انتشرت في الآونة الأخيرة أنباء عن نية روسيّة عقد حوار بين "المجالس المحلية" المنبثقة عن اتفاقيات "خفض التصعيد" وحكومة النظام و"الإدارة الذاتية" في قاعدة حميميم، وذلك لمناقشة قضايا الدستور والانتخابات وتشكيل حكومة وطنية وترتيبات بناء الثقة، على أن يُستَتبَع الحوار بمؤتمر وطني في دمشق، يُدعى إليه كافة الفرقاء السوريين، لإقرار "المبادئ الأساسية للتسوية السياسية" والعمل بها. وفي تأكيد على هذا التوجه، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من منتدى فاليداي بمدينة سوتشي، عن مبادرته لعقد مؤتمر لـ"شعوب سورية"، إلا أنها مبادرة ما زالت قيد التبلور، بحسب الكرملين.
الموقف الروسي تجاه "المجالس المحلية" كان قد تبدّل وتحوّل من العداء لها، إلى القبول بها. إذ تُدرِكُ روسيا الطبيعة المركبة للأزمة السورية، الناجمة عن تشابك الصراعات وتعدد الأزمات وكثرة اللاعبين وتضارب مصالحهم. وفي مسعاها للتحكم بمفاتيح الحل في سورية، تبنت موسكو استراتيجية "الخطوة-خطوة"، وترجمتها واقعاً عبر سياسات تكتيكية ابتدأتها بالتدخل العسكري في أيلول 2015. لتقوم وبعد نجاحها في تطويع المعارضة العسكرية، عقب هزيمة المعارضة في حلب الشرقية نهاية العام 2016، ببناء مسار أستانة الموازي لمسار جنيف التفاوضي، والعمل على تطويره من خلال التوصل إلى خمسة اتفاقيات لـ"خفض التصعيد". ومع تعثر مسار جنيف التفاوضي وفي ظل تقهقر تنظيم "الدولة الإسلامية" في الشرق، تجد روسيا نفسها أمام استحقاق ترتيب خروجها من سورية بعد ضمان أهدافها، وما يتطلبه ذلك من ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية لشكل سورية ونظام حكمها مستقبلاً.
ضمن هذه المقاربة، تبنت موسكو بدايةً مواقف متشددة تجاه "المجالس المحلية" متهمة إياها بتأجيج العنف وبأنها صنيعة دول الغرب والخليج، ليشهد موقفها تغيّراً عقب انتكاسة المعارضة العسكرية في حلب. وهو ما اتضح من خلال إعلان موسكو القبول بـ"مجالس محلية" في مناطق "خفض التصعيد" على أن تدار من ضامني أستانة؛ روسيا وتركيا. ويُفسّرُ هذا التحول، برغبة موسكو في تطويع "المجالس المحلية" ضمن مقاربتها للحل المعبر عنها في صيغة مقترحها للدستور، والاستفادة منها في تدعيم بنية "الدولة السورية" وشرعنة اتفاق الحل السياسي، وإنجاز الاستحقاقات الخدمية.
لم تفصح موسكو في بداية مسار أستانة عن رؤيتها الكاملة تجاه التعاطي مع ملف "المجالس المحلية"، ربما مراعاةً لطهران ودمشق، ورغبة منها في إنضاج رؤيتها حول كيفية مشاركة "المجالس" في الترتيبات القادمة، وفقاً لتطور المؤشرات العسكرية والسياسية. بالإضافة إلى رغبتها في فتح قنوات تواصل مع "المجالس" بشكل مباشر وغير مباشر. وتشهد هذه المرحلة تزايد اهتمام المراكز البحثية الروسية بملف "المجالس" واختبار قدراتها الواقعية على إدارة مناطقها، وكانت النتيجة قبول روسيا تضمين "المجالس المحلية" في اتفاقي "خفض التصعيد" في الغوطة الشرقية والجنوب السوري، على أن يعاد تشكيلها لاحقاً.
وترددت أنباء عن رغبة موسكو بعقد مؤتمر حميميم بمشاركة "المجالس المحلية" إلى جانب عدد من الفرقاء السوريين. لتتبعها مبادرة الرئيس الروسي لعقد مؤتمر "شعوب سورية"، التي ما تزال قيد التبلور، في ظل تكهنات عن مساعي روسيا لإشراك "المجالس المحلية"، في كلا الطرحين.
ولكي تضمن موسكو التحكم بـ"المجالس المحلية" المقدر تعدادها بـ480 بين مُقيم ومُهجّر، عملت على توظيف أدوات متعددة بغية التأثير عليها، وصولاً إلى تطويعها كعنصر دافع لرؤيتها لتسوية الأزمة السورية. وتشتمل هذه الأدوات توظيف موسكو الترتيبات الناشئة عن اتفاقيات التفاوض المحلي: "خفض التصعيد" و"المصالحة"، من إدخال المساعدات الغذائية ونشر حواجز ونقاط مراقبة، تشرف عليها الشرطة العسكرية الروسية، كما حدث في الغوطة الشرقية، لبناء تواصل مباشر مع "المجالس المحلية" على أن يتم إعادة تشكيلها وإلحاقها بحكومة النظام في وقت لاحق. كذلك تعمل روسيا على تسهيل مهام شخصيات محسوبة عليها لتحقيق اختراق لـ"المجالس المحلية"، عبر التقدم بطروحات لتمويلها وتوفير احتياجاتها من الخدمات وضمان أمن مناطقها. وهو العرض الذي تقدم به رئيس "الإئتلاف" الأسبق أحمد الجربا، لبعض مجالس ريف حمص الشمالي، بحسب أحد النشطاء المحليين. كما تعمل موسكو على توظيف الضغط العسكري على مناطق "المجالس" لدفعها للقبول بالطروحات الروسية، كما يُلاحظ في مناطق ريف حلب الغربي ومحافظة إدلب. ويتوقع في هذا الصدد لجوء موسكو إلى قوى إقليمية لها تأثير على "المجالس" لفتح قنوات تواصل معها.
وفيما يتعلق بموقف "المجالس المحلية" تجاه الطروحات الروسية، نفى ممثلو عدد منها، عقد أي لقاءات مباشرة مع الجانب الروسي، كما أكدوا عدم تلقيهم دعوات رسمية لحضور مؤتمري حميميم ودمشق، كما أفاد بذلك نائب رئيس مجلس محافظة درعا عماد البطين. بينما لم ينفوا إمكانية حدوث تواصل غير مباشر معها بوساطة طرف ثالث كوسيط. وفي حين ما تزال مبادرتا موسكو، قيد التبلور، في انتظار تهيئة الشروط الموضوعية واستكمال التحضيرات للإعلان عنهما، تجد "المجالس المحلية" نفسها أمام اختبار جدي في كيفية التعاطي معهما. وفي هذا الصدد يتوقع انقسام "المجالس المحلية" إلى ثلاثة تيارات، إذ ستلقى هاتين المبادرتين صدى إيجابياً لدى عدد من "المجالس" ولها في ذلك مبرراتها في تثبيت نفسها كلاعب سياسي أو رغبة منها لتلافي الضغوط الأمنية والخدمية التي تمارس عليها، أو نتيجة التأثير عليها من قبل قوى إقليمية متوافقة مع الطرح الروسي. في حين سيرفض قسم من "المجالس" المشاركة في المؤتمرين ما لم يكونا تحت رعاية دولية، ومتوافقين مع مرجعية جنيف التفاوضية. أما التيار الثالث فلن يحسم موقفه تجاه القبول أو الرفض الى حين الاطلاع على المبادرتين في شكلهما النهائي.
ولكي تتلافى "المجالس المحلية" المخاطر الكامنة في طروحات موسكو لتصفيتها، فإنه يتوجب عليها العمل على إيجاد مظلة لتوحيد قرارها، بما يجعل منها كتلة قوية ومؤثرة في أي طرح سياسي. وضمن ما سبق يُقتَرَحُ إعادة تفعيل "المجلس الأعلى لمجالس المحافظات"، وفي حال تعثر ذلك، قد يكون من المفيد إنشاء "إدارات محلية" مناطقية، تتولى تمثيل مجالسها سياسياً، ككتل موحدة.
المصدر جريدة المدن الإلكترونية: https://goo.gl/AS1PRi
عقد مجلس محافظة دمشق الحرة دورة تدريبية على مدار ثلاثة أيام لكوادر الهامة المحررة شمالي دمشق وذلك بالتعاون مع وحدة المجالس المحلية ومركز عمران للدراسات الاستراتيجية حول "أساسيات في الإدارة المحلية، وقد وجهت هذه الدورة لأعضاء المجالس المحلية ومجلس محافظة دمشق بهدف إعداد كادر متخصص ونشر التوعية في مجال الإدارة المحلية.
المصدر مجلس محافظة دمشق الحرة: https://goo.gl/tE8QHl
شارك محمد منير الفقير الباحث في مسار الإدارة المحلية بمركز عمران للدراسات الاستراتيجية في أعمال المؤتمر التأسيسي الأول للمجلس الأعلى لمجالس المحافظات السورية، والذي عقد في محافظة إدلب. وقد ضم المؤتمر رؤساء مجالس عدد من المحافظات (إدلب وحلب وحماه) وأعضاء مجالس محافظات أخرى (دمشق وريف دمشق وطرطوس)، فيما تغيب رؤساء بعض المجالس الأخرى لتعذر وصولهم إلى مكان انعقاد المؤتمر. كما شارك في المؤتمر ممثلون عن مؤتمر ثوار إدلب، وممثل عن الإدارة الإسلامية للخدمات التابعة لحركة أحرار الشام. وقد استهل المؤتمر بكلمة ترحيبية لمجلس محافظة إدلب المستضيفة لهذه الفعالية السيد أحمد قسوم، ثم ألقيت كلمات لرئيسي مجلس محافظة حلب ورئيس مجلس محافظة حماه، تلتها كلمة ممثل الإدارة الإسلامية للخدمات.
أصدر البيان الختامي بإعلان تأسيس المجلس الأعلى لمجالس المحافظات السورية في مؤتمر صحفي. أعقبه الاتفاق على عقد اجتماع للمكاتب القانونية لمجالس المحافظات من أجل وضع النظام الداخلي للمجلس الأعلى وآليات عمله.
وعلى هامش المؤتمر قام الباحث بالاطلاع على بعض المشاريع التي يديرها مجلس محافظة حماه (مشروع القمح)، كما زار مجلس محافظة اللاذقية واطلع على أهم الأعمال والمشاريع التي يشرف عليها المجلس.
تكتسب مبادرة المجلس الأعلى لمجالس المحافظات أهميتها من حيث الشكل كونها تهدف إلى تأطير هيئات الحكم المحلي على المستوى الوطني، ومن حيث المضمون لجهة اعتماد معايير وطنية للإدارة والحوكمة ورسم سياسات موحدة للتعاطي مع الجهات الداعمة، ومن حيث التوقيت لانعقادها في مرحلة مفصلية في تاريخ الثورة السورية تستدعي حضور المجتمعات المحلية وإشراكها في رسم معالم المرحلة الانتقالية على المستويين السياسي والإداري ، وعدم تهميشها لاعتبارات ومصالح دولية أو إقليمية أو لاعتبارات ومصالح جهات وقوى داخلية موجودة على الساحة السورية، وإذ تشكل المبادرة مؤشراً مهماً على بروز الدور السياسي للمجالس إضافة لما تمارسه من دور خدمي، فإن تطوره مرهون بقدرة المجلس الأعلى على توحيد رؤية المجالس وإيجاد الآليات التي تمكنها من مواجهة التحديات التي تعترض تعزيز دورها في المرحلة الحالية والانتقالية وهو ما يمكن العمل عليه من خلال تبني عدة توصيات تقع في حزمتي السياسة والعلاقات والإدارة.