الفعاليات

عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، أحد مؤسسات المنتدى السوري، ووحدة المجالس المحلية، ندوة حوارية بالتعاون مع مكتب الائتلاف الوطني السوري في اعزاز، بعنوان "مشهد العملية السياسية في سورية والمطلوب وطنياً"، وذلك في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 في مقر الائتلاف بمدينة اعزاز، سورية.

تركزت محاور الندوة على قراءة مشهد العملية السياسية والواقع الميداني المحلي، وتعزيز مساحات العمل الوطني المطلوب. حضر الندوة عدد من منظمات المجتمع المدني وممثلي الهيئات السياسية ومجالس المحافظات إضافة لهيئات حكومية محلية ورئيس الائتلاف والامين العام واعضاء في الهيئة السياسية.

هدفت الورشة إلى تعزيز الحوار بين الفاعلين المحليين والمجتمعيين والسياسيين لاستكشاف المساحات الوطنية المفقودة للتأثير في العملية السياسية محلياً ووطنياً.

التصنيف الفعاليات
الخميس, 29 كانون1/ديسمبر 2016 17:42

مشهد ما بعد غياب المجالس المحلية في سوريا

شكلت المجالس المحلية القائمة في مناطق سيطرة فصائل المقاومة الوطنية أحد العناصر الرئيسية المتضمّنة في أطروحات الحل السياسي المجمّد، وفي الترتيبات المرافقة لاتفاقيات التفاوض المحلي الجارية، إلا أن حضورها فيما سبق تراوح بين القبول بها أو رفضها ولكل اعتباراته في ذلك، حيث ينطلق موقف الدول والمنظمات المؤيدة لإشراك المجالس المحلية للمعارضة في الترتيبات السياسية المحلية منها وعلى المستوى الوطني، من اعتبارات واقعية مفادها توظيف المجالس كإحدى آليات التدخل للتعامل مع الاحتياجات الطارئة للمجتمعات المحلية، وبالشكل الذي يخفف من حدة المأساة لا إلغائها من جهة، وكرافعة للحل السياسي على المدى البعيد لما تحوزه من كمون نابع من شرعيتها التمثيلية من جهة أخرى.

على الرغم من تلك الأهمية التي تحوزها المجالس، لا تقوم الدول والجهات المانحة بما يتوجب عليها لتقوية المجالس من حيث دعمها وإسباغ الشرعية القانونية عليها واعتمادها كقناة مركزية للتعامل مع المجتمعات المحلية، بل يلجأ بعض أنصار هذه المقاربة إلى إضعاف المجالس لصالح كيانات موازية أو تحويلها لمجرد وكلاء محليين، وكأنهم بذلك يفصحون عن مخاوفهم من تحول المجالس إلى فاعل مركزي لا يمكنهم السيطرة عليه، ليغلب على موقف هذا التيار بشكل عام احتواء المجالس وإبقاؤها تابعةً لا مستقلة، ومنفذةً فقط لا مبادرة.

بالمقابل يرفض النظام وحلفاؤه فكرة المجالس المحلية الشرعية انطلاقًا من إدراكهم للتهديد الذي تمثله على مصالحهم وسرديتهم، فمن جهة تعتبر المجالس المنتخبة والمعبرة عن إرادة مجتمعاتها ثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى في التاريخ السوري الحديث، من حيث إنها تؤسس لشرعية حقيقية عبر تمكين السوريين من ممارسة حقهم المشروع في الانتخاب والترشح الحر والرقابة والنقد لأعمال المؤسسات العامة، وهو ما كان مغيبًا عن السوريين منذ استلام البعث للحكم وبالتالي كسر ادعاء النظام تمثيلَه للسوريين وإعادة إنتاج النظام السياسي والمجتمعي وفق قواعد جديدة مدنية وديمقراطية، الأمر الذي يدرك النظام خطورته على المدى البعيد.

كذلك تبقي المجالس الظاهرة المدنية للثورة متقدةً من حيث مساهمتها في إنعاش الحاضنة الشعبية المؤيدة للحراك الثوري بما تقدمه من خدمات تحول دون لجوء السكان إلى خيارات النزوح أو الهجرة أو التطرف بحثًا عن متطلبات المعاش اليومية، وبالتالي نسف سردية النظام وحلفائه بأن ما يواجهونه في سورية هو فقط إرهاب.

انطلاقًا مما سبق، يرفض النظام التعامل مع المجالس المحلية باعتبارها منظومة واحدة، وإن اضطر للتعامل معها أحيانًا فضمن اعتبارات الواقعية ليس إلا، وباعتبارها فاعلًا ثانويًا من جملة فاعلين محليين آخرين، أما الموقف الثابت للنظام فهو نسف فكرة المجالس بأدوات عسكرية وسياسية، حيث رفض النظام عبر وزير خارجيته مقترح الإدارة الذاتية في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المقاومة الوطنية المتضمن بقاء المجلس المحلي لمدينة حلب ومجالس الأحياء قائمة، كما أكد في اتفاقيات التفاوض المحلي التي يديرها حلفاؤه نيابةً عنه على أولوية حل هياكل الحوكمة المحلية، وترحيل كوادرها لمناطق أخرى كما حدث في داريا والمعضمية وقدسيا والهامة وحلب وغيرها من المناطق التي شملتها اتفاقيات التفاوض المحلي.

ومما يؤكد تعمد النظام وحلفاؤه نسف فكرة المجالس استهدافهم مقراتها وقياداتها بعمليات القصف الجوية المكثفة، التي يؤكد الخبراء العسكريون غياب البعد العملياتي العسكري لها وارتباطها بأهداف تخريبية بهدف زيادة الضغط على هياكل الحوكمة المحلية بالشكل الذي يضعف استجابتها تدريجيًا ويغيبها عن المشهد المحلي بالضرورة، أمام هذا الواقع المحكوم بين مقاربة لا تمنح المجالس مَنَعَةً وأخرى تريد إلغاءها، يطرح التساؤل التالي عن مآل المشهد المحلي بعد غياب هياكل الحوكمة المحلية.

للأسف لم تتم إثارة هذا التساؤل في خضم تداول نكسة حلب، حيث تركز النقاش على الجانب العسكري وعلى حسابات القوى الإقليمية والدولية التي قادت لهذه الخسارة، كما لم يتم التطرق إليه في معرض استشراف المرحلة المقبلة وخياراتها المتاحة.

وفي هذا الصدد يمكن القول إن غياب المجالس المحلية الشرعية سيضعف من الحالة المدنية للحراك الثوري، ويدفع بالكثيرين الفاقدين الأمل بالبدائل المدنية للجنوح إلى التطرف، كما من المتوقع أن يفضي غيابها إلى تصاعد موجات النزوح والهجرات داخل الجغرافية السورية وخارجها بحثًا عن الأمن ومتطلبات المعاش اليومية، وهو ما سيلقي بأعبائه على دول الجوار القريب وحتى على النظام نفسه، الفاقد للقدرة وللإمكانيات لإدارة شؤون السكان وتوفير احتياجاتهم الأساسية.

وبالتالي يمكن القول إن غياب المجالس المحلية سيؤدي إلى تعميق حالة الفوضى المحلية التي لا يملك أحدٌ القدرة على التنبؤ بمساراتها المستقبلية.

انطلاقًا مما سبق وأمام ما يفرضه علينا واجبنا تجاه سورية فإننا مطالبون كسوريين مؤمنين بالتغيير، بالحفاظ على المجالس المحلية ودعمها لأنها ما تبقى لنا من جمالية الثورة، وأملنا في الحفاظ على جذوتها متقدةً، وهي حصنها الأخير المتبقي لها بعدما طغت عليها الفصائلية المقيتة والتفرق ولم ينصت أيٌ لكلمة الحق أن توحدوا أو ارحلوا.

التصنيف مقالات الرأي

لكي تمارس المجالس الدور المرجو منها حاليًا وفي المرحلة الانتقالية فإنها بحاجة إلى مقومات العمل الضرورية وفي مقدمتها توفر التمويل واستقراره، فبقدر ما تتوافر للمجالس موارد مالية متنوعة ومستقرة، فإنها تتمكن من أداء مهامها وترسيخ مكانتها في المجتمع المحلي كجهة مركزية في توفير الخدمات للسكان المحليين، في حين أن غياب الاستقرار المالي يجعل المجالس مهددة بالتوقف عن العمل أو تقليص حجم دورها في إدارة مجتمعاتها المحلية، الأمر الذي يفتح المجال أمام قوى أخرى لا تعبر بالضرورة عن مصالح المجتمع المحلي ككل للتدخل وأخذ زمام المبادرة.

منذ أن انبثقت تجربة المجالس المحلية في المناطق غير الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد وهي تخضع لدراسات وبحوث معمقة حول نشأتها ودورها وواقعها الراهن وما يمكن أن تؤديه في المرحلة الانتقالية، وغني عن البيان القول بأن المجالس أصبحت إحدى المسلمات الأساسية التي يستدعيها الحل السياسي للأزمة السورية باعتبارها أحد أبرز الفاعلين المنفذين لتفاصيل الاتفاق السياسي المنتظر، إن كان على المستوى المحلي أو الوطني وبغض النظر فيما إذا كانت سورية دولة موحدة تدار من خلال اللامركزية الإدارية الموسعة، أو من خلال فيدرالية تحكمها وحدات سياسية محلية.

ولكي تمارس المجالس الدور المرجو منها حاليًا وفي المرحلة الانتقالية فإنها بحاجة إلى مقومات العمل الضرورية وفي مقدمتها توفر التمويل واستقراره، فبقدر ما تتوافر للمجالس موارد مالية متنوعة ومستقرة، فإنها تتمكن من أداء مهامها وترسيخ مكانتها في المجتمع المحلي كجهة مركزية في توفير الخدمات للسكان المحليين، في حين أن غياب الاستقرار المالي يجعل المجالس مهددة بالتوقف عن العمل أو تقليص حجم دورها في إدارة مجتمعاتها المحلية، الأمر الذي يفتح المجال أمام قوى أخرى لا تعبر بالضرورة عن مصالح المجتمع المحلي ككل للتدخل وأخذ زمام المبادرة.

وضمن هذا السياق، فقد أكدت أغلب نتائج الدراسات ذات الصلة، مركزية إشكالية التمويل التي تعاني منها المجالس المحلية، ومنها ما أصدرته منظمة اليوم التالي ضمن دراسة مسحية بعنوان "المجالس المحلية في عيون مجتمعاتها" جاء فيها، أن أربعة مجالس من أصل خمسة شملهم المسح البياني قد وضعت التمويل في مقدمة المشاكل التي تواجهها، وتعتبر هذه النتيجة واقعية في ظل ما تواجهه المجالس من عجز مالي ناجم عن ضعف استقرار الإيرادات المالية من جهة وصعوبة ضبط النفقات - لاعتبارات عديدة تتعلق بالوضع الأمني وحجم الأزمات الخدمية التي تحتم على المجالس لعب دور فيها - من جهة أخرى.

وإن كانت المجالس تتباين من حيث تنوع مواردها المالية واستقرارها فإنها لا تخرج عن مصدرين رئيسين هما، الدعم الخارجي بشكليه العيني والمادي الذي تقدمه الجهات المانحة إضافة إلى الدعم المقدم لها من قبل هيئات المعارضة الرسمية كالائتلاف والحكومة السورية المؤقتة، وإن كان قد تضاءل إن لم يكن اختفى كليًا نتيجة العجز المالي الذي تشهده هذه المؤسسات، يضاف إلى ما سبق الدعم المادي الذي يوفره الأفراد والقوى المحلية العسكرية منها والمدنية لتلك المجالس.

وإلى جانب الدعم الخارجي فقد تمكنت المجالس من توفير موارد ذاتية شملت الضرائب والرسوم المحلية وما تحقق لها من عائدات المشاريع التنموية التي أسستها، علمًا أن المجالس قد حققت نجاحات لا يمكن إنكارها على صعيد تنمية مواردها الذاتية خصوصًا على صعيد الجباية المحلية التي بدأت كتجربة خجولة في 2014 في حلب وإدلب لتعمم تدريجيًا على بقية المجالس القائمة في مناطق سيطرة فصائل المقاومة الوطنية، وإن كانت ما تزال تواجه تحدياتٍ تحول دون بلوغها المستوى المأمول في تمويل المجالس، إلا أنها وبدون شك خطوة تحسب لها.

ما يلفت الانتباه في الدراسة التي أصدرتها منظمة اليوم التالي، ميل العينة لتأييد تمويل المجالس المحلية مؤقتًا من الخارج، وفي الوقت الذي يمكن تبرير هذه النتيجة بضعف الثقة في الآليات المتبعة من قبل المجالس لتنمية مواردها الذاتية والنتائج المتحققة عنها من جهة - علمًا أن ذلك يحتاج إلى وقت طويل وبيئة مستقرة وتفاعل مجتمعي إيجابي مع جهود المجلس -، والرغبة في حلول سريعة تحقق الاستقرار المالي لها من جهة أخرى، إلا أنه يجب التنويه إلى مخاطر استمرارية اعتماد المجالس على الدعم الخارجي، إذ إنه يفتح الباب أمام تبعيتها للجهات المانحة التي تنفذ برامجها الخاصة والتي قد لا تتوافق بالضرورة مع أولويات المجتمعات المحلية، أي تحوّل المجالس إلى وكلاء محليين مرتبطين بأجندات خارجية سواءً كانوا يعون ذلك أم لا، علاوة على تقويض الجهود التنموية التي تقودها المجالس لتعزيز مواردها الذاتية.

أمام هذا الواقع ولكي نحمي مشروع المجالس المحلية من عبث أيادي الخارج وتفويت الفرصة على الطامعين فيها ممن يريدون تحويلها إلى مجرد واجهات لمصالحهم أو وكلاء محليين لسياساتهم، ولكي نحفظها بعيدًا عن التدخلات التي يمكن أن تقوض تجربتها، ولنعزز دورها واستقلاليتها حاليًا وعلى المدى البعيد، فإن الدعوة موجهة لتضافر جهود القوى الوطنية من أجل دعم المجالس بما يضمن تفعيل مواردها الذاتية بالشكل الذي ينعكس إيجابًا على المجتمع المحلي، هي دعوة لإبقائها أملًا للسوريين فهي أجمل ما أفرزته الثورة، وهي مستقبلنا الذي نسعى أن نحقق من خلاله مطالبنا التي خرجنا لأجلها بالحرية والكرامة والعدالة.

التصنيف مقالات الرأي

ترتبط قناعة الكثير من المجالس المحلية بمركزية دورها في مجتمعاتها إلى حد كبير بموقف الناس من المجالس المحلية والدور المركزي والفريد الذي تلعبه كون أن خياراتهم تجاه الاحتياجات التي تلبيها الإدارات المحلية أو مايوازيها من هيئات مدنية مرتبطة بالبنى العسكرية هي خيارات ضيقة ولا يمكن لمنظمات المجتمع المدني ولا الهيئات المجتمعية الأخرى أن تحل محلها، ولا يمكن حتى للبنى الإدارية التابعة للنظام أن تقوم مقامها. على الأقل فيما يميز هذه البنى من القدرة على تمثيل المجتمعات المحلية وما يحمله ذلك من توفير ديناميات مؤسسية وغير مؤسسية من خلال المجالس المحلية نفسها وما تتيحه من فضاءات للحوار والمساءلة أو من خلال الهيئات والمرجعيات المجتمعية التقليدية، تمكن هذه المجتمعات من ممارسة الدور الرقابي وتوجيه المجالس المحلية لتكون أكثر تشاركية وشفافية وتعبيراً عن متطلبات وآمال المجتمعات المحلية.

أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مطلع العام الحالي على 105 مجلساً محلياً على امتداد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وتنظيم الدولة والقوى الكردية، توجهاً متزايداً إلى اعتمادية المجالس المحلية كجهة مركزية في تقديم الخدمة وإدارة فعاليات المجتمع المحلي، حيث عبر 41 % من العينة عن اعتقادهم بأن للمجالس دور مركزي ضمن الحيز الإداري لعملها فيما ذهب 50 % بالمئة منهم إلى اعتبار مجالسهم الجهة الوحيدة التي تضطلع بالأدوار الإدارية والخدمية.

ورغم أن هذه النتيجة نابعة من نظرة المجالس المحلية لنفسها ودورها في مجتمعاتها إلا أنه لا يمكن فصل تلك النظرة عن انطباع الناس تجاه دور المجالس المحلية كون أن خياراتهم تجاه الاحتياجات التي تلبيها الإدارات المحلية أو ما يوازيها من هيئات مدنية مرتبطة بالبنى العسكرية هي خيارات ضيقة ولا يمكن لمنظمات المجتمع المدني ولا الهيئات المجتمعية الأخرى أن تحل محلها، ولا يمكن حتى للبنى الإدارية التابعة للنظام أن تقوم مقامها. على الأقل فيما يميز هذه البنى من القدرة على تمثيل المجتمعات المحلية وما يحمله ذلك من توفير ديناميات مؤسسية وغير مؤسسية من خلال المجالس المحلية نفسها وما تتيحه من فضاءات للحوار والمساءلة أو من خلال الهيئات والمرجعيات المجتمعية التقليدية، تمكن هذه المجتمعات من ممارسة الدور الرقابي وتوجيه المجالس المحلية لتكون أكثر تشاركية وشفافية وتعبيراً عن متطلبات وآمال المجتمعات المحلية.

يعبر مصطلح المجالس المحلية عن الإدارات المحلية سواء أكانت مجالس محافظات أو ما يتفرع عنها من مجالس فرعية أو لجان أحياء ولعل أبرز ما يعلل حيازة المجالس المحلية لهذه الاعتمادية من قبل مجتمعاتها المحلية، حاجة السكان الأصيلة لأدوار الدولة ضمن مستويات اللامركزية وذلك من حيث تقديمها للخدمات أو الرقابة على الجهات الموفرة لها من منظمات وجهات خاصة ضمن آليات الرقابة المجتمعية التي توفرها مؤسسة المجلس المحلي، إضافة إلى إدارة الموارد الذاتية المتوفرة ضمن المنطقة  أو الموارد الخارجية، بما يعود بالنفع العام على أفراد المجتمع من خلال ضخ عائداتها وفق خطط المكتب التنفيذي للمجلس  المصادق عليها من قبله وضمن موازناته المعلنة ، وهي مسؤوليات لاتزال المجالس المحلية بمجموعها عاجزة عن تحملها  إذا ما أضفنا إليها أهمية لعب المجالس المحلية دوراً مفصلياً في عملية التنمية والتنمية المستدامة إذ تظهر الدراسة المشار إليها قصور واضح في قدرة المجالس المحلية على القيام بأدوار رئيسية في إقامة مشاريع تنموية واقتصار دورها في أغلب الأحيان على التنسيق مع الجهات الداعمة، فيما تحكم قدرة هذه المجالس على القيام بمسؤوليتها هذه عدة عوامل أبرزها حيازتها للسلطة التنفيذية المحلية وحيازة كوادرها على مستويات عالية من الكفاءة الإدارية والتأهيل المؤسسي وقدرة المجالس المحلية على إقناع الأطراف المحلية والدولية الأخرى بأهليتها الإدارية والخدمية، إضافة إلى دفع السكان المحليين لتثبيت مشروعية المجالس المحلية أمام  المنظمات الغير الحكومية المحلية والدولية والجهات العسكرية، فيما يتنامى توجه العديد من القوى العسكرية من جهة أخرى إلى دعم مركزية دور المجالس المحلية بناء على تفاهمات وتوافقات مع المجالس المحلية أو رغبة من هذه القوى في التخفيف من الأعباء المدنية التي تحملتها في السابق ولم تنجح في تحقيق الرضى المجتمعي على أدائها بسبب قلة خبرتها وتهميشها في كثير من الأحيان لدور المجتمع المحلي في الرقابة والتوجيه وفي تحقيق ذاته ، إضافة إلى فشلها في تصميم مستندات قانونية ناظمة لعملها فضلاً عن إهمالها لتلك الناظمة للعمل الإداري والخدمي ضمن الإطار الوطني العام .

وعليه فإن أهم ما يترتب على قدرة المجالس المحلية على تحمل مسؤوليتها وتجاوز المطبات التي واجهت الهيئات التنفيذية الأخرى التي لم تحظى بالمشروعية الحقيقية ولا الشرعية اللازمة هي حيازة المجالس المحلية على:

  • الشرعية القانونية النابعة من قدرة المجالس المحلية على اعتماد اللوائح القانونية الناظمة لعمل الإدارة المحلية، وتحديد شكل علاقتها مع الحكومة المؤقتة وتأطيرها وفق القوانين المعتمدة؛
  • مشروعية الخدمة والإنجاز؛
  • مشروعية التمثيل والتعبير عن تطلعات المجتمعات ومطالبها على المستويات الخدمية والتنموية وحتى السياسية
  • مشروعية الإدارة؛
  • وأخيراً مشروعية الدولة بما تمتلكه من سلطات تنفيذية محلية تحمي المشروعيات السابقة وترسخ الشرعية وتحافظ عليها.

ومن أجل الوصول إلى هذه السوية فإن المجالس المحلية مطالبة بالعمل وفق ست حزم أساسية:

  1. حزمة العلاقات؛

تركز على إعادة رسم خارطة المستفيدين سلباً أو إيجاباً تجاه فعالية المجلس المحلي وتحديد اتجاهات هذه العلاقات وأولوياتها، ووضع آلية لاستثمارها بالشكل الأمثل. 

  1. حزمة الحوكمة وتركز على:
  • بناء إدارة مالية ناجحة ونظام سجلات وأرشفة مالية متقدم؛
  • تعزيز الانفتاح والشفافية من خلال نشر الخطط والموازنات ونشر القرارات من خلال اعتماد مكتب إعلامي؛
  • رفع كفاءة العاملين وفعاليتهم من خلال اعتماد مكتبي التدريب والموارد البشرية؛
  • تطبيق مبادئ المساءلة والمحاسبة من خلال تفعيل آليات الرقابة الإدارية من داخل مؤسسة المجلس وخارجها؛
  • تعزيز المشاركة المجتمعية والتي تتم من خلال إقامة منتديات للحوار المجتمعي خاصةً ضمن الوحدات الإدارية الأصغر (المجالس الفرعية ولجان الأحياء)، إضافةً إلى تعزيز ونشر ثقافة التطوع؛
  • تطبيق مبدأ سيادة القانون من خلال اعتماد نظام داخلي يراعي خصوصيات المجلس المحلي ويتماشى مع الهياكل والخطوط العامة للأنظمة الداخلية لبقية المجالس المحلية على المستوى الوطني.
  1. حزمة الخدمات وتهتم بما يلي:
  • تقييم الاحتياج من خلال إجراء الاحصاءات اللازمة والدراسات المعمقة وتقييم واقع الخدمات الحالية؛
  • التوثيق: بما في ذلك توثيق الحالات الإنسانية والأحوال المدنية وتوثيق المرافق العامة والمواقع التراثية والأوقاف؛
  • الإشراف على الخدمات المرفقية كالتعليم والصحة وتوفير البيئات والمباني اللازمة لعملها؛
  • الاستشعار بالأزمات والاستعداد لها؛
  • إقامة مشاريع البنية التحتية (كهرباء، ماء، طرق، نظافة)، إضافةً إلى وضع الخطط اللازمة وتقييم الاحتياج فيما يخص إعادة الإعمار؛
  1. حزمة الشرعية، والتي تشير إلى مدى انتظام المجلس المحلي ضمن الإطار الدولتي العام وتركز على:
  • اعتماد التقسيمات الإدارية واللوائح التنفيذية المعتمدة من الحكومة المؤقتة؛
  • اعتمادية المجلس المحلي من المستوى الإداري الأعلى ومن الحكومة المركزية؛
  1. حزمة المشروعية، والتي تشير إلى قدرة المجلس المحلي على حيازة رضى المجتمع المحلي من خلال إدارة الموارد والتعاطي الفعال مع الشكاوى، إضافةً إلى قدرة المجلس على تمثيل شرائح المجتمع المختلفة؛
  2. حزمة الموارد المالية وتركز على:
  • الموارد الخارجية من خلال إدراج خطط المجلس المحلي ضمن موازنات المستويات الإدارية الأعلى (فرعي –محافظة) أو ضمن موازنات الحكومة المركزية (محافظة – حكومة مؤقتة)، إضافة إلى ما يقدم من الجهات المانحة؛
  • الموارد الداخلية والتي تعتمد على مدى قدرة المجلس المحلي على تطبيق آليات الجباية المحلية ونشر ثقافتها في المجتمع في ظل ضعف الذراع التنفيذية للمجلس المحلي، وأيضاً قدرة المجلس المحلي على إدارة الموارد المتوفرة ضمن نطاق حدوده الإدارية، إضافةً إلى حيازة المجلس المحلي على الدور الرئيس في إدارة العملية التنموية وتعزيز مصادر الدخل الذاتي والدفع بعجلة الاستثمار والشراكات مع القطاع الخاص؛

لا يوجد اتساق حقيقي في معدلات استجابة المجالس المحلية لمتطلبات حيازتها للدور المركزي والفريد في المجتمعات المحلية وذلك بسبب تفاوت الظروف بشكل حاد بين مجلس محلي وآخر واختلافها  بين مجلس فرعي وآخر ضمن مجلس المحافظة نفسه، نتيجة ظروف الحصار الذي تعيشه بعض المناطق وحالة الانفتاح على دول الجوار الذي ميز مناطق أخرى لم تخضع للحصار، وتبعاً  لتردّد وعي وقناعات المجتمعات المحلية لمحورية دور المجالس المحلية بسبب وجود بعض المحسوبيات المحدودة و التي لا ترتقى  لمستوى الظاهرة  ووجود حالات من تنازع الصلاحيات بين المجالس والمنظمات والإدارات التنفيذية الأخرى إضافة إلى  بعض المشكلات في تمثيل شرائح من السكان في المجلس المحلي، ما أوجد تباينا واضحاً في الموارد المادية والبشرية للمجالس، ومع ذلك فإن ثمة جهود تبذل  من قبل المؤسسات والمنظمات  ومراكز الدراسات الوطنية المهتمة  بملف الحوكمة  (من خلال الورش ومجموعات التركيز والدورات  التي تتنوع مشاركة المجالس المحلية فيها ما يسمح بتبادل الخبرات ونقل التجارب بالإضافة للأوراق والدراسات التي تسهم في رفع السوية المعرفية لدى المجالس المحلية بصورة متجانسة) وذلك  بهدف ردم الهوة الموجودة بين المجالس المحلية  والمضي قدماً صوب تلبية استحقاقات الحكم الرشيد ضمن أطر من العمل المتناسق الذي تسعى الحكومة المؤقتة لتفعيله من خلال إعادة تشكيلها وتفعيل وزارتها وهيئاتها في بيئات متنوعة بتنوع الظروف التي تعيشها المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

التصنيف مقالات الرأي

أجرى محمد منير الفقير الباحث في مسار الإدارة المحلية وتعزيز الممارسة الديمقراطية بمركز عمران مداخلة هاتفية عبر راديو الكل ناقش فيها الورقة التي نشرها المركز حول آليات تعاطي المجالس المحلية مع شكاوى السكان، حيث استعرض الباحث المنهجية التي اعتمدتها الدراسة في اختيار المجالس التي جرى تقييم آليات الشكاوى لديها، وأهم الأسباب الموجبة لشكاوى السكان المحليين والآليات المختلفة التي تعتمدها المجالس في التعاطي مع الشكاوى إضافة إلى استعراض أهم ملامح النموذج الذي اقترحته الورقة من أجل إيجاد منظومات مؤسسية متكاملة تضمن استقبال الشكاوى وفق معايير واستمارات محددة ومتابعة الشكوى ومعالجة الطلب ضمن تسلسل إداري واضح يراعي عدم تضارب الجهات المعنية بالنظر بالشكوى إضافة إلى إمكانية إعادة النظر بالشكوى ضمن المجلس المحلي أو من خلال هيئات قضائية محلية ومرجعيات اجتماعية في حال لم يتم معالجة الشكوى من خلال المنظومة المؤسسية للمجلس المحلي.

 

ساهمت عدة عوامل في تطور أداء المجالس المحلية منذ بدء تشكّلها. ويُعدّ سعي المجالس لمشاركة السكان واحداً من أهم تلك العوامل، حيث تتضمن أنظمتها الداخلية حق السكان بالشكاية على أداء المجالس المحلية أو أعضائها. كما عملت المجالس على إيجاد آليات للتعامل مع هذه الشكاوى، حيثُ تُظهر البيانات أنها تتعلق في معظمها بأداء المجلس ككل أكثر من تعلقها باختيار كوادره.

ومن خلال التقييم لعدد من المجالس المحلية يُمكن القول أن آليات التعامل مع الشكاوى لدى المجالس لم ترتقِ بعد لأن تكون نظاماً متكاملاً يتضمن مؤشرات تدل على فعالية الشكاوى وآليات التعامل معها، خصوصاً في ظلّ ما تواجهه المجالس من تحديات تعوق قدرتها على حل الشكاوى ومنها: نقص الكوادر القانونية والإدارية المؤهلة للنظر في الشكاوى، تضارب في الأدوار بين المجالس والهيئات التنفيذية بخصوص الجهة المكلفة النظر بالشكاوى وضعف موارد المجالس، إلا أن جهود المجالس في هذا المجال تعتبر خطوة جيدة على طريق الحكم الرشيد.

مقدمة

تولي هيئات الإدارة المحلية أهمية لشكاوى السكان باعتبارها إحدى الأدوات التي يعبرون من خلالها عن مطالبهم وتوقعاتهم من تلك الهيئات، وهو ما دفعها لتبني إجراءات نصّت عليها أنظمتها الداخلية للتعامل مع تلك الشكاوى. ومن الطبيعي أن تتنوع آليات التعاطي مع الشكاوى باختلاف شكل وطبيعة النظام السياسي القائم ومدى توافر القيم المؤسساتية والخبرات الإدارية التي تتيح آليات التعبير عن هذا الحق وتعزّزه.

 ففي عهد نظام الأسد الأب وكذلك الابن، لم تحقق الشكاوى مقصدها في رد المظالم وتصويب أداء المؤسسات، سواءً بسبب القبضة الأمنية التي كانت تطال كل من يحاول الإصلاح أو بسبب هيمنة الفساد على مؤسسات الدولة. الأمر الذي أدى إلى تفشي الثقافة السلبية لدى المواطنين وإحجامهم عن ممارسة حقهم الرقابي لعلمهم المسبق بعدم جدوى ذلك. وبحكم حالة الانسداد الذي وصل إليه نظام الأسد وتراكم الأزمات وتحوّلها إلى أزمة شاملة، قامت الثورة السورية لتأسيس عقد اجتماعي جديد يتوافق عليه السوريين ويتيح للمجتمع إمكانية التعبير عن نفسه وفق آليات مؤسساتية، وبما يكسر احتكارية أقلية مصلحية تدير الدولة بشكل يناقض هوية المجتمع ومصلحته.

 ثم أتت المجالس المحلية كأحد أهم مفرزات الثورة السورية وأحد رهاناتها في إنجاز التحول نحو نظام جديد يحقق قطيعة مع نظام الأسد، كآلية لتأطير وتنظيم مشاركة السكان في إدارة الشأن العام واستعادة حقوقهم التي سلبت منهم ومنها حق الترشح والانتخاب والمحاسبة. ولكي تتمكن المجالس من إنجاز الرهان المعقود عليها، كان لا بد لها من تعزيز تطبيقها لمبادئ الحكم الرشيد وفي مقدمتها الشفافية، وتوفير الآليات التي تتيح للسكان ممارسة حقهم الرقابي عبر عدة آليات وأهمها آليات الشكاوى ومعالجتها.

 تأتي هذه الورقة البحثية ضمن سياق ما سبق، لتحاول تقصّي أسباب شكاوى السكان وما إذا كانت تتصل بأداء المجالس أو كوادرها، وتبحث كيفية التعاطي معها وتحديات المجالس المحلية في ذلك من خلال عملية رصد للمجالس وتحليل البيانات المتحصلة، وصولاً إلى اقتراح معالم نموذج أمثل لتعاطي المجالس مع تلك الشكاوى

شكاوى السكان على المجالس: الأسباب وطرق التعبير

 تبنى السكان في ظل نظام الأسد موقفاً سلبياً مفاده أن الشكوى لا تساعد في نيل مطلب أو حل مشكلة أو رد اعتبار رغم وجود العديد من الإجراءات والهيئات الرسمية المكلفة قانوناً بمتابعة الشكوى ورد المظالم. ويعود السبب في انتشار هذه القناعة إلى عدة أسباب منها:

 1.       هيمنة الفساد والروتين على مؤسسات الدولة؛

 2.       غياب العدالة أمام القانون وتنامي المحسوبيات؛

 3.       الخشية من التعرض لمضايقات من قبل المتنفذين في الدولة؛

 4.       ضعف المعرفة بالإجراءات القانونية والمؤسسات المكلفة بالنظر في الشكوى نظراً لتضارب الصلاحيات وغموض القوانين ذات الصلة.

 ومع تزايد مظالم السكان وضياع الحقوق كان لا بد من العمل على تصحيح مسار العلاقة القائمة بين الدولة والمجتمع وإعادة رسم حدود السلطة وتعزيز قدرة المجتمع على التعبير عن نفسه سياسياً واستعادة حقوقه، فكانت الثورة السورية التي أوجدت مناخاً من الحرية لمناقشة قضايا الشأن العام ومكّنت السكان في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد من التعبير عن مطالبهم وشكواهم حيال الهيئات الثورية العسكرية والمدنية ومنها المجالس المحلية.

 ويلحظ من خلال تتبع شكاوى السكان تجاه المجالس المحلية أنها تتصل بالأداء أكثر من ارتباطها بأعضاء المجالس دون أن يعني ذلك غياب الشكاوى الشخصية رغم قلّتها. وربما يفسر ما سبق بالآلية المتبعة في تشكيل المجالس والتي تقوم على ترشيح الهيئات المحلية لشخصيات محلية معروفة لعضوية المجالس ومن ثم فتح باب الطعون، وهو ما يحول غالباً دون وصول شخصيات إشكالية لعضوية المجالس. وتتعدّد الأسباب الموجبة لشكاوى السكان على المجالس، فمنها ([1]):

 1.       ضعف القدرة على توفير الخدمات الأساسية لاسيما في قطاع البنية التحتية؛

 2.       ضعف تبني معايير معتمدة في تحديد المستفيدين من الخدمات، مما يفتح الباب للمحسوبيات؛

 3.       تبني قرارات لا تتماشى مع أولويات السكان؛

 4.       عدم وضوح الجهة المسؤولة عن توفير الخدمات لاسيما في المناطق التي يوجد فيها أكثر من هيئة تنفيذية؛

 5.       ضعف الشفافية فيما يتعلق بنشر الإجراءات والمشاريع والميزانيات؛

 6.       ضعف القدرة على فرض القرارات المتخذة لغياب ذراع تنفيذية (شرطة محلية) بمقابل وجود هيئات تنفيذية أخرى قادرة على فرض قراراتها؛

 7.       ضعف الاستقلالية الناجمة عن تدخل الهيئات التنفيذية في عمل المجلس؛

 وتتنوع طرق تعبير السكان المحليين عن شكاويهم بين طرق مباشرة وغير مباشرة، رسمية وغير رسمية. ففي حين يلجأ البعض للتعبير عن شكواهم بشكل مباشر من خلال مناقشتها مع الجهة المختصة ([2])، يفضل آخرون مناقشة الأمر ضمن محيطهم الاجتماعي دون رفعها للجهة المختصة. وبينما يميل البعض لاتّباع الآليات القائمة للتعبير عن شكاواهم، يفضل آخرون اللجوء إلى المظاهرات والاحتجاجات ([3]). ويمكن تفسير هذا التباين بعدة عوامل منها:

 1.       مدى وجود آليات معروفة وموثوقة لدى العديد من السكان للتعبير عن شكواهم؛

 2.       مدى ثقة السكان بالمجالس المحلية وكفاءتها؛

 3.       مدى إتاحة المعلومات والإجراءات والقوانين والميزانيات للسكان؛

 4.       روح المسؤولية العامة وثقافة اللجوء للشكاوى لدى السكان لتحقيق مطالبهم وتصويب الأداء.

آليات تعاطي المجالس مع الشكاوى: الواقع والتقييم

 تدرك المجالس المحلية أهمية التعاطي مع الشكاوى التي يطرحها السكان، فنجاحها في احتواء الشكاوى عبر معالجتها بما يتوفر لها من إمكانيات أو تبيان حقيقة الموقف بشأنها عبر إتاحة المعلومات لأصحاب الشكوى يسهم في ترسيخ شرعيتها وتصويب أدائها. ويظهر من خلال عملية رصد المجالس تنوع الآليات التي لجأت إليها المجالس في التعاطي مع الشكاوى ومن أبرزها: 

 1.       اللقاءات الجماهيرية: تعتبر الآلية الأكثر شيوعاً لدى المجالس لا سيما في الوحدات الإدارية الصغيرة، وقد تكون اللقاءات على نطاق واسع يشمل جميع السكان أو على نطاق ضيق يضم القيادات المحلية فقط ([4]). ويتم في هذه الاجتماعات الاستماع لشكاوى السكان والردّ عليها وتدوين ذلك في محاضر اجتماعات رسمية.

 وتمتاز هذه الآلية بما يلي:

 أ‌.         سهولة إجرائها باعتبارها لا تتضمن إجراءات بيروقراطية معقدة؛

 ب‌.     السرعة في الرد على موضوع الشكوى؛

 ت‌.     تحقيق المشاركة المجتمعية.

 أما بخصوص سلبياتها فمن أبرزها:

 أ‌.         ضعف الانضباط التنظيمي لا سيما مع كثرة عدد الحضور وإمكانية تحولها لسجالات شخصية؛

 ب‌.     مخاطر أمنية ناجمة عن عمليات القصف التي تقوم بها قوات نظام الأسد وحلفائه.

 2.       مكتب الشكاوى: لجأت بعض المجالس إلى تشكيل مكاتب متخصّصة لمتابعة الشكاوى، ويعتبر هذا التوجه حديثاً ([5]) حيث لم يلحظ في هيكليات المجالس عند بداية تشكيلها، ويلحظ انتشارها في مجالس المدن التي تحتوي على هيكليات إدارية أكثر تحديداً من حيث الأدوار والصلاحيات. تتميز هذه الآلية بكونها تخصّصية ([6]) وبأنها تعمل وفق إجراءات محددة ([7]) وإن كانت لم ترقَ بعد إلى نظام متكامل للشكاوى. أما سلبياتها فتتجلى بما يلي:

 أ‌.         ضعف وعدم كفاية الكادر القانوني والإداري المكلف بمتابعة الشكاوى؛

 ب‌.     ضعف إلمام السكان بإجراءات التقدم بالشكوى؛

 ت‌.     ضعف آليات التأكد من متابعة الشكاوى وإصدار التقارير الرسمية بخصوص ذلك.

 3.       التواصل الإلكتروني: تتبع أغلبية المجالس هذه الآلية بحيث يتم التواصل معها عن طريق صفحاتها الرسمية المتاحة على شبكة الانترنت، إما عبر كتابة تعليق على العام أو إرسال رسالة خاصة تتضمن موضوع الشكوى. وتتميز هذه الآلية بسهولتها، إلا أن هنالك الكثير من السلبيات تعتريها ومنها:

 أ‌.         ضعف انتشار الانترنت في العديد من المناطق التي تديرها المجالس؛

 ب‌.     سهولة تعرض صفحات المجالس للقرصنة؛

 ت‌.     كثرة الشكاوى الوهمية التي يطرحها البعض بأسماء مستعارة للتشويش على المجالس.

 4.       صندوق الشكاوى: تبنى عدد من المجالس فكرة وضع صندوق لتلقي الشكاوى، حيث يقوم السكان بإيداع شكواهم في الصندوق الذي يخصّصه المجلس لذلك، ويقوم موظف مسمّى من قبل المجلس بعرضها على المكتب التنفيذي للنظر بشأنها ([8]). وتتمتع هذه الآلية بعدد من الإيجابيات ومنها:

 أ‌.         قدرتها على الوصول لأكبر شريحة من السكان لوجود الصناديق في أماكن عامة؛

 ب‌.     كون هذه الآلية تتضمن إجراءات بيروقراطية معقدة مما يسهل على السكان اللجوء إليها لطرح شكاواهم.

 أما سلبياتها فمنها:

 أ‌.         إمكانية تعرض الصناديق للتخريب؛

 ب‌.     ضعف وعي السكان بممارسة حقهم في التقدم بشكاوى.

 5.       الهيئات المجتمعية: تفضّل بعض المجالس التواصل مع مجتمعاتها من خلال قنوات اتصال مجتمعية تضمّ وجهاء البلدة كالشخصيات العامة ورجال الدين، باعتبارهم يتمتعون بمصداقية ومكانة اجتماعية معتبرة لدى السكان. وتقوم هذه الآلية على تشكيل هيئات مجتمعية تأخذ عدّة أشكال منها: مجلس عائلات، لجان تواصل، منتديات خاصة([9])، على أن تقوم هذه الهيئات بعرض الشكاوى ومناقشتها مع المجلس وإبلاغ السكان بالنتائج المتحصّلة. ومن إيجابيات هذه الآلية:

 أ‌.         إمكانية الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من السكان؛

 ب‌.     توفر عامل المصداقية والثقة لاعتمادها على قنوات اتصال تقليدية ذات مكانة؛

 ت‌.     قدرتها على تحقيق المشاركة المجتمعية.

          أما سلبياتها:

 أ‌.         وجود إشكاليات في تشكيل الهيئات المجتمعية من حيث عدم مراعاتها أحياناً للتوازنات الاجتماعية أو انفتاحها على تأثيرات الهيئات التنفيذية والقوى العسكرية على الأرض؛

 ب‌.     سعي تلك الهيئات أحياناً إلى لعب دور منافس للمجالس في إدارة شؤون الوحدات الإدارية.

 6.       الاستبيانات المحلية: لجأ عدد من المجالس إلى توزيع استبيانات للوقوف على آراء السكان ومطالبهم واقتراحاتهم. وتفضل المجالس هذه الآلية لمساعدتها في تحديد أولويات السكان وقياس مستوى رضاهم عن أداء المجلس بأرقام إحصائية يسهل التعامل معها ([10]). وفيما يتعلق بالسلبيات فمتعددة منها:

 أ‌.         ضعف كفاءة الكادر الفني المكلف صياغة وتوزيع الاستبيان؛

 ب‌.     الافتقاد إلى برامج تقنية تخصصية لتحليل البيانات؛

 ت‌.     وجود مشاكل ميدانية تعوق تنفيذ الاستبيان.

 7.       الباب المفتوح: فتح باب التواصل المباشر للسكان المحليين لتقديم شكواهم للمجلس سواءً للمكتب التنفيذي أو المكتب صاحب العلاقة ([11]). وتتميز هذه الآلية بكونها سهلة ومباشرة ومتاحة للجميع، إلا أنها وبالمقابل لا تخلو من السلبيات وفي مقدمتها:

 أ‌.         ضعف مأسسة بعض المجالس وهو ما يفضي إلى تعدد الأدوار؛

 ب‌.     عدم وضوح الصلاحيات فيما يتعلق بالجهة المعتمدة للنظر في الشكوى؛

 ت‌.     ضعف وعي السكان بممارسة حقهم بالشكوى؛

 ث‌.     التغيير المتكرّر لمراكز عمل المجالس بسبب استهدافها المتكرر من قبل قوات نظام الأسد وحلفائه؛

 وفي تقييم عام لآليات الشكاوى المتّبعة في المجالس المحلية يمكن القول:

 ·        لا تُمثل الإجراءات التي تتبعها المجالس في التعاطي مع الشكاوى نظاماً متكاملاً معتمداً يشمل استقبال الشكاوى والتحقق منها وحماية المراجعين ومعالجة الشكوى والمتابعة؛

 ·        تشمل الإجراءات المتبعة من قبل المجالس للتعاطي مع الشكاوى آليات رسمية وأخرى غير رسمية، ويعود السبب في لجوء المجالس إلى آليات دون أخرى لعدة عوامل منها:

 -          مستوى مأسسة المجلس وخبراته الإدارية؛

 -          حجم الوحدة الإدارية؛

 -          الاستقرار الذي تتمتع به الوحدة الإدارية؛

 -          مستوى وعي السكان بحقهم في التقدم بشكوى.

 ·        أقرت العديد من المجالس منذ بداية تشكيلها حق الشكوى وآليات ممارستها في أنظمتها الداخلية، إلا أن إيجادها لآليات ممارسة هذ الحق يعتبر حديثاً نسبياً؛

 ·        لا توجد مؤشرات كافية للتأكد من فاعلية الإجراءات التي تتبعها المجالس للتعاطي مع الشكاوى، حيث تواجه العديد من التحديات في هذا المجال ومنها:

 -          نقص في الكوادر القانونية والإدارية المؤهلة للنظر في الشكاوى؛

 -          تضارب الأدوار بين المجالس واله يئات التنفيذية الأخرى القائمة على الأرض فيما يتعلق بالجهة المكلفة بالنظر في الشكاوى ومتابعها؛

 -          ضعف موارد المجالس وهو ما يحدّ من قدرتها على التدخل لمعالجة شكاوى السكان لا سيما الجانب الخدمي.

معالم نموذج مقترح للشكاوى في المجالس المحلية

 أوجدت المجالس المحلية عدداً من الإجراءات للتعاطي مع الشكاوى بحسب ما أتاحه لها سياقها المحلي وإمكانياتها التي تتوافر لها. ويعتبر ما سبق ركيزة أساسية للبناء عليه لاقتراح نموذج للتعاطي مع الشكاوى يحقق الأهداف التالية:1ذ

·        استقبال كافة الشكاوى ومعالجتها وفق إجراءات واضحة؛

 ·        تعزيز شرعية المجالس؛

 ·        تطوير أداء المجلس ونوعية خدماته المقدمة؛

 ·        زيادة وعي السكان بحقهم في المساءلة والمحاسبة.

 ولكي يتمكن النموذج من إنجاز الأهداف المتوخاة منه فإنه يستلزم توافر العناصر التالية فيه: المرونة، الوضوح، الدقة، الشفافية، المشاركة، سيادة القانون، إمكانية الوصول. وبناءً على ما سبق تطرح الورقة معالم نموذج للشكاوى في المجالس المحلية يتضمن:

 1.       نظام استقبال الشكاوى: يتضمن الإجراءات التي يتبعها السكان للتعبير عن شكواهم بشكل رسمي. ويجب أن تتمتع هذه الإجراءات بالوضوح وإمكانية الوصول من قبل الجميع، إضافةً للمرونة والسرعة في استقبال الشكاوى وإحالتها للجهات المختصة داخل المجلس.  ويتحقق ما سبق من خلال:

 -          إعداد نظام مكتوب لاستقبال المراجعين للمجالس المحلية؛

 -          تشكيل وحدات إدارية متخصّصة ضمن المجالس لاستقبال الشكاوى؛

 -          اعتماد آليات عدة لاستقبال الشكاوى على أن يتم تأطيرها قانونياً ومؤسساتياً؛

 -          نشر تقارير دورية بخصوص الشكاوى التي تم استقبالها؛

 -          تعزيز شفافية المجالس المحلية من خلال إتاحة نظامها الداخلي وإجراءاتها وقوانينها وميزانياتها للسكان؛

 -          توعية السكان بحقهم في المساءلة والمحاسبة من خلال التقدم بالشكاوى.

 2.       نظام حماية المراجعين: الإجراءات التي تضمن الحماية لصاحب الشكوى وعدم التعرض له أو إيذائه. ويعتبر هذا مكوناً رئيسياً في نظام الشكاوى، فكلما توفرت إجراءات الحماية والسرية للمراجعين تشجع السكان على ممارسة حقهم في التقدم بشكاوى. وضمن ما سبق يقترح الآتي:

 -          وضع قوانين تحدد حقوق وواجبات أصحاب الشكاوى وإجراءات حمايتهم؛

 -          وضع نظام للتظلم وتعويض أصحاب الشكاوى في حال تعرضهم للمضايقات أو الأذى بسبب ممارستهم حقهم في التقدم بشكاوى؛

 3.       نظام التحقق من الشكوى: إجراءات التحقق من صلاحية الشكوى حتى يتم أخذها بعين الاعتبار وإحالتها للجهات المختصة. ويعتبر هذا النظام ضرورياً لفرز الشكاوى المحقة من جهة وتخفيف العبء الإداري على المجلس من جهة أخرى.  وفي هذا الشأن يقترح الآتي:

 -          إعداد نظام مكتوب يحدد المعايير والإجراءات لاستقبال الشكاوى؛

 -          وضع نماذج محددة للشكاوى تتضمن بيانات صاحب الشكوى وموضوع الشكوى والجهة ذات الاختصاص ورقم الشكوى؛

 -          اعتماد البرامج التخصصية لحفظ بيانات المراجعين وأرشفة الشكاوى وتصنيفها.

 4.       نظام معالجة الشكاوى: الإجراءات والآليات المعتمدة للنظر في موضوع الشكوى ومعالجتها، ولتحقيق فاعلية أكبر في معالجة الشكاوى يتوجب توافر الآتي:

 -          ضبط هيكلية المجالس فيما يتعلق بتحديد أدوار وصلاحيات الجهات المختصة للنظر بموضوع الشكوى؛

 -          وضع إطار زمني للرد على الشكوى وإعلام صاحب العلاقة بذلك؛

 -          معالجة موضوع الشكوى عبر إصدار القرارات والتعليمات والقوانين وتنفيذها بالتعاون مع الهيئات التنفيذية؛

 -          نشر التقارير بخصوص الشكاوى التي تمت معالجتها والتي ما تزال قيد النظر.

 5.       نظام المتابعة والاعتراض: الإجراءات التي يلجأ إليها صاحب الشكوى في حال عدم قناعته بالنتائج والقرارات التي تم التوصل إليها من قبل المجلس، ويعتبر ذلك حق لصاحب الشكوى على أن ينظم وفق الآتي:

 -          تشكيل لجان تخصّصية محايدة للنظر في موضوع الشكوى على أن يتم الاستعانة بالقيادات المحلية؛

 -          وضع نظام للنقض والتظلم يتضمن الحق في اللجوء للهيئة القضائية المحلية للبت في موضوع الشكوى.

 

الخاتمة

للسكان حق مساءلة ومحاسبة الهيئات المحلية ولهم في ذلك أدوات عدة ومنها الشكوى التي يعبروا من خلالها عن رضاهم أو عدمه عن تلك الهيئات ومطالبهم وتوقعاتهم منها. وفي حين زهد السكان في ممارسة هذا الحق في ظل نظام الأسد لقناعتهم بعدم فاعلية هذه الآلية، إلا أنهم ومع تحررهم من سلطته أصبحوا أكثر جرأة في التعبير عن شكواهم ومطالبهم تجاه الهيئات المحلية التي تشكلت لسدّ حالة الفراغ ومنها المجالس المحلية.

 وتمثل شكاوى السكان على عمل المجالس المحلية العاملة في مناطق سيطرة فصائل المقاومة الوطنية ظاهرة صحّية في حال تم تأطيرها قانونياً ومؤسساتياً وتوظيفها لتجاوز مكامن الضعف وتحسين جودة الخدمة المقدمة وتعزيز التواصل مع السكان بما يسهم في ترسيخ شرعية المجالس وتطوير أدائها. أما في حال التعاطي السلبي معها فإنه من المتوقع وكما دلت الوقائع تعثر المجالس وفقدانها لمقومات الاستمرارية. وإدراكاً من المجالس لأهمية التعاطي مع شكاوى السكان فقد ضمنت هذا الحق في أدبياتها واتبعت مروحة متنوعة من الآليات للتعاطي معها مع ما يعتريها من إيجابيات وسلبيات، ومما يلحظ أنها ما تزال جنينية في طور التشكل، كما تفتقد لمؤشرات كافية للتأكد من فاعليتها.

 ولتعزيز قدرة المجالس على التعاطي مع الشكاوى فإنه يتوجب العمل بالتوازي على ثلاثة مسارات، يتصل الأول بالمجالس المحلية من خلال البناء على ما تحقق ومراكمة الخبرات وتأطير ذلك قانونياً ومؤسساتياً، في حين يتصل المسار الثاني بالسكان المحليين لجهة نشر الوعي لديهم بأهمية ممارسة حقهم في الشكوى وفق قواعد منضبطة ومحددة، أما المسار الثالث فيتعلق بالجهات الداعمة التي يتوجب عليها رفد المجالس بالموارد التي تعزز قدرتها على التعاطي مع موجبات الشكاوى، إضافةً إلى الاستمرار في تدريب كوادرها ورفدها بالاختصاصين في هذا المجال.

 



([1]) للمزيد حول شكاوى السكان المحليين على المجالس المحلية مراجعة، استطلاعات رأي وشكاوى برسم المجالس، ملحق المجالس المحلية، جريدة سوريتنا، الرابط http://goo.gl/QkV1b4

([2]) توجيه أهالي بلدة تسيل شكوى رسمية للمجلس المحلي بخصوص لجنة الخبز، الصفحة الرسمية للمجلس المحلي في بلدة تسيل، تاريخ 28-11-2014، رابط إلكتروني https://goo.gl/JT59CF

([3]) شهدت بعض المجالس مظاهرات تطالب بإسقاطها إثر اتهام السكان لها بالتقصير وعدم معالجة مطالبهم وشكاويهم، للمزيد حول ذلك مراجعة، مظاهرات في “تفتناز” الإدلبية للمطالبة بإسقاط المجلس المحلي في البلدة، راديو الكل، تاريخ 16-1-2016، رابط http://goo.gl/d6S9Nh

([4]) اجتماع بعض وجهاء البلدة لمداولة مشاكل البلدة والبحث عن حلول لها، ‏المجلس المحلي في عينجارة وريفها‏، تاريخ 17-4-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/TTLMfv ، أيضاً أنظر لقاء جماهيري بين المجلس المحلي لإعزاز والأهالي، المبادرة السورية للشفافية، تاريخ 3-3-2015، رابط إلكتروني http://goo.gl/O32Y2g

([5]) المجلس المحلي لمدينة بنّش يحدث مكتب لاستقبال الشكاوى، موقع المبادرة السورية للشفافيةـ تاريخ 27-5-2015، رابط إلكتروني http://goo.gl/vV0iSK

([6]) تقرير صادر عن مكتب ديوان الشكاوى العام لشهر نيسان 2016، الصفحة الرسمية للمجلس المحلي لمدينة حلب على الفيس بوك، تاريخ 1-5-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/ZZDj7Z

([7]) آلية رد المظالم التي من الممكن أن تحصل في المجلس أو مع الناس، المجلس المحلي لإدارة بلدة كنصفرة، تاريخ 31-3-2016، رابط https://goo.gl/d7pFc0

([8]) سراقب: استحداث صندوق شكاوى للمواطنين، المبادرة السورية للشفافية، تاريخ 18-2-2015، رابط إلكتروني http://goo.gl/4hKFUU

([9]) المجلس المحلي يدعو لاجتماع مناديب العائلات في البارة، المجلس المحلي في بلدة البارة، تاريخ 17-3-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/khpMIQ ، أيضاً أنظر، الأتارب: منتدى لتعزيز التشاركية والتخفيف من حدّة النزاعات، المبادرة السورية للشفافية، تاريخ 12-10-2015، رابط إلكتروني http://goo.gl/lYlhfx

([10]) استبيان المجلس المحلي في بلدة معرة حرمة للوقوف على عمل المجلس وأراء السكان، الصفحة الرسمية المجلس المحلي في بلدة معرة حرمة، تاريخ 18-3-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/Oz6qwU

([11]) بيان المجلس المحلي في جبالا للسكان حول مراجعة المجلس في حال وجود شكاوى، الصفحة الرسمية للمجلس المحلي في جبالا، تاريخ 24-4-2016، رابط إلكتروني https://goo.gl/SPbuq9

 

التصنيف أوراق بحثية
الجمعة, 22 تموز/يوليو 2016 12:54

المجالس المحلية والأدوار المأمولة

كان استحقاق إعادة إنتاج دور الدولة وفق رؤية الثورة، في المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد، ولا زال الاستحقاق الأكثر تحدياً، مع ما تطلبه ذلك من تعزيز مشاركة المجتمع في إدارة مصالحه ومساءلة الجهات التنفيذية والتقريرية (أو التشريعية فيما يتعلق باتخاذ القرار والمساءلة) على المستوى المحلي والرقابة على أدائها بما يضمن تحقيق سلطة المجتمع ككل وكسر تغوّل المنظومات العسكرية على المجتمع، وصولاً إلى تعزيز سلطة المجتمع بدءاً من المستويات المحلية ومروراً بتعزيز المشاركة الشعبية على مستوى القرار الوطني وتجاه استحقاقات رسم خارطة المستقبل وتقرير المصير.

في الوقت الذي استمر فيه التعاطي الدولي والإقليمي مع الملف السوري انطلاقاً من التفاعل بين الرؤى السياسية المختلفة للحل من جهة وانعكاسات الواقع الميداني والعسكري على تقييم هذه الرؤى وفعاليتها وواقعيتها، وفي المقابل مدى فرض الواقع الميداني لمقاربات جديدة للحل السياسي، فإن المقدمات التي ريما تغيب عن حسابات أصحاب المصلحة الرئيسيين في الملف السوري هو مدى انعكاس الحالة الاجتماعية وتأثيرها في بناء هذه الرؤى وبروز آثارها المباشرة على الواقع الميداني وأيضاً في اعتبارات الحل السياسي واستدامته.

لا يمكن فهم القضية السورية وصولاً إلى صياغة جملة من المبادئ المؤسسة لآليات التعاطي مع الملف وإداراته وحل إشكالياته دون الرجوع إلى جذر المشكلة السورية المتمثل في وهن العقد الاجتماعي وهشاشته بنتيجة تهميش المجتمع السوري وتغييبه عن المشاركة في إدارة مصالحه والرقابة على أداء الدولة وأجهزتها، وأيضاً في تحقيق المجتمعات لذواتها وحيازة مواردها بعدل وتكافؤ، ما يعزز الانتماء إلى الرابطة الوطنية ويفكك حالة الخصومة وحتى العداء بين الدولة والمجتمع ، الأمر الذي بالغ النظام في إهماله وصولاً إلى الانفجار السوري العظيم .

كان امتحان الإدارة المحلية للمناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد في سوريا بمثابة الاستحقاق الأهم الذي واجهته المجتمعات المحلية في المناطق الثائرة ، من حيث إعادة إنتاج دور الدولة في هذه المناطق وفق رؤية الثورة، وما يتطلبه ذلك من تعزيز مشاركة المجتمع في إدارة مصالحه ومساءلة الجهات التنفيذية  والتقريرية (أو التشريعية فيما يتعلق باتخاذ القرار والمساءلة)على المستوى المحلي والرقابة على أدائها بما يضمن تحقيق سلطة المجتمع ككل وكسر تغوّل المنظومات العسكرية على المجتمع، وصولاً إلى تعزيز سلطة المجتمع بدءاً من المستويات المحلية ومروراً بتعزيز المشاركة الشعبية على مستوى القرار الوطني وفي استحقاقات رسم خارطة المستقبل وتقرير المصير.

في ضوء ما سبق قدّم نموذج الإدارة المحلية رسالتين عمليتين:

كانت الأولى لنظام الأسد وعنوانها قدرة المجتمعات المحلية على إعادة إنتاج الدولة وفق نموذج اللامركزية، الأمر الذي استدعى من النظام التركيز على استهداف المجالس المحلية تارةً و مهادنتها تارةً أخرى عبر الضغط على حاجتها الدائمة لتأمين الخدمات، وذلك بهدف تهميش دورها ضمن مجتمعاتها بشكل مباشر من خلال إحياء بلدياته ضمن مناطقها كأحد استحقاقات الهدن أو عدم التعرض، وضخ الدعم المستمر لهذه البلديات بموارد الخدمة والإدارة رغم افتقارها للشرعية الثورية وشرعية التمثيل الشعبي، أو بشكل غير مباشر عبر احتكاره لتأمين الخدمات القطاعية من تعليم وكهرباء وصحة وغيرها ضمن مناطق هذه المجالس.

وأما الرسالة الثانية فتوجهت للفاعلين الدوليين والإقليميين حيث قدمت المجالس المحلية نفسها كبديل عن نظام الأسد، والضامن لمؤسسات الدولة ومنظوماتها عبر اعتماد لوائح قانونية ومعايير لجودة الحكم الرشيد يزداد التوافق عليها بين المجالس يوماً بعد يوم (يمكن التدليل على ذلك باعتماد معظم المجالس المحلية للائحة التنفيذية للقانون 107 الصادرة عن الحكومة السورية المؤقتة مع مراعاة خصوصيات كل مجلس وأيضاً بإطلاق الحكومة المؤقتة بالتعاون مع منظمة التعاون الألمانية GIZ  "مشروع معايير أداء المجالس المحلية في سوريا" والذي اعتمد بشكل أساسي على المجالس نفسها في رسم إطار هذه المعايير وتحديدها)، الأمر الذي يعزز شرعية هذه المجالس بالمجمل، وفي نفس الوقت ضمان مصالح السكان المحليين بغض النظر عن أي مصلحة أخرى من خلال تمثيلهم والتعبير عن تطلعاتهم ، ما منحها المشروعية الكافية للقيام بهذا الدور وهو ما استدعى من بعض الأطراف الإقليمية والدولية السعي للتخفيف من آثار هذا الدور عبر دفع بعض منظمات المجتمع المدني المحلية لمزاحمة المجالس المحلية على الأدوار المنوطة بها لتحقيق رؤى الداعمين وتوجهاتهم، وأحياناً من خلال السكوت على تجاوزات بعض الفصائل القريبة من هذه الدول ومزاحمتها أيضاً لدور المجالس المحلية .

ورغم كل القصور الذي شاب أداء الكثير من المجالس المحلية نتيجة للأسباب الموضوعية آنفة الذكر وغيرها أو نتيجة لأسباب ذاتية مرتبطة ببنية هذه المجالس وآليات عملها، فإن قدرة المجالس المحلية على الارتقاء بأدائها وإثبات دورها في مجتمعاتها تزداد يوماً بعد يوم.

ويلمس المراقب لمنحى عمل المجالس المحلية في سوريا تطوراً ملحوظاً في وعي الإدارة المحلية لدى المجتمع المحلي ووعي للمجالس المحلية نفسها بذاتها وأهمية دورها ومحوريته، وأيضاً أهمية مأسسة هذه المجالس وحيازتها لأدوات الإدارة والخدمة وتعزيز الموارد ورفدها ذاتياً، حيث بدأ يُلحظ تزايد اعتماد المجالس المحلية لآليات مؤسسية معيارية كاعتماد آليات الشكاوى والجباية المحلية إضافةً إلى إدارة فعاليات التنمية المحلية وغير ذلك.

يضاف إلى ما سبق جملة من الأدوار التي ينبغي على المجالس المحلية القيام بها بصورة مؤقتة تبعاً لطبيعة الظرف الذي تعيشه البلاد وضعف الحالة المركزية التي تنظم عمل المجالس المحلية ضمن إطار دولتي، إضافةً إلى الهواجس المتزايدة من إعادة إنتاج المنظومات العسكرية الحاكمة(حيث تتدرج العلاقة مع البنى العسكرية من الصدام أو التنافس إلى النأي بالنفس إلى التفاهم وتقاسم الأدوار)، والعودة إلى دائرة تهميش السكان في المرحلة الحالية من خلال عدم استثمار المستوى التمثيلي الذي يميز المجالس المحلية وحضورها في تقديم الخدمات وإدارتها، في التفاعلات السياسية عبر الدفع السياسي أو المشاركة السياسية في رسم معالم الحل وملامح المستقبل  بحسب درجة تردد أداء البنى السياسية الثورية.  حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية على 104 مجالس محلية، (ضمن دراسة بعنوان دور المجالس المحلية في المرحلة الحالية والانتقالية) أن أغلبية المجالس تنظر بإيجابية لهذه البنى (الموقف من الهيئة العليا للتفاوض) في حين يرى قرابة نصف هذه المجالس أن دورها سياسي وخدمي في ذات الوقت. ويعود ذلك إلى أن أغلب المجالس المحلية كانت إفرازاً طبيعياً لحالة البنى الثورية التي وجدت نفسها في مواجهة أسئلة المجتمع المحلي فيما يتعلق بإدارة مصالحه وتقديم الخدمات له فتحولت صوب عمل المجالس المحلية بما يحمله من أبعاد خدمية إدارية ونحو العمل السياسي، مدفوعةً برؤيتها السياسية كقوى ثورية طالبت منذ البداية بالتغيير السياسي، فيما آثرت مجالس أخرى الاكتفاء بالأدوار الخدمية التي تميز مهام المجالس المحلية في حالات الاستقرار.

لا تشكل النقاط الإيجابية التي سلط هذا المقال الضوء عليها في أداء ومنظور عمل المجالس المحلية طابعاً عاماً يسم عمل كل المجالس المحلية في سوريا، وإنما يمثل ميلاً محموداً لسيرورة نسق تفكير المجالس تتفاوت في تحقيقه واقعياً ولكنها تسعى إليه، وهو ما سوف نتناوله تفصيلاً في مقالات قادمة.

  

التصنيف مقالات الرأي

عقد مجلس محافظة دمشق الحرة دورة تدريبية على مدار ثلاثة أيام لكوادر الهامة المحررة شمالي دمشق وذلك بالتعاون مع وحدة المجالس المحلية ومركز عمران للدراسات الاستراتيجية حول "أساسيات في الإدارة المحلية، وقد وجهت هذه الدورة لأعضاء المجالس المحلية ومجلس محافظة دمشق بهدف إعداد كادر متخصص ونشر التوعية في مجال الإدارة المحلية.

المصدر مجلس محافظة دمشق الحرة: https://goo.gl/tE8QHl

التصنيف أخبار عمران

أقامت ‫‏وحدة المجالس المحليّة‬‬ بالتعاون مع الخارجية الكندية برنامجاً تدريبياً مخصصاً للمجالس المحليّة داخل المناطق السورية المحررة بمدينة غازي عينتاب التركية تحت عنوان: " الحوكمة الرشيدة والمساءلة المجتمعيّة". ‬ في الفترة الواقعة من تاريخ 27 ولغاية 31 كانون الثاني. حيث ركز البرنامج على قضايا المساءلة والمحاسبة المجتمعيّة، والشفافيّة والتشاركيّة ودور وسيادة القانون في الحكم المحليّ، بالتعاون مع مجموعة من الخبراء والاختصاصيين في مواضيع الحوكمة والإدارة المحليّة من كل من الأردن ولبنان وسورية. وكان لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية حضوراً مميزاً في هذا البرنامج عبر مشاركة الباحثة هاديا العمري من مسار الإدارة المحلية وتعزيز الممارسة الديمقراطية بمادة تدريبية تمحورت حول المشاركة المجتمعية والتخطيط للحوكمة على مدار يومين تدريبييّن، تم دعمهما بجلسات مسائية على هامش البرنامج بناءً على طلب المتدربين. ‬

حيث ركزت الباحثة في مادتها على النقاط التالية:

•    ماهية المشاركة المجتمعية وأهميتها؛
•    آلية تطبيق المشاركة المجتمعية؛
•    أشكال المشاركة المجتمعية؛
•    عناصر المشاركة المجتمعية الجيدة وعوامل دعمها، وكيفية تطوير المشاركة المجتمعية؛
•    تحديات المشاركة المجتمعية ونصائح للتغلب على تلك التحديات؛
•    ماهية الحوكمة المؤسسية وعناصرها؛
•    مدخل حول التخطيط بشكل عام؛
•    عناصر التخطيط للحوكمة؛
•    خطوات عملية للتخطيط للحوكمة؛

وقد اعتمدت الباحثة في تقديمها للمادة التدريبية على التركيز بشكل أساسي على ترسيخ محتوى المادة من خلال التمارين العملية التي تحاكي واقع عمل المجالس المحلية بالإضافة إلى جلسات العصف الذهني ومجموعات العمل المشتركة.

كما قام باقي المدربين المشاركين؛ ممثلين بالأستاذ رياض العيسى، والأستاذ مالك عمايرة باستكمال باقي محاور البرنامج التدريبي، ومن الجدير بالذكر أن المتدربون على هذا البرنامج سيقيمون ما يقارب الـ 30 دورة تدريبية لعدد من المجالس المحليّة الفرعيّة في الداخل السوريّ خلال الأشهر القليلة المقبلة.

في ختام البرنامج تقدّم فريق عمل وحدة المجالس المحليّة بالشكر والامتنان لكل من ساهم في إنجاح هذا البرنامج من مدربين ومتدربين وجهات راعية.

التصنيف أخبار عمران

في إطار تغطية الشأن الداخلي السوري قام راديو الكل بإجراء لقاء صوتي مسجل مع الباحث أيمن الدسوقي من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، للحديث حول العلاقة بين المجالس المحلية والجهات الداعمة، حيث تطرق اللقاء إلى آلية تمويل المجالس المحلية لمشاريعها عن طريق الجهات الداعمة، كما أشار الباحث للأزمة المالية التي تمر بها المجالس والتي تعوق قدرتها على التدخل لمعالجة أزمات قطاعية لاسيما في مجال البنية التحتية الذي يستلزم موارد مالية كبيرة وخبرات واستقرار وهو غير متاح حالياً في ظل محدودية الموارد واستمرار سياسة القصف المتعمدة لهذا القطاع من قبل قوات نظام الأسد وحلفائه، ليختتم الباحث مداخلته بالحديث عن الإجراءات التي تمكن المجالس من تعزيز مواردها الذاتية بالإضافة إلى ذكر عدد من التوصيات التي تسهم في تعزيز علاقة المجالس بالجهات المانحة.

رابط البث: http://goo.gl/RHM5CU

 

 

مناف قومان
مدخل شهدت سورية خلال الأيام القليلة الماضية تحولاً تاريخياً تمثل بانتصار الثورة في إسقاط نظام…
السبت كانون1/ديسمبر 21
نُشرت في  أوراق بحثية 
محمد السكري
ملخص تنفيذي برزت أهمية مفهوم النقابات كمساهم في صيرورة بناء المؤسسات وعملية الدمقرطة في الدولة…
الخميس كانون1/ديسمبر 19
نُشرت في  أوراق بحثية 
مروان عبد القادر
شهدت سورية منذ بداية الثورة في عام 2011 حالة من الاضطراب السياسي والعسكري، تمثلت في…
السبت كانون1/ديسمبر 14
نُشرت في  مقالات الرأي 
فرح أبو عياده, حسن جابر
ملخص تنفيذي باستمرار الاستهداف الإسرائيلي على الأراضي السورية؛ يُفسر نأي النظام السوري عن الانخراط في…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 25
نُشرت في  أوراق بحثية