Omran Center

Omran Center

ملخصٌ تنفيذيّ

  • تشهد خارطة التحالفات في سوريا تغييراً ملحوظاً، حيث بدأت خلافات "ثلاثي أستانة" بالظهور للعلن على عدة مستويات، الأمر الذي يشير إلى احتمالية انفراط عقد أستانة بعد أن أدى الأهداف المشتركة للأطراف الثلاثة.
  • تعتبر الحملة العسكرية التي تشنها روسيا والنظام آخر محطات مسار أستانة، والذي حقق أهدافه العسكرية بالنسبة لموسكو، وفشل في تحقيق نتائج سياسية على مستوى الحل نتيجة لخلافات الثلاثي الراعي للمسار (روسيا، تركيا، إيران) وعرقلة أممية تتمثل بإعادة تفعيل مسار جنيف.
  • تحاول موسكو طي صفحة منطقة "خفض التصعيد" الرابعة على غرار سابقاتها من المناطق، مدفوعة برغبتها في تأمين الطرق الدولية لإنعاش الوضع الاقتصادي المتهالك للنظام، ومستغلةً رفع الفيتو التركي عن المعركة.
  • رفع الفيتو التركي عن المعركة والصمت إزاء التصعيد الروسي، ناتج على ما يبدو عن تغيّر أولويات أنقرة بعد التقارب مع الولايات المتحدة حول المنطقة الآمنة، باتجاه تأمين الشريط الحدودي مع سوريا دون التوغل في العمق السوري.
  • لا يشير الصمت التركي عن التصعيد العسكري الأخير لروسيا والنظام إلى وجود صفقة مقايضة (منطقة مقابل منطقة)، بقدر ما يشير إلى رفع الفيتو التركي (غض طرف) عن عمل عسكري روسي يحقق ما لم تنجزه أنقرة على عدة مستويات.
  • يبدو من خلال بيانات ومواقف الفصائل العاملة في المنطقة منزوعة السلاح والمعارك التي لاتزال تخوضها ضد قوات النظام وحلفائه؛ أنها ليست جزءاً من تفاهمات أنقرة مع موسكو، ليبقى موقف هيئة "تحرير الشام" ملتبساً، وهي صاحبة السيطرة الأكبر في المنطقة والموقف الأكثر مرونة بين الفصائل الأخرى حول دخول الدوريات الروسية للمنطقة العازلة.
  • الظروف المحيطة بالمعركة سياسياً وعسكرياً، تشير إلى أن العملية ليست لمجرد الضغط فقط لتسيير الدوريات الروسية وفتح الطرق الدولية، وإنما الهدف منها تصفية الفصائل الرافضة للدوريات الروسية عبر قضم مناطقها والتوغل إلى عمق معيّن يؤمن لموسكو عدة أهداف أُخرى.

مدخل

عقب انتهاء أعمال الجولة الثانية عشرة من اجتماع أستانة بتاريخ 25-26 نسيان/أبريل؛ أطلق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من بكين تصريحات منافية لما تم التوافق عليه في الاجتماع، حيث اعتبر أن "احتمال المعركة على إدلب لايزال قائماً غير أن التوقيت ليس مناسباً"([1])؛ لتبدأ بعد تلك التصريحات عملية تصعيد عسكري من قبل روسيا والنظام لم تشهدها منطقة "خفض التصعيد" الرابعة منذ اتفاق سوتشي في سبتمبر/أيلول 2018.

 تمثّل التصعيد العسكريّ بقصف جويّ عنيف على عشرات القرى والبلدات في المنطقة، شمل أرياف حماه الشمالي والغربي وإدلب الجنوبي بالتزامن مع حشود عسكرية للنظام ومحاولات للتقدم في قرى ريفي حماه الشمالي والغربي، بالمقابل ردت فصائل المعارضة وهيئة "تحرير الشام" المتواجدة في المنطقة بتصعيد حسب إمكاناتها، وتمكّنت من صد بعض هجمات النظام المدعومة بالطيران الروسي المكثّف معلنة موقفاً حاسماً من التصدي لأي محاولة للتقدم. لتبقى المعارك إلى لحظة كتابة هذه الورقة بين كرّ وفرّ من قبل الطرفين، مقابل تقدم النظام في بعض قرى ريفي حماه الشمالي والشمالي الغربي.

يأتي ذلك التصعيد وسط تنديد أمريكي أوروبي خجول، وصمت لافت من الضامن التركي، الطرف المعنيّ باتفاق سوتشي، حيث بدأت تركيا والفصائل المتحالفة معها بالتزامن مع التصعيد الروسي عملاً عسكرياً بدا محدوداً في ريف حلب الشمالي ضد وحدات الحماية الكردية، مما أوحى بوجود تفاهمات حول ما يجري، أو ما اعتبره البعض "صفقة مقايضة" بين موسكو وأنقرة.

وعليه، تسعى هذه الورقة إلى فهم دوافع موسكو لخرق تفاهماتها مع أنقرة حول منطقة "خفض التصعيد" الرابعة، في الوقت الذي يكاد يسير فيه الملف السوري باتجاه إطلاق العمليّة السياسيّة وطي صفحة العسكرة، مقابل فهم دلالات الموقف الصامت للضامن التركي إزاء هذا التصعيد العسكري على المنطقة. كما تسعى الورقة إلى استشراف حدود هذا التصعيد الروسي عسكرياً وما يمكن أن يفضي إليه من تغييرات في حدود منطقة "خفض التصعيد" الرابعة. إضافة إلى حدوده السياسية وآثاره المحتملة على مستقبل مسار أستانة،

أولاً: الحملة العسكرية (الظروف المُشكّلة للدوافع)

لا يمكن فصل التحرك العسكري لموسكو والنظام في هذا التوقيت عن جملة من المتغيرات على مستوى الملف السوري سياسياً، والتي يمكن أن تشكل دوافع هذا التصعيد الروسي، ولعل أبرزها:

  1. تحالفات جديدة: تشهد خارطة التحالفات في سوريا تغييراً ملحوظاً بعد انحسار الأعمال العسكرية، نتيجة تراجع مساحات سيطرة المعارضة وإعلان نهاية تنظيم الدولة، حيث بدأت خلافات "ثلاثي أستانة" بالظهور للعلن على عدة مستويات، وخصوصاً بين إيران وروسيا من ناحية، وبين موسكو وأنقرة من ناحية أخرى، الأمر الذي يشير إلى احتمالية انفراط عقد أستانة بعد أن أدى الأهداف المشتركة للأطراف الثلاثة، والتي باتت تتنافس على تثبيت مكاسبها على الأرض عبر تحالفات جديدة.
  2. فشل سياسي: يبدو أن خلافات الرعاة الثلاثة لأستانة انعكست بشكل فشل الجولة الثانية عشرة في إعلان تشكيل اللجنة الدستورية وإحالتها إلى جنيف، مما يعني فشلاً في تحويل هذا المسار إلى بديل عن المسار الأممي المتمثل في جنيف. وهذا ما يمكن اعتباره إخفاقاً لموسكو في تحويل النتائج التكتيكية التي أحرزتها من مسار "سوتشي" على المستوى العسكري إلى نتائج استراتيجية على مستوى الحل السياسي، بشكل يمكنّها من الانفراد بمسار هذا الحل وإقصاء (إيران وتركيا) عنه من جهة، إضافة لمجموعة العمل المصغرة (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، مصر، السعودية، الأردن) من جهة أخرى، وهذا ما يؤكده فشل موسكو على مستوى تعويم نظام الأسد عربياً، أو على مستوى إطلاق عملية إعادة إعمار بأموال خليجية وتنشيط عودة اللاجئين، خاصة في دول الجوار السوري.
  3. عجزٌ تركيّ: لم تفلح أنقرة منذ اتفاق أستانة 6 في سبتمبر /أيلول 2017، أي قبل عام من اتفاق سوتشي بتنفيذ التزاماتها اتجاه موسكو، والمتمثلة بتشكيل منطقة عازلة بفصائل منضبطة وتفكيك التنظيمات الإرهابية؛ ليستمر هذا الفشل في تطبيق بنود اتفاق سوتشي المتمثلة بفتح الطرق الدولية (M4، M5)، والذي تجاوز بكثير المهل الزمنية التي نص عليها الاتفاق، مما جعل صبر موسكو ينفد وخلق لها ذريعة لفتح معركة لتحقيق ما لم تنجزه أنقرة على عدة مستويات، دون رد فعل من الشريك التركي في اتفاق سوتشي.

من خلال استعراض العوامل السابقة، والتي يمكن اعتبارها بمجملها دوافع للتصعيد الروسي اتجاه منطقة "خفض التصعيد" الرابعة، يمكن فهم التحرك الروسي على أنه إعلان بداية نهاية مسار أستانة كمسار عسكري تكتيكي بعد فشله بالتحول إلى مسار سياسي وتصاعد الخلافات بين أطرافه، فموسكو تحاول طي صفحة منطقة "خفض التصعيد" الرابعة على غرار سابقاتها من المناطق كخطوة أخيرة باتجاه طي صفحة مسار أستانة، مدفوعة برغبتها في تأمين الطرق الدولية لإنعاش الوضع الاقتصادي المتهالك للنظام، وتأمين قواعدها العسكرية في المنطقة، مستغلةً رفع الفيتو التركي عن المعركة، والناتج على ما يبدو عن تغيّر أولويات أنقرة بعد التقارب مع الولايات المتحدة حول المنطقة الآمنة باتجاه تأمين الشريط الحدودي مع سوريا دون التوغل في العمق السوري.

ثانياً: المعركة والفصائل (الموقف التركي)

لا يشير الصمت التركي عن التصعيد العسكري الأخير لروسيا والنظام إلى وجود صفقة مقايضة (منطقة مقابل منطقة)؛ بقدر ما يشير إلى  رفع الفيتو التركي (غض طرف) عن عمل عسكري روسي يحقق ما لم تنجزه أنقرة على مستوى ضمان أمن قاعدة حميميم الروسية من هجمات المعارضة، وتأمين ريفي حماه واللاذقية الخاضعين لسيطرة النظام، إضافة لفتح الطرق الدولية وتأمينها عبر دوريات روسية تركية، إذ يبدو أن أنقرة أصبحت معنية أكثر بتأمين شريطها الحدودي بعد ما يشاع عن تسوية خلافاتها مع واشنطن حول المنطقة الآمنة، وبذلك فهي تسعى اليوم لتصفية الجيب الخاضع لسيطرة وحدات الحماية "الكردية" في ريف حلب الشمالي بالتوافق مع موسكو، وهي في هذا الإطار تحاول التنازل عن ملف تفكيك "هيئة تحرير الشام" والمنطقة منزوعة السلاح لصالح موسكو وتوفير جهودها لمعارك ريف حلب الشمالي وترتيبات المنطقة الآمنة، خاصةً وأن جزءاً من فشل أنقرة في تنفيذ بنود سوتشي وأستانة 12 المتعلقة بالدوريات الروسية عائد لعدم قدرتها على ضبط فصائل المنطقة منزوعة السلاح بما فيها "هيئة تحرير الشام"، وهذا ما بدا واضحاً في مواقف تلك الفصائل المتحفظة على اتفاق سوتشي ذاته ([2])، ثم الرافضة لتسيير الدوريات الروسية، إضافة إلى المقاومة الشرسة التي أبدتها فصائل المنطقة المنزوعة السلاح في وجه الهجوم البري الذي شنّته قوات النظام وموسكو.

وعليه يمكن القول بأن الفصائل العاملة في المنطقة التي تتعرض لهجوم موسكو والنظام ليست مُنخرطة في أي تفاهمات روسية-تركية حول المنطقة، وهذا ما سيزيد من صعوبة موقفها العسكري كونها تقاتل دون دعم تركي على المستويين العسكري والديبلوماسي، وفي ظل حملة جوية روسية واسعة وقصف مكثف. وبالمقابل فإن معركة موسكو لن تكون بالسهولة التي اعتادت عليها في معارك الصفقات والتسويات، بحكم أن تلك الفصائل تخوض معركتها الأخيرة. 

ثالثاً: خلاصات

لا يستطيع أحد التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع الميدانية في منطقة "خفض التصعيد" الرابعة، وما هو حجم التوغل الدقيق الذي تريده موسكو داخل حدود تلك المنطقة، ولكن من خلال ما تم استعراضه يمكن الوصول إلى الخلاصات التالية، والتي قد ترسم بشكل تقريبي صورة المآلات المحتملة:

  1. تعتبر الحملة العسكرية التي تشنها روسيا والنظام آخر محطات مسار أستانة، والذي حقق أهدافه العسكرية بالنسبة لموسكو، وفشل في تحقيق نتائج سياسية على مستوى الحل نتيجة لخلافات الثلاثي الراعي للمسار (روسيا، تركيا، إيران) وعرقلة أممية تتمثل بإعادة تفعيل مسار جنيف.
  2. التقدم في محادثات أنقرة مع واشنطن بخصوص المنطقة العازلة أحدث على ما يبدو تحولاً في أولويات أنقرة؛ يتمثل بالتنسيق مع موسكو حول تصفية جيب وحدات الحماية "الكردية" في ريف حلب الشمالي، وترك تنفيذ بنود اتفاق سوتشي العالقة لروسيا.
  3. انسحاب فصائل "الجيش الوطني" المدعومة من تركيا من القرى الثلاثة التي سيطرت عليها في ريف حلب الشمالي بالتزامن مع فشل قوات النظام بالتقدم خلال اليوم الأول للحملة في ريف حماه؛ يشير إلى أن استحواذ تركيا على أي أراضي جديدة في ريف حلب الشمالي رهن باستحواذ قوات النظام على مناطق داخل المنطقة منزوعة السلاح وبالعمق المحدد بين الطرفين.
  4. يبدو من خلال بيانات ومواقف الفصائل العاملة في المنطقة منزوعة السلاح والمعارك التي لاتزال تخوضها ضد قوات النظام وحلفائه؛ أنها ليست جزءاً من تفاهمات أنقرة مع موسكو، ليبقى موقف هيئة "تحرير الشام" ملتبساً، وهي صاحبة السيطرة الأكبر في المنطقة والموقف الأكثر مرونة بين الفصائل الأخرى حول دخول الدوريات الروسية للمنطقة العازلة، حيث لم ترفض تسيير الدوريات الروسية بالمطلق، ولكنها اشترطت أن ترافقها، إضافة لعدة شروط أخرى ([5]).
  5. الظروف المحيطة بالمعركة سياسياً (تفاهمات موسكو وأنقرة) وعسكرياً (إصرار قوات النظام على التوغل البري)، تشير إلى أن العملية ليست لمجرد الضغط فقط لتسيير الدوريات الروسية وفتح الطرق الدولية وتأمين قواعد روسيا العسكرية في المنطقة، وإنما الهدف منها تصفية الفصائل الرافضة للدوريات الروسية عبر قضم مناطقها والتوغل إلى عمق قد يصل، بحسب خبراء إلى 25 كم لتأمين الطرق الدولية ([6])، ثم التوقف عند هذا الحد الذي يؤمن لموسكو أهدافها بتأمين ريفي حماه واللاذقية من ناحية بما فيها من قواعد ومطارات عسكرية روسية، وفتح وتأمين طرق التجارة الدولية من ناحية أخرى. وبذلك تكون موسكو قد سيطرت على المناطق السهليّة من إدلب وحاصرت هيئة "تحرير الشام" وباقي التنظيمات في جيب جبلي ضيق وكثافة مدنية عالية.

خريطة رقم (1): مواقع النفوذ والسيطرة، إدلب وما حولها، 10 أيار 2019

خاتمة

تدفع اليوم منطقة "خفض التصعيد" الرابعة ما دفعته سابقاتها من المناطق كثمن لتراكم الأخطاء السياسية والعسكرية، وعلى رأسها خطأ الانخراط في مسار أستانة، والذي أتاح للنظام الفرصة لالتقاط أنفاسه وتجميع قواه والاستفراد في مناطق "خفض التصعيد" الواحدة تلو الأخرى. واليوم وحتى في بوادر نهاية هذا المسار نتيجة لخلافات الثلاثي القائم عليه؛ فإن نظام الأسد لايزال يستفيد من تلك الخلافات والتي أمنّت ولازالت له العديد من الهوامش التي يتنقّل بينها، فالنظام إلى اليوم يعتاش على خلافات القوى الفاعلة المنخرطة في الملف السوري وذات المصالح المتضاربة.


(1) بوتين: خيار شنّ عملية عسكرية في إدلب يظل قائماً، موقع TRT عربي، 27 أبريل 2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/3047whD

([2]) انظر، ساشا العلو، اتفاق إدلب في حسابات الربح والخسارة: المقدمات والتحديات والمصير، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 12 نوفمبر 2018، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2Rspg4T

 ([3]) المصدر: وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية.

([4]) المرجع السابق.

([5]) ياديون في المعارضة يشرحون ما يحدث في إدلب، جريدة عنب بلدي، 7/5/2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2VnNBM2

([6]) “الغارديان” تتحدث عن ترتيبات بين روسيا وتركيا بشأن إدلب وتل رفعت، جريدة عنب بلدي، 8/5/2019، متوافر على الرابط: https://bit.ly/2Jm6isa

ملخص تنفيذي

  • يحاول النظام احتواء المخاطر الناجمة عن تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي، من خلال تبني سياسات وإجراءات تتصل بإصلاح مؤسسات الدولة، وإعادة توجيه الإنفاق العام، والدفع بإصلاح القطاع العام الاقتصادي.
  • ساهمت عدة منظمات دولية بإعداد الوثيقة التنفيذية لإصلاح القطاع العام الاقتصادي، ومما يلحظ غياب الإجماع الحكومي على مقاربة موحدة لإصلاح هذا القطاع، في ظل تباين مصالح ورؤى الجهات المعنية بالأمر.
  • من غير المحتمل لوثيقة إصلاح القطاع العام الاقتصادي أن تجد طريقها للتنفيذ وأن تنجح فيما تصبو إليه، في ظل شيوع الفساد والافتقاد للموارد المالية والكوادر البشرية، والتنافس الروسي الإيراني للاستحواذ على هذا القطاع.
  • تظهر المعطيات تملص الحكومة من التزاماتها المتعلقة بتأمين المواد الأساسية المدعومة كالمشتقات النفطية، في ظل بروز مؤشرات على تعهيد هذه المسؤولية للقطاع الخاص، وما سيترتب على ذلك من آثار سلبية في قطاعات عدة نتيجة لتحرير الأسعار، وإمكانية التلاعب بها من قبل هذا القطاع
  • لا يتوقع لقرار إتاحة استيراد المشتقات النفطية من قبل القطاع الخاص أن يؤسس لحالة تنافسية، في ظل احتكار رامي مخلوف عبر شركائه وأذرعه لهذا القطاع.
  • يعاني القطاع العقاري أزمة خانقة ناجمة عن غياب الطلب على العقار المنشئ حديثاً لارتفاع كلفته، وعزوف الشركات الكبرى الأجنبية عن الاستثمار في المشاريع العقارية الكبيرة مخافة استهدافها بالعقوبات الأمريكية، ويعتبر قرار مجلس محافظة دمشق طي قرار فرض غرامات على أصحاب العرصات المعدة للبناء في حال عدم الترخيص، مؤشراً على هذه الأزمة.
  • من شأن منح إيران عقد استثمار ميناء اللاذقية بجزئه أو كله أن يزيد حدة التنافس الروسي الإيراني، وأن يستجلب مخاطر أمنية وعسكرية، كذلك أن يعزز العقوبات الأمريكية على سورية.

الواقع الحوكمي والإدارة المحلية

تصدرت ملفات الإصلاح الإداري والإنفاق الحكومي وإصلاح القطاع العام برنامج عمل حكومة النظام السوري خلال شهر آذار 2019.

اتخذ مجلس الوزراء عدداً من الإجراءات والقرارات في إطار مواصلة عملية الإصلاح الإداري لمؤسسات الدولة، حيث اعتمد المجلس الدليل التنظيمي لمديريات التنمية الإدارية في الوزارات بهدف توحيد السياسات والإجراءات المتعلقة بالتنمية الإدارية، ووضع أسس ومعايير محددة للبنية التنظيمية لهذه المديريات وتعزيز كفاءتها، وعدم التداخل بين مهام المديريات والوحدات التنظيمية في الجهات العامة، وأشارت وزيرة التنمية الإدارية سلام سفاف في هذا الصدد، بأن اعتماد المجلس للدليل التنظيمي يعتبر الخطوة الأولى في الإصلاح الإداري، لما يؤمنه من آليات عمل مشتركة وتوضيح للمهام والتنسيق بين مديريات التنمية الإدارية بالجهات العامة وبين وزارة التنمية الإدارية، كما أقر مجلس الوزراء مشروع تحديث بنية الوظيفة العامة الذي تقدمت به وزارة التنمية الإدارية، والذي يهدف إلى الارتقاء بالإدارة العامة وتعزيز كفاءة وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين ومواجهة آثار الأزمة وانعكاساتها، وعلاوة على ما سبق، تعمل وزارة التنمية الإدارية على صياغة قانوني الخدمة العامة والتنظيم المؤسساتي ليحلا مكان القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004.

أعاد المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي ترتيب أولويات إنفاق الموازنة العامة للدولة، وفق الاستحقاقات البنيوية العميقة في التنمية، وبما يتيح مواجهة التحديات القائمة سيما العقوبات الأوربية والأمريكية، ووضع المجلس الاحتياجات الأساسية من نفط وقمح ودواء، كذلك الاعتبارات الإنتاجية في مقدمة الأولويات التي سيجري على أساسها توجيه بوصلة الإنفاق في سياق الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2019، حيث تم التوجيه بخفض ما نسبته 25% من النفقات الإدارية ونقل الوفورات المالية المتحققة والمقدرة بـــ 200 مليار ل.س، لتعزيز قدرات قطاع الطاقة من نفط وكهرباء ودعم الجهات الاقتصادية الإنتاجية، وفي محاولة لضبط الإنفاق وترشيده، كلف مجلس الوزراء الجهاز المركزي للرقابة المالية تدقيق وإصدار موازنات المؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي التي بدأت تمول نفسها ذاتياً والمراقبة الدورية لها، وضبط مؤشرات عملها لزيادة فاعليتها الاقتصادية وتحقيق معدلات ربح أعلى.

أقرت لجنة السياسات والبرامج الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء الوثيقة التنفيذية لإصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي، حيث سيتم العمل على إيجاد المرجعية القانونية المطلوبة وتصنيف المؤسسات وتحليل واقعها، وإعادة الهيكلية الإدارية والتنظيمية والمالية واعتماد النموذج الإصلاحي الخاص بكل مؤسسة، على أن يمثل مشروع إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي أحد روافد المشروع الوطني للإصلاح الإداري.

أبرز معطيات الاقتصاد السوري

يتطرق هذا القسم إلى أبرز معطيات قطاعات الاقتصاد السوري، وفق منهجية تقوم على رصد القطاعات الأساسية واستعراض أبرز الأخبار الدالة واستخلاص المؤشرات النوعية.

المصارف والمؤسسات المالية

  • وقع بنك البركة مع اتحاد المصدرين السوريين اتفاقية تعاون تهدف إلى تقديم خدمات مصرفية للمصدرين.
  • كشفت بيانات هيئة الإشراف على التأمين أن إجمالي أقساط شركات التأمين الخاصة من دون التأمين الإلزامي على السيارات سجلت خلال عام 2018 نحو 8.5 مليارات ل.س، بمعدل نمو 14.8% عن عام 2017.
  • طلب مجلس النقد والتسليف في مصرف سورية المركزي من المصرف العقاري التريث بمنح قرض البطاقة "سيريا كارد"، وبرر المجلس قراره بعدم حصول المصرف العقاري على موافقة مسبقة من مجلس النقد لاستئناف منح هذا القرض.
  • أظهرت بيانات عام 2018 تحسناً في الأداء العام للقطاع المصرفي الخاص، حيث بلغت أرباح المصارف الخاصة الأربعة عشر نحو 13.8 مليار ل.س في عام 2018، بزيادة نسبتها 144% عن عام 2017، وكان نصيب المصارف الإسلامية ما يزيد قليلاً على 55% من إجمالي أرباح القطاع المصرفي الخاص، مقابل نحو 45% للمصارف للتقليدية.

المالية العامة

  • ضاعف مصرف سورية المركزي نسبة الاحتفاظ بمراكز القطع التشغيلية (مدينة أو دائنة) لكل مصرف مسموح له التعامل بالقطع الأجنبي، لتصبح 2% بدلاً من 1% من مجموع عناصر الأموال الخاصة الأساسية الصافية، ما يتيح للمصارف هامشاً أكبر للاحتفاظ بالقطع الأجنبي، كما ضاعف القرار نسبة مبيعات القطع الأجنبي اليومية المسموح بها لتصبح 1% بدلاً من 5 بالألف، لتلبية طلبات التمويل بالقطع الأجنبي عن طريق المصارف العاملة.

النقل

  • أعلنت مؤسسة الطيران العربية السورية عودة الرحلات من أبو ظبي إلى اللاذقية بدءاً من يوم السادس والعشرين من آذار الجاري، وذلك لتغطية الطلب الكبير على السفر من الإمارات إلى سورية.
  • تسلمت وزارة الإدارة المحلية 50 باص نقل داخلي حديثة الصنع ذات منشأ صيني من نوع "هيغر أتوماتيك"، وتعتبر هذه الدفعة الثانية من نوعها من أصل 200 باص تم التعاقد بخصوصها.
  • كشف المدير العام لمؤسسة الطيران المدني إياد زيدان عن أولويات المؤسسة للمرحلة القادمة وتشمل؛ 1) تأهيل المطارات المدنية، 2) دراسة إمكانية تحويل بعض المطارات القائمة في عدد من المحافظات إلى مطارات مدنية كمطار طرطوس الزراعي، 3) رفع مستوى الأداء في مطار القامشلي الدولي.
  • وصل أول قطار محمل بــ 1500 طن من الحبوب إلى صوامع الناصرية بريف دمشق قادماً من مرفأ اللاذقية، وذلك عقب توقف هذا الخط خلال سنوات الأزمة.

الزراعة

التجارة والصناعة

  • كشفت معاونة مدير هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات سامية المعري عن الانحدار في قيم الصادرات بين أعوام 2010-2017، حيث انخفضت من 12 مليار دولار في عام 2010 لتصل إلى 700 مليون دولار في عام 2017.
  • تم استئناف العمل في الشركة السورية لصناعة الاسمنت عقب إعادة تشغيل فرن المعمل الثالث بطاقة إنتاجية تصل إلى 3300 طن كلنكر يومياً.
  • بلغت قيمة مستوردات سورية من مستلزمات الصناعة لعام 2018 نحو 3.9 مليارات يورو مقابل 1.5 مليار يورو لعام 2015، وذلك بحسب تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.
  • أصدرت المؤسسة العامة للصناعات النسيجية تقريرها الربعي المتعلق بالمؤشرات الاقتصادية لغاية بداية شهر آذار 2019، حيث بلغت قيمة الإنتاج السلعي للمؤسسة نحو 5.96 مليارات ل.س، مقابل 14.85 مليار ل.س المخطط له، كما بلغت قيمة المبيعات الإجمالية للشركات التابعة للمؤسسة 6.85 مليارات ل.س مقابل 14.85 مليون ل.س المخطط له.
  • بلغ عدد المخابز على مستوى الجمهورية العربية السورية 270 منها 95 متوقفة، في حين بلغت كمية إنتاج الخبز في عام 2018 نحو 820207 طناً،
  • وافق مجلس الوزراء على الإعلان عن بدء الاكتتاب في المناطق الصناعية والحرفية التي يتم إنشاؤها بالمحافظات والتي وصلت نسب إنجاز البنى التحتية فيها 80%.
  • أصدر رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس قراراً يسمح لغرف الصناعة والتجارة المشتركة باستيراد مادتي الفيول والمازوت براً وبحراً للصناعيين فقط لمدة ثلاثة أشهر، بموجب توصية اللجنة الاقتصادية الصادرة مسبقاً بهذا الخصوص ضماناً لاستمرارية الإنتاج.
  • وافق مجلس الوزراء على تشكيل لجان متابعة للمشاريع المتعثرة بين القطاعين العام والخاص، واتخاذ الإجراءات التي تعزز فرص تشغيلها.
  • أصدر رئيس الوزراء الآلية الجديدة لقبول وتصديق الوثائق التجارية للبضائع الموردة إلى سورية، واستيفاء الرسوم القنصلية، بناء على توصية اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء.
  • بلغ إجمالي الأرباح المحققة في الشركات التابعة للمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية نحو 1.1 مليار ل.س، في حين بلغت الخسائر المحققة لدى بعض الشركات التابعة حوالي 6.9 مليارات ل.س. وبالتالي يكون الرصيد الصافي نحو 5.8 مليارات ل.س خسائر محققة خلال 2018.
  • وافق مجلس إدارة هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات على تقديم دعم لمنتجي الخيوط المغزولة اعتباراً من نيسان 2019 ولغاية آذار 2020.
  • توقفت 510 منشأة من أصل 1249 تعمل في مجال صناعة النسيج الدائري (السيركولير) في حلب، وذلك نتيجة النقص الكبير في أسواق حلب من الأقمشة (المصنرة) الأساسية في صناعتهم.
  • أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن حل وتصفية شركة "مجموعة سوا" بناء على رغبة مالكيها، وتأسست الشركة في عام 2014، وتعود ملكيتها إلى طارق بن عبد العزيز الدسوقي وكمال فوزي القباني إلى جانب الحبال.

الطاقة والكهرباء

  • بلغ الإنتاج اليومي من الكهرباء بحسب التصريحات الحكومية 4000 ميغا واط ساعي، يتم تخصيص 1.15 مليون كيلو واط (ما نسبته 1.2% من الإنتاج الكلي للكهرباء) للإنارة، بكلفة تقدر بــ 80.6 مليون ل.س، أي حوالي 29.4 مليار ل.س في السنة.
  • كشف مدير عام شركة كهرباء دير الزور خالد لطفي إن ديون الشركة على القطاعين العام والخاص تجاوزت 1.5 مليار ل.س.
  • أبرمت وزارة الكهرباء ومدينة الشيخ نجار الصناعية بحلب اتفاقاً لتنفيذ وتشغيل محطة الطاقة الشمسية في الشيخ نجار باستطاعة 30 ميغا واط ساعي.

العمل

  • أقر مجلس الوزراء الضوابط والأسس اللازمة لإعادة العامل (المستقيل أو المعتبر بحكم المستقيل) إلى وظيفة تتوافر فيه شروط شغلها وبأجره السابق، تفادياً لوقوع ارتباكات من شأنها التأثير على الاستقرار الوظيفي للعاملين وعلى حسن ودوام عمل المرفق العام.

الإسكان

  • انخفضت نسبة مخالفات البناء في محافظة ريف دمشق بما يزيد عن 85% في عامي 2017-2018، بحسب ما أفاد به مدير دائرة مكتب محافظ ريف دمشق عصام النصر الله، وذلك نتيجة التشدد في ملاحقة المخالفات وإقالة رؤساء البلديات المتورطين في عمليات المخالفات.
  • بلغ عدد السكان العائدين إلى مدينة حرستا 20 ألف نسمة بحسب ما أفاد به رئيس مجلسها عدنان الوزة، وقد قامت منظمات وهيئات منها بــطركية الروم الأرثوذكسي وجمعية حرستا الخيرية بترميم عدد من المنازل في المدينة.
  • كشف عضو المكتب التنفيذي لقطاع الخدمات والمرافق ورئيس لجنة استلام منطقة اليرموك سمير الجزائرلي عن مشروع لإعداد الدراسات التنظيمية التفصيلية اللازمة لتقييم وتقويم المخطط التنظيمي لمخيم اليرموك.
  • قرر مجلس محافظة دمشق في جلسته الأولى من دورته الثانية للعام الحالي طي قراره رقم 4 م.د لعام 2018 المتضمن إخضاع مقاسم منطقة ماروتا سيتي لأحكام المرسوم التشريعي رقم 82 لعام 2010 لجهة فرض غرامات على أصحاب العرصات المعدة للبناء في حال عدم الترخيص تبدأ بقيمة 10% لتصل في الحد الأعلى إلى 80 %.
  • أعدت محافظة ريف دمشق عدة دراسات تخطيطية لتنظيم السكن العشوائي في المحافظة منها، مشروع دراسة تخطيطية لتنظيم السكن العشوائي شملت عدة مناطق، منها داريا بمساحة إجمالية 850 هكتاراً بقيمة دراسة إجمالية 391 مليوناً، ومنطقة سبينة بمساحة 100 هكتار بمبلغ 46 مليوناً، ومنطقة الدخانية التابعة لجرمانا بمساحة 15 هكتاراً بقيمة 6 ملايين و900 ألف ل.س.
  • أعلنت المؤسسة العامة للإسكان بدء اكتتاب التسجيل على 12.2 ألف وحدة سكنية في عدد من المحافظات، بموجب قرار وزير الأشغال العامة والإسكان رقم 407، على أن يتم تخصيص ما نسبته 50% منها لذوي الشهداء ومصابي الحرب الحاصلين على بطاقة شرف بموجب أحكام المرسوم 20 لعام 2015.

السياحة

  • كلف مجلس الوزراء وزارة السياحة بوضع قاعدة بيانات تضم جميع المشروعات السياحية المتعثرة للقطاعين العام والخاص في جميع المحافظات، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة إقلاعها والتواصل مع المستثمرين والمالكين للاستفادة من مختلف أشكال الدعم الذي تقدمه الدولة في هذا الاتجاه.
  • كشف مدير سياحة دمشق طارق الكريشاني عن منح رخص تأهيل سياحية في دمشق لـ 48 منشأة سياحية من مختلف المستويات منذ بداية العام 2019 بتكلفة إجمالية 6,4 مليارات ل.س.
  • قالت نائلة شحود مديرة سياحة حلب أن هنالك 110 فنادق من مستويات مختلفة كانت في حلب قبل الأزمة، يعمل منها حالياً 12 فندق، كما أن هنالك جهوداً لإعادة تأهيل 15 فندق من مستويات مختلفة هذا العام.
  • كشف مدير الشركة السورية للسياحة والنقل فايز منصور عن توقيع اتفاقية تفاهم بين وزارة السياحة ومنظمة الحج والزيارة في إيران لعودة الوفود الإيرانية بعد انقطاعها لفترة وجيزة، لافتاً إلى أن إيرادات السياحة الدينية تقدر في عام 2018 بزهاء 442.7 مليون ل.س.
  • منحت وزارة السياحة رخصة توظيف سياحية معدلة لفندق في دمشق، يعود بملكيته لصندوق التكافل الاجتماعي لنقابة المعلمين وتستثمره شركة "ماوية" للاستثمارات السياحية بكلفة استثمارية تصل لحوالي 1.6مليار ل.س.
  • منحت وزارة السياحة رخصة تأهيل فني أولي لشاطئ مفتوح في محافظة اللاذقية باستثمار من قبل الشركة السورية للنقل والسياحة.

إعادة الإعمار والعلاقات الاقتصادية

واصلت حكومة النظام عقد لقاءات "الأربعاء الاستثماري" خلال شهر آذار والتي ركزت على الواقع الاستثماري في محافظتي السويداء وحماة، حيث وجه رئيس مجلس الوزراء الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية النظر بالعراقيل التي تحول دون إعادة إطلاق المشاريع الزراعية والحيوانية في محافظة السويداء، وتأمين التمويل الكافي من المصرف التجاري السوري لإطلاق مشروع الفحم، كما تمت الموافقة على استيراد خط إنتاج جديد لمعمل صناعة الخيش البلاستيكي في محافظة حماة، كذلك معالجة مشكلة مشروع إنتاج الأدوية البشرية ومستحضرات التجميل والمستحضرات الصيدلانية في طرطوس، وإعادة إحياء مشروع لتربية الدواجن باللاذقية، وفي سياق دعمها لرجال الأعمال لتأسيس شركات استثمارية، صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تأسيس 10 شركات في شهر آذار 2019 بحسب ما هو مرفق في

الجدول.

فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين روسيا والنظام السوري، وافق مجلس الوزراء على مشروع العقد بين وزارة النفط وشركة ستروي ترانس غاز الروسية حول القيام بأعمال المسح ودراسة الموقع لحقل البلعاس الغازي، ويعتبر الاتفاق أولي على أن يليه توقيع عقد مشروط بنتائج المسح الجيوفيزيائي والجيولوجي.

بالانتقال إلى العلاقات الاقتصادية بين إيران والنظام السوري، ناقش مجلس الوزراء مشروع قانون يقضي بالتصديق على اتفاقية التعاون الاقتصادي الاستراتيجي طويل الأمد الموقعة مع الجانب الإيراني، كما صادق المجلس على مذكرة التفاهم التي تضمنت 17 بنداً لتعزيز التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، كذلك صادقت اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء على عقد بين وزارة الكهرباء، وشركة "مبنا" الإيرانية لإنشاء محطة توليد كهربائية في اللاذقية على الساحل السوري.

زار وفد إيراني وزارة الصناعة السورية، وتم التباحث في إمكانية الاستثمار في قطاع التصنيع الزراعي وإقامة مشاريع مشتركة يتم الاتفاق عليها بين الجانبين، وقد تم النقاش بشأن إمكانية البدء بثلاثة مشاريع مشتركة وهي؛ 1) إنتاج الألبان والأجبان في محافظة القنيطرة،2) مشروع لإنتاج عصائر الحمضيات في الساحل السوري (اللاذقية)، 3) إقامة مشروع لصناعة وتعبئة زيت الزيتون وإنتاج الصابون في محافظة حلب، بالمقابل أكد الجانب الإيراني اهتماماً أكثر بالتعاون في مجال صناعات الاسمنت ومواد البناء والصناعات النسيجية، كذلك إمكانية المشاركة الإيرانية في إعادة تأهيل وتطوير الشركات الصناعية العاملة في كل المجالات التصنيعية وإعادة تأهيل الشركات التي تعرضت للتخريب.

وفي إطار التعاون المشترك بين رجال الأعمال السوريين والإيرانيين، زار وفد سوري مكون من 24 رجل أعمال برئاسة عبد الناصر فتوح (رئيس غرفة تجارة حمص ونائب رئيس اتحاد الغرف السورية) غرفة تعاون إيران وعدد من الاقتصاديين ورجال الأعمال الإيرانيين، حيث تم التباحث بالفرص المشتركة وإمكانية تعزيز التعاون بين الجانبين في المجال الصناعي والتجاري.

عن العلاقات مع بقية الحلفاء، استلمت وزارة الإدارة المحلية والبيئة الدفعة الأولى من المنحة الصينية من مادة الرز والمقدرة بـــ 4152 طن، هذا وتقدر قيمة المساعدات الصينية المقدمة منذ 2016 ولغاية آذار 2019 بما قيمته 410 مليون يوان صيني أي ما يعادل 27 مليار ل.س.

خلاصة تحليلية

يدرك النظام المخاطر السياسية والاقتصادية وكذلك الاجتماعية الناجمة عن تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مناطق سيطرته، ويحاول جاهداً احتواء هذه المخاطر عبر تبني سياسات وإجراءات تتصل بإصلاح مؤسسات الدولة والحد من الفساد والهدر داخلها ورفع كفاءتها، كذلك إعادة توجيه سياسات الإنفاق العام بالحد من النفقات الإدارية لصالح تعزيز الإنفاق على قطاع الطاقة والمشاريع الاقتصادية الإنتاجية، فضلاً عن إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادية تخفيضاً للكلف والخسائر الاقتصادية وتحصيلاً للمنافع المادية الناجمة عن استثمارها أو حتى إمكانية بيع الخاسرة منها، ولا يبدو بأن هنالك إجماع حكومي على صيغة موحدة لإصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادية بحسب ما أشارت إليه "الوثيقة التنفيذية"، والتي شارك بصياغتها عدة  منظمات دولية بحسب بعض المصادر الصحفية،([1]) ويمكن تفسير ما سبق بتضارب مصالح الجهات المعنية بالقطاع العام الاقتصادي بين المدافعين عن استمرار القطاع العام ضماناً لاستمرارية امتيازاتهم ومنافعهم المادية، وبين المنادين بكسر احتكار مؤسسات القطاع العام الاقتصادية وإتاحتها أمام القطاع الخاص استثماراً، ولا تعزز المعطيات الراهنة فرص تطبيق هذه الوثيقة التنفيذية أو نجاحها، سيما في ظل ترهل مؤسسات القطاع العام وشيوع الفساد داخلها، وحجم الدمار الذي تعرضت له، والافتقاد للموارد المادية والكوادر البشرية اللازمة للمباشرة بعملية الإصلاح، فضلاً عن خضوع هذا القطاع للتنافس الروسي_ الإيراني وفق ما تقتضيه مصالحهما.

تظهر المؤشرات زيادة الاعتماد الحكومي على القطاع الخاص للالتفاف على نظام العقوبات وتوفير الاحتياجات الأساسية كالمشتقات النفطية سيما عقب تشديد العقوبات على إيران والحيلولة دون وصول إمداداتها النفطية إلى سورية بحراً، حيث أصدرت الحكومة قراراً يقضي بالسماح لغرف الصناعة والتجارة المشتركة استيراد مادتي الفيول والمازوت براً وبحراً للصناعيين فقط لمدة ثلاثة أشهر، ويؤشر هذا القرار إلى نية الحكومة التملص من التزاماتها فيما يتعلق بتأمين المواد الأساسية ودعمها، إلى جانب وجود نية لدى الحكومة بتحرير أسعار هذه المواد تدريجياً، وما سيخلفه ذلك من تبعات سلبية على الاقتصاد السوري من ناحية ارتفاع الطلب على القطع الأجنبي اللازم للاستيراد وزيادة الضغط على الليرة السورية، وارتفاع كلفة الإنتاج الصناعي والزراعي، وانتشار حالات الاحتكار والتلاعب بأسعار هذه المواد، الأمر الذي سيلقي بظلاله السلبية على القدرة الشرائية للمواطنين للحصول على هذه المواد، ولا يتوقع لهذا القرار أن يؤسس لبيئة تنافسية بين التجار فيما يتعلق باستيراد المشتقات النفطية، إذ يحتكر رامي مخلوف عبر أذرعه وشركائه مجموعة القاطرجي ومحمد حمشو وعمار سوسه تجارة المشتقات النفطية.

يعاني القطاع العقاري أزمة حادة ناتجة عن عزوف الشركات الكبرى الأجنبية عن الاستثمار في هذا القطاع مخافة استهدافها بالعقوبات الأمريكية، كذلك غياب الطلب على العقار المشيد حديثاً لارتفاع سعره، فضلاً عن ارتفاع أسعار مواد البناء وقلة اليد العاملة، وظهرت هذه الأزمة بشكل واضح في مشروع ماروتا سيتي، حيث اضطرت محافظة دمشق إلى طي قرارها رقم 4 لعام 2018 المتضمن إخضاع مقاسم منطقة ماروتا سيتي لأحكام المرسوم التشريعي رقم 82 لعام 2010 لجهة فرض غرامات على أصحاب العرصات المعدة للبناء في حال عدم الترخيص تبدأ بقيمة 10 % لتصل في الحد الأعلى إلى 80 %، وفي حين بررت المحافظة تأخير المالكين والمستثمرين بإصدار التراخيص اللازمة للمباشرة بالبناء بمشاكل ذات صلة بالمخططات التنظيمية وإلى خلافات مع نقابة المهندسين، أفاد مصدر مطلع بضغوط مارسها المستثمرين والمالكين في مشروع مارتا سيتي على محافظة دمشق لإيقاف تنفيذ هذا القرار لتجنيبهم خسائر مادية ناجمة عن عدم مباشرتهم البناء، الأمر الذي يتقاطع مع ما ذكره عضو مجلس محافظة دمشق ماهر قريط بأن طي القرار يصب في مصلحة المستثمرين وليس في مصلحة مشروع ماروتا سيتي والمحافظة.( [2])

تظهر المؤشرات زيادة التنافس بين الحليفين روسيا وإيران للاستحواذ على قطاع النقل البري والبحري والجوي، ويظهر هذا التنافس بشكل واضح في سعي إيران للاستحواذ على ميناء اللاذقية، حيث أعلن في شهر شباط عن تشكيل لجنة سورية برئاسة المدير العام للشركة العامة لمرفأ اللاذقية للتباحث مع الجانب الإيراني بخصوص عقد تشغيل محطة حاويات مرفأ اللاذقية، في ظل عدم قبول روسي بحسب ما أظهرته العديد من المواقع والتسريبات الصحفية، ومن شأن منح النظام إيران عقد تشغيل الميناء أن يأزم علاقاته مع روسيا التي تنتشر قواتها في المحافظة بشكل مكثف، وأن يعزز التنافس الروسي الإيراني ويظهره للعلن، كذلك أن يعطي إسرائيل مبرراً لاستهداف الميناء بضربات عسكرية وعمليات أمنية، فضلاً عن تكثيف الحصار على الموانئ السورية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.


([1]) تشكيك في دمشق بقدرة الحكومة على إصلاح القطاع العام، جريدة الشرق الأوسط، تاريخ 02-04-2019، رابط إلكتروني http://bit.ly/2Gp8Bcb

([2]) محمود الصالح، جلس محافظة دمشق يطوي غرامات المشروع 66 … قريط: كل ما يتعلق بماروتا سيتي يتم على عجل همساً، الوطن، تاريخ 11-03-2019، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/190375

ملخص تنفيذي

  • إن تنوّع المجتمع السوري واستخدام البعد الطائفي وتأجيجه خلال سنوات الثورة، لا يكفي لاعتبار الصراع السوري "صراع هويّات" وإغفال المسبّبات الجذرية للصراع من مطالب شعبية باستعادة الحريات والقضاء على الفساد والتوزيع العادل للثروة وتطبيق الحكم الرشيد.
  • نموذج ليبهارت المؤسّس لمشاركة السلطة هو عبارة عن نظام يتفق فيه الطرفان المتعارضان مع الأغلبية العظمى على تشكيل حكومة ائتلافية واحدة بالتعاون فيما بينهم في الأنظمة البرلمانية، بحيث تدير تلك الحكومة أحزاب متعارضة لكن متعاونة بدلاً من إيجاد أغلبية لكل واحد منهم على حدىً.
  • درج استخدام مشاركة السلطة دولياً بعد الحروب الداخلية كأداة لإنهاء الصراعات وتحقيق السلام في المجتمعات التعددية وحتى غير التعددية من خلال ضمّ معارضي الحكم للمشاركة في السلطة بما يشجعهم على إنهاء الصراع.
  • يتم التركيز عند دراسة مشاركة السلطة على تحقيق السلام وترسيخ الديمقراطية. إلا أن الدراسات التحليلية للتجارب السابقة تختلف حول مدى الإسهام الحقيقي لهذا المفهوم في تحقيق هاتين النتيجتين.
  • يقترح الاتجاه الحديث لمشاركة السلطة التركيز على الاحتياجات الحقيقية للناس في سياق كل بلد خارج من صراع بشكل منفصل ومن ثم تصميم نموذج يلبي تلك الاحتياجات بغض النظر عن التسمية كمشاركة سلطة أو غيرها.
  • حال عددٌ من العوامل الذاتية (كتجذّر الفساد وانعدام الثقة بين المكونات السورية الذي رسخه نظام الأسد خلال عقود حكمه) والموضوعية (كالشعور الشعبي بالخذلان تجاه التعاطي الدولي السلبي مع الحراك السلمي ومطالب الثورة) فضلاً عن أبعاد أخرى إيديولوجية واستقطابية أخرى دون نبذ البعد الطائفي عن الصراع السوري.
  • لاقت كلاً من ذريعتي الأقليات ومكافحة الإرهاب رواجاً دَعَمه حلفاء النظام مع مرور الوقت، لتتشكّل السرديّة الرسمية التي يتمسّك بها نظام الأسد محلياً ودولياً في حربه ضد الشعب المطالب بالحرية والكرامة والعدالة بمختلف مكوناته وشرائحه.
  • يعتبر بيان جنيف الصادر في حزيران 2012 أول وثيقة دولية مشتركة حول سورية قامت على أساس مشاركة السلطة، إلا أن الانقسام الدولي في مجلس الأمن وغياب الثقة بين طرفي الصراع حال إلى جانب أسباب داخلية وخارجية أخرى دون ترجمة البيان إلى اتفاق.
  • يظهر صراع الهوية بمجرد التعارض بين مصالح الدولة (حق السيادة) ومصالح الأمة أو الأمم المشكلة لها (حق تقرير المصير) ومثال ذلك التطلعات الكردية في سورية والعراق وإيران وتركيا، ورغم احتواء الصراع السوري في مختلف أطرافه عدد من المكونات المتنوعة، إلا أن تمايز تلك المكونات في معظمها كان على أساس واضح وهو معارضة نظام الأسد أو تأييده وليس على الأساس الاثني أو القومي.
  • تظهر الدراسات التحليلية لتجارب مشاركة السلطة حول العالم بأنها لم تُبشّر بتحقيق ما صُمّمت من أجله، حيث بقيت في معظمها قاصرة عن إحلال السلام بعد الحروب فضلاً عن إرساء الديمقراطية.
  • من المفيد الاستئناس بكل من تجارب لبنان (اتفاق الطائف) والبوسنة (اتفاق دايتون) وإيرلندا الشمالية (اتفاق الجمعة العظيمة) عند دراسة جدوى تطبيق مشاركة السلطة في سورية، للنظر بمدى نجاح ما هدفت له تلك الاتفاقات بعد مرور عقود على توقيعها.
  • حاول الابراهيمي (الوسيط الثاني في الصراع السوري بعد عنان) في جنيف 2 عام 2014 تطبيق مشاركة السلطة السياسية من خلال محاولة ترجمة بيان جنيف 2012 إلى اتفاق، إلا أن الانقسام الدولي وغياب الثقة بين الأطراف حال دون ذلك.
  • ورغم اعتقاد بعض الباحثين أن جزء من عوامل مشاركة السلطة متوفرة في سورية، إلا أن وجود الأكثرية السنية وعدم تماثل الأقليات في الحجم، يجعل التوازن في السلطة بين المكونات المختلفة أمر غير ممكن. يضاف إلى ذلك عدم التركز الجغرافي للمكونات المختلفة إضافةً إلى عدم وجود تمثيل مجتمعي شعبي واضح لقيادات كفؤة وذات شرعية.
  • إن أي اتفاق سلام محتمل لا بدّ له كي يرى النور من حيث التنفيذ أن يعالج الأسباب الجذرية للصراع والتي تكمن في المستوى المجتمعي المحلي، من خلال صياغة عقد اجتماعي جديد يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المحلية للسكان ويتعامل مع ترتيبات مشاركة السلطة على مستوى الوحدات المحلية (المجالس المحلية) ضمن مظلة وطنية جامعة تقوم على حكم ديمقراطي عادل وشامل

مقدمة

في صراع اعتُبِرَ الأعنف والأعقد بعد الحرب العالمية الثانية، ودخل عامه التاسع ما بين نظام مستبد وشعب مُطالب بالحرية والعدالة والكرامة، وفي ظلّ انعدام الإرادة الدولية الجادّة لإيجاد مخرج حاسم ينهي معاناة أكثر من 13 مليون سوري ما بين مهجّر ونازح. هل تسعى الفواعل الدولية إلى تصميم حل سياسي لهذا الصراع على أساس "مشاركة السلطة" كأداة لإنهاء العنف وإحلال السلام فضلاً عن إرساء أسس الديمقراطية؟ وهل ستمثّل اللجنة الدستورية -التي تمّ اخترال ثورة شعبٍ بها- مدخلاً لهذا الحل؟ ما هو مفهوم مشاركة السلطة، ولماذا أصبح خلال العقود الأخيرة بمثابة "وصفة سحرية" وأداة مهيمنة من قبل المجتمع الدولي وصنّاع القرار لإنهاء الحروب الداخلية حول العالم؟

تناقش هذه الورقة التي اعتمدت كلاً من المنهجين الوصفي والتحليلي مفهوم مشاركة السلطة من ناحية نظرية ابتداءً، لتستعرض بعدها بإيجاز كلاً من التعاطي الداخلي والدولي مع الثورة السورية التي اندلعت في آذار 2011 وولجت عامها التاسع. ثم تناقش مدى إمكانية تطبيق مفهوم مشاركة السلطة على الواقع السوري في ظل المحاولات الدولية لاعتماده كأساس لأي اتفاق سياسي محتمل ينهي الصراع السوري، أسوةً بالعديد من الصراعات الداخلية حول العالم فيما تم وصفه "اتفاق الطائف السوري"([1]) أسوةً باتفاق الطائف اللبناني الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية في ثمانينيات القرن الماضي. ضمن محاولة للإجابة على الإشكالية الأساسية لهذه الورقة: ما جدوى تطبيق مشاركة السلطة كحل لإنهاء الصراع السوري؟

مفهوم مشاركة السلطة

شكل بيان جنيف في حزيران 2012 أول وثيقة دولية مشتركة حول سورية، قامت على أساس مشاركة السلطة بين نظام الأسد والقوى المعارضة له. ورغم التغيرات الكثيرة والشديدة التعقيد التي طرأت على الساحة المحلية والإقليمية والدولية وتأثيرها على مسار الملف السوري، بقي تطبيق بيان جنيف المطلب الأقرب لتحقيق حل عادل للصراع السوري من وجهة نظر المعارضة، في حين لم يؤيد نظام الأسد بشكل فعلي أية محاولة للحل منذ اندلاع الثورة السورية وإنما عمل على استراتيجية كسب الوقت والمناورة على هوامش المصالح الدولية المتصارعة.

يثير ما سبق تساؤلات حول جدوى تطبيق مبدأ مشاركة السلطة كأساس لاتفاق السلام المحتمل في سورية، مما يتطلب فهم نظري لمفهوم مشاركة السلطة بأبعاده المختلفة، في ضوء التجارب الكثيرة لتطبيقه كأداة لإنهاء أغلب الحروب الداخلية في العالم خلال العقود الأخيرة من قبل المجتمع الدولي.

لماذا مشاركة السلطة؟ من وصفة للتعدّديّة لأداة تحقيق السلام

مشاركة السلطة والمعروفة باللغة الإنكليزية بمصطلح Power Sharing؛([2]) هو تعبير ظهر في سبعينيات القرن الماضي في أعمال العالم الهولندي آرند ليبهارت الذي يعتبر الأب الروحي لمفهوم مشاركة السلطة في الغرب،([3]) حيث أسس نظرية "الديمقراطية التوافقية" عام 1977 من خلال دراسته للمجتمعات الأوروبية المنقسمة ذات المكونات المتعددة دينياً أو لغوياً. وهدف في هذه النظرية إلى استيعاب تلك الانقسامات ضمن المجتمع الواحد، من خلال مشاركة سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية وغيرها بين تلك المكونات مما يمكن أن يُجنّب المجتمع الانهيار بسبب تلك الانقسامات. ويعتبر نموذج ليبهارت من أشهر نماذج مشاركة السلطة، حيث لا تحتاج الأحزاب السياسية فيه إلى تشكيل أغلبية من جهة، ومن جهة أخرى تستطيع الأقلية فيه استخدام حق النقض (الفيتو) مما يفضي إلى مفاوضات جديدة حول القرارات المعترض عليها للوصول إلى توافق بين جميع المكونات ضمن الائتلاف الحاكم. أما الائتلاف الكبير الذي يشكّل أهم عناصر نموذج ليبهارت فهو عبارة عن نظام يتفق فيه الطرفان المتعارضان مع الأغلبية العظمى على تشكيل حكومة ائتلافية واحدة بالتعاون فيما بينهم في الأنظمة البرلمانية، بحيث تدير تلك الحكومة أحزاب متعارضة لكن متعاونة بدلاً من إيجاد أغلبية لكل واحد منهم على حدىً. ويكون ذلك عادةً بسبب عدم قدرة حزب واحد على حيازة نسبة الأغلبية في الانتخابات ليتمكن من الحكم بمفرده، فتحاول الأحزاب بناء تحالفات مع الأحزاب الصغيرة التي تشاركها الإيديولوجية أو تشابهها، فإن لم تكن هذه الائتلافات الصغيرة كافية تشكل الأحزاب الكبيرة ائتلاف بينها.

لاحقاً بنى باحثون غربيون على نظرية ليبهارت وأضافوا على التعددية عامل ما بعد الصراع، ليتحوّل هذا المفهوم مع مرور الوقت إلى أداة مهيمنة لإنهاء "الحروب الداخلية" وتحقيق السلام سواءً كان سببها الجذري صراعاً على السلطة أم غير ذلك، من خلال ضمّ معارضي الحكم إلى السلطة بطرق وآليات مختلفة.([4]) وتبعاً لذلك تم تضمين أحكام مشاركة السلطة في _شبه_ كامل اتفاقات السلام التي أعقبت الحروب الداخلية خصوصاً بعد نهاية الحرب الباردة (كالبوسنة ولبنان والعراق وأوكرانيا وإيرلندا الشمالية وجنوب السودان وسيراليون وجنوب إفريقيا وغيرها). وفي هذا الصدد يشير أحد تعريفات مشاركة السلطة بعد الحروب الداخلية إلى أنها عبارة عن: "مجموعة من المؤسسات التي تهدف إلى معالجة مشكلة موثوقية الالتزام" (رويدر وروتشيلد 2005)، بمعنى طرح مفهوم مشاركة السلطة كأداة لإنهاء الصراعات وتحقيق السلام في المجتمعات التعددية وحتى غير التعددية من خلال ضمّ معارضي الحكم للمشاركة في السلطة بما يشجعهم على إنهاء الصراع.

ويجدر التطرق هنا للمقصود بالحرب الداخلية دولياً، حيث أنه على الرغم من عدم وجود توافق حول تعريف الحروب أو الصراعات الداخلية والتي يشار إليها بمصطلح Intrastate war/conflict، إلا أنها توصف بحسب   UCDP (Uppsala Conflict Data Program) بأنها: [عنف سياسي متواصل يحدث بين مجموعات مسلحة تمثل الدولة؛ ومجموعة مسلحة أو أكثر لا تمثل الدولة (لا دولتية)، وعادةً ما يكون هذا العنف محصوراً داخل حدود دولة واحدة، حتى لو كان له أبعاد دولية كبيرة وامتدّ إلى دول مجاورة (كما في الحالة السورية)].([5])

وبالنتيجة، لا يوجد حتى الآن توافق حول ماهية مشاركة السلطة أو توافق على الهدف منه، وإنما يتم التركيز عند دراسة هذا المفهوم على نتيجتين محددتين ترجيان من تطبيقه وهما: تحقيق السلام وترسيخ الديمقراطية. إلا أن الدراسات التحليلية تختلف حول مدى الإسهام الحقيقي لمشاركة السلطة في تحقيق هاتين النتيجتين عند النظر في البلاد التي طبّقت فيها مشاركة السلطة بمختلف أنواعها حتى الآن، وحول العلاقة السببية بين مشاركة السلطة وتحقيق السلام أو ترسيخ الديمقراطية.([6])

مَن سيُشارك مَن؟ غنائم حرب أم تمثيل شرعي

في سياق البلدان الخارجة من حروب داخلية، تكمن أهمية "مَن سيشارك السلطة مع مَن" في طمأنة الأطراف المتصارعة حول مخاوفهم تجاه الحُكم والتحكم بالموارد من جهة، وفي طمأنة مكونات المجتمع المختلفة –وعلى الأخص في المجتمعات التعددية-تجاه مدى وطبيعة مشاركتهم في صنع القرار الوطني والمحلي خصوصاً من حيث أمنهم ومصالحهم من جهة أخرى.

من هنا، انعكس التعبير عن آلية مواجهة تلك المخاوف على تعريفات مشاركة السلطة المختلفة. حيث اعتبر بعض الباحثين أن مشاركة السلطة هو عبارة عن "ضمّ المعارضين السياسيين أو "المتمردين" في حكومة مشتركة".([7])  مما يعني حكومة وحدة وطنية على المستوى التنفيذي (كما في حالتي كينيا وزمبابوي ومؤخراً جنوب السودان)، أو جيش وطني يضمّ فصائل المعارضة مع الجيش الرسمي للحكومة على المستوى العسكري (كما في رواندا والكونغو وبوروندي)، أو منح المعارضين صلاحيات من السلطة المركزية على الأراضي التي تمكنوا من السيطرة العسكرية عليها على المستوى المحلي أو الإقليمي أو استقلال جزئي أو كلي (كما في البوسنة). ووفقاً لهذا التصوّر، فإن منح المعارضة للنظام الحاكم حصصاً مضمونة في سلطة الحكم بدلاً من الاقتصار على السماح لهم بتشكيل الأحزاب والتنافس معه في الانتخابات، سيغريهم بإنهاء الحرب وتوقيع اتفاق السلام.([8]) في حين انتُقِدَ هذا التصوّر بشدّة من قبل آخرين بحجّة أنه بمثابة تقديم الحكم كمكافأة لمرتكبي العنف (سواءً من جانب الدولة أو معارضيها) من خلال تقسيم "كعكة" السلطة بينهم، وبأن مشاركة السلطة لا يمكن أن تكون حلاً لإنهاء الصراع في حال كان سبب الحرب أصلاً أحد أطرافه، كحكومة استبدادية غير شرعية أصلاً، أو معارضة طامعة بالتحكم بموارد الدولة، مما سيؤدي إلى المزيد من العنف وليس إلى إحلال السلام أو الديمقراطية، إلى جانب أن هذا التصوّر يتجاهل الأسباب الجذرية التي أدّت لنشوب الحرب أساساً، وأخيراً أنه يعكس توازن القوى على طاولة المفاوضات في لحظة إنهاء الصراع بدلاً من أن يعكس نتائج الانتخابات الشعبية.

بالمقابل، اعتبر باحثون آخرون أن مشاركة السلطة تكون بين الشرائح المختلفة الهامة في المجتمع (العرقية أو اللغوية أو الإثنية أو الدينية)، حيث يوصف تعاونهم على أنه "تعاون النخب" لا بدّ أن ينعكس مع مرور الوقت على المكونات المجتمعية بمستوياتها المختلفة –الوطنية والمحلية- ليصبح تعاون جمعي لا يقتصر على النخب السياسية.([9]) ويتطلب هذا التصوّر العمل بنظام الحكم البرلماني (وليس الرئاسي) مما يضمن تمثيل المكونات المختلفة في الحكم (كما في لبنان)، إلى جانب الأخذ بالتمثيل النسبي في الأنظمة الانتخابية، مع تخصيص حق النقض (ڤيتو) للأقليات في البرلمان لمنحهم إمكانية تعطيل القرارات التي تتعارض مع مصالحهم، إلى جانب إعطاء بعض الاستقلالية للأقاليم ذات الخصوصية الثقافية كاللغة على سبيل المثال (كما في بلجيكا).([10]) إلا أن هذا الرأي انتُقِد أيضاً بحجة أن التركيز على المكونات المختلفة للمجتمع سيعزّز الانقسامات المجتمعية ويزيد من الخلافات بينها من خلال إحلال الهوية العرقية أو الإثنية بدلاً من المواطنة مما يمكن أن يشعل حرباً أهلية مع الوقت بدلاً من تحقيق السلام وتجنّب الصراع وقد يشجع الحركات الانفصالية أيضاً.([11]) كما أن التركيز على تنوّع المكونات يمكن أن يطغى على معايير الكفاءة والفعالية عند تشكيل الحكومة، وقد يؤثر على استقرارها لا سيما عندما تكون الدولة ضعيفة وغير ديمقراطية.([12])

وبالنتيجة، انقسم علماء مشاركة السلطة حول الأطراف المشاركة لسلطة الحكم بحسب الغاية من مشاركة السلطة، ما بين أولوية إنهاء الصراع وإحلال السلام من خلال إرضاء الأطراف المتحاربة من جهة، وترسيخ دعائم الديمقراطية من خلال تمثيل شامل لمكونات المجتمع المختلفة مما يسهم بدوره بإحلال السلام كذلك من جهة أخرى.

الاتجاهات التقليدية والحديثة لمشاركة السلطة

يتمحور مفهوم مشاركة السلطة عموماً حول سلطة الحكم، وبشكل محدد أكثر يقصد به سلطة التحكم بموارد الدولة، سواءً كانت الأرض (الإقليم) أو الموارد الطبيعية والبشرية (الاقتصادية) أو السلاح وقوة الدولة العسكرية (الجيش) أو قرار الدولة التنفيذي أو التشريعي (السياسة). بحيث يتشارك في هذه السلطات أو بعضها المجموعات الممثلة لمكونات المجتمع بما يضمن عدم استخدام أي مجموعة لأي من تلك السلطات بشكل يهدد مصالح المكونات الأخرى. ومن هنا كان أحد التصنيفات التقليدية لمشاركة السلطة يتضمن أربعة أشكال: 1) مشاركة السلطة الإقليمية؛ 2) مشاركة السلطة الاقتصادية؛ 3) مشاركة السلطة العسكرية؛ 4) مشاركة السلطة السياسية. ويمكن تبرير هذا التصنيف التقليدي الموجود في أغلب الأدبيات الغربية باتّسام بيئة ما بعد الصراع وخصوصاً في المجتمعات التعدّدية بعدم الاستقرار وكثرة المخاوف المتعلّقة بأدوات التحكّم وتوزيع الموارد بين مكونات المجتمع. كما يزيد من حدّة تلك المخاوف وجود تاريخ من المظلوميّات أو التهميش الثقافي أو الاقتصادي أو السياسي تجاه بعض الفئات المجتمعية. ومن هنا كانت الحاجة للأبعاد المتعددة لمشاركة السلطة كأداة لإحلال السلام في مجتمعات ما بعد الصراع.

وحول مدى تطبيق هذه الأنواع الأربعة لمشاركة السلطة، خلصت دراسة تحليلية قامت بها آنا جارستد Anna K. Jarstad عام 2008 شملت جميع اتفاقيات السلام التي أعقبت الحروب الداخلية خلال الفترة من 1989 إلى 2004، بأنه من أصل اتفاقات السلام الموقعة خلال تلك الفترة يوجد 33 اتفاق مشاركة سلطة إقليمية، 36 اتفاق مشاركة سلطة سياسية و29 اتفاق مشاركة سلطة عسكرية، وبالتالي تعتبر اتفاقات مشاركة السلطة السياسية هي الأكثر عدداً في اتفاقات السلام الموقعة.([13]) أما من حيث قدرة هذه الاتفاقات على البقاء فيرى الباحث فيليب مارتن Philip Martin في تحليل أجراه عام 2013 على 156 اتفاقية سلام موقعة بين عامي 1989 و2008 أن اتفاقات مشاركة السلطة الإقليمية هي الأكثر قدرة على الحياة على عكس الاتفاقات الأخرى، وأن هذا النوع من الاتفاقات يواجه خطر الانهيار في الفترة الأولى من دخوله حيز التنفيذ فقط (9% فقط من اتفاقات مشاركة السلطة الإقليمية تفشل في الأشهر الخمسة الأولى من توقيع الاتفاق) في حين يستمر أكثر من ثلثي هذه الاتفاقات لأكثر من خمس سنوات دون تجدّد الصراع. ويحيل كلاً من جارستد ومارتن السبب في استدامة اتفاقات مشاركة السلطة الإقليمية لفترات أطول من غيرها لعامل الكلفة الكبيرة التي يحتاجها هذا النوع من المشاركة من حيث إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتشريعاتها، مما يجعل كلفة النكوث بالاتفاق كبيرة جداً، إلى جانب شعور الأمان الذي يوفره الاستقلال الذاتي والتمتع بسلطة اتخاذ القرار على المستوى المحلي للمكونات المختلفة وخصوصاً الأقليات.([14])

من جهة أخرى تقترح الباحثة السويسرية نيكول توبروين Nicole Töpperwien (2018) عدم التركيز على تسمية ونوع مشاركة السلطة والتركيز بدلاً عن ذلك على الاحتياجات الحقيقية للناس في سياق كل بلد بشكل منفصل ومن ثم تصميم نموذج يلبي تلك الاحتياجات بغض النظر عن التسمية، وتشير لمشاركة السلطة السياسية الأفقية التي تتم فيها مشاركة السلطة ضمن مستوى واحد من الحكومة (سواءً على مستوى المركز أو مستوى المحليات) كما في نموذجي الهند ولبنان، مقابل المشاركة العمودية للسلطة حيث يتم تشارك السلطة على مستويات مختلفة من الحكم، بمنح مناطق جغرافية بعينها أو مجموعات معينة قدر من الصلاحيات والموارد لتنفيذ سياساتها واتخاذ قراراتها الخاصة، سواءً كانت تلك الصلاحيات والموارد موزعة بالقدر نفسه بين تلك المناطق أو المجموعات فتسمى متماثلة (أو متناظرة) أو بقدر متفاوت وتسمى غير متماثلة (أو غير متناظرة). ويمكن أن تأخذ مشاركة السلطة العمودية عدة أشكال كالحكم الذاتي والفيدرالية أو الكونفدرالية، ومن نماذجها الولايات المتحدة الأمريكية.([15])

الصراع السوري: بين انتفاضة شعب وتعاطي دولي قاصر

أسهم وجود عدد من الأقليات الدينية والعرقية في سورية في تحفيز مقترحات مشاركة السلطة كحل للصراع السوري أسوةً بالعديد من التجارب حول العالم في استخدام مشاركة السلطة كأداة لإنهاء الحروب الداخلية وخصوصاً في المجتمعات التعددية. إلا أن اشتمال المجتمع السوري على عدة مكونات واستخدام البعد الطائفي وتأجيجه خلال سنوات الحرب، لا يكفي لاعتبار الصراع السوري "صراع هويّات" وإغفال المسبّبات الجذرية للصراع من مطالب شعبية باستعادة الحريات والقضاء على الفساد والتوزيع العادل للثروة وتطبيق الحكم الرشيد، في مواجهة نظام يستخدم الأذرع الأمنية لحماية حكمه بدلاً من حماية الشعب.

إن أي حلّ محتمل للصراع السوري لن يحظى بالنجاح فضلاً عن الاستدامة ما لم يعالج الأسباب الجذرية للصراع من جهة، ويراعي المشاركة المجتمعية بكافة شرائحها على المستوى المحلي وصولاً إلى النخب وليس العكس من جهة ثانية. فضلاً عن أخذ السياق الذي تفاعل فيه التعاطي السياسي الداخلي والدولي مع الثورة السورية وسيرورته بعين الاعتبار قبل اختبار أي حلّ "محتمل" للصراع السوري من جهة ثالثة.

ثورة آذار 2011: انتفاضة شعب أم حرب أهلية

يعتبر المجتمع السوري مجتمع ذو نسيج تعددي من حيث اشتماله على عدة مكونات دينية ومذهبية، يمثل المسلمون السنة أغلبيتها بنسبة تقارب 70% من سكان سورية وتنقسم باقي النسبة بين العلويين والمسيحيين والدروز والشيعة والاسماعيليين واليزيديين. أما من حيث القوميات فيشكل العرب الغالبية العظمى من السكان في حين يمثل الكرد ما تقارب نسبته 9% منهم إلى جانب بعض المجموعات العرقية الأخرى الأصغر كالشركس والسريان والأرمن.([16]) وعلى الرغم من بعض التوترات التي حصلت بين المكونات المختلفة على مر السنين إلا أن الشعور بالهوية الوطنية السورية كان حاضر دائماً، حيث ورثت سورية التقاليد الاجتماعية المتسامحة التي طبعت تاريخ المنطقة.

استطاع نظام الأسد منذ سيطرته على الحكم عام 1971 تحقيق استقرار ظاهري في سورية من خلال سياسة القمع الأمنية لمختلف المكونات السورية على حساب حقوق الإنسان وتطبيق الديمقراطية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ودأب على اتباع سياسات ذات أبعاد طائفية وتبنّى عدة مقاربات متناقضة. حيث وضع حافظ الأسد نفسه كعدو لإسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى حافظ على التهدئة التامة معها على الحدود. كما روج للهوية العلمانية في سورية وفي نفس الوقت زرع المخاوف بين الأقليات (العلويين والدروز والمسيحيين) حول مخاطر الهيمنة السنية. ورغم اتباعه مركزية قوية للحزب الحاكم الأوحد (حزب البعث) عزز سلطة الجماعات القبلية والدينية المحلية في سورية.([17]) محاولاً من خلال تلك المقاربات المتناقضة تأصيل عدم الثقة بين السوريين ممّا من شأنه أن يمنع أو يُحبط أي محاولة للانقلاب عليه، ويعيق تأسيس أي كيان وطني جامع وموحّد يطمئن مختلف المكونات السورية.

رغم تلك السياسات التي استخدم الأسد لتطبيقها الأجهزة الأمنية ومؤسسات الجيش والدولة، إلا أن الشعب السوري وجد في الربيع العربي فرصة للانتفاض في آذار 2011 بمختلف مكوناته الدينية والقومية وبمختلف شرائحه الجغرافية والثقافية في مواجهة الاستبداد السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي ضاق به لأكثر من أربعة عقود.([18]) وفي الوقت الذي واجه نظام الأسد هذه الانتفاضة بخطاب طائفي في محاولات لكسب تأييد الأقليات وحرف الثورة من مطالب شعبية ضد الاستبداد إلى مخاوف أقليات في مواجهة الأكثرية السنية من جهة أو من خلال محاولات وصفها بالإسلامية والتبعية للدول النفطية والإمبريالية العالمية. كما قام بمحاولات تسليح الأقليات بحجة الدفاع عن النفس بمواجهة الأغلبية السنية،([19]) وفي محاولة منه كذلك للترويج دولياً أن ما يحدث هو حرب أهلية وشأن داخلي تتعامل معه الدولة صاحبة السيادة وليس ثورة ضد الحكم نفسه من جهة أخرى.([20]) في ذات الوقت كانت تجمعات الحراك الثوري تؤكد في خطابها –من خلال الإعلام ولافتات المظاهرات الشعبية- أنها ثورة شعب واحد بمختلف مكوناته هادفة لإسقاط نظام الاستبداد والقمع والفساد.([21]) ثم ما لبث نظام الأسد أن أضاف للبعد الطائفي بعداً آخر مع تصاعد العسكرة وهو مكافحة الجماعات الإرهابية المسلحة.([22])

لقد حال عددٌ من العوامل الذاتية (كتجذّر الفساد وانعدام الثقة بين المكونات السورية الذي رسخه نظام الأسد خلال عقود حكمه) والموضوعية (كالشعور الشعبي بالخذلان تجاه التعاطي الدولي السلبي مع الحراك السلمي ومطالب الثورة) دون نبذ البعد الطائفي عن الصراع السوري؛ فضلاً عن أبعاد أخرى إيديولوجية واستقطابية أخرى ساهمت بمجموعها في حرف مسار الثورة السورية اجتماعياً وسياسياً وحتى عسكرياً، ليصبح إيجاد حل سياسي للصراع السوري مسألة شديدة التعقيد ومتعددة الأبعاد. في حين لاقت كلاً من ذريعتي الأقليات ومكافحة الإرهاب رواجاً دَعَمه حلفاء النظام مع مرور الوقت، لتتشكّل السرديّة الرسمية التي يتمسّك بها نظام الأسد محلياً ودولياً في حربه ضد الشعب المطالب بالحرية والكرامة والعدالة بمختلف مكوناته وشرائحه.

الموقف الأممي من الثورة السورية: محاولات غير جدّية للحل

تطورت المحاولات لإيجاد حل سياسي للصراع بعد أشهر من انطلاق الثورة بجهود إقليمية بدايةً ثم دولية،([23]) فتم تعيين كوفي عنان كأول مبعوث أممي مشترك من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة للصراع السوري في كانون الثاني/يناير 2012.  واتّسمت فترة وساطته بتحول الثورة إلى طور العسكرة انطلاقاً من دفاع الثوار عن النفس تجاه بطش نظام الأسد وحماية المناطق الخارجة عن سيطرته. ركز عنان بشكل أساسي خلال فترة ولايته التي دامت حوالي سبعة أشهر (من يناير حتى آب 2012) على وقف إطلاق النار وبدء عملية سياسية يقودها السوريون.([24]) وتمخّضت تلك الفترة عن صدور بيان جنيف القائم على أساس مشاركة السلطة في حزيران 2012،([25]) والذي يعتبر أول وثيقة دولية مشتركة حول سورية.([26]) إلا أن الانقسام الدولي في مجلس الأمن وغياب الثقة بين طرفي الصراع حال إلى جانب أسباب داخلية وخارجية أخرى دون ترجمة البيان إلى اتفاق،([27]) وبالتالي دون نجاح عنان في وساطته وتصاعد العنف على الأرض.([28])

خلف الابراهيمي عنان كمبعوث مشترك أيضاً لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، واتسمت فترة وساطته التي استمرت لما يقارب سنة ونصف (من آب 2012 حتى شباط 2014) بتقدّم المعارضة عسكرياً على الأرض إضافةً لتأسيسها كيان سياسي (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية) كممثل شرعي لسورية باعتراف دولي -مما عزّز الانقسام في مجلس الأمن وزاد من انعدام الثقة بين نظام الأسد والمعارضة لتمسّكهم بالحل العسكري-.([29]) إضافةً إلى ظهور داعش، واستصدار مجلس الأمن القرار رقم 2118 في أيلول 2013 عقب ارتكاب نظام الأسد مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية آب 2012 وما نجم عن ذلك من عقد الجولة الثانية من محادثات جنيف في شباط 2014 بحضور الأطراف لأول مرة وجهاً لوجه، ولكن دون أي تقدّم في المحادثات التي ما لبثت أن انهارت لعدم جدّية نظام الأسد بالانخراط بالعملية السياسية.

عيّنت الأمم المتحدة ستيفان دي مستورا كمبعوث خاص لها في الصراع السوري بعد استقالة الإبراهيمي، لتستمر وساطته ما يقارب أربع سنوات ونصف (من تموز 2014 حتى نوفمبر 2018) اتّسمت بعدد كبير من المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية التي أثرت بشكل جوهري على سير الملف السوري. ومن أبرز تلك المتغيرات: توقيع الاتفاق النووي الإيراني في نيسان 2015؛ التدخل الروسي العسكري على الأرض لدعم قوات نظام الأسد في أيلول 2015 وما تبعه من استعادة نظام الأسد وحلفائه لمساحات واسعة من سيطرة المعارضة؛([30]) وتصاعد موجات اللاجئين إلى أوروبا بطرق شرعية وغير شرعية مع تصاعد القتل والدمار على الأرض.

أسفر ما سبق عن انحراف في الموقف الدولي تجاه رحيل الأسد من حيث اعتباره أهون الشرّين بعد بدء داعش بالتوسع والتخوف من الانفلات في المنطقة، ونجم عن ذلك تقارب بين مصالح ومواقف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، أدى بدوره لتأسيس مجموعة دعم سورية الدولية ISSG وإصدار بيان فيينا كخطة للسلام في سورية تدعو لتجديد المحادثات والانتقال السياسي خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات في غضون 18 شهر.([31]) وكان من أحد تفسيرات بيان فيينا خاصة بالنظر لتوقيته (بعد التدخل الروسي بشهر ونيّف) أنه أتى كتشكيل لإطار سياسي دولي جديد وفق معطيات التدخل الروسي الذي أراد –بموازاة الفعل العسكري على الأرض- التأثير على مرجعية جنيف عبر الدخول في تعريف تنفيذي يزيد من سيولة الانتقال كمفهوم، بالإضافة إلى ضبط أدوار الفاعلين الإقليمين (كالأردن) وطلب تحديد الحركات الإرهابية (كالسعودية)، وطلب إعادة تنظيم المعارضة لتغدو بنية مليئة بالتناقضات. صادق مجلس الأمن على خطة فيينا بالقرار 2254 في كانون الأول/ديسمبر 2015. ثم ما لبث تكثيف حدة التدخل الروسي العسكري على الأرض وبدء روسيا عملية وساطة موازية (مسار أستانا) في تحدٍّ للمسار الأممي أن زاد من حدّة التوتّر بين العلاقات الروسية الأمريكية. وتبع ذلك تمخُّض مسار أستانا عن اتفاق على إقامة مناطق خفض تصعيد سمح في الواقع لنظام الأسد باستعادة مناطق استراتيجية هامة من سيطرة المعارضة إلا أنه ما لبث أن انهار دون أي تحسّن في وضع المدنيين.([32])

وبالمقابل نجم عن استئناف مسار جنيف خلال عام 2017 الاتفاق على جدول أعمال للمفاوضات يتضمن أربع سلال: الحوكمة والدستور والانتخابات وقضايا مكافحة الإرهاب وحوكمة الأمن. وبالنتيجة أصبح مسار جنيف معني بالقضايا السياسية في حين تم تخصيص مسار أستانا للقضايا العسكرية، إلى أن نظمت روسيا مؤتمر سوتشي الذي قوض مسار جنيف لصالح إصلاح دستوري تقوم به لجنة دستورية لم يتمكن دي مستورا رغم سعيه الحثيث من الوصول للإعلان عن تشكيلها قبل استقالته، وتعيين غير بيدرسون خلفاً له في نوفمبر 2018

 

مشاركة السلطة والواقع السوري: بين صراع الهويات والسيادة الوطنية

تحدّد الأدبيات الغربية صراع الهوية بثلاثة عناصر: الهوية والأمة والدولة. حيث تعرف جماعة ما بأنها هوية عندما يشترك القسم الأكبر منها بسمات مميزة ثقافية أو دينية أو لغوية أو عرقية، وتتحول هذه الجماعة إلى أمة عندما تطور إيديولوجية خاصة بها وتطالب بحقها في تقرير مصيرها على إقليم محدد، وفي حال تطورت هذه الأمة إلى شعب ذو سيادة فإنها تتحول إلى دولة. ووفقاً لذلك يرى باحثون أن الأمة هي عبارة عن الروابط بين أعضاء المجتمع ويعبر عنها بالانتماء، بينما الدولة هي البناء القانوني الذي تنشؤه هذه الأمة وتستطيع تغييره بحسب احتياجاتها، ويعبر عن ذلك بالمواطنة من خلال عقد اجتماعي يضمن المساواة بين جميع المواطنين في الدولة حسب الباحث رينان (Renan 1970). وبالتالي فإن صراع الهوية يظهر بمجرد التعارض بين مصالح الدولة (حق السيادة) ومصالح الأمة أو الأمم المشكلة لها (حق تقرير المصير) ومثال ذلك التطلعات الكردية في سورية والعراق وإيران وتركيا. ([33])

ويكون تفاعل الدولة مع هذا الصراع بحسب الباحث ماينز Maynes  (1993) وفق أحد السيناريوهات التالية:([34])

  • التطهير العرقي: كما حدث في يوغسلافيا السابقة ورواندا وتشيك سلوفاكيا.
  • التقسيم: كما حدث في الهند وتأسيس الباكستان، والسودان وتأسيس جنوب السودان.
  • القمع: كما حدث في سورية والعراق (الأنظمة الشمولية).
  • مشاركة السلطة: كما في لبنان والهند وعدد من الدول المتقدمة كسويسرا وبلجيكا وهولندا.

وبالمقارنة مع الحالة الأكثر وضوحاً للحرب الأهلية في لبنان 1985-1990 بين مكونات هوياتية واضحة دينية أو مذهبية، نجد أن الصراع السوري ضمّ في مختلف أطرافه عدد من المكونات المتنوعة، تمايزت في معظمها على أساس واضح هو معارضة نظام الأسد أو تأييده وليس على الأساس الإثني أو القومي. وبالتالي فإنه لا بدّ لنا قبل الحديث عن مضمون الحل السياسي في سورية، من اختبار كلّ من الفرص والتحدّيات، واختبار مدى توفر عوامل مشاركة السلطة في سورية كأساس محتمل لاتّفاق السلام الموعود.

مشاركة السلطة في سورية: بين الفرص والتحديات

في سياق الحديث عن احتمال تطبيق مشاركة السلطة كأساس لاتفاق سلام محتمل في سورية أسوةً بالعديد من الصراعات في العالم، سواءً من خلال مشاركة السلطة السياسية (حكومة وطنية مشتركة) أو مشاركة السلطة العسكرية (جيش وطني) أو العمودية (توزيع أجهزة الدولة بين المكونات المختلفة) أو غير ذلك من أنماط مشاركة السلطة، يرى البعض أن الدروس المستفادة من تجارب مشاركة السلطة حول العالم لا تُبشّر بتحقيق ما صُمّمت من أجله، حيث بقيت في معظمها قاصرة عن إحلال السلام بعد الحروب فضلاً عن إرساء الديمقراطية. وفيما يلي الإيجابيات والسلبيات الأكثر بروزاً لمشاركة السلطة بحسب الأدبيات والدراسات التحليلية للتجارب السابقة والمشار إليها أعلاه:

إيجابيات مشاركة السلطة

سلبيات مشاركة السلطة

طمأنة الأطراف المتصارعة من خلال تقسيم الحكم فيما بينهم

مكافأة السلوك العنيف لأطراف الصراع (أمراء الحرب) من خلال تقسيم "كعكة" الحكم بينهم

طمأنة الأقليات عموماً من خلال إشراكهم في صناعة القرار

إيجاد شكل استبعادي للمواطنة يستند فقط إلى الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة

المساعدة على إنهاء الصراع من خلال تحفيز الأطراف المتصارعة على توقيع الاتفاق مقابل حصص في الحكومة

إيجاد حكومات غير مستقرة

توزيع وظائف الدولة لصالح الهويات على حساب الكفاءة والفعالية والشرعية مما يتعارض مع الديمقراطية

تعاون النخب السياسية الذي لا بدّ أن يتطور مع الوقت ليصبح تعاون على المستوى المجتمعي

تركز السلطة بيد النخبة مما يتجاهل حاجات المواطنين العاديين

توزيع المشاركة في القرار الحكومي بحسب توازن القوى على طاولة المفاوضات بدلاً من نتائج الانتخابات الشرعية

 

وبالنظر في تجارب الدول المجاورة، نجد أن تطبيق اتفاقات مشاركة السلطة أسفر عن أنظمة تقوم على الهوية الشيعية والسنية والكردية وتتجاهل الديناميكيات الوطنية والاجتماعية والمحلية وغيرها مما ساهم بترسيخ العنف والأزمات السياسية (كما في حالة العراق)، أو خلّف حالة من عدم الاستقرار الحكومي إلى جانب الفوضى السياسية وتشتّت الهوية الوطنية الجامعة لصالح الهويات الفرعية المرتبطة غالباً بولاءات خارجية (كما في حالة لبنان). وبالتالي فإن تلك النماذج في لبنان والعراق وجنوب السودان واليمن وغيرها تثبت أن مجرد اتفاق مشاركة السلطة لا يضمن السلام الدائم والاستقرار، وخصوصاً مع وجود شبه إجماع على عدم تفكيك بنية الدولة السورية –بما في ذلك الأمن والجيش-خوفاً من الفوضى لعدم تكرار ما حدث في العراق 2003.([35])

لذلك كان من المفيد الاستئناس بكل من تجارب لبنان (اتفاق الطائف) والبوسنة (اتفاق دايتون) وإيرلندا الشمالية (اتفاق الجمعة العظيمة) عند دراسة جدوى تطبيق مشاركة السلطة في سورية، للنظر بمدى نجاح ما هدفت له تلك الاتفاقات بعد مرور عقود على توقيعها.

إلا أن أي اتفاق سلام محتمل لا بدّ له كي يرى النور من حيث التنفيذ أن يعالج الأسباب الجذرية للصراع والتي تكمن في المستوى المجتمعي المحلي (العدالة والكرامة والحرية) من خلال صياغة عقد اجتماعي جديد يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المحلية للسكان ويتعامل مع ترتيبات مشاركة السلطة على مستوى الوحدات المحلية (المجالس المحلية) ضمن مظلة وطنية جامعة تقوم على حكم ديمقراطي عادل وشامل. ويمكن الإشارة إلى عدد من الاعتبارات التي يجب التعامل معها عند تصميم أي حل سياسي للصراع السوري:

  • عدم جعل أي اتفاق (سواءً كان على أساس مشاركة السلطة أو غيره) طويل الأمد أو غير محدد بزمن، حيث يرى البعض أن ذلك من أهم أسباب إخفاق اتفاقات مشاركة السلطة وخصوصاً اتفاق الطائف في الحالة اللبنانية، مما رسخ الانقسامات الإثنية على حساب الإصلاح السياسي حتى اليوم. في حين أن ميثاق دستور جنوب إفريقيا التأسيسي لعام 1993 عالج هذه المشكلة من خلال ما يسمى "بند الغروب" الذي يحدد تاريخ إنهاء العمل باتفاق مشاركة السلطة بعد خمس سنوات من توقيعه.([36]) بشكل يتيح بعد هذا التاريخ الانتقال لنظام شامل أكثر استدامة.
  • تأهيل المعارضة على أهم الوظائف الأساسية في الدولة للتمكن من العمل وفق الأنظمة المؤسسية للدولة لا سيما في حال وضع ترتيبات لمشاركة السلطة حال تطبيقها، منعاً لحدوث أي تدليس أو تلاعب مستقبلي يؤدي إلى فشل الأطراف الشرعية في إدارة الحكم ومؤسسات الدولة، وبالتالي سيكون من الملحّ الحفاظ على بعض المؤسسات لا سيما الخدمية من أجل تسهيل الانتقال وضمان الاستقرار.
  • التعامل مع مشكلة أدوار اللاعبين الخارجيين، من حيث التخلص التدريجي من التدخل الخارجي بالتزامن تعزيز الملكية الوطنية اللازمة لضمان استدامة أي حل، ويساعد في ذلك أيضاً شرط الغروب المذكور أعلاه بالإضافة إلى العمل على المستوى المحلي لتعزيز استعادة الملكية من قبل الشعب.

المحاولات الدولية لتطبيق مشاركة السلطة في سورية

رغم فشل كوفي عنان في التوصل لاتفاق على أساس مشاركة السلطة إلا أن وساطته تمخضت عن صدور بيان جنيف في حزيران 2012 الذي ينص على تأسيس هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة مكونة من النظام والمعارضة، على الرغم من بقاء البيان غامضاً من حيث تحديد من سيشارك السلطة مع من، وبعبارة أخرى تحديد أطراف المعارضة وأطراف النظام المعنيين بعضوية هيئة الحكم الانتقالية. حاول الابراهيمي (الوسيط الثاني في الصراع السوري بعد عنان) في جنيف 2 عام 2014 كذلك تطبيق مشاركة السلطة السياسية من خلال محاولة ترجمة بيان جنيف 2012 إلى اتفاق، إلا أن الانقسام الدولي وغياب الثقة بين الأطراف حال دون ذلك. ولم تفلح كذلك محاولات دي مستورا بتطبيق خطة التجميد (مناطق خفض التصعيد) أو حتى تشكيل لجنة دستورية بتمثيل حقيقي للشعب السوري كخطوة نحو مشاركة السلطة.

ورغم اعتقاد بعض الباحثين أن جزء من عوامل مشاركة السلطة متوفرة في سورية، إلا أن آخرين يرون أن وجود الأكثرية السنية (ما يقارب 70%) خصوصاً مع الانقسامات ضمن السنة أنفسهم (إيديولوجياً) إضافة إلى التهجير الداخلي والخارجي بأعداد ضخمة، وعدم تماثل الأقليات (العلويين، المسيحين، الكرد، التركمان، الشيعة، الشركس، الدروز، الاسماعيليين وغيرهم) في الحجم، يجعل التوازن في السلطة بين المكونات المختلفة أمر غير ممكن. يضاف إلى ذلك عدم التركز الجغرافي للمكونات المختلفة حيث يمثل السنة أغلبية في بعض المدن وأقلية في أخرى، وأخيراً تعذّر حكم النخب بسبب عدم وجود تمثيل مجتمعي شعبي واضح لقيادات كفؤة وذات شرعية.([37])

وبالتالي فإنه وبغض النظر عن طبيعة الاتفاق السياسي القادم يجب إيلاء أهمية أكبر لكيفية الوصول للاتفاق وليس فقط ماهية الاتفاق. وبعبارة أخرى، يجب على أي جهد لبناء السلام في سورية أن يتزامن مع بناء السلام على المستوى المحلي والمشاركة المجتمعية لكافة المكونات بحيث يعبّر عن مطالب مختلف مكونات الشعب السوري ويمثلها بشكل حقيقي من جهة، وأن يحافظ على الهوية السورية الوطنية كمظلّة جامعة لمختلف الهويات السورية الفرعية من جهة أخرى.([38]) ومن هنا تبرز الحاجة إلى نظام حكم يحقق التوازن بين الحقوق الفردية (المواطنة) وحقوق المكونات الثقافية المختلفة ويضمن ذلك دستورياً تحت طائلة المساءلة وبدعم إقليمي ودولي بشكل يتلافى العيوب التي أنتجتها هذه النماذج في الدول الأخرى وفق نهج تصاعدي Bottom-up وليس مفروض من الأعلى Top-down كما حدث في العراق، ويضمن الوصول إلى حكومة كفؤة تعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة التي تضفي عليها الشرعية وتلبي بمؤسساتها احتياجات المكونات المختلفة بما يطمئن مخاوفهم.([39])

وبحسب نظرية الديمقراطية التوافقية وهي النموذج الأشهر لمشاركة السلطة، يمكن تصور العناصر الأساسية لنموذج مشاركة للسلطة في سورية وفق حكومة ائتلافية واسعة تضم ممثلين عن مختلف المجموعات الدينية أو العرقية الرئيسية إلى جانب منح استقلالية ثقافية للمجموعات تمكنهم من إدارة شؤونهم بأنفسهم؛ واعتماد مبدأ التمثيل النسبي كنظام انتخابي على مستويات مختلفة من حيث توزيع الحصص في أجهزة الدولة (كوتا) والتمثيل في البرلمان (أداة التصويت) وتوزيع الموارد العامة؛ مع منح الأقليات حق النقض (فيتو) ما يتعلق بأمور التنمية والشؤون الثقافية. إلا أن تطبيق هذا النموذج يطرح العديد من التحديات والمخاطر التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند تصميم أي عملية لبناء السلام المستدام في سورية. ومن أبرزها:

  • استدامة الانقسامات العرقية من خلال مأسسة الهويات الفرعية سياسياً وتمكينها على حساب الهوية الوطنية الجامعة؛
  • عرقلة المصالح الوطنية الجمعية تحت ذريعة حماية قيم المكونات المختلفة ومصالحها بما يقوّض مبادئ الحكم الرشيد؛
  • الاعتماد على "النخب" دون تمثيل حقيقي وشرعي للسكان في سبيل إرضاء أطراف الصراع على طاولة المفاوضات بدلاً من آلية انتخاب نزيهة وعادلة، مما من شأنه أن يقوّض أي ممارسة ديمقراطية محتملة؛
  • تقويض مبدأ المواطنة لصالح قيمة الانتماء الهوياتي، مما من شأنه أن يقوض المصالح والحقوق الفردية لصالح الحقوق الثقافية للمكونات الهوياتية؛
  • تحقيق استقرار مؤقت غير مستدام، بسبب الإبقاء على احتمال التعارض بين مصالح المكونات المختلفة ومصالح الدولة مما سيفضي إما إلى استبداد النظام الحاكم من جديد في وجه المكونات المعارضة له أو إلى حرب أهلية بين تلك المكونات؛
  • آنية الاستقرار السياسي على حساب التنمية وتلبية احتياجات الناس ومبادئ الديمقراطية والحوكمة؛
  • عرقلة حلّ المشاكل المجتمعية بين المكونات المختلفة لصالح التركيز على حل المشاكل المجتمعية ضمن تلك المكونات.

خاتمة

مع دخول ثورة آذار 2011 عامها التاسع، وكثرة المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية التي أثرت بشكل كبير على الصراع السوري. ومع تعدّد وتنوّع الدراسات حول الحلول المتوقعة لإنهاء الصراع، حاولت هذه الورقة الجمع بين الأساس العلمي لمشاركة السلطة كأداة مهيمنة عالمياً لإنهاء الحروب الداخلية بعد الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم من قبل المجتمع الدولي وبناة السلام، وبين ظروف الواقع السوري وأهم المعطيات التي تتقاطع مع هذا المفهوم بإيجابياته وسلبياته.

فعلى الرغم من السياسات الداخلية التي اتّبعها نظام الأسد على مرّ عقود حكمه والتي سعى من خلالها إلى زرع الطائفية وعدم الثقة بين المكونات السورية على تنوعها، إلا أن الشعب السوري انتفض بعد عقود من الاستبداد كمكوّن واحد لاسترداد قراره الوطني وإرساء قيم العدالة والكرامة والحرية، رغم ما طرأ على الصراع من بعد طائفي عمل نظام الأسد على تغذيته بشكل ممنهج. ورغم الخذلان الدولي على مرّ سنوات الثورة السورية والتعاطي القاصر تجاه إجرام نظام الأسد، إلا أن شرارة الثورة بقيت مشتعلة في نفوس السوريين بانتظار حل عادل يلبّي مطالب الشعب السوري على اختلاف مكوناته.

تخلص هذه الورقة إلى إن أي حلّ محتمل للصراع السوري لن يحظى بالنجاح فضلاً عن الاستدامة ما لم يعالج الأسباب الجذرية للصراع والمتمثلة بمطالب الانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي عادل ذو شرعية، وما لم يراعي المشاركة المجتمعية بكافة شرائحها على المستوى المحلي وصولاً إلى النخب وليس العكس، سواءً كان مسمّى هذا الحل مشاركة للسلطة أم غير ذلك، ويأخذ بعين الاعتبار التحديّات والمخاطر التي أدّت إلى فشل اتفاقات السلام السابقة في العديد من دول العالم وتكرار العنف ومعاناة المدنيين بصورة أشدّ من السابق.

قائمة المراجع البحثية

  • Binningsbø, H. (2013). Power sharing, peace and democracy: Any obvious relationships. International Area Studies Review 16 (1), 89-112, Peace Research Institute Oslo, Norway.
  • Gates, S., and Strøm, K. (2013). The appeals and perils of power sharing. In: Fragile Bargains. Civil Conflict and Power-Sharing in Africa (in press).
  • Groarke, E. (2015). Power Sharing in Syria. Institut Für Friedensforschung Und Sicherheitspolitik An Der Universität Hamburg 20144 Hamburg • Beim Schlump 83.
  • Hartzell, C.A., and Hoddie, M. (2007). Crafting Peace. Power-sharing Institutions and the Negotiated Settlement of Civil Wars. University Park, PA: Pennsylvania State University Press.
  • Jarstad, A.K., and Nilsson, D. (2008). From words to deeds: The implementation of power-sharing pacts in peace accords. Conflict Management and Peace Science 25 (3), 206–223.
  • Kawikji, H. (2018). Under what conditions are different forms of power sharing effective? ETH Zurich.
  • Lijphart, A. (1977). Democracy in Plural Societies. New Haven, CT. Yale University Press.
  • Martin, P.H. (2013). Coming Together: Power-Sharing and the Durability of Negotiated Peace Settlements. Civil Wars, 15 (3), 332-358. DOI: 10.1080/13698249.2013.842747.
  • Mehler, A. (Jul. 2009). Peace and Power-sharing in Africa: A Not so Obvious Relationship. African Affairs, 108 (432), 453-473.
  • Norris, P. (2008). Driving Democracy: Do Power-sharing Institutions Work? Cambridge: Cambridge University Press.
  • Pierson, C.L., and Thomson, J. (2018). “Allies or Opponents? Power-Sharing, Civil Society and Gender.” Nationalism and Ethnic Politics 24 (1), 100–115.
  • Rosiny, S. (2013). Power Sharing in Syria, Lessons from Lebanon’s Experience.
  • Salamey, Abu-Nimer, M. And Abouaoun, E. (2018). Post - Conflict Power - Sharing Agreements, Options for Syria, ISBN 978-3-319-60103-8 ISBN 978-3-319-60104-5 (eBook) DOI 10.1007/978-3-319-60104-5.
  • Sivakumaran, S. (2011). Re-envisaging the International Law of Armed Conflicts’ 22 European Journal of International Law.
  • Walter, B.F. (2002). Committing to Peace: The Successful Settlement of Civil Wars. Princeton, NJ. Princeton University Press.

 

([1]) كان الزعيم اللبناني وليد جنبلاط أول من ذكر الطائف السوري -رغم أنه رفض صراحةً المفهوم اللبناني لمشاركة السلطة على أسس طائفية. كما طرح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف هذه الفكرة مرة أخرى في مقابلة مع Le Figaro الفرنسية في 10 سبتمبر 2012، واكتسبت الفكرة بعض الزخم عندما تم تعيين الأخضر الإبراهيمي المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية لسورية في آب 2012؛ بعد أن كان في عام 1989 رئيساً للجنة الثلاثية العليا لجامعة الدول العربية التي صاغت اتفاق الطائف. إلا أن اقتراح نقل النموذج اللبناني إلى سورية أثار أيضا اعتراضات قوية لأن تقاسم السلطة الطائفي مسؤول على نطاق واسع عن تحفيز الطائفية اللبنانية المستمرة. المصدر مع الترجمة بتصرّف عن:

Power Sharing in Syria, Lessons from Lebanon’s Experience, 2013, Stephan Rosiny, p17.

([2]) غالباً يترجم مصطلح Power sharing إلى تقاسم السلطة، إلا أنني أعتقد في هذه الورقة أن الترجمة الأدق هي المشاركة وليس التقاسم وربما كان تعبير "تشارك" هو الأكثر دقة.

([3])  Arend Lijphart هو عالم هولندي سياسي متخصص في السياسة المقارنة ، ونظم الانتخابات والتصويت ، والمؤسسات الديمقراطية والإثنية والسياسية، وصاحب نظرية Consociationalism "التوافقية" أو "الديمقراطية التوافقية" Consociational Democracy.

([4]) تم الاعتراف بالنزاعات المسلحة الداخلية في القانون الدولي العرفي، ولكن فقط عندما وصلت إلى مستوى شدة الحرب الأهلية، أو "الحرب". للمزيد حول ذلك يمكن مراجعة:

Sandesh Sivakumaran‘Re-envisaging the International Law of Armed Conflicts’ (2011) 22 European Journal of International Law.

([5])  بتصرف وترجمة عن تعريف جامعة أوبسالا للحرب الداخلية، للمزيد انظر الدراسة على الرابط: https://goo.gl/mvoYQ6

([6]) Under what conditions are different forms of power sharing effective? Hadia Kawikji, 2018, ETH Zurich.

([7]) تعريف Helga Malmin Binningsbø (2013) بتصرف وترجمة، للمزيد يمكن النظر في المرجع التالي:

Binningsbø, H. (2013). Power sharing, peace and democracy: Any obvious relationships. International Area Studies Review 16 (1), 89-112, Peace Research Institute Oslo, Norway. p 215.

([8]) بتصرف وترجمة عن Hartzell and Hoddie (2007) وWalter (2002).

([9]) Lijphart (1977) وNorris (2008) وMahler (2009).

([10]) تتضمن نظرية الديمقراطية التوافقية للعالم ليبهارت أربعة ملامح مؤسسية: 1) ائتلاف كبير على المستوى التنفيذي 2) ونظام التمثيل النسبي 3) وفيتو متبادل للأقليات 4) واستقلالية جزئية، للمزيد حول النظرية الاطّلاع على المرجع التالي:

Lijphart, A. (1977). Democracy in Plural Societies. New Haven, CT. Yale University Press.

([11]) Pierson, C.L., and Thomson, J. (2018). “Allies or Opponents? Power-Sharing, Civil Society and Gender.” Nationalism and Ethnic Politics 24 (1), 100–115, p101.

([12]) Gates, S., and Strøm, K. (2013). The appeals and perils of power sharing. In: Fragile Bargains. Civil Conflict and Power-Sharing in Africa (in press).

([13]) Jarstad, A.K., and Nilsson, D. (2008). From words to deeds: The implementation of power-sharing pacts in peace accords. Conflict Management and Peace Science 25 (3), 206–223, p215.

([14]) Jarstad (2008) مرجع سابق، وMartin (2013)، للمزيد حول تحليل Martin الاطلاع على المرجع التالي:

Martin, P.H. (2013). Coming Together: Power-Sharing and the Durability of Negotiated Peace Settlements. Civil Wars, 15 (3), 332-358. DOI: 10.1080/13698249.2013.842747.

([15]) للمزيد الاطلاع على المنشور على الرابط التالي: https://bit.ly/2PtorFs تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([16]) تشير العديد من الدراسات إلى إحصائيات مختلفة منها إحصاء عام 1985 الذي يعدد النسب على الشكل التالي: 76.1% مسلمون سنة، و11.5% علويون، و3% دروز، و1% إسماعيليون، وبين 4.5% و0.4% شيعة إثنا عشرية، وهناك بعض الباحثين من يشكك في دقة هذه النسب، ويرى أن نسبة السنة في سوريا لا تقل عن 80% وتصل إلى 85% إذا أضيف إليها نسبة السنة الأكراد، إلى جانب 9% من العلويين و5% من المسيحيين الذين هاجر كثير منهم إلى الخارج. في حين يذكر تقرير وزارة الخارجية الأميركية للحريات الدينية أن نسبة المسلمين السنة في سوريا تبلغ 77%، و10% علويون، و3% دروز وإسماعيليون وشيعة إثنا عشرية، و8% من السكان مسيحيون من طوائف مختلفة تتبع غالبيتها الكنيسة الشرقية وتهيمن الطائفة الأرثوذكسية بشكل كبير على التوزع المسيحي، وتوجد أيضا أقلية يزيدية في منطقة جبل سنجار على الحدود مع العراق. المصدر: التركيبة السكانية في سوريا، موقع الجزيرة، للمزيد الاطلاع على الرابط: https://bit.ly/2Dv5Hk2 تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([17]) Post - Conflict Power - Sharing Agreements, Options for Syria, p13.

([18]) ذكر تقرير فايننشال تايمز 2011 أن رامي مخلوف ابن خالة بشار الأسد يسيطر على ما يصل إلى 60% من الاقتصاد السوري. للمزيد الاطلاع على الرابط: https://on.ft.com/2ZvZFsW  تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([19]) تسليح الأقليات في جرمانا والقصاع... بين الحقيقة والرعب، مقال منشور على موقع زمان الوصل على الرابط https://bit.ly/2USCJFG   تاريخ الزيارة 24 آذار 2019،

([20]) أول استخدام لوصف "طائفية في خطاب بثينة شعبان 24 آذار 2011 بأن ما جرى في درعا يستهدف تحويل سورية لمناطق طائفية عرقية، الخطاب على الرابط:  https://bit.ly/2ZG3MCS  ثم تكررت في أول خطاب لبشار الأسد في 30 آذار 2011 منذ اندلاع الانتفاضة بأن سورية هدف لمؤامرة لإحداث صراع طائفي، الخطاب على الرابط https://bit.ly/2DwZzrr . تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([21]) ومنها لافتات "الشعب السوري واحد" و "لا سلفية ولا إرهاب ثورتنا ثورة شباب" التي رفعت في كل من حمص ودرعا وريف دمشق في شهر نيسان 2011. للاطلاع الفيديو على الرابط: https://bit.ly/2Dx45q6  تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([22]) خطاب بشار الأسد ووصف المتظاهرين بالجماعات الإرهابية المسلحة". وأول استخدام لوصف "عصابة مسلحة" من التلفزيون السوري حول الجامع العمري في درعا. للمزيد الاطلاع على مقال بعنوان: خطابات الأسد.. الإصلاح بالكلام، مقال منشور على موقع الجزيرة، تاريخ الزيارة 26 آذار 2019، على الرابط: https://bit.ly/2XJSVG9

([23]) في شهر أيار 2011 فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على النظام السوري بسبب قمعه للمظاهرات، وفي آب 2011 صعدت تركيا موقفها تجاه الحكومة السورية لنفس السبب. للمزيد يمكن زيارة الرابط: https://bit.ly/2IETCgA  مقال بعنوان: عقوبات سوريا، منشور على موقع الجزيرة، تاريخ الزيارة 28 آذار 2019.

([24]) للاطلاع على خطة النقاط الست لكوفي عنان: نص- ترجمة غير رسمية لنص خطة سلام كوفي عنان لسوريا على الرابط: https://bit.ly/2FqGc3G  تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([25]) سيتم الشرح باستفاضة عن مفهوم مشاركة السلطة لاحقاً.

([26]) للاطلاع على مضمون بيان جنيف1 لعام 2012 زيارة الرابط: https://bit.ly/2Pu9ZwJ  مقال بعنوان اتفاق جنيف 1 منشور على موقع الجزيرة، تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([27]) انقسام P5 في مجلس الأمن بين روسيا من جهة وأمريكا والغرب من جهة أخرى بسبب الفصل السابع/السادس لتطبيق القرار واستخدام الفيتو من روسيا والصين ضد البيان في 19 تموز 2012. https://bit.ly/2PARkjf تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([28]) من حوالي 1360 شهيد في شهر أيار إلى 5834 في شهر آب 2012.  المصدر: منشور بعنوان: الخط الزمني للحرب الأهلية السورية، على الرابط https://bit.ly/2Vto6rA تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([29]) واشنطن تعترف بالائتلاف ممثلاً شرعياً للشعب السوري، مقال منشور على موقع الجزيرة على الرابط https://bit.ly/2VqvfJj تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([30]) بدء الضربات الجوية الروسية وتفويض البرلمان لبوتين باستخدام القوات المسلحة الروسية في الخارج. للاطلاع على الخبر زيارة الرابط: https://bbc.in/1MFJXiv

([31]) للمزيد حول بيان فيينا زيارة الرابط: https://bit.ly/2USMrrC فيديو بعنوان: بيان فيينا يدعو إلى تشكيل حكومة سورية جديرة بالثقة ويختلف حول مصير الأسد. تاريخ الزيارة 1 نيسان 2019.

([32]) شمل الاتفاق أجزاء من إدلب وشمال حمص والغوطة الشرقية والحدود الأردنية السورية التي تسيطر عليها كلها المعارضة، وكان الاتفاق ألا تشن هجمات حتى 6 أيار 2017 وأن تصل المساعدات لهذه الأماكن.

([33]) Post - Conflict Power - Sharing Agreements, Options for Syria, p28.

([34]) المرجع السابق بتصرف وترجمة، ص 33.

([35]) المرجع السابق بتصرف وترجمة، ص 8.

([36]) Power Sharing in Syria, 2015, Emer Groarke, p12.

([37])المرجع السابق بتصرف وترجمة، ص135.

([38]) المرجع السابق بتصرف وترجمة، ص 16.

([39]) المرجع السابق بتصرف وترجمة، ص 36.

ملخص تنفيذي

  • شهدت الإدارة الذاتية منذ إعلانها عدة قراراتٍ قلصت ودمجت بموجبها العديد من هيئات للمجالس التنفيذية للمقاطعات، لأسباب عدة أهمها تقليل عدد الهيئات المتقاربة في العمل.
  • يتمثل التطور الأبرز والأكثر استراتيجياً فيما يخص القرار الأخير بأن التقليص شمل هيئات " نوعية " بالنسبة للإدارة الذاتية، متمثلا بهيئة " الدفاع والحماية الذاتية "، وهيئة "العلاقات الخارجية"، وهيئة الطاقة.
  • إن التنبؤ بمدلولات وماهية هذه الخطوة وحصرها بإعادة ترتيب البنية الداخلية يكون غير متسقاً لأنه يتجاهل السياق العسكري والسياسي.
  • يمكن حصر وتلخيص الاستقراءات الأولية لإلغاء هذه الهيئات بمجموعة أهمها؛ إعادة هيكلة "الإدارة الذاتية" بما يتوافق مع قانون الإدارة المحلية؛ وجود اتفاق بين الولايات المتحدة وأطراف إقليمية خصوصاً تركيا، وفشل طرح اللامركزية في التطبيق والعودة للمركزية الضيقة (مركزية إقليم الجزيرة).

مدخل

منذ نشأتها بداية العام 2014 إلى الآن قامت "الإدارة الذاتية" بتقليص مستمر لتعداد هيئاتها التابعة للهيئة التنفيذية، وفي حين أنها بدأت ب22، تم تخفيضها إلى 16 هيئة، عبر إلغاء بعضها ودمج بعضها الآخر بتاريخ 01/03/2016([1])، ومؤخراً وبتاريخ 26/03/2019، منح المجلس التشريعي في إدارة " إقليم الجزيرة" الثقة للمجلس التنفيذي الجديد للإقليم والذي تضمن 10 هيئات بعد إلغاء هيئات عدة وأهمها هيئتي الدفاع والحماية الذاتية والعلاقات الخارجية، بالإضافة لإلغاء كل من هيئتي الطاقة والسياحة، والقيام بعملية دمج لهيئة العمل والشؤون الاجتماعية مع هيئة شؤون الشهداء تحت مسمى" هيئة العمل وشؤون الشهداء([2])". وعليه؛ سيتبع تقدير الموقف هذا حركية التقليص تلك واستعراض سياق الخطوة الأخيرة ومدلولاتها واتجاهاتها العامة.

حركية التعديل والتغيير البنيوي

تتكون بُنية "الإدارة الذاتية" وفق "ميثاق العقد الاجتماعي" من: المجلس التنفيذي؛ المجلس التشريعي؛ المجلس القضائي؛ المفوضية العليا للانتخابات: المحكمة الدستورية العليا؛ المجالس المحلية. وشملت "الإدارة الذاتية" وقت إعلانها 3 مقاطعات (كانتونات): الجزيرة وكوباني وعفرين، وتم تغييرها لاحقاً "بموجب قانون التقسيمات الإدارية للفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا"، الذي تمت المصادقة عليه خلال الجلسة العامة لمجلس الفيدرالية الديمقراطية الذي عقد ما بين 27/28 تموز 2017.

وفيما يخص المجلس التنفيذي فقد تم تشكيله تنفيذاً لقرارات "المجلس العام التأسيسي للإدارة المرحلية" لتشكيلها في المقاطعات (الكانتونات) الثلاث: الجزيرة، وعفرين وكوباني/ عين العرب، وكانت البداية بدايةً بمقاطعة الجزيرة: في 12/01، وكوباني في 27/01، وعفرين في 29/01، ليُعلن عن الإدارة الذاتية من قبل "مجلس غرب كردستان" بتاريخ 21/01/2014.

بلغ عدد هيئات المجلس التنفيذ عند اعلان الإدارة الذاتية 22 هيئة، وهي أشبه بحكومة بوزارات كاملة، ووفق العقد الاجتماعي من المفترض ان تتم تسمية رئيس المجلس التنفيذي من قبل حاكم المقاطعة (الكانتون) الذي يقوم بتكليف الحزب أو الكتلة الحاصلة على أكثرية أصوات المجلس التشريعي بتشكيل المجلس التنفيذي على أن ينال ثقة ما لا يقل عن (50+1) من المجلس التشريعي وتكون مسؤولة أمامه.

تم تقليص عدد هيئات المجلس التنفيذي خلال جلسة استثنائية للمجلس التشريعي بتاريخ 01/03/2016، إلى 16، هيئة، وذلك عبر تحويل هيئتي الشؤون الدينية وحقوق الإنسان إلى مكاتب وربطها بشكل مباشر برئاسة المجلس التنفيذي، ودمج هيئتي الزراعة والاقتصاد، وهيئتَي البيئة مع هيئة البلديات لتُصبح هيئة البيئة والبلديات. كما تم توزيع مهام هيئة النقل (المواصلات) بين هيئتَي البلديات والداخلية، ودمج هيئة التموين مع هيئة البلديات. وارتأت الإدارة الذاتية القيام بعملية الدمج بين الهيئات بسبب تداخل وظائف البعض منها. كما تم الإقرار بتحويل الرئاسة في الهيئات إلى النظام المشترك -رجل وامرأة-مع إضافة 3 نواب، واستثناء منصب رئيس المجلس التنفيذي من هذا التعديل في الهيكلية([3]). يوضح الجدول أدناه تغير عدد الهيئات التابعة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية منذ تشكله إلى الآن([4]).

 

إلغاء هيئتي الدفاع والخارجية: المدلولات والاتجاهات المتوقعة

توافقت هذه الخطوة مع مقترحٍ ظهر في 10/09/2018 أثناء زيارة وفد من "الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال و شرق سوريا" إلى مقرّ المجلس التنفيذي "للإدارة الذاتية" في إقليم الجزيرة، وخلال اللقاء تباحث الطرفان "ضرورة إيجاد صيغة إدارية توافقية بين "الإدارة الذاتية لشمال و شرق سوريا" و "الإدارات الذاتية المحلية" لتشكيل نظام سياسي موحد في مناطق شمال و شرق سوريا، وعقب هذا الاجتماع وبتاريخ 04/10/2018 أعلنت "الإدارة الذاتية الديمقراطية في مناطق شمال وشرق سوريا “؛عن  مجلسها التنفيذي الأول بـ 9 هيئاتٍ فقط، أي بهيئة أقل من المجلس المشكل مؤخراً والخاص بإقليم الجزيرة، وتشمل الفوارق بين الهيئتين وجود الزراعة ضمن هيئة مشتركة مع الاقتصاد في مجلس "الإدارة الذاتية"، كما تم الغاء هيئة " عوائل الشهداء " بالكامل، والغيت أيضاً هيئة الشباب([5])".

لا يمكن اعتبار التقليص الأخير ضمن الهيئات في " إقليم الجزيرة" أو المجلس التنفيذي للإدارة والمشكل عام 2018، خطوات في اتجاه توحيد شكل الإدارات وتقليص عدد الهيئات غير الفعالة كما حدث في حالات سابقة، فالإعلان الأخير شمل إلغاء ما يمكن اعتبارهما أهم هيئتين والمتمثلتين بـ هيئة الدفاع و الحماية الذاتية، وهي الجهة المسؤولة عن سوق ما يقارب 30 ألف مجند للخدمة الالزامية للإدارة الذاتية/ ولايزالون منتشرين في بقع المواجهة الاخيرة مع " تنظيم الدولة"، كما أن هيئة الخارجية هي الجهة المسؤولة عن تنظيم العلاقات الخارجية للحزب سواءً مع الشخصيات والأطراف الأجنبية القادمة إلى مناطق الإدارة أو عبر ممثلياتها التي تم فتحها في عدد من الدول الأوروبية واقليم "كردستان العراق"، كما يأتي الغاء هذه الهيئات في وقتٍ يمكن اعتبار السيطرة الجغرافية للإدارة الذاتية حالياً في اوسع مراحلها منذ نشأتها عام 2014، ومن الناحية الوظيفية ورغم اقدام "الإدارة الذاتية" على إلغاء بعض الهيئات ودمج بعضها الآخر، إلا أنها لن تكون علاجاً لداء " البيروقراطية" المستشري في جسد الإدارة الذاتية، فوفقاَ للمصادر بلغ عدد الأشخاص الذي يحصلون على رواتبهم من الإدارة سواءً ضمن مؤسساتها الإدارية أو العسكرية أو الأمنية لأكثر من مائتان وعشرة آلاف شخص، وهو رقم ضخم جداً مقارنةٍ بالحجم الجغرافي والأداء الفعلي للإدارة، ويندرج ضمن محاولاتها القيام قدر الامكان بعملية ربط للمجتمع بالمشروع السياسي لها عبر الوظائف، كما أن هذا العدد الضخم من الموظفين خلقوا مجتمعاً مرتبطاً امنياً ومعيشياً بالإدارة من ادنى الهرم الوظيفي والإداري، إلى أعلاه.

ترافقت عملية التقليص والدمج هذه مع إعلان هيئة الحماية والدفاع الذاتي تأسيس " وحدات فوج الغواصين “للضرورة العسكرية وفق بيان التشكيل([6])، وهذا الإعلان يشير إلى عدم وجود نية قريبة التحقق لدى الإدارة في اتجاه الإلغاء الكامل لهيئة الدفاع، بل ستقوم هيئات أخرى بعملية إدارة هذا الملف، ووفق طبيعة الهيئات المتبقية ضمن بنية المجلس التنفيذي فيرجح قيام هيئة الداخلية بإدارة ملف قوات " الدفاع والحماية الذاتية"، وكون أن القرار لا يزال قيد التفاعل والتشكل فإن هذا الأمر يفتح الباب أمام احتمالات عدة منها:

  1. إعادة هيكلة "الإدارة الذاتية" بما يتوافق مع قانون الإدارة المحلية الذي يمكن أن يتم تعديله بصورة تبقي على مركزية الدولة مع إعطاء بعض الصلاحيات الإدارية للأطراف؛
  2. تعديل الطبيعة الوظيفية لهذه القوات من تشكيل عسكري ذو مهام هجومية، بالتوجه نحو جعلها قوات شرطية ذو مهام أمنية ودفاعية.
  3. وجود اتفاق بين الولايات المتحدة وأطراف إقليمية خصوصاً تركيا، في اتجاه عملية ضبط لحجم الادارة الذاتية سواءً ادارياً وربما جغرافياً بحيث يتم التقليل من المخاوف التي تسوقها تركيا للتدخل العسكري في المنطقة، وهذا ما يمكن استقراءه من إلغاء هيئتي "الدفاع والخارجية"؛
  4. فشل طرح اللامركزية في التطبيق والعودة للمركزية الضيقة (مركزية إقليم الجزيرة)، وهذا السبب في حال صحته يعني فشل " مفهوم الإدارة الذاتية"، والتحول لحالة "إدارية فدرالية" أضعف من إقليم كردستان العراق الذي يمتلك وزارة دفاع / بيشمركة، وخارجية ذو فاعلية وتواجد.

الخلاصة

بالتزامن مع إعلانها بالسيطرة على آخر معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية"؛ فإن التنبؤ بمدلولات وماهية هذه الخطوة وحصرها بإعادة ترتيب البنية الداخلية يكون غير متسقاً لأنه يتجاهل السياق العسكري؛ فتلك الخطوة التي أقدمت عليها "الإدارة الذاتية" خصوصاً ما يتعلق بـ " هيئة الدفاع والحماية الذاتية " التي كانت سبباُ في هجرة عشرات الألوف من شباب المنطقة للخارج هرباً من أداء الخدمة العسكرية، وهيئة الخارجية التي كانت خلال فترة من الفترات ورقة تستخدمها الإدارة في اقناع المجتمعات المحلية بأنها قامت بإنشاء علاقات قوية مع دول عدة حول العالم؛ تتموضع دلالاتها في سياسة إعادة الهيكلة البنيوية والوظيفية؛ تركز فيها "الإدارة الذاتية" على البنى ذات الطابع الاقتصادي والإداري واستغنائها عن الهيئات السيادية (إن صح التعبير)، وهي سياسة ترمي من خلالها  توجيه عدة رسائل تفيد بأنها تنحو باتجاه الانضباط الوظيفي وحصره بالمجالات الإدارية والاقتصادية وبالتالي فإنها تعتقد أن تلك الرسائل قد تغير من شروط التفاوض سواء مع تركيا التي تبدي رغبة قوية في تحجيم قواها العسكرية؛ أو مع النظام الذي ربما تساعد تلك الرسائل في إنجاز التمكين الإداري للإدارة الذاتية.


([1]) واقع الإدارة الذاتية في الشمال السوري تموز 2016، المصدر: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، التاريخ: 01/09/2016، الرابط: https://bit.ly/2I7sXYm

([2]) تشكيل الهيكلية الإدارية الجديدة للمجلس التنفيذي لإقليم الجزيرة، المصدر: موقع المجلس التنفيذي للادارة الذاتية، التاريخ: 26/03/2019، الرابط: https://bit.ly/2CWlhFl

([3]) الكتاب السنوي الرابع لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية " حول المركزية واللامركزية في سورية: بين النظرية والتطبيق"، المبحث التاسع: الواقع الحوكمي في مناطق الإدارة الذاتية، بدر ملا رشيد، التاريخ: 28/09/2018، الرابط: https://bit.ly/2N7mnQH

([4]) تم استخلاص اسماء الهيئات المعلنة عام 2014 والمذكورة في الجدول من: موقع الحزب الديمقراطي الكردستاني –العراق، تحت عنوان: الـ PYDيعلن تشكيل حكومة "الإدارة المؤقتة" في مقاطعة الجزيرة، التاريخ: 24/01/2014، الرابط: https://bit.ly/2OBg3TV

([5]) إدارة شمال وشرق سوريا تلتقي مسؤولين في الإدارة الذاتية لإقليم الجزيرة، المصدر: موقع المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية، التاريخ: 10/09/2018، الرابط: https://bit.ly/2FN8Qxf

([6]) للضرورة العسكرية. قوات الحماية الذاتية تؤسس وحدات فوج الغواصين، المصدر: فدنك نيوز، التاريخ: 02/04/2019، الرابط: https://bit.ly/2Ig18NZ

في معظم الدول؛ تمارس اللجان البرلمانية أو الهيئات البرلمانية الأخرى مهام الرقابة المالية على مؤسسات الدولة، وتختلف هذه الصلاحية التي يملكها البرلمان من نظام لآخر فيما يتعلق بقطاع الدفاع والأمن  فهي: صلاحيات غير محدودة كما في السويد التي يمتلك برلمانها الحق في تعديل بنود الموازنة بما فيها البنود المتصلة بقطاعي الأمن والدفاع، وتستطيع البرلمانات تعديل البنود حتى لو تمخض هذا التعديل عن زيادة مبلغ النفقات أو إدخال بنود جديدة على الموازنة؛ أو هي صلاحيات مقيدة كما في سويسرا وإسبانيا التي تستطيع برلماناتها إدخال التعديلات على الموازنة ولكنها لا تملك تعديل المبلغ الكلي المرصود للنفقات فيها؛ بالإضافة إلى الصلاحيات المحدودة كما في بريطانيا وكندا إذ لا تستطيع البرلمانات إلا تقليص النفقات المرصودة في الموازنة؛([1]) وبكل الأحوال من نافل القول أن لهذه اللجان أدوار ما يمارسها وفق القانون والدستور؛ إلا أن الوضع في سورية مختلف كلياً فممارسات حكومة النظام وبرلمانه تزداد وتتقلص إلا في فيما يخص الأجهزة التي تعد دعائم حكمه وعلى رأسها الأمن والدفاع فهي أدوار صفرية بامتياز لا رقابة ولا اشراف ومقترحات ومراجعات بل موافقة وتنفيذ

يعتبر العامل الاقتصادي في سورية أحد الأسباب التي تدفع قسم من الشباب نحو التطوع في السلك العسكري بسبب عدم حاجة المتطوع لقضاء عدة سنوات في الدراسة الجامعية ومن ثم تأدية الخدمة الإلزامية لمدة سنة وثمانية أشهر، ومن ثم البحث عن عمل من أجل تلقي راتب شهري، وبالتالي يعتبر التطوع في المؤسسة العسكرية أقصر الطرق من أجل تلقي راتب شهري ولاحقاً التدرج بالرتب العسكريةً ودرجات الراتب، وخلال السنوات الماضية كان القسم الأعظم من المتطوعين ينتمي للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد ورموز حكمه.

يعد قانون الخدمة العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2003 الركيزة الأساسية في عمل المتطوعين من ضباط وصف ضباط وأفراد في المؤسسة العسكرية([2])، حيث تتضمن بعض مواد هذا القانون تحديد رواتب العسكريين بمختلف فئاتهم ورتبهم ودرجاتهم، وعبر السنوات التالية تم زيادة رواتب العسكريين عدد من المرات في الأعوام (2006 – 2008 – 2011 – 2013 – 2015 – 2018 مرتين) إلى جانب إعادة صياغة جدول الرواتب بما يتوافق مع تلك الزيادات التي كانت تتم بشكل عام مع زيادات العاملين المدنيين في الدولة.

ونتيجة للأوضاع الاقتصادية المتردية خلال السنوات الماضية تم إقرار "ولأول مرة في سورية" ما يسمى "بالتعويض المعيشي" بقيمة (4000 -7500) ليرة عبر مراسيم تشريعية صادرة عن بشار الأسد في عامي 2015 و2016 على التوالي.([3])

وفي شهر حزيران من عام 2018 أخذت رواتب العسكريين منحى مختلف حيث تمت زيادة رواتبهم دون بقية العاملين في الدولة بنسبة 30% بعد إضافة التعويض المعيشي ليكون من أساس الراتب المقطوع، وفي نهاية عام 2018 صدرت زيادة أخرى للعسكريين فقط بنسبة 8% بالإضافة إلى مضاعفة راتب الطيران الخاص بالضباط الطيارين لثلاثة أضعاف ما كان عليه في عام 2015، وهو ما شكّل نقلة نوعية في رواتب العسكريين وبات ينظر لهذه الزيادة على أنها مكافأة من قيادة النظام السوري لضباطه وصف ضباطه وأفراده المتطوعين على وقوفهم معه في مواجهة المعارضة المسلحة.

السؤال الذي يفرض نفسه هنا؛ هل كافأ النظام السوري عسكرييه حقاً أم انه استفاد من اقتصاد الحرب بشكل ما؟ وهنا نحاول الوقوف على كيفية إدارة النظام لاستحقاق الرواتب العسكرية منذ 2003 وحتى الوقت الحاضر، إذ يؤكد المسار الزمني لرواتب العسكريين منذ 2003 وحتى 2019 أن قيمتها لاتزال أقل مما كان يتقاضاه العسكريين بنفس الرتبة والدرجة إذا ما احتُسِبت بسعر صرف الدولار الأمريكي خصوصاً أن الليرة السورية ومنذ عام 2011 وما تلاه شهدت انخفاضاً ملموساً أمام الدولار وباتت الأسواق المحلية في ظل تدهور الليرة تعتمد في حساب قيم السلع والخدمات على الدولار وهو ما انعكس على مستوى المعيشي؛([4]) وهو يدعونا لمقارنة سلسلة الرواتب مقرونة بالدولار والليرة على مدار خمسة عشر عاماً الماضية وعلى سبيل المثال لا الحصر يظهر الجدول التالي سلسلة الراتب للضابط الملازم منذ عام 2003 وحتى عام 2019:([5])

ويظهر الشكل البياني التالي حركة الراتب بالليرة والدولار بشكل متزامن مع سعر الصرف في وقت كل زيادة، إلا أن راتب الملازم بوقت الزيادة الأخيرة بنهاية عام 2018 كان مساو تماماً لما كان عليه بعام 2003 في حين أن قيمته بالوقت الحاضر يساوي 90 دولار وهو أقل مما كان عليه في عام 2003. ويلاحظ في الشكل البياني الثاني أن الخط البياني الخاص بالراتب قد انتظم بحركة تصاعدية بعد إضافة التعويض المعيشي.

 

  ويمكن تعميم ما سبق على راتب العميد من حيث الدرجتين الأولى والخامسة كما يلي:

إلا أن موضوع رواتب العسكريين والزيادات لا تنحصر عند هذا الحد، حيث أن رواتب العسكريين ضمن الرتبة الواحدة تنقسم لدرجات مختلفة بحسب المدة التي يقضيها العسكري بالرتبة، ويتم نقله من درجة إلى درجة أعلى ضمن نفس الرتبة في سلسلة الرواتب كل عامين، فعلى سبيل المثال كانت الزيادة بين درجة وأخرى في عام 2006 تمثل 7 % أما بالوقت الحالي فهي لا تزيد عن 5 % بعد مرور كل هذه السنوات. ويذكر أن قيمة الرواتب بعد الزيادة الأخيرة في عام 2018 بالليرة السورية أصبحت على الشكل التالي([6]):

الضباط:

صف الضباط:

الأفراد:

 

منذ عام 2003 وحتى الوقت الحاضر لا تزال الزيادات على الرواتب في المؤسسة العسكرية تتم عبر إصدار مراسيم تشريعية من بشار الأسد بشكل مباشر بعيداً عن مؤسسات الدولة المدنية، وهو ما خلق شرخاً إضافياً في العلاقات المدنية العسكرية كون أن "رئيس الجمهورية" هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة،([7]) ويقوم بإصدار هذه الزيادات بمعزل عن المؤسسات المدينة ليخص بها العسكريين فقط دون غيرهم.

إلا أنه وعلى الرغم من هذه الزيادات المتواصلة فهي زيادة وهمية حيث أن السلة المعيشية قد ارتبطت طرداً مع الدولار وكذلك هو الحال بالنسبة لآجار البيوت الشهرية، حيث بلغت تكاليف معيشة أسرة في نهاية الربع الثالث من عام 2018 وفق مؤشر قاسيون لتكاليف معيشة أسرة في دمشق، مكونة من 5 أشخاص إلى 309 آلاف ليرة سورية،([8]) وهذا الأمر دفع بعض العسكريين بالتوجه نحو أساليب مختلفة للتحصيل المالي، كالارتباط بشبكات الفساد المحلية والتهريب، والمشاركة في عمليات التعفييش من المناطق التي كان يدخلها الجيش السوري منذ عام 2011، وهو ما دفع  البعض أيضاً لتفضيل التطوع في الفيق الخامس المدعوم روسياً على التطوع في مؤسسة النظام العسكرية والتي على الرغم من كافة التضحيات التي قدمتها لصالح نظام الحكم لمنع سقوطه إلا أن هذا النظام لم يؤمن لمن ضحى من أجله أبسط مقومات الحياة الأساسية.

تعد رواتب الجيش مؤشراً بالغ الوضوح لغياب أية أدوار مدنية على عمليات تقدير الرواتب والعلاوات والمكافآت لصالح الاستحواذ المستمر للنظام؛ وأن الزيادات الوهمية ما كانت إلا لتعزيز الولاء؛ فمنذ توريث بشار الأسد للحكم في سورية؛ كان ولا زال يحاول التهرب من أسئلة "الشرعية" واستحقاقات الاصلاح والتنمية البشرية والاقتصادية عبر تقديم حزمة من زيادات الرواتب للعاملين في الدولة  لا سيما العسكريين منهم بشكل خاص ( زيادات وهمية ترافقها دوماً زيادات في الأسعار) في دليل واضح على إفلاسه من أي سياسات تنموية والتي تتطلب تحرير مقدرات الدولة وتغيير الأنماط البرلمانية والاقتصادية وتعزيز الرقابة بكل أنواعها وهو ما سيعجز عنه هذا النظام لصالح إعادة اهتمامه ببناء هياكل وشبكات التحكم الخاصة به.


([1]) لينا أندرسون:" مفاهيم الرقابة المالية في القطاع الأمني والأطراف الرئيسية المشاركة فيها"، منشور صادر عن مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة، 2015، ص 39- 40.

([2]) المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2003 المتضمن قانون الخدمة العسكرية، الموقع الالكتروني الرسمي لمجلس الشعب السوري، متوفر على الرابط https://bit.ly/2t8kLyH،

([3])  التعويض المعيشي، المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2015، المرسوم التشريعي رقم 13 لعام 2016، الموقع الالكتروني الرسمي لمجلس الشعب السوري، متوفر على الروابط، https://bit.ly/2tgTfz7 ، https://bit.ly/2BqEYUN

([4]) بلغ سعر الدولار الأمريكي في بداية شهر شباط/ فبراير حوالي 515 ليرة سورية مقابل كل دولار أمريكي.

([5])  تم اعتماد موقع  https://ec.europa.eu/  من أجل حساب الليرة السورية بما يقابلها بالدولار بشهر وسنة كل زيادة في الرواتب

([6]) تفاصيل المرسوم التشريعي رقم 20 لعام 2018، الموقع الرسمي لوكالة الأنباء السورية "سانا"، متوفر على الرابط https://bit.ly/2WNB41x  

([7]) بشار الأسد ضابط في الجيش السوري منذ ثمانينيات القرن الماضي وهو شخصية عسكرية وليس مدنية

([8]) 309 ألف ليرة تكاليف معيشة أسرة - أيلول 2018، جريدة قاسيون، متوفر على الرابط https://bit.ly/2E8QW6f،

 

ملخص تنفيذي

  • تتكثف الضغوط على النظام من قاعدته الموالية له، على خلفية تردي الوضعين الاقتصادي والخدمي، وعدم استكمال معالجة ملف تسريح ضباط وجنود الاحتياط.
  • اضطر النظام إلى تبني إجراءات مؤقتة لامتصاص نقمة قاعدته الموالية له، وذلك بإعلانه برنامج دعم وتمكين المسرحين من خدمة العلم، وتوحي مدة البرنامج المؤقتة وعدم ملاءة النظام المالية وما يعانيه من ضغوط اقتصادية، بأن البرنامج قد مول من قبل رجال الأعمال الموالين له.
  • لم تلحظ مؤشرات ملموسة على انحسار أزمة الغاز والمشتقات النفطية، بل تأزم الوضع المعيشي للسكان والناجم عن؛ ارتفاع أسعار السلع الأساسية، والحد من تداول البدائل السلعية المهربة، وتدني القيمة الشرائية لليرة السورية.
  • يعتمد النظام على الخطوط الائتمانية المقدمة من قبل حلفائه لتأمين احتياجاته الأساسية، ولعل الأهم اعتماده المتزايد على التمويل الأممي لتمويل مشاريعه وبرامجه الحكومية تحت مسميات برامج "الترميم والمشاريع التنموية".
  • يعتمد النظام وبشكل متزايد على القطاع الخاص لتحفيز النمو الاقتصادي والالتفاف على نظام العقوبات وتوفير الاحتياجات الأساسية، وهو ما يلحظ من خلال كسر احتكارية الدولة للقطاعات الاقتصادية كالنفط والكهرباء، وتقديم التسهيلات لمستثمري القطاع الخاص عبر لقاء الأربعاء الاستثماري، وإتاحة المجال أمامه لاستثمار منشئات الدولة وقطاعاتها الخدمية عبر صيغ متعددة كالتشاركية ونظامO.T.
  • يولي النظام اهتماماً بمجالس وحدات الإدارة المحلية لاعتبارات مصلحية، فهي أداته للتحصل على مزيد من الدعم الأممي، وضبط المجتمعات المحلية بالوقت الذي تزداد فيه سخطاً، فضلاً عن توليد الريع الناجم عن استثمار أملاكها المحلية.
  • تساور إيران الشكوك حيال التزام النظام بالاتفاقيات الاقتصادية التي وقعها بوقت سابق، لذلك تحرص على تكثيف لقاءاتها واجتماعاتها مع حكومة النظام لضمان تنفيذ هذه الاتفاقيات، وما يميز الحركية الإيرانية الاقتصادية اهتمامها بنيل مكتسبات في قطاعي النقل البري والبحري المحتكرين روسياً.

الواقع الحوكمي والإدارة المحلية

تصدر ملفات الاستثمار ودعم العسكريين والإدارة المحلية برنامج عمل حكومة النظام السوري خلال شهر شباط 2019. أطلقت حكومة النظام بالتعاون مع هيئة الاستثمار السورية "لقاء الأربعاء الاستثماري" برئاسة رئيس مجلس الوزراء ومشاركة عدد من الوزراء المعنيين بموضوع الاستثمار، إضافة إلى مدير عام هيئة الاستثمار، ومدير عام هيئة الضرائب والرسوم، وذلك لاستعراض المشاكل والعقبات التي تواجه المستثمرين والعملية الاستثمارية، والعمل على إيجاد الحلول لها، هذا وقد عُقد اللقاء الاستثماري مرتين خلال شهر شباط، ومن أبرز  الإجراءات المتخذة خلال اللقاءين:([1])

  • إعداد البيئة القانونية المواتية للاستثمار من خلال تعديل التشريعات القائمة وإصدار ما يلزم من قوانين، حيث تم تعديل قانون الاستثمار ضمن قائمة من القوانين التي سيصار إلى تعديلها تباعاً.
  • تخصيص 40 مليار ل.س (حوالي 100 مليون دولار أمريكي باحتساب سعر صرف 435 ل.س لكل دولار) منها 20 مليار للدعم المباشر و20 مليار لدعم الفوائد المترتبة على المقترضين، وهناك 40 مادة يمكن تصنيعها محلياً ضمن برنامج إحلال المستوردات، أما بخصوص منح القروض ودعمها فالأمر محصور للمستثمر المساهم بالبناء فقط.
  • الموافقة على تخصيص أراضي لإنشاء 9 معامل في توسع المنطقة الصناعية بحماة، تعود ملكيتها لمستثمرين من مدينة حماة.
  • تخصيص مستثمر من جبلة بمقسم في مدينة عدرا الصناعية وتمديد الترخيص لمعمله في مجال صناعة الأدوية.
  • منح تسهيلات من مديرية السياسات في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لمستثمر في مجال تدوير النفايات الصلبة بمحافظة السويداء، على أن يتم اعداد مذكرة متكاملة بمتطلبات المشروع ليتم عرضه على مجلس الوزراء واتخاذ قرار بشأنه.
  • الموافقة على تقديم تسهيلات للحصول على قرض لشراء أرض لمستثمر في مدينة حلب لإقامة مشروع لإنتاج الحليب العضوي وتسمين العجول وإنتاج اللحم العضوي، كذلك مشروع لإنتاج الشتول العضوية، وتعتبر هذه المشاريع الأولى من نوعها في سورية.

في نفس السياق، قامت هيئة الاستثمار السورية بافتتاح مكتب في مقرها الرئيسي وفروعها في المحافظات لاستقبال طلبات المستثمرين ومشاكلهم ومتابعتها مع الجهات المعنية.

أقر مجلس الوزراء برنامجاً لدعم وتمكين المسرحين من خدمة العلم، الذين أمضوا خمس سنوات أو أكثر في الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية، أو المسرحين نتيجة إصابتهم في العمليات الحربية الذين لم يتم تخصيصهم بمعاش تقاعدي، يتضمن تقديم مبلغ 35 ألف ل.س شهرياً لمدة سنة، وتسهيل حصولهم على فرصة عمل بالقطاعين العام والخاص أو الأهلي، أو مساعدتهم على تأسيس مشروعات متناهية الصغر بعد تأهيلهم وصقل مهاراتهم مهنياً وحرفياً لتمكينهم من الحصول على هذه الفرص، وقد بين مدير الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية لؤي العرنجي أن القيمة الإجمالية لبرنامج دعم وتمكين المسرحين تصل لنحو 4 مليارات ل.س (حوالي 10 مليون دولار أمريكي)، متوقعاً أن يبلغ عدد المستفيدين من البرنامج نحو 10 آلاف مسرح.

بالانتقال إلى ملف الإدارة المحلية، احتلت الإدارة المحلية حيزاً واسعاً من خطاب بشار الأسد خلال استقباله رؤساء المجالس المحلية من جميع المحافظات، حيث أكد الأسد في خطابه على محورية القانون 107 كإطار للامركزية ورفضه الطروحات الأخرى التي تروج للامركزية بصيغها الشاملة والسياسية، كما أكد على دعم الإدارات المحلية ومحوريتها في معالجة الشؤون الخدمية للسكان. ([2])في ترجمة للتوجهات التي أطلقها بشار الأسد، أقر مجلس الوزراء مجموعة من القرارات التي تشكل الأرضية للتنمية المحلية بقيادة المجالس المحلية خلال المرحلة المقبلة، وذلك بالتنسيق مع جميع المؤسسات الحكومية في المحافظة والإدارة المركزية، وشملت القرارات والتوجيهات: ([3])

  • تكليف المجالس والوحدات الإدارية برسم خارطة طريق تنموية لكل وحدة إدارية وفقاً لمقدراتها الطبيعية والسياحية والعمرانية والاقتصادية والثقافية، ومشاركة المجتمع المحلي في إعدادها، وصولاً لإدارة موارد كل وحدة بما يحقق التنمية المطلوبة.
  • تعزيز الشراكة بين المواطنين والمنظمات الشعبية والمهنية وهيئات المجتمع المحلي من جهة، والمجالس المحلية من جهة أخرى، وذلك بهدف تطوير الواقع، وفق رؤية مشتركة.
  • تكامل المشاريع المحلية متناهية الصغر مع المشاريع الاستراتيجية وإنجاز خطط أكثر ملاءمة لحاجات المواطنين، وتبسيط الإجراءات والسرعة في تقديم الخدمات.

عقدت وزارة الإدارة المحلية الاجتماع الموسع لرؤساء المجالس المحلية في المحافظات بعنوان "الارتقاء بدور المجالس المحلية في التنمية"، حيث تمت مناقشة المواضيع التالية؛ آلية عمل الوحدات الإدارية في ظل الأوضاع الراهنة، تفعيل مراكز خدمة المواطن، المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، تبسيط الإجراءات وإعداد المخططات التنظيمية، ومعالجة السكن العشوائي والمناطق الحرفية.

أكد معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة معتز قطان خلال اللقاء أن المرحلة الأولى بالتنمية هي وضع الخطة وتحديد مجموعة البرامج التنفيذية التي ترتب حسب الأولويات وتنفذ وفق الإمكانات، وأما الغاية الأساسية فهي الاستثمار الأمثل لإمكانيات الوحدة الإدارية، كذلك كشف قطان أن بعض الوحدات الإدارية بدأت العمل على موضوع تنظيم بعض المناطق وفقاً للقانون رقم 10 الخاص بالتنظيم العمراني، وعن تعويض الأضرار للمواطنين أفاد قطان بأن الأولوية لتأهيل البنى التحتية العامة.([4])

أطلقت وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ورشة العمل الوطنية حول تطبيق قانون الإدارة المحلية بمشاركة عدد من المحافظين ورؤساء المجالس المحلية، وناقش المشاركون الإطار القانوني للإدارة المحلية وكيفية تحديد الفرص والأولويات من المشاريع المحتاجة إلى الدعم، وسبل تمكينها لوضع الخطط التنموية الخاصة بالمجتمع المحلي وتنفيذ المشاريع بكفاءة عالية بما يسهم في استثمار الموارد المتاحة وتنمية المجتمعات.

واصلت وزارة الإدارة المحلية والحكومة دعم وحدات الإدارة المحلية، حيث خصصت وزارة الإدارة المحلية مبلغ 500 مليون ل.س دعماً منها لـ 46 من الوحدات الإدارية في السـويداء، كذلك وافق مجلس الوزراء على تخصيص محافظات حلب واللاذقية وطرطوس وحمص بمبلغ مليار ل.س لكل محافظة لدعم الوحدات الإدارية بما يمكنها من تنفيذ المشاريع الخدمية فيها، على أن تراعى الحاجات الفعلية الخدمية والتنموية في الوحدة الإدارية.

أبرز معطيات الاقتصاد السوري

يتطرق هذا القسم إلى أبرز معطيات قطاعات الاقتصاد السوري، وفق منهجية تقوم على رصد القطاعات الأساسية واستعراض أبرز الأخبار الدالة واستخلاص المؤشرات النوعية.

المصارف والمؤسسات المالية

  • أوعز رئيس مجلس الوزراء عماد خميس بتشكيل لجنة لدراسة مقترحات لتحسين واقع السوق التأميني المحلي، برئاسة رئيس هيئة تخطيط الدولة وبمشاركة ممثل عن القطاع الخاص.
  • أجاز المصرف المركزي لمؤسسات التمويل الصغيرة ممارسة تقديم خدمات التأمين وإعادة التأمين على القروض الممنوحة من قبلها، وفقاً للضوابط التي تضعها هيئة الإشراف على التأمين، ومن المؤسسات المشمولة بالقرار: مؤسسة التمويل الصغير الأولى-سورية، المؤسسة الوطنية للتمويل الصغير، مصرف الإبداع للتمويل الصغير والمتناهي الصغر، مؤسسة نور للتمويل الصغير.
  • بدأ المصرف الصناعي منح القروض للحرفيين منذ بداية شهر آب 2018، وقدر حجم القروض الممنوحة للحرفين بمليار ل.س (حوالي 2.5 مليون دولار أمريكي) بفائدة قدرها 10%، كما أعلنت مصارف أخرى ومنها مصرف التسليف الشعبي والمصارف الخاصة فتح باب القروض للحرفيين.
  • كشف مدير عام المصرف التجاري السوري علي يوسف عن تعديل حجم الإيداع المسموح به لدى المصرف ليصبح 50 مليون ل.س بدلاً من 25 مليوناً، مبيناً بأن هذا السقف مسموح به للأفراد والمؤسسات بفائدة قدرها 8.25%.
  • أعلن المصرف المركزي نتائج الاكتتاب على شهادات الإيداع بالليرة السورية للإصدار الأول لعام 2019، والتي تم إصدارها وفق طريقة سعر الفائدة الثابت وبقيمة اسمية 100 مليون ليرة للشهادة الواحدة وبسعر فائدة 4.5%، وقد اشترك بالاكتتاب 16 مصرفاً، وبلغ عدد الشهادات المكتتب بها 1308 شهادات بقيمة 130.8 مليارات ل.س (حوالي 301 مليون دولار أمريكي).
  • كشف مدير عام المصرف الصناعي عمر سيدي عن منح المصرف قروضاً بقيمة تجاوزت 700 مليون ل.س (حوالي 1.6 مليون دولار أمريكي) خلال عام 2018، ذهب معظمها لتمويل المشروعات الصغيرة، كذلك أفاد بتجاوز حجم التحصيلات المالية لعام 2018 ما قيمته 4 مليارات ل.س، منها 2.5 مليار ل.س تعود لقروض متعثرة.
  • أفاد مدير المؤسسة العامة السورية للتأمين بسيطرة المؤسسة بنسبة 70% من سوق التأمين، وأن أرباحها بلغت 4.5 مليار ل.س (حوالي 10.5 مليون دولار أمريكي) في عام 2018.
  • كشف مدير عام مصرف التسليف الشعبي نضال العربيد بأن حجم الودائع لدى المصرف قد سجل بنهاية عام 2018 نحو 127.14 مليار ل.س (حوالي 292 مليون دولار أمريكي)، محققاً زيادة بنسبة 21.4% عن عام 2017، كما بين بأن تحصيلات المصرف من القروض الإنتاجية المتعثرة المسددة بالكامل خلال عام 2018 قد بلغت 286 مليون ل.س تعود إلى 684 مقترضاً.
  • صرح مدير عام المصرف العقاري مدين علي بأن المصرف يعاني من تركة ثقيلة جراء الديون المتعثرة التي تجاوزت قيمتها 107 مليارات ل.س بنهاية عام 2018، منها نحو 96 مليار ل.س قروض منحت بالليرات السورية، ونحو 11.5 مليار ليرة قروض منحت بالعملات الأجنبية.
  • أشار حاكم مصرف سورية المركزي حازم قرفول بارتفاع معدل التضخم 112% في عام 2013، منوهاً بالاستنزاف الكبير في الاحتياطات النقدية، كما أوضح عن تبني المصرف سياسة جديدة بين تموز 2016 وأيلول 2018 تقوم على القطيعة مع السياسة السابقة بموجب القرار 257، وتفعيل دور المصارف في السوق وهو ما ساهم بتخفيف التقلب في سعر الصرف.

المالية العامة

  • كشف رئيس لجنة الموازنة وقطع الحسابات في مجلس الشعب حسين حسون بمناقشة قطع حساب موازنة 2013، مبيناً بالعمل على قطع حساب موازنة 2014 من قبل وزارة المالية والجهاز المركزي للرقابة المالية.
  • كشف مدير مالية حلب محمود الجمل عن زيادة التحصيلات المالية في المحافظة بنسبة 48% خلال عام 2018 مقارنة بعام 2017.
  • كشف مدير النقل بمحافظة الحسكة عثمان السلمان أن المديرية حصلت لقاء رسوم المعاملات المنفذة والخاصة مبلغاً وقدره 1.1 مليار ل.س.
  • كشف معاون رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي فضل اللـه غرز الدين أن وسطي معدل النمو بين عامي 2001-2010 بلغ 5.2%، في حين بلغ نحو – 11.5% خلال الفترة بين 2011-2016، كما بين غرز بأن نسبة مساهمة حلب في الناتج المحلي الإجمالي قد بلغت نحو 16%، مقابل 12% لدمشق، وأن هذه النسب لم تتغير خلال سنوات الحرب.
  • أقر مجلس الشعب تعديل 19 مادة من مشروع قانون الجمارك، منها تحويل المديرية العامة للجمارك إلى هيئة عامة للجمارك تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وترتبط بوزير المالية مقرها مدينة دمشق على أن يكون لها فرع في الموازنة العامة للدولة وتحل محل مديرية الجمارك العامة بما لها من حقوق وما عليها من التزامات.

النقل

  • بلغ حجم الأضرار التي تعرضت لها المؤسسة العامة للخطوط الحديدي في المناطق التي يمكن الوصول إليها حتى نهاية عام 2018 ما قيمته 700 مليار ل.س (حوالي مليار ونصف دولار أمريكي)، وقد أفاد المدير العام للمؤسسة نجيب الفارس بإعداد المؤسسة خارطة طريق لاستثمار الأراضي والعقارات التي تمتلكها المؤسسة في المحافظات ليصار إلى طرحها للاستثمار على القطاع الخاص وفق نظام التشاركية أو O.T
  • كشف مدير شركة النقل الداخلي بدمشق سامر حداد عن قرب وصول الدفعة الثانية من الباصات المتفق على استيرادها من الصين بواقع 50 باص، منوهاً بالدعم الحكومي للنقل الداخلي والتوجيه بتأمين 1000 باص نقل داخلي ليصار لتوزيعها على المحافظات.
  • أكد مدير عام المؤسسة العامة للخطوط الحديدية نجيب الفارس عزم المؤسسة على تشغيل خط القطار من حلب إلى دمشق خلال عام 2019 بعد انجاز أعمال الصيانة لهذا المحور.
  • بلغت نسبة إنجاز مشروع نفق خربة غازي على أوتوستراد حمص ـ طرطوس حوالي 70 %، بكلفة تقديرية تصل إلى 800 مليون ل.س.

الزراعة

  • كشف وزير الزراعة أحمد القادري أن المساحات المزروعة بالقمح لعام 2019 وصلت إلى مليون و300 ألف هكتار معظمها في محافظات الحسكة ودير الزور وحلب وحماة، حوالي 70% منها مروي والباقي بعلاً، متوقعاً أن يصل الإنتاج لنحو 2.6 مليون طن.

التجارة والصناعة

  • أكدت وزارة الصناعة تبني إجراءات الحماية الذكية والتحفيزية لكل ما ينتج داخلياً أو يمكن إنتاجه محلياً ومنها؛ ترشيد الاستيراد وفرض ضميمة على المستوردات التي لها مثيل بالإنتاج المحلي، وضع أسعار استرشادية للسلع التي لها مثيل بالإنتاج المحلي من خلال لجنة مشكلة لدى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، دراسة وتعديل الرسوم الجمركية للمواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعة وللسلع التي لها مثيل بالإنتاج المحلي من خلال لجنة ترشيد التعرفة الجمركية لدى مديرية الجمارك العامة.
  • كشف مدير مدينة الشيخ نجار الصناعية حازم عجان عن انتهاء الدراسات الهندسية والفنية للبدء بإقامة مدينة المعارض في حلب بكلفة تقدر بــــ 40 مليار ل.س (حوالي 100 مليون دولار أمريكي).
  • كشف رئيس اتحاد الحرفيين ناجي حضوة عن تواجد 116 منطقة حرفية موزعة على كامل الجغرافيا السورية، بالإضافة إلى خمس مناطق حرفية جديدة تم الإقرار بإنشائها من الحكومة في عام 2018 وهي منتشرة في مناطق الدوير والباردة ومنطقة حران العواميد وخربة الشياب في ريف دمشق، منوهاً بأن الدعم المقدم من قبل وزارة الإدارة المحلية للمناطق الحرفية قد تجاوز 15 مليار ل.س.
  • أفادت مصادر أن قيمة الدعم اليومي الحكومي لمادة الخبز تصل إلى 1.1 مليار ل.س، أي ما يزيد عن 400 مليار ل.س سنوياً (حوالي مليار دولار أمريكي)، حيث يقدر الإنتاج اليومي من مادة الخبز من قبل المخابز التابعة للشركة العامة للمخابز بــ 2600 طن أي أكثر من 820 ألف طن في عام 2018.
  • كشف مدير المنطقة الحرة الداخلية في اللاذقية إبراهيم حايك أن رأس المال المستثمر وصل نحو 19 مليون دولار أمريكي، وأن عدد المستثمرين قد وصل إلى 22 مستثمر.
  • كشف مدير فرع شركة الرخام مالك خير بيك عن بدء تنفيذ شراكة مع شركة كناوف الألمانية لتطوير وتوسيع وتأهيل معمل الجص في اللاذقية.
  • صادق المكتب التنفيذي لمجلس محافظة السويداء على الموازنة العامة للمدينة الصناعية بأم الزيتون لعام 2019 والمقدرة بــ 2 مليار و120 مليون ل.س، وذلك لتنفيذ أعمال الخطة التنفيذية للمرحلة الثانية.
  • بلغ حجم الاستثمار في المدينة الصناعية في حسياء في محافظة حمص نحو 187 مليار ل.س منذ تأسيس المدينة الصناعية وحتى نهاية عام 2018 وفقاً للأسعار القديمة، حيث بلغ عدد المستثمرين في المدينة 898 مستثمراً، وعدد المنشآت المنتجة 225 منشأة، والمنشآت قيد الإنشاء 673 منشأة، وعدد العمال حوالي 25 ألف عامل.
  • أبدت المؤسسة العامة للصناعات الغذائية استعدادها للتشاركية مع القطاع الخاص لإنقاذ بعض شركاتها ومنها شركة ألبان دمشق وشركة الزيوت.
  • كشف المدير العام الشركة السورية لصناعة الإسمنت ومواد البناء في حماة الطيب يونس أن أرباح الشركة العام الماضي بلغت 6 مليارات ل.س، وذلك من قيمة مبيعاتها الإجمالية التي بلغت نحو 21.4 مليار ل.س.
  • طالب محافظة القنيطرة همام دبيات بتشكيل لجنة لدراسة إمكانية إحداث شركة مساهمة، للبدء في بناء المقاسم التابعة للمحافظة في المنطقة الصناعية في الحلس.

الطاقة والكهرباء

  • كشف مدير المؤسسة العامة لنقل الكهرباء فواز الظاهر عن انتهاء الوزارة من تنفيذ مشروع خط التوتر العالي 66 كيلو فولط الممتد من مدينة سلحب إلى مصياف بتكلفة 2.5 مليار ل.س، وبطول يصل إلى 25 كيلومتراً، مبيناً أن الخط الجديد تم ربطه مع محطة تحويل سلحب.
  • كشف مصدر مسؤول في وزارة النفط بأن الباخرة المحملة بـــ 2500 طن من مادة الغاز، تكفي حاجة السوق المحلية لمدة 5 أيام.
  • بلغت قيمة الخسائر التي لحقت بمحطة توليد محردة نحو مليار ل.س نتيجة تعرضها للقصف من مناطق سيطرة فصائل المعارضة.
  • وافقت وزارة الكهرباء على ترخيص 41 مشروع لتوليد الكهرباء عبر الطاقات المتجددة من أصل 58 طلب، حيث ما يزال هنالك 17 مشرع قيد الترخيص تتوزع على المحافظات وفق الآتي: 3 في حمص، 5 في طرطوس، 4 في ريف دمشق، 2 لكل من دمشق والسويداء، مشروع واحد في اللاذقية. هذا وبلغ عدد المشروعات المنفّذة والمربوطة مع الشبكة الكهربائية السورية نحو 28 مشروعاً (مزرعة كهروضوئية)، منها 13 مشروعاً حكومياً، واحداً تابع للمؤسسة العامة لتوليد الكهرباء وهو مشروع مزرعة الكسوة، و12 مشروعاً نفّذها المركز الوطني لبحوث الطاقة، أي هناك 15 جهة خاصة تبيع الكهرباء للحكومة عبر المزارع الكهروضوئية.
  • أنهت وزارة الكهرباء مشروع إعادة تأهيل خط التوتر الكهربائي 66 ك ف الواصل من منطقة التيفور إلى مدينة تدمر من أجل تزويد المدينة وريفها بالطاقة الكهربائية، بكلفة تقديرية تصل إلى مليار ل.س.
  • كشف المهندس محمد الصالح المدير العام لشركة كهرباء حلب أن الشركة قامت بتأهيل 426 مركز تحويل لتأمين التغذية الكهربائية للمناطق الصناعية داخل المدينة، وإعادة تأهيل الشبكة الكهربائية في مناطق الشقيف والليرمون والكلاسة الصناعية.
  • اقترح المهندس نزيه معروف مدير عام كهرباء اللاذقية إنشاء محطة تحويل (20/66/230 ك.ف) في موقع محطة الدعتور، وإنشاء محطة تحويل في حديقة المشروع الثامن (20/66 ك.ف)، واستبدال محطة تحويل المدينة الرياضية (20/66 ك.ف) والإسراع في إنشاء محطة تحويل الملعب البلدي (20/66 ك.ف)، ومحطة تحويل ساحة اليمن (20/66 ك.ف). وأشار إلى ضرورة إنشاء محطة تحويل (20/66 ك.ف في المزيرعة).

العمل

  • كشفت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريمة قادري عن إعداد الوزارة 265 برنامجاً ضمن التنمية المستدامة حتى عام 2030، منوهة بالتوجه نحو المزيد من برامج دعم تمكين المرأة.
  • كشفت مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في محافظة طرطوس عن عدد المسجلين لديها في مكتب التشغيل في المحافظة، حيث وصل إلى 235949 مسجل بين آذار وكانون الأول من عام 2018، مشيرة إلى تأمين 17 فرصة عمل في القطاع الخاص والجمعيات.

 الإسكان

  • كشف مدير عام المصرف التجاري السوري علي يوسف عن إطلاق قرض تمويل للمقاولين، على أن يكون القرض مخصصاً لزيادة النشاط في قطاع الإشادة والبناء، وتصل نسبة التمويل لحدود 50% من تكلفة المشروع بسقف لا يتجاوز مليار ليرة ولمدة 3 سنوات.
  • أعلن فرع المؤسسة العامة للإسكان في حمص عن تحديد حصة المحافظة من مشروع الادخار السكني في محافظات ريف دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية والسويداء والقنيطرة ودرعا بـ 2000 شقة في منطقة ضاحية غرب طريق دمشق.
  • أعلن مدير الشؤون الفنية في مجلس مدينة طرطوس حسان حسن عن مجموعة من مشاريع تنفيذ للمرافق العامة بنحو 600 مليون ل.س.
  • أقر مجلس الوزراء الصيغة الأولية لمشروع خطة تقييم تطوير المخططات التنظيمية للمدن، وحدد رئيس المجلس لوزارة الإدارة المحلية أسبوعاً من تاريخه لإعلان المدد الزمنية اللازمة لإصدار المخططات التنظيمية النهائية للمدن على كامل مساحة سورية والبالغ عددها 165 مدينة، خاصة المدن التي دمرها "الإرهاب".
  • كشف مصدر قضائي عن إعادة فتح السجل العقاري الدائم في دوما وحرستا بعدما كان هناك سجل مؤقت.

السياحة

  • كشف مدير سياحة ريف دمشق محمد وائل الكيال أن عدد الزوار العرب والسوريين لعام 2018 قد بلغ نحو 223434 زائر منهم 50207 زائر أجنبي، مشيراً بأن نسبة إشغال الفنادق قد وصلت إلى 40% عام 2018 مقارنة بــ 36% في عام 2017، كذلك كشف الكيال أن عدد منشآت الكلي التي تم تأهيلها بلغ 684 منشأة منها 345 منشأة خارج الخدمة و124 منشأة مؤهلة وفق المرسوم 11 لعام 2015.

إعادة الإعمار والعلاقات الاقتصادية

أطلقت حكومة النظام بالتعاون مع هيئة الاستثمار السورية "لقاء الأربعاء الاستثماري" برئاسة رئيس مجلس الوزراء بهدف دعم المستثمرين ومعالجة الصعوبات التي تواجه العملية الاستثمارية، كما اتخذت وزارات الحكومة وهيئاتها ومؤسساتها عدد من القرارات التي تصب جميعها في إطار دعم مشاركة القطاع الخاص للاستثمار وفق صيغ متعددة أبرزها التشاركية ونظام B.O.T، وفي سياق دعمها لرجال الأعمال لتأسيس شركات استثمارية، صادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تأسيس 9 شركات في شهر شباط 2019 بحسب ما هو مرفق في الجدول.

 

فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين روسيا والنظام السوري، أقر مجلس الشعب مشروع قانون تصديق العقد الموقع بين المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية وشركة "إس تي جي" انجينيرينغ الروسية لاستثمار معامل الشركة العامة للأسمدة بحمص، كذلك كشفت وزارة النقل عزمها تطوير المرافئ السورية وإنشاء مرافئ جديدة وطرح مشروعات تخدم هذا المجال بالتعاون مع الجانب الروسي ومن أبرز المشاريع المقترحة على الجانب الروسي:

  1. مشروع إنشاء مرفأ بديل عن مرفأ اللاذقية أو توسيعه.
  2. دراسة توسيع مرفأ طرطوس لرفع القدرة التمريرية للبضائع.
  3. إنشاء مرافئ جافة لخدمة المرافئ البحرية عن طريق استثمار أراضي المرفأ الواقعة على طريق عام (اللاذقية – حلب) في منطقة سنجوان العقارية كمساحات تخزينية رديفة.

عقد في غرفة تجارة دمشق لقاء مع وفد حزب روسيا الموحد لبحث آفاق مساهمة شركة (باراديغما) في الدفاع عن أصول ومصالح رجال الأعمال السوريين في الخارج، وقد تمحورت المداخلات حول إيجاد صيغة مشتركة لتطوير التعاون التجاري المشترك بين الجانبين، وإيجاد حلول منطقية لكل العقبات التي تعترض الارتقاء بالعلاقات التجارية بين الجانبين.

بالانتقال إلى العلاقات الاقتصادية بين إيران والنظام السوري، عُقد ملتقى رجال الأعمال السوري الإيراني في سياق متابعة التفاهمات والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين بوقت سابق، وقد أكد السفير الإيراني جواد ترك بأن الهدف من هذا الملتقى والزيارات واللقاءات المشتركة بين الطرفين، يتجاوز الجانب التجاري لتحقيق التكامل والتعاون الاقتصادي، وذلك لكسر الحصار الاقتصادي المفروض على البلدين، كذلك أقر مجلس الوزراء البرنامج التنفيذي لاتفاقيات التعاون الاقتصادي والثقافي والسياحي والتعليمي التي تم توقيعها في دمشق مؤخراً مع الجانب الإيراني، كما طلب من الوزارات المعنية إعداد تقارير أسبوعية عن مدى التقدم في تنفيذ كل اتفاقية وعرضها على مجلس الوزراء. وعن الفرص الاستثمارية المعلنة مع الجانب الإيراني، أفادت وزارة النقل بأنها قامت بعقد مباحثات مع الجانب الإيراني لتنفيذ مشروع إنشاء حوض إصلاح السفن وتعميرها في مرفأي طرطوس وعرب الملك.

خلاصة تحليلية

تتزايد الضغوط على النظام من قاعدته الموالية له على خلفية عدم استكمال تسريح الجنود والضباط الاحتياط، كذلك ارتفاع الأسعار وتردي الوضع الاقتصادي والخدمي، وفي محاولة لامتصاص هذه النقمة أعلنت حكومة النظام برنامجها لدعم وتمكين المسرحين من خدمة العلم ممن تجاوزت مدة خدمتهم الخمس سنوات، شريطة أن لا يكونوا مستفيدين من أي راتب معاشي تقاعدي جزئي أو ثابت، وأن لا يكونوا موظفين في القطاعين العام أو الخاص، وقدرت مصادر حكومية حجم الشريحة المستفيدة من هذا المشروع بــ 10 آلاف شخص، سيتلقون راتباً شهرياً مقداره 35 ألف ل. س (حوالي 80 دولار أمريكي) لمدة 12 شهراً، أي ما يقارب 4 مليارات ل.س في السنة (حوالي 10 مليون دولار أمريكي)، وتشير مدة البرنامج المحددة بسنة إلى عدم قدرة النظام المالية على تحمل نفقات استمرار برنامج الدعم، كما توحي باحتمال كبير لقيام مجمع رجال الأعمال الموالي للنظام بتمويل هذا البرنامج بشكل غير علني.

تستمر الأزمات الخدمية والمعيشية في مناطق سيطرة النظام، حيث لم تلحظ مؤشرات ملموسة بعد على انحسار أزمة الغاز رغم وصول إمدادات عن طريق البحر مصدرها الرئيسي إيران، كذلك شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعاً بفعل تكثيف الجمارك دورياتها في الأسواق لملاحقة البضائع المهربة خاصة التركية منها، وانخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي والذي وصل إلى 540 ل. سورية لكل دولار، وقد عزى مركز مداد أسباب انخفاض الليرة السورية أمام الدولار إلى عوامل عدة أبرزها:

  1. تكثيف العقوبات الاقتصادية الأوربية (التمنع عن تمويل إعادة الإعمار)، والأمريكية (قانون قيصر) على النظام.
  2. زيادة الطلب على الدولار في السوق المحلية لتأمين التمويل اللازم لاستيراد بعض المواد الأساسية كالمشتقات النفطية والقمح.
  3. زيادة حدة المضاربات مع التوقعات بانخفاض مستمر لليرة السورية.
  4. ارتفاع الطلب على الذهب والدولار نتيجة المخاوف من استمرار تراجع سعر صرف الليرة السورية.
  5. ترقب التطورات العسكرية والأمنية والسياسية التي تسود خاصة في شمال سورية.

تحاول حكومة النظام معالجة الانكماش الاقتصادي ومواجهة العقوبات المفروضة من خلال حزم تقشفية وأخرى تحفيزية، حيث تفيد مصادر خاصة باعتماد النظام على التمويل الأممي لتمويل جزء معتبر من مشاريعه تحت مسمى "الترميم والمشاريع التنموية"، فضلاً عن اعتماده المتزايد على دعم حلفائه وأصدقائه والمقدم بواسطة الخطوط الائتمانية، بالتزامن مع تبنيه سياسات تقشفية للحد من الانفاق العام، ولعل المؤشر الأهم الذي يمكن ملاحظته هو تزايد اعتماد النظام على القطاع الخاص لتحفيز النمو الاقتصادي والالتفاف على نظام العقوبات وتوفير الاحتياجات الأساسية، ويظهر ما سبق من خلال إطلاق الحكومة "لقاء الأربعاء الاستثماري" بشكل أسبوعي بغرض التواصل مع مستثمري القطاع الخاص وتقديم ما يلزم من تسهيلات لافتتاح مشاريع استثمارية، فضلاً عن إتاحة المزيد من قطاعات الدولة أمام استثمار القطاع الخاص وفق أحد صيغ الاستثمار وأبرزها التشاركية ونظام B.O.T، علاوةً على كسر احتكار الدولة لقطاعات اقتصادية وفي مقدمتها النفط والكهرباء أمام استثمار القطاع الخاص.

احتلت الإدارة المحلية مكانة متقدمة في خطاب النظام خلال الفترة السابقة، حيث تصدرت كعنوان خطاب بشار الأسد أمام رؤساء مجالس وحدات الإدارة المحلية، كما عقدت الحكومة ووزاراتها المعنية عدة لقاءات وورش خاصة وتشاركية مع جهات أممية مثل UNDP للنقاش حول كيفية تطبيق قانون الإدارة المحلية وتطوير قدرات مجالسها، وكان سبق للحكومة أن عززت صلاحيات وكادر وزارة الإدارة المحلية والبيئة من خلال نقل أربعة مديريات من وزارة الأشغال العامة والإسكان لصالح وزارة الإدارة المحلية والبيئة وهي: مديرية التخطيط العمراني ومديرية تنفيذ التخطيط ومديرية الطبوغرافيا ومديرية التنمية العمرانية، فضلاً عن تعزيز صلاحيات وزير الإدارة المحلية بتخويله إحداث مناطق صناعية وحرفية في الوحدات الإدارية وفق آلية ينظمها القانون.

يفسر اهتمام النظام بالإدارة المحلية باعتبارات مصلحية لا تعكس أي نية جدية على دعم وتمكين اللامركزية في سورية، حيث يسوق النظام مجالس وحدات الإدارة المحلية للمجتمع الدولي باعتبارها شريكاً للتحصل على الدعم الذي توفره الجهات المانحة، فضلاً عن اعتماده عليها كأداة محورية في ضبط المجتمعات المحلية سيما مع تنامي حالة السخط الشعبي من تردي الوضع الخدمي والاقتصادي، فضلاً عن توظيفها لتوليد الريع الناجم عن استثمار الأملاك المحلية بالاعتماد على القطاع الخاص.

يظهر تواصل اللقاءات والزيارات المتبادلة ذات الطابع الاقتصادي بين إيران والنظام السوري، المساعي الإيرانية الحثيثة لترجمة الاتفاقيات التي وقعتها سابقاً مع حكومة النظام، حيث تدرك إيران جيداً إمكانية لجوء النظام للمناورة والتسويف لتأجيل تنفيذ الاتفاقيات أو سحب الامتيازات الاقتصادية منها كما حصل في مناسبات عدة، ولعل ما يميز الحركية الإيرانية اهتمامها المكثف بالحصول على امتيازات في قطاعي النقل البري والبحري، وهو ما سيضعها في منافسة مباشرة مع الجانب الروسي المحتكر لهذا القطاع.


([1]) في أولى جلسات “الاربعاء الاستثماري”، رئيس الحكومة بصحبة “طاقم قرار وتنفيذ”: إيجاد حلول فورية للمستثمرين الجادين، موقع اتحاد المصدرين السوريين، رابط إلكتروني http://sef-sy.org/?p=15317، كذلك المستثمرون مرتاحون في جلسة “الاربعاء الاستثماري” الثانية …وحماة تقطف الثمار بالموافقة على تخصيص أراضي لإنشاء 9 معامل، موقع اتحاد المصدرين السوريين، رابط إلكتروني http://sef-sy.org/?p=15328

([2]) الرئيس الأسد: الحرب كانت بيننا نحن السوريين وبين الإرهاب حصراً. نحن ننتصر مع بعضنا لا ننتصر على بعضنا وأي انتصار يكون حصراً على الإرهاب بغض النظر عن جنسيته، سانا، تاريخ 17-02-2019، رابط إلكتروني https://sana.sy/?p=896762

([3]) خميس للفريق الحكومي: تنفيذ التوجيهات التي حملتها كلمة رئيس الجمهورية ووضعها في المسار الحقيقي الذي يوفر أفضل الخدمات للمواطن، جريدة الوطن، تاريخ 25-02-2019، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/188463

([4]) محمد منار حميجو، في ملتقى «الإدارة المحلية» محافظون يعرضون إجراءاتهم لتنظيم مناطق … قطان لـ«الوطن»: تعويض المواطنين متعلق بالإمكانات والأولويات مسخرة لتأهيل البنى التحتية، جريدة الوطن، تاريخ 17-02-2019، رابط إلكتروني http://alwatan.sy/archives/187277

مُلخّصٌ تنفيذيّ

  • استطاعت الأحزاب الكُردية أن تتفق فيما بينها؛ بدون تدخل من أطرافٍ كُردية إقليمية في المرحلة الأولى من الثورة؛ حول أفكارٍ لأطر عامة ومطالب تخص عموم سورية، إلا أنها سرعان ما عانت من ظهور خلافات جوهرية بناءً على الموقف المبدئي من النظام واحتمالية بقائه، وتجلى ذلك في عدم انضمام حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) للمجلس الوطني الكُردي بداية تشكيله، وسيره في عملية إنشاء نموذج حكم خاص به متمثلاً في " الإدارة الذاتية الديمقراطية"؛
  • أدى انسحاب النظام من مُدن رئيسية وسيطرة العناصر المسلحة من حزب الاتحاد الديمقراطي عليها إلى فقدان بقية الأحزاب الكُردية لفرصة السيطرة على مناطق جغرافية، وفتح هذا التأخر المجال أمام حزب الاتحاد الديمقراطي ليقوم بإنهاء نواة الكتائب التي شكلتها بعض الأحزاب، مما أدى لاحتكار الحزب للملفين الأمني والعسكري وتثبيت سلطته؛
  • عانى المجلس الوطني الكُردي أثناء القيام بالاتفاقيات من حالةعدم الاتساق والخلاف حول المناصب داخله، فمنذ تشكله إلى بدء مرحلة التفاوض مع حزب الاتحاد الديمقراطي، كانت النسب الحزبية عاملاً مهماً لإبقاء مجموع أحزابه ضمن هيكلية المجلس، لينحصر المجلس في عملية التفاوض في زاوية ضيقة، يطالب منها بالمحاصصة دون أن يمتلك أدوات ضغط، خارج تلك المتوفرة له من قبل "إقليم كردستان العراق".
  • شكل مسار جنيف للمفاوضات دافعاً رئيسياً للأحزاب الكُردية للجلوس على طاولة التفاوض، وشكلت ثنائية " قبول المجلس الوطني إقليمياً "، "وانتهازية حزب الاتحاد الديمقراطي الزمنية المتعلقة بالاستفادة من التفاوض للتقدم إلى مرحلة متقدمة" عائقاً هاماً أمام تنفيذ بنود الاتفاقيات.
  • تُشير الوقائع الراهنة إلى استمرار ذات الأسباب المعرقلة لإنجاح الاتفاقيات، فحزب الاتحاد الديمقراطي لايزال يعمل على تطبيق المشروع الذي يمتلكه والذي يمثل الجانب الأيديولوجي منه جزءاً هاماً يُصر الحزب على الالتزام به وتطبيقه بحذافيره، بينما لا يزال المجلس الوطني الكُردي يعاني من إشكالات خاصة ببنيته التنظيمية المعيقة، ولايزال يفتقد لإمكانية الاستخدام الفعلي لأدواته المحلية والإقليمية والدولية للضغط على حزب الاتحاد لتنفيذ بنود الاتفاقيات.

مدخل

رغم مرور عدة سنوات على آخر محاولة فعلية للتوافق بين الطرفين الرئيسيين في المعادلة الكُردية السياسية في سورية (المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي)، لاتزال مواضيع غياب التنسيق والتوافق تفرض نفسها على جدوى تفاعلات الفواعل الكردية في سورية سواء من حيث إشكاليات التمثيل أو من حيث عمليات التشكل أو من حيث الاتساق الوظيفي السياسي التي تتسم في تعدد الغايات والتحالفات والارتباطات المحلية منها أو العابرة للوطنية؛ وهذا ما من شأنه إظهار الهوة السياسية بين تلك الفواعل التي من آثارها تعميق الخلاف وازدياد الاضطراب وتعدد المشاريع.

تحاول هذه الورقة الإجابة على كافة التساؤلات المتعلقة بمسببات تلك الهوة ومدى ديمومتها وما أثر غياب أطر سياسية جامعة على تفاعلات المشهد السياسي؛ وفي سبيل ذلك تسعى الورقة لتناول كافة الحيثيات المتعلقة بكافة المفاوضات والمحاولات المتعددة والمتشابكة التي تمت خلال المرحلة السابقة؛ وتسليط الضوء على الاتفاقيات الكُردية البينية وتحليلها، ودراستها لتبيان الأسباب الرئيسية الدافعة اتجاه صيغ التفاهم، وأهم بنودها، وأهم المعوقات التي رافقتها، مع مراعاة السياق السياسي والعسكري العام المرافق لتلك المحاولات وتلمس دوافع حزب الاتحاد الديمقراطي والإدارة الذاتية للاستفادة من الاتفاقيات للوصول إلى أهداف مستقبلية خاصة، دون التقليل من سياسة قمع الطرف الآخر من الاتفاق عبر العديد من الوسائل، كالسيطرة على المظاهرات ونقاطها الرئيسية، والاعتداء على قادة التظاهرات والأحزاب ونفيهم، وتنفيذ سياسة تشويه سمعة مكثفة بحقهم، واستخدام العنف المجتمعي لتثبيت سلطة الحزب والإدارة([1]).

2011-2012: اتفاقات ومبادرات لم تمنع التمترس الحزبي

استطاعت الأحزاب الكُردية في سورية أن تبلور مطالب شعبية عامة وكُردية خاصة باستجابة سريعة خلال الفترة الممتدة من 2011- 2012، وبدأت بطرح مقاربات "لأشكال حكم خاصة" تراوحت بين الفدرالية السياسية الموحدة لشمال سورية، وبين الإدارات الذاتية على اختلاف نسب العلاقة بين هذه النماذج المطروحة والمركز في المستقبل.

بدأ الحراك السياسي الائتلافي بين الأحزاب الكُردية منذ شهر نيسان 2011 متمثلاً بـ " مبادرة أحزاب الحركة الوطنية الكُردية" التي حلمت مطالب سورية عامة، كالمطالبة بالتوقف عن استخدام العنف، واستخدام لغة الحوار، بالإضافة إلى مطالب كُردية تمحورت حول إزالة المشاريع العنصرية المطبقة من قبل البعث سابقاً، ونادت بـ "حل القضية القومية للشعب الكردي حلاً ديمقراطيا عادلا في إطار وحدة البلاد، بالاعتراف الدستوري بوجوده القومي كمكون رئيسي في البلاد".

ساهم تسارع أحداث الثورة في سورية وامتدادها لوقت أطول من المتوقع إلى تحول في طبيعة الاتفاقات بين الأحزاب الكُردية وحتى في طبيعة التكتلات، فظهرت أول قطيعة بين التيارين المعهودين في المجتمع الكُردي " التيار المقرب من إقليم كُردستان العراق ونموذجه" متمثلاً بمجموع الأحزاب الكُردية المنضمة إلى المجلس الوطني الكُردي، والتيار " المحسوب على حزب العمال الكُردستاني ومشروعه" متمثلاً بتنظيمات حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM وأهمها حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، مع تشكيل المجلس الوطني الكُردي ENKS في 26/10/2011، ورفض التيار المحسوب على حزب العمال الكُردستاني الانضمام للمجلس، نتيجة اختلافاتٍ عدة كان أهمها آنذاك قرب الأحزاب المشكلة للمجلس الوطني الكُردي للمجلس الوطني السوري، بينما كان حزب الاتحاد الديمقراطيPYD وحركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM، من المؤسسين لهيئة التنسيق الوطنية.

ألقت حالة التشرذم الحزبي بظلالها على قدرة الأحزاب الكُردية في الاستفادة من الإرث السياسي التي تمتاز به مقارنةً ببقية أطر المعارضة وشخصياتها، وبشكلٍ خاص على أحزاب المجلس الوطني الكُردي، التي لم تستطع مجاراة TEV-DEM  في سرعة اتخاذ الخطوات السياسية والعسكرية، نتيجة وضوح الأهداف الذاتية لدى TEV-DEM أكثر مما كان عليه الوضع لدى المجلس الكُردي، واستطاعت TEV-DEM أن تستند على أدبياتها السياسية وعلى عناصر حزب العمال الكُردستاني في تسريع تشكيل أطرها السياسية والعسكرية.

"مبادرة أحزاب الحركة الوطنية الكُردية"

مع بداية الثورة؛ صيغ الاتفاق الأول بين أحزاب الحراك السياسي الكُردي سورية ضمن وثيقة اتفقت عليها وأعلنتها الأطراف الكردية في حي الهلالية بمدينة القامشلي وسميت بـ “مبادرة أحزاب الحركة الوطنية الكردية" ضمت المبادرة معظم الأحزاب الكًردية بما فيها الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وهي عبارة عن إطار تم من خلاله طرح رؤية الأحزاب المنضمة للمبادرة لحل “الأزمة([2])“، وقد تم ذلك ببيان مقتضب في 27/04/2011([3])، وتم إعلانه ضمن تجمع جماهيري بتاريخ 14/05/2011([4])، في مدينة القامشلي ذكر فيه مطالب عامة متسقة مع غايات الحراك الثوري كتجنب اللجوء إلى استخدام العنف والقتل تحت أية ذريعة كانت والسماح للاحتجاجات السلمية بالتعبير عن نفسها، واعتماد مبدأ ولغة الحوار الوطني الشامل بين مختلف الاتجاهات السياسية الوطنية والنخب الثقافية التي تؤمن بالحوار سبيلاً للتفاهم؛ وتطبيق المرسوم الرئاسي القاضي برفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وإلغاء المحاكم والقوانين الاستثنائية كافة، والإفراج عن جميع معتقلي الرأي والسجناء السياسيين؛ ومطالب سياسية خاصة كالسماح للتيارات السياسية والأحزاب التي تمثل شرائح المجتمع بمزاولة أنشطتها الديمقراطية علناً إلى حين صدور قانون عصري للأحزاب؛ وإلغاء كافة السياسات التمييزية و"المراسيم والتعاميم السرية المطبقة بحق الشعب الكردي"، والاستعجال في إعادة الجنسية إلى المجردين منها، وتسجيل المكتومين في السجلات المدنية كمواطنين سوريين، وإيلاء المناطق الكردية الاهتمام اللازم بغية إزالة آثار الإهمال المتعمد لها وتحقيق مبدأ المساواة أسوة بباقي المناطق.

كما دعا هذا البيان لمقاربة حل يتمثل بالدعوة لعقد مؤتمر وطني شامل دون هيمنة أية جهة كانت، وكان من أولى مهامه، إقرار صيغة مشروع دستور جديد يلغي الامتياز لأية جهة سواء أكان حزباً أو قومية، ويتضمن الاعتراف بالتعددية القومية والسياسية واللغوية، ويطرح هذا الدستور على الاستفتاء العام، وإقرار قانون جديد للانتخابات المحلية والتشريعية، وآخر لتنظيم عمل الأحزاب السياسية يراعي خصوصيات المجتمع السوري ومكوناته دون التمييز بسبب العرق أو الدين، وإطلاق حرية الإعلام والصحافة؛ وضمان فصل السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، واستقلالية القضاء وتعزيز دوره؛ بالإضافة إلى حل ما حدده البيان فيما يخص "القضية القومية للشعب الكردي" حلاً ديمقراطياً عادلاً في إطار وحدة البلاد و بالاعتراف الدستوري بوجوده القومي كمكون رئيسي، وتأمين ما يترتب على ذلك من حقوق قومية؛ وحماية وتأمين الحقوق الثقافية للأقليات القومية والدينية في البلاد([5]).

وبتاريخ 06/06/2011، أعلنت الأحزاب الكُردية في القامشلي قيام رأس النظام بدعوتها للقاء بهدف التحاور، وكانت الأحزاب المدعوة هي (الحزب اليساري الكردي في سوريا؛ الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا /جناح عبد الحكيم بشار؛ حزب يكيتي الكردي في سوريا؛ حزب الاتحاد الديمقراطي؛ حزب آزادي الكردي في سوريا؛ حزب الديمقراطي الكردي في سوريا /جناح نصرالدين ابراهيم؛ الحزب الوطني الديمقراطي الكردي في سوريا؛ حزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا؛ حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا؛ الحزب الديمقراطي الكردي السوري؛ الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا. تيار المستقبل)([6]). واستمرت “المبادرة “ في إعطاء البيانات والتصريحات باسم مجموع أحزابها إلى أن تم تشكيل المجلس الوطني الكُردي، ومن بيانتها كان البلاغ الصادر بتاريخ 19/05/2011، والداعي إلى المطالب السابقة مع التذكير بخطورة "لجوء الدولة إلى العنف في مواجهة الاحتجاجات التي عمت سورية".([7])

 ومن أهم الأحداث التي رافقت مسيرة “ المبادرة” كان دعوة "بشار الأسد" لـ 12 حزباً كردياً في 06/06/2011 إلى دمشق للتفاوض، وما أحدثته من خلافاتٍ ضمن الأحزاب الكردية؛ فبدايةً تم رفض الدعوة من قبل “ لجنة التنسيق الكردية” بتاريخ 07/06/2011 عبر بيانٍ أشارت فيه إلى "الدماء المسالة في البلاد" وإلى انتهاج الأجهزة الأمنية لأسلوب العنف في مواجهة المظاهرات، وفي حين أن أحزاب “ لجنة التنسيق لم ترفض الحوار كمبدئ، إلا أنها أشارت إلى عدم جدواها؛ كما دعت إلى أن يكون الحوار عاماً وشاملاً لكل مكونات المعارضة السياسية عبر مؤتمر للحوار الوطني دون إقصاء، وشملت أحزاب لجنة التنسيق كل من “ حزب آزادي الكردي في سوريا، وتيار المستقبل الكردي في سوريا، وحزب يكيتي الكردي في سوريا “، لاحقاً وعقب مرور يوم على بيان لجنة التنسيق تم إصدار بيان من قبل “ مبادرة أحزاب الحركة الوطنية الكردية” وافقت فيه على طلب الأسد اللقاء والحوار معهم من حيث المبدئ، إلا أنها ربطت اللقاء بتوافر الظروف الملائمة([8]).

 وتطورت بيانات المبادرة تشدداً اتجاه النظام مع استمرار وزيادة سوية العنف في البلاد([9]إلا ان هذه المبادرة وإن اتفقت مع المطالب الثورية السورية العامة وخصصت ببعض المطالب المتعلق بالشأن الكردي؛ إلا أنها لم تستطع تحويل حالة التنسيق السياسي إلى إطار ناظم، ولم تتعامل مع التباينات البينية التي بدأت بالتزايد مع تطور الصراع في سورية وانتقاله لمستويات عابرة للتظاهر والفعل السلمي.

مجلس "شعب غربي كردستان"

شكلت حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM في 16/12/ 2011 مجلس "شعب غربي كردستان" ليكون موازياً للمجلس الوطني الكُردي، بعد رفض الحركة وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD الانضمام للمجلس الوطني الكُردي نتيجة الخلافات على النسب بالرغم من كونهم أحد الأطراف المحضّرة له ([10])، ومع السير في عملية تشكيل " مجلس شعب غرب كردستان"، بدأت عملية طرح مفهوم المجلس (وهو في الأساس مفهوم حزب الاتحاد الديمقراطي) لحل القضية الكُردية في سورية النابعة من كتابات "زعيم" حزب العمال الكُردستاني عبدالله أوجلان ويتمحور حول الوصول لحل ديمقراطي مبني على "نظرية الأمة الديمقراطية التي تبني وطناً مشتركاً"، بعد تثبيتها في الدستور على شكل الإدارة الذاتية الديمقراطية كنموذج حوكمي وإداري، وهذا الطرح والمفهوم يعني في جوهره الابتعاد عن الدولة القومية والمركزية وبناء مجتمع معتمد على نفسه في الإدارة والدفاع والحكم بشكلٍ يدَّعي أنه لا يؤدي إلى تقسيم الدول.

ولم تتمكن الإدارة الذاتية حتى الوقت الحاضر من الالتزام بمفاهيمها، فيلاحظ حول أدائها تداخل " القومي " بـ"الأممي"، كما أن جوهر مفهوم الأمة الديمقراطية حول إنهاء المركزية شهد تناقضاً فيما يخص تشديد المركزية أكثر مما كانت عليه عبر زيادة عدد هيئات ومؤسسات السلطة وفرض العضوية على السكان ضمنها، وربط كافة نشاطاتهم الإدارية والسياسية والأمنية بها. ومع الإعلان عن مجلس شعب غربي كردستان، أخذ الأخير دفة المفاوضات مع المجلس الوطني الكُردي، وعاد حزب الاتحاد الديمقراطي " نظرياً" للصفوف الخلفية كونه أحد عناصر المجلس المعلن، ووقع الطرفان أول وثيقة بينهما بصفة مجلسين في مدينة القامشلي بتاريخ 19/01/2012، تحت عنوان " وثيقة تفاهم" وتضمنت كل من البنود التالية([11]):

1) خلق أجواء وظروف الثقة بين القوى. 2) الاعتراف المتبادل للقوى. 3) التنسيق والعمل المشترك. 4) تشكيل لجنان متابعة ميدانية لمتابعة تنفيذ القرارات المتخذة.

يمكن اعتبار هذه الوثيقة فعلياً أول اعتراف من قبل المجلس الوطني الكُردي بوجود مجلس الشعب التابع لـحزب الاتحاد الديمقراطي، كجسد موازي أو منافس له، عبر عقد الاتفاق معه وتقبل وجوده الاعتباري كطرف موازي ومنافس له، بعد رفض حزب الاتحاد PYD الانضمام للمجلس الكُردي، وهي وثيقة تحمل بنوداً عامة دون الدخول في التفاصيل، ولم يرد الكثير عن هذه الوثيقة ضمن البيانات المعلنة من قبل الطرفين، ولم تستطع أن تمتلك الصلابة الكافية ليتم التمسك بها، واستطاع حزب الاتحاد عبرها انتزاع أول اعترافٍ بوجود مجلس الشعب المُشكل حديثاً كمظلة للأحزاب المقربة من حزب العمال الكُردستاني ، وظهر توجه حزب الاتحاد في اتجاه إضفاء الشخصية على مجلس الشعب من تصريح لإبراهيم بروا، يوضح أن حزب الاتحاد لن يلتزم بأي اتفاق إن لم يكن مع مجلس شعب غرب كردستان([12]).

"مؤتمر الجالية الكُردية"

لم يكن مؤتمر الجالية الكُردية في الخارج أحد أطر الاتفاق المباشرة بين الطرفين فهو في الأساس كان خطوة من رئاسة إقليم كُردستان العراق نحو تقديم الدعم للمؤتمر التأسيسي للمجلس الوطني الكُردي في سورية([13])، وتوحيد الخطاب الكُردي، حيث "تم دعوة 245 شخصية كُردية حزبية ومستقلة من 25 دولة إلى مدينة أربيل بتاريخ 28-29/01/2012، ([14])

فضل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD مقاطعة المؤتمر كونه رفض بالأساس الانضمام للمجلس الوطني الكُردي، إلا أن رفض الحزب للانضمام للمجلس أو التواجد في مؤتمر الجالية الكُردية لم يمنع حزب PYD من اتهام حزب الديمقراطي الكردستاني_ العراق بالتخطيط لترسيخ " الانقسام الكُردي وحياكة أمورٍ من خلف الستار"([15])، كون الأخير لم يقم بإرسال دعوة حضور لحزبهم([16])، وهو ما نفاه رئيس ديوان رئاسة إقليم كُردستان فؤاد حسين هذا الاتهام مؤكداً توجيههم دعوة رسمية للحزب إلا أن الحزب رفض الحضور، وتُعتبر هذه الطريقة إحدى أساليب حزب الاتحاد الديمقراطي بتوجيه الاتهامات ووصف اجتماعات الأحزاب الأخرى بالمؤامرة ضده، إن لم تكن في سياق رؤيته وسياساته([17])".

تمحورت توصيات المؤتمر في بيانه الختامي بصورة تتوافق مع مبادئ المجلس الوطني الكُردي، وهي إدانة استخدام العنف من قبل الأجهزة الأمنية، والتأكيد على التسامح والتعايش بين مكونات الشعب السوري، وعلاقة الكُرد بالمعارضة السورية([18])، لاحقاً وبناءً على توصيات المؤتمر تم تشكيل العديد من الممثليات للمجلس الوطني الكُردي في دول المهجر والجوار([19]).

عموماً لم تستطع تلك المحاولات التنسيقية من إخفاء اختلاف المشاريع التي تسعى لفرض رؤاها على المشهد الكردي واختلاف داعميها؛ وهذا الاختلاف هو بطبيعة الحال انعكاس للخلاف الكردي -الكردي التقليدي؛ لذلك بقيت تلك المحاولات دفعاً سياسياً ناعماً لم تمنع من ظهور الاختلافات وكانت محاولات الاستجابة لتلك الجهود تأتي من باب "المواءمة" ريثما تكتمل عناصر المشروع الجديد بالنسبة لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي حاول خلق مظلة بديلة؛ بينما أتت استجابات المجلس الوطني الكردي من منظور مركزيته كإطار واحد.

2012-2013: هيئة كردية عليا لم تصمد

مع انتصاف العام 2012 كانت منظومة TEV-DEM ومجلس شعب غربي كردستان قد أحكموا سيطرتهم على عدة مدن كُردية في الشمال السوري، واستطاعوا قمع الفصائل والكتائب العسكرية الكُردية المشكلة من قبل بعض أحزاب المجلس الوطني الكُردي، نتيجة اتخاذ الأخير قرار عدم الدخول في مواجهة عسكرية مع طرفٍ كُردي تجنيباً للمنطقة وسكانها والمجتمع الكُردي بشكلٍ خاص لأي مآلات سيئة. في حين كان مجلس شعب غربي كردستان قد اتخذ قراره بفرض سلطته العسكرية والأمنية مهما كان الثمن، ومع انتهاء العام 2012 كان المجلس منزوعاً من كافة أدواته، حتى المظاهرات، فلم " تبقي الشبيبة الثورية" التابعة لحزب الاتحاد فرصةً للمنظمات الشبابية في القيام بمظاهرات تحمل طابعاً لا يتوافق مع خطط PYD ، وفي ظل واقع اختلال موازين القوى توجه الطرفان لمفاوضاتٍ كان لكلٍ منهما غايات آنية كحضور اجتماعات جنيف1، التي كانت السبب المباشر لحدوث اتفاق " هولير1 " والذي أدى لإعلان الهيئة الكُردية العليا.

 بالعموم أجبر تسارع الأحداث الأحزاب الكُردية إلى عقد مؤتمر “ أحزاب الحركة الوطنية" وتقديم نظرة عامة لكيفية حل الأزمة في سورية، ومع اشتداد الأزمة والبدء في الخارج والداخل بتشكيل التجمعات السياسية كتشكيل المجلس الوطني السوري في 02/10/2011، توجهت الأحزاب الكُردية لتشكيل مجلس يؤطر عملها التنظيمي ويمثل مطالبها، والذي تكلل بتشكيل المجلس الوطني الكُردي في 26/10/2011، باستثناء حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ومنظومته المشكلة حديثاً TEV_DEM وبعضاً من الأحزاب المحدودة الحجم، وخلال فترة قصيرة عملت TEV-DEM على تشكيل “مجلس الشعب في غرب كردستان أو " مجلس غربي كُردستان" في 16/12/2011".

تمت المفاوضات بين المجلسين حتى بداية 2014 حول تشكيل إدارة مشتركة، ليتجه حزب PYD بعد 2014 ليطالب المجلس بالانضمام للإدارة الذاتية فقد انتهت مرحلة تفاوض طرفين من ذات الطبيعة، وبدأت مرحلة تفاوض عنصر أعلى تنظيمياً (الإدارة الذاتية) مع عنصر أدنى تنظيمياً (مجلس يمثل بعض الأحزاب)، وبدأ "مجلس شعب غربي كردستان" وحركة المجتمع الديمقراطي بالاستفادة من عملية الحوار مع المجلس الكُردي للسير في عدة مسارات لتثبيت سلطة المنظومة، حيث إنها مع استمرار المفاوضات بين الطرفين الكرديين، كانت TEV_DEM ومجلس غربي كُردستان يقومان بتشكيل: هيئات وبلديات وأسايش وقوى عسكرية وسياسية أخرى ضمن خطة إعلان الإدارة الذاتية، وتبادلت المؤسسات المشكلة وفق عقدٍ اجتماعي نابعٍ من أيديولوجية حزب الاتحاد وحزب العمال الكُردستاني منح أدوار الشرعية لبعضها البعض([20]).

 وضمن حركة التفاوض بين الطرفين الكُرديين تُعتبر الهيئة الكُردية العليا حتى الآن التشكيل الذي حصل على أعلى دعمٍ شعبي في تاريخ كُرد سورية، لكن فشلها في تحقيق حالة توافق مستدام بين الأطراف الكردية، نتيجة أسباب كثيرة ومتشعبة بعضها من بعض، قسمٌ منها يتعلق بطبيعة الأحزاب الكردية السورية نفسها، والآخر بالأحزاب الكردية الإقليمية الرئيسية وخلافاتها البينية، والأخير بواقع الثورة السورية وعدم وضوح توجهات الدول العظمى.

هولير 1: هيئة عليا بثلاث لجان

حدث الاتفاق في مدينة أربيل بتاريخ 11/06/2012، وكانت البداية بإعلان " اللجنة الكُردية العليا" وحملت الاتفاقية اسم " هولير" ليُضاف له 1 بعد حدوث هولير2، وشملت بنود الاتفاقية:

  1. اعتماد وثيقة هولير والبناء عليها وتفعيل البنود الواردة فيها ووضع الآليات اللازمة لتنفيذها.
  2. تشكيل هيئة عليا مشتركة (الهيئة الكردية العليا)، مهمتها رسم السياسة العامة وقيادة الحراك الكردي في هذه المرحلة المصيرية، واعتماد مبدأ المناصفة في هيكلية كافة اللجان والتوافق في اتخاذ القرارات.
  3. تشكيل ثلاث لجان تخصصية لمتابعة العمل الميداني.
  4. التأكيد على وقف الحملات الإعلامية بكافة أشكالها.
  5. تحريم العنف ونبذ كافة الممارسات التي تؤدي الى توتير الأجواء في المناطق الكردية.
  6. اعتماد اللائحة الداخلية الملحقة بوثيقة هولير التي تتضمن آليات العمل.
  7. تشكيل اللجان خلال أسبوعين من تاريخ التوقيع على الاتفاق.
  8. هذا الاتفاق نص متكامل لا يجوز الإخلال بأي بند من بنوده التي تم إقرارها من قبل الطرفين([21]).

ونتج عنها لجان ثلاثة: اللجنة الأمنية واللجنة الخدمية واللجنة السياسية، وتألفت عضويتها من أعضاء اللجنة الكردية العليا من مجلس شعب غربي كردستان: (آلدار خليل، قائد عسكري، "حركة المجتمع الديمقراطي"؛ روناهي دليل/ إلهام أحمد، اتحاد ستار “منظمة نسوية تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي"؛ صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي؛ سينم محمد، رئيسة مجلس شعب غربي كوردستان؛ عبد السلام أحمد، رئيس مجلس شعب غربي كوردستان) وأعضاء اللجنة الكردية العليا من المجلس الوطني الكردي (محي الدين شيخ آلي سكرتير حزب الوحدة؛ أحمد سليمان عضو لجنة المركزية حزب الديمقراطي التقدمي؛ اسماعيل حمي سكرتير حزب يكيتي الكوري؛ نصر الدين إبراهيم سكرتير حزب الديمقراطي الكوردي في سوريا "البارتي"؛ سعود الملا عضو اللجنة المركزية حزب الديمقراطي الكوردي -البارتي)([22]).

أما فيما يخص الإعلان عن تسمية "الهيئة الكردية العليا" فقد حدث في مدينة القامشلي بعد أن عادت الأحزاب الكردية لتجتمع بتاريخ: 11/07/2012، وبتاريخ 24/07/2012([23])، عقدت الهيئة الكُردية أول اجتماع رسمي لها في مدينة القامشلي، وتم التوقيع على الاتفاقية من قبل سينم خليل ممثلة عن مجلس شعب غربي كردستان([24])، واسماعيل حمى كممثل عن المجلس الوطني الكُردي([25])، وخلص إلى بيانٍ حمل جملة من البنود([26])، ليتبعه عدة اجتماعات أخرى تمحورت بشكلٍ أساسي حول تفعيل اتفاقية هولير1 وتفاصيل تقنية أكثر.([27]).

خلافات ومشاكل مركبة وعميقة

عانت الهيئة الكردية العليا من خلافات ومشكلات مركبة: تمحورت حول” عدم الاتفاق على تشكيل اللجان”، فاتسمت الفترة التي ساد فيها اتفاق “هولير1 ”بعقد الاجتماعات المتكررة والمنتهية ببيانات وبنودٍ متشابهة جداً دون أن تصل إلى أي إنجاز، فمن جهة كان مجلس غربي كردستان يقوم ببناء هيكلية إدارته الذاتية بشكلٍ أحادي، ومن جهة أخرى كانت أحزاب المجلس الكردي مجتمعةً تطالب بذات المنصب ضمن اللجان المُراد تشكيلها أو تتجنب المطالبة ببعض المناصب الأخرى، وفي حالة الكثير من أحزاب المجلس، لم يكن لديها من الكوادر الحزبية العدد الكافي لتغطية كافة اللجان، وكان التقدم الذي شهده تشكيل الهيئات قد اقتصر على تشكيل اللجنة الخدمية في الحسكة، وخلال الاجتماع الخاص بتشكيل اللجنة الأمنية تم اتخاذ جملة من القرارات من بينهما تقسيم مدينة القامشلي جغرافياً إلى قطاعين خدميين (القطاع الشرقي و القطاع الغربي) و توزيع اللجان على هذين القطاعين، لكن لم يتم تفعيلها ([28])، كما تم الاتفاق على تشكيل اللجان الأمنية المشتركة في مدينة ومنطقة عفرين، وعلى توحيد الأعلام على الحواجز، والتواصل مع الفصائل الكُردية المستقلة، وهو الأمر الذي لم يتحقق أيضاً. (وهنا نلحظ قيام مجلس غربي كردستان بالتقدم في الهيئة الامنية في عفرين وكانت خاصرة ضعيفة بالنسبة له آنذاك، بينما امتنع عن التقدم فيها بمنطقة الحسكة، وكانت منطقة مُسيطر عليها عسكرياً أكثر خصوصاً امتداد “رأس العين – المالكية([29])). ومن أهم أسباب هذه الخلافات نذكر:

  1. غياب الثقة : حيث اتصف عمل الأحزاب ضمن الهيئة بغياب الثقة التنظيمية، ومن تجليات ذلك الخلاف الذي حصل ضمن الهيئة في 04/08/2012، فيما يخص تنظيم اجتماع مع وزير الخارجية التركي آنذاك أحمد داوود أوغلو، وتم وصفه من قبلها بتجاوز “لآليات ومعايير العمل الداخلية([30])“، ونتج الخلاف من قيام بعض أعضاء الهيئة الكردية العليا باللقاء بداوود أوغلو في مدينة هولير/ أربيل، ووفد من المجلس الوطني السوري، من قبل أحزاب المجلس الوطني الكُردي وبغياب أعضاء من مجلس شعب غربي كردستان، وفي وقتها أعلن الأخير، بالإضافة لقادة في حركة المجتمع الديمقراطي، أنهم موافقون مسبقاً على هكذا لقاءات وحوارات، إلا أن قيام أعضاء من الهيئة (أو المجلس الكُردي) بها بشكلٍ سري بالرغم من تواجدهم أيضاً في أربيل أثار لديهم الشكوك([31])، من جهته صرح " سعود ملا" عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكُردي والرئيس الحالي لحزب الديمقراطي الكُردستاني- سوريا وأحد المجتمعين مع داوود أوغلو من أعضاء الهيئة بأن زيارتهم تزامنت مع زيارة المسؤول التركي([32]) .
  2. التشتت التنظيمي : أدت حالة التشتت التنظيمي لإحداث عدة خلافات بين المجلس الوطني الكردي مع مجلس غربي كردستان، وأعطته الوقت الذي يحتاجه ليقوم بالسير الأحادي في مشروع الإدارة الذاتية، فبالإضافة لحادثة اللقاء برئيس المجلس الوطني السوري ووزير الخارجية التركي، حدث أيضاً أن قام “ بعض أعضاء مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي بتوقيع بيان في إسطنبول مع أطراف في المعارضة السورية دون علم الأعضاء الآخرين في المكتب، و كما حدث مع الوفد، الذي تشكل على عجل، للاجتماع مع الأخضر الإبراهيمي، و تبين فيما بعد، أن رئيس الأمانة العامة في المجلس الوطني الكردي، الذي كان على رأس وفد المجلس الوطني الكردي، لم يحط نائبيه علماً بالاجتماع([33])“
  3. الضغوطات والانتهاكات الممارسة من قبل PYD: مع مرور الوقت تنوعت آليات الضغط الممارس من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي ومنظومة حركة المجتمع الديمقراطي على أحزاب المجلس الوطني الكُردي، ففي حين بدأ هذا الضغط بالتدخل في المظاهرات الشبابية ضد النظام السوري عبر التضييق على القيادات الشبابية، وتغيير مسارات سير المظاهرات وتغيير أماكن التجمع، وإدخال الشعارات الخاصة بمنظومة المجتمع الديمقراطي، لتظهر بدايات السيطرة العسكرية المباشرة عبر “ لجان الحماية الشعبية، لاحقاً وحدات حماية الشعب، بصورة معارضة لاتفاقية هولير التي تناولت سحب المظاهر المسلحة من المدن وتشكيل قوة عسكرية موحدة، مما أدى إلى حالة استياء شعبي([34])، وبعد مرور 3 اشهر من اتفاقية هولير1 اصدر المجلس الكُردي بياناً نددت أمانته العامة “ بأعمال العنف والخطف التي تُمارَس بحق الكرد السوريين عامة والنشطاء بصورة خاصة بصورة فاعلة في الثورة السورية السِّلمية.([35])
  4. التوجه نحو احتكار PYD للملف الأمني وهو ما كان واضحاً ضمن ما صرح به رئيسه آنذاك "عبدالسلام أحمد"، حيث أشار إلى أن هناك قوة موجود واسمها YPG وعلى القوة التي يجب أن يتم تشكيلها أن تدعم الوحدات، وضمن حديثه أشار إلى التجنيد الإجباري، وهذا التوجه كان مناورة من مجلس غربي كردستان في محاولة للاعتماد على شعبية المجلس لكسب الشباب المقرب منه ضمن التجنيد الإجباري مع الإبقاء على وحدات حماية الشعب كتنظيم عسكري متحكم في كافة الجبهات والقرارات العسكرية، وكان هذا التصريح تعليقاً على تصريحٍ أخر من وحدات حماية الشعب تعلن فيه رفضها “ العمل تحت راية الهيئة الكردية العليا([36])“، وكانت قد سبقته الوحدات ببيانٍ آخر صرحت فيه التزامها بقرارات الهيئة الكردية العليا([37]). وقد غذّى هذا التوجه السياق العسكري آنذاك عندما سيطرت فصائل من الجيش الحر على الطرف الغربي من المدينة، وأوقفت وحدات حماية الشعب تمددها، وخلال سيطرة الفصائل والنصرة على نصف المدينة حدث بين الطرفين معارك وهدن كثيرة، ومع مرور فترة من الزمن استولت " جبهة النصرة " سابقا فتح الشام حالياً، على الجبهات المواجهة لوحدات حماية الشعب، واستمرت المواجهات في المدينة من 09/11/2012 إلى 17/07/2013 ([38]).
  5. خلافات حول آلية الإشراف على معبر " فيش خابور_ سيمالكا، حيث تضمنت بنود اتفاق الهيئة الكردية العليا تشكيل لجان تشرف على المعبر؛([39]) إلا أن هذا الملف لا يزال أحد أبرز ملفات المساومة ([40])، فالمجلس الوطني الكُردي كان يطالب بالإشتراك في إدارته وموارده، والإدارة الذاتية أصرت على الشراكة بهدف أن تصب الموارد في رصيد الهيئة الكردية العليا، أما إقليم كردستان العراق فقد واجه مصاعب تمحورت حول تجاوزه للقوانين الدولية بافتتاحه معبراً غير معترف به دولياً ومرفوض من قبل "نظام دمشق"([41])، وأيضاً استعمله الإقليم كأداة ضغطٍ على مجلس غربي كردستان والإدارة الذاتية لتتعاون في ملف تشارك السلطة شمال سورية بشكلٍ يتيح المجال أمام المجلس الكُردي دوراً في الحياة السياسية. كما اُستخدم المعبر أيضاً لتشكيل ضغط في ملف عودة " بيشمركة سورية"، وكوسيلة لضبط عمليات التهريب عبر الحدود بعد حفر خندقٍ بطولٍ قارب 17كم في المناطق لمنع التسلل الغير مصرح به من الطرف السوري في 15/04/2014([42])، وللمعبر تأثير مباشر على الحياة المعيشية في مناطق شمال سوريا فمع إغلاقه في فترات الخلاف كانت أسعار الأغذية ترتفع بنسب تصل إلى أكثر من 100%([43])، ولايزال المعبر يدر على الإدارة الذاتية مبالغ طائلة من الضرائب المفروضة على البضائع الصادرة والواردة، وتُلزم الإدارة كل التجار بالحصول على رخصة تخليص جمركي تبلغ قيمة تأميناتها 50 ألف دولار([44]).

عموماً؛ بالإضافة للرغبة البينية ورغبة إقليم كُردستان العراق بشخص رئيسه مسعود البارزاني في إحداث توافق كُردي-كُردي يؤدي إلى نموذج من نماذج الحكم الذاتي للكُرد في سورية، فإن هناك عوامل كثيرة دفعت باتجاه اتفاقية هولير1، إلا إشكالات عديدة وعلى رأسها بلورة حزب الاتحاد لسلطة الأمر الواقع واحتكاره السلطة الامنية وغيابه عن مسار المفاوضات السورية جعلته يعتبر اتفاقية هولير بحكم المنتهية، ويمارس سياسة التضييق على المجلس الوطني الكُردي وأحزابه والتنسيقيات الشبابية.

2013-2014: أحداث أمنية وسياسية دافعة لاتفاقات جديدة

كان واضحاً ازدياد الهوة السياسية بين المجلسين؛ حيث اتخذ مجلس شعب غربي كُردستان مساره السياسي مع هيئة التنسيق الوطنية، بينما توجه المجلس الكُردي بخطوات مرتبكة نحو الانضمام للائتلاف الوطني السوري، وداخلياً كانت أحزاب المجلس تعاني من مشاكلها المستعصية المتمثلة بكثرة الأحزاب والتنسيقيات واستمرار انشقاقاتهم، بينما التزم مجلس غربي كردستان بخطته في إعلان تشكيل وإعلان الادارة الذاتية، وتخلل سير مجلس غربي كردستان بهذا الاتجاه تفاصيل كثيرة كان منها المعوق لعملية التوافق مع المجلس الوطني الكُردي ومنها، ما ساهم في تثبيت دعائم إدارته.

استثمارات أمنية صدعت الهيئة الكردية العليا

 ساهمت بعض الأحداث الأمنية والعسكرية واستثمارها من قبل PYD في زيادة حدة الخلافات ومنها نذكر:

  1. أحداث عامودا: وفقاً للتقارير فإنه بتاريخ 17/06/2013، اقتحمت قوة مسلحة تابعة لـ YPG البلدة وأغلقت مداخلها الرئيسية، وقامت باعتقال ثلاثة نشطاء ودخول هؤلاء النشطاء مع آخرين تضامناً معهم بإضراب عن الطعام، وبعد مفاوضات جرت بين شخصيات من المجلس المحلي التابع للمجلس الوطني الكُردي، وأعضاء من حزب (PYD)، من جهة أخرى، اشترط الحزب إنهاء الإضراب عن الطعام، كشرط لإطلاق سراح المعتقلين. وتم الإفراج عن ناشط واحد، والإبقاء على الناشطين الآخرين قيد الاعتقال، وبتاريخ 27/6/2013 خرجت مظاهرة جديدة ضد قوات YPG، وصلت إلى مقر حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وتوقفوا أمامها مع ترديد شعارات تهاجم أذرع الادارة الذاتية وتتهمهم بـ "التشبيح"، وتطورت الأحداث لتنتهي بإطلاق قوات YPG النار على المتظاهرين مما أدى لمقتل 6 أشخاص وجرح ما يقارب 30 آخرين([45])، واعتقال ما يقارب 70 شخصاً. من جهتها اتهمت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب من وصفتهم بالمجموعات الخائنة” بقتل أحد مقاتليها والهجوم على كتيبة لها ضمن المدينة، ما أدى إلى سقوط عدد من المدنيين، وذلك لأجل إثارة الفتنة بين الشعب"، على حد تعبير البيان([46]). وعلى إثر هذه الأحداث أوقف أعضاء المجلس الكُردي عضويتهم في الهيئة الكردية العليا، ثم انسحابهم لاحقاً([47]).
  2. توسع فصائل المعارضة في المنطقة: خلال الفترة الممتدة من أواخر العام 2012 وحتى نهاية العام 2013 توسعت فصائل المعارضة وجبهة النصرة في محافظة الحسكة، والبداية كانت مع السيطرة على جزء من مدينة رأس العين، ليتبعها سيطرة على بلدات: تل براك، وتل حميس ومعبر اليعربية وإلى حدود بلدة "معبدة" في اقصى الشمال الشرقي في 17/07/2013([48])، كما أنها وصلت إلى حقول رميلان([49])، مما دفع بوحدات حماية الشعب أن تعقد اتفاقيات مهادنة وتقاسم آبار النفط معهم([50])،" كخطوة تكتيكية وفق تصريح آلدار خليل القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي([51])"، هذا التوسع العسكري الكبير للمعارضة في المنطقة ساعد على كسب وحدات حماية الشعب لشعبية كبيرة وانضم إليها المئات من أبناء المنطقة بهدف منع وصول الفصائل إلى المدن، كما أنه أضعف من الموقف السياسي للمجلس الوطني الكُردي المتوافق مع سياسات الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية. وفي ظل هذا الواقع بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي مجلس غربي كردستان بمطالبة المجلس الوطني الكُردي بالانضمام لمشروعه، ووفقاً لـ "آلدار خليل" القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي، فإنهم في الواقع قاموا بتطبيق الإدارة الذاتية على أرض الواقع، وهم ينتظرون فقط من المجلس أن يأتي ويشاركهم في إدارتها، وهذا ما تم محاولة العمل عليه في مشروع " الإدارة المرحلية المشتركة([52])".

"الإدارة المرحلية المشتركة" وتحدي التباين السياسي

تعثر عمل الهيئة الكُردية العليا خاصة بعدما تحولت طبيعة المفاوضات إلى "محاولة الاتفاق على تقاسم الحصص ضمن الهيكل غير المُعلن بعد والمتمثل بـ"الإدارة الذاتية"، بعد أن كانت حول نموذج حكم توافقي. وفي 13/08/2013 أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي في مؤتمر صحفي بمدينة القامشلي عبر آسيا عبد الله الرئيسة المشتركة للحزب آنذاك، عن انتهاء المرحلة الأولى للمشروع ودخوله المرحلة الثانية، والبدء بتشكيل هيئة تشريعية مكلفة بتشكيل الهيئة الإدارية الانتقالية للمنطقة، وفي هذا الاتجاه عادت المفاوضات بين الطرفين لتنتهي بتوقيع "مجلس غرب كوردستان والمجلس الوطني الكُردي على "مشروع الإدارة المرحلية الانتقالية للمناطق الكُردية والمشتركة" وذلك خلال اجتماع عقد في مقر الهيئة الكُردية العليا بمدينة القامشلي بتاريخ 08/09/2013 بحضور ممثلين عن المجلسين وخرجا باتفاق على توقيع "مشروع الإدارة المرحلية الانتقالية للمناطق الكُردية والمشتركة" وتتألف بنود الاتفاق من([53]):

  1. تشكيل لجنة لصياغة مسودة الدستور المؤقت بعد التوافق عليه من كل المكونات في مدة أقصاها 40 يوماً.
  2. يقدم كل طرف أو جهة عدداً من الأعضاء يمثلونها في الهيئة المؤقتة " التي ستتشكل من جميع المكونات وستدير عملية الانتخابات".
  3. ستقوم هذه الهيئة المؤقتة بتشكيل الإدارة الديمقراطية المرحلية المشتركة بعد إنجاز دستور مؤقت بشكل مباشر.
  4. الهيئة المؤقتة مخولة بالتحضير لقانون انتخابي ديمقراطي.
  5. تعتبر الإدارة المرحلية الانتقالية المرجع التنفيذي وتقوم ببناء مؤسساتها لتسهيل عملها في المجالات الإدارية السياسية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية الأمن والحماية.
  6. قوى الأمن والحماية مهمتها ضمان الأمن والاستقرار في المناطق الكُردية والمشتركة، وهي مؤسسة وطنية تلتزم بكل القوانين والمواثيق الدولية، ومسؤولة أمام الإدارة المرحلية الانتقالية.
  7. القيام بانتخابات ديمقراطية نزيهة، مفتوحة للمراقبين الدوليين والإقليميين ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني خلال ستة أشهر من تاريخ تشكيل الإدارة المرحلية الانتقالية.
  8. يعتبر المجلس العام المنتخب للإدارة المرحلية الانتقالية الهيئة التشريعية لجميع المكونات في المناطق الكُردية والمشتركة.
  9. المجلس العام مخول بإعداد دستور يحترم حقوق الإنسان ويتوافق مع المواثيق والأعراف الدولية.

ومع هذا الاتفاق؛ في 07/09/2013 أقر المجلس الوطني الكُردي وثيقة الانضمام إلى الائتلاف السوري([54])، واتخذ المجلس بدايةً قرار الانضمام وتوجه إلى قطر وشارك في مؤتمر الائتلاف لكنهم لم يوقعوا([55])، لاحقاً شكل المجلس وفداً لاستكمال إجراءات الانضمام بعد موافقة وتصديق الائتلاف، الوفد الذي تشكل من لجنة العلاقات الخارجية ورئيس المجلس وعضوين آخرين، تم تكليفه بالعمل على أن يتضمن بيان الاتفاق، "احترام خصوصية المناطق الكُردية وخيار الشعب الكُردي في الحفاظ على سلمية الثورة في هذه المناطق، ومنحهم الحرية في إدارة مرحلية مشتركة في هذه المناطق مع بقية الأطراف والمكونات بالشكل الذي يتناسب وواقع هذه المناطق"، وصادق الائتلاف على انضمام المجلس بتاريخ 16/09/2013([56]).

وصرح "إبراهيم برو آنذاك بأن: "الوفد الكُردي كان قد اتفق مع الائتلاف على ضرورة انضمام مجلس الشعب لغربي كوردستان للائتلاف، وأن يحاول كل طرف على حدة من أجل التواصل معهم للانضمام، مشيراً إلى أن "مجلس الشعب لغربي كوردستان لديه اتصالات موسعة مع الائتلاف، حيث التقى صالح مسلم مع رئيس الائتلاف أحمد الجربا في باريس وعقدا اجتماعاً مطولاً تم خلاله مناقشة هذا الوضع، كما أن عدد مقاعد مجلس الشعب لغربي كوردستان لن يكون على حساب مقاعد المجلس الوطني الكُردي، حيث سيتم تخصيص مقاعد خاصة بهم"، ذات الموقف ظهر من سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي "عبد الحميد حاج درويش"، حيث أنه نقل طرحه بنفسه خلال الاجتماعات إمكانية انضمام حزب الاتحاد الديمقراطي إلى الائتلاف الوطني السوري، مؤكداً أن رد الائتلاف كان إيجابياً([57])".

 من جهته وقف مجلس غربي كردستان ضد انضمام المجلس للائتلاف مصراً على التزام الخط الثالث (لا للانضمام للمعارضة ولا للنظام)، وقرر السير وحيداً في إعلان الإدارة المرحلية، فالمجلس بواقعه متأخر عن منجزاتهم بأكثر من سنة وفق مخاطبة آلدار خليل القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي، للقيادي في حزب يكيتي الكُردي([58])، أثناء اجتماعهم لمناقشة توزيع اللجان، وهكذا انتهى الاتفاق قبل أن يتم تفعيل أي من بنوده.

إعلان المجلس التأسيسي للإدارة المرحلية من طرف واحد

بتاريخ 12/11/2013، وبغياب المجلس الوطني الكُردي، أُعلنَ في مدينة القامشلي عن تشكيل المجلس العام التأسيسي للإدارة المرحلية المشتركة المكون في ذلك الوقت من 82 عضواً وانبثق عنه هيئة متابعة إنجاز المشروع لإعداد وصياغة مختلف الوثائق وقسمت مناطق شمال شرق سورية إلى 3 مناطق/كانتونات وهي "الجزيرة، كوباني وعفرين" لتشكل كل منطقة "كانتون" مجلسها والذي سيمثلها ضمن المجلس العام للإدارة المرحلية.

عقدت هيئة متابعة إنجاز مشروع الإدارة المرحلية المشتركة والتي تكونت من (60) عضواً اجتماعها الأول بتاريخ 15/11/2013 في مدينة القامشلي، وتم خلال الاجتماع تشكيل لجنة مؤلفة من 19 عضواً من المناطق الثلاث "الجزيرة 12، وعفرين 4، كوباني 3 "، ومهامها صياغة مشروع الإدارة المرحلية المشتركة وإعداد وثيقة العقد الاجتماعي وإعداد نظام انتخابي.

وبتاريخ 02/12/2013 توجه حزب الاتحاد نحو تنفيذ الخطوة الثانية من تنفيذ مشروع "الإدارة الذاتية الديمقراطية" عبر عقد هيئة متابعة إنجاز مشروع الإدارة اجتماعها لمناقشة ما تم إنجازه من قبل لجنة إعداد وثائق الإدارة، وتقرر في الاجتماع:

  1. أن تقوم كل مقاطعة من المقاطعات الثلاث "الجزيرة، كوباني، عفرين" بتشكيل إداراتها الذاتية بشكل مستقل دون تشكيل إدارة مشتركة للمقاطعات الثلاث.
  2. دمج المجلسين؛ المجلس العام التأسيسي وهيئة متابعة إنجاز مشروع الإدارة؛ تحت مسمى "المجلس التشريعي المؤقت".
  3. اعتبار اللجنة المصغرة المنبثقة من هيئة إنجاز المشروع "هيئة إعداد مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية".
  4. تسمية الإدارات في المقاطعات الثلاث (الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة الجزيرة؛ الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة كوباني؛ الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة عفرين).

كما أكد المجتمعون أنه: "بإمكان الشخصيات والتنظيمات الأخرى الانضمام إلى المجلس بعد موافقة المجلس العام على الانضمام([59])".

هولير2: اتفاقٌ نسفه إعلان "الإدارة الذاتية"

علق المجلس الوطني الكُردي عضويته في الهيئة الكُردية على إثر أحداث عامودا، وحدثت القطيعة الكاملة بين الطرفين نتيجة عدم وصولهم إلى صيغة تفاهم على محاصصة الإدارة الذاتية واستمرار الأجهزة الأمنية لحزب الاتحاد بالتضييق على أحزاب المجلس مع السير الانفرادي للحزب في تثبيت قواعد الإدارة الذاتية. ومع اقتراب موعد مؤتمر جنيف2 تم دعوة الأطراف الكُردية إلى مفاوضات جديدة في مدينة أربيل / هولير 17/12/2013 من قبل رئاسة إقليم كوردستان وبحضور ممثل رئاسة الإقليم (حميد دربندي)، وبمشاركة الوسيطين: النائبة الكُردية (ليلى زانا) ورئيس بلدية دياربكر (عثمان بايدمير) من تركيا([60]). استمرت المفاوضات لما يقارب أسبوعين([61])، ودارت بشكلٍ رئيسي حول إمكانية تشكيل وفدٍ موحد ومستقل لتمثيل الكُرد في جنيف2، أو تمثيل أي طرف يحضر جنيف للطرف الغائب أيضاً، وكان من أهم بنودها ما يلي:

  1. المشاركة في جنيف2 برؤية مشتركة.
  2. وقف الحرب الإعلامية المتبادلة، وتشكيل لجنة لحماية حقوق مختلف الأشخاص والجماعات.
  3. تشكيل لجنة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين لدى الـ PYD، ولجنة للتحقيق في أحداث عامودا وعفرين وكوباني وتل غزال.
  4. لم يتم الاتفاق على نقاط ومنها: تفعيل اتفاقية هولير واللجان التابعة لها، ومشروع الإدارة الذاتية المؤقتة([62]).

لم تتناول الاتفاقية الجوانب المالية والاحتكار السياسي والعسكري والأمني الحاصل في المناطق الكُردية، في ظل ازدياد الاستحواذ الحزبي من قبل حزب الاتحاد على كل شيء لادعائهم بأنهم "الأجدر على قيادة المناطق الكردية" والشعب الكردي".

ولم تدم الاتفاقية إلا شهراً واحداً مع إعلان مجلس الشعب في غربي كردستان للإدارة الذاتية في 21/01/2014 من طرف واحد، وذلك قبل يوم واحد من انعقاد جنيف2. وغاب حزب الاتحاد عن جنيف2 في ظل غياب توافق أمريكي روسي بخصوص التمثيل الكُردي في جنيف2، فقد كانت واشنطن إلى جانب حضور الكًرد ضمن وفد المعارضة كون المجلس قد انضم إلى الائتلاف، إلى جانب وجود اعتراض تركي على تواجد حزب الاتحاد الديمقراطي ذراع حزب العمال الكُردستاني ضمن المحافل الدولية. بينما دفعت روسيا باتجاه قبول حزب الاتحاد ومجلس الشعب في غربي كردستان كأحد الأطراف ضمن جنيف2 كممثلٍ للكُرد، بهدف إحداث ضغط على تركيا والولايات المتحدة.

مع انعقاد مؤتمر جنيف وإعلان الإدارة الذاتية من طرفٍ واحد؛ أصدر المجلس الوطني الكُردي بياناً بتاريخ 22/02/2014، أوضح فيه بأن "تجزئة كردستان سورية إلى كانتونات ستؤدي إلى تقسيم كردستان أرضاً وشعباً وسيعد خطراً استراتيجياً لا يحق لأي طرف سياسي فرضه"، كما اعترض المجلس الوطني على موقف "مجلس الشعب في غربي كردستان من مؤتمر جنيف2، ومن تجاهل دعوة المجلس الوطني لتشكيل هيئة استشارية لتجاوز الاعتراضات حول تواجد حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، مؤكداً أن " الإدارة المعلنة بشكل غير شرعي لا تمثله ولا تمثل توجهه في العمل المشترك ".

2014-2015: اتفاق أخير وقطيعة جديدة

 اتسم نهاية العام 2014 بتحول في طبيعة الصراع في سورية، فقوات النظام باتت تخسر العديد من الأراضي والمناطق الحيوية، كسيطرة " تنظيم الدولة" على مطار الطبقة العسكري، واللواء 93 في الرقة، وتوسعها في دير الزور والقضاء على سيطرة المعارضة فيها، بينما كانت المعارضة تقوم بتثبيت نقاطها في المدن الرئيسية كحلب وريف دمشق وحمص، أما على الجبهة الشمالية، فاستطاع " تنظيم الدولة" أن يسيطر على كافة الأراضي التي كانت واقعةً في يد المعارضة أو "جبهة النصرة"، ولتبدأ معركتها على مدينة كوباني، وخلال فترة قصيرة استطاع التنظيم الوصول إلى المدينة والسيطرة على معظمها آواخر 2014.

 وفي 26/08/ 2014 بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بإجراء طلعات استطلاع جوية على سورية، وبدأت بقصف التنظيم في المدينة كما قامت بإنزال أول شحنة للمقاتلين في المدينة في 20/10/2014؛ بالإضافة إلى إجراء عدة عمليات من قبل قوات التحالف المساندة لوحدات حماية الشعب، وإنشاء غرفة بركان الفرات آنذاك. وفي هذا السياق حدثت اتفاقية دهوك في 22/10/2014، إلا أنها كسابقاتها لم تستمر بعد سير العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة بسلاسة وحصول وحدات حماية الشعب على دعم عالمي لمقاومة التنظيم.

اتفاقية دهوك: آخر المحاولات

كمعظم الاتفاقيات التي حصلت بين الطرفين الكُرديين نتيجة وجود خطر خارجي داهم أو حركة في الملف السياسي السوري، أتت اتفاقية دهوك من حيث الأسباب الدافعة، فالاجتماعات التي امتدت ما بين 14-22/10/ 2014، جاءت مع سيطرة داعش على ثلث مدينة كوباني في09/10/2014، بعد قرابة شهر من المعارك للسيطرة على المدينة([63])، وجاء الاجتماع بضغط من قبل الإدارة الأمريكية ومسعود البارزاني رئيس إقليم كُردستان آنذاك، لفتح الطريق أمام مساعدة كوباني، وتم وضع شرط الوصول إلى اتفاق للحصول على الدعم من قبل الطرف الأمريكي([64])، وبالتوازي مع المفاوضات الجارية بين الطرفين الكُرديين كان " صالح مسلم" رئيس حزب PYD السابق قد التقى الموفد الأميركي الخاص إلى سورية دانيال روبنشتاين في باريس بتاريخ 12/10/2014، لبحث "تفعيل التنسيق العسكري بين وحدات حماية الشعب الكردي والتحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب، إضافة إلى إيصال إمدادات السلاح للمقاتلين الكُرد في كوباني"([65]).

بتاريخ 20/10/2014، ألقت الولايات المتحدة أول شحنة من الأسلحة للمقاتلين في مدينة كوباني([66])، ومع بدء الإمداد بالأسلحة من الجو بدأت قوات من بيشمركة إقليم كُردستان أيضاً بالدخول إلى تركيا في 29/10 ووصلت طلائعها المدينة في 31/10/2014.([67]) وفي هذه الأثناء كان اجتماع دهوك قائماً ودافعاً باتجاه توحيد الصف لمواجهة "تنظيم الدولة".

وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على ما يلي:

  1. تشكيل "المرجعية السياسية الكُردية" على أن تكون النسب 40% للمجلس الكُردي و 40% لحركة المجتمع الديمقراطي و 20% للأحزاب و القوى التي تعمل خارج المجلسين.
  2. مهمة هذه المرجعية هي رسم الاستراتيجيات العامة وتجسيد الموقف الموحد.
  3. تشكيل شراكة فعلية في الهيئات التابعة للإدارة الذاتية.
  4. التوجه نحو التوحد السياسي والإداري ومشاركة المكونات الأخرى.
  5. العمل على التوحد في واجب الدفاع عن "روج آفا"، عبر انضمام المجلس الوطني الكُردي للإدارة الذاتية بعد تعديلها وتغيير أسماء الكانتونات إلى محافظات، مع دمج الثلاثة في إدارة واحدة وتعديل بنود العقد الاجتماعي.

كما تم الاتفاق على أن يكون في المرجعية 30 شخصاً 12 من حركة المجتمع الديمقراطي و12 من المجلس الوطني الكردي و8 من القوى السياسية خارج الإطارين المذكورين، وتألفت اتفاقية دهوك من ثلاثة بنود أساسيّة وهي:

الأوّل: " المرجعية السياسية الكردية": تشكيل مرجعيّة سياسيّة من إطارين، حركة المجتمع الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي، ومن أحزاب وفعاليّات اجتماعيّة خارج الإطارين من جهة أخرى.

الثاني: " الإدارة الذاتية الديمقراطية": كيفيّة انضمام أحزاب المجلس إلى الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة بعد تشكيل لجنة مشتركة من المرجعيّة لإجراء حوارات مكثّفة مع الإدارة القائمة حول بعض التغييرات في العقد الاجتماعي ووثائق الإدارة، بحيث تتحقق الشراكة الفعلية فيها وفي الهيئات التابعة لها وتطوير الشكل الراهن لإدارة المناطق الكردية نحو توحيدها سياسياً وإدارياً والعمل من أجل توثيق تمثيل مختلف المكونات الأخرى فيها.

الثالث: "الحماية والدفاع": إيجاد آليات يتم من خلالها – في حال وجود وحدات عسكريّة تابعة للمجلس- أن تقوم بواجبها في الدفاع عن "روج آفا"، من خلال لجنة مشتركة منبثقة من المرجعيّة الكرديّة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه من غير الممكن أن تكون هناك أكثر من قوّة عسكريّة في "روج آفا"، بل قوّة عسكرية واحدة تابعة للإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة([68]).

يُظهر اتفاق دهوك لأول مرة في جزئه الخاص بالإدارة الذاتية توافقاً بين الطرفين على أنها: "جاءت كحاجة موضوعية لإدارة تلك المناطق". والتزمت الاتفاقية بإجراء مجموعة من التعديلات على شكلها ووثائقها، وفيما يخص وحدات حماية الشعب "YPG" فقد حملت الاتفاقية أول قبولاً كاملاً لها من قبل المجلس الوطني الكُردي، باعتبارها القوة المدافعة عن "روج آفا كردستان". وستعمل المرجعية وفق الاتفاق على العمل للتباحث مع قيادة الوحدات لإيجاد سبيل يفسح المجال أمام القوات التابعة للمجلس الوطني الكُردي (بيشمركة روج) للعودة إلى المنطقة والمشاركة في الدفاع عنها، وهو أول اعتراف من قبل المجلس بسيادة وحدات حماية الشعب العسكرية، التي كانت تُعد سابقاً قواتً حزبية وفق أدبيات المجلس. كما حمل الاتفاق لأول مرة المطالبة بالدعم من قبل "القوى الكُردستانية"، وهي حكومة إقليم كُردستان، ومنظومة المجتمع الكُردستاني (المنظومة العليا لحزب العمال الكُردستاني)، وقد كان المجلس يتجنب سابقاً ذكر أطراف من المنظومة المُقادة من قبل حزب العمال.

القطيعة مجدداً

بدأت المشاكل تحدث بين الطرفين مع بدء وصول الدعم لمدينة كوباني بشكل مباشر والذي خفف من الضغط الحاصل على حركة المجتمع الديمقراطي، وكانت البداية في 11/12/2014، عندما تم الاتفاق على أسماء 24 شخصاً من أصل 30، ليظهر لاحقاً أن هناك ثلاثة أحزاب من المجلس الوطني الكُردي قد صوتت لصالح " الأحزاب الواجب انضمامها من خارج الإطارين"، لتصبح نسبة الغالبية في المرجعية 21 صوت فعلي لصالح حركة المجتمع الديمقراطي ضد 9 أصوات لصالح المجلس الوطني الكُردي. والأحزاب التي صوتت لصالح المرشحين المقربين من حركة المجتمع الديمقراطي كانت: الوفاق االكوردي السوري _ فوزي شنكالي، الحزب الديمقراطي الكوردي في سورية _ نصر الدين إبراهيم، حزب الوحدة الديمقراطي الكوردي في سوريا يكيتي _مصطفى مشايخ.([69])

على إثر ذلك؛ دعت مجموع أحزاب المجلس لاجتماع لقيادة المجلس، وفيه تم الاتفاق على تشكيل لجنة قانونية للتدقيق في أوراق التصويت والتحقيق مع ممثلي المجلس الوطني الكُردي في المرجعية. وخلصت اللجنة في 24/12/2014 إلى قيام تلك الأحزاب بالتصويت لصالح TEV-DEM، وتم رفع العضوية ضمن المجلس الوطني الكُردي عنها، وتم الاتفاق لاحقاً على رفع عدد مقاعد المرجعية إلى 36 مقعد، واحتساب الأحزاب المصوتة لصالح TEV-DEM جزءً من حصة الأخيرة.

بالتوازي مع إشكالية تصويت أحزاب في المجلس الوطني الكُردي لصالح حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM، وPYD، شهد المجلس نقاشاتٍ عدة حول كيفية احتساب عدد مقاعد الحزب الديمقراطي الكًردستاني-سورية، بعد أن شهد عملية توحد لأربعة أحزاب. ولمعالجة المشكلة اجتمع المجلس بتاريخ 05/12/2014 مع أحزاب الاتحاد السياسي([70])، وتم التباحث حول ما إذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني-سورية سيمثل بأربعة مقاعد في المرجعية السياسية الكردية أم بمقعد واحد. وبالرغم من أن المجلس كان قد حسم موقفه بمباركة التوحيد مع احتفاظ الحزب الجديد بـ  4 مقاعد، إلا أنه دخل في سجالات حزبية طويلة، أفضت إلى ذات الخاتمة المتفق عليها سابقاً، كون الأحزاب الأربعة كانت أحزاباً أصيلة وكاملة العضوية في المجلس، وقيام المجلس بمباركة هذه الخطوة وحثهم على التوحد. وتم الاتفاق على أن يحتفظ الحزب الموحد الجديد بمقاعد الأحزاب الأربعة والاستمرار بإشغال مقاعدها في كافة مؤسسات ولجان المجلس لحين انعقاد المؤتمر الثالث.

من جهتها كانت حركة المجتمع الديمقراطي تسير دون توقف في خطوات تثبيت إدارتها وسيطرتها بالرغم من عدم تنفيذ بنود الاتفاقية، ومنها قيام الإدارة الذاتية بفرض التجنيد الإجباري 01/11/2014، وانتخابات البلديات في 13/03/2015([71])، واعتبر إقليم كوردستان أن انتخابات مجالس البلديات في "مقاطعة الجزيرة بكوردستان سوريا" تتعارض مع مضمون اتفاقية دهوك المبرمة بين المجلس الوطني الكوردي وحركة المجتمع الديمقراطي، واصفاً إياها بـ "الخطوة المتفردة"، ومشيراً إلى أنها "غير قابلة للقبول".

وبإجراء الانتخابات وفرض التجنيد الإجباري، انتهت اتفاقية دهوك أيضاً، ولتأتي خطوة المجلس الوطني الكُردي؛ بتبني "قوات بيشمركة روج كردستان” في 01/07/2015([72])؛ متأخرةً جداً، دون أن تتكمن من تقوية أوراق المجلس في التفاوض.

نتائج لا تزال ثابتة

إن اختلاف سياقات التشكل في المجلسين واختلاف الرؤى والغايات السياسية؛ ساهم في تزايد الهوة السياسية والتعقيد في خارطة الحلفاء؛ فعلى الرغم من اشتراكهما في تبني "مطالب كُردية" تتمثل برفع المظلوميات و"تثبيت الحقوق القومية" إلا أن ذلك لم يكن إلا عنواناً دعائياً تغيرت بعده الأطروحات والمشاريع السياسية؛ ولاتزال ذات الأسباب حاضرة ودافعة في جعل أي جهود تنسيقية عديمة الجدوى.

كما دفع التخندق السياسي من جهة ورغبة حزب الاتحاد الديمقراطي في تطبيق مشروعه السياسي الأيديولوجي " الأمة الديمقراطية"، إلى تعميق الهوة بين الطرفين، وترسخ هذا الانقسام مع تشكيل حزب الاتحاد لـ "مجلس الشعب في غربي كردستان"، ليكون بالدرجة الأولى منافس المجلس الوطني الكُردي على تمثيل الشعب، ومظلةً تجمع أحزابه ضمن مشروع " الإدارة الذاتية" بالدرجة الثانية. وهو ما نجح حزب الاتحاد الديمقراطي فيه مع منتصف عام 2012 عبر جعل نفسه الطرف الثاني من المعادلة الكُردية بالتوازي مع تحضيره للسيطرة على المدن الكُردية بسكانها وحراكها السياسي عبر دفع باكورة تنظيماته المسلحة للظهور في المظاهرات والبدء بتشكيل "دوريات رسمية".

إن التحول الحاصل في طبيعة حزب الاتحاد الديمقراطي بشكل خاص من حزب سياسي إلى "سلطة أمر واقع" قد ألقى بتأثيره على الواقع السياسي، فالمجلس الوطني الكُردي خسر زمام المبادرة، مع تثبيت حزب الاتحاد لسلطته مستغلاً كافة الأدوات –منها العنفية-، وبالتالي تحولت طبيعة المفاوضات من الوصول إلى صيغة توافقية إلى تهدف لتقاسم المناصب في " الحكم الذاتي" المُراد تطبيقه، وهذا ما يتوضح من بنود "وثيقة هولير" أو ما عُرفت لاحقاً بـ "هولير1"، والتي أشارت في بنودها إلى مهامها في رسم السياسة العامة وقيادة الحراك الكُردي، وتشكيل لجان تخصصية لمتابعة عملية إنشاء وتوحيد اللجان الأمنية والعسكرية والمدنية.

لقد دفعت التغييرات الحاصلة على الأرض نتيجة اشتداد قبضة حزب الاتحاد الديمقراطي على كافة مفاصل الحراك المجتمعي في المدن الكُردية، إلى تغير في طبيعة المفاوضات، لتتحول من غاية الوصول إلى توافق حول صيغة تشاركية لإدارة المنطقة إلى أداة استثمار سياسي وتكتيكي من قبلPYD ، للوصول إلى هدف آخر عبر إعلان الاتفاق. فاتفاقية هولير1 والتي نتج عنها إعلان " الهيئة الكردية العليا" سمحت للحزب باستخدام اسم الهيئة في تثبيت واقعه السياسي، وقمع منافسيه، ومنح "المشروعية السياسية" لتشكيلاته العسكرية، وهي كانت هادفة في الأساس لتشكيل إدارة مشتركة والاتفاق على وفد مشارك يمثل الكُرد في التحضيرات التي سبقت وتبعت التحضيرات لإعلان " وثيقة جنيف"، بينما كان " جنيف 2" الدافع الرئيسي للتوجه إلى التفاوض مرة أخرى والوصول إلى " هولير2- 12/2013"، والاتفاقية الأخيرة لم تدم سوى شهر واحد بعد فشل تحقيق أول بند فيها " المشاركة في جنيف2 برؤية مشتركة"، وإعلان مجلس الشعب في غربي كردستان للإدارة الذاتية في 21/01/2014 من طرفٍ واحد، وذلك قبل يوم واحد فقط من انعقاد جنيف2، مع تأكد عدم حضوره.

ساهم عدم الاتساق الوظيفي والسياسي في جعل أي اتفاق يحمل عوامل عطالته، كعدم قدرة المجلس الوطني الكُردي تجاوز حالة التشتت الحزبي ضمنه، وتأخره كثيراً في تشكيل لجانه، وترشيح شخصيات حزبية لتمثيل الأحزاب في اللجان المشتركة مع حزب الاتحاد الديمقراطي، والأخير من جهته كان يستغل تلكؤ أحزاب المجلس كسلاح ضدها شعبياً وتنظيمياً (ضمن الهيئة الكردية العليا)، كما أن PYD قد أتاح المجال لقواته الأمنية محاصرة المجلس وأحزابه وشخصياته، وتعرض الكثير منهم للتهجير والضرب والنفي ووضع اليد على الأملاك الخاصة.

يمارس حزب الاتحاد الديمقراطي كافة أنواع الضغط مضافاً لها تلك "التهم المعادية للأمة" وهو ما لم يكن سابقاً؛ وهذا يعد مؤشراً واضحاً لاستمرار تعميق الهوة، كالتشهير بأعضاء المجلس أحزاباً وشخصيات على أنهم ضد "القضية الكُردية"، ومعادون لإنجازات " الإدارة الذاتية"، ولاحقاً أعداءً "لفلسفة الأمة الديمقراطية". وعموماً لم تكن الخلافات الأيديولوجية خلال المفاوضات وبعد الوصول للاتفاقات هي العائق أمام تطبيق بنودها؛ على الأقل من جهة المجلس الوطني الكُردي؛ في حين يفرض حزب الاتحاد الديمقراطي بشكل دائم مفاهيمه السياسية بشكل مباشر على كافة الأطر المُتفق عليها أثناء تنفيذ الخطوات العملية، والتي كانت سبباً هاماً في إنهاء هذه الاتفاقات.

خاتمة

شكلت الخلافات التنظيمية على مر تاريخ الحركة الكُردية في سورية السبب الأهم في حدوث الانشقاقات المتعددة للأحزاب الكُردية. ومع انطلاق الثورة في بداية عام 2011، لم تستطع الأحزاب التي قادت تاريخ الانشقاق الكُردي إلا أن تعيق تنفيذ ما توصلت إليه في كل اتفاق. وقد رافق هذه الطبيعة التشتتية لدى الأحزاب الكُردية تطور مستمر في الأحداث السورية بصورة تستدعي السرعة في تنفيذ المشاريع، وهو ما أثرَّ على حدوث توافق مستدام. يُضاف لما سبق الارتباطات الإقليمية للأحزاب الكُردية، وبشكلٍ أساسي ارتباط حزب الاتحاد الديمقراطي بحزب العمال الكُردستاني، حيث كان الأخير يرى دوماً أن تحقيق أي إنجاز محلي في مناطق سيطرة "فرعه السوري"، ستقوم بخدمة ملفه الإقليمي، وعلى الجهة الأخرى تمسكت أحزاب المجلس الوطني الكُردي بشعار " نهج البارزاني".

أمام هذه الخطوط العريضة لأسباب عدم اتفاق المجلسين، بينت الورقة أن الاختلاف الكُردي السوري البيني لم يكن لأسباب أيديولوجية في حقيقته، بالرغم من كون الأيديولوجية أحد أهم أعمدة الخلاف، إلا أن مجمل بنود الاتفاقيات التي حصلت بين المجلسين كانت "سياسية " تتمحور حول كيفية تقاسم السلطة وكيفية توزيع المناصب.

يمكن حصر المواضيع التي أدت إلى إنهاء كل صيغ الحوار بين الطرفين بعدة نقاط؛ أهمها رفض حزب الاتحاد الذي شكل وحدات حماية الشعب وجود أي قوة عسكرية أخرى في مناطق شمال سورية، وفتح الباب للبقية للانضمام لها على ما هي عليه. وهذا ما لا يمكن قبوله نظراً للخلافات الأيديولوجية ولضعف أحزاب المجلس في الموضوع العسكري، وكانت نقطة تعنت من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي خصوصاً ما يتعلق باسم الوحدات وقيادتها. كما أن الخلافات التنظيمية داخل المجلس الوطني الكُردي كانت سبباً معوقاً هاماً في السير ببنود الاتفاقات وتطبيقها فالمجلس كان مشكلاً من عدد كبير من الأحزاب والتنسيقيات المختلفة فكراً وتوجهاً، والعديد من الأحزاب ضمن المجلس لا تمتلك الكادر الذي يغطي هيكلية التنظيم في بضعة مدن وأحياناً في مدينة واحدة. وأثرَّ على هذه الهياكل الحزبية أيضاً العصبية الحزبية والمزاحمة الشخصية على الحصص، في حين أن مجلس الشعب في غربي كردستان كان متناسقاً أكثر ومتفقاً على مطالبه.

 هذا الواقع الهش لأحزاب المجلس كان يقابله حركية مستمرة وقوية وقدرة متقدمة في تحشيد الأنصار من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي وتنظيماته، وفي حين أن هذه الحركية كانت إيجابية من الناحية النظرية إلا أنها كانت سلبية من ناحية قيام حزب الاتحاد الديمقراطي بحرق الخطوات اتجاه تثبيت مشروعه بشكلٍ أحادي بالإضافة لأحزاب أخرى تفتقر للقاعدة الشعبية.

كما أن تدخل القوى الكُردية الإقليمية أثرَّ على فاعلية أي اتفاق بين الطرفين، فحزب الاتحاد الديمقراطي قام ببناء أسس الإدارة الذاتية على خبرة وعناصر حزب العمال الكُردستاني، وسلك درب الذراع المحلي " لفكر وفلسفة أوجلان"، مقابل تضخيم المجلس الوطني الكُردي نفسه عبر علاقته بإقليم كُردستان وبأربيل خصوصاً، وفي حين تميز المجلس بمرونة أيديولوجية، إلا أن حزب الاتحاد لم يقبل أن يتنازل عن " مبادئ أوجلان" حول الإدارة الذاتية الديمقراطية.

برز دور الخطر والمكاسب كثيراً في مفاوضات الطرفين، فالاتفاقات تزامنت دوماً إما مع قرب انعقاد مؤتمر جنيف، أو مع وجود خطر مهدد ذا صلة بالاتحاد الديمقراطي، وكان الأخير يدخل المفاوضات لكسب الحضور في مفاوضات جنيف. ومع انتهاء أي مؤتمر ومنع الاتحاد الديمقراطي من الحضور، غاب سبب الاتفاق الرئيسي بالنسبة له، ليبدئ بعملية الإعاقة والسير وحيداً في المشروع مرة أخرى، أما فيما يتعلق بالخطر فكان هجوم " تنظيم الدولة" على كوباني وتوجه واشنطن لمساعدة عنصر محلي "إشكالي" توجه حزب الاتحاد لقبول التوقيع على اتفاق "دهوك"، ليضمن مكسب دعم التحالف، وليعود عن الاتفاق بمجرد تحوله لشريك التحالف في محاربة التنظيم، وليأخذ موقفاً أكثر تعنتاً وفوقية من أي مشروع اتفاق. وهذا التعنت ظهر جلياً خلال مجمل سنوات الصراع في سورية وعمليات التفاوض بين الطرفين، من قيام حزب الاتحاد بجعل الاستهزاء من حالة المجلس الوطني الكُردي التنظيمية مهمةً إعلامية بالنسبة له.

فيما يخص تشتت المجلس الوطني الكُردي فيمكن إرجاعه إلى طبيعة أحزابه، في حين أن النصيب الأكبر من فشل المجلس تمثل في القيام بحركية سياسية كانت نتيجة القمع المستمر والمكثف من قبل أذرع حزب الاتحاد العسكرية والأمنية للمجلس وأنصاره، وهو ما أدى إلى انكفاء الأحزاب على نفسها. وفي ظل هذا الواقع كان المجلس يتوقع الفشل لمشروع الإدارة الذاتية، رابطاً مصيرها بمصير النظام. ووفقاً لقراءات تلك المرحلة كان المجلس الوطني الكُردي يتوقع توجيه الولايات المتحدة؛ ولاحقاً التحالف الدولي؛ ضربات للنظام تؤدي إلى إسقاطه، لذا اختار المجلس خيار السير مع الائتلاف الوطني للمعارضة السورية، التي كانت أقرب إلى توجهاته المعارضة للنظام بشكلٍ كلي.

مثلت المعابر والنفط واقتصاد المنطقة ومواردها عاملاً آخراً لعدم الاتفاق، فقد احتكر حزب الاتحاد الديمقراطي عبر أذرعه العسكرية المعبر الرئيسي مع إقليم كُردستان العراق (معبر سيمالكا)، وبقية المعابر مع مناطق المعارضة والنظام، وحتى نقاط التهريب على الحدود السورية التركية والسورية العراقية، كما التزم الحزب أسلوب "السرية والاحتكار الكامل" في موضوع النفط، ولايزال الملف حتى الوقت الحاضر محاطاً بالسرية الكاملة من قبل الحزب من ناحية الإنتاج والعائدات التي يدرها النفط عليه. إلى جانب احتكار الموارد الاقتصادية، قام حزب الاتحاد باحتكار المساعدات الإنسانية القادمة للمنطقة وجعل عملية توزيع معظمها تتم عبر أذرعه فقط.

عموماً وفي ظل الأوضاع الراهنة لمنطقة شرق الفرات، والحديث حول إمكانية حدوث اتفاق بين الطرفين، نرى صعوبة تحقق ذلك إلا إذا تم فرضه من قبل أطراف إقليمية ودولية (واشنطن بشكلٍ خاص). فخلال كافة المراحل التي سبقت وأعقبت الاتفاقات كان من الواضح قيام حزب الاتحاد الديمقراطي بالاستغلال المرحلي لها، كما أن المجلس الوطني الكُردي بشخصيته الاعتبارية وبشخصية أحزابه لم يعد قادراً على حمل أعباء أية إدارات أو قوى عسكرية، كونه سيعاني من نفس المشاكل التنظيمية ما لم يقم بعملية تعتمد على التمثيل النسبي وفقاً لعدد الأعضاء المناصرين وكذلك وفقاً لأماكن تواجد الحزب وقوته التنظيمية.


([1]) تم تغييب فاعلية طرفين أساسيين، الأول الشباب الكُردي والثاني بقية مكونات المنطقة([1])، التيار الشبابي الكُردي تلقى ضربات عنيفة من قبل تنظيمات " حركة المجتمع الديمقراطي" كنشر الفوضى في المظاهرات، وتغيير الشعارات، وأسماء مظاهرات الجمعة، والاعتداء المباشر على النشطاء ضمن التنسيقيات، بطرق أدت لإفشالها نتيجة التهديدات ونتيجة طول أمد الصراع الذي لم تكن التنظيمات الشبابية أهلاً لطرح رؤية سياسية تواجه ما يتم طرحه من قبل المجلسين، وبنهاية العام 2012 كان الشارع الكُردي منقسماً بحدة وكانت مدينة القامشلي أكثر مكان توضحت فيه هذه الخلافات نتيجة عدم قدرة حزب الاتحاد الديمقراطي/ حركة المجتمع الديمقراطي السيطرة على المدينة الأكبر إلى الآن من حجمهم التنظيمي، حيث شهدت المدينة ثلاثة تيارات: التيار الأول تمثل بمظاهرة "شارع منير حبيب" ويقوم بتنظيمها المجلس الوطني الكُردي، التيار الثاني وتمثل بمظاهرة حزب الاتحاد الديمقراطي ومناصريه في المكان المعتاد لتظاهرة يوم الجمعة "جامع قاسمو" بعد سيطرة حزب الاتحاد على الشارع، والتيار الثالث المتمثل بمظاهرة الكورنيش ويشارك فيها "تيار المستقبل الكردي في سورية (ريزان شيخموس وتُلقب أحياناً بمظاهرة أنصار الجيش الحر)، ومجموعات شبابية أخرى.

([2]) وهي مجموع الأحزاب التي وقعت على البيان الأول للمبادرة وشملت كل من: 1- الحزب الديمقراطي الكُردي في سورية - البارتي ( سعود الملا)، 2-الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية ( حميد حج درويش)، 3_ حزب يكيتي الكردي في سورية ( فؤاد عليكو، وتم تغيير اسم الحزب في 23/12/2018 إلى حزب يكيتي الكردستاني – سورية)، 4- الحزب اليساري الكردي في سورية – (محمد موسى)، 5- الحزب الديمقراطي الوطني الكردي في سورية (طاهر صفوك)، 6- حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، 7- حزب آزادي الكردي في سورية ( بشار أمين)، 8- حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سورية –يكيتي ( محي الدين شيخ آلي)، 9- الحزب الديمقراطي الكردي في سورية- لبارتي (نصرالدين إبراهيم)، 9- البارتي الديمقراطي الكردي ( عبد الرحمن آلوجي)، 10- الحزب الديمقراطي الكردي السوري (جمال شيخ باقي)، 11_ حزب المساواة الديمقراطي الكردي في سورية ( نعمت داوود)

([3]) بيانات: بلاغ صادر عن اجتماع أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 08/04/2011، الرابط: https://goo.gl/a51DhS

([4]) مبادرة أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية الجزء 1، الموقع: يوتيوب الحزب التقدمي، التاريخ: 14/05/2011، الرابط: https://goo.gl/xQsTp3، وكانت أحزاب “الحركة الوطنية الكردية” قد اصدرت قبل اطلاقها لمبادرتها بياناً هددت من خلاله “بالمشاركة في الاحتجاجات إن لم تتوقف الأجهزة الأمنية عن الأعمال الاستفزازية بحق المجموعات الشبابية، ويمكن العودة للخبر: الموقع ولاتي مه، التاريخ: 24/04/2011، الرابط: https://goo.gl/zhX47H

([5]) الأحزاب الكردية في سورية تطرح مبادرة لحل الأزمة السورية، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 14/05/2011، الموقع: https://goo.gl/xygPaQ

([6]) أكراد سورية ما بين النظام والسلطة، الموقع: بيروت أوبزرفر، التاريخ: 06/06/2012، الرابط: https://goo.gl/uEVkjC

([7]) بلاغ أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية، الموقع: المدينة الإخبارية، التاريخ: 20/05/2011، الرابط: https://goo.gl/AH5rKF

([8]) بيانات: أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية وافقت على مبادرة اللقاء مع رئيس الجمهورية و أنها لا تزال تتطلع إلى توفر ظروف أكثر ملاءمة لمثل هذا اللقاء، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 08/06/2011، الرابط: https://goo.gl/rWuZkQ، ولمزيدٍ من المعلومات حول الموضوع يمكن العودة إلى: ضغوطات الشارع حالت دون إتمام لقاء الأحزاب الكردية والأسد، الموقع: ايلاف، التاريخ: 09/06/2011، الرابط: https://goo.gl/qW55Ny، وعن اعتذار الحركة الكُردية عن الحضور إلى الرابط: لجنة التنسيق الكردية تعتذر عن تلبية دعوة اللقاء مع الرئيس السوري، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 07/06/2011، الرابط: https://goo.gl/rJaFJT

([9]) بيانات: بلاغ صادر عن اجتماع أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 14/07/2011، الرابط: https://goo.gl/NGvdzm، ويمكن العودة لآخر بيان للمبادرة قبل إعلان المجلس الوطني الكُردي عبر: بيان صادر عن أحزاب الحركة الوطنية الكردية، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 29/08/2011، الرابط: https://goo.gl/GyD3up

([10]) المصدر فؤاد عليكو، عضو المكتب السياسي لحزب يكيتي الكُردي وعضو الائتلاف سابقاً وأحد شهود العيان والمنخرطين ضمن اتفاقيات المجلسين.

([11]) هام وعاجل. تم توقيع وثيقة تفاهم بين المجلس الوطني الكوردي والمجلس الشعب الكوردي، الموقع: صوت الكُرد، التاريخ: 19/01/2012، الرابط: https://goo.gl/WrgkG6

([12]) فيما يخص الوثيقة صرح وقتها " إبراهيم برو" سكرتير حزب يكيتي الكردي وعضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الكردي" آنذاك، بأن اللجنة تم تشكيلها للوصول إلى تفاهم بخصوص بعض " الإشكالات التي تحدث على أرض الواقع الا أن الاخوة في PYD أكدوا لنا أن أي اتفاق إذا لم يكن مع مجلس غربي كردستان لا يمكن الالتزام به بشكل كامل لإن مجلس غربي كردستان يضم PYD وجميع الهيئات والمجالس التابعة لها وحينها تم توقيع وثيقة تفاهم على بعض النقاط وأهمها تشكيل لجان في كافة المناطق بين المجلسين والتأكيد على نبذ العنف و الحفاظ على السلم الأهلي، لقاء مع إبراهيم برو، حول المجلس الوطني الكُردي، وممارسات ب ي د، الموقع: صفحة إبراهيم برو الشخصية على الفيس بوك، التاريخ: 14/06/2012، الرابط: https://goo.gl/AK41Hm

([13]) تقرير عن مؤتمر الجالية الكوردية السورية في الخارج المنعقد في جنوب كردستان- هولير، الكاتب: جواد الملا، الموقع: غرب كرُدستان، التاريخ: 29/01/2012، الرابط: https://goo.gl/sdwKBZ

([14]) حضر افتتاح المؤتمر رئيس الإقليم ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة وممثلي مختلف الأحزاب في الإقليم، وألقى البارزاني كلمة ركز فيها على " أن الوضع السوري مهم بالنسبة للإقليم، بحكم الجيرة ،... إننا لا نريد التدخل في أموركم، بل نريد أن نساعدكم، ونتيح لكم الفرصة، كي تتخذوا قراركم هنا في بلدكم وعاصمتكم بملء الحرية، سندعم أي قرار تتخذونه، وتوصياتنا لكم أن تكون قرارتكم بعيدة عن العنف، وتبني خيارات السلم والديمقراطية والحوار، في الحقيقة لا ندري ما الذي سيكون الوضع عليه في سورية، لكن كل المؤشرات توحي إلى أن التغيير قادم، إن شرطنا لدعمكم هو توحيد صفوفكم، أنتم وأحزابكم تحظون بكل الاحترام والتقدير، لكن الحزبية الضيقة تؤدي إلى إضاعة الفرصة عليكم".

([15]) PYD: كونفرانس هولير مخططٌ لترسيخ الانقسام الكردي بدلاً من توحيده، الموقع: عفرين نيوز، التاريخ: 01/02/2012، الرابط: https://goo.gl/Xvr7nD

([16]) صالح مسلم في لقاء مع وكالة فرات: كونفرانس هولير مخطط لترسيخ الانقسام الكردي، الموقع: عفرين نيوز، التاريخ: 02/02/2012، الرابط: https://goo.gl/JFeVJy

([17]) رئاسة اقليم كوردستان تعلن استمرارها في دعم كورد سورية للحصول على حقوقهم، الموقع: 31/01/2012، الرابط: https://goo.gl/ZtKWZr

([18]) توصيات البلاغ الختامي للمؤتمر: 1_دان المؤتمر انتهاج الحل الأمني واستخدام العنف المستخدم من قبل الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين العزل. 2_أشاد المؤتمر بالشباب الكرد والمرأة في هذه الثورة. 3_أكد على أهمية التسامح والتعايش بين الشعب الكردي والمكونات الأخرى المتعايشة معه. 4_يدعم المؤتمر قرارات وتوصيات المؤتمر الوطني الكردي في سورية المؤرخ 26/10/2011، المؤسس للمجلس الوطني الكُردي. 5_المؤتمر هو امتداد المؤتمر التأسيسي للمجلس الوطني الكُردي، ومخرجاته توصيات وليست بقرارات. 6_ سترفع التوصيات للهيئة التنفيذية للمجلس الوطني الكردي. 7_أهمية التواصل بين الداخل والخارج وإيجاد آليات تنظيمية لتمكين الجالية الكردية لدعم نضالات الشعب الكردي في سورية. 8_تقوية الخطاب السياسي والإعلامي الكردي في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد. 9_ تم نقاش: البديل السياسي في سورية، علاقة الكرد والمعارضة السورية، وعلاقتهم مع المكونات السورية. 10_يتم دعوة الجاليات الكُردية لتشكيل ممثلياتها.

([19]) بناءً على دعوة المؤتمر تم تشكيل ممثليات للمجلس في أوربا وتركيا والخليج:" تلبية للنداء الوطني والقومي، وتكريساً لتوصيات مؤتمر الجاليات الكردية الذي عقد مؤخراً في (هولير) عاصمة إقليم كردستان، عقد أبناء الجالية الكردية في المملكة العربية السعودية مؤتمراً موسعاً لاختيار أعضاء الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني الكردي في سورية (ممثلية السعودية)، وذلك يوم الخميس 23/2/2012، و قد ضمت ممثلين عن أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية، الى جانب ممثلين عن كافة الفعاليات الاجتماعية والثقافية المستقلة، وممثلين عن الحراك الشبابي، واختتم المؤتمر بتشكيل هيئة تنفيذية مكونة من 34 عضواً، و7 ممثلين عن باقي مناطق المملكة البيان الختامي لتأسيس المجلس الوطني الكوردي في سورية -ممثلية السعودية مع أسماء اللجنة التنفيذية، الموقع: دنيا الوطن، التاريخ: 25/02/2012، الرابط: https://goo.gl/hNZXMA.

([20]) البنى العسكرية والأمنية في مناطق الإدارة الذاتية، الموقع: مركز عمران للأبحاث، التاريخ: 31/10/2017، الرابط: https://goo.gl/8zcmGU

([21]) إعلان هولير بين المجلسين (المجلس الوطني الكوردي في سورية ومجلس الشعب لغربي كوردستان)، الموقع: دوخاتا، التاريخ: 11/07/2012، الرابط: https://goo.gl/q8JdFr، ويمكن العودة للرابط "التوقيع على بلاغ أربيل بين المجلس الوطني الكوردي السوري ومجلس شعب غرب كوردستان"، الموقع: حكومة إقليم كُردستان، التاريخ: 11/07/2012، الرابط: https://goo.gl/YFttbP

([22]) اتفاقية هولير بين مجلس غربي كوردستان والوطني الكوردي هل هناك مجال للتطبيق؟ الموقع: صفحة منظمة سري كانيه لحزب الوحدة الديمقراطي الكوردي في سورية – يكيتي، التاريخ: 17/09/2012، الرابط: https://goo.gl/9ZrVu5

([23]) الهيئة الكردية العليا تؤكد على سلمية الحراك الثوري في المناطق الكردية، الموقع: كوليلك، التاريخ: 24/07/2012، الرابط: https://goo.gl/xgp1QP،

([24]) تصريح سينم خليل عضو الهيئة الكردية العليا، الموقع: يوتيوب الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية، التاريخ: 24/07/2012، الرابط: https://goo.gl/qKLsYy

([25]) تصريح اسماعيل حمه عضو الهيئة الكردية العليا، : يوتيوب الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية، التاريخ: 24/07/2012، الرابط: https://goo.gl/CwGkmu

([26]) بنود الاجتماع الرسمي الأول: 1_ اعتبار الاجتماع قائماً إلى حين تشكيل كافة اللجان التابعة لها للبدء بأعمالها ورسم خطوط عملها بدءً من تاريخه. 2_ الهيئة الكردية العليا تقود كافة أنشطة وأعمال المجلسين وقراراتها ملزمة للجميع. 3_ يؤكد الاجتماع أن الهيئة الكردية العليا خطوة هامة تخدم وحدة الشعب السوري وأهداف ثورته في الحرية والكرامة. 4_ ضرورة حماية السلم الأهلي في مناطقنا وذلك بالتعاون مع الإخوة شركائنا من العرب والسريان والكلدو آشوريين وغيرهم، والتأكيد على أن المطالبة بالحقوق القومية لشعبنا الكردي لا تشكل أي خطر على وحدة بلادنا وتهديداً لإخوتنا شركائنا في الوطن. 5_ التأكيد على سلمية الحراك الثوري في المناطق الكردية ودرءً للمخاطر الناجمة عن نزعة التسلح العشوائي فإننا نرى من الضروري العمل على ضبط وتنظيم تلك القوى في إطار حضاري موحد منعاً للفوضى وبهدف توفير الحماية في المناطق وسلمها الأهلي. 6_ ثمن الاجتماع البيان الصادر عن وحدات الحماية الشعبية والقاضي بالتزامها بقرارات الهيئة الكردية العليا. 7_ بمناسبة هذا الإعلان فإننا ندعو جماهيرنا للتظاهر يوم الأحد المصادف 29/7/2012 تحت شعار (الهيئة الكردية العليا تمثلنا – Desteya Kurdî ya Bilind Nûnera Me Ye) وذلك باللغتين الكردية والعربية وفي مختلف المناطق الساعة 9 مساءً، بيان صادر عن اجتماع الهيئة الكردية العليا والمنبثقة عن مجلسي (مجلس الشعب لغرب كردستان والمجلس الوطني الكردي في سورية)، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 25/07/2012، الرابط: https://goo.gl/wV26MV

([27]) تبع الاجتماع الأول لتشكيل اللجنة عدة اجتماعات كان منها اجتماع في أواخر 06/2012 انتهى بجملة من البنود: أولاً_ عقد اجتماع تمهيدي، مشترك موسع وسريع لممثلي الطرفين في الداخل السوري. ثانياً_ العمل على إلغاء المظاهر المسلحة والمتمثلة بلجان الحماية الشعبية (Hêzên Parastina Gel) وتشكيل لجان حماية مشتركة غير مسلحة. ثالثاً_ تشكيل ثلاث لجان متخصصة مشتركة منبثقة عن الهيئة الكردية العليا مهمتها تولي كافة المهام في المناطق الكردية حسب اختصاص كل لجنة وعلى رأس تلك المهام متابعة العمل الميداني وتوحيده في تظاهرة واحدة في كافة المدن والبلدات. رابعاً_ العمل على إلغاء كافة الحملات الإعلامية بين المجلسين. خامساً_ إلغاء محاكم الصلح التابعة لمجلس غربي كردستان وتشكيل محاكم مشتركة منبثقة عن الهيئة الكردية العليا. سادساً_ مناصفة العمل بكافة صوره بين كلا الطرفين، المصدر: وثيقة هولير، بين المكتوب والمطلوب، الموقع: ولاتي مه، الكاتب: بافي روني، التاريخ: 25/07/2012، الرابط: https://goo.gl/k5jBFj

في شهر أيلول حدث اجتماعٌ آخر وصدر عنه مجموعة من القرارات: 1_ تقرر عدم المشاركة باسم الهيئة الكوردية العليا في مؤتمر الانقاذ الوطني والمزمع عقده في دمشق في12 /9/2012، 2_ اصدار بيان بشأن الهجرة المستفحلة من قبل الكورد الى خارج سورية والاشارة الى غرق المركبة المحملة بالمهاجرين والتي راح ضحيتها العشرات ومنهم العديد من الأكراد وذلك في السواحل التركية، 3_ يؤكد الاجتماع على ضرورة التواصل مع أكراد منطقة سلمى والقرى التابعة لها، 4_ فتح مقر رئيسي للهيئة الكوردية العليا في مدينة القامشلي وفي مدة اقصاها 15/9/2012 وكذلك مقرات فرعية في كل من عفرين وكوباني وديريك على أن تستكمل لاحقا في مراكز المدن الرئيسية في المناطق الكوردية، 5_ تشكيل غرفة عمليات رئيسية واخرى فرعية في مقرات الهيئة الكوردية العليا تنظم لهم دوام رسمي وبالتناوب خلال 24 ساعة وتأمين وسائل اتصال فيما بين الغرف وفي مدة اقصاها 15/9/2012، 6_ استكمال اللجان الفرعية التابعة للجنتي الخدمات والامنية وفق القرارات السابقة وفي تاريخ اقصاه 20/9/2012، 7_ إعداد لائحة داخلية لجميع اللجان (الامنية – الخدمية – العلاقات الخارجية والوطنية) وكذلك الهيئة الكوردية العليا في تاريخ أقصاه 20/9/2012 وتعميم ذلك على جميع اللجان، 8_ يوصي الاجتماع بالدعوة لاجتماع يضم الهيئة التنفيذية في المجلس الوطني الكوردي والمجلس الدائم في مجلس غرب كوردستان وذلك لمناقشة اقتراح تشكيل مجلس كوردي انتقالي من مهامه البحث في سبل توحيد المجلسين، 9_ لتنظيم الامور في مناطق الحدودية تقرر تشكيل: _ لجنة مدنية لإدارة المعابر الحدودية تعمل تحت اشراف الهيئة الكوردية العليا. _ لجنة الاشراف على حماية الحدود تعمل تحت اشراف اللجنة المتخصصة، _ كما تقرر تنظيم نقاط العبور مع اقليم كوردستان من خلال مركزين فقط ويتم ذلك بالتنسيق مع قيادة اقليم كوردستان على ان يتم ذلك في مدة اقصاه 1/10/2012، 10 – المتابعة في اعتماد رؤية سياسية مشتركة وموحدة لتحديد صيغة حقوق الشعب الكوردي في سورية، 11_تشكيل هيئة مستقلة تحت اسم (الهيئة الكُردية للمساعدات الانسانية) مهامها التواصل مع الدول والمنظمات الانسانية العالمية لتوفير المساعدات للمناطق الكوردية وفق مختلف المجالات (الغذائية – والصحية – والخدمية) وكذلك فتح حسابات مصرفية لها في بعض الدول، 12_ تشكيل لجنة الصلح والعدالة وفي جميع المناطق الكوردية من اختصاصيين قانونيين وشخصيات اجتماعية من ذوي السمعة الطيبة والخبرة في هذا المجال واعداد لائحة داخلية تحدد مهام وعمل هذه اللجنة وفي تاريخ أقصاه 15/10/2012 مع الموافقة على تشكيل هيئات أخرى عند الضرورة مستقبلا، المصدر: أهم القرارات التي تم الاتفاق عليها خلال الاجتماعات الأخيرة للهيئة في هولير عاصمة إقليم كردستان العراق، الموقع: منتدى كوباني كورد، التاريخ: 14/09/2012، الرابط: https://goo.gl/g9HJgu

بتاريخ 22/10/2012، توجه وفدٌ من الهيئة إلى أربيل مرة أخرى بعد انتهاء المحددة لتطبيق اتفاقية هولير، المصدر: افرين نيوز، التاريخ: 22/10/2012، الرابط: https://goo.gl/oteTSD

بتاريخ 14/11/2012 عُقد اجتماعٌ آخر وتضمنت اهم بنوده: 1 ـ توفير كل الدعم المادي والمعنوي اللازم لأهالي مدينة (رأس العين). 2 ـ الدعوة إلى تنفيذ القرارات السابق للهيئة الكردية العليا وفي القريب العاجل، وهي: آ ـ تشكيل اللجنة القيادية العسكرية المتخصصة. ب ـ تشكيل لجنة الصلح والعدالة. ج ـ تشكيل هيئة المساعدات الإنسانية د – عقد اجتماع عاجل للهيئة التنفيذية في المجلس الوطني الكردي والمجلس الدائم في مجلس الشعب لغربي كردستان. 3_ تفعيل اللجان التابعة للهيئة الكردية العليا وفي مختلف المناطق (الخدمية – والأمنية). 4 – دعوة اللجنتين (الخدمية–الأمنية) التابعة للهيئة الكردية العليا وذلك لاتخاذ التدابير الأمنية والخدمية اللازمة. 5 – الطلب من لجان هيئة السلم الأهلي في المناطق لاتخاذ التدابير اللازمة لتشكيل إدارة مشتركة لمختلف المناطق 6 – الدعوة إلى تظاهرات عامة في يوم الجمعة والمصادف 16/11/2012 لمساندة أهلنا في (رأس العين) والطلب من القوى العسكرية التابعة للجيش الحر وقوات النظام بالانسحاب من المدينة لوقف القصف والتدمير الحاصلين. 7 – اعتبار اجتماع الهيئة الكردية العليا مفتوحا لمتابعة تطورات الأمور وذلك في مقر الهيئة وكذلك الأمر لجميع اللجان الخدمية والأمنية، الهيئة الكردية العليا تعقد اجتماعها الاعتيادي وتناقش الأوضاع السياسية والميدانية، الموقع: دنيا الوطن، التاريخ: 15/11/2012، الرابط: https://goo.gl/aLqM1i

([28]) أخبار: الهيئة الكردية العليا تعقد اجتماعها في قاعة الدكتور نورالدين زازا وتشدد على الإسراع بتطبيق اتفاقية هولير، المصدر: ولاتي مه، التاريخ: 30/08/2012، الرابط: https://goo.gl/Ba5f5n

([29]) تشكيل اللجان الأمنية المشتركة للهيئة الكردية العليا في عفرين، الموقع: عفرين نيوز، التاريخ: 15/10/2012، الرابط: https://goo.gl/ms2FzG

([30]) بيان صادر من الهيئة الكردية العليا في هولير، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: التاريخ: 04/08/2012، الرابط: https://goo.gl/ThJaFu

([31]) حوارات: آلدار خليل: «هدفنا الأساسي هو ضمان حقوق الشعب الكردي»، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 14/08/2012، الرابط: https://goo.gl/btEJKY

([32]) ويضيف سعود أنهم: تناولوا أثناء لقائهم تصريحات الرئيس التركي حول الحدود، ونقلوا للوزير التركي أن حزب “ ب ي د نظيم كُردي سوري وليس صحيحاً ما تتوهمون به، ومن جهته الوزير التركي دافع عن وجهة نظره وأكد على محاربة الإرهاب ولكنهم مع حقوق الكُرد الثقافية والاجتماعية، وقال إنهم وضعوا الحلول للقضية الكردية في تركيا كفتح قنوات تلفزيونية والسماح بالتحدث باللغة الكردية والاحتفال بعيد نوروز، وقال إنهم طلبوا من النظام السوري أيضا لحل القضية الكردية لديهم، وللمزيد يمكن العودة إلى: قرير مفصل حول الندوة السياسية الجماهيرية التي عقدت للسيد سعود ملا عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في سورية (البارتي) في قامشلو، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 13/08/2012، الرابط: https://goo.gl/kTfUhJ

([33]) مقالات: عن الهيئة الكردية العليا!، الكاتب: زيور عمر، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 24/10/2012، الرابط: https://goo.gl/pJ3jnu

([34]) تقرير مفصل حول الندوة السياسية الجماهيرية التي عقدت للسيد سعود ملا عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في سورية (البارتي)، مصدر سابق.

([35]) أنظر المراجع التالية :

  • بيانات: بيــــــان إلى الرأي العام - الهيئة الكردية العليا، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 30/07/2012، الرابط: https://goo.gl/hwUNAD
  • مقابلة خاصة لوكالة بيامنير مع عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في ‏سورية (البارتي)‏ محمد إسماعيل حول المستجدات على الساحة السورية عامة والكردية بشكل خاص، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 11/08/2012، الرابط: https://goo.gl/Fp6e1b
  • حسن صالح في مظاهرة قامشلو: الهيئة الكردية العليا اتفقت على فتح معبر حدودي مشترك مع إقليم كوردستان، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 21/12/2012، الرابط: https://goo.gl/p3Qswb
  • أتباع ال(PYD) يهاجمون المظاهرات، المصدر: كورد ووتش، التاريخ: 10/11/2012، الرابط: https://goo.gl/meUBcX

([36]) رئيس مجلس غربي كردستان “عبدالسلام أحمد”: اتفقنا على تشكيل قوة عسكرية موحدة وفتح باب التجنيد للشباب الكردي، الموقع: وكالة عفرين، التاريخ: 23/11/2012، الرابط: https://goo.gl/2vrJED

([37]) بيانات: بيان صادر عن اجتماع الهيئة الكردية العليا والمنبثقة عن مجلسي (مجلس الشعب لغرب كردستان والمجلس الوطني الكردي في سورية)، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 25/07/2012، الرابط: https://goo.gl/5a1DkM

([38]) سقوط رأس العين بأيدي الثوار بعد اشتباكات عنيفة، الموقع: يوتيوب قناة الجزيرة، التاريخ: 09/11/2012، الرابط: https://goo.gl/NMUZE9، وحدات الحماية الكردية تسيطر بشكل شبه كامل على رأس العين، الموقع: زمان الوصل، التاريخ: 17/07/2013، الرابط: https://goo.gl/CUaHiF

([39]) حسن صالح في مظاهرة قامشلو: الهيئة الكردية العليا اتفقت على فتح معبر حدودي مشترك مع إقليم كوردستان، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 21/11/2012، الرابط: https://goo.gl/msRCo4

([40]) أكراد العراق يهبون لنجدة أكراد سورية، الموقع: سكاي نيوز، التاريخ: 27/12/2012، الرابط: https://goo.gl/xXGxFT

([41]) إقليم كردستان العراق يفتتح معبراً حدودياً مع سورية دون التنسيق مع سلطاتها، الموقع: الجمل، التاريخ غير مرفق، الرابط: https://goo.gl/e1pbsQ

([42]) خندق بطول 17 كلم عند حدود كردستان العراق وسورية، الموقع: العرب، التاريخ: 15/04/2014، الرابط: https://goo.gl/TsQRzH

([43]) فتح معبر “سيمالكا” يخفضّ الأسعار في الحسكة، الموقع: عنب بلدي، التاريخ: 14/06/2016، الرابط: https://goo.gl/xvccWH

([44]) إتاوات في مناطق "PYD" تحت اسم "ضرائب"، من قوت المواطنين إلى خزائن الحزب، الموقع: مراقب شمال سورية، التاريخ: 25/07/2017، الرابط: https://goo.gl/WgLF8k

([45])"حول مجزرة عامودا الثانية التي ارتكبتها ما يعرف بـ آسايش PYD"، المصدر: صفحة: عوائل شهداء نهج البرزاني في سورية، التاريخ: 21/06/2014، الرابط: https://goo.gl/L2ZL21

([46]) الوطني الكردي يحيي ذكرى “مجزرة عامودا”.. والوحدات تصفها بـ”محاولة إثارة للفتنة”، المصدر: موقع الحل، التاريخ: 28/06/2017، الرابط: https://goo.gl/M6qRVF

([47]) سيادة سيدا ثمنها الدماء، نظرة تحليلية لأحداث عامودا، الكاتب: محمد رشو، الموقع: الحوار المتمدن، التاريخ: 08/07/2013، الرابط: https://goo.gl/WTWTbp، ويمكن العودة لبيان المجلس الوطني الكُردي عبر: بيانات: المجلس الوطني الكردي في عامودا يندد بمجزرة عامودا ويعلن انسحابه من الهيئة الكردية العليا، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 27/06/2013، الرابط: https://goo.gl/qjCR5D

([48]) مجموعات مسلحة في الجيش الحر تهاجم على حاجز لوحدات حماية الشعب في قرية كريه فاتيه، الموقع: صفحة شبكة ديريك الاخبارية، التاريخ: 17/07/2013، الرابط: https://goo.gl/YtTEHo

([49]) الجيش الحر يسيطر على معظم الآبار النفطية شمال سورية – العربية نت، الموقع: يوتيوب الحزب التقدمي، التاريخ: 01/04/2013، الرابط: https://goo.gl/CoVw46

([50]) الأكراد السوريون يسيطرون على النفط... ويريدون القامشلي، الموقع: الاخبار، التاريخ: 11/03/2013، الرابط: https://goo.gl/Amiq7e

([51]) خلافات كردية- كردية حول مستقبل النفط في الجزيرة، الموقع: اورينت نت، التاريخ: 19/02/2014، الرابط: https://goo.gl/eNF3JR

([52]) تقرير عن الهيئة الكردية العليا. عماد كردو27-09-2013، الموقع: يوتيوب الاعلامي عماد كردو، التاريخ: 26/09/2013، الرابط: https://goo.gl/FK65TF

([53]) المجلسان الكورديان يوقعان مشروع الادارة المرحلية، الموقع: الحزب الديمقراطي الكوردستاني، التاريخ: 11/09/2013، الرابط: https://goo.gl/btJGMA

([54]) الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني الكردي: الانضمام إلى الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية باسم الهيئة الكردية العليا، الموقع: ولاتي مه، التاريخ: 11/12/2012، الرابط: https://goo.gl/Jv6k7g

([55]) المصدر فؤاد عليكو، عضو المكتب السياسي لحزب يكيتي الكُردي وعضو الائتلاف سابقاً واحد شهود العيان والمنخرطين ضمن اتفاقيات المجلسين.

([56]) "المجلس الوطني الكردي" ينضم إلى "الائتلاف السوري" المعارض، الموقع: تحت المجهر، التاريخ: 16/09/2013، الرابط: https://goo.gl/SgGwq8

([57]) الوطني الكردي ينضم للائتلاف. وخلاف مؤجل على مركزية الدولة، الموقع: زمان الوصل، التاريخ: 28/08/2013، الرابط: https://goo.gl/ippbk1

([58]) المصدر فؤاد عليكو، عضو المكتب السياسي لحزب يكيتي الكُردي وعضو الائتلاف سابقاً وأحد شهود العيان والمنخرطين ضمن اتفاقيات المجلسين

([59]) بانوراما 2013.. الإدارة الذاتية الديمقراطية والدبلوماسية الكردية، الموقع: وكالة فرات، التاريخ: 25/12/2013، https://goo.gl/VztP2n

([60]) مباحثات زانا وبايدمر ترسم خارطة الطريق لاتفاق (هولير2)، الموقع: الحزب الديمقراطي الكوردستاني، التاريخ: 25/12/2013، الرابط: https://goo.gl/TfZFNX

 ([61]) تم تداول حدوث لقاءات بين الحزب الديمقراطي الكُردستاني – العراق وبين حزب العمال الكًردستاني قبل حدوث الاتفاق بين الطرفين السوريين. مصدر سابق

([62]) أكراد سورية يعلنون من أربيل اتفاقهم على إنهاء خلافاتهم وحضور جنيف2 بوفد موحد، الموقع: دي برس، التاريخ: 24/12/2013، الرابط: https://goo.gl/TToUe6

([63]) "داعش" تسيطر على ثلث "كوباني" السورية، الموقع: بوابة الشرق، التاريخ: 09/10/2014، الرابط: https://goo.gl/mCqYPg

([64]) مقابلة للباحث مع: فؤاد عليكو في اسطنبول ، عضو المكتب السياسي لحزب يكيتي الكُردي وعضو الائتلاف سابقاً وأحد شهود العيان والمنخرطين ضمن اتفاقيات المجلسين بتاريخ 15/11/2018.

([65]) «انفتاح» أميركي وأوروبي على أكراد سورية.. ولقاء باريس بحث نقل إمدادات السلاح إلى كوباني، الموقع: الشرق الأوسط، التاريخ: 19/10/2014، الرابط: https://goo.gl/SkdLaH

([66]) طائرات أمريكية تلقي أسلحة للمقاتلين الأكراد قرب كوباني، الموقع: دي دبليو، التاريخ: 20/10/2014، الرابط: https://goo.gl/2R7FxD

([67]) طلائع قوات البيشمركة والجيش السوري الحر تصل تركيا في الطريق لعين العرب، الموقع: بي بي سي عربي، التاريخ: 29/10/2014، الرابط: https://goo.gl/n3Agsi

([68]) هل اتفاقية دهوك لازالت بخير…؟، الموقع: بوير برس، التاريخ: 23/11/2014، الرابط: https://goo.gl/8gKPyf

([69]) محمد قجو ليكيتي ميديا: اتفاقية دهوك تنص على التمثيل بنسبة 40% لكل طرف ، وليس على المحاصصة الحزبية، الموقع: يكيتي ميديا، التاريخ: 25/12/2014، الرابط: https://goo.gl/W7zFiS

([70]) اجتماع المجلس الوطني الكردي والاتحاد السياسي لتحديد المرجعية السياسية حسب اتفاقية دهوك، الموقع: قناة الصحفي محمد حسن، التاريخ: 05/12/2014، الرابط: https://goo.gl/ushczM، ويمكن العودة للرابط: مؤتمر الصحفي لأحزاب المجلس الوطني الكردي يعلن الاتفاق رسمياً على كيفية تمثيلها في المرجعية السياسية، الموقع: يوتيوب يكيتي ميديا، التاريخ:02/12/2014: الرابط: https://goo.gl/ushczM

([71]) بعد اتفاقية دهوك… إدارة العامة لواجب الدفاع الذاتي التابعة للـ PYD تصدر بياناً بخصوص قانون التجنيد الإجباري، الموقع: يكيتي ميديا، التاريخ: 01/11/2014، الرابط: https://goo.gl/hQBhBx، وحول الانتخابات يرجى العودة للرابط: كاوه أزيزي: قرار الـ (PYD) بإجراء الانتخابات "استفزازي" وتهرب من استحقاقات دهوك، الموقع: كولان، التاريخ: 03/02/2015، الرابط: https://goo.gl/cSBBFF، وللرابط: أوميد صباح: انتخابات مجالس البلديات في مقاطعة الجزيرة تتعارض مع مضمون اتفاقية دهوك ولا يمكن تقبلها، الموقع: يكيتي ميديا، التاريخ: 13/03/2015، الرابط: https://goo.gl/Uf4icC

([72]) القامشلي: المجلس الوطني الكردي يتبنى “قوات بيشمركة روج آفا كردستان”، الموقع: الحل، التاريخ: 02/07/2015، الرابط: https://goo.gl/Qka3Dq

ضمن النشرة المسائية ليوم الأحد 10 آذار 2019، استضاف تلفزيون "حلب اليوم" الباحث في مركز عمران "بدر ملا رشيد" للحديث حول "المشروع الأمريكي المتعلق بنشر قوة متعددة الجنسيات شرق الفرات"، والمعوقات التي تواجهه.
وأكد الباحث في مركز عمران أن المشروع لا يزال غامضاً خاصة في ظل وجود فيتو تركي قوي، كما أشار ملا رشيد إلى قيام الولايات المتحدة بالضغط على الدول الأوربية في ملفات مغايرة، لتدفعهم للإلتزام بالمشاركة في تأمين القوات والدعم السياسي للمنطقة الآمنة.
كما استعرض بدر ملا البدائل المحدودة التي تمتلكها الولايات المتحدة، وفي هذا الخصوص تم التنويه إلى احتمالية العودة لمشروع عهد هذه المهمة لقوات عربية، بالتوافق مع إقليم كُردستان العراق، ونفوذ تركي أكبر".وهو أمر لم يعطي حزب الاتحاد الديمقراطي إشارات ايجابية حوله.

مُلخصٌ تنفيذيّ

  • بلغت محاولات الاغتيال منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى كانون الثاني/يناير؛91 محاولة ضمن المناطق التي تم رصدها (ريف حلب ومحافظة إدلب)، وقد انخفضت النسبة بالمقارنة مع التقرير السابق (محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة) ([1])، حيث بلغ مجموع تلك المحاولات 159محاولة خلال فترة رصد لمدة ثلاثة أشهر.
  • توضح عملية تحليل البيانات أن جميع عمليات الاغتيال المنفّذة في مناطق "درع الفرات" استهدفت الفصائل العسكرية بواقع 15محاولة، وأن 20 % من مجموع المحاولات نجحت في تصفية الجهة المستهدفة.
  • تغيّرت أدوات التنفيذ المستخدمة في الاغتيالات التي نفذتها مجموعة "غرفة عمليات غضب الزيتون" في عفرين، حيث نفذت 12 محاولة بطريقة العبوات الناسفة، بينما كانت تنفذ محاولتها في وقت سابق عبر الطلق الناري ([2]).
  • يشير تحليل البيانات الخاصة بمحافظة إدلب إلى أن الفصائل الجهادية هي الأكثر استهدافاً وعلى رأسها هيئة "تحرير الشام"، في حين حلّت الجهات المدنية في المرتبة الثانية، تليهم في المرتبة الثالثة الفصائل ذات التوجه الإسلامي، وأخيراً الفصائل "المعتدلة".
  • توضح البيانات المرصودة في محافظة إدلب، أن أكبر نسبة عمليات اغتيال حصلت في مناطق تقع تحت السيطرة العسكرية لهيئة "تحرير الشام"، بينما حلت مناطق سيطرة "الجبهة الوطنية للتحرير" في المرتبة الثانية، في حين حل حزب "الإسلام التركستاني" في المرتبة الثالثة من حيث عمليات الاغتيال المنفذة في مناطق سيطرته.
  • تُظهر عملية الرصد وتحليل البيانات في محافظة إدلب، أنه من مجموع 60 محاولة اغتيال، فشلت 6 محاولات في تحقيق هدفها، بينما نجحت 54 محاولة اغتيال في تصفيّة الجهة المستهدفة.
  • نُفّذ في مناطق سيطرة هيئة "تحرير الشام" خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 12 محاولة اغتيال، منها 4 محاولات اغتيال لقياديين في الهيئة وجميعها ناجحة، ثم انخفضت خلال شهر كانون الأول/ديسمبر إلى 6 محاولات، أما في الشهر الأول من عام 2019 فقد ارتفعت إلى 23 محاولة اغتيال.
  • بالنسبة لأدوات تنفيذ الاغتيالات في محافظة إدلب: فقد نُفذّت النسبة الأكبر من محاولات الاغتيال عبر الطلق الناري، في حين حلّت العبوة الناسفة ثانياً، في حين وجدت محاولات اغتيال بأدوات وطرق مختلفة كالطعن والخنق.

مدخل

يبقى الملف الأمنيّ في مناطق المعارضة (درع الفرات، عفرين، إدلب وما حولها) من أهم وأخطر العقبات والتحديات التي تحاول القوى المسيطرة على تلك المناطق إيجاد حلول لها وآليات للتعاطي معها والحد منها، حيث ترسم محاولات الاغتيالات تلك العديد من إشارات الاستفهام وتشير دلالاتها إلى حجم تعقيد الملف الأمني في تلك المناطق، خاصة مع تعدد الأسباب والدوافع (سياسية، جنائية) والجهات التي تقف خلفها.  بالمقابل فإن حركيّة الملف الأمني في تلك المناطق توضح مؤشرات الهشاشة في مسألتي الاستقرار ومستقبل تلك المناطق. وعليه قامت وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتصميم نموذج رصد لتلك المؤشرات ([3])، وقد تم تفريغ نتائجه ضمن هذا التقرير الذي يبين توزع عمليات الاغتيالات في مناطق سيطرة المعارضة ضمن محافظة إدلب، ومناطق ريف حلب (عفرين، "درع الفرات") منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى نهاية شهر كانون الثاني/ يناير عام 2019. ومن ثم تصنيف تلك النتائج وفق عدة مستويات توضح ماهيّة الاغتيالات المُنفّذة في تلك المناطق وملامحها العامة بحسب جغرافية تنفيذ الاغتيال والجهات التي تقف وراءه، مقابل الأطراف المستهدفة في عمليات الاغتيالات وأدوات التنفيذ المستخدمة، إضافة إلى النتائج النهائية لتلك العمليات في تحقيق أهدافها (فشل أو نجاح).

المؤشر العام للشمال السوري:(هشاشةٌ أمنيّة وأدواتٌ مُختلفة)

بلغت محاولات الاغتيال منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى كانون الثاني/يناير؛91 محاولة ضمن المناطق التي تم رصدها (ريف حلب ومحافظة إدلب)، وقد انخفضت النسبة بالمقارنة مع التقرير السابق (محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة) ([4])، حيث بلغ مجموع تلك المحاولات 159محاولة خلال فترة رصد لمدة ثلاثة أشهر، بينما تشير الأرقام في هذا التقرير إلى وجود 16 محاولة في منطقة عفرين وما حولها، و15محاولة في مناطق درع الفرات، إضافة إلى 60 محاولة في باقي المناطق (إدلب وما حولها).

 

1: مناطق "درع الفرات": (تحسنٌ أمنيٌّ طفيف)

 تؤكد البيانات المرصودة في مناطق ريف حلب الشمالي (درع الفرات)، أن تلك المناطق شهدت 15محاولة اغتيال، بلغ أقصاها في شهر كانون الأول/ديسمبر بمجموع 6 محاولات، حيث تعطي الأرقام مؤشر لتحسن في ضبط الوضع الأمني للمنطقة قياساً بالأشهر السابقة، وقد يرجع ذلك لتطور عمل المؤسسات في مناطق درع الفرات ("الجيش الوطني" و"الشرطة الحرة") وازدياد خبرتها في التعامل مع ظروف المنطقة.                                                                                                                  

كما توضح عملية تحليل البيانات، أن محاولات الاغتيال جميعها استهدفت الفصائل العسكرية، وتشير البيانات أيضاً إلى أن 80% من مجموع المحاولات نجحت في اغتيال الجهة المستهدفة، بينما فشلت المحاولات بنسبة 20%، كما تبين من خلال الرصد أن 8 محاولات قامت بتنفيذها خلايا محليّة تحت مسمى غرفة عمليات "غضب الزيتون"([5])، والتي يعتقد أنها تتبع لوحدات حماية الشعب (YPG) التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي(PYD)، بينما بقيت 7 حالات مجهولة المُنفّذ (الشكل 3). أما بالنسبة لوسائل تنفيذ الاغتيالات فكان الطلق الناري يشكل نسبة 80% من حيث أدوات التنفيذ، بينما بلغت 20% نسبة تنفيذ المحاولات عن طريق العبوات الناسفة (الشكل 4).

2: منطقة عفرين: (تغيُّر أدوات الاغتيال)

توضح بيانات الرصد لمحاولات الاغتيال التي تم تنفيذها في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي؛ عدم وجود تحسن عن الأرقام الواردة في التقرير السابق؛ إذ نفذت غرفة عمليات "غضب الزيتون" 16 محاولة اغتيال، أدت في 10 منها إلى قتل الجهة المستهدفة، بينما 6 محاولات كانت فاشلة في تصفية الجهة المستهدفة، ولكن اللافت أن أداة التنفيذ التي استخدمتها غرفة عمليات "غضب الزيتون" خلال فترة الرصد كانت مغايرة عن السابق، حيث تم استخدام العبوات الناسفة في 75% من محاولات الاغتيال، بينما شكل الطلق الناري ما نسبته 25%، مستهدفاً بجميع العمليات الفصائل العسكرية، باستثناء حالة واحدة استهدفت عنصر من "الشرطة الحرة".([6])         

المؤشر العام لإدلب: (استهداف الجهاديين والمُنفّذ مجهول)

 بلغت الاغتيالات في محافظة إدلب خلال فترة الرصد وإعداد هذا التقرير 60 محاولة اغتيال، ووصلت أقصاها في شهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث سُجلت 24 محاولة اغتيال، بينما بلغت في كانون الأول/ديسمبر 13 محاولة، وجاء شهر كانون الثاني/يناير بـ 23 محاولة.    

                             

  • بالنسبة لتوزع الاغتيالات بحسب الجهات المستهدفة: يشير تحليل البيانات الخاصة بمحافظة إدلب إلى أن الفصائل الجهادية هي الأكثر استهدافاً بواقع 35محاولة اغتيال، في حين حلّت الجهات المدنية في المرتبة الثانية بواقع 20 محاولة اغتيال، تليهم في المرتبة الثالثة الفصائل الإسلامية بـ 4محاولات، وأخيراً الفصائل "المعتدلة" بمحاولة وحيدة، كما يوضح الشكل رقم(7)؛

    

  • بالنسبة لتوزع الاغتيالات بحسب مناطق السيطرة التي وقعت ضمنها: توضح البيانات أن 41 محاولة اغتيال حصلت في مناطق تقع تحت السيطرة العسكرية لهيئة "تحرير الشام"، بينما وقعت 12 محاولة اغتيال في مناطق سيطرة "الجبهة الوطنية للتحرير"، أما ثالثاً فقد حل حزب "الإسلام التركستاني" الذي تمت 7 محاولات اغتيال في مناطق سيطرته، كما يوضح الشكل رقم: (7)

  • بالنسبة لأدوات تنفيذ الاغتيالات: فقد نُفذّت 40 محاولة اغتيال عبر الطلق الناري، في حين حلّت العبوة الناسفة ثانياً بواقع 18 محاولة، كما وجدت محاولتي اغتيال لكل من الطعن والخنق، كما يوضح الشكل رقم(8).
  • بالنسبة لنتائج محاولات الاغتيال من حيث النجاح والفشل: تفيد قراءة تحليل البيانات فيما يتعلق بمحافظة إدلب أن 54 محاولة اغتيال نجحت في تصفية الجهة المستهدفة، بينما هناك 6 محاولات فشلت في ذلك.
  • بالنسبة للجهة المنفّذة لعمليات الاغتيال: توضح البيانات الخاصة بإدلب أن محاولة واحدة نفذتها غرفة عمليات "غضب الزيتون" وأخرى نفذتها هيئة "تحرير الشام"، بينما بقيت 58 محاولة مجهولة المنفذ.

 

ختاماً:

تشير قراءة نتائج تحليل البيانات إلى استمرار حالة الهشاشة وعدم الاستقرار الأمني وتعثر القوى الفاعلة (محلية وإقليمية) في تطوير أدوات وآليات ضبط الوضع الأمني والحد من هذه العمليات، مقابل تطوير الجهات المُنفّذة لتلك الاغتيالات أدواتها وطرقها بما يتناسب مع كل منطقة وظرفها الأمنيّ. وعلى الرغم من تفاوت مؤشرات الاستقرار الأمني من منطقة إلى أخرى وتصدر الفصائل الجهادية وعلى رأسها هيئة "تحرير الشام" كهدف رئيسي للنسبة الأكبر من تلك الاغتيالات؛ إلا أن الظرف الأمني العام لايزال يُنذر باستمرار تلك العمليات في المدى المنظور بالنسبة لمختلف الأطراف ويعطي مؤشرات غير مستقرة حول مسألتي التعافي المبكر ومتطلبات الاستقرار في مختلف المناطق.


([1])محاولات الاغتيال في مناطق المعارضة خلال الفترة الممتدة من تموز حتى تشرين الأول 2018 "؛ تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، متوافر على الرابط التالي: https://bit.ly/2SIRWb1

([2]) مرجع سابق.

([3]) فيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال السوري. 2) التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة "إحسان الإغاثية" في الشمالي السوري. 2) المُعرّفات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها). 3) المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب.

([4]) مرجع سابق.

([5]) غرفة عمليات "غضب الزيتون": وهي وفقاً لتعريفها عن نفسها مجموعة من شباب وشابات عفرين، ويعتقد بأنها تتبع للوحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي يقومون باغتيال المقاتلين الاتراك المتواجدين في المنطقة بالإضافة إلى المقاتلين المحليين المدعومون من تركيا وتدعي هذه المجموعة عبر صفحتها الرسمية قيامها خلال فترة شهري حزيران واب بتنفيذ 26 عملية قتلت من خلاله 45 مقاتل وجرحت 43؛ للاطلاع والتعرف على هذه المجموعة انظر الرابط: http://www.xzeytune.com

([6]) بيان رسمي صادر عن غرفة عمليات "غصن الزيتون" يتبنى اغتيال عنصر الشرطة الحرة، محمد الشيخ، بطلق ناري في شهر كانون الأول/ديسمبر 2018. للمزيد راجع الرابط التالي: https://bit.ly/2UlviT1

ضمن برنامجه "حديث العرب" يوم الخميس 07 آذار 2019،  استضاف تلفزيون الرافدين الباحث في مركز عمران "بدر ملا رشيد" للحديث حول "تركيا والمنطقة الآمنة بشمال سورية"، حيث استعرض الباحث الموقف الأمريكي ومفهومه للمنطقة الآمنة ومآلاتها مبيناً أن حلاً توافقياً مع أنقرة لا يزال خاضعاً للنقاشات والتفاوضات الثنائية؛خاصة أن سؤال "الفراغ الأمني" في المنطقة يعقد أي سيناريو محتمل؛
من جهة أخرى بيّن ملا رشيد موقف حزب الاتحاد الديمقراطي الذي لم يقوم بطرح رؤية تزيل مخاوف أنقرة الأمنية وتجنب المنطقة من حرب؛ كأن يقبل بعودة البيشمركة؛ وقبول إشراك بقية المكونات الهامة في المنطقة بالحياة السياسية والعسكرية والإدارية؛