ضمن مشاركته ببرنامج "سوريا اليوم". عمار قحف: روسيا وإيران متباعدتين دبلوماسياً، والنظام السوري متشرذم.

قال المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، أن هناك فترة لا تتجاوز الأشهر القليلة، لتواجه روسيا أزمة مالية وعسكرية جراء تدخلها في سورية، بسبب استنزاف قواتها يومياً، وغرقها في القضية السورية.

جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور قحف في برنامج "سوريا اليوم"، على قناة "الحوار"،وذلك مساء الخميس 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، لمناقشة التطورات السياسية الإقليمية والدولية في الملف السوري.

واعتبر قحف أن سبب الترويج الروسي لمعلومات تقول إن لقاءات تمت بين الجيش الحر ومسؤولين روس، ما هو إلا استجداء لانتصار إعلامي وهمي، تحاول من خلاله كسب الوقت لتغطية هزيمتها وتورطها في سورية، سيّما بعد نفي الجيش الحر ذلك.

وأضاف قحف أن تورط روسيا تثبته انتصارات الثوار اليوم في كل من حماه ودرعا وصولاً إلى دمشق وريفها، في ظل عجز نظام الأسد عن التعاون حتى مع القصف الروسي، ما يعني خسارة الروس لشريكهم على الأرض، يضاف إلى ذلك حالة التباعد الدبلوماسي الروسي الإيراني، بالرغم من غياب الاحتكاك السلبي بينهما.

وعن أسباب عدم تحرك الغرب حتى الآن لإيقاف حالة الحرب في سورية، أوضح قحف الحالة المعقّدة للمنطقة الجيوسياسية التي تقع سورية فيها، وتقاطع المصالح الاقتصادية والإقليمية طويلة الأمد كتمرير السلاح، والنفط والغاز، وغيرها، ما يعني وقوع المنطقة برمتها في الشرك الروسي الأميركي، معوّلاً على فرصة إعادة تكوين نظام عربي إقليمي، يتصدّى للخطر الذي بات يهدد المنظومة العربية، وهو دعم مصر وبعض الدول العربية الأخرى لنظام الأسد، إلى جانب استدراج الأخير للقوى والميليشيات الإيرانية، وكذلك القوى الإرهابية العابرة للحدود، ما يهدّد وحدة واستقرار المنطقة.


وحول أداء القوى الداعمة للثورة إقليمياً ودولياً، أكّد قحف أن العديد منها وعلى رأسها إقليمياً تركية والمملكة العربية السعودية وقطر تقدّم كل ما أمكنها وفق المتاح، معتبراً أداءها في فيينا مؤشراً واضحاً على التناغم الكبير بين مواقفها، وكذلك وحدة رسائلها تجاه الملف السوري، لافتاً إلى ضرورة أن يدعم السوريون شركاءهم بالأساليب والأفكار والمقترحات والحلول التي تساعدهم على خوض غمار الحرب "الكلامية" على حدّ وصفه، بين الفاعلين الدوليين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

أمّا عن الدور العربي الفاعل في القضية السورية، دعا المدير التنفيذي لمركز "عمران" المسلمين والعرب لتولّي دورهم في إعادة تعريف مصطلح الإرهاب، والذي تستغله روسيا وإيران وميليشيات حزب الله والقوى العابرة للحدود للتدخل في سورية، من خلال التعريف بقيمهم ومبادئهم، ورفضهم سفك الدماء والقتل والدمار الذي يمارسه الأسد وحلفائه.

ورغم تأكيد قحف على تكاثر أعداء الشعب السوري، إلا أنّه أثنى على دور دول الخليج، وكذلك المسلمين في أنحاء العالم، والأصدقاء الفرنسيين والبريطانيين وكذلك الدور الأمريكي بالرغم من تأرجحه، لدعمهم القضية السورية، مطالباً السوريين أنفسهم بتوحيد الصفوف، وتحديد المعتدلين الذين يرتضيهم، لئلا يبقى وجود الإرهابين والمتطرفين الذين استجلبهم الأسد مطيّة للدول للتدخل واحتلال سورية.

وفي الحديث عن مخططات النظام لوأد الثورة بعد مضي خمسة سنوات عليها، نفى قحف أن يكون للنظام وجود حقيقي على الأرض في ظل تولي حلفائه إدارة البلاد على المستوى الأمني والسياسي والعسكري، وكذلك انهيار مؤسسات الدولة والبنية التحتية بنسبة 70 إلى 80 %، ما يمنح السوريين فرصة الانتقال من الفكر الثوري إلى فكر الدولة، وإعادة ضبط الحياة المدنية عبر تمكين المجالس المحلية، واسترداد وظائف الدولة بمزيد من استثمار الاقتصاد المحلي والتنمية، وخلق برامج اجتماعية لمكافحة الفكر المتطرف الدخيل على الثقافة السورية، وإعادة اللحمة الاجتماعية في المناطق المحررة من الطغمة الحاكمة.

وفي الإجابة عن توقع رد فعل الشعب السوري في حال التوصل لاتفاق يفرض بقاء الأسد في السلطة، وصف قحف مثل هذا الحل بالغباء السياسي، وعدم قراءة المشهد بواقعية، مشيراً إلى أنّه من غير الممكن فرض نظام متهاوٍ متشرذم أو فرض شخص أيّاً يكن على إرادة شعب صامد حتى اليوم.

أجرت قناة دار الإيمان ضمن نشرتها الإخبارية استضافة هاتفية مع الباحث معن طلاع -باحث في مسار السياسية والعلاقات الدولية- بمركزعمران للدراسات الاستراتيجية. للتعليق على الأحداث السياسية الأخيرة وتم التركيز على التطورات الأخيرة المتعلقة بقدوم طائرات سعودية لقاعدة إنجليلك التركية بالإضافة على مدلولات وتداعيات القصف المدفعي الذي قام به الجيش التركي ضد قوى الـ YPG.

المداخلة كاملة على الرابط التالي: https://youtu.be/1dhiOCY12U0

ملخص: وإذ يمثل الخلاف السعودي الإيراني الأخير مؤشراً خطيراً لاحتمالية تصاعد الصراع بين القوتين، وشكلاً جديداً من أشكال المواجهة؛ إلا أنه وبالوقت ذاته يعد نتيجة طبيعية ومتوقعة لثوابت السياستين الإيرانية والسعودية وتطورهما في إطار المتغيرات الدولية والإقليمية وما استتبعته من أدوات جديدة وفاعلية مختلفة لكلا القوتين. فبقدر ما يشكله هذا الصراع من مخاطر محتملة على المملكة ودول الخليج؛ إلا أنه إدارته بشكل استراتيجي وفق تحالفات العمق العربي الإسلامي تحمل معها فرصاً كامنة لإعادة تحسين تموضع على مستوى المنطقة، وتلافي أخطاء ارتكبت على مر عقود ضمن هذا الصراع المؤجل.

يمثل التدخل الإيراني المباشر  في السياسة الداخلية السعودية إثر إعدامها رجل الدين الشيعي نمر النمر، وما قابله من  تصعيد دبلوماسي في الجانب السعودي؛ مؤشراً خطيراً لاحتمالية تصاعد الخلاف بين القوتين، وشكلاً جديداً من أشكال المواجهة؛ إلا أنه وبالوقت ذاته يعد نتيجة طبيعية ومتوقعة لثوابت السياستين الإيرانية والسعودية وتطورهما في إطار  المتغيرات الدولية والإقليمية وعلى رأسها الانسحاب الأمريكي من ملفات المنطقة، و ما ولده من فراغ يبدو أنه دفع بطهران إلى محاولات ملئه وفرض على المملكة استراتيجية جديدة للمواجهة. استكمالاً للصراع القديم بين القوتين على النفوذ في المنطقة، والذي بدأ قبل نهاية حكم الشاه في إيران، ليتبلور عقب الإطاحة به ووصول النظام السياسي الحالي إلى الحكم عبر ما تسميه طهران "الثورة الإسلامية" عام 1979، مروراً بعدة مراحل غير مباشرة، منها ما يسمى بحرب الخليج الأولى (الحرب بين إيران والعراق)1980-1988، وما تلاه من سباق التسليح في المنطقة، ومن ثم الصراع الذي نقلته إيران عبر الجغرافية إلى المنطقة العربية(اليمن، لبنان، سوريا، العراق، البحرين) من خلال عدة ملفات (سياسي، اقتصادي عسكري)، وما استدعاه هذا الصراع من ساحات ومجالات متعددة سيشكل بعضها أو مجملها فضاءً محتملاً  لترجمة الخلاف الأخير وتصعيده.

بناء عليه؛ تحاول هذه الورقة بعد توصيف الخلاف السعودي الإيراني وتحليل دوافعه والمناخات الدولية والإقليمية المعززة له؛ استشراف أبعاد هذا الخلاف وارتداداته المحتملة على المنطقة العربية وتحديداً الملف السوري، محاولةً إبراز التحديات الإقليمية أمام المملكة العربية السعودية إثر هذا الخلاف، وفقاً لخصوصية الملفات العالقة في المنطقة وما تستتبعه من أدوات وفاعلية مختلفة لكل منها.

السلوك الإيراني واستراتيجية استثمار المناخ

يعبَر السلوك الإيراني تجاه السعودية، وتحديداً بعد عاصفة الحزم عن تخبط طهران الواضح أمام استراتيجية المواجهة التي اتخذتها الرياض في التدخل المباشر باليمن، والتي أظهرت الجانب الإيراني مرتبكاً، تكاد تخرج ردود أفعاله عن سلوكيات دولة ضمن مواجهة مباشرة، إلى استثمار إعلامي لحوادث بهدف التحريض، مثل حادثة مقتل الحجاج والاستثمار الإيراني لها، ليأتي احتجاجها على إعدام نمر النمر بذات السياق المرتبك غير المتوقِع لرد الفعل السعودي، إلا أنه وبنفس الوقت يعد مؤشراً خطيراً على بداية ولوج النفوذ الإيراني إلى البيت الداخلي السعودي، مستثمراً عدة معطيات إقليمية ودولية، ولعل أبرزها:

•    انحياز واشنطن التام لطهران والدفع نحو تمكينها وضمان تواجدها كفاعل أساسي في جل ملفات المنطقة وذلك ضمن سياق تفاعلات الاتفاق النووي وعودة إيران بموجبه إلى الحظيرة الدولية.
•    الانقسام الخليجي الخليجي وتضارب السياسات داخل مجلس التعاون، والوضع العربي المتأزم الغارق بملفاته الداخلية.
•    هامش التحرك الذي قد يؤمنه الاتفاق النووي الإيراني وما يستتبعه من رفع عقوبات ستساهم في كسر العزلة الدولية سياسياً واقتصادياً.
تلك المعطيات دفعت إيران لتوجيه فاعليتها تجاه المملكة بشكل مباشر مستغلة "حادثة النمر" على عدة أصعدة وهي:

أ‌-    محاولة إثارة الوضع الداخلي في السعودية عبر استغلال حادثة إعدام لرجل دين شيعي من بين 46 آخرين (شيرازي، يحمل الجنسية السعودية) ومحاولة إثارة المنطقة الشرقية من المملكة في إطار الفوضى الداخلية.
ب‌-    اختبار جدية الاستراتيجية السعودية الجديدة تجاه إيران والقائمة على المواجهة المباشرة، التي اختبرتها طهران في عاصفة الحزم.
ت‌-    الاستمرار بمحاولات الاستئثار بالمكون الشيعي العربي عبر الإيحاء بأن إيران دولة تهتم بالشيعة أينما كانوا حتى لو خارج حدودها، وهذا ما نجحت به نوعاً ما في العراق واليمن.

السلوك السعودي واستراتيجية المواجهة

بالمقابل فإن الرد السعودي الحازم على طهران والمتمثل بقطع العلاقات الدبلوماسية، لم يكن مستغرباً بقدر ما هو رد فعل متوقع لاستراتيجية بدأت ملامحها مع صعود الملك سلمان لعرش المملكة، الاستراتيجية التي يبدو أنها اختارت المواجهة المباشرة مع إيران، مدفوعة بعدة متغيرات، لعل أبرزها:

•    إدراك السعودية لطبيعة وحدود الدور الأمريكي في المنطقة وتحوله من الدخول في الصراعات والتورط بها كطرف، إلى إدارتها واحتوائها، تلك الاستراتيجية التي اعتمدتها إدارة الرئيس أوباما في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد الخوض في المستنقع العراقي 2003، ويمكن قراءة الاستجابة السعودية إزاء تلك الاستراتيجية بشكل أوضح في عاصفة الحزم، الموقف الذي بدا في جزء منه احتجاجاً على تلك السياسة وأخذ زمام المبادة في اليمن بعد وضوح انحسار الدور الأمريكي.
•     عدم أهلية بعض الدول العربية في المواجهة المباشرة مع إيران، وانهيار منظومات حكم أخرى نتيجة ظروف ذاتية وموضوعية، ما دفع المملكة للمسارعة إلى مصر لمنع أي سقوط مماثل، وهنا ما يفسر دعم السعودية للدولة بغض النظر عن الحاكم، والذي مثل نقطة خلاف في السياسة الخارجية السعودية، وتحديداً مع بعض دول مجلس التعاون، وتغريد بعض منها خارج السرب الخليجي، ما يفسر أيضاً إنشاء مجلس أعلى استراتيجي بين المملكة وتركيا، معتمداً على الشراكات الاقتصادية والبحث عن عمق إسلامي(اقتصادي) في ظل الانحسار العربي.
•    توسع النفوذ الإيراني في المنطقة بعد موجة الربيع العربي (سوريا، العراق، اليمن) عبر مليشيات عسكرية مباشرة مرتبطة بإيران، ومحاولات لتشكيل خلايا نائمة لنسخة حزب الله في السعودية والكويت والبحرين، ما شكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي والخليجي.
•    توقيع الاتفاق النووي الإيراني وعودة إيران بموجبه إلى الساحة السياسية الدولية، وما قد يستتبعه من رفع عقوبات ستساهم في إعادة تأهيل الدور الإيراني اقتصادياً وسياسياً.
كل تلك المتغيرات دفعت بالسعودية إلى انتهاج استراتيجية قائمة على ضرورات المواجهة المباشرة مع إيران خارج حدود الدولة، خصوصاً وسط تعدد الملفات وساحات الصراع التي قد يترجم التصعيد المحتمل عبرها.

ثلاثية التصعيد واحتمالاتها المفتوحة

إن قراءة طبيعة الخلاف واحتمالية تصاعده وفقاً لساحات الصراع المتعددة التي تجمع القوتين، ومحاولة استشراف حدوده وارتداداته على الملفات العالقة في المنطقة، إنما يتم عبر تحديد ودراسة أدوات كل من الدولتين وما تستتبعه من فاعلية وتفرضه من أولويات، مقابل قراءة المناخات الدولية الإقليمية وما قد تسمح به من هوامش لتعزيز هذا الصراع أو لجمه. ومدى استيعاب كل من الدولتين لحدود سياسة الأخرى، وفقاً لتلك المناخات.

عسكرياً: زيادة الحديّة والتنافس   

يعد المجال العسكري فضاءً محتملاً لتصعيد الخلاف السعودي الإيراني، وذلك بحكم تعدد ساحات الصراع التي تجمع النفوذين بشكل مباشر، ومناخ الفوضى القائم على مزاحمة القوة العسكرية الدولية والإقليمية في المنطقة، وما فرضه هذا المناخ من متغيرات على الاستراتيجية العسكرية للقوتين

إيران (دولة ضمن الدولة)

 بعد وصول نظام الملالي إلى الحكم إثر ما تسميه طهران "الثورة الإسلامية" تم قولبة تصدير أهداف هذه "الثورة" دستورياً، وبناء عليه بدأت إيران باتباع استراتيجية المواجهة خارج حدود الدولة، ما استتبع سعياً حثيثاً لتشكيل أذرع عسكرية في المنطقة العربية، مستندة بذلك إلى عدة أبعاد (طائفي، سياسي، عسكري)، فكان أن وُجد حزب الله في لبنان وتم دعم الحوثيين في اليمن وفيلق بدر  وغيره في العراق، ومحاولات لتشكيل خلايا نائمة لنسخة حزب الله في السعودية والكويت والبحرين، مقابل تحالفها مع نظام بشار الأسد الذي اعتبرته عمقاً مهماً لاستراتيجيتها، تلك المليشيات والتحالفات أتاحت لطهران مجالاً أوسع لامتداد نفوذها في المنطقة، استناداً لتأمينها عدة نقاط، أهمها:

•    النفس الطويل في الصراعات. نتيجة لتركيبة هذه المليشيات العسكرية وارتباطها العضوي ببلدانها لدرجة ممارستها السياسة كجزء من تركيبة الحكم، وانتهاجها العسكرة وفقاً للاستراتيجية الإيرانية.
•    القدرة على التعطيل السياسي وفقاً للفاعلية العسكرية والأمنية التي تمتلكها تلك المليشيات في بلدانها.
•    الرد بشكل غير مباشر على السعودية نتيجة تعدد ساحات الصراع وامتداد الأذرع من خلالها.
•    استثمار هامش النقاط السابقة للعب دور إقليمي في أغلب ملفات المنطقة.
وإثر اندلاع الربيع العربي ووصول موجة الأحداث إلى سورية، كان أن اتبعت إيران سياسة التدخل المباشر (الحرس الثوري الإيراني) وتجميع كل أذرعها وميلشياتها في الجغرافية السورية (حزب الله، المليشيات العراقية، مليشيات أفغانية) مقابل خلق مجموعة جديدة من المليشيات (حزب الله السوري)، وتوسيع الدعم في العراق واليمن بشكل أكبر.

تلك الأدوات والأذرع الممتدة في أغلب الدول العربية أتاحت لإيران التمتع بمجال عسكري وفاعلية سياسية واسعة خارج حدودها، واستثمار هذا المجال لفرض نفسها كلاعب إقليمي دولي من الصعب تجاوزه. واليوم وبعد تنامي الخلاف السعودي الإيراني تعتبر كل تلك المجالات العسكرية هي ساحات محتملة لتصعيد الخلاف والرد، إلا أن الجغرافية التي تبدو أكثر احتمالية للتصعيد العسكري الإيراني، هي تلك المحاذية للحدود السعودية عبر الملف اليمني، خاصة مع احتمالية تعثر المسار التفاوضي، وذلك من خلال توسيع الدعم العسكري للحوثيين والاستمرار بالقصف المتقطع على المناطق الحدودية (جازان). بالمقابل قد لا تمثل سورية بالنسبة للإيرانيين مجالاً أوسع مما هي عليه للتصعيد العسكري، وذلك نتيجة لمحدودية الدور الإيراني في ظل النفوذ الروسي، الذي فرض نفسه كقوة على الأرض، مقابل استنزاف طهران لطاقتها العسكرية على مدار الخمسة أعوام الفائتة.

المملكة واستراتيجية الاستجابات

أما من جهة المملكة فلا تقوم استراتيجيتها العسكرية على المبادرة بالفعل  بقدر ما تمثله من استجابات على الأفعال الإيرانية في المنطقة، وهذا ما تمثل في وصول الحوثيين إلى صنعاء والاستجابة المباشرة عبر عاصفة الحزم، إضافة إلى دعم المعارضة السورية المسلحة نتيجة توسع النفوذ الإيراني على الأرض؛ لذا ففي الوقت الذي قد لا تشكل فيه الجغرافية السورية مجالاً واسعاً للرد الإيراني، فإنها قد تشكل تحدياً  لتصعيد سعودي واسع و مؤجل إلى أن تحسم نتائج المفاوضات المزمع عقدها في جنيف واختبار جدية الحل السياسي فيها؛ وذلك كون سوريا الساحة التي لم تستنفد فيها السعودية خيارات الدعم العسكري، إضافة لسعي المملكة لإعادة التوازن العسكري على الأرض بمسار داعم للمفاوضات المرتقبة، خصوصاً بعد التقدم الأخير الذي أحرزه النظام بدعم الروس. في حين تتمثل المواجهة الأكثر استراتيجية بالنسبة للملكة بدخولها في الملف العراقي بأدوات جديدة وفاعلية أكبر، وذلك بعد تدارس أهم الأخطاء الماضية التي وقعت فيها، كقبولها المالكي بدلاً من اياد علاوي الذي كان تكتله هو الأكبر برلمانياً كاستحقاق لرئاسة الحكومة العراقية، بالإضافة إلى تجاهل المعارضة العراقية "السنية" المنخرطة في العمل السياسي والمواجهة العسكرية لتنظيمات إرهابية كالميلشيات الشيعية وتنظيم الدولة.

سياسياً: تعزيز سياسة المحاور

 قد يشكل الفضاء السياسي الدولي والإقليمي مجالاً لتصعيد الخلاف السعودي الإيراني، خاصة ضمن التشكيل المنتظر لانبثاق نظام إقليمي جديد يتأثر بالضرورة بالنظام السياسي الدولي، ما ينذر بتصاعد هذا الخلاف سياسياً وفق مسار الحشد الإقليمي والدولي وإعادة رسم خارطة التحالفات، لتأمين غطاء سياسي واسع لأي تحرك مرتقب من قبل القوتين، ما قد ينتج عنه عدة أمور إلّا أنّ أهمها اثنان:
الأمر الأول: تعزيز سياسة المحاور في المنطقة، وفقاً لعدة مداخل أبرزها طائفي (سني، شيعي)، والذي ستحاول إيران الدفع باتجاهه، ضمن فلك وتحولات القطبية العالمية، ما سيترتب عليه تعقيد أكبر للملفات العالقة في المنطقة وزيادة حدة التجاذبات، الأمر الذي يشكل للسعودية تحدياً أكبر من إيران، كون الأخيرة تحالفاتها جاهزة وقديمة، أما السعودية فيترتب عليها أعباء سياسية ودبلوماسية واقتصادية كبرى في كسب (بازار)المواقف السياسية لبعض الدول "السنية"، التي تستغل هذا المناخ المتوتر ولا تعتبر نفسها دولة مواجهة مباشرة مع إيران (مصر، السودان، باكستان). 
الأمر الثاني: كما قد يترجم هذا الخلاف في عرقلة المفاوضات في اليمن، في حين لا تبدو المفاوضات المرتقبة في سورية مجالاً واسعاً للتعطيل وفقاً للفرض الدولي وما رشح من اجتماعات فيينا، بل وعلى العكس ستسعى السعودية إلى دعم المسار السياسي للحل ومحاولة ضبط العملية التفاوضية في سبيل إحراج الجانب الإيراني ووفد النظام، بالمقابل فإن الإيرانيين لن يسعوا إلى إفشال ما أحرزه النظام بالتعاون مع الروس من تقدم عسكري، سيسعى الطرفان لتحويله إلى مكاسب سياسية خلال العملية التفاوضية.  في حين سيمثل مسعود البرزاني في العراق مجالاً حيوياً لسعي القوتين لاستثماره.

اقتصادياً: (عض الأصابع)

 يعد المجال الاقتصادي إحدى السياقات المحتمة لتصاعد هذا الخلاف، خصوصاً مع قرار وكالة الطاقة الذرية بأن إيران التزمت بالبنود الواقعة عليها في الاتفاق النووي. ما يستدعي رفع الولايات المتحدة وأوروبا للعقوبات الاقتصادية عن طهران. الأخيرة التي يبدو أنها لن تستفيد اقتصادياً من كسر العزلة الدولية في الحد الذي كانت تطمح إليه، خاصة وسط الخلاف مع السعودية وانخفاض أسعار النفط العالمية؛ ما سيجعل هامش التحرك الاقتصادي لإيران ضمن هذا الصراع محدوداً وفقاً لعدة معطيات، أبرزها؛ انخفاض أسعار النفط، والذي سيمثل تحدي "عض الأصابع" بالنسبة للقوتين ضمن هذا الصراع، فدول مجلس التعاون وعلى رأسها السعودية تلقت خسارة هائلة جراء انخفاض أسعار النفط، الخسارة ذاتها التي طالت إيران، ولكن دول مجلس التعاون تعول في هذا المجال على عدة ميزات لا تمتلكها إيران، أبرزها؛

•    ما تمتلكه دول المجلس من "صناديق سيادية" كفيلة بسد عجز الميزانية الناجم عن انخفاض أسعار النفط.
•    امتلاك دول الخليج في هذا المجال أقل كلفة إنتاجية لبرميل النفط في العالم.
•    استمرار دول مجلس التعاون وعلى رأسها السعودية بالمحافظة على المستوى الحالي من إنتاج النفط، وعدم تخفيضه، الأمر الذي يبقي أسعار النفط في مستوى منخفض.

لذلك فإن طهران المنهكة بفعل العقوبات الاقتصادية أساساً والمستنزفة في سورية واليمن اقتصادياً قبل عسكرياً، لا تمتلك قدرة دول مجلس التعاون وعلى رأسها السعودية على امتصاص صدمة أسعار النفط، ما يضع إيران في مواجهة عدة أزمات محتملة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ولعل أبرزها:

أولاً: سيجعل انخفاض أسعار النفط على المدى القصير والمتوسط من رفع العقوبات الاقتصادية غير ذي جدوى بالنسبة للإيرانيين، وذلك كون سوق النفط مشبع والعرض أكبر من الطلب، حيث سيساهم دخول النفط الإيراني إلى الأسواق في زيادة المعروض، وبالتالي انخفاض أكبر لأسعار النفط.  أي أن إيران ستبيع من إنتاجها ولكن بشكل محدود جداً.
ثانياً: احتمالية وقوع الميزانية الإيرانية في عجز مفتوح يزداد مع انخفاض أسعار النفط، خصوصاً أن طهران أعدت ميزانيتها لعام 2016 على أساس سعر 40$ لبرميل النفط، والذي انخفض في فترة إعداد هذه الدراسة إلى أقل من28$ للبرميل الواحد، وذلك قبل ضخ النفط الإيراني إلى الأسواق، مع العلم أن صادرات النفط والغاز تشكل ثلاثة أرباع ما تصدره إيران، والتي تتراوح نسبة مساهمتها ما بين 70 %و75% من الإيرادات الحكومية. الأمر الذي قد يدفع طهران لاتباع سياسات تقشفية، ستحمل ارتدادات حتمية على اقتصادها.
ثالثاً: إن انخفاض أسعار النفط سينسحب على الغاز الذي يقوم سعره على أساس النفط، الأمر الذي قد يخفف هواجس دولة قطر من التحضيرات الإيرانية لرفع العقوبات، والتي سبقتها طهران بمشروعي تطوير حقل(بارس) الحدودي مع قطر لزيادة إنتاجه والاستعداد للتصدير، حيث يقع 40% منه في إيران و60% في قطر، يساهم في ذلك إيقاف السعودية وروسيا وأمريكا للطموحات الإيرانية في مد أنابيب غاز تنطلق من عمان إلى الهند وباكستان، إضافة لإنشاء المجلس الاستراتيجي الأعلى مع تركيا، والذي قد يشكل فرصة لدول الخليج في قطع الطريق على الطموحات الإيرانية بمد أنابيب لتصدير غازها إلى أوربا عبر تركيا.
بالمقابل فإن رفع العقوبات عن إيران سيتيح لها استعادة الأرصدة المجمدة في البنوك الدولية، والتي تقدر 100-150 مليار دولار أمريكي، إضافة لاحتمالية تحركها في هامش القروض الدولية، مما يساهم في دعم اقتصادها الداخلي، وقد يعزز من قدرتها على دعم ميليشياتها العسكرية.  في حين قد تزيد تلك الضغوطات من شراسة إيران في الدفاع عن نظام بشار الأسد كممر وحيد لتصدير غازها عبر أنبوب الغاز الإسلامي المار عبر العراق إلى سورية ومنها عبر المتوسط إلى قبرص. والذي يُخضع الغاز الإيراني لشروط الدب الروسي صاحب النفوذ الجديد في الساحل السوري، والمتربع على عرش الغاز في العالم.

دول الطوق الجديدة

ضمن سياسات إيران الثابتة في المنطقة العربية وتمدد نفوذها وما يرافقه من متغيرات دولية وإقليمية؛ تبدو مؤشرات واحتمالات تصاعد المواجهة مع السعودية كبيرةجداً في كل ساحات الصراع التي تجمع القوتين، وقد تصل إلى مناوشات في مياه الخليج، الذي أيقن بعضه وعلى رأسه السعودية أن المواجهة المباشرة لهذا النفوذ، وإن كانت مؤجلة فلابد منها.

بالمقابل فإن تحسين التموضع بالنسبة للملكة العربية السعودية ضمن هذا الصراع، يتوقف على حسن إدارتها له على المدى البعيد، وسط إدراكها للتهديد الحقيقي  للأمن القومي الخليجي وضرورة حمايته، الأمر الذي لا يمكن أن يتم بمعزل عن قضايا المنطقة وملفاتها، وخصوصاً في ظل إنتاج نظام أمن إقليمي جديد، فخسارة  السعودية المحتملة ضمن هذا الصراع لن تكون ناتجة عن قوى إيرانية، بقدر ماهي حصيلة غياب مشروع عربي نهضوي استراتيجي، يتطلب من دول مجلس التعاون الخليجي هذه المرة مع بعض الدول الإسلامية (باكستان، تركيا) لعب دور دول الطوق الجديدة بكل ما يحمله  الاصطلاح من معنى. وهو الذي أطلق في ستينيات القرن الماضي على بعض الدول العربية التي تطوق إسرائيل (سوريا، لبنان، مصر، الأردن) واستدعى استراتيجية واضحة للمواجهة، فلابد لدول الخليج اليوم من إحكام استراتيجيتها وفقاً لتحالفات دول الطوق الجديدة، حيث يترتب العبء الأكبر خلال هذا الدور على دول مجلس التعاون وعلى رأسها السعودية في مواجهة النفوذ الإيراني، وإدارة هذا الصراع وفق معطيات وأدوات المواجهة المباشرة على مستوى كل الملفات العالقة، والتي تستدعي استراتيجية محكمة على عدة مستويات، لعل أهمها:

•    توحيد الرؤية الخليجية وتحديداً السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون إزاء الملف السوري والملف المصري في المواجهة مع إيران، كون الخطر الإيراني اليوم يهدد كامل دول مجلس التعاون، وهذه الرؤية الموحدة تقع مسؤوليتها بالدرجة الأولى على عاتق المملكة العربية السعودية.
•    توزيع الأدوار ضمن هذا الصراع بين دول مجلس التعاون الخليجي بشكل واضح، واتباع استراتيجية "دول الطوق"، والتي تتضمن قطع العلاقات بشكل كامل (الدبلوماسية، التجارية)، تجريم التعامل مع إيران، الإبقاء ضمن هذه الاستراتيجية على عمان كدولة حيادية لهامش التفاوض، السعي لإدراج كافة أذرع إيران العسكرية على قوائم الإرهاب العربية والعالمية.
•    العمل على إعادة الملفات الإيرانية إلى مجلس الأمن والتصعيد الدولي مع إيران في كل الملفات العالقة، كملف الجزر الإماراتية، ودعم ملف حقوق الإنسان داخل إيران (قضايا الأحواز)، ورفع ملف انتهاكات المليشيات الإيرانية وعلى رأسها الحرس الثوري في الدول العربية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
•    قطع الطريق على إيران لإشعال الوضع الداخلي في دول مجلس التعاون (ملعب إيران) وذلك عبر؛ دعم الشيعة العرب والمناهضين لولاية الفقيه، كضرورة استراتيجية لتصفية أي مظلومية تشكل مدخلاً للنفوذ الإيراني.
•    استخدام خطاب قومي وطني عربي مشابه لخطاب العراق أثناء الحرب مع إيران يفصل بين إيران والشيعة، حيث كان حينها غالبية من يقاتل في الجيش العراقي هم من الشيعة العراقيين، مقابل عدم استخدام الخطاب الطائفي.
•    الاستعداد لأي تصعيد عسكري محتمل وتحديداً بحري في مياه الخليج عبر إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين دول مجلس التعاون ودول التحالف الإسلامي، الذي أعلنت السعودية عن تشكيله، إضافة لتدعيم درع الجزيرة.
•    توحيد إمكانيات دول الخليج مع الموقف التركي للوصول إلى رؤية واضحة قادرة على مجابهة التطورات التي أحدثها التدخل الروسي في سوريا، عسكرياً ودبلوماسياً، ما يستوجب تغيير نهج المملكة وأدواتها في التعاطي مع الملف السوري.
•    دعم المملكة للمعارضة العراقية "السنية المعتدلة" وللتيارات الشيعية "العلمانية"، الذين يمتلكون مشروعاً وطنياً خالصاً وقدرة كامنة لمواجهة التطرف والإرهاب، وإسنادهما بكافة أدوات الفاعلية الممكنة للدخول وبقوة في المشهد السياسي والعسكري العراقي.
•    ربط الدعم السعودي لجمهورية مصر العربية بمواقف سياسية تتخذها الأخيرة تجاه سورية والعراق تنقلها من التموضعات الرمادية إلى الفاعلية والاتساق مع السياسات الداعمة للتغيير والتمكين المجتمعي.

بقدر ما يشكله هذا الصراع من مخاطر على السعودية ودول الخليج؛ إلا أنه يحمل معه فرصاً كبيرةً كامنة لإعادة تحسين تموضع على مستوى المنطقة، وتلافي أخطاء ارتكبت على مر عقود، حيث أن ما يحدث اليوم ما هو إلا مواجهة مؤجلة، ناتجة عن إهمال الملف الإيراني، وامتداد نفوذ الأخير ليسقط أربع عواصم عربية ويصل إلى الحدود السعودية، فنجاحات إيران ماهي إلا إخفاقات سياسية عربية خليجية وغياب استراتيجية حقيقية.

التصنيف أوراق بحثية

عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ندوة بحثية بعنوان "تداعيات الاتفاق النووي الإيراني على سورية والمنطقة"، وذلك في يوم السبت 5 أيلول/ سبتمبر الجاري، في مدينة استانبول التركية.

وشارك بالندوة نخبة من الباحثين المتخصصين في الشأن الإيراني، والعلاقات الدولية، إضافة إلى نخبة من الباحثين المهتمين بمتابعة المتغيرات الإقليمية وأثرها على الشرق الأوسط.

افتتحت الندوة بترحيب المدير التنفيذي لمركز عمران الدكتور عمار قحف بالسادة الحضور والمشاركين، مستهلاً بداية الندوة بإدارة الجلسة أولى التي شارك فيها الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية الأستاذ علي باكير بورقة بحثية بعنوان "الاتفاق النووي الإيراني وفرص الاستمرار من منظور دولي"، حاول فيها الإجابة على سؤال " هل سيصمد الاتفاق النووي الإيراني؟" من خلال اعتماده على عدّة عناصر منها "توجهات الرئيس الأمريكي القادم، وبنية الاتفاق النووي نفسه"، ليرجّح أ. باكير في نهاية ورقته عدّة مسارات قد تتبع إيران بعضها فيما يتعلق بمصير الاتفاق، ومنها الالتزام به، مع خروقات بسيطة متدحرجة مع الزمن إلى حين انتفاء الدافع الأساسي للتوقيع عليه، ومن ثم التخلي عنه، أو الالتزام به وتطوير مسار سرّي موازٍ له.

تلت الأستاذ باكير في الجلسة الأولى الباحثة المتخصصة بالشأن الإيراني الدكتورة فاطمة الصمادي بورقة بحثية حملت عنوان " قراءة في الاتفاق النووي من منظور إيراني"، لتنطلق في مستهلها بفرضية مفادها أن لا اجماع بين المؤسسات السياسية في إيران على قبول الاتفاق النووي وإقراره، لتتوصل في ختام ورقتها إلى خلاصة أنه إن كان الاتفاق يهدف بالفعل إلى تغيير المعادلة السياسية داخل إيران فإن البلاد ستشهد تنافساً بين الأجنحة السياسية لتوظيف تأييد الاتفاق أو معارضته لتعزيز المكانة السياسية أو خلخلتها للطرف المنافس لدى الناخب الإيراني، وسيظهر ذلك واضحاً في الانتخابات البرلمانية التي ستجري العام القادم، مضيفة أنّه مع التوجه الملحوظ للشركات الغربية نحو السوق الإيراني، وخاصة في قطاعي النفط والغاز، فسيكون الاقتصاد والاستثمار الخارجي ملفًّا للصراع والتنافس بين التيار الأصولي من جهة وتيار الاعتدال من جهة أخرى.

أما الجلسة الثانية فكانت من إدارة الدكتور سنان حتاحت، مقدماً فيها الباحث المتخصص في العلاقات الدولية الدكتور مروان قبلان ورقة مشاركة بعنوان "أثر الاتفاق على توازن القوة في المشرق العربي"، قال فيها أنّ ما يؤزّم المشاكل العربية مع إيران ليس بالأساس الاتفاق النووي، لأن قوة إيران التي تستخدمها ضد العرب ليست بالسلاح النووي نفسه، إنّما بتدخلها في مجتمعاتنا العربية، وتفكيكها على أسس طائفية متحاربة.

وأضاف د. قبلان قائلاً: "إن صواريخ إيران البالستية هي أخطر على العرب من سلاحها النووي، في حين أنّ منظومة إيران للطيران متهالكة، حيث أنّ الدّولة تعيش حصاراً منذ 30 عاماً".

تلاه الدكتور أنصار نشانجي بورقة أخرى حملت عنوان " تداعيات الاتفاق النووي على توجهات تركية المستقبلية".

فيما تولى الباحث معن طلَّاع إدارة الجلسة الثالثة التي عرض فيها الدكتور جمال نصار ورقة بحثية بعنوان "تطور العلاقات المصرية الإيرانية ومآلاتها بعد الاتفاق النووي"، أوضح فيها التقارب الواضح في وجهات النظر بين البلدين حول الملف السوري، مؤكّداً أنّ الدافع لهذا التقارب هو موقف السيسي السلبي من تيار الإسلام السياسي، المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين، إضافة للمصلحة الاقتصادية التي ربما يحققها السيسي من هذا التقارب، وخصوصًا في مجال الطاقة.

وخلصت الورقة إلى أن هناك ثلاثة سيناريوهات تحكم هذه العلاقة، وهي "التقارب المشروط مع نظرة دول الخليج، التقارب عبر وسيط، من خلال روسيا لتحقيق مصالح اقتصادية، أما السيناريو الثالث فهو عدم التقارب، حتى لا تؤثر على علاقة السيسي مع إسرائيل"، خاتماً ورقته بترجيح السيناريو الثاني، لحاجة مصر الملحّة لمصادر جديدة للطاقة.

تلى الدكتور نصّار في ذات الجلسة، مشاركة الأستاذ عارف كسكين بورقة حملت عنوان "الحسابات الكردية بعد الاتفاق النووي".

اختتم مركز عمران ندوته البحثية بجلسة رابعة أدارها الدكتور مازن هاشم. مقدماً فيها نائب المدير التنفيذي لمركز عمران الدكتور سنان حتاحت ورقة بحثية بعنوان " أثر الاتفاق النووي على التموضع الإيراني في الملف السوري"، حيث استهل د. حتاحت ورقته بالحديث عن أسباب وأهداف وآليات تدخل إيران في سورية، ثم تبعها بتقييم واقعية فرضيات هذا التدخل، وصولا لاختتام الورقة بعرض انعكاسات الاتفاق النووي على أوضاع نظام الأسد، مقدما سبل عرقلة الأداء الإيراني في سورية.

ومن الجدير بالذكر أن الندوة اعتمدت أسلوب المناقشة والتعقيب بعد عرض الباحثين لأوراقهم في جلسات الندوة الأربعة، كما حضرها شخصيات مهمة كان لها الأثر الكبير في الإثراء المعرفي للندوة من خلال المداخلات التي عملت على إنجاح الندوة وأثارت جو من التفاعل ضمن القاعة، وسط تغطية عدد من القنوات الإعلامية للندوة.

التصنيف الفعاليات

يحلّل الخطاب الدولي الذي يتدثّر بعبارة الحل السياسي ولكنه لا يقدّم مداخل عملية تحظى بصدقية لدى الشعب ولا تدعم وجود نظام دمشق.

التصنيف أوراق بحثية

تعاني السياسات الأمريكية والروسية اضطراباً في السلوكيات وبراغماتيةً في الغايات والطموحات الدولية تجاه المشرق العربي بحكم العامل المحلي لكل منهما، وقد أفرزت هذه السياسات جنباً إلى جنب مع المتغيرات الدخيلة ذات التداعيات الجيوسياسية تسارعاً وسيولة في الأحداث، الأمر الذي يجعل قوى المعارضة السورية تبحث عن فرص كامنة من شأنها تحسين تموضعها السياسي والعسكري

التصنيف الدراسات