ألحق الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال وغرب سوريا خسائر فادحة بالأرواح تجاوزت آلاف القتلى والمفقودين ومئات آلاف النازحين، مع دمار هائل في البني التحتية ومقومات الحياة. لقد شكل الزلزال كارثة مؤلمة جديدة على السوريين والسوريات مقيمين ونازحين ولاجئين في بلاد مزقتها الحرب وتشظت سياسياً واجتماعياً وطغت فيها القوى الأمنية العسكرية واقتصاديات النزاع. وقد بدا واضحا أن قوى النزاع عاجزة عن مواجهة التحديات التي أفرزها النزاع أو عن مواجهة آثار الزلزال الكارثية. وهي باختلالاتها المتراكمة ستولد مزيداً من الظلم والإقصاء وستزيد من معاناة المتضررين من الزلزال والناجين منه على حد سواء.
الدور المجتمعي: عبر السوريون عن مستوى عالٍ من التضامن منذ الساعات الأولى للكارثة حيث تكاتف السوريون في الداخل والخارج، معبرين عن وحدتهم في وجه المآسي المرتبطة بالزلزال. إن السوريين بأمس الحاجة لتعزيز هذا التضامن في مواجهة الزلزال وآثاره المباشرة وغير المباشرة من خلال العمل المشترك لمساعدة المتضررين، ووضع أولويات وخيارات التدخل لتخفيف الأضرار وتجاوز آثار الكارثة. وتتركز الأولوية في التنسيق والاستجابة للأفراد والمجتمعات الأكثر تضرراً وإنقاذ الأرواح قبل فوات الأوان.
تجاوز انقسامات النزاع: لقد انطلقت مساعي للتضامن بين المؤسسات والمبادرات العاملة في الفضاء المدني لفتح المساحة للعمل السوري التضامني الذي يعد ضرورة ملحة لتشخيص معاناة السوريين، وتجاوز الضرر ومساعدة المتضررين، وتحسين فعالية التدخلات، ومشاركة الخبرات والموارد، وتعزيز دور المجتمع في الخيارات والتدخلات الممكنة. إن تعزيز التضامن العابر للحدود والانقسامات السياسية والمناطقية والاثنية والدينية والجندرية وغيرها التي تعمقت أثناء النزاع، يتطلب تسخير المقومات البشرية والمادية والمؤسسية من كل المناطق السورية لمواجهة الأضرار، من خلال العمل المشترك لمواجهة انقسامات النزاع. ويتطلب التضامن ارتقاء العمل المدني نحو حوكمة شفافة وفعالة ومساءلة، والتزام بأخلاقيات العمل الإنساني وحقوق الإنسان وكرامته وحرياته، والتأكيد على العدالة والتشاركية في كافة مراحل العمل.
الاستجابة التنموية: تتطلب مواجهة الكارثة تجاوز الثغرات والتحديات المرتبطة بالاستجابة الإغاثية من خلال أخذ المجتمع السوري للمبادرة في تنظيم الاستجابة، وإنتاج الأدلة والدراسات الميدانية في خدمة التدخلات العاجلة وإتاحتها للجميع، والتنسيق بين المجتمع المحلي والمبادرات المدنية ومراكز البحوث، وربط التدخلات الإغاثية بالخيارات التنموية المستدامة، وكذلك ربط التدخلات الإنسانية مع تفكيك مقومات النزاع لضمان تجاوز مستدام لآثار الكارثة.
التضامن الدولي الفعال: على الرغم من التضامن والتعاون اللافت من الأفراد والمؤسسات على المستوى الدولي إلا أن الكارثة تتطلب تدخلات أكبر وأكثر فعالية، بما في ذلك دوراً مختلفاً من الأمم المتحدة والقوى الدولية، فالمساعدات الإنسانية لا تكفي دون مساحة آمنة للعمل ووصول عادل للجميع وكسر للقيود التي تفرضها القوى السياسية والعسكرية. إن التدخل الدولي حاسم في تجاوز الكارثة على أن يعطي للمجتمع السوري مساحة المبادرة وإدارة التدخلات، والتركيز على الالتزام بتدخلات مستندة لحقوق وحريات السوريين والسوريات، ومواجهة المصالح السياسية الضيقة لقوى النزاع، من خلال رفع القيود عن التنقل وتوفير المساعدات البشرية والمادية عبر الحدود والمناطق.
الضغط على القوى المتنازعة: المحلية والإقليمية والدولية لفتح الحدود الداخلية والخارجية للعمل الإنساني/التنموي، وتحويل الإنفاق العسكري الأمني إلى مواجهة الكارثة، ووقف الأتاوات والتعدي على المساعدات وعلى عمل المنظمات والمبادرات المدنية، وإعادة توزيع موارد الطاقة والغذاء والسكن ومقومات العيش لمتضرري الكارثة، ووقف خطاب الكراهية والاستغلال السياسي لمعاناة السوريين.
إنها دعوة للتضامن والعمل المشترك لمواجهة الكارثة وتجاوز ديناميكيات الحرب.
المؤسسات الموقعة:
المركز السوري لبحوث السياسات – مركز عمران للدراسات الاستراتيجية – منظمة بسمة وزيتونة – يداً بيد للإغاثة والتنمية – بيتنا سوريا – منظمة مابس – اتجاهات:ثقافة مستقلة – مساواة: مركز دراسات المرأة – مكتب التنمية المحلية ودعم المشاريع الصغيرة