تُعد مشكلة رواتب القطاع العام بشقيه المدني والعسكري من المشاكل ذات الجذور التاريخية الممتدة لنصف قرن من الزمن، ففي عهد حافظ الأسد عانى موظفو القطاع العام لسنوات طويلة من تردي قيمة رواتبهم نتيجة السياسات الاقتصادية المتبعة في تلك الفترة، وهو ما استمر لاحقاً في عهد بشار الأسد، بالرغم من جميع "محاولاته" لتحسين الوضع المعيشي لموظفي القطاع العام على حساب دعم قطاعات أخرى كالزراعة والصناعة.
لم يكن الفرق بين رواتب المدنيين والعسكريين ذا أهمية تذكر، إذ إن الهدف الكلي يتمثل بالاهتمام برواتب القطاع العام ككل ومن ضمنهم العسكريون، إلا أن الأحداث منذ عام 2011 سلطت الضوء على مختلف القطاعات في الدولة بما فيها الرواتب، إلا أنها لم تأخد حقها من ناحية التفصيل والمقارنة بين رواتب المدنيين والعسكريين والبحث بعمق في رواتب كل فئة منهما.
تحدد رواتب القطاع العام من المدنيين بناءً على نظام العاملين الأساسي في الدولة ([1])،أما رواتب العسكريين فتحدد بناءً على قانون الخدمة العسكرية بالنسبة لعسكريي الجيش([2])، وقانون خدمة قوى الأمن الداخلي بالنسبة لأفراد قوى الأمن الداخلي، ويتم إصدار تعليماتها التنفيذية من قبل القائد العام للجيش والقوات المسلحة.([3])
تاريخياً، صدرت زيادة الرواتب بمراسيم تشريعية عن رأس النظام منذ عهدي حافظ وبشار الأسد، ولم يسبق أن صدرت هذه الزيادات عن مؤسسات الدولة المعنية بالأمر، كما لم يسبق أن نفعت أي مطالبات أو ضغوط لزيادة الرواتب، في ظل غياب أي دور حقيقي لمجلس الشعب أو للنقابات منذ السيطرة عليها وتدجينها من قبل حافظ الأسد منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ارتبطت الزيادات على الرواتب دوماً بارتفاع أسعار مواد أساسية تُحدد أسعارها من قبل "الحكومة"، كما كانت هذه الزيادات تشمل زيادة بنسب متساوية في القطاعين المدني والعسكري على حدّ سواء، أما الزيادات التي تمّت بعد عام 2011 فكانت تأتي نتيجة زيادة التضخم وانخفاض سعر صرف الليرة السورية، وكانت مترافقة مع زيادات مضطردة بأسعار المواد الأساسية، في ظل تردي الأوضاع المعيشية.
لاحقاً شهد عام 2018 زيادة رواتب العسكريين فقط دون غيرهم، وبشكل مباشر ومنفصل عن أي من موظفي القطاع العام، كما وصل الأمر في بعض الأحيان لأن تشمل بعض الزيادة فئات معينة من العسكريين دون غيرهم، بالإضافة لذلك أصبح هناك تمايز واضح لصالح أفراد الجيش عن أفراد قوى الأمن الداخلي بعد أن كانت رواتبهم متساوية، مع العلم أن هناك زيادات للعسكريين كانت تتم بشكل خفي تقريباً، كأن يتم إصدار مرسوم تشريعي يتضمن طي جدول الرواتب الوارد في المادة 87 من قانون الخدمة العسكرية واستبداله بجدول جديد يتضمن رواتب أعلى من دون أن يتم تحديدها بنسبة معينة.
ستقوم هذه الورقة برصد الرواتب في سورية منذ عام 1994، آخر سنة تمت زيادة الرواتب بها من قبل حافظ الأسد، وحتى عام 2022، للوقوف على حركة الزيادات بشكل عام وتلمس فلسفة وسياسة النظام في عملية زيادة الرواتب بين القطاع المدني والعسكري، وتقديم مقارنات مختلفة لرواتب المدنيين والعسكريين والوقوف على قيمها وما يقابلها بالدولار بسعر المصرف المركزي والسوق السوداء، وكذلك قيمة ضرائب الدخل المفروضة عليها، بالإضافة لتوفير أداة تفاعلية تُساعد على إجراء مقارنات بين مختلف فئات الرواتب بالليرة السورية والدولار الأمريكي، وذلك عبر استخدام أدوات تحليل كمّية للمعلومات، فقد تم الاعتماد على مصادر رسمية ومعادلات رياضية للوصول لقيمة الرواتب والتأكد من صحتها([4]).
جرت العادة في سورية أن يتم رفع الرواتب كل سنتين تقريباً، بمعدل 25%، في حين أن معدل التضخم كان يتجاوز 30 %سنوياً – قبل عام 2011 – وبالتالي يخسر العمال والموظفون سنوياً 17% نتيجة تراجع القوة الشرائية للعملة السورية([5])، وكانت آخر زيادة للرواتب في عهد حافظ الأسد قد أقرّت بالمرسوم التشريعي رقم 3 لعام 1994([6])، لتتوقف بعدها الزيادات لست سنوات متتالية لما بعد توريث السلطة لبشار الأسد في عام 2000، وبالتالي تآكلت الرواتب بشكل مضطرد وانخفض حجمها في الدخل القومي. سعت الدولة لتثبيت الرواتب والأجور عبر سياسة واضحة لتخفيض حجم الطلب الكلي من جهة، إضافة إلى ذلك فإن هذه السياسية هدفت لتخفيض التكلفة عبر سياسة الأجور الرخيصة من جهة ثانية.
بعد أقل من شهرين على توريث الحكم لبشار الأسد أصدر أول زيادة للرواتب كرسالة واضحة أن "الانتعاش الاقتصادي اقترب وأن حالة الركود الاقتصادي الممتدة من 1995 – 2000 انتهت"، إلا أن سياسة زيادة الرواتب بقيت على المنوال السابق نفسه، إذ تتم زيادة الرواتب كل سنتين تقريباً عدا الفترة الممتدة ما بين 1994 - 2000، وشهدت الفترة الممتدة ما بين 2000 – 2010 صدور 7 مراسيم تشريعية خاصة بالرواتب، بعضها كان يشمل قطاع العاملين بالدولة كافة، وبعضها كان خاصاً بالعسكريين – زيادة غير صريحة – كأن يتم تعديل جدول رواتبهم، أو حالة خاصة كإعادة العمل برتبة مرشح ومرشح أول.
في المقابل شهدت الفترة الممتدة ما بين 2011 – 2022 عدداً أكبر من المراسيم التشريعية الخاصة بالرواتب، إذ تم إصدار 14 مرسوم تشريعي منذ آذار عام 2011 شمل بعضها زيادات خاصة بالعسكريين فقط، أي إن فترة ما بعد عام 2011 شهدت ضِعف عدد المراسيم المتعلقة بالرواتب مقارنة بالفترة السابقة لها، في محاولة من النظام لسدّ وترميم الفجوة بين سعر الليرة السورية والدولار الأمريكي.
يبين الجدول التالي المراسيم التشريعية ونسب الزيادات التي تمت على الرواتب منذ عام 2000 وحتى عام 2022 كما يلي:([7])
استخدمت حكومة النظام أسلوب الضرائب غير المباشرة لتمويل زيادة الرواتب والأجور، والتي تُفرض على المنتجات البترولية والإسمنت والأسمدة إضافة إلى الزيوت المعدنية وغيرها من المنتجات البترولية الأخرى، وتسمى هذه الضرائب بـ"فروقات الأسعار"، لأن المؤسسات العامة التي تسوق هذه المواد تحول المبالغ مباشرة لوزارة المالية، وساهمت زيادة أسعار الطاقة لتمويل زيادة الرواتب والأجور بزيادة تكاليف المنتجات السورية وزيادة أسعار الخدمات، وقد أدت هذه الزيادة لتخفيض قدرة الصناعة السورية على المنافسة في السوق الوطنية وفي الأسواق الدولية([10]).
يُلاحظ هذا النمط العام في زيادة الرواتب والأجور بشكل وثيق، إذ يرافق هذه الزيادات ارتفاع في أسعار المواد الأساسية، وهذا هو النمط الأساسي السائد منذ عقود، طبعاً هذه النمط غير معكوس، بمعنى أن ارتفاع المواد الأساسية لا يرافقه دوماً زيادة في الرواتب والأجور، وقد تقوم حكومة النظام برفع أسعار المواد الأساسية مرات عدة قبل أن يتم رفع الرواتب والأجور، وهو ما يشير مباشرة لوجود "عطب اقتصادي" في الدولة وخلل في بيئة الإنتاج، وأن هذه الزيادات الحاصلة ما هي إلا محاولة لضبط الأسعار، وهي زيادات غير حقيقية، بل إنها مشجعة على زيادة التضخم أيضاً، وفيما يلي الزيادات على الرواتب التي تزامنت مع ارتفاع في أسعار المواد الأساسية:
شهد عام 2018 تغيراً في توازنات الزيادة على الرواتب، فقد صدر أول مرسوم تشريعي يتضمن زيادة صريحة لرواتب عسكريي الجيش فقط دون غيرهم من موظفي القطاع العام بما فيهم قوى الأمن الداخلي، وكأن هذه الزيادة تأتي كمكافأة لما قدمه عناصر الجيش في منع سقوط نظام الحُكم أمام الثورة السورية، كما جاءت لمعادلة رواتب الجيش لتكون قريبة من قيمة الرواتب التي تمنحها الميليشيات لعناصرها، أي إن المفاضلة بين الرواتب والامتيازات أصبحت تدفع المجتمع نحو العسكرة باتجاه الانضمام إلى الميليشيات أو للمؤسسة العسكرية بحسب نتائج المفاضلة([13])، إذ إن الرواتب الممنوحة من قبل الميليشيات أكبر من تلك الممنوحة رسمياً في المؤسسة العسكرية، ورواتب هذه الأخيرة أكبر من رواتب القطاع المدني، علماً أن هناك امتيازات رسمية وغير رسمية ممنوحة لأفراد الجيش والقوات المسلحة وعناصر الميليشيات تزيد من مداخيلهم الشهرية. كما لا يمكن الحكم على أن زيادة رواتب العسكريين دون غيرهم منذ عام 2018 جاءت بطلب روسي أو لا، لكنها على الأقل نابعة من حاجات النظام لها، (راجع الملحق للإطلاع على رواتب الموظفين في الدولة سواء بالقطاع المدني أو العسكري وقوى الأمن الداخلي في الفترة الممتدة ما بين 1994 - 2022).
ستكون المقارنة مرتبطة بفئتين إحداهما عسكرية والثانية مدنية وذلك عند بدء التعيين، على أن تكون بين أعلى فئة في المدنيين وهي "الدكتوراه" بمقابل أقل فئة عند العسكريين وهي "الجندي"([14])، وتعود أسباب هذه المقارنة لأمرين هما: أن الرواتب المذكورة هي رواتب بدء التعيين، أي لا يمكن مقارنة راتب حامل شهادة الدكتوراه مع راتب الضابط النقيب في الجيش، باعتبار أن النقيب قد أمضى حوالي 10 سنوات في الخدمة العامة؛ إن الفروق بين رواتب هاتين الفئتين متقاربة، مع ذلك يوجد غلبة لرواتب العسكريين على المدنيين([15]).
يلاحظ أن الفجوة بين رواتب الجندي وحامل الدكتوراه بدأت تضيق بشكل أكبر بعد عام 2011 حتى أصبحت متقاربة جداً بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2018 القاضي بزيادة رواتب العسكريين فقط، ثم اختفت تماماً في بداية عام 2022 بمقابل عام 2000، فقد كانت نسبة الفرق بين رواتب الفئتين تساوي 236% لصالح راتب حامل "الدكتوراه"، ثم أصبحت هذه النسبة 178.9 % في عام 2011 حتى وصلت في عام 2022 إلى 1.9 %، بالطبع في حال احتساب الرواتب المقطوعة قبل احتساب ضريبة الدخل عليها.
الشكل (1) مقارنة الرواتب بحسب الليرة السورية لكل من راتب الدكتوراه والجندي
إن عملية التسعير في سورية قائمة بشكل رئيسي على أساس الدولار الأمريكي وليس الليرة السورية، وبالتالي في حال إعادة المقارنة السابقة مقوّمة بالدولار، يُلاحظ وصول الرواتب لذروة قيمتها مقوّمة بالدولار بنهاية شهر آذار من عام 2011، فقد تم زيادة الرواتب بناءً على المرسوم التشريعي رقم 44 لعام 2011 بالتزامن مع بداية الثورة السورية، وفي ذلك الوقت كان سعر الدولار يساوي 47 ليرة بحسب سعر الصرف الرسمي و52 ليرة بحسب سعر السوق السوداء([16])، لاحقاً مع انكماش الليرة السورية بدأ مؤشر الرواتب مقابل الدولار بالانخفاض بشكل تدريجي، إذ لم تتمكن الزيادات المتلاحقة للرواتب منذ آذار 2011 وحتى 2022 من منع هذا الانخفاض أو حتى تسطيحه على الأقل، كما يُلاحظ أيضاً تأثير الأزمة اللبنانية عام 2019 على الليرة السورية وهو ما أدى لمزيد من الانخفاض في قيمة الرواتب على أساس الدولار.
إن الرواتب إذا تم قياسيها بحسب الدولار ما بين عام 2000 وعام 2022 سنجد أنها انكمشت بنسبة كبيرة جداً تقارب 360.8% وذلك بالنسبة لراتب بدء التعيين لحامل شهادة الدكتوراه، بينما انكمشت فقط بحوالي 156.3% لراتب الجندي في الجيش، وذلك نتيجة الزيادات الخاصة بالعسكريين دون غيرهم.
الشكل (2) الرواتب مقوّمة بالدولار بحسب السعر الرسمي من المصرف المركزي
الشكل (3) الرواتب مقوّمة بالدولار بحسب السوق السوداء
يوفر الشكل التفاعلي التالي إجراء المقارنات بين مختلف فئات الرواتب فيما بينها وبالليرة السورية والدولار الأمريكي
خضع قانون ضريبة الدخل لعدة تعديلات منذ تولي بشار الأسد الحكم، فقد أصدر في عام 2001 المرسوم التشريعي رقم 8 القاضي بإعفاء الـ 1,000 ليرة الأولى من الراتب الشهري من ضريبة الدخل، لاحقاً تم إعفاء الـ 5,000 ليرة الأولى من الراتب من ضريبة الدخل بموجب قانون ضريبة الدخل الجديد رقم 24 لعام 2003، واستمر تعديل ضريبة الدخل مرات عدة كان آخرها المرسوم التشريعي 24 لعام 2020([17])، المتضمن إعفاء الـ 50 ألف الأولى من الراتب من ضريبة الدخل عبر تعديل المادتين 68 و69 وإلغاء المرسومين التشريعيين 46 و48 لعام 2015.
النقطة الأساسية هنا أن قانون ضريبة الدخل قد أعفى في المادة 67 منه "العسكريين التابعين للقوات المسلحة وعناصر قوى الأمن الداخلي وعناصر الإطفاء" بالإضافة لفئات أخرى من ضريبة الدخل، في حين لم يتم تطبيق ذلك على موظفي القطاع العام والخاص، كما وأكد المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2003 المتضمن قانون الخدمة العسكرية في المادة 181 منه، استفادة العسكريين من مجموعة من الإعفاءات من ضمنها الإعفاء من الضرائب على الدخل ومختلف التعويضات والعلاوات، كما أكدّ المرسوم التشريعي رقم 1 لعام 2012 المتضمن قانون خدمة قوى الأمن الداخلي في المادة 155 منه ما تمّ منحه لعسكريي الجيش.
وبالتالي إذا تمت مقارنة الراتب المقطوع لكل من حامل شهادة الدكتوراه والجندي في الجيش عند بدء التعيين مع اقتطاع ضريبة الدخل، سنجد أن راتب الجندي الفعلي أكبر من راتب حامل شهادة الدكتوراه كما يلي:([18])
إن الرواتب المُقدمة لا تكاد تكفي ثلاثة أيام من الشهر، إذ يقدم مؤشر قاسيون أرقاماً لتكاليف المعيشة في سورية منذ عدة سنوات وبشكل دوري([19])، فقد بلغ مؤشر تكلفة المعيشة في شهر أيلول لعام 2022 لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد 3,6 مليون ليرة سورية، وهو ارتفاع غير مسبوق خلال فترة قياسية يهدّد ملايين السوريين الذين يعيشون اتساعاً كارثياً بين تكاليف المعيشة والحد الأدنى لأجر العامل السوري الذي ما يزال عند عتبة 92,970 ليرة سورية (أي أقل من نصف تكلفة الحد الأدنى لغذاء الفرد العامل لوحده) ([20])، وهو ما ساهم بجعل أكثر من 90% من إجمالي عدد سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر، وبالتالي اضطر كثير منهم إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم([21]).
يمكن مقارنة تكاليف المعيشة خلال السنوات الماضية مع الحد الأدنى للرواتب كما في الشكل التالي:
الشكل (4) الفرق بين تكلفة المعيشة والحد الأدنى للرواتب
يعاني قطاع الرواتب أسوة بباقي القطاعات في البلاد، والأكيد أن الموظفين لا يعتمدون بشكل رئيسي على رواتبهم التي لا تكاد تكفي عدة أيام، بل يعتمد هؤلاء على مصادر دخل متنوعة، كالحوالات المالية القادمة من الخارج، أو العمل بوظيفة ثانية في القطاع الخاص، بالإضافة لذلك قد يمتد الاعتماد على مصادر دخل غير مشروعة نتيجة الفساد المالي والرشاوى في الدوائر والمؤسسات الحكومية، أما بالنسبة للعسكريين بالرغم من الزيادات الخاصة بهم فهناك مصادر أخرى للدخل جميعها غير مشروعة، سواء عبر عمليات التعفيش أو الإتاوة وفرض الخوّة على المدنيين والسيارات التجارية العابرة على الحواجز، يضاف لها عمليات الفساد المالي المتعلقة بعمليات الشراء والعقود والمناقصات التابعة لوزارة الدفاع التي تشرف عليها لجان المشتريات في الوحدات العسكرية كل على حدا، وإن كانت هذه العمليات تتم بشكل أضيق نسبياً ويستفيد منها مجموعات محددة من الضباط وصف الضباط.
إن ما سبق ما هو إلا نتاج طبيعي في دولة ديكتاتورية، تضع كافة مواردها في خدمة الآلة العسكرية الخاصة بها، ولا تعمل على تهيئة دولة مدنية تنموية، وهو نتاج لبلاد مزقتها الحرب التي شنها النظام على الشعب السوري، وتظهر سياسة النظام بما يتعلق بالرواتب كسياسة واضحة المعالم يمكن تفسيرها بما يلي:
تعد هذه السياسة بمثابة إنذار للدول الحاضنة للاجئين باعتبار أن إعادتهم إلى كنف النظام مع وضع سلامتهم بعين الاعتبار، سيكون مصير القسم الأعظم منهم التطوع في المؤسسة العسكرية أو الالتحاق بالميليشيات المسلحة لأنه الباب الوحيد المقبول في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تعاني منها سورية.
فيما يلي سُلم الرواتب الخاصة بالمدنيين والعسكريين وقوى الأمن الداخلي، وذلك منذ آخر زيادة في عهد حافظ الأسد في عام 1994 وحتى عام 2022:
أسعار الصرف بين الرسمي والسوق السوداء
تكاد تكون أسعار الصرف مقابل الدولار ثابتة قبل عام 2011، لاحقاً بدأت تختلف مع مرور الزمن ، وبدأ يظهر اختلاف حقيقي بين سعر صرف الليرة بحسب المصرف المركزي، وسعر السوق السوداء. وفقدت الليرة السورية قيمتها أمام الدولار أضعافاً مضاعفة منذ عام 2011 وانعكس ذلك سلباً على القوة الشرائية، بالإضافة لزيادة معدلات التضخم، ويُلاحظ أن الفجوة بين سعر الصرف الليرة بحسب المصرف المركزي والسوق السوداء تزداد نسبياً بشكل مضطرد([23]). فيما يلي أسعار صرف الليرة مقابل الدولار بتاريخ صدور المرسوم التشريعي لزيادة الرواتب:
([1]) "القانون 50 لعام 2004، نظام العاملين الأساسي في الدولة"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 06 كانون الأول/ ديسمبر 2004، تاريخ الوصول: 20/10/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3hqpqbF
([2]) "المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 2003، قانون الخدمة العسكرية"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 21 نيسان/أبريل 2003، تاريخ الوصول: 14/01/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3GyL0Cq
([3])"المرسوم التشريعي 1 لعام 2012، قانون خدمة قوى الأمن الداخلي"، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 2 كانون الثاني/يناير 2012، تاريخ الوصول 16/05/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3lbG5hA
([4]) إحدى المعادلات الرياضية المستخدمة لحساب الرواتب بعد المرسوم التشريعي 44 لعام 2011: حيث يشير (J7) لقيمة الراتب بعام 2008:
=CEILING( IF((J7+1500)>10000;((((J7+1500)-10000)*20%)+(10000*30%))+(J7+1500);((J7+1500)*30% +(J7+1500)));5)
([5]) علي كنعان، "الركود في سورية"، موقع مفهوم، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3Cocmdu
([6]) المرسوم التشريعي 3 لعام 1994 الصادر بتاريخ 30/4/2000، المتضمن منح زيادة قدرها 30% من الراتب أو الأجر الشهري المقطوع إلى الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة لكل من العاملين المدنيين والعسكريين في الدولة.
([7]) لا تتضمن المراسيم التشريعية الزيادات الحاصلة على المعاشات التقاعدية.
([8])"راتب الطيران" هو راتب إضافي مخصص للضباط الطيارين، يضاف للراتب المقطوع ولا يعد جزء منه، ورد في المادة 87 من قانون الخدمة العسكرية، مصدر سابق.
([9])إن مبلغ الـ 8% الممنوح للعسكريين ليس زيادة على أساس الراتب، بل هو تحديد لمقدار التعويضات والعلاوات والمكافآت على أساس الراتب الشهري، وشكل لغطاً من هذه الناحية عند نشره.
([10])علي كنعان، مصدر سابق.
([11]) تغير اسم الوزارة عدة مرات بعد عام 2000.
([12])تم رصد أسعار المواد الأساسية التي تزامنت مع زيادة الرواتب، دون تتبع كافة الزيادات على أسعار تلك المواد التي كانت ترتفع باستمرار دون أن يكون هناك زيادة على الرواتب.
([13])محسن المصطفى: "المفاضلة بين الميليشيات والجيش: مؤشرات تزايد الارتزاق"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: 06 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، تاريخ الوصول: 20/10/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3DiG3gy
([14]) تُمنح رتبة الجندي في الجيش لمن تطوع بناءً على شهادة التعليم الأساسي.
([15]) تُمكن الأداة التفاعلية المدرجة في الموقع الإلكتروني من قيام المستخدم (القارئ) بتنفيذ المقارنات التي يريدها لكافة الفئات والرتب العسكرية بالشكل المناسب له.
([16]) تتم الإشارة لسعر الصرف بحسب المصرف المركزي بـ $F، بينما تتم الإشارة لسعر الصرف بحسب السوق السوداء بـ $B
([17]) المادة 68:أ: يحدد معدل الضريبة بما في ذلك إضافات الدفاع الوطني ورسوم المدارس وحصة البلدية والمساهمة النقدية في دعم التنمية المستدامة وفق الآتي:
4 بالمئة عن جزء الدخل الصافي الشهري الواقع بين الحد الأدنى المعفى و80٫000 ل.س. |
12 بالمئة عن جزء الدخل الصافي الشهري الواقع بين 170٫001 و200٫000 ل.س. |
6 بالمئة عن جزء الدخل الصافي الشهري الواقع بين 80٫001 و110٫000 ل.س. |
14 بالمئة عن جزء الدخل الصافي الشهري الواقع بين 200٫001 و230٫000 ل.س. |
8 بالمئة عن جزء الدخل الصافي الشهري الواقع بين 110٫001 و140٫000 ل.س. |
16 بالمئة عن جزء الدخل الصافي الشهري الواقع بين 230٫001 و260٫000 ل.س. |
10 بالمئة عن جزء الدخل الصافي الشهري الواقع بين 140٫001 و170٫000 ل.س. |
18 بالمئة عن جزء الدخل الصافي الشهري الذي يتجاوز 260٫000 ل.س. |
ب: يحدد معدل الضريبة بنسبة 10% عن كل دفعة مقطوعة.
المادة 69: ينزل من الدخل الصافي حد أدنى معفى من الضريبة وقدره 50٫000 ليرة سورية في الشهر.
([18]) لم يتم احتساب التعويضات والعلاوات لكلا الفئتين، باعتبار أن التركيز هو على الرواتب المقطوعة وعلى ضريبة الدخل.
([19]) مؤشر قاسيون: مؤشر لتكاليف المعيشة يصدر دورياً عن مجلة قاسيون التابعة لحزب الإرادة الشعبية ومقرها في دمشق.
([20]) " 3.5مليون وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية على أبواب الشتاء"، مجلة قاسيون، تاريخ النشر: 26 أيلول/سبتمبر 2022، تاريخ الوصول: 1/10/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3fN2SBl
([21]) "غريفيث لمجلس الأمن: 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر"، الجزيرة نت، تاريخ النشر: 28 تشرين الأول/أكتوبر 2021، تاريخ الوصول: 25/03/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3RUnLaK
([22])تتضمن رواتب الجيش الواردة رواتب الدرجات الأولى فقط، إذ أن لكل رتبة درجة راتب تتم ترقية العسكري إليها أثناء بقاءه في الرتبة لمدة معينة.
([23]) شمل هذا التعديل زيادة غير معلنة بشكل صريح على رواتب العسكريين.
([24]) شمل هذا التعديل زيادة غير معلنة بشكل صريح على رواتب العسكريين.
([25]) تم تعديل "راتب الطيران" ليتناسب والمهام الشاقة والخطرة التي يتعرض لها الضابط الطيار.
([26]) بما يخص سعر الصرف الرسمي تم الاعتماد على بيانات مصرف سورية المركزي (نشرة الحوالات) ، أما بيانات سعر صرف السوق السوداء، تم اعتمادها على الأداة التفاعلية التي قدمها كرم الشعار، (تملك الأداة منهجية خاصة بها لتحديد سعر صرف السوق السوداء)، رابط إلكتروني: https://www.karamshaar.com/exchange-rates
فَشِلت الكليات العسكرية التابعة لجيش النظام في استقطاب الأعداد اللازمة لاستكمال النصاب العددي للراغبين بالتطوع كضباط في صفوف قواته ([1])، حيث أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة بتاريخ 14 أيلول/ سبتمبر 2022 عن تمديد فترة فحص القبول للراغبين بالانتساب إلى الكليات العسكرية التابعة لها للمرة الثانية بعد أن سبق لها تمديد تلك الفترة لنصف شهر بتاريخ 29 آب/أغسطس الماضي، علماً أن هذه التمديدات الحالية في عام 2022 ليست الأولى، بل سبقها قرارات تمديد أخرى خلال السنوات القليلة الماضية ([2]).
تبدأ القيادة العامة للجيش عادة بالإعلان والترويج للانتساب إلى صفوف الكليات والمعاهد العسكرية بعد صدور نتائج الشهادة الثانوية وتستمر حتى بداية أيلول/ سبتمبر من كل عام ([3])، ومن يتم قبوله من الشباب أو الشابات، يلتزم بالكلية الحربية لمدة ثلاث سنوات قبل أن يتخرج منها برتبة ملازم تحت الاختبار، بمقابل خمس سنوات لطلاب الأكاديمية العسكرية على أن يتخرج منها برتبة ملازم أول مهندس.
خلال سنوات الثورة الأولى بدأ النظام ومن أجل تغطية النقص العددي الحاصل في صفوف قواته بزج طلاب الكليات الحربية بالعمليات العسكرية القريبة من مناطق تلك الكليات، كما قلص مدّة التخرج من ثلاث سنوات إلى سنتين من أجل الحصول على ضباط برتب صغيرة وبوتيرة أسرع وبالتالي يُسهم الضباط المتخرجون حديثاً بسد النقص العددي وبالأخص في سلك صف الضباط باعتبار الأخير عمود أي جيش، كما زاد النظام من عدد الطلاب المقبولين في الكليات عموماً من 1000 – 1200 سنوياً إلى 3500 – 5000، قبل أن تعود مدة التخرج والأعداد في السنوات الأخيرة لحالتها الطبيعية مع زيادة نسبية في عدد المقبولين.
بالمقابل كانت حركات التطويع والانضمام نشطة وبكثرة في صفوف قوات الدفاع الوطني والميليشيات الأخرى التي تم تأسيسها منذ منتصف عام 2011، وهو ما شكل حالة تنافس خفية ما بين المؤسسة العسكرية الرسمية والميليشيات الأخرى التي تعمل على استقطاب الشباب لصفوفها، وغالباً كان كل من لا يجد طريقه للكليات العسكرية يتوجه نحو التطوع في الميليشيات العاملة في سورية بما فيها تلك التي أسستها إيران.
عادت عمليات التطويع سواء في المؤسسة العسكرية أو الميليشيات بالنفع على النظام إذ استطاع الاستفادة من الموارد البشرية المتوفرة لدى الطرفين وتعبئتها لصالح العمليات العسكرية، إلا أن الاستفادة الحقيقية كانت بعد التدخل الروسي نهاية أيلول/سبتمبر 2015، وقيام روسيا بإعادة هيكلة بدأتها بالمؤسسة العسكرية أولاً ثم انتقلت لهيكلة الميليشيات حيث حلّت بعضها كميليشيا درع القلمون وصقور الصحراء وضمت بعضها للمؤسسة العسكرية ككتائب البعث التي تحولت للفيلق الخامس([4])، والقسم الآخر تم دعمه ليغير ولاءه من إيران نحو روسيا كلواء القدس الفلسطيني وغيرها ([5])، وهو ما دفع إيران أخيراً للتخلي عن مشروع الدفاع الوطني واستبداله بالدفاع المحلي([6]).
بعد مرور السنوات وبالأخص تلك التي شهدت أعنف المعارك القتالية، اكتشف عدد كبير ممن تعرض لإصابات بليغة أدت به للعجز كما اكتشف ذوو من قُتل مع الميليشيات أن لا حقوق تقاعدية أو تعويض إصابة أو قتل لهم من قبل مؤسسات الدولة، حتى أولئك الذين قاتلوا مع الميليشيات تمت مطالبة من لم يؤد الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية منهم بتأديتها([7])، وبالتالي فقد هؤلاء العديد من المزايا لصالح من تطوع ضمن المؤسسة العسكرية الرسمية، لاحقاً تم الالتفات إلى موضوع التعويضات واستطاع قسم من عناصر الميليشيات الاستفادة من التعويضات والحقوق الممنوحة، حيث أقر مجلس الوزراء تعويضاً شهرياً لمن أسماهم جرحى قوات الدفاع الشعبي([8]).
لاحقاً بعد انحسار العمليات العسكرية وتقلصها للحد الأدنى بالأخص بعد اتفاق آذار 2020 بين تركيا وروسيا، بدأت كتلة الموارد البشرية المتاحة للمؤسسة العسكرية بالارتفاع نتيجة دخول مناطق كثيرة ضمن نطاق المصالحات والتسوية أو نتيجة السيطرة العسكرية المباشرة على مناطق أخرى وهو ما أتاح للنظام التحاق عدد غير قليل بصفوف قواته، وبالتالي تم خلال السنتين الماضيتين إصدار عدة قرارات خاصة بالتسريح وإن لم تكن تنال رضى من خدم في صفوف قوات النظام لمدة 8 – 10 سنوات إلا أنها وضعت على الأقل حداً لمعاناتهم المستمرة([9])، بالمقابل انخفضت وتيرة الانضمام للميليشيات نتيجة انخفاض حدة المعارك ونتيجة الوضع القانوني غير المستقر للمنضمين لها.
إن المفاضلة الأساسية المتعلقة بالتطوع لصالح المؤسسة العسكرية أو لصالح الميليشيات تتمحور حول عدة دوافع أساسية تتضمن الراتب الذي يتقاضاه المتطوع والحقوق التقاعدية والبدل في حال مقتله، بالإضافة إلى مدى خطورة الوضع العسكري، وبالتالي تخضع عملية التطوع لهذه المفاضلة من أجل الوصول للقرار المناسب.
حالياً، ومع انخفاض حدّة المعارك بدأ عدد كبير من الشباب يفضل التوجه نحو التطوع في صفوف الميليشيات، حيث الرواتب أعلى والخطر أقل بالإضافة لوجود عدد أيام أقل للالتزام بها شهرياً في أماكن الخدمة مقارنة بالجيش، حيث تنتشر الدعوات المتعلقة بالتطوع في صفوف الميليشيات على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك) ضمن مجموعات مغلقة وهذه الدعوات ليست حصراً على الذكور دوماً، بل تتضمن بعضها قبول الإناث أيضاً، وعادة ما يكون شرط العمر ذا طيف واسع من 18 وحتى 55 عاماً.
تأتي هذه الدعوات بحزمة متكاملة تتضمن تسوية التخلف أو الفرار العسكري (يتم استثناء الفارين ببعض الدعوات) كما تتضمن عدد أيام الخدمة شهرياً والراتب بالإضافة لوضع الإطعام والإمداد اللوجستي، وتتضمن تلك الدعوات صراحة الاستفادة من الموارد المتاحة في مناطق الخدمة، كتعفيش الحديد الذي يتم انتزاعه من بيوت الأهالي الذين تم تهجيرهم أو من المواسم الزراعية كالزيتون أو الفستق الحلبي وحتى حطب الأشجار المتوفرة بالإضافة للإتاوة والخاوة التي يتم الحصول عليها على الحواجز العسكرية، كما أن الخروج من الالتزام مع الميليشيات أسهل كثيراً من أن يكون الالتزام بعقد مع الدولة وهي ميزة إضافية تُضاف للمفاضلة الواردة في الأعلى.
إن الدعوات المنتشرة للتطوع تُشير صراحة للجهة التي يتم التطوع بها كالأمن العسكري أو الفرقة 25، بمقابل دعوات لصالح ميليشيات أخرى، وبشكل عام تُشير قدرة دعوات التطوع ومن يقف وراءها على تسوية التخلف أو الفرار إلى قوة وارتباط الميليشيا بقيادة النظام، ولكن بأي حال لا يعتبر هذا التطوع رسمياً بشكل كامل، ويمكن وصفه بالتطوع الهجين.
تدفع الإغراءات الواردة بدعوات التطوع بالميليشيات إلى تفضيلها على المؤسسة العسكرية الرسمية، حيث يمكن المفاضلة على الشكل التالي ([10]):
تبدو هذه السياسة ضمن توجه النظام نحو عسكرة المجتمع السوري وتحويل العسكرة لمهنة رائجة ومنتشرة في صفوفه، ثم الاستفادة من هذ التحول نحو استخدام السوريين كمرتزقة داخلياً أو حتى خارجياً، إذ لم يعد خافياً التجارب السابقة لمشاركة السوريين كمرتزقة في الصراع الليبي إضافة لما يدور حديثاً حول مشاركة ومقتل عدد من أفراد الفرقة 25 مهام خاصة التابعة للجيش السوري على جبهة مدينة "خيرسون" الأوكرانية وهم يقاتلون بجانب القوات الروسية هناك، حيث تحدثت تقارير عن وجود ما يقارب 2000 مقاتل سوري في أوكرانيا، قامت روسيا بتجهيزهم وتدريبهم خصيصاً للمشاركة في غزوها لأوكرانيا([11]).
بجميع الأحوال لا يعني هذا أن هناك عزوفاً تاماً عن التطوع في المؤسسة العسكرية، حيث يفضل عدد من الشباب التطوع رسمياً من أجل الحصول على امتيازات عسكرية ومادية مستقبلاً، بحيث يمتلك الشاب شبكة غير رسمية ترعاه وتُسهم في قبوله ضمن صفوف إحدى الكليات العسكرية، ثم تُسهم لاحقاً في فرزه العسكري لمكان خدمة معين سواء في الأمن أو في وحدات عسكرية قيادية على أن يكون الولاء لا التعليم العسكري هو المعيار الأول من أجل الترقية في الرتب والمناصب، حيث لا ينظر هؤلاء المتطوعين للراتب على أنه دخلهم الوحيد شهرياً، ويمكن القول أيضاً أن التطوع كضابط بعد أن كان شبه محصور في طائفة معينة بات الآن أقرب لأن يكون محصوراً ضمن طبقة معينة تتمتع بالنفوذ والمال.
يُسهم النظام السوري بشكل مباشر بتحويل الشباب السوريين نحو الارتزاق العسكري وعرض بندقيتهم للإيجار حيث يفضل أغلب الشباب القاطنين في مناطق سيطرته التطوع في صفوف الميليشيات على حساب التطوع بالمؤسسة العسكرية الرسمية، حيث يُشير هذا إلى وجود خلل بنيوي وظيفي يُضاف إلى سلسة التدمير التي قام بتنفيذها النظام على مدار عقود، ويثبت يوماً بعد يوم فشل النظام في بناء مؤسسات فاعلة ووطنية، وغاية النظام هي العبور من عنق الزجاجة بأي تكلفة كانت على أن تُبقيه في سدّة الحكم بغض النظر عن أي نتائج أخرى.
([1]) "لم يسجل نصف العدد المطلوب.. النظام السوري يمدد فترة القبول في كلياته الحربية"، تلفزيون سوريا، تاريخ النشر: 28/9/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3CcFhRC
([2])"تمديد فحص القبول للراغبين بالانتساب إلى الكليات العسكرية"، وزارة الدفاع السورية، تاريخ النشر: 14/9/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3Ma3koV
([3]) "قبول دفعة جديدة من الشبان والشابات الراغبين بالانتساب إلى الكليات العسكرية"، وزارة الدفاع السورية، تاريخ النشر: 1/7/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3M7jteJ
([4]) عبدالله الغضوي، "روسيا تنهي مهمة إعادة هيكلة الجيش السوري.. بعد الفشل"، معهد الشرق الأوسط، تاريخ النشر: 20/7/2021، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3RxbDfL
([5]) "لواء القدس الفلسطيني: من الدعم الإيراني إلى الروسي"، المدن، تاريخ النشر: 5/2/2019، رابط إلكتروني: https://bit.ly/2IWWrdB
([6]) Navvar saban, “Factbox: Iranian influence and presence in Syria”, Atlantic Council, Publish Date: November 5, 2020, Link: https://bit.ly/3MfnmhR
([7])نصر إبراهيم، "القوات الرديفة من الفقر إلى القبر.. كيف عبث النظام بمصير الآلاف؟"، وكالة نورث بريس، تاريخ النشر: 6/1/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3UXvzvb
([8]) "زيادة بقيمة 20 ألف ليرة على التعويض الشهري لجرحى قوات الدفاع الشعبي"، رئاسة مجلس الوزراء، تاريخ النشر: 28/12/2021، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3fK32ZE
([9])"الأسد يصدر أمراً إدارياً بإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء للخدمة العسكرية لبعض فئات الجيش السوري"، روسيا اليوم، تاريخ النشر: 27/8/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3EiYmEA
([11]) "رصد أول مجموعة سورية تُقتل في أوكرانيا"، صحيفة ليفانت نيوز، تاريخ النشر: 5/10/2022، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3C7r7Bf
يجمع النظام السوري من الصفات والممارسات مع نظام "الأبارتهايد" أكثر بكثير مما يختلف معه أو ينفي عنه هذه الصفة، إذ مارس النظام السوري أشكالاً مختلفة من التمييز طوال فترة حكمه وما يزال.
تعود كلمة " الأبارتهايد" لأصلها في اللغة الإفريقية وتعني "الفصل" ويُشار لهذه الكلمة بشكل مفصلي عند الحديث عن نظام الفصل العنصري الذي كان قائماً في جنوب إفريقيا في الفترة الممتدة ما بين 1948 – 1994 قبل فشله وتحول جنوب إفريقيا لدولة ديمقراطية يتساوى فيه الجميع على الأقل من الناحية القانونية أما في التطبيق ما زالت عدة مشكلات موجودة ولم يتم تجاوزها بعد.
نكأت زيارة كانديث ماشيغو دلاميني نائب وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جمهورية جنوب إفريقيا لسوريا ولقاءها بشار الأسد الذاكرة حول نظام "الأبارتهايد" الذي عانت منه هذه السيدة قبل أكثر من 30 عاماً خصوصاً أنها لعبت دوراً أساسياً في النضال ضده عبر إنشاء لجنة دعم الآباء المحتجزين في ثمانينات القرن الماضي لإحباط تأثير اعتقال الناشطين المناهضين للفصل العنصري الذي قاده آنذاك نظام جنوب إفريقيا.
هذه الزيارة ولدت تساؤلاً جوهرياً، إذ كيف لمن عانى الظلم يوماً أن يعود حين يُنصفه القدر ليقف بجانب ظالم آخر يقود بدوره نظاماً ديكتاتورياً قتل مئات الآلاف وشرد الملايين من الشعب الذي يحكمه ويفترض به أن يحميه ويعمل على رفاهيته لا العكس.
قد يستغرب البعض وجه تشبيه النظام السوري بنظام الفصل العنصري "الأبارتهايد" الجنوب إفريقي أو حتى الإسرائيلي، خصوصاً أن الحالة السورية لا تنطبق تماماً على جنوب إفريقيا أو فلسطين المحتلة، فلا يوجد في سورية قانون يميز بين المواطنين بحسب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة على الأقل كما يدعي دستور 2012، كما أن كامل البيئة التشريعية والقانونية السورية خالية من التشريعات الصريحة التي تقوم بالتمييز بين المواطنين عدا تلك التشريعات الخاصة ببعض الطوائف الموجودة في سوريا، وهي تشريعات خاصة داخل تلك الطوائف ولا تعمم على غيرها.
إن الاختلاف بين الحالات السابقة لا ينفى تشابهها والاختلاف هنا شيء طبيعي، إذ لا يوجد أي نظام في أي دولة ينطبق تماماً على نظام آخر، ولكن قد يتشابه مع أنظمة حول العالم وإن كانت بعيدة آلاف الكيلومترات، وقد يُمارس أيضاً ما كانت تلك الأنظمة تمارسه على شعوبها من أجل البقاء في سدّة الحكم مُستنسخةً بذلك تجارب تلك الأنظمة وممارساتها الوحشية والقمعية.
يجمع النظام السوري من الصفات والممارسات مع نظام "الأبارتهايد" أكثر بكثير مما يختلف معه أو ينفي هذه الصفة عنه، إذ مارس النظام السوري كل أشكال التمييز العنصري ضد معارضيه وأذاقهم الويلات بمختلف أنواعها سواء القتل المباشر أو القتل تحت التعذيب والاعتقال والتهجير والمنع والقمع.
التمييز العنصري القائم في سوريا رغم أنه غير قائم على اللون أو الجنس وليس مشرعاً قانوناً كما هو الحال في "الأبارتهايد" الإفريقي إلا أنه يُطبق عُرفاً في عدد من مجالات الحياة العامة وعلى عدة مستويات سواء في الممارسة والسلوك أو في مؤسسات الدولة وذلك بحسب الحالة التي يُراد تطبيقه فيها، والأمثلة على ذلك كثيرة.
من ناحية الممارسة والسلوك هناك جرم ضد الإنسانية يتمثل بالفصل العنصري حين يقع أو عندما يُرتكب أي عمل لا إنساني أو وحشي (بصورة أساسية أي انتهاك جسيم لحقوق الإنسان) في سياق نظام مؤسسي من الهيمنة والقمع بصورة ممنهجة من جانب فئة عنصرية على فئة عنصرية أخرى، بقصد إدامة هذا النظام، أما من ناحية المؤسسات فهناك مناصب في الدولة تكون حكراً على طائفة واحدة وهذا تمييز على أساس ديني/ مذهبي، ومناصب أخرى يُمنع على فئة عرقية ما أن تتبوأها وهو تمييز قائم على أساس عرقي/ قومي.
يحكم سوريا منذ عام 1963 العسكر المنتمون إلى حزب البعث العربي الاشتراكي منذ انقلابهم آنذاك، واستخدم العسكر قانون الطوارئ لمدة 48 عاما قبل إلغائه في عام 2011 ثم استبداله بقانون مكافحة الإرهاب في عام 2012، كما أن حزب البعث الحاكم بقي لفترة طويلة في الحكم فضلاً عن تعيينه قائداً للدولة والمجتمع لعشرات السنين قبل إلغاء ذلك شكلياً في دستور 2012، واستمراره بالحكم بالوتيرة ذاتها حتى مع إسقاط تلك المادة من الدستور.
يُطبق نظام الفصل العنصري السوري بكثرة في المؤسسة العسكرية ويعلم الشعب السوري ذلك كأمر بدهي، بالإضافة لعدد من الدراسات البحثية التي سبق أن أكدت وجود مستويات عالية من الطائفية في المؤسسة العسكرية سواء في الجيش أو الأمن.
أما في مؤسسات الدولة فما زال لحزب البعث اليد العليا والطولى في التعيين بمناصبها، فالسواد الأعظم من الوزراء هم من البعث، والمحافظون الـ 14 جميعهم من البعث كما أن مجلس الشعب لعام 2020 يوجد من حزب البعث 166 عضوا بنسبة 66.4% من أصل 250 عضوا، وحتى المستقلون فالقسم الأعظم منهم بعثي برتبة "نصير"، أما بقية الأعضاء فهم أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ولهم 17 مقعداً بنسبة 6.8%، وينسحب هذا على السفراء والقائمين بالأعمال وحتى قادة الجيش أيضاً، مع العلم أن الاستثناءات القليلة الموجودة لا تشكل فرقاً بـ "الأبارتهايد" السوري.
مارس النظام السوري التمييز العنصري القائم على أساس قومي عرقي على عدد كبير من الكرد في شمال شرقي سوريا واستمر حرمانهم من الجنسية السورية لعدد طويل من السنوات حتى حين قام بشار الأسد بإصدار المرسوم التشريعي 49 لعام 2011 مدفوعاً بتهدئة الأوضاع وضمان عدم مشاركتهم في الثورة.
يهدد النظام السوري أيضاً جنسية ملايين السوريين بعد إصداره قانون الأحوال المدنية رقم 13 لعام 2021 وذلك بسبب مدة صلاحية البطاقات الشخصية التي حددها بـ 10 سنوات، ناهيك عن ولادة مئات الآلاف من السوريين في الداخل والخارج دون أن يتمكن ذووهم من تسجيلهم أصولاً في دوائر الأحوال الشخصية لأسباب عديدة.
من جهة ثانية استخدم النظام السوري انتزاع الملكية بشكل مكثف ضد معارضيه عبر مصادرة الممتلكات والأموال المنقولة وغير المنقولة لهم عبر إلقاء الحجز عليها، ثم قام النظام بتشريع القانون رقم 10 لعام 2018 الذي يلزم مالكي العقارات بتقديم ما يُثبت ملكيّتهم في غضون 30 يومًا فقط، وإلّا فإنهم سيخسرون ملكيّة هذه العقارات لصالح الدولة – تمَّ تمديد فترة السماح إلى سنةٍ بعد الضجَّة العالميّة التي أحدثها صدور القانون الأمر الذي يعني ببساطة مصادرة الأسد لجميع العقارات في المناطق المناهضة له.
استخدم النظام مجموعة كبيرة من الأدوات القائمة على التمييز العنصري بشكله السوري، وبالعودة سريعاً في ذاكرة الثورة السورية نجد أن المجازر التي تم ارتكابها في سوريا قائمة على أساس التمييز المذهبي كمجازر بانياس والحولة وداريا والقبير والتريمسة والتضامن وغيرها، بالإضافة لعمليات القصف الجوي الممنهجة التي تم تنفيذها على نطاق واسع ضد المناطق الثائرة.
يضاف لممارساته أيضاً عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بالإضافة للحرمان من حق العودة والتنقل، والحرمان من المشاركة السياسية والحق في تقرير المصير وعمليات النقل القسري نحو الشمال السوري تحت إطار ما سماها اتفاقات أو مصالحات وهي عمليات تغيير ديمغرافي ممنهجة، يعود الأساس فيها لضمان سيطرة فئة على فئة أو فئات أخرى.
يطبق بشار الأسد ونظام حكمه مستويات مختلفة من التمييز العنصري، ويعبر عنه ضمنياً حين يقول "خسرنا خيرة شبابنا وبنية تحتية كلفتنا كثيرا من المال والعرق لأجيال، صحيح؛ لكننا بالمقابل ربحنا مجتمعاً أكثر صحة وأكثر تجانساً" أو حين يقول "الوطن ليس لمن يسكن فيه ويحمل جواز سفره، وإنما لمن يدافع عنه ويحميه".
ففي المرة الأولى يحدد أنه ربح مجتمعاً متجانساً بعد قتله وتشريده للملايين وحرمانهم من مقومات الحياة الأساسية، ثم يحدد معايير الوطن بما يناسبه عبر تشريع الحرمان من المواطنة بمقابل منحها لمن ساهم في حماية نظام حكمه.
إن "الأبارتهايد" السوري يبدأ تطبيقه في حال المطالبة بالحرية أو بإسقاط النظام، ويطبق أحياناً على مجتمعات بكاملها، كما أنه يُطبق على أفراد بعينهم حتى لو كانوا من الفئة الموالية التي ينتمي إليها قادة النظام.
كان من الأجدى لمناضلة سابقة ضد نظام "الأبارتهايد" العنصري كالسيدة دلاميني أن تفكر بعدد من قتل وتعذب في سبيل حريته من جنوب إفريقيا إلى سوريا وهم عشرات الملايين، قبل أن تضع يدها بيد بشار الأسد، أو تسأله على الأقل عن آلاف الآباء الذين قتلهم تحت التعذيب أو غيبهم في سجونه.
أخيراً إن لم يكن النظام السوري نظاماً عنصرياً بالمفهوم الحديث لنظام "الأبارتهايد" العنصري فلا أعلم ماذا يكون! وبالتالي على المجتمع الدولي أن يعيد النظر في تعريف التمييز العنصري وتحديث "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" التي وقّع عليها النظام السوري مند أكثر من 50 عاماً.
في 1 كانون الثاني/ يناير 2018 أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد المرسوم رقم 1 للعام 2018، الذي نص على إجراء تعديل حكومي يشمل وزراء الدفاع والصناعة والإعلام، وعلى إثر هذا المرسوم تم تعيين العماد علي عبدالله أيوب الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة الأركان العامة وزيراً للدفاع، خلفاً للعماد فهد جاسم الفريج، في حين بقي منصب رئيس هيئة الأركان العامة شاغراً منذ ذلك الحين، بالرغم من الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد منذ عام 2011.
على الرغم من أن تراتبية رئيس هيئة الأركان العامة تأتي بالمستوى الثالث بعد القائد العام للجيش والقوات المسلحة(رئيس النظام) ووزير الدفاع، إلا أن هذا المنصب يعد من أهمّ المناصب العسكرية، بل حتى أهم من منصب وزير الدفاع، خصوصاً بما يتعلق بقيادة القوات والعمليات العسكرية وتنسيق العمل بين كافة صنوف القوات والوحدات العسكرية، البرية، البحرية، الجوية، كما أنه أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الدفاع العسكري، ويرأس اجتماعات لجنة الضباط في حال غياب القائد العام، ناهيك عن عدد كبير من المهام العسكرية الأخرى المناطة به.
عادةً ما يشغل منصب رئيس هيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة ضابط برتبة "عماد"، تتم تسميته بمرسوم من رئيس الجمهورية/ القائد العام للجيش والقوات المسلحة، كما يُعامل رئيس هيئة الأركان معاملة الوزير تماماً من حيث الراتب والتعويضات بحكم قانون الخدمة العسكرية وتعديلاته، وهو الضابط المرشح لتولي وزارة الدفاع لاحقاً، مع العلم أن كافة وزراء الدفاع منذ عام 1967 خدموا كرؤساء لهيئة الأركان العامة قبل تولي منصب الوزارة.
كان العماد علي أيوب، يشغل منصب رئيس الأركان منذ تموز/ يوليو 2012، قبل أن تتم تسميته وزيراً للدفاع في بداية عام 2018، ومنذ ذلك الحين يعد منصب رئيس هيئة الأركان شاغراً، وهي حالة لافتة لم يشهدها الجيش السوري منذ تأسيسه عام 1946. الأمر الذي أثار عدة تساؤلات حول كيفية إدارة عمليات عسكرية في عموم البلاد ضمن ظرف "حرب" دون وجود رئيس هيئة أركان يُدير تلك العمليات. وتُشير مصادر بأن الروس يتولون مهام رئيس هيئة الأركان المتعلقة بالعمليات العسكرية بالإضافة للإيرانيين، وذلك من خلال غرفة العمليات الروسية الموجودة في دمشق (مقر هيئة الأركان)، في حين يتولى وزير الدفاع مهام رئيس الأركان ذات الطابع الإداري، وبقدر ما يشير فراغ هذا المنصب الحساس ضمن الظرف القائم إلى وجود خلل كبير في سلسلة القيادة والأوامر؛ إلا أنه وبالوقت ذاته يدلل على أثر التدخل العسكري لحلفاء النظام في تلك السلسلة وعمق هذا التدخل، بشكل ساهم بكسر مركزية وبيروقراطية القرار العسكري للنظام لصالح حلفائه بأكثر المناصب حساسية وحيوية بالنسبة لإدارة العمليات العسكرية في سوريا، إذ تعد هيئة الأركان حلقة القيادة المركزية لـ "الجيش والقوات المسلحة"، حيث تُشرف على كافة الفيالق والفرق والوحدات العسكرية المقاتلة وتقود أعمالها وحركتها، كما تُشرف على عدد كبير من الإدارات والشُعبْ اللوجستية.
لطالما تم الحديث عن وقوع المناصب العسكرية والأمنية في سوريا تحت دوائر التأثير الروسية والإيرانية، وأن هذه المناصب تتوزع بحسب تأثير حلفاء النظام، وتأتي قوّة التأثير الروسي أولاً نتيجة لاختلاف طبيعة التدخل الإيراني عن الروسي في سوريا، ففي حين استثمرت إيران بتشكيلات عسكرية غير نظامية (ميليشيات) خارج إطار الجيش، قامت روسيا أولاً بإعادة هيكلة الجيش، وثانياً التخلص من الميليشيات غير النظامية خارج المؤسسة العسكرية، عبر دمجها أو حلّها لصالح فرض مؤسسة عسكرية مركزية قوية (تكون السطوّة بداخلها للروس)، ومع مرور الوقت، وزيادة مستوى التغلغل الروسي في سوريا وصلت دوائر التأثير في نهاية الأمر لمنصبي وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، حيث أُحيل العماد فهد جاسم الفريج للتقاعد على خلفية قضايا تتعلق بالفساد نتيجة استغلاله وجود ثغرة في قانون خدمة العلم، والتي تمّت معالجتها بطلب روسي، ليصار لاحقاً كما جرت العادة بتعيين رئيس هيئة الأركان بمنصب وزير الدفاع وتعيين أحد نواب رئيس الهيئة بمنصب رئيسها كما هو الحال سابقاً، مع بقاء منصب رئيس هيئة الأركان شاغراً كما أسلفنا، وذلك لأن قيادة القوات الروسية العاملة في سوريا قد ملأت هذا الفراغ وصادرت المنصب لنفسها، بالتعاون مع الإيرانيين.
يذكر أنه في بداية عام 2020 وخلال زيارته لدمشق قام الرئيس الروسي بوتين باستقبال بشار الأسد "خلافاً لأي بروتوكولات دولية" في مقر قيادة القوات الروسية، وشكلت الطريقة التي تمّ التعامل بها مع بشار الأسد ووزير الدفاع علي عبدالله أيوب من قبل روسيا مثاراً للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص طريقة إجلاس وزير الدفاع علي عبدالله أيوب في مقعد ثانوي داخل المقر.
يبدو أن منصب رئيس هيئة الأركان العامة أصبح حاله كحال عدد كبير من ألوية وأفواج قوات النظام "حبر على ورق"، وتمت إزالته من الوجود "الفعلي"، حتى أن تبويبي رئيس هيئة الأركان ونوابه الواردين في موقع وزارة الدفاع السورية تمت إزالتهما، كما أن جميع الاشاعات التي تم تداولها عن وجود صراع روسي إيراني على تعيين شخصية مقربة من أحد الطرفين بمنصب رئيس هيئة الأركان العامة هي غير واقعية، فالمنصب أكبر من أن يكون مكان للتنافس بين إيران وروسيا، فضلاً أن إيران أصغر من أن تنافس روسيا عليه، واكتفت بالتعاون مع الروس بالحدّ الأدنى لإدارة العمليات العسكرية من خلال غرفة العمليات بدمشق.
بالرغم من تنامي التأثير الإيراني والروسي في المؤسسات الأمنية والعسكرية في سوريا؛ إلا أن بشار الأسد كـ "رئيس للجمهورية وقائد عام للجيش والقوات المسلحة" ما زال يتحكم رسمياً بسلسلة القيادة والأوامر، لكن هذا التحكم الرسمي لا يعني السيطرة الكاملة على تعيينات سلسلة القيادة وتدفق الأوامر ضمنها، وقد يخضع للتوازنات مع الحلفاء بحسب ما تقتضيه الحاجة.
وبالتالي فإن وجود رئيس لهيئة الأركان هو حبيس الرغبة الروسية في تعيين رئيس جديد لها، علماً أن تعيينه يجب أن يصدر بمرسوم عن رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح القائد العام (يقترح لنفسه)، أما إن كان قد تقرر إزالة المنصب بالكامل فمن المفروض أن يرافق هذه الإزالة تعديل كامل في هيكلية الجيش والقوات المسلحة مع إعطاء دور أكبر لقادة الفيالق والفرق العسكرية، بالإضافة لتعديل نصوص قانون الخدمة العسكرية، أو حتى إصدار قانون جديد، خصوصاً أن هذا القانون قد خضع لأكثر من 20 تعديل منذ صدوره عام 2003.
المصدر مجلة "شؤون الشرق الأوسط": https://bit.ly/3qHxk2u
مع بداية الاحتجاجات الشعبية في سورية عام 2011، زجّ النظام السوري بالجيش والقوات المسلحة ضمن صراع مفتوح لقمع المتظاهرين بدايةً، ومن ثم مواجهة مقاتلي المعارضة المسلحة، الأمر الذي ساهم مع طول أمد الصراع العسكري بتأثر عدد كبير من الوحدات العسكرية بشكل مباشر، سواء على صعيد الموارد البشرية نتيجة الانشقاقات والهروب وعدم الالتحاق، مقابل مقتل وجرح وأسر عدد كبير من العسكريين، أو على الصعيد اللوجستي (معدات، مقرات، عتاد)، نتيجة العمليات العسكرية المتتابعة والضربات التي تلقتها تلك الوحدات من قبل مقاتلي المعارضة في سنوات الثورة الأولى. يُضاف إلى ذلك، تأثر تلك الوحدات بعمليات إعادة الانتشار التي قام النظام بها عبر توزيع وحداته العسكرية بشكل أفقي موسّع على مختلف المناطق السورية بعيداً عن أماكن انتشارها الأصلية،[1] وهو ما دفعه لتأسيس تشكيلات جديدة، عبر ضمّ وحدات مختلفة التبعية ضمن جسم عسكري جديد.
من جهة أخرى، تمكن حلفاء النظام (إيران، روسيا) بعد تدخلهم العسكري المباشر، من التأثير على الهيكلية العامة للجيش والقوات المسلحة بدرجات متفاوتة، ففي حين تمثل تأثير إيران بتشكيل ميليشيات خارج الهيكلية، ثم لاحقاً ضمّ ميليشيات محلية صغيرة نسبياً إلى فرق عسكرية تحظى إيران بنفوذ عسكري ضمنها. [2] بالمقابل، كان التدخل الروسي ذو تأثير أكبر وأعمق، حيث قامت موسكو بالإشراف على التدريب والتسليح ووضع الخطط العسكرية لأغلب قطعات وتشكيلات الجيش، بالإضافة إلى إعادة هيكلة وتشكيل بعض الوحدات العسكرية، واستحداث تشكيلات عسكرية جديدة ترتبط بها مباشرة.
أدى كل ما سبق إلى تعرض هيكلية الجيش والقوات المسلحة لتحولات عديدة،[3] على مستوى البنية ومراكز القوة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على سلسلة القيادة وتراتبية الأوامر العسكرية ضمن الشبكات الرسمية أو الشبكات غير الرسمية.
وعليه تسعى هذه الورقة إلى تقديم قراءة في سلسة القيادة ومسارات تدفق الأوامر ضمن الشبكات الرسمية وغير الرسمية، موضحةً تأثير حلفاء النظام على المؤسسة العسكرية السورية ككل، وذلك عبر "شكل تفاعلي" يسمح بتتبع مسار الأوامر عبر سلسلة القيادة ضمن أهم المناصب في الجيش والأجهزة الأمنية، إضافة إلى وزارة الداخلية. كما يقدم "الشكل التفاعلي" بطاقات تعريفية لقادة هذه الوحدات، ويوضح تابعية كل وحدة منها ضمن سلسلة القيادة والأوامر.
تتمثل نقطة الارتكاز وبداية سلسلة القيادة والأوامر الرسمية في بشار الأسد، كـ"رئيس للجمهورية والقائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة" بحسب المادة /105/ من دستور عام 2012،[1] ويرتبط به بشكل مباشر كلٌ من وزير الدفاع، العماد علي عبدالله أيوب. ورئيس مكتب الأمن الوطني، اللواء علي مملوك. ووزير الداخلية، اللواء محمد رحمون.
تتم كافة عمليات التعيين والترقية لقادة ومدراء ورؤساء وضباط مختلف وحدات الجيش والقوات المسلحة بما فيها الأجهزة الأمنية، عبر مراسيم وقرارات يصدرها بشار الأسد حصراً. وتتم وفق مستويين: الأول، روتيني بيروقراطي يتمثل بإصدار نشرات ترفيعات وتنقلات وتعيينات دورية وفق سلسلة القيادة والأوامر الرسمية،[2] واستشارة مكتب الأمن الوطني وأجهزة المخابرات، كلٌ بحسب اختصاصه دون أي تدخل من أجهزة ومؤسسات الدولة المدنية، بينما المستوى الثاني فيتم عبر إدارة توازنات العلاقة مع حلفاء النظام، وإجراء تعيينات تراعي تلك التوازنات.
وبالرغم مما توضّحه سلسلة القيادة من تراتبية في آليات اتخاذ القرار وإصدار الأوامر الرسمية، وفقاً للرتب والمناصب؛ إلا أن هذه التراتبية غير مُلزمة للأسد، والذي يتجاوزها في إصدار الأوامر لأي طرف كان، يساعده في ذلك الصلاحيات الواسعة الممنوحة له وفق الدستور والقوانين الناظمة لعمل الجيش والقوات المسلحة، إضافة إلى طبيعة وبنية النظام المركّبة (أمنية، عائلية، طائفية) والتي غالباً ما تجعل آلية صنع القرار ضمنها عملية يشوبها الكثير من الغموض.
مكتب الأمن الوطني وأجهزة المخابرات
يُمثل مكتب الأمن الوطني -وريث مكتب الأمن القومي- الذي يرأسه اللواء علي مملوك منذ تموز 2012، نقطة الربط الأساسية في عمل الأجهزة الأمنية، كما أنه يُشرف وينسق ويوجّه عملها،[3] ويلعب المكتب دوراً استشارياً رئيسياً لبشار الأسد في مختلف القضايا المتعلقة بالأمن الوطني والمفاوضات وغيرها من الشؤون الأمنية الداخلية والخارجية، بحكم إطلاعه المباشر على عمل الأجهزة الأمنية الرئيسية الأربعة باختلاف تبعيتها (شعبة المخابرات العسكرية، إدارة المخابرات الجوية، إدارة المخابرات العامة، شعبة الأمن السياسي).
تتبع شعبة المخابرات العسكرية لهيئة الأركان العامة بشكل مباشر، في حين تتبع إدارة المخابرات الجوية إدارياً لقيادة القوى الجوية والدفاع الجوي، وهذان الجهازان هما أقوى أجهزة المخابرات وأكثرها عدداً ويتبعان في نهاية الأمر "بشكل رسمي" إلى وزارة الدفاع. أما إدارة المخابرات العامة "أمن الدولة" فتتبع لرئاسة الجمهورية مباشرة، وهي في حالة تنسيق دائم مع مكتب الأمن الوطني. في حين أن شعبة الأمن السياسي تتبع إدارياً لوزارة الداخلية، ولكن ليس لوزير الداخلية أي صلاحيات فعلية في عملها، إلّا من النواحي الإدارية واللوجستية، بل هي من تراقب فعلياً وزارة الداخلية ابتداءً من وزير الداخلية وحتى أصغر عنصر فيها.[4]
بشكل أساسي، يتم تعيين رؤساء الأجهزة الأمنية الأربعة وغيرها من الأفرع التابعة لها، من قبل رئيس الجمهورية حصراً، دون تدخل من مؤسسات الدولة المدنية أو حتى اطلاعها بذلك. إن قادة جهازي المخابرات العسكرية والجوية هم من مرتبات الجيش حصراً، أما قادة جهازي المخابرات العامة والأمن السياسي قد يكون بعضهم مندوباً من وزارة الدفاع أو من وزارة الداخلية للعمل فيهما، وينطبق هذا على كافة الضباط العاملين في أجهزة المخابرات.
حالياً يقود هذه الأجهزة أربعة ضباط برتبة لواء، هم: كفاح ملحم، يقود شعبة المخابرات العسكرية. غسان إسماعيل، يقود إدارة المخابرات الجوية. حسام لوقا، يقود إدارة المخابرات العامة. غيث ديب، يقود شعبة الأمن السياسي. وجميعهم من خريجي الكلية الحربية، ويقود المخابرات العسكرية والجوية ضباط من الطائفة العلوية منذ تأسيسهما بالشكل الحالي في سبعينيات القرن الماضي، بينما المخابرات العامة والأمن السياسي قد يقودهما ضباط من الطائفة العلوية أو من طوائف أخرى.
وزارة الدفاع
يرأس وزارة الدفاع حالياً العماد، علي عبدالله أيوب، منذ بداية عام 2018، خلفاً للعماد، فهد جاسم الفريج، وتتم تسمية الوزير من قبل رئيس الجمهورية/ القائد العام للجيش والقوات المسلحة،[5] ولا يتدخل رئيس مجلس الوزراء بهذه العملية أبداً. ويشغل وزير الدفاع منصب نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وكذلك نائب أول لرئيس مجلس الوزراء، وعضو في القيادة المركزية واللجنة المركزية لحزب البعث الحاكم، وتُشرف الوزارة بشكل رئيسي على هيئة الأركان العامة وعلى عدد من المكاتب والإدارات التابعة لها، كما تُنسق مع وزارات ومؤسسات الدولة الشؤون المتعلقة بالجيش والقوات المسلحة، في الجوانب التي تتطلب هذا التنسيق.
هيئة الأركان العامة
عادةً ما يشغل منصب رئيس هيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة ضابط برتبة "عماد"، تتم تسميته بمرسوم من قبل رئيس الجمهورية/ القائد العام للجيش والقوات المسلحة، كما يعامل رئيس الأركان معاملة الوزير تماماً، بحكم قانون الخدمة العسكرية لعام 2003 وتعديلاته،[6] وهو الضابط المرشح لتولي وزارة الدفاع لاحقاً، مع العلم أن كافة وزراء الدفاع منذ عام 1967 خدموا كرؤساء لهيئة الأركان العامة قبل تولي منصب الوزارة.
كان العماد، علي أيوب، يشغل منصب رئاسة الأركان منذ تموز 2012، قبل أن تتم تسميته وزيراً للدفاع في بداية عام 2018، ومنذ ذلك الحين يعد منصب رئيس هيئة الأركان شاغراً، في حالة لافتة لم يشهدها الجيش السوري منذ تأسيسه عام 1946. الأمر الذي أثار عدة تساؤلات حول كيفية إدارة عمليات عسكرية في عموم البلاد ضمن ظرف "حرب" دون وجود رئيس هيئة أركان يُدير تلك العمليات، وتُشير مصادر بأن الروس يتولون مهام رئيس هيئة الأركان المتعلقة بالعمليات العسكرية بالإضافة للإيرانيين، وذلك من خلال غرفة العمليات الروسية الموجودة في دمشق (مقر هيئة الأركان) ،[7] في حين يتولى وزير الدفاع مهام رئيس الأركان ذات الطابع الإداري، وبقدر ما يشير فراغ هذا المنصب الحساس ضمن الظرف القائم إلى وجود خلل رئيسي في سلسلة القيادة والأوامر؛ إلا أنه وبالوقت ذاته يدلل على أثر التدخل العسكري لحلفاء النظام في تلك السلسلة وعمق هذا التدخل، بشكل ساهم بكسر مركزية وبيروقراطية قرار النظام العسكري لصالح حلفائه بأكثر المناصب حساسية وحيوية بالنسبة لإدارة العمليات العسكرية في سورية، إذ تعتبر هيئة الأركان الوحدة المركزية لـ "الجيش والقوات المسلحة" حيث تُشرف وتقود كافة الفيالق والفرق والوحدات العسكرية المقاتلة، كما تُشرف على عدد كبير من الإدارات والشُعبْ.
الفيالق والفرق والوحدات العسكرية
تتبع مختلف الفيالق والفرق والوحدات العسكرية ضمن سلسلة القيادة والأوامر إلى رئيس هيئة الأركان العامة، ويبين "الشكل التفاعلي" كيفية توزع الفيالق العسكرية الخمسة، وكذلك الفرق التابعة لها، بالإضافة إلى الفرق والشُعب والهيئات والإدارات العسكرية التي تتبع لهيئة الأركان العامة مباشرة دون التبعية لأحد الفيالق.
ويقود كافة الفيالق والفرق والإدارات حالياً - عدا الفرقة 18 - ضُباط من الطائفة العلوية ينحدرون من أربع محافظات هي (اللاذقية، طرطوس، حمص، حماه)،[8] كما أن منصب قائد الفيلق يكاد يكون منصباً إدارياً شكلياً، في حين أن قائد الفرقة يتمتع بقوة أكبر نظراً لقيادته المباشرة لوحدة عسكرية مقاتلة، وتختلف هذه القوة باختلاف تعداد الفرقة وطبيعة مهامها العسكرية.
من منظور آخر، ما زالت هذه الوحدات تُحافظ على تشكيلها الحزبي المرتبط بحزب البعث الحاكم حتى الآن، بما فيها من فروع وشُعب وحلقات،[9] ومازال يُحظر على العسكريين بشكل عام الانتماء السياسي لغير حزب البعث، بالرغم من إلغاء المادة الثامنة من الدستور.[10]
بالمقابل، فرض كل من التدخل العسكري الايراني والروسي تأثيره على مختلف الوحدات العسكرية وقادتها وضباطها، وكان لروسيا التأثير الأكبر والأوسع في عدد كبير من الوحدات كـ (الفيلق الخامس، الحرس الجمهوري، الفرقة 17، الفرقة 25، قيادة القوى الجوية والدفاع الجوي)، ووصل الأمر حتى اخترق المستشارون العسكريون الروس كافة الوحدات العسكرية بدءاً من الفرقة نزولاً حتى مستوى الكتيبة،[11] على عكس إيران التي اكتفت بعلاقات جيدة مع بعض قادة وضباط وحدات معينة نتيجة بعض المصالح مع قادة تلك الوحدات كـ (الفرقة الرابعة، الفيلق الرابع، الفرقة التاسعة) وبعض الأفرع في أجهزة المخابرات.[12]
خلاصة
يمكن القول أن سلسة القيادة والأوامر ضمن هيكلية الجيش والقوات المسلحة السورية، تأثرت بشكل كبير بعد العام 2011، وفق عدة متغيرات وعوامل على رأسها تدخل حلفاء النظام العسكري وأثره المتنامي يوماً بعد يوم، وبخاصة التأثير الروسي بشكل أكبر من الإيراني في بُنية الجيش والقوات المسلحة، ضمن دوائر تأثير رسمية وشبكات غير رسمية، الأمر الذي انعكس أحياناً بصيغة تجاوز الالتزام الرسمي بسلسلة القيادة والأوامر وكسر مركزيتها التقليدية، بشكل أدى إلى صعوبة فرض سيطرة كاملة وتحكم فعلي ببعض الوحدات العسكرية.
وبالرغم من تنامي التأثير الإيراني والروسي على المؤسسة العسكرية؛ إلا أن بشار الأسد كـ"رئيس للجمهورية وقائد عام للجيش والقوات المسلحة" ما زال يتحكم رسمياً بسلسلة القيادة والأوامر، لكن هذا التحكم الرسمي لا يعني السيطرة الكاملة على تعيينات سلسلة القيادة وتدفق الأوامر ضمنها، وقد يخضع للتوازنات مع الحلفاء بحسب ما تقتضيه الحاجة.
يسعى بشار الأسد قدر الإمكان إلى التقليل من تأثير حلفائه على المؤسسة العسكرية، ومحاولة الإيحاء بمركزية التحكم في سلسلة القيادة والأوامر– كما هو الحال قبل التدخل الروسي – وذلك عبر القيام بتعيينات دورية لعدد من قادة المناصب العسكرية، وبالتالي تخفيف أثر الشبكات التي يتم نسجها حول كل منصب. في حين يتمتع قادة أجهزة المخابرات باستقرار نسبي نوعاً ما في مناصبهم، نظراً لطبيعة الأعمال المُناطة بهم وصعوبة إيلاء تلك المناصب لأي من الضباط. بالمقابل لا تزال عمليات الترقية والتعيين تتم على أساس غير مِهنيّ وغير احترافي، بل يتحكم بها طبيعة الولاء الذي يعد فوق كل اعتبار، كما لا تزال العصبية الطائفية تخترق الجيش من أعلاه إلى أدناه.
من جهة أخرى، توضح سلسلة القيادة بكل تعقيداتها وطبيعة تدفق الأوامر ضمنها، جزء من آلية صناعة القرار ضمن بنية النظام السوري، كما تُشير هذه السلسة التي ترتبط في البداية والنهاية وتتقاطع لدى بشار الأسد كنقطة ارتكاز فيها، إلى مسؤوليته المباشرة عن القرارات المُتخذة بعد العام 2011، بما فيها الانتهاكات المرتكبة من قبل الجيش والأجهزة الأمنية بحق المدنيين وغيرها من المجازر الموثقة، إضافة إلى استخدام الأسلحة المحظورة دولياً بما فيها السلاح الكيماوي.
ملحق
وثيقة رقم (1): تظهر طلب مكتب الأمن القومي من وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية توجيه فروعها لتنفيذ أمر معين
[1] محسن المصطفى، "انتشار القوّات المسلّحة السورية: طريق اللاعودة"، توازن مؤشر العلاقات العسكرية المدنية، تاريخ النشر: 11\01\2021، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3lH1LDY
[2] "تحولات المؤسسة العسكرية السورية: تحدي التغيير وإعادة التشكيل"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، اسطنبول، تاريخ النشر: 31/8/2018، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3xuDoLR
[3] مصدر سابق.
[4] "دستور الجمهورية العربية السورية"، مجلس الشعب السوري، تاريخ النشر 7/7/2014، رابط إلكتروني: https://bit.ly/2GHAsHy
[5] تتم عملية التعيينات والترقية عادة عبر نشرات دورية نصف سنوية في نهاية شهري حزيران وكانون الأول من كل عام، كما أن عمليات التعيين في المناصب القيادية لا يُشترط أن تتم ضمن هذه النشرات.
[6] انظر الصور الموجودة في الملحق.
[7] على الرغم من أن شعبة الأمن السياسي نظرياً تُعتبر إحدى وحدات وزارة الداخلية في سورية؛ إلا أن وزير الداخلية ليس هو من يقترح تعيين رئيسها، وإنما يتم تعيين الأخير بمرسوم من رئيس الجمهورية وليس لوزير الداخلية أي دور في ذلك، كما لا يقوم رئيس شعبة الأمن السياسي برفع تقاريره الأمنية إلى وزارة الداخلية وإنما يرفعها مباشرة إلى مكتب الأمن الوطني أو رئيس الجمهورية أو إلى الجهات الأخرى الحكومية ورئاسة الوزراء والوزراء بشكل مباشر دون المرور على وزير الداخلية. للمزيد راجع: ساشا العلو، "وزارة الداخليّة في سورية..الواقع وضرورات الإصلاح"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: 22/01/2019، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3AhmX7t
[8] "المرسوم التشريعي 18 لعام 2003 قانون الخدمة العسكرية "، مجلس الشعب، تاريخ النشر: 21/04/2003، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3xJosJG
[9] "قانون الخدمة العسكرية "، مصدر سابق.
[10] رائد الصالحاني، "الأركان والدفاع مع الروس.. وحافظ مخلوف إلى الواجهة مجدداً"، المدن، تاريخ النشر: 19\01\2018، رابط إلكتروني: https://bit.ly/3fIDmtF
[11] محسن المصطفى، "مراكز القوة في جيش النظام 2020: "نهج الصفاء العلوّي"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: 13/3/2020، رابط إلكتروني: https://bit.ly/2VAtvz5
[12] بالعموم يوجد في الجيش 27 فرعاً لحزب البعث و212 شعبة حزبية و1656 حلق حزبية، للمزيد راجع: "المؤسسة العسكرية السورية في عام 2019: طائفية وميليشاوية واستثمارات أجنبية"، الصفحة 105، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر 1/7/2019، رابط إلكتروني: https://bit.ly/2VXn356
[13] "قانون الخدمة العسكرية "، المادة 134، مصدر سابق.
[14] يزيد صايغ، "الاعتبارات السياسية السورية تغلب على الإصلاحات العسكرية الروسية"، مالكوم كير – كارنيغي، تاريخ النشر: 26\3\2020، رابط إلكتروني: https://bit.ly/37uxzDD
[15] بناءً على تتبع التعيينات والتنقلات وطبيعة الارتباط مع كل من روسيا وإيران، على سبيل المثال يحظى العميد سهيل الحسن قائد الفرقة 25، برعاية روسية كاملة كما يحظى بحماية شخصية من قبل القوات الروسية؛ تملك ايران علاقة مميزة مع اللواء رمضان رمضان قائد الفيلق الرابع؛ أيضاً شهد الربع الأخير من عام2020 صراع روسي – إيراني بخصوص منصب قائد للقوى الجوية والدفاع الجوي حيث تم تعيين اللواء حسان علي بدلاً من اللواء أحمد بلول وإحالة الأخير للتقاعد ثم تم التراجع عن القرار لعدة أشهر قبل إنفاذه مرة أخرى لاحقاً بضغط روسي.
في ظل الاستعصاء الممنهج الذي اتبعه النظام وحلفائه في تعطيل مسار العملية السياسية لصالح الحل الصفري، شهدت مناطق سيطرة النظام السوري بتاريخ 19 تموز/ يوليو 2020 إجراء انتخابات تشريعية، لاختيار /250/ عضواً لمجلس الشعب من بين /1658/ مرشح نهائي،[1] تلاه أيضاً تشكيل حكومة جديدة، خلفاً لحكومة تسيير الأعمال التي ترأسها حسين عرنوس خلفاً لعماد خميس، ولكن التساؤل الأساسي، هل فعلاً ألغيت المادة الثامنة من الدستور ولم يعدّ حزب البعث العربي الاشتراكي الحزب القائد للدولة والمجتمع؟ وللإجابة على هذا التساؤل نستعرض نتائج تلك الهندسة لنقارنها مع المنهجية المتبعّة منذ تولي البعث السلطة في سورية.
بعد تأجيلها لمرتين متتاليتين بسبب جائحة كورونا، تم إجراء انتخابات أعضاء مجلس الشعب، ليتم لاحقاً إعلان أسماء الناجحين بعضوية المجلس بالمرسوم رقم /208/ لعام 2020،[2] حيث تضمنت قائمة الناجحين أسماء /166/ عضو عن حزب البعث الحاكم بنسبة 66.4% و/17/ عضو يمثلون أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية (عدا حزب البعث) بنسبة 6.8%، أما المستقلين فقد بلغ عددهم /67/ عضو بنسبة 26.8%، علماً أن من بين هؤلاء الأعضاء هناك /114/ عضو يتواجدون في المجلس للمرة الثانية على الأقل، أي أن المجلس يكرر نفسه بنسبة 45.6%، حيث يتوزع أعضاء مجلس الشعب على الدوائر الانتخابية تبعاً للمحافظات والانتماء السياسي كما يلي:
على الرغم من إلغاء المادة الثامنة "حزب البعث هو الحزب القائد للمجتمع والدولة " في دستور 2012،[3] إلا أن نسبة تمثيل حزب البعث الحاكم في مجلس الشعب ازادت بشكل مطّرد على مدار الأدوار التشريعية السابقة منذ عام 2003،على حساب تمثيل أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وقائمة المستقلين، حيث بلغت نسبة تمثيل حزب البعث 66.4 % أي نسبة ثلثي أعضاء مجلس الشعب، أما المستقلون فهم على الأغلب إما رجال أعمال أو قادة ميليشيات أو من الشبكات المرتبطة بالأجهزة الأمنية والميليشيات، وسبق أن تمّت تزكيتهم من قبل أجهزة الاستخبارات.
ضمن تلك النسب، وبافتراض أن الأعضاء المستقلون هم كتلة واحدة وغير متحزبة، فإن نسبتهم البالغة 26.8% لا تمكنهم بأن يكونوا كُتلة فاعلة، إذْ يكفي المجلس بحسب المادة 122 من نظامه الداخلي،[4] موافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاءه الحاضرين على أي تصويت بشرط ألا يقل عدد الموافقين عن ثلث أعضاء المجلس، وبالتالي لا يمكن للمستقلين تمرير أي شيء بمجلس الشعب كون نصابهم لا يحقق الثلث، بالطبع يستثنى من ذلك بعض المواد التي حدد لها الدستور نصاباً معيناً، على سبيل المثال: إن اقتراح اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى يحتاج لثلث أعضاء المجلس على الأقل وهي نسبة غير متوفرة للمستقلين، ناهيك عن طلب اتهامه الذي يحتاج لموافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس (وهي نسبة مضمونة بيد حزب البعث الحاكم ولا يمكن لهم التصويت ضد الأمين العام للحزب) لتتم محاكمته أمام المحكمة الدستورية العليا، فضلاً على أن رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى بحسب المادة /117/ من الدستور، بالإضافة إلا أن رئيس الجمهورية هو من يُسمي أعضاء المحكمة الدستورية بحسب المادة /141/ من الدستور، مع العلم بأن "الخيانة العظمى" لم تُعرف أصلاً لا في الدستور ولا في أي قانون.
اللافت أيضاً في هذه الانتخابات، مشاركة عسكريي الجيش والقوات المسلحة لأول مرة وبشكل واسع،([1]) علماً أنه لم يسبق أن شارك العسكريون في انتخابات مجلس الشعب أو الإدارة المحلية بالرغم من أن تعديل قانون الانتخابات العامة في شباط/ فبراير 2016 قد أتاح لهم حق الانتخاب،([2]) مع استمرار وقف حق الترشح طيلة وجودهم في الخدمة، وتم بالفعل إجراء انتخابات تشريعية في نيسان/أبريل 2016، وانتخابات إدارة محلية في أيلول/ سبتمبر 2018، بالطبع لم يذكر القانون الانتخابات الرئاسية والتي يسمح للعسكريين الترشح والانتخاب فيها، لتكون متوافقة مع شخص بشار الأسد "العسكري"، وتأتي خطوة مشاركة العسكريين من أجل زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات وزيادة الأصوات الانتخابية في صالح مرشحي حزب البعث الذي ينتسب إليه معظم أفراد قوات النظام.
عبر نظرة معمّقة على أعضاء مجلس الشعب "المنتخبين" وخلفياتهم،([3]) يتبين أن هناك: /21/ عضو من رجال الأعمال الذين يُشكل بعضهم واجهات تجارية تساعد النظام في التهرب من العقوبات الأمريكية والأوربية،([4]) وبعضهم على لائحة العقوبات بالفعل، /7/ أعضاء منهم ينتسبون لحزب البعث الحاكم و/14/ عضو من المستقلين، علماً أن هناك عدد منهم قادة ميليشيات موالية للنظام، وهم
أما الأعضاء الذين لديهم ميليشيات موالية أو يمثلونها، فقد بلغ عددهم /26/ عضو، منهم /13/ عضو ينتسبون لحزب البعث الحاكم، و/13/ عضو من المستقلين، حيث تنوّعت تلك الميليشيات التي يقودها أو يمثلها هؤلاء بين تلك المرتبطة بإيران أو روسيا أو تلك المحسوبة على أجهزة الاستخبارات العسكرية أو الجوية، والأعضاء هم:
أما أعضاء مجلس الشعب من الشبكات المدنية المرتبطة بالميليشيات والأجهزة الأمنية،[11] فقد وصل لــ /40/ عضو في المجلس، /19/ منهم ينتسبون لحزب البعث، و/2/ من أحزاب الجبهة الوطنية، و/11/ عضو من المستقلين، علماً أن هناك اثنان من هذه القائمة تدور حولهم شبهات بتجارة المخدرات وعمليات التهريب، وهم:
اللافت في هذه الانتخابات أيضاً، ارتفاع مستوى تمثيل أعضاء مجلس الشعب من الضباط المتقاعدين، ممن سبق لهم الخدمة في وزارتي الدفاع أو الداخلية، وذلك بالمقارنة بالأدوار التشريعية السابقة، حيث وصل /18/ عضو للمجلس، /17/ منهم ضباط متقاعدون، سبق لـ /10/ منهم الخدمة في جيش النظام، /9/ منهم ينتسبون لحزب البعث وعضو واحد ينتسب لحزب العهد الوطني، و/8/ آخرين خدموا في سلك الشرطة، /7/ منهم ضباط متقاعدون، أما العضو المستقل الأخير فهو مطرود من شعبة الأمن السياسي، ولكنه عضو في مجلس الشعب لخمسة أدوار تشريعية:
كما احتفظ أيضاً /11/ عضو من أعضاء اللجنة الدستورية عن النظام السوري بمقاعدهم في مجلس الشعب، /9/ منهم من أعضاء حزب البعث الحاكم، وواحد عن أحد أحزاب الجبهة الوطنية، والعضو الأخير مستقل، وتأتي إعادة ترشيحهم من أجل إرساء المزيد من "الشرعية" باعتبار أنهم أعضاء في مجلس الشعب، وهم:
وعلى ضوء ما سبق، يصبح توزع الأعضاء المرتبطين بالفئات السابقة على الشكل التالي:[12]
بتاريخ 11 حزيران/ يونيو 2020 أصدر بشار الأسد المرسوم /143/ القاضي بإعفاء عماد خميس من منصبه كرئيس لمجلس الوزراء، وتكليف حسين عرنوس بمهام رئيس مجلس الوزراء ريثما تتم انتخابات أعضاء مجلس الشعب،[13] بحكم أن الوزارة تعتبر مستقيلة دستورياً عند انتخاب مجلس شعب جديد، لاحقاً بعد صدور نتائج الانتخابات، قام بشار الأسد بإصدار المرسوم /210/ القاضي بتكليف عرنوس بتشكيل الحكومة،[14] ليعود ليصدر بعد أيام فقط المرسوم /221/ القاضي بتشكيل الحكومة والإعلان عن أسماء الوزراء البالغ عددهم 30 مع رئيس مجلس الوزراء.[15]
بلغت عدد الوزراء عن حزب البعث الحاكم /25/ وزير بنسبة /83.3/ % بعضهم أعضاء في القيادة المركزية واللجنة المركزية للحزب، في حين الوزراء الباقين وعددهم /5/ بنسبة /16.7/ % هم أعضاء من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية أو وزراء مستقلين، كما أن /53/ % من وزراء الحكومة الجديدة هم من وزراء الحكومة السابقة بما فيها الوزارات السيادية كالخارجية والدفاع والداخلية.[16]
بالرغم من أن الأسد كلّف حسين عرنوس بتشكيل الحكومة، إلا أن الأخير لا يملك من الأمر شيء ولا يحق له أصلاً تسمية أحد للوزارة، فـ"رئيس الجمهورية "يتولى تسمية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وقبول استقالتهم وإعفاءهم من مناصبهم"، بحسب المادة /77/ من الدستور، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فـ"رئيس الجمهورية يضع السياسة العامة للدولة ويشرف على تنفيذها في اجتماع مع مجلس الوزراء برئاسته"، كما أنه "يُعين الموظفين المدنيين والعسكريين وينهي خدماتهم وفقاً للقانون"، بحسب المادتين /98/ و/106/ من الدستور على التوالي.[17]
إن فشل السياسات الذي يُلقى على كاهل الحكومات والوزارات وأشخاص من يمثلونها، في كل أزمة تمر بها البلاد، في الواقع هو هروب مقصود لرأس النظام من تحمل المسؤولية، وإلقائها على عاتق "الحكومات" التي تعتبر موظفة في القصر الجمهوري وشريكته في الفساد ، ولا يجب أن يتم إلقاء اللوم على رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء، فرأس الهرم هو المسؤول والحزب الذي يفرض نفسه على الدولة والمجتمع مسؤول كذلك، أما المواطنين المتبقين في مناطق سيطرة النظام، لا يملكون من حق الاختيار شيء، وهم مجبرون على المشاركة في انتخابات مزيفة تفضي لديمقراطية مزيفة.
إن كل ما سبق، يظهر جزءً يسيراً من تركّز السُلطة بيد شخص واحد فقط، يملك كافة الصلاحيات، إلا أنه بذات الوقت غير مسؤول دستورياً، كما يظهر بذات الوقت استمرار اختراق حزب البعث لمؤسسات الدولة وعلى كافة المستويات، وأن إلغاء المادة الثامنة من الدستور ما هو إلى إلغاء صوّري لا أكثر، بل على العكس تماماً، فإن حزب البعث يكرّس ممارساته بقوة، فهو ممثل بنسبة 66.4 % من أعضاء مجلس الشعب، وكذلك 83.3% من وزراء الحكومة، وبالتالي ما زال يفرض نفسه كقائد للدولة والمجتمع.
إن الانتخابات والحكومة الأخيرة، تظهر بشكل جليّ السياسة التي يتبعها النظام، ففي حين يقول أنه تراجع عن قيادة الدولة والمجتمع، نجد أنه يقوم بلملمة قواعده بشكل أكبر، من أجل الاستحقاقات القادمة وعلى رأسها انتخابات رئاسة الجمهورية في العام القادم 2021، وحتى ولو أبصر الدستور المنبثق عن اللجنة الدستورية "المُعطلة" النور، فعلى الأكيد فإن الدستور الجديد سيُنتهك حاله حال من سبقه، وتبقى المشكلة الأساسية التطبيق لا النّص، أي أن نظام الأسد يقدم عملياً منهجه الرامي باستمرار احتكاره للسلطة صراحة وبكل وضوح، وبالتالي إبقاء باب الصراع مفتوحاً وتقويض فرص الحلّ السلمي.
[1] "عضو اللجنة القضائية للانتخابات: 1658 مرشحا يتنافسون على مقاعد مجلس الشعب السوري"، وكالة سبوتنيك، تاريخ 15/7/2020، رابط الكتروني https://bit.ly/3lzAHDd
[2] "بشار الأسد يصدر مرسوماً يتضمن أسماء الفائزين بعضوية مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث"، وكالة سانا للأنباء، تاريخ 30/7/2020، رابط الكتروني https://bit.ly/2GSjTIT
[3] "دستور الجمهورية العربية السورية"، مجلس الشعب السوري، تاريخ، 7/7/2014، رابط إلكتروني https://bit.ly/2GHAsHy
[4] "النظام الداخلي لمجلس الشعب"، مجلس الشعب السوري، تاريخ 6/8/2017 رابط إلكتروني https://bit.ly/37aOlc7
[5] "قواتنا المسلحة تشارك في انتخابات مجلس الشعب لدوره التشريعي الثالث"، قناة وزارة الدفاع السورية على يوتيوب، 19/7/2020، رابط إلكتروني https://bit.ly/3dkq04i
[6] "القانون 8 لعام 2016 تعديل قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014"، مجلس الشعب السوري، 23/2/2016، رابط إلكتروني https://bit.ly/3lGuLbI
[7] تم اعتماد هذه البيانات عبر رصد الباحث للانتخابات التشريعية، بالإضافة لمطابقة المعلومات الواردة فيها مع المعلومات التي نشرتها منظمة مع العدالة،
"أعداء الشعب السوري أعضاء مجلس الشعب السوري"، تاريخ 3/10/2020، رابط إلكتروني https://bit.ly/2GY2zlX
[8] يقصد برجال الأعمال إجرائياً وفق هذه الورقة: كبار التجار والصناعيين من أصحاب رؤوس الأموال والنشاط التجاري الواسع، الذين ساهموا بدعم النظام السوري وميليشياته والتهرب من العقوبات الأمريكية والأوربية، ولم يحتسب ضمنهم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
[9] بالإضافة لأنه نجل رياض عباس سفير النظام السوري في الهند فهو زوج ابنة منصور عزام وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية.
[10] هي زوجة كمال محمود قائد فوج الحوارث في قوات النمر، الذي قام بتكريمه اللواء جميل الحسن مدير إدارة المخابرات الجوية السابق.
[11] ويقصد بالشبكات المدنية المرتبطة بالميليشيات والأجهزة الأمنية إجرائياً وفق هذه الورقة: الأعضاء المدنيين المرتبطين بمجموعات ذات أنشطة داعمة للأجهزة الأمنية والميليشيات.
[12] أحياناً يجتمع في صفة عضو مجلس الشعب بأن يكون رجل أعمال وقائد ميليشيا أو عضو لجنة دستورية أو ضباط سابق.
[13] " الأسد يصدر مرسوماً بإعفاء رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس من منصبه وتكليف المهندس حسين عرنوس بمهام رئيس المجلس"، وكالة سانا للأنباء، تاريخ 11/6/2020، رابط إلكتروني https://bit.ly/36WZKMl
[14]"الأسد يصدر مرسوماً بتكليف المهندس حسين عرنوس تشكيل الوزارة"، وكالة سانا للأنباء، تاريخ 25/8/2020، رابط إلكتروني https://bit.ly/2T0BAZn
[15] "الأسد يصدر المرسوم رقم 221 لعام 2020 القاضي بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة المهندس حسين عرنوس"، وكالة سانا للأنباء، تاريخ 30/8/2020، رابط إلكتروني https://bit.ly/36YwPaE
[16] Karam Shaar," composition of syria's new government", Twitter, Date 30 September 2020, link https://bit.ly/34NCj5n
[17] الدستور، مصدر سابق.
تعتبر العقيدة العسكرية جزء أساسي في عملية بناء أي جيش واستثماره، كما تعتبر إحدى محفزات العسكريين، للاستمرار في عسكريتهم والخدمة بها على أكمل وجه، وعلى هذا الأساس تستثمر القيادات العسكرية حول العالم في هذه المفاهيم، من أجل ترسيخ الأفكار التي تراها مناسبة في عقول وضمائر العسكريين، وذلك لضمان تنفيذ المهام والأوامر دون أدنى تشكيك ودونما أي تردد، وكبقية جيوش العالم ومن المنظور الخاص بهذه الزاوية، حاولت القيادة السياسية/ العسكرية في سورية تأسيس عقيدة خاصة بالجيش السوري، إلا أن هذه العقيدة تغيّرت عدّة مرات قبل أن تصل لما هي عليه اليوم.
بشكل عام، فإن معنى كلمة "عقيدة"، يدل على ما عقد عليه القلب والضمير، كمبدأ، ويرتبط المعنى بالروحانيات والايمان الراسخ بقضية ما، أما "العقيدة العسكرية" فهي مجموعة من القيم والمبادئ الفكرية التي تهدف إلى إرساء نظريات العلم العسكري وعلوم فن الحرب، لتحدد بناء واستخدامات القوات المسلحة في زمن السلم والحرب بما يحقق الأهداف والمصالح الوطنية، وتختلف توظيفات هذه العقيدة بحسب الحاجة التي تفرضها محددات الأمن القومي، أو شكل الحكم القائم أو طبيعة المجتمعات الموجودة في الدولة.
في سورية، طرأ على مفهوم العقيدة في الجيش السوري عدّة تغيرات أهمها: تحوله من مفهوم الجيش الوطني إلى مفهوم الجيش العقائدي، وذلك بعد استيلاء حزب البعث على الحكم بتاريخ 8 آذار/ مارس 1963، حيث تم ربط الجيش السوري بعقيدة حزب البعث وأفكاره، كما تمت مصادرة إرادة الجيش لصالح الحزب طبقاً لما حصل مع الدولة نفسها، وسبق لحافظ الأسد القول: "إن جيشنا ليس جيشاً حزبياً ولا حزباً سياسياً، وإنما هو جيشٌ عقائدي مؤمن بعقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي ويعمل على ما تخططه القيادة المسلحة من أجل مصلحة الشعب".
أما التغير الثاني والذي يمكن القول بأنه انحراف عن المسار السابق، هو تغلغل فكرة القائد وتقديسه، والذي بدء بعد استيلاء حافظ الأسد على الحكم في سورية بعد انقلابه على رفاقه الحزبيين في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 1970، حيث استمر هذا التقديس بعد مماته وتوريث الحكم لبشار الأسد عام 2000.
بما يتعلق بحافظ الأسد، لا يمكن القول بأن الرجل لم يبذل جهوداً لسنوات، في سبيل استيلاءه على حكم سورية، والذي تم له لمدة 30 عاماً، ولاحقاً تمهيده توريث السُلطة لأحد أبناءه بشكل مماثل لما هو قائم في الدول الملكية في بلد يعمل بالنظام الجمهوري، إلا أن هذا التقديس حصل ويحصل عليه بشار الأسد، بالرغم من أنه مجرد وريث للسلطة فقط.
يملك الجيش السوري على المستوى العقائدي منظومة متكاملة من المفاهيم والكلمات المختلطة، بما هو حزبي "بعثي"، ومفاهيم اجتماعية تحمل في طياتها عدة طبقات مختلفة، يمتد بعضها حتى للاقتباس من الكتب المقدسة، وتغلفُ تلك المفاهيم بصمة بصرية واضحة (صور – رسومات – شعارات مكتوبة) تُسيطر على المشهد، وتشكل بمجموعها أساس العقيدة العسكرية (الجانب غير التقني) حيث يمكن استنتاج هذه العقيدة بالكلمات الموجودة على مداخل الثكنات العسكرية وجدرانها وقاعاتها ومكاتبها ومحارسها، كما تُسطر كلمات القائد وكلمات تقديسه بالإضافة لمفاهيم البعث في كل حيز يمكن استغلاله في سبيل ذلك، حتى الشعارات الصوتية الحماسية التي يتم ترديدها، فهي موجهة لشخص هذا القائد، وحتى إن تغير أو مات فالكلمات والرسوم والشعارات جاهزة من أجل خدمة القائد الجديد، وهو ما حدث ما بين حافظ وبشار الأسد، "بالروح بالدم نفديك يا......" على سبيل المثال.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فمن خدم في صفوف الجيش قبل عام 2011، يعلم جيداً كمية العبارات التي تقدس وتمجد القائد وتردد العبارات التي دأب ضباط التوجيه السياسي المنتشرون في الوحدات العسكرية على إلقاءها على مسامع الجنود، لا بل تتحول تلك العبارات لنظام معين مع النظام المنظم (المنضم) تملئ حناجر الجنود، وبالأخص الأغرار منهم والأمثلة كثيرة على ذلك، "لعيونك يا بو سليمان بدنا نحرر الجولان"؛ "موزوناً أمة عيد، أمة؛ عربية؛ واحدة؛ ذات رسالة خالدة؛ أو "الدورة نزلت عالساحة...تحيي أسد القرداحة"، "الجيش العربي السوري ، وحوش، وحوش، وحوش"؛ "موزوناً بشار عيد، بشار؛ بشار؛ عربية ؛ واحدة: وعلى ذات النهج يتم أحياناً استبدال "بشار" بـ "باسل" بالرغم من وفاته في عام 1994، وكأنما الأمة تختزل بشخص "القائد"، حتى أن الفرقة الرابعة لها عباراتها الخاصة والتي تمجد اللواء ماهر الأسد، حتى قبل أن يتم تعيينه قائداً للفرقة بشكل رسمي.
في المقابل هناك كم كبير من العبارات المُهينة التي يتلاقها الجنود من مرؤوسيهم أو حتى ممن هم أقدم منهم من الجنود، وهذه العبارات يطال بعضها الذات الإلهية ولا مشكلة في ذلك لديهم، طالما أنها لا تطال مقام القائد، بالإضافة لمحاولة الكثيرين تقليد لهجة أهل الساحل كونها اللهجة المتعارف عليها للعلويين، في محاولة منهم لإضفاء القليل من "الواسطة" لأنفسهم والإيحاء بأنهم من أبناء البيئة الموالية.
بالطبع بعد بداية الثورة عام 2011 سرعان ما انهارت تلك العقيدة، عند الآلاف الذين أنشقوا عن الجيش، بالمقابل ظهرت حقيقة تلك العقيدة في صفوف من بقي في ذلك الجيش، الذي تحول اليوم إلى خليط من بقية الجيش وعدد كبير من الميليشيات المحلية والأجنبية، حيث رافق تلك الفترة انتشار الكثير من عبارات التحدي للشعب كعبارات "الأسد أو لا أحد"؛ "الأسد أو نحرق البلد"؛ "حاربوك ونسيوا مين أبوك"؛ "إن عدتم عدنا" وهذه الأخيرة مقتبسة من الآية الثامنة من سورة الاسراء ولا مشكلة في الاقتباس من القرآن الكريم طالما أنه يخدم غايتهم.
وطن؛ شرف؛ إخلاص، ثلاث كلمات هي شعار الجيش السوري منذ تأسيسه، ويتم وضعها على سواعد العسكريين بمختلف اختصاصاتهم ورتبهم، كما أنها موجودة على أعلام الجيش السوري والقوى الرئيسية إلا أن الواقع يقول أن الجيش يفتقر لهذه الكلمات في ممارسته العملية، حتى عبارة "حماة الديار" والتي يبدأ بها النشيد الوطني خص بها نفسه دون غيره وجيرها في خدمته، علماً أن القصيدة كتبها الشاعر خليل مردم بك في عام 1936، أي قبل عشرة سنوات على تأسيس الجيش السوري، وعلى الرغم من مرور عشرين عاماً على موت حافظ الأسد، ما زالت عبارة "لعيونك يا بو سليمان" تصدح في الحناجر ولكن لا الجولان تحرر ولا بقي "الأسد للأبد" في ظل وجود سورية تحت احتلال قوات من سبعة دول أجنبية على الأقل وعشرات الميليشيات العابرة للحدود.
المصدر السورية نت: https://bit.ly/3gM45Vc
الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بدر ملا رشيد قال لـ”السورية.نت” إن تفعيل الحركة التجارية على طريق “M4” جاء بعد محادثات جرت بين تركيا وروسيا لفتح الطريق، وهو ما صرحت به شخصية روسية عسكرية من مطار القامشلي قبل عدة أيام.
وأضاف الباحث: “ترافق تصريح الشخصية الروسية مع إعلان رئيس مجلس بلدة تل تمر الواقعة تحت سيطرة قوات قسد بإن الطريق سيتم تفعيله من جديد بتاريخ يوم أمس، أمام المدنيين والسيارات الخاصة، بمرافقة دوريات روسية”.
موضحاً الباحث بدر ملا رشيد أن عملية إعادة تفعيل الطريق تأتي لأسباب عدة بالأخص من جهة موسكو.
ومن بين الأسباب، بحسب رأيه هي “سعي موسكو لجعل الطريق الدولي سالكاً بمعظمه، سواءً كان شرق الفرات أو غرب مدينة حلب، وما يمثله الأمر من بسط سيطرتها وسيطرة النظام بشكلٍ آخر على شبكة الطرق السورية الدولية”.
مضيفاً: “يكمن السبب الآخر في توجه روسيا لبسط نفوذها في المنطقة بشكلٍ أكبر، بعد حدوث محاولات للولايات المتحدة للقيام بإعادة إنتشار جديدة فيها، كما تقوم موسكو عبر القيام بدور الضامن سواءً كان في فترة الحرب أو فترة المهادنة بزيادة اعتماد الإدارة الذاتية وقوات قسد عليها في عموم مناطق شرق الفرات، وبالأخص مناطق شرق القامشلي حيث يخف التواجد الأمريكي”.
رابط المصدر: https://bit.ly/2XD9Mfj
منذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة في البلاد، بدأ بإنشاء وحدات عسكرية وأمنية من شأنها حمايته من أي انقلاب آخر،([1]) وتابع ما بدأه سابقاً صلاح الجديد بإزاحة الضباط السُنة وتفكيك كتلهم وكذلك تفكيك الكتلة الدرزية، وإزاحة المعارضين له أو حتى تصفيتهم وهو ما حدث لاحقاً مع جديد نفسه ومحمد عمران بل وحتى مع رفعت شقيق حافظ الأسد، ومع عدد آخر من الضباط التاريخيين في الجيش السوري، كما قام حافظ الأسد بإسناد قيادة الوحدات النوعية في الجيش لضباط من أقاربه وعشيرته وطائفته بحسب أهمية تلك الوحدات وتوزعها الجغرافي المؤثر وبالأخص في نطاق العاصمة دمشق وما حولها، واتبع الأسد في تصميم ثالوث القيادة في الوحدات العسكرية (قائد الوحدة ورئيس أركانه وضابط الأمن) على معايير التنوع الطائفي مع ضرورة وجود علوي على الأقل في كل ثالوث باستثناء بعض أجهزة المخابرات العسكرية والجوية وبعض الشبكات العسكرية الأمنية كالفرقة الرابعة والحرس الجمهوري ووحدات المهام الخاصة، وسار على ذات النهج بشار الأسد.
لعب الجيش السوري دوراً أساسياً في المحافظة على نظام الحكم القائم في سورية منذ عقود، وأثبت الجيش مرّة وراء أخرى بأنه الموالٍ الأقوى والأكبر للنظام الحاكم، وذلك بالرغم من كمية الانتكاسات التي تعرض لها على سواء على الصعيد الخارجي منذ نكسة حزيران عام 1967 وأيلول الأسود 1970 وحرب تشرين 1973، ولبنان 1982، أو على الصعيد الداخلي عبر تدخل الجيش لصالح النظام في حماه ثلاث مرات على التوالي 1965 – 1982 – 2011،وغيرها في القامشلي وأحداث درعا والسويداء خلال السنوات الأولى من حكم بشار الأسد، وكذلك انخراطه التام لصالح النظام منذ بداية الثورة السورية عام 2011 والذي يعتبر أكبر نكسة لهذا الجيش والتي أدت لخلق تصدعات كبيرة ومتنوعة أفقدته كلياً الحياد وحتى القدرة على استملاك هذا الحياد، ولولا التدخل الخارجي سواء الإيراني أو الروسي لكان الجيش ومن خلفه النظام السوري من الماضي.
تاريخياً، مرّ الجيش السوري بعدة تحولات أوصلته لما هو عليه، بداية تحويل عقيدته من مفهوم الجيش الوطني لمفهوم الجيش العقائدي وذلك بعد استيلاء حزب البعث العربي الاشتراكي على الحكم بما يُعرف بثورة الثامن من آذار 1963، ولاحقاً بعد استيلاء حافظ الأسد على السلطة بانقلاب عسكري عام 1970 بما يُعرف بالحركة التصحيحية، وهذه النقطة التاريخية الفاصلة - وإن سبقها ارهاصات ضمن اللجنة العسكرية – تمثلت في وصول أول رئيس "علوي" للحكم في سورية الحديثة منذ الاستقلال، علماً أنه سبق له الوصول لمنصب وزير الدفاع قبل ذلك بعام 1966، ولتبدأ بعدها حقبة مليئة باستثمار الطائفية حتى يومنا هذا.
أن تقوية الانقسام الطائفي في سورية بدأ في السبعينات، على خلفية الصراع بين حركة الأخوان المسلمين والنظام السوري، والذي وصل ذروته بعد عام 1982، حيث زادَ من اعتماد حافظ الأسد على أقربائه وأبناء طائفته، وبالتالي زيادة في الطبيعة العلوية لنظام، حيث كان هناك من بين 31 ضابطاً عُينوا من قبل حافظ الأسد في قيادة الجيش السوري (في الفترة الممتدة ما بين 1970 إلى 1997) ما لا يقلّ من 61.3% من العلويين في قيادته منهم 8 ضباط من عشيرة حافظ الأسد و4 من عشيرة زوجته، وبالتدقيق تبين أن 7 من هؤلاء 12 من أقرباء الأسد المباشرين، ومما ساهم في انتصار العلويين النهائي في تلك الحقبة هي أنهم ركزوا على الوحدات الضاربة القوية التي كانت ذات صلة مباشرة بالقيام بالانقلابات العسكرية أو إفشالها، ونجحوا في السيطرة عليها، وتلك الوحدات هي أسراب الطيران ووحدات الصواريخ والألوية المدرعة في العاصمة وحولها، فضلاً عن قوات المخابرات والمخابرات المضادة.([2])
يبدو جلياً أن هذه السياسية ما زالت متبعة حتى بعد مرور خمسة عقود من الزمن على تولي آل الأسد الحكم في سورية، حيث يسيطر العلويون على 100 % من أهم 40 منصب قيادي في الجيش السوري، بالإضافة لاحتفاظ بشار الأسد بقيادة الوحدات النوعية ضمن أبناء القرداحة أو ممن ينتمون لعشيرته أو لعشيرة أخواله.([3])
وهذا ما ساهم في بلورة سبباً رئيسياً في سخط الضباط "السنة" حيث كان التحيّز الطائفي مركزياً في استراتيجية بقاء النظام السوري، وبالتالي بقي سلك الضباط السوريين يميل لصالح العلويين طوال العقود الماضية. وهذا يعني أن الضباط السنّة كانوا تحت مستوى التمثيل في جميع مستويات سلك الضباط، وبالتحديد في المناصب العملياتية والاستخباراتية. كان الإحباط متفشياً بشدة بين الضباط السنّة من ناحيةٍ مهنية، وضاعفَ من اغترابهم عن النظام ما أدركوه من إهمال متعمدٍ للجيش لصالح الوحدات الخاصة العلوية. كما تفاقمَ سخطُ الضباط السنّة بسبب الأخلاقية المعادية للدين، المتفشية داخل المؤسسة العسكرية، وسطَ انهيار مصداقية مزاعم النظام العروبية. إن انشقاق الضباط السنّة في أعقاب التحركات الشعبية عام 2011، يعكس اغترابهم عن النظام،([4]) جنباً إلى جنب مع رفضهم لذبح المدنيين، ومعظمهم من المسلمين السنة، من أجل الدفاع عن النظام. من جهة أخرى ساهمت "العلوية العسكرية" في بقاء الجيش متماسكاً وموالياً منذ عام 2011 أن غالبية الضباط ينحدّرون من الطائفة العلوية، ([5])
عموماً؛ تتضافر عدة عوامل في صعود العلويين داخل المؤسسة العسكرية ليتمكنوا من الهيمنة الحاسمة على الجيش ابتداءً من النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي، حيث بدأ الملمح العلوي داخل القوات المسلحة بالتمظهر منذ أحداث الثمانينات، إذ حفزت تلك الأحداث مشاعر الخوف وعدم الاطمئنان لدى العلويين ودفعتهم للانضمام أكثر للقوات المسلحة وعزز هذا الميل بيئة اجتماعية محفزة للتطوع وشبكات حماية وانتشار داخل المؤسسة العسكرية عمادها الأقارب والأصدقاء والمعارف، وتسهيلات تمنحهم أفضلية في القبول بالكليات الحربية بمقابل انخفاض تدريجي في نسبة المتطوعين السنة. ([6])
ثالوث القيادة بعد عام 2011: نحو "العلونة" سر
قبل عام 2011؛ تكوّن الجيش السوري تاريخياً من ثلاثة فيالق عسكرية في القوات البرية تضم 12 فرقة عسكرية أساسية إضافة للحرس الجمهوري والقوات الخاصة وحرس الحدود، بالإضافة لفرقتين جويتين وفرقتين دفاع جوي وعدة ألوية في القوات البحرية ناهيك عن عشرات الإدارات والوحدات العسكرية والألوية المستقلة وغيرها، وكانت تتوزع المناصب الأساسية في تلك الفرق والوحدات والإدارات على مختلف الطوائف الموجودة في سورية ضمن ثالوث القيادة مع وجود تفضيل لاستلام ضباط علويون لقيادة مناصب معينة دون الالتزام بهذا الثالوث. واستمر منهج "ثالوث القيادة" كمعيار ناظم لتصميم قيادة الوحدات العسكرية حتى قبل بداية الثورة السورية بعام 2011، إلا أنه بعد بداية الثورة السورية، زجت قيادة النظام بوحدات معينة من الجيش السوري في الأحداث الدائرة، واعتمدت بداية على وحدات معروفة بولائها الطائفي له، ومع تزايد حدّة الاحتجاجات الشعبية وفشل الأجهزة الأمنية في مهامها، تزايد بشكل مطرد دخول وحدات أخرى من الجيش، ونتيجة لممارسات وحشية قام بها الجيش بدأت تظهر حالات انشقاق عن الجيش السوري وازدادت وتيرتها بشكل ملحوظ مع كل انتشار جديد للوحدات العسكرية، وتركزت حالات الانشقاق خصوصاً ضمن صفوف العسكريين من السُنة بمختلف فئاتهم سواء من ضباط أو صف ضباط أو حتى أفراد في الخدمة الإلزامية بالتزامن مع عزوف شبه تام عن الالتحاق بالجيش على صعيدي الخدمة الإلزامية أو الخدمة الاحتياطية.
ومع هذه الانشقاقات بدأ ثالوث القيادة بالتصدع لصالح تولي ضباط من الطائفة العلوية المناصب القيادية في الجيش السوري بشكل أكبر من السابق، وليس في الصف الأول فقط بل امتد هذا التصدع ليشمل بقية الصفوف وبشكل ملحوظ، وبدا مع كل نشرة تعيينات أو حتى من دونها تحول الجيش لمؤسسة "علوية" همها الأوحد الحفاظ على النظام الحاكم وبالأخص في المناصب القيادية في الجيش، وذلك بغض النظر عن وجود عناصر من مختلف الطوائف مع غلبة لعناصر الطائفة العلوية سواء بالضباط أو صف الضباط والأفراد علماً أن الطائفة العلوية لا تكاد تتجاوز نسبتها 10% بالنسبة لسكان سورية، وكلّ ذلك جاء نتيجة تجيش الطائفة العلوية خوفاً من سقوط النظام وتبعاته المفترضة عليهم.
والجدير بالذكر هنا أنه بعد سلسة من التحولات نتيجة الصراع الدائر منذ 2011 وتدخل قوى أجنبية لصالح النظام السوري، ومع تدخل عسكري روسي مباشر حتى في بنية الجيش السوري، أصبح الجيش السوري يتألف من خمسة فيالق عسكرية في القوات البرية تضم 17 فرقة عسكرية أساسية إضافة للحرس الجمهوري والقوات الخاصة وحرس الحدود في القوات البرية في حين حافظت القوى الجوية والدفاع الجوي والقوى البحرية والدفاع الساحلي على بُنيتهما السابقة، مع تغييرات بسيطة على بقية الوحدات والإدارات والألوية المستقلة، كما أدى الصراع مع قوى المعارضة لخروج عدد من الألوية والوحدات العسكرية عن الخدمة بمقابل تأسيس وحدات جديدة خارجة عن المألوف والعرف العسكري، بالإضافة للاستعانة بعدد من الميليشيات الأجنبية والمحلية والتي تحمل في أغلبها أيدولوجيا شيعية كحزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية، يضاف لها ميليشيات تقاتل مع النظام بطابع قومي عروبي بحجة أن النظام عروبي مقاوم، والتي سعى الجيش السوري لضم بعضها ضمن صفوفه، وبالأخص ضمن وحدات الفيلق الخامس والفرقة الرابعة والحرس الجمهوري.
تختلف الأسباب التي أوصلت الجيش السوري لحالة عالية من العلونة، وبالطبع هذه العلونة موجودة على مستوى القيادات أو على مستوى الممارسة الفعلية في صفوف الجيش وبالعودة لتلك الأسباب فيمكن إجمالها بأسباب تاريخية كالأساس الذي بني عليه الجيش منذ قضية وحدات المشرق الخاصة، وبأسباب تتعلق بوصول حزب البعث العربي الاشتراكي عبر انقلاب عام 1963 وسيطرة الضباط البعثيين من الأقليات الطائفية في سورية على مجلس قيادة الثورة؛ والصراع مع حركة الاخوان المسلمين. وحادثة مدرسة المدفعية في حلب. وصولاً لأحداث الثورة السورية منذ 2011. ومن جهة أخرى تبرز عدة أسباب في تنامي هذه المنهجية كممارسة الاقصاء على منتسبي الكليات الحربية من مختلف الطوائف ومن ضمنها السنة، بمقابل زيادة نسبة منتسبي العلويين في سلك الضباط. وعزوف "السّنة" عن التطوع في سلك الضباط نتيجة الشعور السائد بأن أعلى رتبة قد يصل إليها الضابط السني هي رتبة عقيد، في حين أن الحظ سيكون حليف القلة القليلة أصلاً في تجاوز هذه الرتبة.
قادة الجيش في نشرة 2020: علوية خالصة
يوضح الجدول التالي التوزع الطائفي والمناطقي لأهم أربعين مركزاً قيادياً في الجيش السوري حالياً، مدعوماً بأسماء ومناطق هؤلاء الضباط من القائد العام ووزير الدفاع مروراً بقادة الفيالق وقادة التشكيلات والفرق العسكرية وصولاً لبعض المراكز القيادية الأمنية والقيادية الحساسة في الجيش السوري.([7])
م |
الرتبة |
الاسم |
المنصب |
المحافظة |
المنطقة |
البلدة |
الانتماء |
ملاحظة |
1 |
الفريق |
بشار حافظ الأسد |
القائد العام للجيش والقوات المسلحة/ رئيس الجمهورية |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
تم اعتماد الأصول |
|
2 |
العماد |
علي عبد الله أيوب |
وزير الدفاع |
اللاذقية |
اللاذقية |
البهلولية |
علوي |
|
3 |
اللواء |
كفاح محمد ملحم |
رئيس شعبة المخابرات العسكرية |
طرطوس |
دريكيش |
جنينة رسلان |
علوي |
|
4 |
اللواء |
غسان جودت اسماعيل |
مدير إدارة المخابرات الجوية |
طرطوس |
دريكيش |
جنينة رسلان |
علوي |
|
5 |
اللواء |
علي أحمد أسعد |
قائد الفيلق الأول |
حمص |
تل كلخ |
المخطبية |
علوي |
|
6 |
اللواء |
طلال مخلوف |
قائد الفيلق الثاني |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
من عائلة والدة الأسد |
|
7 |
اللواء |
حسن محمد محمد |
قائد الفيلق الثالث |
اللاذقية |
جبلة |
عين شقاق |
علوي |
|
8 |
اللواء |
حسن مرهج |
قائد الفيلق الرابع |
اللاذقية |
جبلة |
علوي |
تم تأسيسه عام 2015 |
|
9 |
اللواء |
زيد علي صالح |
قائد الفيلق الخامس |
اللاذقية |
جبلة |
القطيلبية |
علوي |
تم تأسيسه عام 2016 |
10 |
اللواء |
مالك سليم عليا |
قائد الحرس الجمهوري |
اللاذقية |
القرداحة |
يرتي |
علوي |
|
11 |
اللواء |
ميلاد جديد |
قائد الوحدات الخاصة |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
||
12 |
اللواء |
علي عارفي |
قائد قوات حرس الحدود |
حمص |
تل كلخ |
|
علوي |
|
13 |
اللواء |
إبراهيم خليفة |
قائد الفرقة الأولى |
اللاذقية |
جبلة |
حمام القراحلة |
علوي |
كان يقودها زهير الأسد |
14 |
اللواء |
أيوب حمد |
قائد الفرقة الثانية |
حماه |
مصياف |
بعرين |
علوي |
الفرقة تتبع الفيلق 4 |
15 |
اللواء |
موفق محمد حيدر |
قائد الفرقة الثالثة |
اللاذقية |
اللاذقية |
عين البيضا |
علوي |
|
16 |
اللواء |
ماهر حافظ الأسد |
قائد الفرقة الرابعة |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
شقيق بشار الأسد |
|
17 |
اللواء |
مفيد حسن |
قائد الفرقة الخامسة |
اللاذقية |
القرداحة |
بشلاما |
علوي |
|
18 |
اللواء |
جهاد محمد سلطان |
قائد الفرقة السادسة |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
الفرقة تتبع الفيلق 4 |
|
19 |
اللواء |
حكمت علي سليمان |
قائد الفرقة السابعة |
طرطوس |
طرطوس |
علوي |
||
20 |
اللواء |
محمد عبد العزيز ديب |
قائد الفرقة الثامنة |
حمص |
حمص |
خربة الحمام |
علوي |
تم تأسيسها عام 2014 |
21 |
اللواء |
رمضان يوسف رمضان |
قائد الفرقة التاسعة |
حماه |
السلمية |
المبعوجة |
علوي |
أصله من قرى مصياف |
22 |
اللواء |
سليم عبدو محمد |
قائد الفرقة العاشرة |
اللاذقية |
الحفة |
المزيرعة |
علوي |
|
23 |
اللواء |
محي الدين عبدو السلامة |
قائد الفرقة الحادية عشرة |
حمص |
حمص |
بلقيسة |
علوي |
|
24 |
العميد |
كمال إسماعيل صارم |
رئيس أركان الفرقة الرابعة عشرة |
طرطوس |
دريكيش |
المعمورة |
علوي |
قائد الفرقة السابق تم نقله لقيادة الفرقة 5 |
25 |
اللواء |
عيسى سليمان |
قائد الفرقة الخامسة عشرة |
حمص |
حمص |
علوي |
||
26 |
اللواء |
غسان سليم محمد |
قائد الفرقة السابعة عشرة |
اللاذقية |
جبلة |
القلايع |
علوي |
|
27 |
اللواء |
عبد المجيد حسن محمد |
قائد الفرقة الثامنة عشرة |
اللاذقية |
جبلة |
بسنديانا |
علوي |
|
28 |
اللواء |
أحمد ديوب |
قائد الفرقة عشرون |
طرطوس |
طرطوس |
كرتو |
علوي |
فرقة قوات جوية |
29 |
اللواء |
توفيق محمد خضور |
قائد الفرقة اثنان وعشرون |
اللاذقية |
جبلة |
حلة عارا |
علوي |
فرقة قوات جوية |
30 |
اللواء |
سالم الصالح([8]) |
قائد الفرقة الرابعة والعشرون |
حماه |
السلمية |
علوي |
فرقة دفاع جوي |
|
31 |
اللواء |
علي توفيق سمرة |
قائد الفرقة السادسة والعشرون |
حماه |
السقيلبية |
عين الكروم |
علوي |
فرقة دفاع جوي |
32 |
العميد |
سهيل الحسن |
قائد الفرقة الخامسة والعشرون مهام خاصة |
اللاذقية |
جبلة |
بيت عانا |
علوي |
مشكلة حديثاً 2019 قوات النمر |
33 |
اللواء |
بركات علي بركات |
قائد الفرقة 30 حرس جمهوري |
اللاذقية |
القرداحة |
فاخورة |
علوي |
تم تأسيسها عام 2017 |
34 |
اللواء |
أكرم تجور |
مدير إدارة المدفعية والصواريخ |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
||
35 |
اللواء |
أحمد بللول |
قائد القوى الجوية والدفاع الجوي |
طرطوس |
بانياس |
بارمايا |
علوي |
|
36 |
اللواء |
ياسر الحفي |
قائد القوى البحرية |
اللاذقية |
جبلة |
صنوبر جبلة |
علوي |
|
37 |
اللواء |
رياض عباس |
الشرطة العسكرية |
اللاذقية |
جبلة |
عين قيطة |
علوي |
|
38 |
اللواء |
محمد كنجو حسن |
إدارة القضاء العسكري |
طرطوس |
طرطوس |
خربة المعزة |
علوي |
|
39 |
اللواء |
بسام توفيق وردة |
مدير إدارة القوى البشرية |
حمص |
تل كلخ |
الزينبية |
علوي |
مستحدثة بعام 2018 بعد دمج إدارة شؤون الضباط مع شعبة التنظيم والإدارة |
40 |
اللواء |
سامي توفيق محلا |
مدير إدارة التجنيد العامة |
اللاذقية |
جبلة |
|
علوي |
|
الجدول (1) التوزع الطائفي والمناطقي لأهم أربعين مركزاً قيادياً في الجيش السوري
التحليل التفصيلي: التوزيع الطائفي والمناطقي للمناصب العسكرية
يظهر الجدول السابق، أن أهم 40 مركزاً قيادياً في الجيش السوري يشغلها ضباط جميعهم من الطائفة العلوية، من هؤلاء الضباط هناك ضابطان من أقرباء الأسد المباشرين، هم اللواء ماهر الأسد ويشغل منصب قائد الفرقة الرابعة؛ اللواء طلال مخلوف يشغل منصب قائد الفيلق الثاني؛ كما كان اللواء زهير الأسد يشغل منصب قائد الفرقة الأولى حتى تاريخ قريب 7 شباط/ فبراير 2020 حتى تم استبداله باللواء إبراهيم خليفة، كما أن أعتى وأقوى جهازي استخبارات في سورية هما: شعبة المخابرات العسكرية وإدارة المخابرات الجوية يقودهما لواءان من محافظة طرطوس ومن نفس المنطقة "دريكيش" لا وبل من نفس القرية "جنينة رسلان" هما: اللواء كفاح ملحم، واللواء غسان إسماعيل على التوالي.
وفيما يلي احصائيات لأهم نسب التوزع المناطقي بين الضباط بعد أن تبين أن جميع تلك المناصب القيادية هي من نصيب الطائفة العلوية دون غيرها من الطوائف الدينية أو العرقية الموجودة في سورية.
فوفقاً للمحافظات؛ يشغل الضباط المنحدرون من محافظة اللاذقية 23 منصب قيادي من المناصب الـ 40 المذكورة أعلاه، بنسبة 58%، ومن ضمن تلك المناصب: القائد العام؛ وزير الدفاع؛ الحرس الجمهوري؛ الوحدات الخاصة؛ الفرقة الرابعة؛ بالإضافة لعدد آخر من الفرق والمناصب الأخرى، في حين يشغل الضباط المنحدرون من محافظات طرطوس 7 مناصب بنسبة 17%؛ حمص 6 مناصب بنسبة 15%؛ حماه 4 مناصب بنسبة 10%، واقتصر التوزع الجغرافي بشكل عام على ضباط من أربع محافظات فقط هي (اللاذقية – طرطوس – حمص - حماه) من أصل 14 محافظة سورية.
ووفقاً للمناطق: يتوزع الضباط على 12 منطقة من أصل 60 منطقة في سورية، حيث يتوزع الضباط المنحدرون من محافظة اللاذقية على الشكل التالي: 11 ضابط من منطقة جبلة، 9 من منطقة القرداحة التي ينحدر منها بشار الأسد، 2 من منطقة اللاذقية؛ 1 من منطقة الحفة، أما محافظة طرطوس فينحدر 3 ضباط من منطقة دريكيش ويحتكرون مناصب قيادية أهمها شعبة المخابرات العسكرية وكذلك إدارة المخابرات الجوية وقيادة الفرقة 14 قوات خاصة، كما يشغل ضابط من منطقة طرطوس منصب مدير إدارة القضاء العسكري المسؤولة عن كافة المحاكمات الميدانية ومحاكم الإرهاب سواء للمدنيين أو العسكريين، كما أن قائد القوى الجوية والدفاع الجوي من منطقة بانياس بطرطوس، في حين يتوزع الستة ضباط المنحدرين من محافظة حمص على منطقتي تل كلخ وحمص، أما محافظة حماه فيوجد ضابطين من منطقة السلمية أحدهما يقود فرقة دبابات وآخر يقود فرقة دفاع جوي، وضابط من منطقة مصياف يقود فرقة ميكا، في حين يقود ضابط من منطقة السقيلبية فرقة دفاع جوي.
ويشغل الضباط المنحدرون من منطقتي جبلة والقرداحة فقط ما نسبته 27% و22% على التوالي من المراكز القيادية، ويشغل الضباط المنحدرون من منطقتي دريكيش وطرطوس في طرطوس 7% لكل منطقة، ومنطقتي حمص وتل كلخ ما نسبته 8 % لكلاً منهما، أي أن هذه المناطق السورية الستة (القرداحة – جبلة – دريكيش – طرطوس – حمص– تل كلخ) ينحدر منها 79% من قيادي الجيش، علماً أن هذه عدد سكان منطقة القرداحة التي ينحدر منها بشار الأسد، بحسب إحصاء عام 2014 بلغ /108,369/ نسمة، أي أنهم يشكلون ما نسبته 0.005 بالنسبة لعدد السكان في سورية بعام 2014، /22,7/ مليون نسمة، ويشكل مجموع هذه المناطق ما نسبته 0.06 من عدد سكان سورية.([9])
وبالنسبة لتوزع قادة الفيالق بحسب المحافظات والمناطق:
ينحدر قادة الفيالق العسكرية الخمسة من محافظتي اللاذقية وحمص، حيث يقود الفيلق الأول ضابط من منطقة تل كلخ بحمص هو اللواء علي أسعد، في حين يقود الفيالق الأربعة المتبقية ضباط من اللاذقية موزعين على منطقتين منها، حيث يقود الفيلق الثاني ضابط من القرداحة هو اللواء طلال مخلوف، في حين يقود الفيالق الثلاثة المتبقية ضباط من منطقة جبلة هم اللواء حسن محمد؛ اللواء حسن مرهج؛ اللواء زيد صالح، على التوالي.
أما توزع قادة الفرق البرية بحسب المحافظات والمناطق:([10])
كما أسلفنا سابقاً يوجد حالياً 17 فرقة عسكرية أساسية في الجيش السوري إضافة للحرس الجمهوري والوحدات الخاصة وحرس الحدود وهذه الوحدات الثلاثة كلٌ منها بقوام فرقة عسكرية في القوات البرية، وهذه الفرق تختلف اختصاصاتها ما بين مشاة محمول والمعروفة باسم ميكا، أو فرق دبابات مدرعة، وهذه الفرق موزعة على الفيالق الأربعة الأولى بالإضافة لفرق مستقلة، مع التنويه أن الفيلق الخامس – اقتحام طوعي مؤلف من عدة ألوية وليس من فرق كما يقتضيه التقسيم العسكري عادة، ومن الضروري بمكان التركيز على توزع قادة الفرق البرية لأهميتها القصوى، حيث تتوزع الاختصاصات في هذه الفرق كما يلي:
م |
الفرقة / الوحدة |
الاختصاص |
محافظة القائد |
منطقة القائد |
1 |
الحرس الجمهوري |
حرس جمهوري |
اللاذقية |
القرداحة |
2 |
الفرقة 30 حرس جمهوري |
حرس جمهوري |
اللاذقية |
القرداحة |
3 |
الوحدات الخاصة |
وحدات خاصة |
اللاذقية |
القرداحة |
4 |
حرس الحدود |
حرس الحدود |
حمص |
تل كلخ |
5 |
الفرقة الأولى |
دبابات |
اللاذقية |
جبلة |
6 |
الفرقة الثانية |
ميكا |
حماه |
مصياف |
7 |
الفرقة الثالثة |
دبابات |
اللاذقية |
اللاذقية |
8 |
الفرقة الرابعة |
دبابات |
اللاذقية |
القرداحة |
9 |
الفرقة الخامسة |
ميكا |
اللاذقية |
القرداحة |
10 |
الفرقة السادسة |
ميكا |
اللاذقية |
القرداحة |
11 |
الفرقة السابعة |
ميكا |
طرطوس |
طرطوس |
12 |
الفرقة الثامنة |
دبابات |
حمص |
حمص |
13 |
الفرقة التاسعة |
دبابات |
حماه |
مصياف |
14 |
الفرقة العاشرة |
ميكا |
اللاذقية |
الحفة |
15 |
الفرقة الحادية عشرة |
دبابات |
حمص |
حمص |
16 |
الفرقة الرابعة عشرة |
قوات خاصة |
طرطوس |
دريكيش |
17 |
الفرقة الخامسة عشرة |
قوات خاصة |
حمص |
حمص |
18 |
الفرقة السابعة عشرة |
ميكا |
اللاذقية |
جبلة |
19 |
الفرقة الثامنة عشرة |
دبابات |
اللاذقية |
جبلة |
20 |
الفرقة الخامسة والعشرون |
مهام خاصة - إرهاب |
اللاذقية |
جبلة |
الجدول (2) التوزع المناطقي لقادة الفرق البرية في الجيش السوري
وفيما يتعلق باختصاصات وحدات الفرق البرية: يوجد في الجيش السوري 7 فرق دبابات و6 فرق ميكا بالإضافة لحرس جمهوري (بقوام فرقتين) وفرقتي قوات خاصة وقيادة وحدات خاصة بالإضافة لقوات حرس الحدود مع فرقة مشكلة حديثاً باختصاص مهام خاصة/مكافحة إرهاب.
تشكل فرق الدبابات 35% من قوة الجيش السوري البرية، أما فرق الميكا تشكل 30 % من هذه القوة، ويشكل الحرس الجمهوري 10% والقوات الخاصة 10% في حين أن الوحدات الخاصة والمهام الخاصة وحرس الحدود يشكل كلاً منها 5%، بالطبع هذا لا يعني أن الحرس الجمهوري ليس لديه قوة مدرعة بل هي موجودة وأفضل من بقية الوحدات نوعاً.
أما توزع قادة الفرق البرية بحسب المحافظات: يشغل الضباط المنحدرون من محافظة اللاذقية أكبر عدد من قادة الفرق البرية بـ 12 قائد، يليه حمص بـ 4 قادة، وثم طرطوس وحماه بقائدين لكل منهما، أي أن ضباط اللاذقية يشغلون 60% تماماً من قادة الفرق البرية بمقابل 20% لحمص، و10 % لكل من طرطوس حماه
وبالنسبة لتوزع قادة الفرق البرية بحسب المناطق: يشغل ضباط القرداحة النسبة الأعلى من قادة الفرق البرية بـ 6 قادة، ثم جبلة 4 قادة، وحمص 3 قادة بينما، بقية المناطق إما اثنان أو واحد على الأقل، أي أن ضباط القرداحة يشغلون ما نسبته 30% من قادة الفرق البرية ثم يشغل ضباط جبلة 20% من قادة الفرق البرية وبالتالي يشكل ضباط القرداحة وجبلة فقط ما نسبته 50% من قادة الفرق البرية، وكذلك نسبة 5% لمنطقتي اللاذقية والحفة، مع نسبة 15% لضباط من منطقة حمص و5% لمنطقة تل كلخ، ونسبة 5% لكلاً من منطقتي مصياف والسلمية في حماه، وكذلك 5% لكل من منطقتي طرطوس ودريكيش، أي أن ضباط من ثلاثة مناطق إدارية فقط هي (القرداحة – جبلة – حمص) يشكلون ما نسبته 65% من قادة الفرق البرية.
وبالنسبة لقادة الفرق البرية بحسب المحافظات واختصاصات الفرق البرية: يشغل ضباط اللاذقية قيادة 4 فرق دبابات و4 فرق ميكا وقيادة الحرس الجمهوري (+ الفرقة 30 الحرس جمهوري) وقيادة الوحدات الخاصة، وكذلك فرقة مهام خاصة (مكافحة إرهاب)، في حين يشغل ضباط حمص قيادة فرقتين دبابات وحرس الحدود وفرقة قوات خاصة، أما ضباط طرطوس يشغلون قيادة فرقة ميكا واحدة وفرقة قوات خاصة، في حين يشغل ضباط حماه قيادة فرقة ميكا واحدة وفرقة دبابات واحدة.
توزع قادة الفرق البرية بحسب المناطق واختصاصات الفرق البرية: يشغل ضباط القرداحة قيادة الحرس الجمهوري
(+ الفرقة 30 حرس جمهوري)، وفرقة دبابات، كما يشغلون قيادة فرقتي ميكا وقيادة الوحدات خاصة، أما ضباط جبلة يشغلون قيادة فرقتي دبابات وفرقة ميكا وفرقة مهام خاصة، في حين يشغل ضابط من منطقة اللاذقية قيادة فرقة دبابات، وضابط من منطقة الحفة قيادة فرقة ميكا، ويشغل ضباط من منطقة حمص قيادة فرقتين دبابات وقيادة فرقة قوات خاصة، كما يشغل ضباط تل كلخ قيادة قوات حرس الحدود، أما منطقة طرطوس يشغل ضابط واحد قيادة فرقة ميكا في حين يشغل ضابط آخر من منطقة دريكيش قيادة فرقة قوات خاصة، في حين يشغل ضباط منطقتي السلمية ومصياف بحماه قيادة فرقة دبابات وفرقة ميكا على التوالي.
تتمتع بعض الوحدات العسكرية بأهمية عن بعض الوحدات الأخرى، وتأتي هذه الأهمية نتيجة قيام هذه الوحدات بأدوار معينة، يتجاوز بعضها المهام العسكرية المفترضة نحو مهام أمنية، بمقابل تجاوز أيضاً وحدات الاستخبارات الأدوار والمهام الأمنية المنوطة بها للقيام بأدوار عسكرية، حيث يتمتع هذا المزيج بقوة عسكرية/أمنية تفوق قوة بقية الوحدات، وهو ما يمكن تسميته بمراكز القوة الفاعلة في الجيش السوري.
م |
المنصب |
المحافظة |
المنطقة |
الانتماء |
ملاحظة |
1 |
القائد العام للجيش والقوات المسلحة/ رئيس الجمهورية |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
|
2 |
وزير الدفاع |
اللاذقية |
اللاذقية |
علوي |
|
- |
رئيس هيئة الأركان العامة |
المنصب شاغر منذ بداية عام 2018 |
|||
3 |
رئيس شعبة المخابرات العسكرية |
طرطوس |
دريكيش |
علوي |
وحدة استخبارات تقوم بمهام أمنية وعسكرية |
4 |
مدير إدارة المخابرات الجوية |
طرطوس |
دريكيش |
علوي |
وحدة استخبارات تقوم بمهام أمنية وعسكرية |
5 |
قائد الحرس الجمهوري |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
وحدة عسكرية تقوم بمهام أمنية |
6 |
قائد الوحدات الخاصة |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
تقوم بالأساس على عدة أفواج عسكرية قادرة على المناورة والتحرك بسرعة |
7 |
قائد الفرقة الأولى |
اللاذقية |
جبلة |
علوي |
خط الدفاع الأول عن دمشق من جهة الجنوب |
8 |
قائد الفرقة الثالثة |
اللاذقية |
اللاذقية |
علوي |
خط الدفاع الأول عن دمشق من جهة الشمال |
9 |
قائد الفرقة الرابعة |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
تم تأسيسها على أنقاض سرايا الدفاع، تقوم بمهام أمنية ويقودها ماهر شقيق بشار |
10 |
قائد الفرقة عشرون |
طرطوس |
طرطوس |
علوي |
فرقة جوية |
11 |
قائد الفرقة اثنان وعشرون |
اللاذقية |
جبلة |
علوي |
فرقة جوية |
12 |
قائد الفرقة 25 قوات خاصة |
اللاذقية |
جبلة |
علوي |
تم تشكيلها أساساً على ميليشيا النمر، |
13 |
مدير إدارة المدفعية والصواريخ |
اللاذقية |
القرداحة |
علوي |
برنامج الصواريخ من أهم البرامج في سورية |
الجدول (3) مراكز القوة الفاعلة في الجيش السوري
يتمتع ضباط اللاذقية بشغل أهم المناصب في الوحدات العسكرية ويشكلون ما نسبته 77% من مراكز القوة، في حين يتمتع ضباط طرطوس في شغل المناصب الأمنية ويشكلون ما نسبته 23% من مراكز القوة.
أما مناطقياً، يشغل ضباط منطقة القرداحة 5 مناصب بنسبة 39%، يليه ضباط منطقة جبلة 3 مناصب بنسبة 23% وضباط منطقة اللاذقية منصبين بنسبة 15%، بمقابل منصبين لضباط منطقة دريكيش بنسبة 15% ومنصب واحد لمنطقة طرطوس بنسبة 8%.
وبناءً على ما سبق، يتبين أن توزع المناصب القيادية (40) على أبناء الطوائف في سورية على النحو التالي:
أما بالنسبة لتوزع المناصب القيادية على المحافظات السورية فهو على النحو التالي:
المحافظة |
العدد |
المحافظة |
العدد |
المحافظة |
العدد |
دمشق |
0 |
حماه |
4 |
اللاذقية |
23 |
ريف دمشق |
0 |
حمص |
6 |
طرطوس |
7 |
حلب |
0 |
إدلب |
0 |
درعا |
0 |
السويداء |
0 |
الرقة |
0 |
الحسكة |
0 |
القنيطرة |
0 |
دير الزور |
0 |
- |
- |
الجدول (5): توزع المناصب القيادية على أبناء المحافظات في سورية
لقد أدرك حافظ الأسد في الثلث الأخير من القرن العـشرين بـأن الـشق الحـزبي−المـدني هو الحلقة الأضعف بين الفئات المتصارعة على الـسلطة، فـأعطى لمؤسـساته نمطـا شـكلياً يقتـصر عـلى قطـاع محـدود في أجهـزة الإدارة والحكـم، وجعـل تـوازن النظـام يقـوم عـلى مؤسسة عسكرية تبسط نفوذاً واسـعاً، مـن خـلال تـشكيل فـرق عـسكرية خاصـة بحمايـة النظام، ومؤسسات أمنية تهيمن على الحياة العامة، واعتمد في ذلك عـلى العنـصر الطـائفي − العشائري − العائلي لأنه يعتـبر الأكثـر ضـمانا بالنـسبة لتحقيـق معادلـة التـوازن الـصعبة داخل المؤسسة العسكرية،([11]) وهذا هو النهج الأساسي والمستمر الذي اتبعه بشار الأسد بعد توريثه السلطة ففي حين أن الحكومات وأغلب المناصب الوزارية هي من نصيب السُنة مع عدد قليل من بقية الطوائف من ضمنها العلوية، نجد أن أغلب المناصب في الجيش والأفرع الأمنية هي من نصيب العلوية، حيث أدت سياسية المتبعة لتفاقم الأحداث في سورية بشكل دراماتيكي عجيب منذ عام 2011 وحتى اليوم، ويمكن القول فعلاً بأن الجيش هو جيش طائفي بامتياز سواء على مستوى المناصب القيادية أو على مستوى اتخاذ القرار وآليات تنفيذه في حين أن القاعدة الدنيا من قواته مشكلة من عدة طوائف مع غلبة للطائفة العلوية أيضاً، وكان للأحداث الدائرة في سورية منذ عام 2011 الأثر الأكبر في إظهار الوجه الحقيقي للنظام السوري وبالأخص على مستوى المؤسسة العسكرية.
لا يمكن القول تحت أي عنوان بأن أساس ترفيع هؤلاء الضباط هو ترفيع مهني غير متحيز وبأنه ليس طائفي بل وحتى ليس عشائري، خصوصاً أن تعيين هؤلاء الضباط قد تم بشكل مباشر من بشار الأسد؛ ويمكن أن تتغير نتائج الورقة في أي عملية هيكلة سواء عملية هيكلة شاملة أو عملية فردية يقوم بها الأسد، ولكن يبدو بإمكاننا القول أن الجيش العربي السوري قد تحول رسمياً للجيش العلوي السوري.
ملحق التغيرات في المناصب العسكرية السابقة منذ بداية 2020:
الوحدة العسكرية |
القائد الحالي |
المحافظة |
الانتماء |
القائد السابق |
المحافظة |
الانتماء |
الفرقة الأولى 7/2/2020 |
اللواء إبراهيم خليفة |
اللاذقية |
علوي |
اللواء زهير الأسد |
اللاذقية |
علوي |
جبلة |
القرداحة |
|||||
الفيلق الأول 6/3/2020 |
اللواء علي أسعد |
حمص |
علوي |
اللواء محمود القوزي |
اللاذقية |
علوي |
تل كلخ |
القرداحة |
|||||
الفرقة الخامسة عشرة 6/3/2020 |
اللواء عيسى سليمان |
حمص |
علوي |
اللواء علي أسعد |
حمص |
علوي |
حمص |
تل كلخ |
الجدول (6): التغيرات في المناصب العسكرية السابقة منذ بداية 2020
وبناءً على الجدول أعلاه يتبين أن عملية التغيير هي عملية تغيير باتجاه واحد، أي استبدال ضابط علوي بضابط علوي آخر.
قائمة بأسماء الضباط والعشائر العلوية التي ينتمون إليها:
هناك أربعة عشائر علوية رئيسية في سورية هي: الكلبية؛ الحدادين؛ الخياطين؛ المتاورة، وتتفرع عدة عشائر فرعية من هذه العشائر الرئيسية كالرسالنة؛ القراحلة؛ المحارزة؛ الصوارمة؛ النميلاتية؛ الشوارغة؛ البهلولية([12])، من هذه العشائر الرئيسية، وفيما يلي قائمة بأسماء الضباط والعشائر التي ينتمون إليها،([13])
م |
الرتبة |
الاسم |
المنصب |
المحافظة |
العشيرة |
الفخذ |
ملاحظة |
1 |
الفريق |
بشار حافظ الأسد |
القائد العام للجيش والقوات المسلحة/ رئيس الجمهورية |
اللاذقية |
الكلبية |
|
|
2 |
العماد |
علي عبد الله أيوب |
وزير الدفاع |
اللاذقية |
|
بهلولي |
|
3 |
اللواء |
كفاح محمد ملحم |
رئيس شعبة المخابرات العسكرية |
طرطوس |
الكلبية |
الرسالنة |
|
4 |
اللواء |
غسان جودت اسماعيل |
مدير إدارة المخابرات الجوية |
طرطوس |
الكلبية |
الرسالنة |
|
5 |
اللواء |
علي أحمد أسعد |
قائد الفيلق الأول |
حمص |
- |
|
|
6 |
اللواء |
طلال مخلوف |
قائد الفيلق الثاني |
اللاذقية |
الحداديين |
|
|
7 |
اللواء |
حسن محمد محمد |
قائد الفيلق الثالث |
اللاذقية |
الحداديين |
بني علي |
|
8 |
اللواء |
حسن مرهج |
قائد الفيلق الرابع |
اللاذقية |
الخياطين |
|
|
9 |
اللواء |
زيد علي صالح |
قائد الفيلق الخامس |
اللاذقية |
الخياطين |
|
|
10 |
اللواء |
مالك سليم عليا |
قائد الحرس الجمهوري |
اللاذقية |
الكلبية |
|
|
11 |
اللواء |
ميلاد جديد |
قائد الوحدات الخاصة |
اللاذقية |
الحداديين |
|
|
12 |
اللواء |
علي عارفي |
قائد قوات حرس الحدود |
حمص |
- |
- |
|
13 |
اللواء |
إبراهيم خليفة |
قائد الفرقة الأولى |
اللاذقية |
الكلبية |
القراحلة |
|
14 |
اللواء |
أيوب حمد |
قائد الفرقة الثانية |
حماه |
متاورة |
محارزة |
|
15 |
اللواء |
موفق محمد حيدر |
قائد الفرقة الثالثة |
اللاذقية |
الحداديين |
الحيدريين |
|
16 |
اللواء |
ماهر حافظ الأسد |
قائد الفرقة الرابعة |
اللاذقية |
الكلبية |
|
|
17 |
اللواء |
مفيد حسن |
قائد الفرقة الخامسة |
اللاذقية |
الحداديين |
|
|
18 |
اللواء |
جهاد محمد سلطان |
قائد الفرقة السادسة |
اللاذقية |
الكلبية |
|
|
19 |
اللواء |
حكمت علي سليمان |
قائد الفرقة السابعة |
طرطوس |
- |
|
|
20 |
اللواء |
محمد عبد العزيز ديب |
قائد الفرقة الثامنة |
حمص |
الكلبية |
|
|
21 |
اللواء |
رمضان رمضان |
قائد الفرقة التاسعة |
حماه |
متاورة |
|
|
22 |
اللواء |
سليم عبدو محمد |
قائد الفرقة العاشرة |
اللاذقية |
الكلبية |
|
|
23 |
اللواء |
محي الدين عبدو السلامة |
قائد الفرقة الحادية عشرة |
حمص |
الحداديين |
|
|
24 |
العميد |
كمال إسماعيل صارم |
رئيس أركان الفرقة الرابعة عشرة |
طرطوس |
الكلبية |
الصوارمة |
|
25 |
اللواء |
عيسى سليمان |
قائد الفرقة الخامسة عشرة |
حمص |
- |
|
|
26 |
اللواء |
غسان سليم محمد |
قائد الفرقة السابعة عشرة |
اللاذقية |
- |
|
|
27 |
اللواء |
عبد المجيد حسن محمد |
قائد الفرقة الثامنة عشرة |
اللاذقية |
خياطين |
|
|
28 |
اللواء |
أحمد ديوب |
قائد الفرقة عشرون |
طرطوس |
- |
|
|
29 |
اللواء |
توفيق محمد خضور |
قائد الفرقة اثنان وعشرون |
اللاذقية |
الكلبية |
القراحلة |
|
30 |
اللواء |
سالم الصالح |
قائد الفرقة الرابعة والعشرون |
حماه |
- |
|
|
31 |
اللواء |
علي توفيق سمرة |
قائد الفرقة السادسة والعشرون |
حماه |
الحداديين |
المهالبة |
|
32 |
العميد |
سهيل الحسن |
قائد الفرقة 25 قوات خاصة |
اللاذقية |
- |
|
|
33 |
اللواء |
بركات علي بركات |
قائد الفرقة 30 حرس جمهوري |
اللاذقية |
الكلبية |
|
|
34 |
اللواء |
أكرم تجور |
مدير إدارة المدفعية والصواريخ |
اللاذقية |
الكلبية |
|
|
35 |
اللواء |
أحمد بللول |
قائد القوى الجوية والدفاع الجوي |
طرطوس |
الخياطين |
|
|
36 |
اللواء |
ياسر الحفي |
قائد القوى البحرية |
اللاذقية |
- |
|
|
37 |
اللواء |
رياض عباس |
الشرطة العسكرية |
اللاذقية |
الكلبية |
الياشوطية |
|
38 |
اللواء |
محمد كنجو حسن |
إدارة القضاء العسكري |
طرطوس |
- |
|
|
39 |
اللواء |
بسام توفيق وردة |
مدير إدارة القوى البشرية |
حمص |
- |
|
|
40 |
اللواء |
سامي توفيق محلا |
مدير إدارة التجنيد العامة |
اللاذقية |
- |
|
|
الجدول (7): أسماء الضباط والعشائر العلوية التي ينتمون إليها
([1]) أسس حافظ الأسد الحرس الجمهوري وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة، وهي وحدات نوعية من شأنها حماية النظام من أي عملية انقلابية.
([2]) حنا بطاطو: "فلاحو سورية أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأناً وسياساتهم"، ترجمة: عبد الله فاضل – رائد النقشبندي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، ط1، 2014، ص 406.
([3]) ينتمي بشار الأسد لعشيرة الكلبية في حين ينتمي آل مخلوف لعشيرة الحديديين.
([4]) هشام بو ناصيف: " مظلومية الضبّاط السنّة في القوات المسلحة السورية: ضبّاط الدرجة الثانية"، موقع الجمهورية، تاريخ النشر: 3/5/2016، الرابط: https://bit.ly/2TIvz4l
([5]) خضر خضور: " "غيتو" ضبّاط الأسد: لماذا لايزال الجيش السوري مواليا؟ "، مركز كارنيغي، تاريخ النشر: 04 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، الرابط: https://bit.ly/38GUs4Y
([6]) والذي يعود لعزوف يتحمل مسؤوليته أبناء السنة، وبالأخص أبناء المدن، أو نتيجة إقصاء متعمد مورس بحقهم حال دون قبولهم في الكلية الحربية، وتوصل الباحث إلا أن هوية الجيش الوطنية قد تآكلت وبأن خطوط الانقسام الطائفي قد توضحت بداخله، مع شعور الضباط السنة بالمزيد من الاقصاء وانخفاض عددهم وتآكل نفوذهم عقب عمليات انشقاق العديد منهم، كذلك إزاء اندفاعة الضباط العلويين وتعزيز تواجدهم في سلكي الضباط وصف الضباط وهيمنتهم على المناصب القيادية داخل القوات المسلحة.
للمزيد راجع ورقة أيمن الدسوقي، "ما الذي تفصح عنه الطائفية في الجيش السوري؟"، كتاب "المؤسسة العسكرية السورية 2019"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 01 تموز/ يوليو 2019، الرابط: https://bit.ly/3aLHc0c
([7])ملاحظة: في البيانات اللاحقة سيرد كلمة "منطقة" وبعدها قد يرد أسماء محافظات، أود التنويه بأنها ليست عبارات خاطئة، فالتقسيم الإداري في سورية يتبع البلدات والقرى القريبة لمراكز المحافظات لمنطقة المحافظة، وبالتالي أن تعبير منطقة اللاذقية أو منطقة حمص أو منطقة طرطوس يدل على أن قائد الوحدة العسكرية يتبع إما للمدينة نفسها أو لبلدة أو قرية قريبة من مركز المدينة.
([8]) اللواء سالم الصالح، قائد الفرقة 24 دفاع جوي، المصدر: وحدة المعلومات في مركز عمران.
([9]) المكتب المركزي للإحصاء، الرابط: http://cbssyr.sy/
المنطقة |
السكان |
النسبة |
المنطقة |
السكان |
النسبة |
المنطقة |
السكان |
النسبة |
المجموع |
سكان سورية |
النسبة |
جبلة |
315,864 |
0.014 |
القرداحة |
108,369 |
0.005 |
الدريكيش |
87,454 |
0.004 |
1,417,570 |
22,740,000 |
0.06 |
طرطوس |
243,815 |
0.011 |
حمص |
612.271 |
0.027 |
تل كلخ |
49,797 |
0.002 |
([10]) لم يتم إدخال قادة الفيالق العسكرية، تم احتساب قادة الفرق البرية فقط.
([11]) بشير زين الدين: "الجيش والسياسة في سوريا"، دار الجابية، لندن، ط1، 2008، ص 426.
([12]) عشيرة قائمة على أساس معتقد ديني (حيدري) ضمن الطائفة العلوية.
محمد أمين غالب طويل: "تاريخ العلويين"، مطبعة الترقي، اللاذقية، عام 1924.
منير شريف: "المسلمون العلويين، من هم، وأين هم"، دمشق، ط2، 1960عام.
اميل عباس: "تاريخ العلويين في بلاد الشام"، الجزء 3، دار الأمل والسلام، بيروت، ط1، عام 2013.