في تصريحه لصحيفة القدس العربي بتاريخ 9 كانون الثاني2019، حول تمدد "هيئة تحرير الشام الأخير"؛ وضح الباحث معن طلاع من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية أن هذا التمدد هو بمثابة "الانتقال الاستراتيجي" إلى مراحل متقدمة في التمكين المحلي وإنهاء أي صيغ لتوازع السلطة في تلك المنطقة؛ وأنه ليس نتاج رغبة دولية وإن تقاطعت أهدافها النهائية مع تلك الرغبة والمتمثلة في تعجيل عودة إدلب إلى النظام عبر حجة "الهيئة"؛ إذ أن ما حدث يؤكد على أنها رغبة ذاتية للهيئة نابعة من إدراكها لصعوبة خياراتها المستقبلية وضرورة تحسين تموضعها العسكري والإداري والأمني.

أما من حيث السيناريوهات المحتملة لهذا التمدد فأوضح الباحث أنها  تتراوح ما بين احتمال ضئيل لحصول اتفاق أمريكي تركي للقضاء على الهيئة وهذا يستلزم اتفاقاً سياسياً حول "لإدلب ما بعد الهيئة"؛ وما بين المواجهة الجزئية مع النظام مدعومة بالقوات الروسية أو لايرانية للسيطرة على M4 وm5 .؛ أو إعادة تدعيم قوى المعارضة والدخول في معركة استنزاف طويلة.

المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/iXXuei

 

بيّن الباحث معن طلاع من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في تصريحاته لصحيفة القدس العربي بتاريخ 12كانون الثاني 2019، حول خيارات هيئة التحرير بعد تمددها الأخير؛ أن استراتيجية "التمدد" على حساب قوى المعارضة ليست بالاستراتيجية الجديدة على الهيئة؛ فلطالما لجأت إليها لتحسين تموضعها العسكري عبر الاستيلاء على أسلحة نوعية؛ أو لتحسين التموضع الاقتصادي والإداري عبر السعي الحثيث للسيطرة على أهم القطاعات الخدمية أو التجارية كالمعابر (سواء الدولي منها أو المحلي) ومحطات التوليد الكهربائي وغيرها؛ وهي تلجأ إليها لتعزيز الأسباب الآنفة الذكر جميعاً مضافاً إليها تحسين الشروط السياسية في أي مفاوضات محتملة في حال لجوء الفواعل الدولية والمحلية إلى خيار المفاوضات والتباحث عن صيغ ما دون عسكرية؛

وحول المستوى المرتبط بخيارات الهيئة أوضح الباحث أنه وفقاً "لبرغماتيتها الشديدة"فإنه يتوقع أن تطمح الهيئة لتحويل سيطرتها العسكرية إلى سيطرة مدنية وسياسية عبر مرحلتين مرحلة انتقالية تديرها وتهيئ لها حكومة الانقاذ متبنية عدة برامج منها ما يتعلق بإعادة التشكيل السياسي والعسكري والمدني وفق صيغ تبدو شكلاً أكثر تشاركية وهي ضمناً أكثر شمولية وتسلط؛ ومرحلة نهائية يختفي فيها اسم هيئة تحرير الشام لصالح اسم جديد وفاعلية جديدة.

المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/qch9SB

ملخص تنفيذي

  • نسبة كبيرة من المجالس القائمة في المحافظة غير معتمدة من وزارة الإدارة المحلية ومن مجلس المحافظة وفقاً للأنظمة والقوانين المعمول بها؛
  • تجري أغلبية مجالس محافظة إدلب انتخابات دورية؛
  • تختار أغلب المناطق ممثليها في المجالس القائمة في المحافظة عن طريق التوافق، وثمة تدخل لقوى الأمر الواقع في انتخابات عدد قليل منها .
  • لايوجد تمثيل معتمد للنازحين في محافظة إدلب، كما أن مشاركة المرأة في مجالس محافظة إدلب المحلية منخفضة نسبياً، وتصنف مجالس المحافظة بأنها فتية؛
  • توجد نسبة مقبولة من المجالس التي لديها قناعة بالمشاركة في العمل أو الدفع السياسي بشكل أو بآخر، وتذهب غالبية المجالس إلى تفويض جهات سياسية أخرى وفصائل عسكرية في عمليات التفاوض المحلية.
  • تعطي نسبة معتبرة من المجالس أهمية لقطاعات الإغاثة والصحة والتعليم والبنى التحتية على التوازي؛
  • تعاني مجالس محافظة إدلب من فقر كبير في الموارد المادية والبشرية ينعكس على أدائها المؤسسي وضعف قدرتها على التخطيط والتنمية؛
  • لا تسيطر هيئة تحرير الشام على معظم مناطق المحافظة وتتمتع الكثير من المجالس بالاستقلالية التامة عنها وعن حكومة الإنقاذ؛
  • يعد تراجع الدعم وانسحاب الكثير من المنظمات من محافظة إدلب إضافة إلى تشجيع بعض القوى المسيطرة لبعض التجمعات السكانية لتشكيل مجالس جديدة، عوامل مهمة ساهمت في حالة تشظي المجالس المحلية في محافظة إدلب.

عن التقرير

يستعرض هذا التقرير نتائج مسح اجتماعي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع وحدة المجالس المحلية في كل المناطق المحررة خلال الفترة الواقعة بين 15/4/2018 و15/6/2018 ومن هذه المناطق محافظة إدلب. وقد تناول المسح كل الوحدات الإدارية والهيئات التمثيلية في كل التجمعات السكانية الموجودة على امتداد جغرافيا المحافظة عدا المناطق التي سيطر عليها النظام مؤخراً، ورغم كل محاولات فريق البحث الميداني الحصول على أدق المعلومات حول المجالس؛ إلا أنه لا يمكن الادعاء بالدقة الكاملة للمعلومات الواردة في التقرير لصعوبات واجهت الفريق خلال عملية جمع البيانات بسبب الوضع الأمني ولتفاوت درجة تعاون المجالس مع عملية المسح ولتدخل بعض القوى العسكرية ومنعها بعض المجالس من التعاون مع فريق المسح، وقد أسفر ذلك عن تأخر إصدار التقرير، إضافة إلى السيولة الكبيرة التي وسمت المشهد الميداني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي تسببت أيضاً في تأجيل إصدار التقرير حتى تستقر الخارطة ولو مؤقتاً، ويتناول التقرير واقع البنى المحلية الإدارية والتمثيلية القائمة من حيث مشروعيتها ومايعنيه ذلك من جودة تمثيلها للمجتمع المحلي وقيامها بالأدوار المنوطة بها ومن حيث شرعيتها التي تقاس بمدى اعتمادها للأنظمة والقوانين واعتماديتها من قبل المستويات الإدارية الأعلى، كما يتناول موارد هذه المجالس وقدرتها على التخطيط للتنمية، إضافة إلى علاقاتها البينية مع القوى العسكرية والمستويات الإدارية المركزية واللامركزية، كما يستعرض التقرير بعض ملاحظات فريق البحث الميداني التي دونها خلال عملية المسح، و يخلص  إلى جملة من الخلاصات والتوصيات.

حول محافظة إدلب ومجالسها المحلية

تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي للجمهورية العربية السورية، وتحاذي جزءاً من الحدود السورية التركية، وقد بلغ عدد سكانها ثلاث ملايين وتسعمائة ألف نسمة بين أبناء المحافظة والمهجرين إليها ([1])، شاركت المحافظة في الثورة منذ أيامها الأولى لتخرج عن سيطرة النظام بشكل كامل في آذار من العام 2015، بعد سقوط مركز المحافظة بيد قوات المعارضة، فيما بقيت كل من كفريا والفوعة الشيعيتين المحاصرتين تحت سيطرة النظام ورهناً لاتفاقية المدن الأربعة بين إيران والمعارضة، ومع استكمال ترتيبات أستانة واتفاقيات خفض التصعيد بانعقاد اجتماع أستانة 6 في أيلول 2017، تمكن النظام وحلفاؤه الروس من السيطرة على أجزاء من شرق سكة الحديد جنوب شرق المحافظة حيث سيطر على حوالي 17.5% من مساحة المحافظة (متضمناً مساحة كفريا والفوعة)، لاحقاً ومع تزايد حشود جيش النظام وحلفائه على المحافظة تم اتخاذ قرار بإخلاء بلدتي كفريا والفوعة ويقدر عدد المجالس المحلية التي سقطت بيد النظام بحوالي 17 مجلساً محلياً معتمداً، كما أصبحت المحافظة ملاذاً أخيراً لعدد كبير من معارضي النظام السوري بعد سقوط مناطق المعارضة تباعاً ( الغوطة الشرقية، جنوب دمشق، القلمون الشرقي، ريف حمص الشمالي، درعا، القنيطرة) بيد النظام السوري وحلفائه، حيث يشكل النازحون ما نسبته 41% من سكان المحافظة([2]). وقد كانت محافظة إدلب على موعد مع حملة عسكرية ضخمة لاستكمال سيطرة النظام على ما تبقى من مناطق المعارضة ، إلا أن اتفاق سوتشي الأخير بين روسيا وتركيا في 17 أيلول 2018 حال دون ذلك ولو مؤقتاً وفتح الباب لتوفير حماية إقليمية لهذه المحافظة، في الوقت الذي وضع الكرة في ملعب الفعاليات المدنية والبنى المحلية لتفعيل برامجها وتمكين مؤسساتها والعمل على حوكمتها وبينما حدد القرار رقم 1378 للعام 2011 والصادر عن وزارة الإدارة المحلية التابعة للنظام([3])، التقسيمات الجغرافية المركزية للمحافظة بـ 6 مناطق تضم 26 ناحية فيما تقسم المحافظة إدارياً إلى 157 وحدة إدارية توزع على 15 مدينة و47 بلدة و95 بلدية تتمتع بالشخصية الاعتبارية([4])، إضافة إلى العشرات من القرى والمزارع والتجمعات التي لا تحظى بالشخصية الاعتبارية ولا تشملها التقسيمات الإدارية([5]فإن العدد الفعلي للمجالس القائمة هو 307 مجلساً محلياً بمافيها مجلس المحافظة ومجالس البلدات التي سقطت بيد النظام بعد استيلائه على مناطق شرق السكة في شباط 2016 .

وقد تأسست 83% من مجالس محافظة إدلب قبل عام 2015، العام الذي خرجت فيه المحافظة بالكامل من سيطرة نظام الأسد، وبصورة عامة يعاني المشهد الإداري في محافظة إدلب من هشاشة وتشظي كبيرين، أسهمت فيه تداخلات الحالة السياسية والعسكرية في المحافظة والتي انعكست على الحالة المدنية وأرخت بظلالها على المنظومة المهيكلة للمجالس المحلية بنشوء مجالس غير معتمدة من الحكومة المؤقتة وتضاعف عددها بشكل كبير وتعدد مرجعيات بعضها سواء بتبعيتها لحكومة الإنقاذ أو المؤقتة، يضاف إلى ذلك حالة انفلات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من عقال الضبط الحكومي.

المشروعية والتمثيل

يعبر عن المشروعية بمدى الرضى الشعبي عن تمثيل المجلس للسكان المحليين، بما في ذلك المرأة والنازحين وشريحة الشباب والفئات المهمشة، إضافة إلى طريقة تشكيل المجلس وأدائه:

الانتخابات والدورات الانتخابية

تجري62 % من مجالس محافظة إدلب انتخابات دورية([6])، بعضها سنوية وبعضها نصف سنوية، كما توجد مجالس تجري انتخابات كل 4أشهر ومجالس تجري انتخابات كل سنتين، وتم اختيار أعضاء 72% من المجالس في محافظة إدلب بالتوافق، فيما اختير أعضاء 13% من المجالس بالانتخاب المباشر من السكان، ولم تتجاوز نسبة المجالس التي عينت أعضائها الفصائل المسلحة الـ1% (تدخلت الفصائل في تعيين أعضاء أربع مجالس محلية في أربع وحدات إدارية اثنتان منهما تحت السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام والثالثة تحت سيطرة فيلق الشام أما الوحدة الأخيرة فهي غير خاضعة لسيطرة أي فصيل )، فيما شكلت 10 % بالمئة منها بالاعتماد على انتخابات الهيئات الناخبة، وتم اختيار 2% من المجالس من خلال مجالس الأعيان والشورى .

 

مشاركة المرأة والشباب والنازحين

لا تزال مشاركة المرأة في مجالس محافظة إدلب المحلية منخفضة نسبياً إذ يوجد حضور للمرأة في 14% فقط من المجالس المحلية سواءً في الجسم التمثيلي أو الوظيفي، حيث تتنوع مشاركتها فيها فتشارك في 5% من المكاتب التنفيذية لهذه المجالس، كما أنها تشغل مناصب وظيفية في 13 % بالمئة من هذه المجالس.

 

وبصورة عامة يمكن اعتبار مجالس محافظة إدلب المحلية مجالساً فتية إذ تتعزز فيها مشاركة الشباب بشكل كبير و تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها بين 25-40 حوالي 61% من مجموع المجالس، فيما تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها يبن 40-50 حوالي 7 بالمئة فقط، أما بالنسبة للنازحين فلم تسجل أي حالة تمثيل لهم في مجالس المحافظة.

الدور الخدمي والسياسي

تشكل الأدوار التي تقوم بها المجالس المحلية لصالح المجتمعات المحلية واحدة من أهم عوامل بناء مشروعية هذه المجالس. ومن أهم تلك الأدوار التي يمكن للمجالس المحلية أن تلعبها هو دورها في العمل السياسي العام بصفتها ممثلاً للمجتمع المحلي، ومن ذلك المباشرة في الممارسة السياسية بتمثيل إرادة المجتمع المحلي في المحافل الدولية في ظل إشكالية التمثيل السياسي المركزي الذي ينبغي أن تضلع به البنى السياسية على المستوى الوطني، وأيضاً الدفع السياسي أو التأثير في السياسة من خلال اتخاذ المواقف وإصدار البيانات وإقامة الفعاليات والتي تتناول الموقف الشعبي من المتغيرات السياسية المختلفة التي تخص الشأن السوري و إيصال الرسائل السياسية إلى الفاعلين السياسيين الدوليين والإقليميين والمحليين، إذ تشكل المجالس المحلية التي لديها قناعة بالمشاركة في العمل أو الدفع السياسي بشكل أو بآخر 25%، إضافة إلى كون عملية التمثيل على المستوى المحلي وإدارة المجتمع المحلي سواء على مستوى الخدمات والتنمية أو على مستوى العلاقة مع الفواعل المحلية في الوحدة الإدارية أو مع الاستحقاقات السياسية ذات الطابع المحلي شكلاً من أشكال العمل السياسي، ويمكن ملاحظة عزوف الكثير من المجالس المحلية في محافظة إدلب عن الاضطلاع بمهام سياسية مباشرة على المستوى المحلي كتلك المتعلقة بالتفاوض المحلي مع النظام، كما تتفاوت قدرة المجالس المحلية في تلبية احتياجات المجتمعات المحلية على مستوى القطاعات الإغاثية و الخدمية الأساسية:

  • الموقف من الجهة المخولة بالتفاوضات المحلية

ترى 32% من المجالس أن الفصائل هي الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية مع الجهات المعادية في مناطق التماس) 28 % منها يتبع إدارياً لحكومة الإنقاذ(، فيما ترى 20 % من المجالس أن المجالس المحلية هي الجهة الأكثر تأهيلاً للتفاوض، وتذهب 18 % من المجالس إلى أهمية تشكيل لجنة مشتركة من المجالس المحلية والفصائل للقيام بهذه التفاوضات. في حين ترى 17% من المجالس أن مجلس المحافظة هو الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية، وترى 6% من المجالس أن الهيئة السورية للمفاوضات هي الجهة الأكثر تأهيلاً للقيام بالتفاوضات المحلية، فيما ذهب ثلاثة مجالس إلى أهمية تشكيل لجنة من مجلس المحافظة أو المجلس المحلي والهيئة العليا، ورأى مجلس واحد أهمية تشكيل لجنة من المجلس المحلي ومجلس المحافظة والفصائل، وقد امتنع 5 % من المجالس عن الإجابة عن هذا السؤال.

 

  • أهم الخدمات التي تقدمها المجالس

تولي 24% من المجالس أهمية كبيرة لقطاعات الإغاثة والصحة والتعليم والبنى التحتية (مياه، طرق، صرف صحي، كهرباء) على التوازي، فيما تولي 7 % من المجالس في المحافظة أهمية قليلة للقطاعات الأربعة، كما تتفاوت أولويات مجالس محلية أخرى بالنسبة لاعتبارات الأهمية للخدمات التي تقدمها إلا أن ميدان التعليم يعد الأكثر أهمية لحوالي ال45 % من المجالس، فيما تعتبر 41 % من المجالس قطاع الصحة الأكثر أهمية بالنسبة لها. وعدى عن هذه القطاعات تنصرف الكثير من المجالس لإعطاء الأولوية لقطاعات أخرى كالزراعة والثروة الحيوانية، أو الشؤون المدنية والعقارية، أو إزالة الأنقاض وآثار القصف، أو حل المشكلات في المجتمع المحلي، أو فتح الأفران، أو حملات النظافة ومكافحة الحشرات الضارة، أو الأمن المحلي (الإشراف على الشرطة المحلية).

 الشرعية

تكتسب المجالس المحلية شرعيتها عادةً من مدى انتظامها ضمن الهيكل الإداري العام على المستوى الوطني، ما يعني اعتماديتها وفق الأنظمة الصادرة عن الحكومة المركزية وفق المعايير التي تحددها القوانين الإدارية، إضافة إلى عمل المجلس وفقاً للقوانين الإدارية الناظمة، وامتلاك المجلس لدليل تنظيمي يحدد نظامه الداخلي وهيكليته ومهامه، وقدرة المجلس على مد سلطته الإدارية على كل الحدود الإدارية لوحدته وشمل كل القطاعات المحلية بها. وفيما يلي نتائج المسح حول مدى التزام المجالس موضوع المسح بمعيار الشرعية:

  • تبلغ نسبة المجالس (بما فيها مجلس المحافظة) المعتمدة من وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة وفق القانون 107 والقانون 1378 حوالي 48 %؛
  • تبلغ نسبة المجالس التي تعتمد القوانين والأنظمة الصادرة عن وزارة الإدارة المحلية حوالي 25%، نسبة 30% منها غير معتمدة وفق القوانين الإدارية؛
  • تبلغ نسبة المجالس التي لا تعتمد نظام داخلي على الإطلاق 50 % (31 % منها معتمدة)؛
  • تبلغ نسبة المجالس المحلية التي تعتمد أنظمة خاصة بها 20%، نسبة من يصرح منها بتابعيته الإدارية للحكومة المؤقتة 29%؛
  • تجدر الإشارة إلى أن 54% من المجالس المحلية تحافظ على هيكلية ثابتة بين الدورات الانتخابية.

 الموارد والتخطيط للتنمية

لاتزال المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تعاني من شح في الموارد وفي فرص التنمية نتيجة التحديات الأمنية وسيطرة قوى الأمر الواقع على الكثير من الموارد على حساب البنى الإدارية اللامركزية إضافة إلى غياب سلطة مركزية فعلية، توضح النسب التالية نظرة المجالس المحلية لأولويات سبل العيش المتوافرة في مناطقها:

  • الموارد والواقع الاقتصادي

 ترى 22 % من المجالس أن سبل العيش الأكثر أهمية المتوفرة في مناطقها تتمثل في الإغاثة ودعم المنظمات بالإضافة إلى تحويلات المغتربين والأنشطة الاقتصادية المحلية، فيما تمثل عمليات الإغاثة ودعم المنظمات (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 31% من المجالس بينما تمثل تحويلات المغتربين (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية بالنسبة لـ 24% من المجالس فيما تمثل الأنشطة الاقتصادية المحلية (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 69% من المجالس القائمة في محافظة إدلب.

وبصورة عامة تشكل الزراعة أهم الفعاليات الاقتصادية في الوحدات المحلية بنسبة 81% تليها الفعاليات التجارية بنسبة 75% ثم الحرف بنسبة 66%، فيما تنخفض مساهمة قطاعي الخدمات 33% والصناعة 20% في الفعاليات الاقتصادية القائمة في الوحدات الإدارية التي تديرها المجالس المحلية في المحافظة.

 

 أما فيما يتعلق بالمجالس نفسها فتبلغ نسبة المجالس التي لها موارد 66  %، يحدد الجدول الآتي أهم موارد دخل المجالس المحلية من حيث نسبة مساهمتها في تمويل عمل هذه المجالس وعدد المجالس المستفيدة والنسبة العامة لمساهمة هذه الموارد:

 

 

 

توجد موارد أخرى متفرقة تعتمد عليها الكثير من المجالس المحلية يمكن عرضها في الجدول الآتي:

 

  • التخطيط للتنمية

لا تظهر الأغلبية الساحقة من المجلس مقدرة على بلورة الاحتياجات والأولويات والخطط ووضع الموازنات بناءً على ذلك، فما نسبته 85% من المجالس المحلية في محافظة إدلب لا يوجد لديها موازنة، و77% من المجالس لا يوجد لديها خطة وبرنامج سنوي أو نصف سنوي، رغم قدرة أغلب المجالس على تقييم الاحتياجات من خلال اللقاءات والندوات مع المجتمعات المحلية أو من خلال إجراء المسوح الاجتماعية سواء باعتماد المجالس على نفسها في ذلك غالباً أو بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني شريكة ومنظمات دولية.

 

العلاقات البينية

يزيد غياب ناظم مؤسسي حقيقي ومقونن يضبط علاقة المجالس ببعضها وعلاقتها بالمستويات الإدارية الأعلى وعلاقتها أيضاً بالفاعلين المحليين، يزيد من حدة الاستقطاب المناطقي والفصائلي والسياسي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يمكن هنا استعراض 4 مستويات من العلاقات بالنسبة للمجالس المحلية القائمة، أولها العلاقة بمجلس المحافظة أو المجلس ذو المستوى الإداري الأعلى، ثم العلاقة بالمستويات المركزية وهي تتمثل في حالة محافظة إدلب بحكومتي المؤقتة والإنقاذ، إضافة إلى الوجود الفصائلي في مناطق المجالس وتداخل العلاقة مع هذه المجالس مع العلاقة بحكومتي المؤقتة والإنقاذ:

علاقات المجلس بالمستويات اللامركزية

  • لاتزال علاقة الكثير من المجالس المحلية الفرعية في محافظة إدلب بمجلس المحافظة غير قوية، إذ تشكل المجالس التي تربطها علاقة قوية بمجلس المحافظة ما معدله 31%؛
  • في مقابل ضعف علاقة المجالس الفرعية بمجلس المحافظة فإن علاقتها بمجالس المدن والمجالس الموازية أفضل نسبياً حيث تتصف علاقة 56% منها بأنها قوية؛

علاقة المجلس بالمستويات المركزية

  • تصف 33% من المجالس علاقتها بأنها مستقلة عن الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ؛
  • تصنف 30% من المجالس نفسها بأنها مستقلة عن حكومة الإنقاذ وتتبع إدارياً للحكومة المؤقتة، فيما تصف 13% من المجالس علاقتها مع الإنقاذ بأنها علاقة تعاون قسري؛
  • تصنف 14% من المجالس نفسها بأنها مستقلة عن الحكومة المؤقتة وتتبع إدارياً لحكومة الإنقاذ، فيما تصف 8% من المجالس علاقتها مع المؤقتة بأنها علاقة تعاون وتنسيق؛
  • تصنف 2% من المجالس المحلية التي تتبع إدارياً للمؤقتة علاقتها بالإنقاذ بأنها علاقة تعاون وتنسيق (7 مجالس)؛
  • صرحت ثلاثة مجالس بوجود علاقة تنافس مع حكومة الإنقاذ.

النفوذ العسكري ضمن الحدود الإدارية للمجلس

  • تعتبر 27% من المجالس المحلية مناطقها خاضعة للسيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام؛
  • تعتبر 10% من المجالس المحلية مناطقها خاضعة للسيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام وفصائل عسكرية أخرى؛
  • تعتبر 28 % من المجالس المحلية مناطقها خاضعة للسيطرة العسكرية لفصائل مختلفة (عدى هيئة تحرير الشام)؛
  • تعتبر 29% من المجالس المحلية مناطقها محايدة (غير خاضعة لسلطة أي فصيل عسكري)؛
  • لم يجب 6% من المجالس عن السؤال.

تداخلات علاقات المجالس بحكومتي الإنقاذ والمؤقتة والفصائل العسكرية

  • تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة وتقع في مناطق السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام ما نسبته 9% من مجالس المحافظة الفرعية؛
  • تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة وتقع في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل (عدى الهيئة) ما نسبته14% من مجالس المحافظة الفرعية؛
  • يوجد مجلسان محليان في المحافظة لهما تبعية إدارية لحكومة الإنقاذ ويقعان في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل (عدى الهيئة)؛
  • توجد 8 مجالس لها تبعية قسرية لحكومة الإنقاذ وتقع في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل (عدى الهيئة)؛
  • تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة ولا تقع في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل بما فيها الهيئة مان سبته 9% من مجالس المحافظة الفرعية؛
  • توجد 4 مجالس لها تبعية إدارية لحكومة الإنقاذ وتقع في مناطق محايدة.

 

من ملاحظات فريق البحث الميداني

فيما يلي مجموعة من الملاحظات التي دونها فريق البحث الميداني خلال لقائه بممثلي المجالس المحلية في محافظة إدلب، والتي تناولت جوانب مختلفة من واقع المجالس المحلية في المحافظة:

العلاقات البينية

  • أغلب المجالس تشكو من ضعف مجلس المحافظة؛
  • اغلب المجالس ابدت استعدادها للتعاون مع حكومة الإنقاذ بعد ان قدمت لهم الغاز، في ظل غياب مجلس المحافظة والحكومة المؤقتة؛
  • مع تراجع عمل المنظمات في محافظة إدلب وانعكاس ذلك على تماسك المجالس المحلية، تشجع حكومة الإنقاذ الكثير من التجمعات السكانية على تشكيل مجالس محلية جديدة خارج المعايير القانونية لتشكيل المجالس واعتماديتها والمعمول بها من قبل الحكومة المؤقتة ومجالس المحافظات كالقانون الإداري 107 والقانون 1378، وذلك بهدف زيادة المجالس المحلية التي تتبع لها؛
  • تستغل الفصائل العسكرية الخلافات البينية بين العائلات على تشكيل المجالس وتحاول التدخل في تشكيل المجالس؛
  • في الوحدات الإدارية التي يوجد فصائل متباينة، فإن الكثير من هذه الفصائل يحاول أن يكون له وجود في المجلس القائم من خلال أبناء المنطقة المنتمين لهذا الفصيل أو ذاك، في المقابل يتمكن الأهالي من إقناع الفصائل بجعل المجلس المحلي بعيداً عن تجاذباتها؛
  • أدى عزوف عدد من المنظمات الداعمة بسبب التغول الفصائلية إلى توجه الأهالي في كثير من المناطق إلى الطلب من الفصائل عدم التدخل بعمل المجالس؛
  • لم يتمكن فريق البحث من التواصل المباشر مع ممثلي قرى حيلا وعيناتا وسنقرة وكفرميد في ريف محمبل، حيث صدرت تعليمات من حكومة الانقاذ بحظر التعامل مع فريق البحث؛
  • مكتب هيئة الخدمات التابع لحكومة الإنقاذ يقوم بجولات يومية على المجالس؛
  • يرفع مجلس كفرنبل علم الثورة السورية على مقره، رغم وجود كبير للهيئة في البلدة، ويعاني المجلس من ضعف الموارد ووجود خلافات حوله في المدينة؛
  • مجلس بلدية فريكة بجسر الشغور مستقل إدارياً ولا يتبع حكومة الإنقاذ، كما ينفي المجلس وجود أي مقر أو سلطة لهيئة تحرير الشام ضمن نطاق عمل المجلس؛
  • لاتزال علاقة المجلس المحلي لمعرتماتر ضعيفة مع المجتمع المحلي، ولا يوجد دعم كافي والمجلس لا يداوم وهناك اجتماعات لأعضائه والمجلس وجوده شكلي بشكل عام؛
  • يتبع مجلس بلدية المعلقة إدارياً لمجلس محافظة إدلب الحرة، وهو ملتزم بقررات المجلس ويعبر عن نفيه القاطع للتابعية إلى حكومة الإنقاذ؛
  • يطالب مجلس الزهراء بإعادة هيكلة مجلس المحافظة لعدم فعاليته في المنطقة، وبزيادة الدعم للمجالس لكي تأخذ دورها في المجتمع المحلي؛
  • يطالب مجلس بزيت بتدخل دولي لوقف القصف والاعتداء على المدنيين كونه يقع على منطقة تماس مباشر مع النظام، والمجلس يتبع إدارياً لمجلس محافظة إدلب الحرة الذي يطالبه أيضاً بتأمين الدعم اللازم؛
  • لمجلس كفر عويد مقر وفيه دوام ولكن الناس يشعرون بأنه ضعيف، كما أن تجاوبهم معه أيضاً ضعيف، والمجلس مستقل عن الفضائل إلا أن الهيئة حاولت ابتزازه بتقديم مادة الغاز؛
  • مجلس خان شيخون يعتبر مجلس نشيط وله طموحات بأن يصبح أفضل، الوضع في المجلس بين كر وفر، فأحياناً تبسط الهيئة نفوذها وأحياناً لا؛
  • هناك مجالس لديها استقلالية كاملة ولكنها تتبع فقط بالإغاثة الى مجلس آخر، مثلا مجلس بياطس ومجلس بيرة أرمناز ومجلس كوارو بتبعون بالاغاثة فقط إلى مجلس أرمناز؛
  • رغم انقطاع دعم الحكومة المؤقتة، إلا أن انتظام التجمعات السكانية في المحافظة ضمن مجالس محلية قد تطور بشكل مطرد بسبب دخول المنظمات الإغاثية والتنموية واشتراط عدد منها وجود مجالس محلية لتوزيع خدماتها على المجتمعات المحلية، ومع تراجع عمل هذه المنظمات وضعف ثقة الكثير من التجمعات السكانية في الوحدة الإدارية بالقائمين على عمل المجالس فإن حالة التشظي عادت لتصبح السمة الأبرز إذ بدأت الكثير من هذه التجمعات بتشكيل مجالس خاصة بها ضمن الوحدة الإدارية نفسها.

الموارد

  • هناك عدد من المجالس كانت تأتيها بعض الموارد لكن حكومة الإنقاذ سيطرت على هذه الموارد ولم تترك للمجالس شيء كمجالس الرصافة ورأس العين، كما استولت هيئة تحرير الشام منذ حوالي السنة على أرض زراعية كان يملكها المجلس المحلي في كفر يحمول كان المجلس يقوم بتأجيرها وتوظيف عائدات الأجرة لمصلحة المجلس؛
  • تعاني الكثير من المجالس كمجلس معرزيتا ضعفا شديداً بسبب قلة الموارد وضعف تجاوب السكان المحليين مع المجلس، كما يعد مجلس ترملا ومزارعها، مجلساً نشيطاً ويحاول أن يعمل وله مقر يداوم فيه أعضاؤه لكن موارد المجلس ضعيفة؛
  • مجلس حزارين: المجلس له مقر ويتم الدوام فيه، ولكن لا يوجد دعم للمجلس بالإضافة إلى ضعف تجاوب السكان المحليين مع المجلس؛
  • يطالب مجلس بلدة الضهر المنظمات بالتوجه إلى المجلس بسبب حرمان المنطقة من أي خدمة أو أي مشروع ويضم مجلس الضهر أكثر من 14 قرية؛
  • أغلب هذه المجالس ليس لديها مقرات فقد يجتمعون في جامع القرية. أو في إحدى المدارس او في أحد البيوت. وتعمل كل المجالس المقيمة عملها الفعلي كما أن المجالس عملها تطوعي بدون مقابل؛
  • يتميز مجلس كنصفرة بفعالية جيدة ولكن موارده قليلة وإمكانية عمله ضعيفه؛
  • تنعدم الموارد المادية لمعظم المجالس المحلية الغير معتمدة من قبل المستويات الإدارية الأعلى من خلال القوانين الإدارية حيث تلجأ هذه المجالس إلى إحدى الطرق الآتية لتأمين بعض الموارد:
    • كل ممثل عائلة يجمع بعض المبالغ من عائلته.
    • تحصيل مبالغ رمزية من الأهالي أثناء تسليمهم سلل الإغاثة.
    • تحصيل مبلغ 500 ل.س سنوياً من كل بيت.
    • أعضاء المجالس يدفعون من جيوبهم الشخصية.
    • قدم أهالي قرية كراتين أرض زراعية مساحتها كبيرة نسبياً لمجلسهم المحلي، بعد أن استعادوها عقب اندلاع الثورة من النظام، ويقوم المجلس المحلي بتأجيرها سنويا والاستفادة من أجارها لتخديم القرية.
  • استطاع مجلس كفرومة تنفيذ مشروع المخطط التنظيمي بالاعتماد على مخططات سابقة بكلف تزيد عن 350 ألف دولار وذلك بالاعتماد فقط على الجباية المحلية.

الأدوار

  • تقوم الكثير من المجالس المحلية بأدوار إغاثية فقط وليس لها مقرات دائمة ولا نشاط خدمي كحالة مجلس أرنبة ومجلس جبالا، ويوجد مجالس أخرى لها مقرات كمجلس معراته وبسقلا ولكن ليس لها مقر وتقوم بأدوار الإغاثة أيضاً، كما يقتصر عمل مجلس بلشون على الإغاثة ويتولى مسؤولية النظافة في القرية بتمويل من الهيئة العامة للخدمات التابعة للإنقاذ، وهناك أيضاً العديد من المجالس التي يقتصر دورها على الإغاثة مثل مجالس بسامس وجوزف التابع لإدارة الخدمات التي تتبع بدورها لحكومة الإنقاذ، ومجلس أورم الجوز؛
  • لا تملك الغالبية الساحقة من المجالس نظاماً داخلياً ولا موازنة ولا خطة عمل متكاملة؛
  • مجلس موزرة: لا يوجد له مقر ولا يوجد دوام للمجلس ويعين المجلس بالتوافق العائلي؛
  • مجلس عين لازور: له مقر ولكن لا دوام فيه، وهو عبارة عن لجنة إغاثة إضافة لبعض الأنشطة؛
  • مجلس معرة حرمة: قلة الدعم جعلت من المجلس شبه مشلول والقمامة تملأ شوارع البلدة بسبب عدم دفع الجباية، والبلدة لا تخضع للهيئة والجيش الحر فيها قوي؛
  • مجلس تجمع ركايا - نقير – سجنة: له نشاطات فقط مع بعض المنظمات وليس له نشاط مدني ودوره إغاثي فقط.
  • مجلس سفوهن ما يزال في بداية تشكيله، خبرة قليلة، له مقر ويداوم أعضاؤه فيه بصورة محدودة وهناك خلافات عائلية في البلدة تضعف من عمل المجلس، والمجلس لا يوجد له دخل فهو بحكم المجمد؛
  • أغلب المجالس إن لم تكن جميعها وغير المعتمدة من المستويات الإدارية الأعلى غير مدركة؟؟ لأدوارها وغير مستوعبة لعمل الادارة المحلية ولا تعرف شيء عن المرسوم/107/ ولا عن اللائحة التنفيذية ولا تعرف ما هو النظام الداخلي ولا ماذا تعني الخطة او الموازنة وبعضها لا يعرف ما المقصود بمجلس المحافظة.
  • يلاحظ عدم إدراك أغلب المجالس في المحافظة وخاصة غير المعتمدة من المستويات الإدارية الأعلى، لأدوارها ولا لطبيعة عمل الإدارة المحلية ولا القانون الإداري 107 واللائحة التنفيذية، كما أن الكثير منها ليس له نظام داخلي أو خطة عمل أو موازنة ولا يدرك أهمية وجود مجلس على مستوى المحافظة ولا طبيعة دوره.
  • يلاحظ أن أغلب المجالس غير المعتمدة تعاني من قلة حملة الشهادات الجامعية بين أعضائها؛
  • مجلس الضهر العام هو الوحيد الذي نظم ما يسمى وثيقة تفاهم بدلاً من النظام الداخلي تتضمن واجبات العضو
  •  وشروط عضوية المجلس وفصل العضو وحسب رئيس المجلس يتم التقيد بتطبيق وثيقة التفاهم بحذافيرها؛
  • مجلس الهبيط ضعيف ويقتصر دوره على العمل الإغاثي؛
  • إن أغلب المجالس غير المعتمدة ينحصر عملها بالإغاثة فقط؛

الانتخاب والتمثيل

  • مجلس تجمع ركايا - نقير – سجنة: فيه ممثل عن كل من القرى الثلاثة؛
  • تتوافق الكثير من المناطق على لجان انتخابية متوافقة مع عدد السكان لانتخاب مجالسها كما حدث سابقاً في كفرنبل وسراقب؛
  • مجلس بيلون في طور التشكل ولا يوجد فيه دوام، حيث يتابع أعضاؤه تنفيذ مهامهم من منازلهم، والذي يدير الوضع في البلدة عضو في مجلس شورى البلدة؛
  • ينعدم التمثيل النسائي في معظم المجالس الغير غير المشمولة بالقانون 1378، باستثناءات قليلة مثل حالة مجلسي الطليحة والضهر العام؛
  • معظم المجالس تم تعينها بتوافق الأهالي على أساس تمثيل العائلات، حيث تعتبر الخلفيات العائلية العامل الأهم في تشكيل المجالس وفي علاقتها مع الفصائل القائمة في منطقها، وقد تشكل أكثر من مجلس في منطقة واحدة في بعض الحالات بسبب الخلافات بين العائلات.
  • تدخل مجلس المحافظة لحل الكثير من القضايا الناجمة عن الخلاف على تشكيل المجالس بين العائلات كما في حالة بلدية سفوهن في ريف كفرنبل قرية دير الشرقي في ريف معرة النعمان الجنوبي.
  • الملاحظ أن بعض المجالس هي نفسها ورئيس المجلس نفس الشخص منذ 2013 وحتى اليوم؛
  • القنية بريف جسر الشغور بلدة مسيحية هجرت هيئة تحرير الشام أهلها قسراً من بيوتهم وأراضيهم ولم يتبق منهم إلا نسبة قليلة موجودة في البلدة تعاني من مضايقات، وقد أجري الاستبيان مع خوري كنيسة البلدة الذي يمثل من بقي من أهلها عملياً؛
  • الغسانية هي بلدة مسيحية أيضاً بريف جسر الشغور هجرت هيئة تحرير الشام أهلها قسراً بشكل كامل جزء خلال التحرير والجزء الآخر بنتيجة المضايقات، ويوجد في الجسر قرى مسيحية أخرى مثل اليعقوبية والجديدة وحلوز؛
  • اشتبرق بلدة علوية بريف جسر الشغور نزح أهلها إلى مناطق النظام بالكامل ولم يبق منها أحد وهي الآن منطقة تماس.

خلاصات وتوصيات

  • يتميز الواقع الإداري في محافظة إدلب بتعدد المرجعيات الإدارية وغياب هيكلية مؤسسية متعددة المستويات تضمن المزيد من عمليات الضبط والإشراف والمأسسة إضاقة إلى تشظي البنى المحلية، ولعل أبرز العوامل المؤثرة في ذلك شح الموارد المادية والبشرية وعدم وجود معايير لعمل منظمات المجتمع المدني وغياب الضبط الحكومي لتدفق الدعم من الجهات المانحة، فضلاً عن تحكم قوى الأمر الواقع بمعظم الموارد، ولعل أبرز ما يمكن التركيز عليه في هذا الصدد هو أهمية تعزيز مجلس المحافظة بالموارد والإمكانيات والسلطة، ليتمكن من حوكمة كل الفعاليات القائمة في المحافظة وضبطها؛
  • تتميز الحالة التمثيلية في المحافظة بأنها مبنية على التوافق وأنها متجددة في الغالب، إلا أن ثمة جوانب سلبية أخرى لذلك تتمثل في كون الكثير من التوافقات مبنية على تفاهمات عائلية أو فصائلية على حساب فئات أخرى مهمشة، وهنا تحقق عملية الانتخابات على المستويات الإدارية الدنيا حالة أكثر قبولية لتمثيل المجتمعات المحلية الصغرى وتأسيس مشروعية راسخة؛
  • تأسست نسبة كبيرة من مجالس المحافظة قبل السيطرة الكاملة للمعارضة محافظة إدلب ومعظم مجالس المحافظة مجالس فتية وتتميز بحد مقبول من الاستقلالية والقدرة على تجاوز إملاءات القوى العسكرية المسيطرة، وهو ما يؤهلها للعب دور أكبر في عملية الدفع السياسي واعلاء صوت المجتمعات المحلية، تمهيداً لخلق مرجعية وطنية تؤسس من الأدنى إلى الأعلى؛
  • لاتزال الكثير من المجالس المحلية بحاجة إلى تأهيل مؤسسي وبناء وعي حوكمي مفاهيمي وتطبيقي خصوصاً فيما يتعلق بأهمية القوننة والهيكلة والتراتبية الإدارية وأيضاً بما يتعلق بالتخطيط والإدارة المالية وإدارة فعاليات التنمية والحوار المجتمعي، وهو ما يدفع بإعادة النظر في خطط وبرامج تمكين المجالس المحلية بناءً على نتائج هذا التقرير؛
  • تشير؟ حالة تشظي البنى المحلية بشكل كبير في محافظة إدلب، إلى أهمية وضع خطة هيكلة إدارية خاصة بمحافظة إدلب تركز على وجود نقاط ارتكاز تمثلها الوحدات الإدارية الرئيسية في المحافظة إضافة إلى الوحدات الإدارية التي اكتسبت أهميتها خلال فترة الحرب، حيث يتم بناء نماذج متقدمة ومحوكمة على مستوى المحافظة تشمل أربع مدن رئيسية و 8 بلدت تتبع لها و16 بلدية تتبع لهذه البلدات؛
  • تتميز علاقة المجالس المحلية الفرعية في المحافظة بالمستويات الإدارية الأعلى بأنها أفضل نسبياً من العلاقة بمجلس المحافظة، وهو ما يحمل بداية مجلس المحافظة مسؤولية مراجعة سياسات مديرية المجالس الفرعية ودعمها بالشكل الكافي لتحظى بتعاون كافة المجالس الفرعية؛
  • تحظى الكثير من المجالس المحلية في محافظة إدلب بمشروعية التمثيل إلا أنها تفتقر إلى مشروعية الإنجاز وهو ما يتسبب بضعف ثقة المجتمعات المحلية بها تدريجياً وصولاً إلى إضعاف مشروعيتها بشكل كامل لصالح منظومات غير وطنية وبناءً على ذلك فإنه يتوجب دعم بناء نموذج حكم أو إدارة محلية راشدة في محافظة إدلب وتحجيم دور الجماعات المتشددة في الحكم والإدارة فقط من خلال دعم مأسسة المجالس المحلية ورفدها بالموارد التي تساعدها على المأسسة وتوفير الخدمة والتنمية؛
  • يلحظ التقرير محاولات تضييق وتهميش للأقليات والنازحين في المحافظة، وهو ما يحتم على مجلس المحافظة بداية والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني وضع خطة للترميم الاجتماعي تتركز على استعادة الهوية الاجتماعية في المحافظة من خلال الحرص على عودة المهجرين من أبناء الأقليات في المحافظة إليها بشروط من الأمن على أنفسهم وممتلكاتهم، وبتمكين المهجرين في البيئات الجديدة ومنحهم الفرصة الكافية للتعبير عن أنفسهم عبر المجالس القائمة أو من خلال هيئات مستقلة؛
  • لاتزال مشاركة المرأة في المجالس المحلية متواضعة، ويمكن عزو ذلك إضافة إلى الموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد إلى أسباب أخرى متعلقة بعدم تمكينها أو انصرافها إلى أنشطة أخرى ضمن الفضاء العام أو الخاص، وتتحمل المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني كل حسب دوره مسؤولية كبيرة في بناء وعي المشاركة الفاعلة للمرأة في عمل المجلس المحلية في المستويات فوق الوظيفية أي بمستويات الإدارة والتمثيل؛
  • لابد من تمكين المجالس المحلية من أجل الإشراف على بناء وإدارة منظومات أمن محلي محوكمة من خلال التفاهم مع الفصائل غير المتشددة التي تأخذ طابعاً محلياً في الغالب.

([1]) بحسب تقديرات مجلس محافظة إدلب بناءاً على سؤال موجه لرئيس المجلس بتاريخ 25/10/2018، خلال استكمال عمليات مسح مجالس إدلب.

([2]) النازحون في إدلب.. بين مأساة الحاضر وهواجس المستقبل"، محمد العبد الله، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ11/10/2018، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/Zaqtzv

([3]) اعتمد القرار 1378 على القانون الإداري 107 المتضمن معايير تقسيم الوحدات الإدارية بحسب عدد السكان في كل منطقة، كما اعتمد على الإحصاء السكاني للمكتب المركزي للإحصاء التابع لحكومة النظام للعام 2004 وتعديلاته للعام 2011 وفق معدل النمو السكاني في سوريا.

 ([4]) يقصد بالشخصية الاعتبارية تمتع الوحدة الإدارية بالذمة المالية المستقلة والأهلية القانونية للقيام بالتصرفات القانونية المختلفة كإبرام العقود وحق التقاضي أمام القضاء وامكانية مقاضاتها من الغير، والموطن المستقل عن الأفراد المكونين لها، ووجود شخص يعبر عن إرادة هذه الوحدة ويتصرف باسمها ويمثلها، إضافة إلى تمتعها بالمسؤولية المدنية والإدارية الكاملة.

(5) الحكومة السورية المؤقتة ومنظمة التنمية المحلية، أطلس المعلومات الجغرافي، مرجع سابق.

([6]) تم احتساب انتظام الدورات تبعاً لمقارنة عمر المجلس بعدد الدورات المصرح عنها ومدة الدورة الواحدة في المقابلة حيث يتم اعتبار أن المجلس يجري دورات انتخابية منتظمة إذا كان عمر المجلس مساوياً عدد الدورات أو عددها ناقصاً 1، حيث يتم مراعاة تأخير اجراء الانتخابات لمدة سنة على الأكثر بسبب الأوضاع الأمنية.

([7]) بحسب جدول المجالس الفرعية التابعة لمجلس المحافظة والذي حصل عليه الباحث من مكتب شؤون المجالس الفرعية في محافظة إدلب.

([8]) يُتعارف في الكثير من مناطق محافظة إدلب على تسمية العوائل بالطوائف.

التصنيف تقارير خاصة

الملخص التنفيذي

  • توضح عملية تحليل البيانات الخاصة بمنطقة درع الفرات عدة أمور أهمها أن الجهات المدنية بواقع 30 محاولة واتبع منفذو عمليات الاغتيال عدة وسائل وطرق لتنفيذ عملياتهم أكثرها عن طريق العبوة الناسفة؛ وأن 26 % من مجموع المحاولات نجحت في اغتيال الجهة المستهدفة؛
  • نفذت مجموعة تطلق على نفسها "غرفة عمليات غضب الزيتون" 20 محاولة اغتيال في منطقة عفرين كلها حققت أهدافها وكانت أداة التنفيذ متشابهة في جميع حالات الاغتيال وهي الإطلاق الناري؛
  • توضح عملية تحليل البيانات بإدلب وما حولها أن هيئة تحرير الشام قد استهدفت ب 36 محاولة؛ والجبهة الوطنية للتحرير ب 10 محاولات؛ وتشير البيانات الى وجود 42 محاولة نفذت بإطلاق ناري ومثلها بعبوة ناسفة، وتظهر البيانات ارتفاع نسبة المحاولات الناجحة مقارنة بتلك الفاشلة،
  • استهدِفت هيئة تحرير الشام خلال شهر تشرين الثاني ب 17 محاولة؛ 7 محاولات منها استهدفت قيادات أجنبية و3 لقيادات محلية، بينما بلغت 4 محاولات للمقاتلين الأجانب مقابل 3 حالات للمقاتلين المحليين؛ وهذا يدل على مؤشرات صراع داخلي على السلطة؛
  • تفيد القراءة الأولية لنتائج تحليل البيانات على تنامي عوامل التدهور الأمني ومؤشرات البيئة غير المشجعة للاستقرار؛ وفشل القوى الفاعلة في تطوير أدواتها وقدرتها للحد من هذه العمليات وكشف ملابساتها ومسبباتها؛ وهو ما سينعكس حتماً على الواقع الأمني وسياسات التعافي المبكر ومتطلبات الاستقرار.

توطئة

لا يزال الملف الأمني في مناطق درع الفرات وعفرين وادلب وما حولها من أكثر التحديات والاختبارات التي تواجه القوى المسيطرة على تلك المناطق؛ فمن جهة أولى فإنه سيكون لتداعيات هذا الملف أثراً واضحاً على استحقاقات هذه المنطقة سواء فيما يتعلق بالبيئة الآمنة أو فيما يرتبط بعمليات التنمية والاستقرار (أو التعافي المبكر)؛ ومن جهة ثانية وفيما يرتبط بالاغتيالات التي تلقي بظلالها على الواقع الأمني فتجعله متعدد الدلالات؛ فإن الاغتيالات التي باتت سمة بارزة للواقع الأمني لم يعد البحث فيها عبارة عم كشف ملابسات جنائية بقدر ما هو محاولة لتلمس إمكانية وجود أسباب سياسية متسقة مع سياسات الاقتتال المحلي، ناهيك عن فهم الأسباب الأمنية المؤدية لتلك الحوادث. وفي محاولة لتتبع هذه القضية وتحليل مؤشراتها وقياس آثارها الأولية، قامت وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتصميم نموذج رصد لهذه العملية ([1])؛ وتحليل بياناته ضمن هذا التقرير الذي يبين توزع عمليات الاغتيالات في الشمال المحرر (إدلب وما حولها، غصن الزيتون، ردع الفرات) منذ شهر تموز وحتى أيلول 2018، كما يشمل التقرير جزء خاص بمحاولات الاغتيالات التي حدثت في المنطقة العازلة بمحافظة إدلب والمناطق المحيطة بها خلال شهر تشرين الأول 2018([2]).

المؤشر العام لمناطق الدرع وعفرين: ارتفاع النسب

بلغت محاولات الاغتيال من شهر تموز حتى أيلول 159 محاولة في مناطق التي تم رصدها؛ وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع التقرير السابق (قراءة أولية... الاغتيالات في مناطق المعارضة والفصائل الجهادية خلال النصف الأول لعام 2018)؛[3] إذ بلغ مجموع تلك المحاولات 212 محاولة خلال فترة رصد لمدة ستة أشهر، بينما تشير الأرقام في هذا التقرير الى وجود 20 محاولة في منطقة غصن الزيتون "عفرين" و46 محاولة في مناطق ردع الفرات، إضافة ل 93 محاولة في باقي المناطق "ادلب وما حولها"؛ (انظر الشكل المجاور) .     

 

 وفيما يخص منطقة درع الفرات تؤكد البيانات أنها شهدت 46 محاولة اغتيال بلغ أقصاها في شهر أيلول بمجموع (38) محاولة؛ تلك المنطقة التي يفترض لها أن تكون أكثر ضبطاً من الناحية الأمنية بحكم اشراف "الضامن التركي" وبحكم مأسسة العمل العسكري والأمني المحلي فيها (الجيش الوطني والشرطة الحرة)، الا أن محاولات الاغتيال من قبل خلايا تتبع للنظام أو تنظيم "داعش" أو الوحدات الكردية مستمرة.

كما توضح عملية تحليل البيانات أن الجهة الأكثر استهدافا بمحاولات الاغتيال هي الجهات المدنية بـ 30 محاولة اغتيال في حين حلت الفصائل المصنفة كمعتدلة في المرتبة الثانية بـ 16 محاولة اغتيال (الشكل رقم 4)؛ ولجأ منفذو عمليات الاغتيال لعدة وسائل وطرق لتنفيذ عملياتهم حيث كانت عن طريق العبوة الناسفة بحصيلة بلغت27 محاولة بينما حلت أداة الاطلاق الناري المرتبة الثانية ب 18 عملية من حيث أدوات التنفيذ وجاء الطعن ثالثاً بحالة وحيدة (الشكل رقم 3)؛ أظهرت نتائج تحليل البيانات ان 26 % من مجموع المحاولات نجحت في اغتيال الجهة المستهدفة بينما فشل المحاولات باغتيال الجهة المستهدفة بلغ 74% من مجموع المحاولات في منطقة درع الفرات (الشكل رقم 5). تبين من خلال الرصد ان 10 محاولات قامت بتنفيذها غرفة عمليات غضب الزيتون بينما بقيت 36 حالة مجهولة المنفذ (الشكل رقم 6).

كما تشهد منطقة عفرين أيضاً ذات المظاهر الدالة على الفلتان الأمني لا سيما من جهة "محاولات الاغتيال" خاصة بعد ظهور غرفة عمليات سميت "غضب الزيتون" التي أصدرت بياناً توضح به عدم تبيعتها لأي جهة سياسية أو عسكرية؛ وأنها لن تتعامل مع العناصر كأسرى حرب إنما سيتم تصفيتهم ميدانياً حتى "تحرير" عفرين. ([4]) إذ نفذت غرفة عمليات "غضب الزيتون" 20 محاولة اغتيال خلال فترة الرصد الممتدة من تموز حتى نهاية أيلول 2018 كلها حققت أهدافها وأدت إلى موت الجهة المستهدفة وكانت أداة التنفيذ متشابهة في جميع حالات الاغتيال وهي الإطلاق الناري[5].

 

المؤشر العام لمنطقة إدلب وما حولها: استهدافات نوعية

وفقاً للتقرير السابق فقد شهدت منطقة إدلب وما حولها عمليات اغتيالات واسعة لاسيما في شهر نيسان 2018 واستهدفت جهات مدينة بالإضافة إلى مقاتلين من الجبهة الوطنية للتحرير، هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى تم تصنيفها كفصائل متطرفة مثل تشكيل "حراس الدين"؛ بينما بلغت الاغتيالات خلال الفترة المدروسة في هذا التقرير 93 حالة اغتيال خلال الربع الثالث من العام 2018 بلغت أقصاها في شهر أيلول حيث بلغت المحاولات 45 محاولة اغتيال، بينما بلغت في تموز 28 محاولة، وجاء ثالثا شهر أب ب 20 محاولة؛ الشكل رقم (8)

ويوضح تحليل البيانات الخاصة بإدلب وما حولها أن الجهات المدنية هي الأكثر استهدافاً في منطقة إدلب وما حولها ب 47 محاولة اغتيال، في حين حلت هيئة تحرير الشام في المرتبة الثانية ب 36 محاولة اغتيال شملت العسكريين والشرعيين، تليهم ثالثا الجبهة الوطنية للتحرير ب 10 محاولات (الشكل رقم 9)؛ وأن  84 محاولة نفذت بالتساوي من حيث أداة التنفيذ، حيث قام منفذو عملية الاغتيال باستخدام الأدوات التالية (إطلاق ناري – عبوة ناسفة – لغم ارضي – طعن) لتنفيذ عملياتهم، وتشير البيانات الى وجود 42 محاولة نفذت بإطلاق ناري ومثلها بعبوة ناسفة بينما نفذت 4 محاولات عن طريق اللغم الأرضي و5 محاولات نفذت بطعن الجهة المستهدفة (الشكل رقم 10)؛

وفيما يتعلق بنتيجة محاولات الاغتيال، تظهر البيانات ارتفاع نسبة المحاولات الناجحة مقارنة بتلك الفاشلة، إذ بلغت نسبة المحاولات التي نجم عنها موت المستهدف 65%، مقارنة بـــ 35% فشلت في قتل الجهة المستهدفة؛ أي أن ثلث المحاولات فاشلة، (الشكل رقم 11).

 

 

هيئة تحرير الشام كجهة مُستهدَفة أو مستهدِفة فتوضح البيانات أن أكثر المحاولات الحاصلة منفذها مجهول وغير معروف بينما نفذت هيئة تحرير الشام محاولتين اغتيال؛ كما امتاز شهر تشرين الأول\أكتوبر باستهداف قيادات معروفة في صفوف الهيئة وأغلبهم كان من التيار الأجنبي المعروف بأنه الأكثر تشدد والذي أبدى اعتراض واضح على اتفاق إدلب الأخير في اجتماعات الهيئة التي حصلت بعد الاتفاق، حيث بلغ مجموع المحاولات في تشرين الأول 26 محاولة نفذ منها 18 محاولة في إدلب و6 محاولات في حلب ومحاولتين فقط في حماه.؛ واستهدِفت هيئة تحرير الشام ب 17 محاولة، تلاها الجهات المدنية ثانيا ب 5 حالات ثم الجبهة الوطنية للتحرير ب 4 حالات كما هو واضح في (الشكل رقم 12)؛ تلك المحاولات التي استهدفت بها الهيئة خلال شهر تشرين الأول كانت  7 محاولات لقيادات اجنبية و3 لقيادات محلية، بينما بلغت 4 محاولات للمقاتلين الأجانب مقابل 3 حالات للمقاتلين المحليين.

 

الخلاصة: هشاشة واقتتال بيني

تفيد القراءة الأولية لنتائج تحليل البيانات بجملة من الخلاصات التي من شأنها التأكيد على تنامي عوامل التدهور الأمني ومؤشرات البيئة غير المشجعة للاستقرار؛ كما تؤكد تلك النتائج على فشل القوى الفاعلة في تطوير أدواتها وقدرتها للحد من هذه العمليات وكشف ملابساتها ومسبباتها؛ ناهيك عن أن تزايد مؤشرات حالة الفلتان الأمني في مناطق درع الفرات وعفرين على سبيل المثال فإنه سينعكس حتماً على سياسات التعافي المبكر ومتطلبات الاستقرار ويدعم كافة المقاربات المراهنة على فشل المعارضة في التصدي لتحدياتها الأمنية؛ فوجود جهاز موحد للشرطة الحرة غير كافي لفرض الأمن؛ إذ ينبغي العمل على تكثيف الجهود المتعلقة بالجانب الاستخباراتي لا سيما تلك المتعلقة بعمليات غرفة "غضب الزيتون" والذي يتطلب بدوره تطوير الموارد البشرية وزيادة كفاءتها، ناهيك عن تكثيف الحملات الأمنية ( والتي بدأت )

وبقراءة البيانات المتعلقة في منطقة ادلب وما حولها؛ فهي عموماً تشير إلى جملة من العوامل الدافعة إلى ارتفاع نسب الفوضى وتبرز بشكل جلي عدم قدرة الأجهزة المعنية بالعمل الأمني على اكتشاف منفذو الاغتيال ودوافعهم ومحاسبتهم؛ وهو أمر قد تعود مسبباته لانتشار خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية او تابعة لاستخبارات النظام من جهة؛ ولملامح اقتتال داخلي نوعي عابر للعناصر العسكرية ويصل إلى استهداف المدني من جهة ثانية؛ وفيما يتعلق ب "حرب الاغتيالات داخل الهيئة" فإنه لا يمكن اعتبارها إلا حرب سلطة خصوصا بين تيارين (العناصر المحلية والعناصر الأجنبية) من جهة ثالثة. إذاً توضح عمليات الاغتيال وازدياد نسبها في مناطق درع الفرات وعفرين وإدلب الهشاشة الأمنية في هذه المناطق.

ملحق جدول الاغتيالات ضمن نسخة التحميل..


([1])  وفيما يتعلق بمصادر التقرير فهي على الشكل التالي: 1) نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في الشمال المحرر. 2) التقرير الأمني الخاص من مكاتب منظمة إحسان الإغاثية في الشمالي المحرر؛ 2) الحسابات الرسمية للجهات التي تم استهدافها (الجبهة الوطنية، هيئة تحرير الشام، حراس الدين وغيرها)؛ 3) الحسابات الرئيسية للوكالات المحلية التي تقوم بتغطية الأحداث في محافظة إدلب وما حولها.

([2])  توضيح: التقرير يقوم برصد محاولات الاغتيالات كافة بغض النظر عن نجاحها أو عدمه

([3])  "قراءة أولية ... الاغتيالات في مناطق المعارضة والفصائل الجهادية خلال النصف الأول لعام 2018"؛ تقرير خاص صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 8/يوليو/2018، الرابط: https://goo.gl/r3GhmM

([4]) وهي وفقاً لتعريفها عن نفسها مجموعة من شباب وشابات عفرين، ويعتقد بأنها تتبع للوحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي يقومون باغتيال المقاتلين الاتراك المتواجدين في المنطقة بالإضافة إلى المقاتلين المحليين المدعومون من تركيا وتدعي هذه المجموعة عبر صفحتها الرسمية قيامها خلال فترة شهري حزيران واب بتنفيذ 26 عملية قتلت من خلاله 45 مقاتل وجرحت 43؛ للاطلاع والتعرف على هذه المجموعة انظر الرابط: http://www.xzeytune.com

([5])  وفيما يلي أبرز الاغتيالات التي تبنتها "غضب الزيتون" مؤخراً: حزيران 2018: اغتيال الناشط الكردي "أحمد مستو" في منطقة عفرين بريف حلب؛ تموز 2018: اغتيال ثلاثة مقاتلين من فرقة السلطان مراد في عفرين؛ آب 2018: اغتيال المدعو عكاش حجي أحمد علي، في قرية دير صوان، بمقاطعة عفرين؛ أيلول 2018: اغتيال أحد عناصر فرقة الحمزة في الجهة الشرقية من منطقة عفرين

التصنيف تقارير خاصة

يركز هذا التقرير على توصيف المشهد الميداني قبل الاتفاق والسياق العسكري الذي أفضى إلى اتفاق المنطقة العازلة ويوضح طبيعة هذا الاتفاق ودوافعه ومواقف القوى الميدانية حياله، مستعرضاً أبرز التحديات التي تعترضه لا سيما تلك المتعلقة بالميليشيات الإيرانية المنتشرة على محيط المنطقة او تلك المرتبطة بمصير هيئة تحرير الشام.

ما قبل الاتفاق: معركةٌ قاب قوسين أو أدنى

شهد مطلع شهر سبتمبر/أيلول 2018، تمركز حشود من قِبل قوات النظام وبعض الميلشيات المحسوبة على إيران بالقرب من إدلب، وتحديداً على الجبهات الاستراتيجية في محافظة إدلب([1])؛ إذ أكد النظام وحلفائه (مراراً وتكراراً) أنهم ماضون باتجاه استرجاع محافظة إدلب وذلك ضمن إطار استكمال استراتيجية "بسط السيطرة والنفوذ"؛ ومما عزز دوافع هذا الاسترجاع المتخيل أهمية المحافظة ودورها في تحسين ظروف التنمية التي تشكل أبرز تحديات النظام الراهنة؛ تلك الظروف التي ستتحسن باسترجاع  الطريقين الدوليين (M5)، (M4) وما سيشكله عودة الزخم التجاري من أثر مادي.

ناهيك عن نية النظام استثمار سيناريو "المصالحات" وتطبيقه على إدلب بغية إخراج المعارضة المسلحة هناك عن معادلات الصراع وبالتالي تجاوز أسئلة صراع النظام والمعارضة والانتقال إلى مستويات جديدة؛ وفي سبيل ذلك بدأت خطط الانتشار والتمركز والتي كان أغلبها قريباً من نقاط المراقبة التركية في إدلب، الأمر الذي استدعى من الجانب التركي بإرسال تعزيزات عسكرية على نقاط مراقبتها في كلٍ من:

 

زادت الحشود العسكرية من الجانب التركي والقوات الموالية نسبة التوتر في المنطقة، وارتفعت نسبة العمليات العسكرية من قبل الجبهة الوطنية وهيئة تحرير الشام من جهة وقوات النظام والميلشيات الإيرانية من جهة أُخرى.

بالعموم تشكلت مجموعة من الهواجس الروسية والتركية والتي ساهمت في اختبار الأدوات السياسية للحل، فعلى الجانب التركي ارتفعت وتيرة الحذر من تبعات تلك العملية على المستوى الإنساني التي سترتد بالدرجة الأولى على تركيا لا سيما بتلك المتعلقة بالقدرة على استيعاب موجة اللجوء والتي سوف تترافق مع هجوم قوات النظام، حيث يبلغ عدد سكان محافظة 3 ملايين مدني، ثلثهم من النازحين داخلياً بسبب النزاع المستمر منذ سبع سنوات؛ ناهيك عن الهاجس الأمني التركي الذي يرى بالعملية تهديداً لخطوط الدفاع الأمامية لمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون  وهي مناطق النفوذ التركي المشكلة كواقع صد ضد طموحات الPYD الذي لا يزال يسير بمفاوضات مع النظام؛ لذلك تعد خسارة إدلب أو انسحاب تركيا من نقاطة مراقبتها الـ 12 بمثابة إيعاز بقرب انسحاب تركيا من الشمالي السوري، لذا حاولت تركيا قبل 17 أيلول/ سبتمبر إلى الوصول إلى اتفاق يرضي أطراف الأستانة ولا يضر بمصالحها في الشمال السوري.

أما الهواجس المتعلقة بالجانب الروسي فتتمثل بالدرجة الأولى بعدم رغبة موسكو في إفشال اتفاق الأستانة بحكم اعتباره التحالف الدولي الأقوى الأن في سورية؛ كما تعي روسيا بأن وقوفها ضد الجانب التركي سوف يؤدي إلى تقوية العلاقة الأمريكية-التركية، وهذا أمر قد ينعكس على روسيا بشكل سلبي في سورية؛ كما طمحت موسكو في اختبار الأدوات السياسية بغية الحد من هجمات الطائرات المسيرة (Drones) على المواقع العسكرية الروسي في مطار حميميم وسهل الغاب؛ ناهيك عن أن العدد المحدود للقوات الروسية البرية أو القوات المحلية الموالية لها سيجعل الميليشيات الإيرانية هي القوات الأكثر قدرة على ملء أي فراغ في إدلب،  وهو أمر قد لا ترغب رسيا بحدوثه، خاصة بعد تجاربها في ريف حلب الشرفي، ريف الرقة الجنوبي، ومحافظة دير الزور.

ساهمت تلك الهواجس التركية والروسية في الدفع باتجاه عقد قمة طهران التي جرت في 7 أيلول/سبتمبر 2018 بهدف الوصول إلى مخرج يراعي كافة الهواجس؛ وعلى الرغم من وضوح الخلافات بين تلك الدول في هذه القمة؛ إلا أنه يمكن اعتبارها بمثابة "الخطوة الأولى" ضمن حركة الوصول لاتفاق المنطقة العازلة في إدلب والذي أعلنت عنه كلٍ من روسيا وتركيا في 17 أيلول/ سبتمبر 2018.

منطقة عازلة: تأجيل المعركة أم تزمين مناطق النفوذ

مع إعلان الاتفاق بين روسيا وتركيا حول إنشاء منطقة عازلة في إدلب، نشرت بعض الجهات الرسمية من الجانبين الروسي والتركي مواصفات تلك المنطقة؛ وكان الحديث في بداية الأمر على أنه سيتم اقتطاع 7.5 إلى 10 كم من مناطق الثوار ومثلها من مناطق النظام، أي ممنوع تواجد قوى الثورة السورية وقوات للنظام في هذه المنطقة، وسيتم تسيير دوريات تركية روسية مشتركة فيها، فيما سوف تقوم تركيا بدعم مناطق قوى الثورة السورية لوجستياً، وتبقى روسيا المشرفة على مناطق النظام([3]).

فيما بعد تم توضيح بند انسحاب الفصائل من المنطقة العازلة، وتم التأكيد أن الانسحاب يشمل "القوات المتشددة" بسلاحها الخفيف والثقيل، فيما يحق لقوى الثورة السورية البقاء ولكن تحت إشراف القوات التركية في المنطقة.

تمتد المنطقة العازلة من شمال غرب حلب بالقرب من بلدتي نبّل والزهراء والتي تعتبر من أبرز معاقل الميليشيات الموالية لإيراني في الشمال الحلبي وحتى بلدة صوران شمال حماة، وتلامس المنطقة العازلة حدود مدينة حلب ومعظم الأوتوستراد الدولي (M5) المار بمناطق سيطرة قوى الثورة السورية، وثم تمتد المنطقة العازلة من بلدة صوران شرقاً وحتى السقيلبية، أما الحدود الغربية للمنطقة العازلة فتمتد على طول سهل الغاب الأوسط وحتى جبل التركمان، وكذلك شهدت هذه المنطقة بناء مراكز للشرطة العسكرية الروسية والتي حدث على إثرها خلافات حادة مع قوات الفرقة الرابعة وقوات الدفاع المحلي الموالية لإيران.

ومع نهاية شهر أيلول\سبتمبر 2018، نشرت بعض المواقع الموالية للنظام خبراً تتحدث فيه بأن المنطقة العازلة لن تكون بالمناصفة بين مناطق سيطرتي قوى الثورة والنظام[4]، وأكد الخبر أن المنطقة سوف تكون في مناطق قوى الثورة السورية بعق 15 كلم بدأً من نقاط التماس وهو الأمر الذي تم نفيه من قبل الجبهة الوطنية للتحرير وفيلق الشام([5]).

 

أما فيما يتعلق بمواقف القوى العسكرية المتواجدة في إدلب فترى الجبهة الوطنية للتحرير (على لسان عمر حذيفة الشرعي العام) أن أمر ترسيم المنطقة العازلة هو حل مرحلي وليس نهائي، ولذلك فإن الدخول التركي للمناطق المحررة بحدودها الآنية هو قرار دولي ولن يتم الانسحاب إلا بقرار دولي آخر؛ كما صرح النقيب ناجي المصطفى "المتحدث الرسمي للجبهة الوطنية للتحرير" بأن  النقاط العسكرية التابعة لفصائل قوى الثورة السورية ستبقى تحت سيطرتها، وبكامل جاهزيتها "لأن النظام السوري والميليشيات الموالية لا تلتزم بالعهود والمواثيق".

من جهته وضح العقيد مصطفى بكور "المتحدث الرسمي لجيش العزة" بأن جميع نقاط جيش العزة توجد ضمن المنطقة العازلة، ولكنه ما زال وسيبقى بنقاطه العسكرية، وأي قرار بشأن سحب السلاح الثقيل أو تسليم النقاط سيُحدد لاحقاً خلال اجتماع مجلس الشورى الخاص بالجيش وبما يتناسب مع مصلحة الثورة([6])، ورفض الجيش (على لسان الرائد جميل الصالح القائد العام لجيش العزة) تسيير دوريات روسية في الجانب المحرر من المنطقة العازلة التي تم التوصل إليها في اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا، وأكد أن جيش العزة لن يقبل بأن تكون المنطقة العازلة من الجانب المحرر فقط وطالب بأن تكون مناصفة بين مناطق الثوار ومناطق النظام، مع التأكيد على رفض قيادة الجيش فتح الطرق الدولية في الشمال السوري (M5-M4) إلا بعد إطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام.

تنفيذ الاتفاق: صعوبات مركبة

يعتبر الاتفاق "أفضل سيناريو" في الوقت الحالي بالنسبة لكل من تركيا وروسيا، وعلى الورق لا تشوب الاتفاق لا أي شائبة، لكن تنفيذه لن يكون مهمة سهلة، إذ أنه يجب أخذ عدة نقاط في الاعتبار قبل نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018 من قِبل الجانب التركي والروسي؛ فأبرز تحديان على الجانب التركي يتمثلان في الآتي:

  • لا تخضع مناطق قوى الثورة السورية في إدلب فقط إلى سيطرة الجبهة الوطنية للتحرير، فهناك العديد من الفصائل والتي تم تصنيفها دولياً على أنهم فصائل متطرفة (هيئة تحرير الشام، حراس الدين، أنصار الإسلام، الجهاديين المستقلين الفصائل، خلايا داعش)، وهذا التشرذم والتعقيد بواقع السيطرة في إدلب يصعب من المهمة التركية ويفرض عليها التأني بالتعامل مع الواقع الأمني داخل المحافظة، فأي خلل أمني من الداخل يعتبر أخطر بأضعاف مضاعفة من الخطر الخارجي.
  • حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام تسيطر على 68 وحدة إدارية في محافظة إدلب والمواقع المحيطة بها، مقابل 180 وحدة إدارية مستقل أو تابعة للحكومة المؤقتة([7])، ولكن ما يعزز نفوذ حكومة الإنقاذ هو سيطرتها على الحدود الدولية، المعابر الداخلية مع مناطق سيطرة النظام، بالإضافة إلى سيطرتها على موارد المنطقة الرئيسية، لذا توجب على الجانب التركي بإيجاد صيغة وألية تسحب السيطرة المطلقة من حكومة الإنقاذ كمرحلة أولى، والعمل على تكوين جسم إداري جديد مكونه الأساسي هو من الكوادر المدنية التي لا تتبع لأي جهة دولية.

بينما على الجانب الروسي يعد الاختبار الأثقل هو التحكم في الميليشيات الإيرانية والسيطرة على قرارها؛ حيث عَجِزَت موسكو من تحقيق ذلك في عدة مناسبات سابقها ولعل أبرزها كان في محافظتي حلب ودير الزور، فما الذي يميز هذا الاتفاق؟ وما هي الضمانات الروسية على عدم محاولة الميليشيات بالاستفادة من تحول خطوط الدفاع الأولى في إدلب إلى منطقة عازلة منزوعة أو محدودة السلاح؟ خاصة أن الميليشيات الموالية لإيران تتمركز في مدينة حلب وأريافها، بعض المواقع في ريف حماه الشمالي، وقاعدة جورين في سهل الغاب. ويفيد الجدول أدناه بحجم هذا التواجد في المناطق المحيطة بالمنطقة العازلة وصعوبة ضبطه روسياً.

 

واقع الاتفاق واتجاهاته المحتملة 

لعل ما ميز المرحلة ما بعد إعلان اتفاق إدلب هو إسراع الجانب الروسي إلى تسويق جديته في تطبيق الاتفاق، حيث نشرت عدة وسائل إعلام روسية رسمية خبر انسحاب قوات النظام وعدة ميليشيات من جورين في سهل الغاب، كرناز في حماه الشمالي، وأبو دالي في ريف حلب الجنوبي، وهذا الأمر ليس كما نشره الروس([8])، حيث واجهت الشرطة الروسية عدة صعوبات في التعامل مع قوات النظام والميليشيات ولعل أبرزها كان في قاعدة جورين بسهل الغاب، حيث رفضت قوات الدفاع المحلي الموالية لإيران الانسحاب من مواقعها وكاد أن يصل الوضع إلى الاشتباك المباشر مع الشرطة العسكرية الروسية([9]). وفي نهاية المطاف رضخت روسيا إلى مطلب قوات الدفاع المحلي وأنشأت مركز صغير للشرطة العسكرية داخل القاعدة، طريقة تعامل روسيا مع هذه الحادثة من أهم المؤشرات التي تبرهن عدم قدرة روسيا ضبت الميليشيات الموالية لإيران([10]).

على صعيد الاستهداف العسكري، فلوحظ غياب الطيران الروسي بشكل كامل من بعد توقيع الاتفاق مع انخفاض نسبة الاستهداف الصاروخي من قبل قوات النظام، وغالبا ما يعلل إعلام النظام تلك الضربات بسبب وجود القوات المتطرفة أمثال هيئة تحرير الشام وحراس الدين. وفيما يتعلق بالواقع الأمني داخل مناطق سيطرة قوى الثورة السورية، لم يحدث أي تغير على صعيد الاغتيالات والمفخخات، فسياسية التصفية وإضعاف الهيكلية الأمنية موجودة في مناطق قوى الثورة منذ شهر نيسان/أبريل 2018، لذا لا يمكن ربط حوادث الاغتيالات والمفخخات التي حدثت في النصف الثاني من شهر أيلول/سبتمبر باتفاق المنطقة العازلة في إدلب.

 

ويعد ملف هيئة تحرير الشام وهو الملف الأكثر اختباراً للاتفاق؛ وهو أمر تعاملت معه الهيئة بشديد من الحرص فعلى الرغم من ظهور انقسام داخلي إلا أن الموقف العام اتى على شكل موافقة على الاتفاق على الأقل في الوقت الحالي؛ وتمثل بانسحاب هيئة تحرير الشام من محيط نقاط المراقبة التركية في ريف إدلب الجنوبي وتسليمها لفيلق الشام؛ وصد الهيئة بالتعاون مع الجبهة الوطنية لمحاولة بعض الميلشيات الموالية لإيران من التقدم على جبهة جبل التركمان؛ ومنعت فصيل حراس الدين من أن يقوم بعمل مضاد يستهدف مواقع النظام؛ كما سمحت حكومة الإنقاذ لبعض المنظمات بمعاودة نشاطها في مناطق مختلفة من إدلب، بعدما كانت تحظر أي نشاطٍ لها في إدلب([11]).

وفي هذا الصدد يوضح المطلعون على بنية الهيئة تنامي تيارين داخلها الأولى بقيادة (أبو محمد الجولاني) أمير التنظيم، ويبدي جاهزيته للانخراط في الجبهة الوطنية للتحرير، بينما التيار الثاني يقوده "أبو اليقظان المصري" ويرفض ذلك تماما، ويدفع نحو رفض الاتفاق، ولعل ما يؤكد ذلك هو حملة الاعتقالات التي قام بها الذراع الأمني لهيئة تحرير الشام واعتقلت مقاتلين من الجنسية المصرية من هيئة تحرير الشام دون توضيح سبب الاعتقال. وفي هذا السياق ينبغي التوضيح على أنه هناك ست مجموعات غادرت مع قياداتها إلى جهات أكثر تشدداً مثل حراس الدين وأنصار الإسلام.[12]

وعموماً في حال عملت الهيئة على المستوى الميداني على عرقلة الاتفاق فإنه يرجح إحدى السيناريوهين إما بدء عمل عسكري على هيئة تحرير الشام من قبل تركيا والجبهة الوطنية للتحرير؛ أو اقتناص الروس الفرصة ودعم النظام وحلفائه للدخول إلى إدلب مما يجعل تداعيات هذا الأمر مفتوحة وبالغة الحدية.

 

ختاماً؛ ينبغي التأكيد على أن هذا الاتفاق والذي أقل السيناريوهات ضرراً فإنه يحمل في طياته تحديات بالغة الأهمية تتطلب تعاملاً نوعياً حيالها؛ والبناء على هذا الاتفاق لضمان إعادة تمتين القوة الدفاعية وضبط البنية المحلية أمنياً وإدارياً؛ حيث أن التعاطي مع أن هذا الاتفاق على أنه اتفاق نهائي فإن معطيات الواقع الميداني تدلل على مؤشرات لا تزال قيد الاختبار.

 


 

([1]) سهل الغاب (جورين) – ريف اللاذقية الشمالي – ريف حماه الشمالي – ريف إدلب الجنوبي الشرقي.

([2]) مواصفات مدفعية الـ T-155: https://goo.gl/5UWkS3

([3]) سوريا: ما هي بنود اتفاق إنشاء منطقة منزوعة السلاح بإدلب؟ - BBC - 18 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/dPyMh2

([4]) ارتباك في صفوف المعارضة مع اقتراب تطبيق اتفاق إدلب – جريدة الحياة – 1 تشرين الأول - https://goo.gl/TGLUkC

([5]) إدلب.. فيلق الشام ينفي الانسحاب من المنطقة العازلة – العربية - 30 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/YVqNfz

([6]) “جيش العزة” يرفض شروط المنطقة العازلة في اتفاق إدلب – عنب بلدي - 30 سبتمبر/ أيلول 2018 - https://goo.gl/bvEcRB

([7]) المعلومات هي نتائج تقرير خاص غير منشور من مسار الإدارة المحلية في مركز عمران قبل نهاية عام 2018

([8]) أجرت وحدة المعلومات بتاريخ 3 تشرين الأول مقابلة مع المتحدث الإعلامي في الجبهة الوطنية للتحرير والذي أكد على أن انسحاب الميليشيات الإيرانية يجري ببطء وليس كما يصرح الإعلام الروسي.

([9]) أجرت وحدة المعلومات بتاريخ 1 تشرين الأول مقابلة مع مصدر خاص مقرب في مناطق النظام بسهل الغاب والذي أكد حدوث خلافات بين الشرطة العسكرية الروسية وقوات الدفاع المحلي الممولة من إيران.

([11])أكد أحد كوادر المجالس المحلية في جبل الزاوية بتاريخ 2 تشرين الأول أن حكومة الإنقاذ سمحت لبعض المنظمات الإغاثية بمعاودة مزاولة نشاطاتها ولكن بشكل مراقب.

 

التصنيف تقارير خاصة

شارك الباحث معن طلاع من مركز عمران بتقرير أعده موقع سوريا 24، بعنوان: "إدلب معادلة معقدة بين أطراف الصراع على الأرض السورية"، والذي استطلع فيه أراء عدد من الشخصيات الغربية والسياسية العربية فيما يخص تطورات الوضع في إدلب.


حيث رأى طلاع بقراءته للتطورات الأخيرة (بدء القصف الروسي على مناطق في جسر الشغور؛ وزيادة التمترس التركي في قواعده، وكثرة الحديث عن ضغوطات تمارسها أنقرة تجاه هيئة تحرير الشام، وتجهيزات وتحضيرات النظام والميليشيات الإيرانية لحرب كبرى وما استلزمته من حرب نفسية؛ والتصريحات الغربية والأمريكية المحذرة من استخدام الكيماوي) دلالات على أن هناك توافقاً غير مكتمل الأركان حول إدلب، فالمؤشرات العسكرية توضح أن خطوط التفاهم الأمني قد أنجزت، وهي تحديد خارطة الأهداف المتعلقة “بتحرير الشام” و”حراس الدين” بما لا يؤثر على مقاربات أنقرة الأمنية التي تعتبر إدلب خطاً دفاعياً متقدماً لمنطقتي درع الفرات وغصن الزيتون،؛ ومجالاً حيوياً أمنياً ينبغي أن لا يخضع لسلطة الأسد.

المصدرموقع سوريا 24 : https://bit.ly/2xg5wFj

 

رأى الباحث معن طلاع من مركز عمران، في حديثه لصحيفة القدس العربي حول اجتماع طهران المقبل، أن اتجاهات المشهد العام وحركية الدول الضامنة تدلل على أن الاجتماع سيحدد ثلاثة أمور رئيسية؛ أولها سيرتبط بمصير إدلب، ويتوقع فيه أن  تمنح روسيا مزيداً من الوقت لتركيا لترتيب المشهد العام في المحافظة وتفكيك "هيئة تحرير الشام" وهو الأمر الذي تدفع باتجاهه أنقرة عبر سياساتها الأخيرة، أما الأمر الثاني الذي سيحدده  الاجتماع فيتعلق بالبت في الإطار السياسي الناظم لعمل اللجنة الدستورية والدفع باتجاه البدء باجتماعاتها، في حين سيتناول الأمر الثالث رسم الأطر العامة لاستراتيجية  "عودة اللاجئين" وسبل التعاون في إنجاز هذا الملف..

للمزيد النقر الرابط التالي: https://bit.ly/2MjB3R7

وضَّح مدير وحدة المعلومات بمركز عمران نوار أوليفر في حديثه مع صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 3 آب/ أغسطس 2018، ضن مادة نشرتها الأخيرة على موقعها بعنوان: "ألغام كثيرة أمام أي هجوم لقوات النظام على إدلب".

أن الدول الثلاث الضامنة لخفض التصعيد «لن تسمح بأي نوع من الحرب الواسعة النطاق في الشمال»، كما رجح أوليفر خلال المرحلة المقبلة، أن تقوم تركيا تزامناً مع عملها على توحيد صفوف الفصائل المعارضة، «بعملية عسكرية داخل إدلب للقضاء على الجزء المتشدد من (هيئة تحرير الشام) وبعض المجموعات المتطرفة» لتجنب هجوم دمشق وحلفائها.

 

للمزيد انقر الرابط التالي: https://bit.ly/2vJBoCs

تحظى محافظة إدلب بأهمية خاصة في مسار الأزمة السورية؛ إذ هي الملاذ الأساس للمهجَّرين والمعقل الأساس لهيئة تحرير الشام. وتتجه المحافظة نحو عدة مسارات تعتمد على سياسات عدة دول فاعلة، خاصة تركيا التي تريد استيعابها، في حين يتحين النظام الفرص لإخضاعها لسلطته.

مقدمة 

يقف المشهد السوري العسكري اليوم على مفترق طرق نحو تشكيل ترتيبات أمنية جديدة، وذلك بعد إنهاء النظام وحلفائه لجيوب عسكرية لقوى المعارضة في مناطق "سوريا المفيدة" واستحكام قبضتهم فيها، مقابل اتفاقيات تجميد الصراع أو خفض التصعيد في إدلب ودرعا. وتوجد أيضًا مناطق خارج سيطرة النظام أكثر استقرارًا بحكم تواجد ضامن عسكري مباشر مثل مناطق شمال شرق سوريا (قوات قسد مع قوات أميركية) أو مناطق شمال وشمال غرب سوريا (الجيش التركي وقوات المعارضة). وفي هذه الأثناء، يحاول النظام السوري وحلفاؤه استثمار المرحلة الراهنة لإعادة ترتيب مناطقه أمنيًّا؛ حيث يسعى الروس إلى دمج بعض الفصائل القريبة منه في الفيلق الخامس والسادس والسابع كما يجهدون في إعادة هيكلة وزارة الدفاع وهيئة الأركان. في المقابل، تنخرط إيران مدنيًّا وإداريًّا في بنى محلية واجتماعية واقتصادية مع تنظيم قواتها العسكرية وإعادة تمركزها في المناطق الحدودية لسوريا عمومًا، ولإجراء مناوشات في مناطق التماسِّ مع القوات الأميركية خصوصًا. ويتضح من قراءة المشهد السوري العام أنه مُتجه نحو تفاهمات جديدة لم تتبلور معالمها بعد، وعنوانها العريض هي تفاهمات أمنية لفتح الطرق الرئيسية بين المدن وخطوط التجارة المحلية والخارجية. 

وفي ضوء هذا المشهد وتحولاته المحتملة، تبدو إدلب وكأنها "المعضلة المؤجلة" حاليًّا لاعتبارها المحطة الأخيرة في سلسلة إجراءات وتفاهمات لإنهاء الصراع العسكري، ففيها خزان بشري كبير لنازحين من مختلف المناطق السورية، وتوجد فيها مجموعات مسلحة كثيرة بما فيها "مجموعات متشددة" عصية على الاندماج مع باقي الفصائل، ومنها ما تجذَّر في البنى الإدارية والمجتمعية بما له من سيطرة مسلحة كهيئة تحرير الشام، فضلًا عن أن ترتيبات الآستانة في إدلب لم تنتهِ بشكل كامل ما يعطي النظام وحلفاءه فرصة للاستثمار في هذه المعضلة واستغلالها أيما استغلال. 

ونظرًا لأهمية معضلة إدلب في مسار الأزمة السورية، تُقيِّم هذه الورقة المشهد العسكري والإداري، وكذلك الترتيبات الأمنية من حيث التماسك أو الهشاشة في هذه المحافظة، لتخلص إلى مقاربة لفهم الواقع في إدلب كما تستطلع المآلات والسيناريوهات المستقبلية المحتملة. 

تحديات سكانية وتنموية متزايدة 

تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي لسوريا، وتُحاذي جزءًا من الحدود السورية-التركية، وقد بلغ عدد سكانها في 2011 حوالي 2.072.266 نسمة، وبلغت مساحتها 5464 كم2 ([1]). شاركت المحافظة بالثورة منذ أيامها الأولى لتخرج عن سيطرة النظام بشكل كامل في مارس/آذار 2015، بعد سيطرة قوات معارضة ومجموعات أخرى على مركزها. وبقيت كل من كفريا والفوعة "الشيعيتين" المحاصَرَتَيْن تحت سيطرة النظام ورهنًا لاتفاقية "المدن الأربعة" (كفريا-الفوعة/الزبداني-مضايا) بين إيران وأحرار الشام وهيئة تحرير الشام في أبريل/نيسان 2017. ومع استكمال ترتيبات الآستانة في 15 سبتمبر/أيلول 2017 واتفاقيات خفض التصعيد في إدلب، تمكَّن النظام وحلفاؤه الروس من السيطرة على أجزاء شرق سكة الحديد جنوب شرقي المحافظة، وتقدر مساحة المناطق التي سيطر عليها بما معدله 17.5% من مساحة المحافظة (متضمنًا مساحة كفريا والفوعة). 

تبرز أهمية إدلب كونها كانت الملجأ الأساس في تهجير قسري ممنهج من كافة المناطق إليها، منذ تهجير مدينة حمص القديمة في مايو/أيار 2014، ثم حلب الشرقية، ثم ريف دمشق، وانتهاء بتهجير ريف حمص الشمالي في مايو/أيار 2018 (ينظر الجدول أدناه[2].  كما تضمنت الهجرات مدنيين وعسكريين ومنتمين لمجموعات مصنفة كإرهابية، مما عقَّد المشهد الديمغرافي ووضع عبئًا كبيرًا على المنظمات الإغاثية والاجتماعية بسبب اختلاط السكان بالمجموعات المسلحة. ويُشير تقرير وحدة تنسيق الدعم أنه وحتى تاريخ 23 أبريل/نيسان 2018 بلغ عدد النازحين إلى الشمال السوري عمومًا من الغوطة الشرقية والقلمون حوالي 75339. ([3])

الجدول رقم (1) يوضح تحول إدلب إلى موئل لتهجير قسري ممنهج من كافة المناطق

 

بالمقابل، ترافق مع هذه الزيادات السكانية سياسات استجابة طارئة، خلقت مشكلات تحتاج إلى حلول تنموية. وبسبب حجم المسؤولية الكبيرة والضاغطة على المحافظة لم تجد الفعاليات الإدارية المحلية سوى المنظمات الدولية والمحلية لمساعدتها في حل أزمة المهجرين، وحاولت تشكيل نموذج (إسعافي) في إدارة المهجرين من خلال "الهيئة العامة لإدارة المهجرين" التي كان لها أدوار أولية في تخفيف العشوائية والفساد الحاصل في توزيع المساعدات وضبط احتياجات المخيمات وتقديمها للمنظمات([4])، إلا أن تردي الواقع الاقتصادي والإداري في المحافظة أسهم في تنامي المؤشرات التي تنذر باتساع حجم التحدي وازدياد صعوبات المعالجة. وشهد المستوى العام للأسعار ارتفاعًا ملحوظًا رافقه انخفاض كبير في سعر صرف الليرة التي وصلت إلى حدود 500 ليرة أمام الدولار بانخفاض قارب 90% للقيمة الشرائية. كما ارتفعت معدلات الفقر؛ إذ بلغت نسبة الفقر في المحافظة حوالي 90.5% في ([5])2015، وهي من أعلى النسب في سوريا. وإذا ما أضفنا نسب العوائل النازحة والمهجرة المحتاجة (حتى نهاية عام 2017) فإن النسبة العامة للفقر ستصل لمستويات بالغة الخطورة حيث يبلغ مجموع تلك العائلات 119.696 عائلة فيهم 107.622 عائلة ذات دخل شهري أقل من 40 دولاراً.([6]

كما أسهم تدهور الأداء الاقتصادي على كافة المستويات في الانكماش في النشاطات الاقتصادية وبروز العديد من النشاطات غير الرسمية كانتشار العمل العشوائي وتنامي ظاهرة "تجار الأزمة"؛ مما أفسح المجال أمام اقتصاد مواز يحاكي الرسمي المفترض، بإيراداته وشبكاته وتعاملاته التجارية. كما أن سوء الأحوال الأمنية وتدخل "الجماعات المسلحة" في مفاصل الإدارة، والقصف العنيف، وانتشار الاغتيالات، شكلت عوامل رئيسية لهروب أصحاب الأموال للخارج وعدم استقبال المحافظة لأي نوع من الاستثمارات، فانتشرت على إثر ذلك البطالة في ظل حاجة المواطنين الماسة للعمل من أجل كسب المال. 

بالعموم، فإن تزايد التحديات الناجمة عن تنامي الكثافة السكانية جراء سياسات التهجير وحركية النزوح المحلي فرضت على الفعاليات المحلية الإدارية والتنموية تحديات متنامية تستوجب منها إجراءات تراعي البُعد التنموي والاقتصادي في المحافظة، وهو الأمر الذي لا يزال متعثرًا بحكم السيولة الأمنية والاقتتال الداخلي من جهة، وتغليب منطق الاستجابة الطارئة بحكم المتغيرات المتسارعة في ملف المهجرين من جهة أخرى. 

مشهد عسكري وأمني مضطرب 

انخرطت محافظة إدلب -شأنها شأن معظم المحافظات- في الحراك السلمي والمظاهرات الشعبية منذ مارس/آذار 2011، ثم دخلت خط "الكفاح العسكري" الدفاعي ثم الهجومي في 2012، ثم جاءت سيطرة غرفة عمليات "جيش الفتح" على مدينة إدلب في مارس/آذار 2015. بالمقابل، استمرت جبهة النصرة ثم هيئة تحرير الشام كامتداد لها في قضم الفصائل الثورية المحلية والتمدد العسكري والإداري والمدني والتغلغل في مناطق إدلب. 

شكَّل تحرير مدينة إدلب في 2015 مُرتكزًا لنمو حركة النزوح لاحقًا إليها وإلى تمدد نشاط المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني ثم الحكومة المؤقتة ثم اقتحام "حكومة الإنقاذ" كأداة إدارية لهيئة تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب. وزادت الأحداث من تداخُل الوجود العسكري مع اكتظاظ السكان النازحين في المحافظة وبالتالي من شدة التحديات الأمنية والاقتصادية. 

خضعت محافظة إدلب لعدة محاولات لوقف إطلاق النار أو خفض التصعيد والتوتر كان آخرها في 15 سبتمبر/أيلول 2017 في اجتماع الآستانة السادس بين روسيا وتركيا وإيران، وتمخض عن "تقاسم للأدوار والنفوذ"، ولكن لم تُنجز الخرائط التفصيلية وبقي الخلاف على بعض النقاط خاصة من الجانب الإيراني الذي أصر على تواجد قوات قريبة منه على الحواجز الفاصلة ونقاط المراقبة، بينما أصرت تركيا على إمساك الملف الأمني بمفردها. وأدى عدم حسم الملف إلى استغلال النظام وإيران للوضع واقتحمت قواته مناطق جنوب شرق محافظة إدلب شرق سكة الحديد في الشهر الأول من 2018 واستعادت السيطرة عليها. 

يُذكر أن نسب السيطرة قبل هجوم النظام كانت على الشكل التالي: 98.5% قوى الثورة مع انتشار لجبهة النصرة، و1.5% ميليشيات ممولة من إيران وقوات النظام. أما بعد هجوم ميليشيات إيران وقوات النظام فقد استطاع النظام أن يُسيطر على منطقة واسعة وصلت نسبتها إلى 16%، فأصبح توزُّع نسب السيطرة على الشكل التالي: 82.5% قوى الثورة متنازعة مع فصائل أخرى كجبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام، و 17.5% ميليشيات إيران وقوات النظام. ([7])

وإثر تقدم النظام السريع في جنوب شرق إدلب سارعت تركيا إلى تنفيذ بنود اتفاق الآستانة ونشرت عدة نقاط مراقبة عسكرية وصلت إلى عشر نقاط حتى 9 مايو/أيار 2018 (موضحة على الخريطة الرئيسية)، ويُتوقع أن تصل إلى 20 نقطة لتُحيط بكامل أنحاء المحافظة ثم التفرغ لضبطها أمنيًّا وعسكريًّا. ([8]) ويكمُن التحدي الأساسي في إدلب أمام الجيش التركي المنخرط في عمليات لمواجهة قوات الحماية الشعبية الكردية في سيولة المشهد أمنيًّا وانخراط هيئة تحرير الشام جغرافيًّا في أماكن المدنيين وتداخلها مع هيئات إدارية كحكومة الإنقاذ وبعض المجالس المحلية. 

 

خريطة تبين مناطق السيطرة والنفوذ بين القوى العسكرية المحلية والإقليمية في إدلب ومحيطها

أما فيما يتعلق بالمشهد الأمني في إدلب، فقد شهدت هيئة تحرير الشام إضعافًا لبنيتها وعلاقتها بالحاضنة المجتمعية من عدة أطراف منذ بداية دخول الجيش التركي إلى إدلب؛ فقد سعت تركيا لعدم الدخول في حرب مفتوحة لمواجهة الهيئة وتأسيس مراكز المراقبة لوقف إطلاق النار حسب اتفاق الآستانة مما أدى إلى انقسام صفوف الهيئة في الموقف تجاه الدخول التركي وانشقاق عدد من فصائلها ومرجعياتها. وقامت أطراف عديدة غير معروفة -يرى البعض أنها خلايا متبقية من تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جند الأقصى"- ببث الفوضى الأمنية في مناطق سيطرة الهيئة عبر تنفيذ سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات. ومن الملاحظ من خلال تحليل بيانات الاستهداف الأخيرة خلال شهري مارس/آذار، وأبريل/نيسان 2018 أن أغلب أماكن حدوث الاغتيالات كانت في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (انظر الشكل أدناه).

 

الشكل رقم (1) يوضح توزيع السيطرة العسكرية في "مناطق الاغتيالات" بإدلب

الشكل رقم (2) يبين توزيع الجهات التي استهدفتها حملة الاغتيالات الأخيرة في إدلب

وشهدت المحافظة في الآونة الأخيرة عدة تطورات أبرزها تشكيل تنظيم "حراس الدين" في 27 فبراير/شباط 2018 بقيادة أبوهمام الشامي القيادي في تنظيم "القاعدة"، وأعلن بيعته لتنظيم "القاعدة". وضم تنظيم "حراس الدين" الفصائل التالية: حراس الشام، وسرايا الساحل، وسرية كابل، وجند الشريعة، بالإضافة إلى قيادات "القاعدة" في مجلس الشورى الذي يضم: أبو حبيب طوباس، وأبو خديجة الأردني، وسامي العريدي، وأبو القسام، وأبو عبد الرحمن المكي، وعدد من القيادات السابقة في "جبهة النصرة" التي رفضت فك الارتباط بالقاعدة. بعد نحو أسبوع من إعلان تشكيل "حراس الدين"، أعلنت ثلاث فصائل أخرى انضمامها إليه، وهي: "جيش الملاحم"، و"جيش البداية"، و"جيش الساحل". التزم تنظيم "حراس الدين" الحياد في الاقتتال الذي اندلع بين "هيئة تحرير الشام" و"جيش تحرير سوريا" في ريفي حلب وإدلب، ولكن هذا لم يمنع من حدوث بعض الاشتباكات بين مقاتلي "هيئة تحرير الشام" ومقاتلي حراس الدين في منطقة ريف حماه الشمالي، وخاصة أن معظم المنتسبين لحراس الدين هم عناصر (محلية وأجنبية) سابقة في الهيئة وفي جند الأقصى، ومعظمهم باتوا على خلاف واضح مع التيار الأقل تشددًا في الهيئة، وعلى خلاف مع قوى الثورة السورية. وأعلن تنظيم "حراس الدين" التابع لتنظيم "القاعدة" وفصيل "أنصار التوحيد" (منشق سابقًا عن "جند الأقصى")، في 29 أبريل/نيسان 2018، اندماجهما ضمن حلف واحد حَمَل اسم "حلف نصرة الإسلام". وذكر بيان مشترك لـ "التنظيمين"، أن هدف اندماجهما "إقامة دين الله تعالى، وتطبيق الشريعة الإسلامية، ودفع العدو الصائل"، وذلك مِن "باب التعاون على البر والتقوى"، طبقًا للبيان. 

تنحصر سيطرة حلف "نصرة الإسلام المُبايِع لتنظيم "القاعدة" الآن في ريف حماه الشمالي وفي الريف الجنوبي من جسر الشغور في إدلب، ولكن الثقل الأساسي يكمُن في شمال حماه. ويبلغ عدد مقاتلي الحلف حوالي 2500 منهم 1000 أجنبي([9]). ومن المتوقع أن يزداد عدد الأجانب في التشكيل، خاصة مع قبول "هيئة تحرير الشام" التهدئة مع "جيش تحرير سوريا" وعدم فتح جبهات جديدة من النظام سواء من قوى الثورة أو غيرها. هذه الأسباب تجعل من "حلف نصرة الإسلام" الخيار الأخير والوحيد للأجانب كي يحموا أنفسهم في إدلب. لذا، من المرجح أن نشهد معارك بين هذا الحلف وقوى الثورة من جهة ومع الهيئة من جهة أخرى. يُذكر أن فصيلي "حراس الدين" و"أنصار التوحيد" شنَّا هجومًا مباغتًا، في مطلع شهر مايو/أيار 2018، على مواقع قوات النظام في ريف حماه الشمالي، وتمكَّنا من السيطرة على بلدة الحماميات وتلَّتِها الاستراتيجية بريف حماه، قبل أن ينسحبوا منها نتيجة غارات الطيران الروسي. 

تفكيك الخارطة الإدارية 

حدَّد القرار رقم 1378 للعام 2011، والصادر عن وزارة الإدارة المحلية التابعة للنظام([10])، التقسيمات الجغرافية المركزية للمحافظة بـ6 مناطق تضم 26 ناحية فيما تُقسَّم المحافظة إداريًّا لا مركزيًّا إلى 157 وحدة إدارية توزع على 15 مدينة و47 بلدة و95 بلدية تتمتع بالشخصية الاعتبارية و304 تجمعات([11])، إضافة إلى العشرات من القرى والمزارع والتجمعات التي لا تحظى بالشخصية الاعتبارية ولا تشملها التقسيمات الإدارية([12]).  ويُقدر عدد المجالس المحلية التي سقطت بيد النظام بحوالي 17 مجلسًا محليًّا معتمدًا، مقابل 140 مجلسًا محليًّا تديره قوى المعارضة.

الشكل رقم (3) يوضح توزيع نسب السيطرة على الوحدات الإدارية في إدلب بين النظام والفصائل السورية

ويُعاني المشهد الإداري في محافظة إدلب من هشاشة وتشظٍّ كبيرين، أسهم فيهما التداخل بين الحالتين السياسية والعسكرية في المحافظة، الذي انعكس على المنظومة الـمُهيكلة للمجالس المحلية بنشوء مجالس محلية غير معتمدة من الحكومة المؤقتة، وتضاعفت أعدادها بشكل كبير. كما أن تشكيل "حكومة الإنقاذ" من قبل شخصيات مرتبطة بتنظيم "هيئة تحرير الشام" المصنف إرهابيًّا من أطراف دولية([13]) وبحماية وقوة تنفيذية منها زاد في تعقيد المشهد وتداخل الجهات العسكرية بالتنظيمات الإدارية المدنية، وأسهم في تعدد المرجعيات وتضاربها، ويُضاف إلى ذلك انفلات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من عقال الضبط الحكومي. 

وحسب تقرير أولي لمسح ميداني أجراه مركز عمران للدراسات مع وحدة المجالس المحلية([14])، جرى في الفترة من  8 أبريل/نيسان 2018 وحتى 15 مايو/أيار 2018 في محافظة إدلب، فإن 59% من المجالس المحلية تُصنِّف نفسها بأنها تتبع إداريًّا للحكومة المؤقتة مقابل 7% تُصنف نفسها تابعة لحكومة الإنقاذ. ومن الملاحظات وجود عدد من المجالس التي تتبع الحكومة المؤقتة لكنها مرغمة على التعاون مع حكومة الإنقاذ، فيما تصنف 16% من المجالس نفسها بأنها مستقلة عن حكومتي الإنقاذ والمؤقتة. ومن أهم الملاحظات لفريق المسح الميداني كان عدم تطابق مناطق النفوذ العسكري لهيئة تحرير الشام مع تبعية المجالس المحلية؛ حيثُ تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة، رغم أنها تقع في مناطق السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام، ما مُعدله 22% من مجالس المحافظة الفرعية. ويُمكن عزو ذلك لكون المجالس المحلية مُنبثقة عن الحاضنة الاجتماعية وتُمثل بدرجة كبيرة طبيعة المزاج العام الرافض لممارسات هيئة تحرير الشام. ويؤكد هذا التحليل استعداد عدد من المجالس التي زارها فريق المسح الميداني لانتخابات جديدة لمجالسها مثل أريحا وكفر تخاريم.

 

الشكل رقم (4) يبين توزيع نسب تبعية المجالس المحلية في إدلب

ومن أهم عناصر استحواذ حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام هي قدرتها على توفير الغاز والتحكم بمعابر تجارية مع النظام وصيانة وتوفير خدمات المياه للمنازل وإدارة المعابر الدولية التي تدر عليها دخلًا توزعه على عدد من المجالس المحلية التي تتبع لها، كما تجري زيارات ميدانية مكثفة للرقابة على عمل المجالس. واستحوذت أيضًا على أي دعم أو تمويل مستقل يأتي للمجالس لمنعهم من امتلاك استقلالية مالية، فمثلًا، كان مجلس كفر يحمول يملك أرضًا زراعية يقوم بتأجيرها ويستفيد من مواردها، لكن منذ سبعة أشهر استولت عليها حكومة الإنقاذ. 

عمومًا، يمكن تسجيل عدة ملاحظات تجاه فاعلية المؤسسات السياسية والإدارية المحلية والجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني في محافظة إدلب، إذ تصطدم سياساتها بالعديد من العراقيل التي تحد من خياراتها، ويعود سبب ذلك أولًا: إلى التعارض في أجندات الجهات المسيطرة على المحافظة، وثانياً: لتشتت الإدارات والهيئات المدنية التي لا تزال تفتقر لرؤية استراتيجية موحدة تُمكنها من امتصاص صدمة النزوح وابتداع أدوات إدارة سياسية واقتصادية واجتماعية تتواءم مع الوضع غير المستقر للمحافظة، وثالثًا: للاعتمادية المفرطة على المنظمات الدولية والمحلية في تقديم المساعدات للسكان ومخيمات المهجرين والمجالس المحلية. 

إدلب والترتيبات السياسية والعسكرية المتوقعة 

رغم إنجاز اتفاق خفض التصعيد في إدلب ضمن الاجتماع السادس في الآستانة، في 15 سبتمبر/أيلول 2017، فإن الخرائط والتفاصيل الجزئية حول آلية المراقبة لم تُحسَم بين الأطراف الثلاثة بشكل نهائي. ولكن يبدو أن التقارب الروسي-التركي حول إدلب أكثر من تقارب الاثنين مع إيران. حيث صرح علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى في إيران، بأن "الخطوة القادمة لمحور المقاومة ستكون تحرير مدينة إدلب السورية([15]). وحذرت الأمم المتحدة عبر نائب المبعوث الدولي إلى سوريا للشؤون الإنسانية، يان إيغلاند، من اندلاع حرب في إدلب لكونها أصبحت أكبر مخيم للنازحين في العالم. كما حذر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، من انتقال القتال إلى إدلب وتعريض المدنيين إلى خطر كبير. وفي نفس الوقت، تؤكد تركيا عبر عدة تصريحات للرئيس أردوغان أن إدلب وضبطها سيكونان الهدف القادم بعد عفرين ومنبج. ودعا وزير الخارجية الفرنسي، لو دريان، إلى ضرورة تقرير مصير إدلب من خلال عملية سياسية تتضمن نزع سلاح الميليشيات فيها. 

بالمقابل، لا يمكن فك مصير إدلب عن معطيات المشهد العسكري العام وجنوحه باتجاه تبلور طموحات إقليمية ودولية ناشئة تجعل هذا المشهد يدخل في مرحلة إعادة تشكل وترتيب جديد، سواء بالاتكاء على فكرة ومفهوم الدول الضامنة أو عبر ترسيم جديد لحدود النفوذ الدولي. وسينعكس هذا الترتيب الجديد حُكمًا (سلبًا أو إيجابًا) على العملية السياسية التي دخلت مرحلة من السيولة المغرقة منذ جنيف 8 وما تبعها من تطورات ميدانية -مثل عملية غصن الزيتون، ومحاولات إعادة ترسيم حدود منطقة إدلب، ومعركة "إسقاط" الغوطة الشرقية، والنفوذ الإيراني في الجنوب السوري- وما رافقها أيضًا من هشاشة في بنى الفاعلين السوريين، سواء المعارضة التي باتت جسمًا سائلًا يصعب ضبط توجهاته، أو النظام الذي يجد نفسه غير قادر على إرفاق السيطرة العسكرية بسيطرة سياسية واجتماعية (كما يتخيل)، وغير مؤهل لمواجهة استحقاقات مرحلة البناء وإعادة الإعمار. 

وفقًا لهذه المعطيات، يمكن الاستدلال فيما يتعلق بالمحافظة على أنها تسير وفق عدة اتجاهات يتضح التموضع التركي الرئيسي منها جميعًا، فتركيا رأت في اعتماد الخيارات الصلبة المدخل الأكثر حسمًا في مواجهة المهددات الأمنية التي تتعاظم ضدها، وسيكون لها تأثير واضح في الشمال السوري خاصة بعد شبه اكتمال تحقيقها لأهداف غصن الزيتون واستحواذها شبه المكتمل على الأجزاء الشمالية، بالإضافة إلى أدوار تركية محتملة ضمن مسار الآستانة فيما يخص محاربة جبهة تحرير الشام سواء عبر سياسات تفكيك أم مواجهة مباشرة عبر فصائل المعارضة، وفي ذات الوقت يُتوقَّع أن يخضع اتفاق الآستانة لخروقات مستمرة من قوات تتبع إيران وتميل إليها روسيا أحيانًا عندما تريد الضغط على تركيا، ثم تعود لتدعم الموقف التركي في تحصين هذه المنطقة أمنيًّا وإدارتها مدنيًّا. 

بالمقابل، يسعى النظام إلى الدفع باتجاه استعادة "السيادة الوطنية" عبر مقاربات عسكرية أو سياسية عندما يعجز عن استخدام أدوات الروس أو الإيرانيين. وقد يلجأ إلى عدة خيارات بالتوالي أو التوازي، أهمها:

  1. إنهاك منطقة إدلب أمنيًّا بتيسير مرور "أطراف متشددة" وتنفيذ عمليات أمنية واستهداف للشخصيات الثورية القادرة على جمع الحاضنة الشعبية. وتهدف هذه السياسة إلى إضعاف بنى المعارضة وإيجاد الحجج السياسية لعودة "سيادة مؤسسات الدولة". كما يسعى النظام إلى إفشال نموذج الإدارة المحلية وتصويره على أنه يتبع لمنظمات مصنفة دوليًّا إرهابية.
  2. استثمار مسار الآستانة بين الدول الثلاث: روسيا وتركيا وإيران، لتوسيع دائرة الدول المشاركة فيه وإعادة تعريف أدوار الضامنين، كالمطالبة بدور إيراني أكبر بهدف استخدامه للولوج إلى منطقة إدلب سياسيًّا.
  3. الدفع نحو صفقات أمنية جزئية بشكل ثنائي ومباشر مع القوى الدولية المتواجدة في سوريا، كتركيا وأميركا والأردن لتحييد القوى العسكرية السورية والأجنبية والسماح للنظام بعودة مؤسساته تدريجيًّا لاستعادة تحكمه بمفاصل الخدمات، ومن ثم إعادة اختراق الحاضنة والعودة الأمنية كما فعل في مناطق المصالحات.
  4. عقد صفقات لتحييد الطرق البرية والرئيسية والمعابر التجارية والدولية عن الصراع، وتبدو هذه الخطوة الأسهل على النظام لكونها تحقق مصالح مشتركة لكافة القوى، إلا أن النظام يريد منها إعادة امتلاك وظائف الدولة الأساسية وأجزاء من المواقع السيادية. 

خاتمة 

تتجه إدلب نحو عدة مسارات تعتمد على سياسات وردود أفعال عدد من الدول الفاعلة، خاصة تركيا التي تبدو الفاعل الرئيسي فيها. في حين يبدو أن النظام سيسعى بداية إلى عقد صفقات لفتح الطرق الدولية الرئيسية في سوريا وبالتالي عقد اتفاقيات تجارية مع مختلف المناطق مع تعزيز حالة الفوضى الأمنية في مناطق المعارضة في إدلب بشكل خاص. ويتوقع أن يخضع اتفاق الآستانة لمساومات ومنازعات من قوات تتبع النظام وإيران وتميل إليها روسيا أحيانًا عندما تريد الضغط على تركيا.

 

المصدر مركز الجزيرة للدراسات: https://bit.ly/2s95y01

 


 

([1])منظمة التنمية المحلية بالتعاون مع الحكومة السورية المؤقتة، "أطلس المعلومات الجغرافي، إدلب"، 17 يوليو/تموز 2016، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018):

 https://drive.google.com/drive/folders/0B9mAVSIoeDcPNFRKY1MzejNxV3c

يُشار إلى أن المكتب المركزي للإحصاء التابع للنظام يُقدِّر عدد سكان محافظة إدلب في عام 2016 بـ1445000 نسمة، وهو رقم يبدو أنه لا يشمل النازحين إلى المحافظة، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018):  http://www.cbssyr.sy/yearbook/2017/Data-Chapter2/TAB-4-2-2017.pdf

 ([2]) وحدة المعلومات، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تقرير غير منشور، 8 مايو/أيار 2018.

([3]) وحدة التنسيق والدعم، "الكارثة في سورية: التهجير القسري من الغوطة الشرقية والقلمون"، 3 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول 9 مايو/أيار 2018).

https://goo.gl/oHLb94

([4]) حيث عملت الهيئة على تقسيم المحافظة إلى قطاعات ضمن كل قطاع عدد معين من المخيمات بحيث يكون لكل قطاع مدير ولكل مخيم إدارة خاصة به تعمل على إحصاء أعداد المهجرين واحتياجاتهم المختلفة داخل المخيم من سلع وخدمات تشمل الصرف الصحي والتعليم والصحة والطعام...إلخ، وترفع هذه الحاجيات إلى إدارة القطاع الذي بدوره يوصلها للهيئة العامة حيث تجتمع لديه لوازم ونواقص المخيمات في قطاعات المحافظة كافة، فيتم توجيه المنظمات الإغاثية حسب تلك المعلومات.

([5]) المركز السوري لبحوث السياسات، "مواجهة التشظي"، 11 فبراير/شباط 2016، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018):

 https://goo.gl/b7ibW2

([6]) إحسان للإغاثة والتنمية، "تقييم الاحتياجات متعدد القطاعات في محافظة إدلب"، يناير/كانون الثاني 2017، تقرير غير منشور لدى المؤلف.

([7]) حسب تقدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، غير منشور، بالاعتماد على احتسابها باستخدام برنامج ال ArcGis بتاريخ 15 أبريل/نيسان 2018.

([8]) حسب الموقع التركي: http://www.suriyegundemi.com/2018/05/09/9620/ تاريخ الدخول 9 مايو/أيار 2018.

([9])  حسب مقابلة مع مصدر خاص في إدلب لدى وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بتاريخ 8 مايو/أيار 2018.

([10])  اعتمد القرار 1378 على القانون الإداري 107 المتضمن معايير تقسيم الوحدات الإدارية بحسب عدد السكان في كل منطقة، كما اعتمد على الإحصاء السكاني للمكتب المركزي للإحصاء التابع لحكومة النظام للعام 2004 وتعديلاته للعام 2011 وفق معدل النمو السكاني في سوريا

([11]) يُقصد بالشخصية الاعتبارية تمتع الوحدة الإدارية بالذمة المالية المستقلة والأهلية القانونية للقيام بالتصرفات القانونية المختلفة كإبرام العقود وحق التقاضي أمام القضاء وإمكانية مقاضاتها من الغير، والموطن المستقل عن الأفراد المكونين لها، ووجود شخص يعبِّر عن إرادة هذه الوحدة ويتصرف باسمها ويمثلها، إضافة إلى تمتعها بالمسؤولية المدنية والإدارية الكاملة

([12]) منظمة التنمية المحلية، 17 يوليو/تموز 2016، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018): https://bit.ly/2s2Uv8H

([13]) تم تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية من طرف الولايات المتحدة الأميركية بتاريخ 10 مارس/آذار 2017، موقع وزارة الخارجية، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018): https://www.state.gov/j/ct/rls/rm/273854.htm

وانظر موقع السفارة الأميركية في دمشق، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2018) إضغط هنا.

([14]) التقرير الأولي غير منشور بتاريخ 8 مايو/أيار 2018.

([15]) إيران: هدفنا القادم إدلب والوجود العسكري الأميركي لن يبقى شرق الفرات، موقع روسيا اليوم، تاريخ النشر: 13 أبريل/نيسان 2018: goo.gl/xmrxxc

 

التصنيف أوراق بحثية
الأربعاء, 11 نيسان/أبريل 2018 17:56

"ندوة أكاديمية بعنوان "مآلات الثورة السورية

شارك مركز عمران  للدراسات الاستراتيجية ممثلاً بباحثيه أيمن الدسوقي ومعن طلاع بالندوة الأكاديمية التي عقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات والتي حملت عنوان "مآلات الثورة السورية"، وذلك يومي 7 و8 نيسان 2018، في العاصمة القطرية الدوحة.

في اليوم الأول تناول الباحث الدسوقي في ورقته التي جاءت تحت عنوان: "مقاربة الحركات الجهادية للحكم المحلي وأثرها في الثورة السورية: مقارنة بين تنظيم الدولة وهيئة تحرير الشام" أنماط الحكم المحلي التي أفرزتها الثورة السورية، وخصوصاً تلك التي نشأت بظهور الحركات الجهادية كـ "تنظيم الدولة الإسلامية" و"هيئة تحرير الشام".  في المنطقة، مبرزاً نقاط الاختلاف بينهما في ظل تفاوت الأدوات والمسميات المستخدمة والهياكل التنظيمية في إدارة وحكم كلً منهما.

في حين ركزت مشاركة الباحث طلاع في اليوم الثاني من الندوة في ورقته التي جاءت تحت عنوان: "تحولات البنية الأمنية للنظام السوري خلال الثورة"، على أهم التحولات التي شهدتها البنية الأمنية للنظام، والمتمثلة بعدم تماسك البيئة الأمنية في مناطق النظام وعدم خضوعها "إداريًا" أو "وظيفيًا" لقوة أمنية مركزية مضبوطة، مدللاً على تدهور مؤشرات الاستقرار الأمني بتدفق الميليشيات الأجنبية الحليفة للجغرافيا السورية من جهة، وبقرار تكوين مجموعات عسكرية محلية يشرف عليها كبار رجال النظام من جهة ثانية. مما عزز من نتائج الفشل الوظيفي والسيولة الأمنية وتعارض الأجندة الأمنية للفواعل الأمنية في مناطق سيطرة النظام.

ومن الجدير بالذكر أن الندوة حضرها العديد من الشخصيات السورية الفاعلة في الثورة السورية من سياسيين وناشطين وباحثين.

التصنيف أخبار عمران