([3]). ناهيك عن قيام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بلقاء ممثلين عن منظمة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء" في تركيا([4]).

تعكس جُملة هذه الخطوات صعوبة وجود دلالات سياسية واضحة للتخفيض المؤقت والجزئي للعقوبات حالياً، أو تغيُّر في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه سورية والنظام على مستوى الأولويات والمقاربة. لا سيما وأنه سبق للخزانة الأمريكية أن أصدرت قراراً بالسماح لبعض التحويلات المصرفية المحظورة تحت طائلة العقوبات خلال وباء كوفيد-19 لكل من سورية وإيران وفنزويلا، من غير وجود دلالات سياسية لذلك، بهدف تسهيل العمل الإغاثي والصحي([5]).

بشكل مشابه، كان موقف الاتحاد الأوروبي واضحاً بخصوص رفض التطبيع مع النظام في سورية، أو رفع العقوبات عنه، أو البدء بإعادة الإعمار، من غير انخراط النظام بعملية سياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254([6])، وذلك على الرغم من سعي حكومات أوروبية عدة، كاليونان وقبرص وإيطاليا وهنغاريا والنمسا وبولندا للدفع باتجاه سياسات تصب في صالح النظام، أو السعي للبحث عن آليات جديدة لتجاوز ضوابط الاتحاد الأوروبي لزيادة مساحات الفعل في سورية، ناهيك عن قيام بعض هذه الدول - هنغاريا وبلغاريا واليونان وقبرص - باستعادتها لمستويات مختلفة من العلاقات الدبلوماسية لم ترقَ لمستوى التطبيع الكامل بعد، الأمر الذي يرتبط بشكل أساسي بصعود سياسة اليمين الشعبوية، وفرضية قدرة النظام على تأمين الاستقرار ومنع تدفق اللاجئين([7])، لا سيما مع ارتفاع عدد طالبي اللجوء في دول الاتحاد بنسبة 50% في العام 2022، ليصل إلى ما يقارب المليون، الرقم الأعلى منذ 2016، في حين أن عدد السوريين منهم نحو الـ130.000([8]).

على إثر الزلزال وفي 17 شباط/فبراير، قدَّم ثمانية أعضاء في البرلمان الأوروبي مقترح قرار لـ"رفع العقوبات عن سورية[النظام] لغايات إنسانية"، معتبرين أن "العقوبات لم تحقق الأثر المرجو"، وأن "عواقبها أدّت لضرر بالغ على الشعب السوري"([9])، علماً أن البرلمانيين الثمانية ينتمون لمجموعات سياسية متنوعة يمينية ويسارية، كـ"حزب البديل لأجل ألمانيا" اليميني المتطرف، وحزب "مستقلون من أجل التغيير" اليساري في إيرلندا، على سبيل المثال لا الحصر.  وعلى الرغم من اختلاف دوافع اليمينيين التي تكمن بمسألة اللجوء ومنع تدفق المزيد من اللاجئين، واليساريين الذين هم معنيون أكثر بالجانب الإنساني، وتقليص نطاق استعمال القوة للاتحاد في الخارج، إلا أن غايتهم التقت في مسار رفع العقوبات، مستغلين حالة الكارثة للدفع أكثر  اتجاه إحداث تغيير في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي تجاه سورية والنظام.

في 23 شباط/فبراير، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تخفيف العقوبات المفروضة على النظام لمدة مؤقتة، من خلال قرار مجلس الاتحاد الأوروبي بتبني "تعديل إنساني إضافي"، بهدف إحداث تسهيل أكبر بسرعة وصول المساعدات الإنسانية لسورية بعد الزلزال. يتضمن القرار رفع حاجة المنظمات الإنسانية للحصول على إذن مسبق من السلطات المختصة في  الدول الأعضاء "لإجراء تحويلات أو توفير سلع وخدمات مخصصة للأغراض الإنسانية"  للأشخاص والكيانات المدرجة في قائمة العقوبات لمدة ستة أشهر فقط، علماً أن العقوبات الأوروبية لا تشمل الغذاء أو المواد الطبية أو النظام الصحي في سورية([10]).

يأتي القرار الأوروبي في إطار ثلاثة عوامل رئيسة لعبت دوراً بالغ الأهمية في صياغته: (1) حجم الكارثة الإنسانية وضعف الآليات الدولية في الاستجابة، (2) الديناميات الأوروبية الداخلية التي تكمن بالضغوط الداخلية لتغيير سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سورية والنظام، وهو ما تجلَّى بمقترح القرار من البرلمانيين الثمانية لرفع العقوبات عن النظام، (3) قرار الخزانة الأمريكية بمنح الإذن للتحويلات المتعلقة بمساعدات الزلزال في سورية لمدة ستة أشهر. 

الفواعل الإقليمية (الدول العربية وتركيا)

كانت كل من الإمارات وسلطنة عُمان والجزائر والأردن الدول الأبرز التي سعت لإعادة تأهيل النظام عربياً، وذلك لدوافع وأسباب مختلفة. فضمن سعيها للعب دور إقليمي بارز على المستوى السياسي ودافعها الاقتصادي المرتبط بملف إعادة الإعمار في سورية، قادت الإمارات جهود التطبيع مع النظام منذ بدايتها، إذ كانت الدولة الأولى التي طبَّعت العلاقات مع النظام وافتتحت سفارتها في دمشق بعام 2018([11])، ومن ثمَّ رفع مستوى العلاقة لتشمل الاتصال المباشر بين رئيس النظام بشار الأسد ومحمد بن زايد([12])، وتبادل الزيارات على مستوى وزارتي الخارجية([13]) والاقتصاد([14]) في الربع الأخير من عام 2021، قبل قيام بشار الأسد بزيارة دولة الإمارات كأول دولة عربية يزورها منذ 2011 وذلك في آذار/مارس 2022([15]).

 في الوقت ذاته وبدوافع مختلفة، دخلت العلاقات الأردنية مع النظام مسار التطبيع رسمياً على مستوى التواصل المباشر بين الملك عبدالله الثاني وبشار الأسد([16])، والتنسيق على مستوى وزارات الدفاع([17])، وتطور العلاقات التجارية عقب فتح الحدود السورية - الأردنية ما انعكس بزيادة الصادرات من سورية إلى الأردن، والصادرات السورية عبر الأردن كبلد عبور إلى السعودية([18])، وذلك في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الأردن واستضافته لعدد كبير من اللاجئين السوريين. ناهيك عن مسألة أمن الحدود كأولوية أردنية مرتبطة بالمخدرات والنفوذ الإيراني، ساعياً لتحقيق مكاسب جزئية، أمنية واقتصادية، في ظل استمرار الاستعصاء السياسي. 

على المستوى الإقليمي العربي، سعت الجزائر - التي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية بالنظام والتي تمتلك علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية وثيقة مع روسيا ([19])- لإعادة النظام للجامعة العربية في القمة العربية التي عُقدت في العاصمة الجزائرية في تشرين الثاني/نوفمبر 2022([20])، إلا أن الانقسام العربي بشأن المسألة، وثبات موقف قطر والسعودية المناهض للتطبيع، التي أعلنت حينها عن "ضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن" بما يخص الشأن السوري قبيل القمة العربية؛ حال دون ذلك([21]). بالمقابل، كانت سلطنة عُمان الدولة الخليجية الوحيدة التي حافظت على علاقاتها الدبلوماسية مع النظام، والدولة الخليجية الأولى التي تقوم بتعيين سفير لها في دمشق، منذ تعليق دول مجلس التعاون الخليجي العمل الرسمي بسفاراتها في سوريا عام 2011([22])، الأمر الذي يرجع لتقاليد السياسة الخارجية العمانية، والتي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع أي دولة في العالم منذ وصول السلطان قابوس إلى العرش في عام 1970([23]).

لهذا، لم يكن من المفاجئ زيارة بشار الأسد إلى العاصمة مسقط كثاني عاصمة عربية يزورها بعد أبو ظبي([24])، والتي توازت مع زيارة وزراء خارجية الإمارات والأردن لدمشق، ووفد برلماني من عدد من الدول العربية. بالإضافة للاتصالات التي جرت بين بشار الأسد والرئيس الجزائري، والرئيس الموريتاني، وملك البحرين، وكذلك قيام الرئيس التونسي قيس سعيد برفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع النظام([25])، إذ لا يوجد تطور حقيقي أو تغيُّر في مواقف هذه الدول تجاه النظام باعتبار أنها تمتلك علاقات دبلوماسية جيدة نسبياً مع النظام، إلَّا أنها تفتقد قدرتها على لعب دور وساطي - كالإمارات أو عُمان - في إعادة تأهيل النظام عربياً. 

أما مصر، وعلى الرغم من الأهمية الجيوسياسية الكبيرة لها، فلا يُعتبر التواصل الرسمي المصري مع النظام على المستوى الرئاسي وزيارة وزير الخارجية المصري لدمشق([26]) ذلك التغيُّر اللافت، فقد حافظت مصر على حياد إيجابي تجاه النظام من خلال إعادة التمثيل الدبلوماسي في دمشق عام 2013([27])، بالتوازي مع عدم قطع صلاتها بالمعارضة عبر استضافتها لـ"تيار الغد السوري" المعارض بقيادة أحمد الجربا منذ 2016. ويأتي الحراك الدبلوماسي المصري الأخير في سياق مواكبتها للحراك الدبلوماسي للدول العربية المطبِّعة، بانتظار وضوح مواقف الدول الأخرى وعلى رأسها السعودية، إذ لا تلعب مصر حالياً دوراً ريادياً في السياسة العربية تجاه سورية، لا سيما مع وجود ملفات خارجية أكثر أهميةً لها كالملف الليبي وأمن المياه في سياق العلاقات مع إثيوبية.

بالمقابل، ومع ثبات الموقف القطري([28]) والكويتي([29]) المناهض للتطبيع مع النظام، يتضِّح أن الموقف السعودي في طور التبلور، مع وجود رغبة سعودية واضحة في إعادة تفعيل الدور العربي في سورية، بما يشمل الحوار مع النظام، ما تجلَّى برؤية وزارة خارجيتها بخصوص عدم جدوى سياسة عزل النظام، وعن بدء "تشكل نهج آخر لمعالجة مسألة اللاجئين السوريين في دول الجوار ومعاناة المدنيين" في ظل الاستعصاء السياسي([30])، وقيام المملكة بإرسال مساعدات إنسانية لمناطق سيطرة المعارضة والنظام كل على حدة، في إطار دبلوماسية الكارثة/الزلزال([31])، ناهيك عن اللقاءات الأمنية الاستخباراتية قبل الزلزال بين السعودية والنظام.

 على الرغم من وضوح تغيُّر المقاربة السعودية بخصوص النظام، إلا أن الموقف السعودي ما زال بطيء التبلور، إذ إنه من غير المتوقع التطبيع السعودي السريع أو الكامل مع النظام من غير وضوح صفقة تقنية، لا سيما بما يخص النفوذ الإيراني، ضمن إطار مبادرة عربية لتسوية جزئية، قد تحدث تغييراً في مسار الاستعصاء الراهن.

أما بالنسبة لتركيا، فقد كانت الرغبة التركية واضحة في إعادة النظر في طبيعة العلاقة مع النظام في سورية، وهو ما تجلَّى في عقد اجتماع بين وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات لكل من تركيا وروسيا والنظام في موسكو في كانون الأول/ديسمبر 2022([32]). وعلى الرغم من وجود اجتماع مرتقب سابقاً بين تركيا وروسيا والنظام على مستوى وزراء الخارجية في شباط/فبراير الماضي([33])، إلا أن الاجتماع تأجل نظراً لظروف الزلزال، ومن المتوقع عقده خلال شهر آذار/مارس الحالي([34]).حيث لم تسهم دبلوماسية الكوارث في زيادة وتيرة مسار التطبيع على المستوى السياسي بين تركيا والنظام، مقارنةً بأثرها في رفع مستوى العلاقات التركية - المصرية التي تجلَّت بالزيارة الأولى لوزير خارجية مصري لتركيا منذ عشر سنوات([35]).

لهذا، وبالأخذ بعين الاعتبار الفجوة الكبيرة بين الجانبين، تركيا والنظام، تبقى إمكانية أن يحقق مسار التطبيع بين تركيا والنظام تقدماً ملموساً على المدى المنظور منخفضة، نظراً الانشغال الداخلي التركي بكارثة الزلزال والانتخابات المقبلة. إلَّا أن ذلك لا يغيِّر من واقع حضورها كملف انتخابي، وأهمية التطبيع في السياسة الخارجية التركية على المدى المتوسط، لاعتبارات أمنية، ولاعتبارات سياسية داخلية تتعلق بملف اللاجئين، ورؤية أغلب الأحزاب السياسة لتطبيع العلاقات مع النظام كعامل مساهم في ملف العودة.

مستقبل التطبيع وتفاعل الديناميات الدولية والإقليمية

دولياً، سيبقى النظام في حالة من العزلة الدولية في ظل استمرارية العقوبات الأمريكية والأوروبية، والتي تأتي استثناءاتها الأخيرة المؤقتة ضمن ملف إدارة الشأن الإغاثي والإنساني، من غير وجود مؤشرات عن دلالات سياسية لذلك. ومن غير المرجَّح أن يكون لكارثة الزلزال أثرٌ في إعادة تأهيل النظام دولياً، أو حدوث تغيُّر على المستوى الكلِّي في السياسة الأمريكية أو الأوروبية تجاه النظام، لا سيما مع استمرار حالة الاستقطاب الغربي - الروسي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وعلى الرغم من عدم وجود موقف غربي لمواجهة روسيا على الساحة السورية، كذلك الموجود في أوكرانيا، إلا أن الموقف الغربي ما زال ممانعاً لإعادة تأهيل الأسد أو منح روسيا نصراً في سورية.

إقليمياً، لا يبدو أن العقوبات الأمريكية والأوروبية بشكلها الحالي عائقٌ أمام تطبيع العلاقات بين النظام ودول الإقليم، إلا أنها ستبقى محدِّدة لمستوى وشكل هذا التطبيع، إذ لم يكن للرفض الدبلوماسي الغربي أثرٌ في منع تطوُّر هذا المسار الذي بدأ يتبلور منذ 2021. وفي ظل غياب بوادر حل سياسي دولي في المدى المنظور، سيستمر مسار التطبيع السياسي الثنائي بين النظام ودول الإقليم، مع شمله لتفاهمات أمنية واقتصادية محدودة مراعية للعقوبات الدولية، بيد أن عودة النظام للجامعة العربية ما يزال مستعبداً حالياً، مع عدم وجود موقف عربي موحد ومبادرة عربية رسمية للحل على المستويات الأمنية والسياسية، وصعوبة تقديم ذلك دولياً في الوقت الراهن، وارتباط ذلك أيضاً بمدى تجاوب سلوك النظام مع الخطوات العربية في كل من ملفات: تهريب المخدرات، وطبيعة العلاقة مع إيران، وعودة اللاجئين.

بالنسبة للنظام، فإن امتلاكه – فرضياً – الرغبة في إنجاز تفاهمات بخصوص الملفات الثلاثة لا يعني امتلاكه القدرة على ذلك، على الأقل فيما يخص العلاقة مع إيران التي غدت متجذرة في سورية عسكرياً وأمنياً واقتصادياً. فهو يجد هذه المبادرات كمساحة مناورة سياسية بين مبادرتين: العربية والروسية - التركية، وفرصة لإعادة تأهيله إقليمياً عبر تفاهمات ثنائية، من غير الدخول في مسار حل سياسي شامل، ناهيك عن كونها فرصة اقتصادية في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها، والاستنزاف الذي يشهده حليفه الروسي في أوكرانيا، والاضطرابات التي تواجهها إيران داخلياً. بيد أن ذلك لا يُغيِّر من حقيقة أن إخراج إيران من سورية لم يعد أقل صعوبةً من إخراجها من لبنان أو العراق، ومن غير الواقعي الظن بأن الدبلوماسية هي الأداة المثلى لذلك.


 

([1]) فاضل خانجي، الملف السوري في وثيقة "استراتيجية الأمن القومي" الأمريكية، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 21 تشرين الأول/أكتوبر 2022، الرابط: https://cutt.us/CC3ZZ

([2]) Treasury Issues Syria General License 23 To Aid In Earthquake Disaster Relief Efforts, U.S. Department of the Treasury, 09 February 2023, Link: https://cutt.us/Ar4ho

([3]) H.Res.132 - Responding to the earthquakes in Türkiye and Syria on February 6, 2023., Congress.gov, 17 Feb 2023, Link: https://cutt.us/QhrsZ

([4]) بلينكن يلتقي ممثلين عن "الخوذ البيضاء" السورية في تركيا، العربي الجديد، 19 شباط/فبراير 2023، الرابط: https://cutt.us/fPE73

([5]) Treasury Issues Additional COVID-19-related Sanctions Authorizations and Guidance, U.S. Department of the Treasury, 17 June 2021, Link: https://cutt.us/8bIDQ

([6]) EU reiterates refusal to normalize ties with Syrian regime, Asharq al-Awsat, 05 February 2023, Link: https://cutt.us/eDjxH

([7]) Charles Lister, Is the EU starting to wobble on freezing out Assad?, Foreign Policy, 27 October 2022, https://cutt.us/WfoNy

([8]) Almost 1 million asylum applications in the EU+ in 2022, European union agency for asylum, 22 February 2023, Link: https://cutt.us/Tg3x9

([9]) Motion for a resolution - B9-0155/2023, European Parliament, 17 February 2023, Link: https://cutt.us/kRZbW

([10]) Earthquake in Türkiye and Syria: EU amends restrictive measures in place regarding Syria to facilitate the speedy delivery of humanitarian aid, Council of the EU, 23 February 2023, Link: https://cutt.us/zcu9p

([11]) الإمارات تعيد فتح سفارتها في دمشق، البيان، 28 كانون الأول/ديسمبر 2018، الرابط: https://cutt.us/lGruZ

([12]) صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس السوري، وزارة الخارجية والتعاون الدولي للإمارات، 21 أيلول/سبتمبر 2021، الرابط: https://cutt.us/Nfstp

([13]) فخامة الرئيس بشار الأسد يستقبل سمو الشيخ عبدالله بن زايد في دمشق، وزارة الخارجية والتعاون الدولي للإمارات، 09 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، الرابط: https://cutt.us/MtGFA

([14]) الإمارات وسوريا تبحثان تطوير العلاقات الاقتصادية وتوسيع الشراكة، العين الإخبارية، 06 تشرين الأول/أكتوبر 2021، الرابط: https://cutt.us/rhoMS

([15]) صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد يستقبل الرئيس بشار الأسد، وزارة الخارجية والتعاون الدولي للإمارات، 19 آذار/مارس 2022، الرابط: https://cutt.us/WyBBi

([16]) الملك يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس السوري، وكالة الأنباء الأردنية، 04 تشرين الأول/أكتوبر 2021، الرابط: https://cutt.us/jID9q

([17]) رئيس هيئة الأركان يستقبل نظيره السوري، وكالة الأنباء الأردنية، 19 أيلول/سبتمبر 2021، الرابط: https://cutt.us/KFt7F

([18]) ARMENAK TOKMAJYAN, Jordan Edges Toward Syria, Carnegie Middle East Center, 29 March 2022, Link: https://cutt.us/WPGDx

([19]) سياسة الجزائر الخارجية على مفترق طرق، منتدى فكرة، 09 آب/أغسطس 2022، الرابط: https://cutt.us/kkUnV

([20]) القمة العربية: بدء اجتماع الزعماء العرب في الجزائر وغياب قادة السعودية والإمارات والكويت والمغرب، بي بي سي العربية، 01 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، الرابط: https://cutt.us/zFAVr

([21]) الخطاب الملكي السنوي لأعمال السنة الثالثة من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، جريدة أم القرى، 16 تشرين الأول/أكتوبر 2022، الرابط: https://cutt.us/Pri9n

([22]) سفير سلطنة عُمان يسلم أوراق اعتماده لوزير الخارجية السوري، سي إن إن عربي، 04 تشرين الأول/أكتوبر 2020، الرابط: https://cutt.us/uL3an

([23]) بريت سودتيك وجورجيو كافييرو، الخطوات الدبلوماسية لسلطنة عمان في سوريا، منصة صدى - مركز كارينغي، 03 شباط/فبراير 2021، الرابط: https://cutt.us/Iit1I

([24]) جلالةُ السُّلطان المعظم يستقبل الرئيس السُّوري الذي قام بزيارة عمل إلى سلطنة عُمان، وزارة خارجية عُمان، 20 شباط/فبراير 2023، الرابط: https://cutt.us/vaLOF

([25]) قراءة تحليلية في مدى تغير مواقف الدول من نظام الأسد؛ مجرد ضوضاء أم زلزال سياسي؟، مركز الحوار السوري، 02 آذار/مارس 2023، الرابط: https://cutt.us/o29pW

([26]) بشار الأسد يعرب عن تقديره البالغ لمبادرة الرئيس السيسي بالاتصال هاتفياً عقب الزلزال، وكالة أنباء الشرق الأوسط، 27 شباط/فبراير 2023، الرابط: https://cutt.us/tdN9z

([27]) حسن صعب، العلاقات المصرية ـ السورية 2014-2021، المعهد المصري للدراسات، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، الرابط: https://cutt.us/Crsjy

([28]) وسط موجة تطبيع عربي.. قطر تجدد رفضها التقارب مع نظام الأسد، الخليج أونلاين، 01 آذار/مارس 2023، الرابط: https://cutt.us/YpLcR

([29]) وزير خارجية الكويت: ليس لدينا خطط للتواصل مع "الأسد"، الخليج أونلاين، 19 شباط/فبراير 2023، الرابط: https://cutt.us/GXg3p

([30]) فيصل بن فرحان: الحوار مع سورية مطلوب.. لا جدوى من عزلها، جريدة عكاظ، 19 شباط/فبراير 2023، الرابط: https://cutt.us/XPp29

([31]) مركز الملك سلمان للإغاثة.. أول الواصلين إلى سورية، جريدة عكاظ، 13 شباط/فبراير 2023، الرابط: https://cutt.us/QONbO

وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثامنة إلى حلب لمساعدة ضحايا الزلزال، جريدة عكاظ، 14 شباط/فبراير 2023، الرابط: https://cutt.us/32UQh

([32]) موسكو تحتضن اجتماعاً لوزراء دفاع تركيا وروسيا وسوريا، وكالة الأناضول، 29 كانون الأول/ديسمبر 2022، الرابط: https://cutt.us/EKq51

([33]) أنقرة: اجتماع مرتقب لوزراء خارجية تركيا وروسيا وسوريا مطلع فبراير، ديلي صباح، 12 كانون الثاني/يناير 2023، الرابط: https://cutt.us/3jM42

([34]) تشاووش أوغلو: اجتماع رباعي في موسكو لمناقشة الملف السوري، وكالة الأناضول، 08 آذار/مارس 2023، الرابط:  https://cutt.us/ChUVp  

([35]) الرقم: 59، التاريخ: 26 فبراير/ شباط 2023، بيان صحفي حول زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا، وزارة الخارجية التركية، 26 شباط/فبراير 2023، الرابط: https://cutt.us/nRozH

التصنيف تقدير الموقف

عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع جامعة حلب الحرة ندوة بحثية بعنوان: “العقوبات الاقتصادية الامريكية والأوربية على النظام السوري"، وذلك بتاريخ 16 حزيران 2021، بمقر الجامعة بمدينة إعزاز سورية.

بدأت الندوة بمناقشة عوامل انهيار الاقتصاد السوري، وأثر ضغط قانون قيصر على نظام الأسد، من قبل وزير المالية والاقتصاد في الحكومة المؤقتة، عبد الحكيم المصري.

كما شارك في الجلسة الثانية من مركز عمران الدكتور سنان حتاحت، مركزاً على مراحل العقوبات الاقتصادية على نظام الأسد، وقراءة أثرها على القطاعات الصناعية، وكيفية استخدامها من قبل نظام الأسد للضغط على الحاضنة الشعبية.

التصنيف الفعاليات

بتاريخ 27/11/2020؛ قدم الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية محمد العبد الله تصريحاً لقناة TRT العربية ضمن ملف حمل عنوان: "كيف أصبحت المصارف اللبنانية منفذ النظام السوري لتجنب العقوبات الدولية؟". فكك الباحث فيه المحددات التي دفعت رأس النظام السوري بشار الأسد لتصريحه الأخير عن الأموال السورية المودعة في المصارف اللبنانية، وتحميله هذه الأموال تبعية المشكلات الاقتصادية التي يتعرض لها في الوقت الحاضر.

 

للمزيد أنظر الرابط: https://bit.ly/3lmqObe