ملخص تنفيذي
- كان للميليشيات والفصائل في السويداء دوراً أساسياً في المحافظة منذ عام 2015، وذلك بسبب تبعية الميلشيات للأفرع الأمنية أو روسيا وإيران وحزب الله، والأدوار التي لعبتها في الزعزعة الأمنية المتمثلة بعمليات الخطف ومواجهة الحراك الثوري في المدينة، وتوسِّع عملها ليشمل تجارة المخدرات وتهريبها خارج الحدود.
- لم تكن أدوار المجموعات المسلحة ثابتة بين عامي 2015-2024، إذ تحول عدد من الميليشيات إلى فصائل مقربة من المجتمع المحلي بسبب مساعي المرجعيات الدينية والوجهاء المحليين، في حين اختفت ميلشيات بسبب حملات من الفصائل المحلية استهدفت وجودها، بينما توسعت ميلشيات أخرى لتُصبح أكثر تمرساً في تجارة المخدرات أو الاغتيالات.
- تُعتبر الميليشيات المرتبطة بحزب الله وإيران أكثر الميليشيات نفوذاً وأخطرها على السلم الأهلي في المحافظة، بسبب تخصصها في عمليات الاغتيال وتهديدها المستمر للحراك الثوري، وعملها الأساسي في تجارة الكبتاغون، بينما تناقصت فاعلية المليشيات المرتبطة بروسيا خلال عامي 2023-2024.
- بعد انتفاضة آب 2024؛ ازداد وضوح الاصطفاف المسلح في المحافظة بين ميليشيات واجعت الحراك واعتبرته مهدداً لها بسبب علاقتها مع الأفرع الأمنية ونشاطها في تجارة المخدرات، وبين فصائل التزمت بدعم الحراك المحلي وحماية المظاهرات السلمية.
- كانت احتجاجات تموز 2022 مفصلية في وضوح أدوار الفصائل والميليشيات في المحافظة، إذ تقلص نشاط عدد من الميليشيات من الخطف والمخدرات نحو تركيزها على تجارة المخدرات، ويمكن ملاحظة دورين متكاملين لتلك الميليشيات أولها نقل المخدرات من خارج المحافظة لداخلها، وثانيها تخزين ونقل المخدرات داخل المحافظة، ومن الممكن أن تشترك بعض الميليشيات في الدورين.
- لا يمكن أن تتم مكافحة تجارة وصناعة الكبتاغون بالتعاون مع نظام الأسد لتورط أفرعه الأمنية ضمن سلاسل التوريد، وقد يفضي التعاون معه إلى سقوط ضحايا مدنيين مما يُشكل توتراً بين أهالي السويداء والأردن، وهذا يصب في محاولات النظام بعدم تحقيق أي تقارب أردني مع الفصائل المحلية الساعية لذلك.
- استطاعت المجموعات المسلحة في السويداء سحب ورقة "داعش" التي يلوح بها نظام الأسد من يده، حيث إن أي تكرار لسيناريو 2018 الذي تمثل بهجوم "داعش" على المحافظة سيُعيد توحيد المجموعات المسلحة تحت شعار " الأرض والعرض"، وهذا يفضي إلى خفض التوتر بين الميلشيات والفصائل في المدينة، إذ يعوَّل النظام على هذا التوتر واستمراريته من أجل الإبقاء على السويداء غير مستقرة أمنياً ويصبح تدخل "الجيش" حلاً أخيراً لإعادة "الاستقرار والأمن" حسب رواية النظام.
مقدمة
لعبت الميليشيات والفصائل في السويداء دوراً محورياً في المحافظة منذ عام 2015،([1]) إذ قامت الميليشات بأدوار زعزعة أمنية متعلقة بالجهات المرتبطة بها، سواءً كانت أفرعاً أمنية أو ارتباطات خارجية مع روسيا وإيران وحزب الله، أو لتأمين تمويلها عبر عمليات الخطف والإتاوات. وتفاوتت حدة التوترات بين الميليشيات والفصائل تبعاً لتغير موجات الحراك في المحافظة واتِسَاعه، وذلك بالتزامن مع اتِساع دور الميليشيات في تجارة المخدرات خصوصاً الكبتاغون وتبلور خطوط التوريد له مع وضوح المساحات الجغرافية لعمل كل ميليشيا وقيادتها وموقفها من الحراك وتبعيتها،(([2] تحاول الورقة أدناه رسم خارطة الميليشيات والفصائل ضمن المحافظة وفهم ارتباطاتها وديناميات عملها وأدوارها ضمن مشهد الحراك الثوري من جهة، وضمن سلاسل توريد وإنتاج الكبتاغون من جهة أخرى، والمشهد الأمني والاجتماعي في المحافظة بشكل عام.
تعتمد الورقة المنهج الوصفي التحليلي من خلال الرصد الذي أجراه الباحث منذ عام 2021، ويُضاف إليه الأوراق السابقة التي نُشرت في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية عن محافظة السويداء وتضمنت تحديثات خارطة المجموعات المسلحة في المدينة خلال عامي 2022 و2023، والفواعل السياسية عام 2024،(([3] والمقابلات التي أجراها الباحث مع عدة شخصيات محلية ذات اطلاع وبعضها مقرب من المرجعيات الدينية، إضافة إلى تتبع حركة وسلوك المجموعات المسلحة في المحافظة من خلال المصادر المفتوحة.
تشابك في التبعيات وتغير مستمر في خارطة الفواعل
كانت حركة "رجال الكرامة" أولى الفصائل التي أنشئت بعد 2011، إذ أسسها الشيخ وحيد البلعوس بهدف تشجيع شباب السويداء على عدم الالتحاق بالخدمة الإلزامية في جيش النظام، لتتحول لاحقاً إلى فصيل عسكري، ولكن اغتيال وحيد البلعوس في سبتمبر/ أيلول عام 2015 كان مفصلياً لمسار الحركة، إذ طُرد منها كلٌ من ناصر السعدي ومهران عبيد عام 2016 اللذان أسسا ميليشيات خاصة بهما، وأيضاً خرج من "رجال الكرامة" ليث البلعوس الذي أسس قوات "شيخ الكرامة" عام 2017، وشهدت الفترة بين عامي 2016 و 2020 ظهور ما يقارب من 34 فصيلًا وميليشيا في المدينة تعددت أدوارها وتبعياتها.
تبلورت أدوار الفصائل والميليشيات ضمن 4 أنواع بناء على هدف وجودها وسلوكها وآليات تمويلها:
- ميليشيات تتبع لجهات خارجية وأمنية ويتمثل دورها في الخطف والإتاوات فقط.
- ميليشيات تتبع لجهات خارجية وأمنية ويتمثل دورها في الخطف والإتاوات بالإضافة إلى تجارة المخدرات.
- فصائل تتبع للمرجعيات الدينية ومقربة من المجتمع المحلي.
- ميليشات لا تتبع لأي جهة وتعمل في الخطف والإتاوات لتأمين تمويلها من أجل استمراريتها.
ولم تكن أنواع المجموعات المسلحة ثابتةً خلال تلك السنوات، إذ تحول عدد منها من ميليشيات للزعزعة الأمنية إلى فصائل مقربة من المجتمع المحلي بسبب مساعي المرجعيات الدينية والوجهاء المحليين، كما اختفى عدد من الميليشيات نتيجة لأحد سببين؛ إما بسبب مصالحات محلية تحت إشراف المرجعيات الدينية،([4]) وذلك بهدف تسليم الميليشيات لسلاحها والكف عن عمليات الخطف مثل ميليشا "سليم حميد" وميليشيا "ناصر السعدي" اللذين أعادا تفعيل ميليشياتهما لاحقاً بشكل أكبر، أو حملات قام بها عدد من الفصائل ضد تلك الميليشيات مثل "حراك تحرير السويداء" في عام 2022 الذي استهدف بشكل أساسي ميليشيا راجي فلحوط" التي نشطت في عملية الخطف وتصنيع وتجارة الكبتاغون،([5]) حيث تم إنهاء وجود عصابة الفلحوط والعثور على معدات لتصنيع الكبتاغون في مقرها،(([6] وتم إضافة الفلحوط في تشرين الثاني عام 2023 ضمن مشروع قانون "الكبتاغون2" الذي يستهدف الشخصيات المتورطة في تجارة الكبتاغون ومنها ماهر الأسد وراجي فلحوط.([7](
أما على صعيد تبعية الميليشيات لجهات خارجية وأمنية فتتمثل تبعيتهم الخارجية المباشرة إما لروسيا أو إيران أو لحزب الله، أما على صعيد الأفرع الأمنية؛ فإما لفرع الأمن العسكري أو شعبة المخابرات العسكرية أو شعبة المخابرات الجوية، وتوضح الخريطة رقم (1) توزع الميليشيات والفصائل في قرى المحافظة وتبعية كل منها وتورطها في تجارة المخدرات من عدمه:
كما توضح الشبكة رقم (1) الفصائل المحلية والتبعية الخارجية للميليشيات وارتباطاتها الأمنية بالإضافة لبطاقة معلوماتية عن كل مجموعة.
الشبكة رقم (1) الفصائل المحلية والتبعية الخارجية للميليشيات وارتباطاتها الأمنية
تتمايز تبعية المييلشيات إلى:
- الميليشيات المرتبطة بحزب الله وإيران: منها ما يكون تواصلها غير مباشر مع الحزب ويتم عبر فرع الأمن العسكري ومنها ما يكون تواصلها معه مباشراً، وتعتبر المرتبطة بالحزب بشكل مباشر أكثر الميليشيات نفوذاً وخطراً على السلم الأهلي في المحافظة، إذ تخصصت بعمليات الاغتيال وتهديد الحراك الثوري بشكل مستمر، بالإضافة إلى مهمتهم الأساسية في تجارة الكبتاغون مثل "ميليشيا قوات سيف الحق"، و"ميلشيا ناصر السعدي"، و"ميلشيا نافذ أسد الله" التي يرأسها يعرب عصام زهر الدين والذي عُيّن قائداً على التشكيلات الرديفة للفرقة الرابعة في جنوب سورية.([8])
- الميليشيات المرتبطة بروسيا: تناقصت فاعليتها وعددها خلال عامي 2023- 2024 واقتصر دور تلك الميليشيات على بعض عمليات الخطف والخلافات الداخلية.
أما على صعيد الميليشات المرتبطة بالأفرع الأمنية، فيمكن تصنيفها إلى:
- ميليشيات تابعة لشعبة المخابرات العسكرية أو فرع الأمن العسكري: أغلبها يرتبط بإيران عبر الشعبة، وأصبحت تجارة الكبتاغون أهم أدوارها بالإضافة لبعض حالات الخطف، وتجلى دورهم في مواجهة الحراك الثوري في موجاته الثلاث 2021- 2022- 2023.
- ميليشيات تابعة للمخابرات الجوية وإدارة المخابرات العامة: تتركز أدوارها في الزعزعة الأمنية ولا تشارك بشكل منظم في تجارة الكبتاغون، وتراجع دورها في المحافظة خلال عامي 2023- 2024 مقابل زيادة نفوذ شعبة المخابرات العسكرية.
بعد انتفاضة آب 2024؛ ازداد وضوح الاصطفاف المسلح في المحافظة بين ميليشيات اعتبرت الحراك مهدداً لها إما وجودياً بسبب اصطفافها مع النظام أو حتى اقتصادياً خوفاً من تعرض خطوط تهريب الكبتاغون للخطر في حال أعادت الفصائل المحلية ما فعلته مع راجي فلحوط، وبين فصائل التزمت بدعم الحراك المحلي والتأكيد على وجودهم لحماية المظاهرات السلمية، حيث لجأت الميليشيات بداية لتشويه الحراك واعتباره مؤامرة خارجية انفصالية،([9]) ولاحقاً إلى تهديد الحراك وفتح عدة مقرات لحزب البعث عنوة بعد إغلاقها من قِبل المتظاهرين الرافضين لتواجد أفرع الأمن أو أفرع حزب البعث في المحافظة.([10])
ميليشيات تهريب المخدرات: توزعها، أدوارها، ارتباطاتها
كانت احتجاجات تموز 2022 نقطة تحول في تمترس الفصائل والميليشيات ووضوح أدوارها في المحافظة، وذلك بعد المواجهة بين الفصائل المحلية وراجي فلحوط التي أفضت إلى إنهاء فصيل راجي فلحوط واكتشاف مدى تورطه في تصنيع الكبتاغون وتجارته في المحافظة،(([11] وانعكس الأمر على باقي الميليشيات التي انحسر نشاطها إلى الخطف والاغتيالات نحو تركيزها على تجارة المخدرات عموماً والكبتاغون خصوصاً.
ولا تتشابه أدوار تلك الميليشيات في سلاسل تجارة المخدرات، وتوضح الشبكة رقم (2) أدوار الميليشيات ضمن تجارة الكبتاغون وأماكن تواجدها وارتباطاتها:
الشبكة رقم (2) أدوار الميليشيات ضمن تجارة الكبتاغون وأماكن تواجدها وارتباطاتها
كما يمكن ملاحظة دورين متكاملين تُنفذهما تلك الميلشيات، مع إمكانية مشاركة الميليشا في أكثر من دور ضمن سلاسل التجارة والتصنيع في المحافظة، وهي كالتالي:
- ميليشيات نقل إلى المحافظة: ويتمثل دورها بنقل الكبتاغون من أماكن تصنيعه أو تخزينه إلى السويداء، إذ شكلت السويداء خط عبور بين أماكن التصنيع والحدود الأردنية، ويشكل الكبتاغون القادم من الفرقة الرابعة في دمشق ومن البادية غربي السويداء من منطقة اللجاة خصوصاً؛ النسبة الأعلى للكبتاغون في المحافظة،([12])حيث تشرف ميليشيا "نافذ أسد الله" بقيادة يعرب زهر الدين على نقل الكبتاغون من دمشق إلى السويداء وهو ابن العميد عصام زهر الدين قائد الحرس الجمهوري في مدينة دير الزور الذي قتل في أكتوبر 2017 في دير الزور، بينما تشرف ميليشيا "رياض أبو سرحان" على إدخال الكبتاغون من البادية إلى السويداء.([13])
- ميليشيات تخزين ونقل داخل المحافظة: ويتمثل دورها بتخزين الكبتاغون في القرى وخاصة في الريف الشرقي للمحافظة، حيث ينشط التهريب في أشهر الشتاء وذلك بسبب سوء الأحوال الجوية الذي يُعطي المهربين فرصة إيصال بضاعتهم إلى الحدود الأردنية، بينما تكون باقي أشهر السنة لتنسيق تخزين الكبتاغون في المحافظة من قبل الميليشيات، مثل "ميليشيا ناصر السعدي" في بلدة صلخد، و"ميليشيا فارس صيموعة" في بلدة عرمان، و"ميليشيا صقور الوطن" في بلدة الكفر.
ويضاف إلى تلك الأدوار أدوار أخرى متعلقة بإقناع المجتمع المحلي بتخزين الكبتاغون ريثما يتم تهريبه لاحقاً، حيث أدى التراجع الاقتصادي في المدينة إلى محاولة الميليشيات إشراك المجتمع المحلي في سلاسل تجارة الكبتاغون نظراً لعائدها المادي المرتفع وتقديم ضمانات من قبل تلك الميليشيات بتأمين الحماية للمتعاملين معهم، وبالتالي إغراق المجتمع المحلي بالمخدرات سواءً كتجارة أو كتعاطٍ مما يمنح نظام الأسد لاحقاً ورقة تؤهله لاستخدام حلول أمنية أو حتى عسكرية للتدخل في المحافظة وإيقاف الحراك المستمر ضده وسحب السلاح المتواجد خارج ميليشياته وأفرعه الأمنية بحجة مكافحة تجارة الكبتاغون.
السويداء ما بين جريمة الكبتاغون السياسية والحراك الثوري المستمر
تقاطع في محافظة السويداء في عامي 2023 و2024 ملفان أمنيان أحدهما محلي مرتبط بالحراك الثوري في المحافظة ومهدداته الأمنية، وملف تجاوز الجغرافيا السورية ليصبح مهدداً أمنيًا إقليمياً ودولياً، وهو تجارة المخدرات وماهيّة السُبل الواجب على الأردن أو الدول الأخرى تبنيها بهدف تقنين تهريب المخدرات ومكافحة إنتاجها، ويمكن تلخيص النتائج ضمن ثلاث حِزم:
على صعيد تجارة المخدرات
- تُشرف الميليشيات المحلية في السويداء بشكل كامل على سلاسل توريد المخدرات وخاصة الكبتاغون داخل المحافظة، إذ يُلاحظ غياب الميليشيات غير السورية أو من خارج المحافظة، مما يُعطي تجارة المخدرات بُعدين؛ أحدهما داخلي مرتبط بإغراق المجتمع المحلي بالكبتاغون، وبُعد خارجي يشكل جريمة سياسية يُطبقها نظام الأسد وإيران عبر أدواتهم في المحافظة للعب بالأمن الإقليمي لدول عديدة منها الأردن.
- تُعتبر الميليشيات المحلية التابعة لإيران وحزب الله بشكل مباشر أو غير مباشر عبر شعبة المخابرات العسكرية والأمن العسكري أكثر الميليشيات خطورة ضمن عدة مستويات، أولها مواجهة الحراك المحلي وتهديده، وثانيها تجارة المخدرات بكل مستوياتها من الجلب إلى المحافظة وتخزينه فيها وتجهيزه للتهريب خارج الحدود، ثالثها توريط المجتمع المحلي في تخزين الكبتاغون في أشهر الصيف التي يتعذر التهريب فيها.
- تراجع الوضع الاقتصادي في المدينة من جهة، والبطالة الناتجة عن عدم قدرة شباب المحافظة على العمل في دمشق بسبب عدم التحاقهم بالخدمة العسكرية في جيش الأسد واحتمال سوقهم تعسفياً في حال مغادرتهم السويداء من جهة أخرى، مما جعل تجارة المخدرات إحدى مصادر الدخل المُربحة للشباب في ظل قلة فرص العمل.
على صعيد مكافحة تجارة الكبتاغون في المحافظة
- أي عملية تهدف لمكافحة تهريب المخدرات والكبتاغون نحو الحدود الأردنية أو العراقية يجب أن تتم من بداية السلسلة وليس في المراحل الأخيرة منها، أي في مرحلة الإنتاج والنقل، وبالتالي تكون مقرات حزب الله والفرقة الرابعة في دمشق، أو منطقة اللجاة في درعا (التي تعتبر نقطة عبور للمخدرات باتجاه السويداء) هي هدف تلك العملية.
- بناء على ما تم ذكره؛ نظام الأسد وإيران مرتبطان بشكل مباشر في تجارة المخدرات، وبالتالي أي تنسيق معهم في مكافحة المخدرات سيكون غير ناجع، كما حدث مع محاولة استهداف فارس صيموعة وناصر السعدي، إذ غادرا منزليهما قبيل استهدافهما من قبل الطيران الأردني.
- أي عملية لمكافحة المخدرات سواء من الأردن أو في حال تشكل تحالف لمحاربة تجارتها، من الممكن أن يتم التنسيق فيها مع الفصائل المحلية، وذلك تفادياً لوقوع ضحايا مدنيين نظراً لتواجد الميليشيات المتورطة وقياداتها ضمن المحافظة وأيضاً خطوط التهريب وأماكن التخزين.
- تآكلت سلطة نظام الأسد في المحافظة لصالح ميليشياته المتورطة في تجارة المخدرات، مما يفضي لحاجة تنسيق عالٍ بين الأطراف الفاعلة الراغبة في تقنين تلك التجارة، وذلك تفادياً لتحول الوضع في المدينة إلى صراع بين الفصائل والميليشيات،مما قد يُفضي إلى استخدام النظام لورقة العنف بهدف إعادة سيطرة أجهزته الأمنية على المدينة.
على صعيد التحديات الأمنية للحراك الثوري في المحافظة
- الخلاف بين المجموعات المسلحة في الريف والمدينة، حيث أعادت حادثة اغتيال قائد "فصيل لواء الجبل" مرهج الجرماني (المنحدر من قرية أم الزيتون في ريف السويداء)، واتهام كلٍ من وائل الشعار ومهند مزهر (أبناء المدينة) بالضلوع وراء عملية اغتياله؛ التوترات بين تلك المجموعات، وبالتالي أضيفت تلك التوترات كأداة للنظام ضمن أدواته التي قد يُسخرها لإخماد الحراك الثائر ضده منذ آب 2023 وتحويله إلى صراع داخلي دون أن يتدخل عسكرياً بشكل مباشر.
- خففت حملة المصالحات المحلية التي قامت بها المرجعيات الدينية من حدة عمليات الخطف، ولكن لم تستطع إيجاد حل جذري لإنهاء الميليشيات التي أجرت تلك المصالحات، حيث أعادت عدة ميليشيات تفعيل أدوارها، إما في الزعزعة الأمنية مثل سليم حميد الذي أعاد ترتيب قواته في بلدة مفعلة ومنعَ خروج أي مظاهرة في المدينة وهدد المتظاهرين وأطلق النار عليهم،([14] ([15])(وناصر السعدي الذي عاد لنشاطه وأصبحت مجموعته هي الأنشط في تجارة المخدرات.
- استطاعت المجموعات المسلحة في السويداء سحب ورقة "داعش" التي يلوح بها نظام الأسد من يده، حيث إن أي تكرار لسيناريو 2018 الذي تمثل بهجوم "داعش" على المحافظة سيُعيد توحيد المجموعات المسلحة تحت شعار " الأرض والعرض"، وهذا يفضي إلى خفض التوتر بين الميلشيات والفصائل في المدينة، إذ يعوَّل النظام على هذا التوتر واستمراريته من أجل الإبقاء على السويداء غير مستقرة أمنياً ويصبح تدخل "الجيش" حلاً أخيراً لإعادة "الاستقرار والأمن" حسب رواية النظام.
ختاماً، لا يمكن أن تتم مكافحة تجارة وصناعة الكبتاغون بالتعاون مع نظام الأسد لتورط أفرعه الأمنية ضمن سلاسل التوريد، وقد يفضي التعاون معه إلى سقوط ضحايا مدنيين مما يُشكل توتراً بين أهالي السويداء والأردن، وهذا يصب في محاولات النظام بعدم تحقيق أي تقارب أردني مع الفصائل المحلية الساعية لذلك وخاصة رجال الكرامة، وقد يحقق التواصل بين الأردن والفصائل المحلية إنجازاً على صعيد تقنين تهريب الكبتاغون باتجاه السويداء، ومنع سقوط ضحايا مدنيين مستقبلاً. وعلى صعيد الحراك الثوري في المحافظة؛ يبقى المهدد الأمني الأكبر له هو الميليشيات التابعة للأفرع الأمنية وإيران وحزب الله، وهي المسؤولة في أغلبيتها عن تجارة المخدرات وجعل السويداء خط عبور بين أماكن تصنيع المخدرات والحدود السورية الأردنية.
([1]) اصطلح الباحث "ميليشيات" للمجموعات المسلحة التي تقوم بأدوار زعزعة أمنية مستمرة وتجارة المخدرات ولها تبعية للأفرع الأمنية أو لروسيا أو إيران، بينما مصطلح "فصائل" للمجموعات المسلحة المرتبطة بالحراك ضمن المحافظة ولا تتبع لجهات أخرى.
([2]) الكبتاغون هو الاسم التجاري ل "الفينيثيلين" أحد مشتقات مادتي الأمفيتامين والتيوفيلين.
([3]) انظر:
1- يمان زباد، المشهد الأمني في السويداء: قراءة في السياق والمآلات المتوقعة، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 08/08/\2022 https://bit.ly/3WQoM84
2- يمان زباد، انتفاضة السويداء في آب 2023: تحديات أمنية وسيناريوهات مفتوحة، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية 31/08/2023 https://bit.ly/3T2qWQW- 3- - يمان زباد، حراك السويداء ... تحديات أمنية ومظاهرات مستمرة، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية 08/05/2024 https://bit.ly/3yTqfCO
([4]) صلخد والمزرعة.. مجموعات الأمن العسكري تتفكك، السويداء 24، 13/08/2022 https://bit.ly/46GmQDG
([5]) "رجال الكرامة"... حضور شعبي وعسكري يربك النظام في السويداء، العربي الجديد، ليث أبي نادر 06/08/2022 https://bit.ly/3ySozcC
([6]) أحداث السويداء الأخيرة.. حرب على العصابات أم استهداف لـ”المد الإيراني”، عنب بلدي، 02/08/2022 https://bit.ly/4fJMf3K
([7]) موقع الكونغرس الأميركي، 07/11/2023 https://bit.ly/3YI37l7
([8]) يعرب زهر الدين على رأس الميليشيات التابعة لنظام الأسد جنوب سوريا، شبكة شام الإخبارية، 10/01/2018 https://bit.ly/3yB5wDw
([9]) "مؤامرة كونية".. "بشار" يرسل محافظ دمشق كموفد حاملاً رسالة عتب من القيادة لوجهاء السويداء، شبكة شام الإخبارية، 03/08/2023 https://bit.ly/3SWSU0n
([10]) السويداء: مجموعات مرتبطة بالأمن العسكري تهدّد بقمع الحراك، المدن 09/11/2024، https://bit.ly/3vWaM3q .
([11]) السويداء.. حركة رجال الكرامة تعثر على مصنع مخدرات بمقر ميليشيا "فلحوط"، تلفزيون سوريا، 27/07/2022 https://bit.ly/4dThsj6
([12]) مقابلة أجراها الباحث مع أحد النشطاء الراصدين للمجموعات المسلحة في مدينة السويداء، تاريخ 26/07/2024.
([14]) السويداء.. ما تبعية فصيل سليم حميد الذي أطلق النار على المتظاهرين، عنب بلدي 08/08/2024 https://bit.ly/3ThKctU
([15]) كان سليم حميد قائداً لقوات الفهد التابعة للأمن العسكري، ولكن أجرى سليم مصالحة محلية في آب 2022 بعد أن هاجمت فصائل محلية مقراته.